اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

الله محبة


savaryxxx

Recommended Posts

الله محبـــــة

كان عليها أن تتخذ القرار سريعا !

فإما أن تبقى حيث هى بانتظار المجهول ..

وإما أن تقفز مع القافزين إلى حيث المجهول ...!

لعبة سمجة أن تختار بين مرّين !

نظرت شاردة ..تفكر أى قرار ستتخذ..ربتت على كتف ابنها الذى تحمله وكأنها تشاوره

فى الأمر,هنا حادثها أحد المارين و عرفت من البالطو الأزرق الذى يرتديه أنه أحد

العاملين بالسكك الحديدية وأخبرها أن القطار لن يتحرك !

** ** **

ظل الموقف كماهو أمام مبنى تلك المحافظة النائية من صعيد مصر.

فالخطاب الطائفى يتصاعد ,وأعلام القطر الوهابى لازالت ترفرف ..والهتاف يتعالى

"إسلامية ..إسلامية "

"مش عاوزينه مسيحى ..مش عاوزينه مسيحى "

تتفرس فى وجوه المحتشدين لترى شبابا و كهولا بل و أطفالا لم يتجاوز عمر أحدهم

الرابعة عشر,كان الجمع غريباً ..

البعض ممن فاته قطار الثورة ولم يكن له وجود فيها أراد أن يعوض ما فاته

بالطبع شعر بالأهانة عندما كتب له على القطارات المتجهه للصعيد (لو عاوز تشوف

نسوان روح قنا و أسوان ) فى إشارة إلى عدم مشاركة المحافظتين بأى صورة فى الثورة

التى أشتعلت فى ربوع المحافظات المصرية.

لم يكن الأمر بالنسبة لهؤلاء الشباب ذا بعد عقائدى أو دينى ,

لم يتعلق الأمر أيضا بالخلفية الشرطية التى جاء منها المحافظ الجديد ..فقط أرادوا أن

يرفضوا و أن يملوا قراراً أيا ما كان هذا القرار..أرادوا الإعتصام وذلك المناخ الثورى

الذى شاهدوه عبر شاشات التلفزة !

تخاطب أحدهم فيحاول أن يبرر ما يفعله فيقول لك جادا نازعا عن نفسه الرداء الطائفى

"اشمعنى قنا اللى محافظها لازم يبقى مسيحى ؟؟"

"بيفرضوا علينا الكوته ليه ؟؟"

تجد أيضا أحد المتحمسين من التيّار الإسلامى والذى يقول لك فى بساطة

"احنا المسلمين أغلبية من الشعب و الأغلبية دى مش عاوزة محافظ مسيحى يبقى قرارنا

لازم يمشى عشان هى دى الديمقراطية "

تلتفت يمينا أو يسارا لتحاول أن تجد عاقلا تحادثه فلا تجد

** ** **

-"لازم تيجى يا بيشوى دلوقتى ..القطر واقف بينا ومش عارفه أعمل إيه "

-"حاضر ..متقلقيش أهم حاجة أنت عاملة إيه ؟ حد دايقك ؟ حاولى تنزلى مع مجموعة "

-"لا نشكر ربنا ..محدش دايقنى ..أنا معايا واحدة وابنها على كتفها ..وواحدة تانية معاها

طفلين صغيرين وهننزل دلوقتى أنت بس متتأخرش علينا"

-" متقلقيش ...خدى بالك من نفسك ...يلا باى "

** ** **

كان حديث العامل بالقطار بمثابة التوجيه وقرار قاضى محكمة !

لن يتحرك القطار و عليها أن تنزل منه فى ذلك المكان النائى والمظلم قبل قنا ب 20 كم

التفت يمينا و يسارا والخوف يتمكلها ..ضمت رضعيها وكأنها تطمأنه.

سارع الرجال طبعا بالنزول ..ليس هناك ما تخشاه إن كنت رجلا !

لم يتبق بالعربة سوى تلك السيدة الريفية التى تمسك بطفليها ويبدو عليها فقر الحال ..

قالت فى نفسها أثنتين أفضل من واحدة !

كانت شابة أخرى قد دلفت إلى العربة تتحدث فى الهاتف الخلوى وتخاطب زوجها بأن

يسرع فى نجدتها ,فى صعيد مصر من لا ترتدى حجابا فهى على الأرجح مسيحية ..قد

تخطىء هذه النظرية فى حالات قليلة ..لكن بمجرد أن ترى صليبا مدقوقا على اليد أو

محمولا بسلسة عنق تمتلك اليقين !

زال شكها بمجرد أن سمعت الزوجة تقول "بسرعة يا بشوى أنا مستنياك "

عاونتها السيدة الريفية فى حمل ابنها و هبطت معهما ,زال خوف الظلمة والمفاجأة و رهبة

أن تهبط من القطار دون وجود رصيف فى منطقة نائية .

خوف من نوع آخر تملكها !!

فلقد أبصرت صليبيا فى يد السيدة الريفية أثناء معاونتها ..الأن هى مع سيدتين مسيحيتين

ولا تملك وسيلة للإتصال بزوجها...فهاتفها الخلوى نفذت بطاريته , خصوصا أنها منتقبة

وأن ما يحدث فى المدينة يخلق توترا وخوفا من الآخر الذى أضحى الآن فقط - آخرا !

" متخفيش يا أبله ..حلّاً يجى جوز الأبله بالعربية ونبقى فى قنا"

وكأن السيدة البسيطة شعرت بخوفها فأرادت أن تطمئنها

** ** **

تعالت الهتافات مرة أخرى ..." أوعى تيجى يا مخائيل ..أوعى تيجى يا ميخائيل "

"اسمعنا يا شرف ..اسمعنا يا مشير ..شعب قنا ..مش عاوز ميخائيل "

"مش عاوزين مسيحى ..مش عاوزين مسيحى "

ثم صعد المنصة شاب ملتحي وأمسك بالميكرفون .. .

"بسم الله الرحمن الرحيم ..نوجل شيخنا محمد حسان ونقدره وننزله مكانته ,

اجتهد شيخنا فقال إن قطع الطريق السريع وتوقيف حركة القطارات غير جائز ..ولشيخنا

اجتهاده لكنى فى مثل هذا الظرف الحرج أرى أن فعل ذلك واجب شرعى و علينا أن نملى

إرادتنا بقطع الطريق السريع وتوقيف حركة القطارات ..هكذا فقط سيسمعون لنا صوتا

الأمر الأن واجب على كل مسلم قادر يكترث لأمر دينه ويرفض الولاية لغير المسلمين

كما أمرنا ديننا الحنيف "

يُكبّر البعض ..والبعض الآخر يذهب بنفسه ليتعصم مع من يمنعون سير القطارات و

يقطعون الطريق السريع راجيا الثواب من ربه !!

يميل عليك أحد المتواجدين ويهمس فى أذنك "عارف اللى قام خطب دا ..ومش عاجبه

كلام محمد حسان وبيسخن فى الناس ..دا مخبر فى أمن الدولة " !

** ** **

عشر دقائق مرت كالدهر حتى جاءت السيارة فى المكان الذى كانت تصفه السيدة لزوجها

عبر الهاتف الخلوى نزل من السيارة رجلان ..شاب فى الثلاثينات من عمره لم تحتج إلى

فراسة لتعرف أنه (بيشوى ),أما الآخر فكان رجلا فى الخمسين من عمره وكان هو من

يقود السيارة .

لم تستطع أن تكتم خوفها أكثر من ذلك ..تشبثت بابنها و ضمته إلى صدرها و تراجعت

بعض الخطوات للوراء , إن كان الشاب كما يبدو هو الزوج فمن هذا الآخر ؟؟

ولماذا جاء معه ؟؟ إن كانت هذه سيارة الزوج فلماذا يقودها الرجل الآخر ؟؟

ما هى خطتهم ؟ وماذا سيفعلون بها فى هذا المكان النائى ؟؟

-" أنا معايا فلوس و خدوا الدهب و سبيونى وابنى "

هكذا قالت بصوت متحجرش أقرب للبكاء , اقترب منها الرجل الخمسينى بحذر

-"اهدى يا بنتى ومتخافيش ..هنوصلك المكان اللى انتى عاوزاه"

انهمرت دموعها أكثر و اكثر وانخرطت فى نوبة بكاء أقرب للهستيريا

" أنا مليش دعوة باللى بيحصل دا ..مليش دعوة بالناس اللى عند المحافظة "

هنا أدرك الشاب ما جال فى خاطرها ..

-" يا فندم دا الأستاذ محمد جارى ..أنا لسه جايب العربية مليش أسبوع ولسة بتعلم السواقة

والراجل مشكور وافق ييجى معايا عشان هوّا بيسوق ..هات بطاقتك يا أ.محمد "

اخرج الرجل الخمسينى بطاقته وأعطاها لجاره والذى بدوره أعطاها لزوجته

-" خدى يا إيرينى وريها البطاقة واديها الموبايل تكلم أى حد من أهلها"

-"الله محبة يا أبله ..واحنا اهل وجيران ..اتفضلى يا أبله ..اتفضلى "

هكذا قالت السيدة البسيطة وصعد الجميع إلى السيارة العائدة إلى مدينة قنا .

تمت

http://7ilba7assa.blogspot.com/2011/09/blog-post.html

شخـــابيــط منــ جوهـ القلبـــ

www.7ilba7assa.blogspot.com

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 2 أسابيع...

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

ازاي معدتشي علي النص ده قبل كده

الحالة اللي بترصدها هنا استاذي جميلة جدا

العبارات قصيرة و متسارعة خلتني اقفز من سطر لسطر لاصل إلي النهاية و أنا أضع في رأسي أنك ستكتب في النهاية ان الله محبة

حضرتك مكتبتهاش لكن خلتني احسها بين السطور

خلتني احسها جوه مني و انت بتتناول المشهد

لأنه انساني

لانه حقيقي

لأنه من جوه قلب و روح مصر

علشان كده بنهاية القصة

انا قولت لنفسي

ياااااااااااااااه....الله من قلبي اوي

انا مش شايفة دي قصة

انا شايفاها حدوتة مصرية....اسمها....الله محبة

شكرا حد السماء علي الحالة الحلوة دي

و الشكر أكتر إنك شاركتنا بيها

كل التحية

كل التقدير

تم تعديل بواسطة لماضة مصرية جدا
رابط هذا التعليق
شارك

انهمرت دموعي بشدة عندما احتدم الموقف و بدأت السيدة في البكاء

بعد أن أدركت أنها هالكة لا محالة

قمة الضعف الانساني

الذي يحرك كل المشاعرالطيبة لدى الآخر

عندما يكون ذلك الآخر ذا أصل طيب

استمتعت بالقراءة

و عشت الموقف لحظة لحظة

شكرا

أستاذي

:clappingrose:

أعد شحن طاقتك

حدد وجهتك

و اطلق قواك

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 4 شهور...

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

ازاي معدتشي علي النص ده قبل كده

الحالة اللي بترصدها هنا استاذي جميلة جدا

العبارات قصيرة و متسارعة خلتني اقفز من سطر لسطر لاصل إلي النهاية و أنا أضع في رأسي أنك ستكتب في النهاية ان الله محبة

حضرتك مكتبتهاش لكن خلتني احسها بين السطور

خلتني احسها جوه مني و انت بتتناول المشهد

لأنه انساني

لانه حقيقي

لأنه من جوه قلب و روح مصر

علشان كده بنهاية القصة

انا قولت لنفسي

ياااااااااااااااه....الله من قلبي اوي

انا مش شايفة دي قصة

انا شايفاها حدوتة مصرية....اسمها....الله محبة

شكرا حد السماء علي الحالة الحلوة دي

و الشكر أكتر إنك شاركتنا بيها

كل التحية

كل التقدير

الحقيقة أنا غير قادر على إيجاد مفردات و كلمات تليق بالرد

أنا متشكر جدا للمرور و الاطراء والرد

شخـــابيــط منــ جوهـ القلبـــ

www.7ilba7assa.blogspot.com

رابط هذا التعليق
شارك

انهمرت دموعي بشدة عندما احتدم الموقف و بدأت السيدة في البكاء

بعد أن أدركت أنها هالكة لا محالة

قمة الضعف الانساني

الذي يحرك كل المشاعرالطيبة لدى الآخر

عندما يكون ذلك الآخر ذا أصل طيب

استمتعت بالقراءة

و عشت الموقف لحظة لحظة

شكرا

أستاذي

:clappingrose:

سعيد جدا ان القصة لاقت اعجاب حضرتك

ان شاء الله عمر المصرى ما يهلك على أيد أخوة المصرى أبدا

شخـــابيــط منــ جوهـ القلبـــ

www.7ilba7assa.blogspot.com

رابط هذا التعليق
شارك

على الرغم من مرور أكثر من خمسة أشهر على كتابة هذه القصة هنا بالمحاورات، إلا أنني تحت طوفان الموضوعات لم أقرأه قبل اليوم.

حقيقي المشاعر المتجسدة في هذه القصة هي نفسها المشاعر البشرية التي تشعر بها في كل مكان في العالم.

جميعنا خلق الله، وفر لنا الله أساسيات الحياة كي نستمتع بها وكي نحيا، لم يميز الله مؤمن على غير مؤمن ، أو متدين على كافر على الأقل على هذه الأرض.

تلك المشاعر ( مشاعر السيدة الخائفة المذعورة ) ، راودت المسلمين هنا في الولايات المتحدة بعد أحداث سبتمبر، فمن قائل أنهم من الممكن أن يحددوا إقامة المسلمين ، ومن قائل بأنهم سيرحلون ( سيهجرون ) المسلمين ، ومن قائل سيتم وضع المسلمين في " معسكرات "،

والبعض كان متخوفا من خروج الامريكيين أنفسهم في هجوم ضد المسلمين لسلب ممتلكاتهم و قتلهم انتقاما للهجوم على برجي التجارة والبنتاجون.

ولكن شيئا من هذا لم يحدث ، بل أن زملاء العمل والجيران كانوا يعرضون خدماتهم لمصاحبة زملائهم وجيرانهم من المسلمين في أي مشاوير يريدون قضائها تحسبا لرد فعل بعض المهووسين.

--

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ}(11){اَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ}(12)وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ}(11)

new-egypt.gif

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله *** وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
***************
مشكلة العالم هي أن الحمقى والمتعصبين هم الأشد ثقة بأنفسهم ، والأكثر حكمة تملؤهم الشكوك (برتراند راسل)
***************
A nation that keeps one eye on the past is wise!A
A nation that keeps two eyes on the past is blind!A

***************

رابط القرآن كاملا بتلاوة الشيخ مصطفى إسماعيل برابط ثابت مع رابط للقراءة
***************
رابط
القرآن كاملا ترتيل وتجويد برابط ثابت مع رابط للقراءة
***************
رابط سلسلة كتب عالم المعرفة

رابط هذا التعليق
شارك

على الرغم من مرور أكثر من خمسة أشهر على كتابة هذه القصة هنا بالمحاورات، إلا أنني تحت طوفان الموضوعات لم أقرأه قبل اليوم.

حقيقي المشاعر المتجسدة في هذه القصة هي نفسها المشاعر البشرية التي تشعر بها في كل مكان في العالم.

جميعنا خلق الله، وفر لنا الله أساسيات الحياة كي نستمتع بها وكي نحيا، لم يميز الله مؤمن على غير مؤمن ، أو متدين على كافر على الأقل على هذه الأرض.

تلك المشاعر ( مشاعر السيدة الخائفة المذعورة ) ، راودت المسلمين هنا في الولايات المتحدة بعد أحداث سبتمبر، فمن قائل أنهم من الممكن أن يحددوا إقامة المسلمين ، ومن قائل بأنهم سيرحلون ( سيهجرون ) المسلمين ، ومن قائل سيتم وضع المسلمين في " معسكرات "،

والبعض كان متخوفا من خروج الامريكيين أنفسهم في هجوم ضد المسلمين لسلب ممتلكاتهم و قتلهم انتقاما للهجوم على برجي التجارة والبنتاجون.

ولكن شيئا من هذا لم يحدث ، بل أن زملاء العمل والجيران كانوا يعرضون خدماتهم لمصاحبة زملائهم وجيرانهم من المسلمين في أي مشاوير يريدون قضائها تحسبا لرد فعل بعض المهووسين.

جميل جدا مرورك و تعليقك أستاذى الفاضل

لن نقتل الانسان بداخلنا بتعصب لقبيلة أو لدين أو لطائفة

نبقى - بعد كل شىء - بشر

شخـــابيــط منــ جوهـ القلبـــ

www.7ilba7assa.blogspot.com

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...