Dreamwithme بتاريخ: 29 ديسمبر 2011 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 29 ديسمبر 2011 صديقتي الصغيرة نوراقصة واقعية عشتها وأحكيها كما حدثت ما زلت أذكر كيف تعارفنا وكأن ذلك حدث بالأمس رغم مرور أكثر من 12 عاما على تعارفنا كنت وقتها أعيش في مدينة المنصورة مسقط رأسي وأدرس في الجامعة في حين تعيش والدتي في إحدى دول الخليج بحكم عملها كنت يومها أجلس خلف نافذتي أتناول غدائي بلا شهية أو حماس فقد كنت غارقة في تأملاتي المتأففة والغاضبة وشعرت أن الدنيا تتضاءل وتنكمش وتضيق رغم رحابتها لتجثم على صدري كان يوما من تلك الأيام التي تمر بك وتجد نفسك فجاة وبلا سبب محدد تبدأ في تذكر كل ما ألم به من مصاعب منذ ولادتك وحتى الآن ويتطوع الشيطان مشكورا ليذكرك بأدق التفاصيل المؤلمة وأكثر الذكريات سوادا وإيلاما ويضخم أمام عينيك أبسط المشاكل وأكثرها تفاهة ... فتصبح كارثة ومأساة وينسيك كنوزا غالية منحك الله إياها وتبدأ بالتساؤل ..... لماذا أنا؟ لماذا حرمت من أبي وأنا بعد طفلة لم أتعد العامين؟ لماذا دخلت كلية أكرهها؟ لماذا رفضت أسرتي جميع توسلاتي كي أترك الكلية وأدرس مجالا آخر أحبه؟ لماذا اضطرت أمي للسفر إلى بلد آخر للعمل؟ لماذا افترقت عنها وأصبح كل منا يعيش في مكان؟ لماذا لا أنجح أبدا في تخفيض وزني لأكون رشيقة وجميلة كصديقاتي؟ لماذا؟..... لماذا؟ ..... لماذا؟ وفجأة رأيتهـــا هنـــــــــــــــاك طفلة صغيرة ... نحيفة... قصيرة الشعر ... عادية الملامح كانت تجلس خلف سور منخفض لإحدى شرفات المبنى المقابل لنا لم يفصل بيننا سوى شارع عرضه بضعة أمتار قليلة سمحت لي برؤيتها لكن دون التحقق من ملامحها بدقة كانت تتأمل بعض الأطفال الذين يلعبون بالكرة أسفل شرفتها و تتابعهم بتركيز واهتمام وكأنها تتابع مباراة نهائي كأس العالم لا أعرف لماذا لفتت انتباهي ، رغم أنها كانت مجرد طفلة عادية الملامح لا شيء فيها قد يجذبك ، ولكنها جذبتني ربما بسبب حبي الشديد للأطفال، وربما ........... أفلتت الكرة من الأطفال وتدحرجت نحو الشارع فركضوا جميعا ورائها وتحركت الطفلة من جانب الشرف إلى جانبها الاخر لتتمكن من رؤيتهم تحركت ...... ولم تمش واكتشفت في هذه اللحظة أنها تجلس على كرسي متحرك وضعت ملعقتي في الطبق ووقفت في النافذة قليلا أتأملها كانت على وجهها إبتسامة صغيرة رأيتها رغم الأمتار التي فصلت بيننا وجدت نفسي أشير إليها بيدي محيية إياها فنظرت إلي باستغراب ... وربما باستنكار وأشارت بيدها نحو رأسها إشارة أضحتني فقد كان معنى الإشارة "هل أنت مجنونة"؟ ربما ظنت انني أسخر منها ربما تعرضت من قبل للسخرية ممن حولها أو لنظرات شفقة لم تعجبها من الآخرين انتظرت قليلا وأشرت لها من جديد رأتني لكنها تظاهرت بعكس ذلك فتظاهرت بالغضب وعقدت ذراعاي حول بعضهما وافتعلت تقطيبة على جبيني بذلت مجهودا كبيرا في تمثيل الغضب حتى تستطيع فتاتي الصغيرة رؤيته من حيث جلست بعد دقائق بدأت تشير لي بيدها فتجاهلتها ثم بدأت أداعبها وأقلد حركاتها فإذا ادارت رأسها أديرها مثلها وإذا عطست اتظاهر بالعطس ووجدتها تفتعل حركات مضحكة وتضحك حينما أقلد هذه الحركات وهكذا أصبحنا صديقتين وجاء دور اكتمال التعارف ومعرفة الأسماء كتبت لها اسمي على ورقة بيضاء كبيرة وبقلم أسود وخط واضح اما هي فأشارت إلى سقف الشرفة وتحديدا إلى مصباح السقف وفي نهاية الأمر عرفت ان اسمها "نورا" لم تفارق نورا مخيلتي طوال اليوم سيطرت على تفكيري حتى اليوم التالي ورأيتها للمرة الثانية والثالثة لم نتكلم ولم نفعل شيئا سوى تبادل بعض الإشارات البسيطة كالتحية عندما نرى بعضنا وعندما تدخل كل منا الى غرفتها كنا احيانا نجلس بالساعات هي تقرأ في مجلة وانا أذاكر بجوار النافذة وبدأت الامتحانات وأصبحت لا أراها لكنني قررت أنني فور انتهاء الامتحانات سأذهب لزيارتها فقد أصبحت وجها مألوفا لوالدتها ولأختها الأكبر وأصبحوا يعرفونني ويلقون علي التحية (بالإشارات) قررت أن أشتري لعبة جميلة وأذهب بعد الامتحانات لزيارتها وربما أستأذن والدتها وأخرج معها ومع أختها لنتنزه في أحد الحدائق ونلهو قليلا فأدخل البهجة على قلبها الصغير وفي اليوم الأخير من الامتحانات ... وأثناء عودتي للبيت ركبت معي في سيارة الأجرة بالصدفة إحدى الزميلات واكتشفت انها تسكن في نفس المبنى كانت مفاجأة سعيدة فهذه اول مرة اكتشف انها جارتنا وداعبتها بقولي : إن لي صديقة أخرى في نفس عمارتكم نورا ... تلك الطفلة الصغيرة التي تسكن في الدور الثالث فأطرقت زميلتي قليلا ... ثم قالت : دينا ... لقد ماتت نورا منذ أسبوع لم أستوعب الجملة ... لم أستطع ترجمة هذه الكلمات لمعنى مفهوم وتذكرت فجأة تلك الصرخة التي سمعتها من أيام في المبنى المقابل صرخة سيدة أو فتاة سرعان ما بترتها وتحولت لبكاء مكتوم حجبه عن مسامعي بعد المسافة وقلت في نفسي وقتها لابد أنه ذلك الرجل العجوز المريض الذي رأيته يمشي مترنحا منذ أيام من شدة المرض ثم واصلت حياتي بشكل عادي ولا مبالاة أذكر أنني وقتها كنت أشاهد التلفاز وواصلت زميلتي كلامها قالت : إن نورا قد استراحت وموتها هو من فضل الله عليها فقد ولدت مشوهة الأطراف ومصابة بقصور في الكلى والقلب والكبد وقضت معظم سنوات عمرها الثمانية في المستشفيات وفي إجراء الجراحات حتى ان الأطباء في الفترة الأخيرة أجروا لها جراحة لعمل فتحة في بطنها كي تتمكن من خلالها من الإخراج بعد أن عجزت عن ذلك بشكل طبيعي وقد ................. لم أسمع الباقي ولم أرأي شيء ... سوى نورا أحسست انني أراها تكبر وتكبر حتى تصبح في حجم جبل عظيم وانا أصغر واتضاءل حتى أصبح في حجم ذرة من الرمال كيف استطاعت تلك الطفلة أن تحافظ على ابتسامتها رغم كل ما مرت به ؟ ورغم أنها حرمت من كل شيء يتمتع به أي طفل طبيعي؟ وكيف عجزت أنا عن الرضا عن نفسي وحياتي وظروفي رغم كل ما أملك من نعم؟ ماتت نورا ماتت ... ولم لها تلعب باللعبة التي كنت ساحضرها ... ولم تر تلك الحديقة التي نويت ان آخذها إليها لكن لابد وأنها الآن تلعب بألعاب أجمل .... وترى حدائق أكثر روعة بل إني متأكدة انها الآن قد استعادت صحتها وعافيتها وأصبحت تمشي بل تجري وتلعب كما تشاء لم أعرف هل أشفق عليها ... أم على نفسي؟ هل أبكي عندما أتذكرها ... أم أبتسم؟ لم أعد أتذكر ملامحها بوضوح ... فانا لم أرها يوما عن قرب لا أتذكر صوتها ... فانا لم اتحدث معها من قبل لكنني اتذكر ابتسامتها وصوت ضحكاتها الذي سمعته في إحدى المرات وهي تلهو مع أختها ماتت صديقتي الصغيرة ولكنها علمتني حكما كبيرة علمتني أشياء قد لا أستطيع صياغتها في بضع كلمات لكنها أشياء غيرتني وجعلتني اعيش حالة من الرضا والشكر لله فشكرا لك أيتها الصديقة الصغيرة الحبيبة التي لم أتبادل معك كلمة واحدة لكنك علمتني ما قد تعجز عنه كتب وخطب وكلمات الدنيا شكرا يا نورا منــــــــــــــــقول <p class='bbc_center'><span style='color: #000080'><strong class='bbc'><span style='font-size: 14px;'>"من مدحك فإنما مدح مواهب الله فيك.....فالشكر لمن وهب وليس لمن وُهِب له" ابن عطاء السكندري<br /><br />"اللهم من ضاق صدره بنا فاجعل قلوبنا تتسع له" الامام أبو حنيفة</span></strong></span></p> رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان