كفوا عن التهريج

[Gharib fi el zolomat]

قطرات الندي

كفوا عن التهريج

بقـلم

جمال بدوي

لا يهم إن كان ضحايا الفتك الأمريكي بالعراق: من المثلث السني أو المربع الشيعي أو التجمع الكردي.. المهم انهم عراقيون انتفضوا لمقاومة احتلال أجنبي فاجر جاء من أقصي البقاع لانتهاك حرمة بلادهم، فقام الغزاة بإبادة أهل الفلوجة بالكيماويات، وألقوا جثثهم في نهر الفرات، مثلما فعل المغول في القرون الوسطي.. والآن يتوجهون إلي الموصل.. وبالأمس القريب كانوا في كربلاء والنجف الأشرف.

** ان المهم في ملحمة العراق هو يقظة الشعب، ووقوفه في خندق المقاومة دون أن تلين له قناة، بصرف النظر عن الأصول العرقية، أو الخلافات الدينية والمذهبية، فالرصاص الأمريكي لا يفرق بين سني وشيعي وكردي وتركماني.. وضرب العراقيون المثل الرائع لغيرهم من الشعوب العربية التي تنتظر دورها في طابور الاحتلال، ونجح العراقيون في تعطيل الزحف علي سوريا.. وما بعد سوريا.. ووجد بوش وعصابته من سخونة المقاومة العراقية ما لم يكن يخطر علي باله، وكان الظن أنه سيلقي التهليل والزغاريد.. فإذا بالبراكين تتفجر تحت أقدامه في كل أنحاء العراق.. وباتت مقاومة الغزاة فريضة علي كل عراقي دفاعا عن الأرض والعرض.

** لقد ارتكب البرابرة الأمريكان من أعمال الإرهاب ما يخجل منه المغول والتتار، والمؤسف أن توصف أعمال المقاومة بالإرهاب، ويدمغ المقاومون بأنهم إرهابيون.. وتتردد هذه الأوصاف المرذولة علي بعض الفضائيات العربية، تقربا وزلفي للسادة الأمريكان.. وانسياقا مع الأكذوبة الكبري التي روجها بوش منذ احتلال أفغانستان، ورفع شعار الحرب المقدسة ضد الإرهاب (!!).

** لقد أثبتت ملحمة العراق أن الإرهاب ليس صناعة عربية ولا إسلامية، حتي لو كان بعض أبناء العرب ارتكبوا تفجيرات سبتمبر، فهناك شباب أمريكيون ارتكبوا تفجيرات أوكلاهوما، ولم يؤخذ الشعب بجريرة الأفراد، ولم تكن تفجيرات سبتمبر إلا ذريعة لشن الحرب المقدسة علي العرب والمسلمين، وهي حرب غربية الصنع تم طبخها في الولايات المتحدة ثم تصديرها الي الشرق العربي للقضاء عليه، واقتلاعه من جذوره الدينية والقومية والوطنية، وإحالته إلي مسخ مشوه يتخذ من إسرائيل قبلته، ومن الغرب هاديا ونصيرا (!!)

** اننا لا نستطيع أن نفصل بين الملف العراقي والملف الفلسطيني، فعمليات الفتك تجري في العراق، وعمليات التهويد تجري علي قدم وساق في فلسطين حتي يكتمل قيام دولة اسرائيل الموعودة في التوراة، ويقام الهيكل علي أنقاض الأقصي، ويجبر المسيحيون علي العودة الي اليهودية استعدادا لاستقبال المسيح الألفي، وهي العقيدة التي يعتنقها الرئيس الأمريكي الحالي والذين معه من ذيول الصهيونية المسيحية. ويعملون في السر والعلن علي تنفيذها (!!).

** إن الخطر داهم.. وأكبر مما نتخيل.. والمفروض ان نستيقظ من غفلتنا، ونكف عن أعمال التهريج والسطحية والتفاهة التي تخيم علي حياتنا، ويبدو أنها مقصودة لإلهاء الشعوب العربية إلي أن تفاجأ بالنكبة في عقر دارها.. ولكن الذي لا يعلمه المتصرفون في شئوننا أنهم سيكونون أول الضحايا.. لأن القاتل الفاتك لا يفرق بين العدو والصديق (!!)