التواصل بين أبناء الثقافات المختلفة

[عبير يونس]

أعزائي

بحكم عملي في معهد لغات اختلط بعدد من الجنسيات

يحملون ثقافات متعددة و متباينة

السلوكيات تختلف

والانطباعات تختلف

فما قد اراه أنا تصرفا عاديا

قد يكون مهينا جدا في ثقافة أخرى

و العكس بالعكس

الجميل في الأمر

عندما تقوى الروابط بيننا و بين الأجناس الأخرى

حين تعلو انسانيتنا على النزعة القبلية الموجودة في كل البشر

و حين تتقلص فكرة العنصرية

و حين ننفتح على الآخر

و نتعايش معه

و عز من قال سبحانه: { وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا }

هنا

سنناقش خبراتنا كمصريين و انطباعاتنا على أبناء الثقافات الأخرى

[عبير يونس]

يميل الانسان بطبعه لما يألفه و عرفه و خبره

و يخاف من المجهول ...يخاف من المغامرة

و يميل بعض الناس إلى ما يشبههم

بينما يدفع الفضول البعض الآخر لاكتشاف ما لا يشبههم نهائيا

بعض الناس لا يرتاحون إلا مع بني جلدتهم حيث العادات واحدة واللغة واحدة

و البعض يحب معرفة الآخر المختلف بثقافته و لغته

بعض الناس يشعرون بالدونية أمام صفات معينة لا تتوفر لديهم

فتجد الشعوب العربية مثلا يقدرون اصحاب البشرة البيضاء و الشعر الأشقر و العيون الملونة

بينما الهنود مثلا يعتبرون الشعر الأشقر نقصا في الجمال و أن الكمال في سواد الشعر و لكن تعجبهم أيضا البشرة البيضاء

و بالمقابل بعض الناس يعتزون جدا بصفاتهم

فالأفارقة مثلا يعتزون جدا ببشرتهم السمراء و يتفنون في ابراز جمالها باختيار درجات مبهرة من الألوان تنسجم مع لون بشرتهم

و الآسيويون يعتزون بعيونهم الصغيرة و المائلة

و هذا بشكل عام

و لا يمنع أن نجد عربا يعتزون بملاحهم العربية جدا

و أفارقة يعيشون حياتهم محاولين تغيير ألوانهم و ملامحهم

هذا في الصفات الشكلية

و هناك أيضا اختلاف الطبائع والتي تؤدي لاختلاف السلوكيات

فهناك من يصبغون سلوكياتهم بمفردات لغوية تدل على التهذيب الشديد و المقدمات الطويلة قبل طلب خدمة

و هناك من يتحدث بصورة عملية و يختصر ما يراه لا داعي له من الكلام

اذا نظرنا في المجتمع العربي مثلا

نجد

أن السوري قبل أن يطلب منك طلب ما

يهديك سلامات العالم كله و السؤال عن صحتك و أهلك و الدعاء لك ثم يطلب

كيفك؟ كيف صحتك منيحة؟ كيف الأهل كيف الولاد ان شا الله بخير الله يخليلك ياهن يارب

فلان يعطيك ألف عافية اذا بتريد كان بدي اسألك عن .....

السعودي

يبدأك بالسلام و التحية و السؤال عنك و عن الأهل و لكن بدرجة أقل من السوري

هلا فلان كيف الحال ؟ كيف الأهل ؟ ان شا الله طيبين...

أقول أبو فلان كنت باسألك عن ...

المصري

يسلم عليك و يسال عن اخبارك ثم يطلب

ازيك يا مان ... اخبارك

و النبي كنت عايز ...

جميعهم مهذبون

و لكن تختلف طريقتهم

و يختلف فهمنا لهم عند التعامل لأول مرة

فنحن كمصريين عندما نجد مقدمات لأمر ما

نستنتج أن في الأمر نوع من التحايل أو الدحلبة أو مسح الجوخ

أو أنه مقدمة لابلاغنا بمصيبة ما :blink:

وو ربما اعتبرنا السوريون غليظين اذا لم نهديهم السلامات الكافية :unsure:

و ربما اعتبرنا السعوديون غير ودودين أو عمليين بزيادة ( مصلحجية )

طبعا هذا يحدث عند التعامل الأول

لشخص لم يختلط إلا ببني جلدته فقط

لكن الآن و بعد أن صار العالم قرية صغيرة

أصبح ذلك قليلا جدا

و لا يحدث إلا من أشد الناس انعزالا عمن حوله

فلنا أن نتخيل مثلا كم سوء التفاهم

عندما تلتقي امرأة سعودية من البادية مع امرأة مصرية من الحضر

ستبدأ الأولى بالسلامات و الترحيب الكثير

و قد تكتفي الثانية بالسلام باليد مع ابتسامة

مؤكد ستخجل الأولى و ترى أن سلوك المصرية جاف و به الكثير من الرفض

بينما ستتعجب المصرية من الحفاوة الغير واضحة الأسباب من البدوية

و ربما تأخذ البدوية انطباعا سيئا و تبدأ بمعاداتها

و الأخرى لا تفهم سر الانقلاب الحاد 180 درجة !!!

أكرر

هذا يحدث فيمن يتعاملون للمرة الأولى مع الآخرين المنتمين لثقافات مختلفة

و يزيد الطين بِلة

أن يتواكب ذلك مع الاستناد إلى حكايات مغلوطة عن ذلك الآخر نتيجة لتجارب مشابهة

شابها سوء الفهم أيضا !

نجد تلك الاختلافات أيضا بين الهنود و الباكستانيين

و بين الامريكان و البريطانيين

بدرجات كبيرة

فهم يتحدثون لغة واحدة و يحملون ثقافات مختلفة جدا

فالهندي يشبه البريطاني يشبه السوري في الحرص على استخدام مفردات عالية القدر من التهذيب

بينما يشبه المصري الأمريكي و الباكستاني من حيث العملية و الموضوعية و الدخول في الموضوع مباشرة

و للحديث بقية بإذن الله...