الناقد الاعلامي بتاريخ: 24 يناير 2012 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 24 يناير 2012 مصطلح الدولة المدنية بين الظهور والتلميع المقدمة منذ عهد الاستعمار الحديث للبلاد العربية والاسلاميةالذي سموه زورا وبهتانا بعصر التنوير بدأت تطرق آذاننا ألفاظ لمسميات لم نسمع بها من قبل ، ومن ذلك كلمة " الدولة المدنية" التي برزت بمعناها السافر في ذلك الوقت وارتباطها العقائدي بالعلمانية وبات يبشر بها القائلون بها والداعون اليها ، بأن كل أزمات المسلمين في العصر الحاضر من الاستبداد السياسي الى التخلف التقني الى الفقر والبطالة وتدني الخدمات , كل ذلك سيزول بمجرد أن تتحول دولنا الى دول مدنية . مصطلح الدولة المدنية : هو مصطلح معاصر مأخوذ من الغرب في عصور قديمة منذ قرنين أو ثلاثة قرون وترجم الى اللغة العربية ضد حكام يحكمون ضمن التفويض الالهي ولمواجهة الكنيسة التي تريد أن تتسلط على المجتمع ، فنشأ المصطلح بحجة تعريف الناس بحقوقهم حتى بات المصطلح معروف لمقاومة الدولة الدينية . فالمصطلح أساسه مبني على العلمانية التي تفصل الدين عن الحياة بحسب نظام الحكم الديمقراطي إلا أن واضعوه كانوا يعلمون حساسية المسلمين من العلمانية فزينوه وجملوه لخداع الناس على انه يعني دولة مؤسسات حديثة متطورة يتساوى فيها المواطنون امام القانون دون تمييز في الدين أو العرق او اللون وانها دولة حرية وانه لا يفرض رأي شخص أو حزب على غيره ، وأنه يجب احترام الاخر فصناديق الاقتراع هي الحَكم وبرز مؤخراً بفعل التضليل الثقافي التي تقوم به أميركا في المنطقة فكرة الدولة المدنية، وتأثر بها كثيرون من أبناء المسلمين من خاصتهم وعامتهم، وقد تقبلها هؤلاء باعتبارها بديلاً عن حكم العسكر والطواغيت لتعبيرها عن إرادة المجتمع، واعتبرها آخرون البلسم الشافي لما هو موجود في المجتمع من تعدد ثقافي وسياسي وعرقي وديني. وجعلوا الدولة المدنية مقابل "الدولة الدينية"، وهم يقصدون بـ"الدولة الدينية" الدولة التي تقوم على أساس نظرية الحق الإلهي أو دولة الكنيسة، مسقطين ذلك على الدولة التي تقوم على أساس دين الإسلام، كما يقصدون بـ"الدولة المدنية" الدولة التي تفصل الدين عن شؤون الحياة. وانتشرت هذه الفكرة انتشار النار في الهشيم في أوساط المثقفين والسياسيين وحتى بعض الدعاة، وأصبحت أملاً منشوداً لديهم بعد أن نادى بها من تزعموا ثورة الناس في تونس ومصر وليبيا وسورية، وروجت لها الآلة الإعلامية بقوة، وخُدع بها بسطاء الناس، وتساهلوا في جعلها شعارات للاحتجاجات والمظاهرات لتسلط أذهانهم على التخلص من الطغاة، وألبست الأمة في النهاية ثوب المطالبة بالدولة المدنية ودفعت الدماء الغزيرة مقابل ذلك. واكبر دليل على ذلك قناة الجزيرة التي أنشأت قناة مخصوصة في مصر ، هي "قناة الجزيرة مباشر مصر" للترويج لذلك المصطلح ولإلباسه ثوب الاسلام . ومما قاله بعض الكتاب ينادون للدولة المدنية بدون مواربة أو تلاعب بالالفاظ : يقول أحدهم عن الدولة المدنية ( ..... البلاد التي تنتهج الديمقراطية الليبرالية الحقة وأقامت الدولة المدنية الحديثة على عدم تضمين دساتير ما يفيد بديانة الدولة ... إن إقامة الدولة المدنية العلمانية وفق الصورة المنوه عنها باتت ضرورة لإخراج مجتماعاتنا المتخلفة من شرنقة الجدل وحالة اللاحسم حول الكثير من القضايا الصغيرة والكبيرة والتي تراوح مكانها بسبب اقحام الدين فيها وبالتالي الاختلاف المرير ) وكاتب اخر يقول ( لايمكن الدولة المدنية في ظل المذهبية أو الدينية المجردة من العلمانية لأن العقيدة اي عقيدة كانت لا تؤمن بحق جميع المواطنين على قدم المساواة طالما اقانون الديني يميز بين العقائد ومن هنا تبرز أهمية حرية العقيدة في المجتمع المدني ..... الى أن يقول وأخيرا نؤكد أن الدولة المدنية العلمانية الليبرالية الدستورية ليست شكلا مجردا إنما مضمونا يساهم في تقدم المجتمع بكل مقوماته وقومياته وأديانه . وكاتب اخر يقول ( استكمال بناء الدولة المدنية الحديثة بما يتطلب من خلو المجال امام الاشارات الدينية حتى يصبح من الرحابة الى الحد الذي يسع فيه كل المختلفين ، وان يجري السياسة على أساس المصلحة وان يكون التشريع تعبيرا عن تنوع الأمة ). مصطلح الدولة المدنية عند الحركات والاحزاب الاسلامية : بعد ركوب الحركات والاحزاب الاسلامية -الاخوان المسلمين والسلفيين- لموجة الثورات التي اندلعت في بعض البلدان العربية وبعد أن رأووا ما تنادي به حناجر الثوار من هتافات تتطالب بعودة الحكم بالاسلام وتطبيق أحكامه ، بدأت هذه الحركات والاحزاب تتطالب وتنادي هي ايضا بقيام الدولة المدنيةولكن أضافوا لها ما يزينها ويجملها عند الناس أضافوا جملة المرجعية الاسلامية ، فاطلقوا عليها دولة مدنية بمرجعية اسلامية ، وبدأو يروجون ويلمعون في هذا المصطلح مستغلين وسائل الاعلام المختلفة خاصة الفضائيات الاخبارية والقنوات الفضائية الدينية ، واستضيف للترويج لهذا المصطلح الدخيل على الأمة شيوخ وعلماء لهم شهرتهم وجمهورهم بين الناس ، فقد كانوا قبل الثورات يظهرون في برامج ومحاضرات ولقاءات استطاعوا ان يجذبوا المشاهدين لهم حتى أصبح ما يقولونه وكأنه كلام منزل لا يرد ، استطاعوا ان يكسبوا ثقة المتلقي مما سهل عليه( المتلقي ) قبول مفهوم الدولة المدنية بيسر. من هؤلاء الشيوخ الشيخ محمد حسان الذي يمتلك شعبية كبيرة بين الناس ويثقون بكلامه ولأنه يستشهد بأدلة شرعية يفسرونها حسب أهوائهم ، فالشيخ يقول لا مشاحنة في المصطلحات ، فيقول في مقابله معه على إحدى القنوات (لا حرج الى الدعوة الى الدولة المدنية بمرجعية اسلامية ، بتفعيل المادة الثانية من الدستور) أما محمد العوا وهو مرشح للرئاسة في مصر فيقول (إن النبي صلى الله عليه وسلم أقام دولة مدنية بمرجعية إسلاميةولم يؤسس دولة مدنية) إمام الازهر أحمد الطيب يقول : يجب اعتماد النظام الديمقراطي القائم على الانتخاب الحر المباشر لتحقيق مبادىء الشورى ومحاسبة المسؤولين) المفكر الاسلامي محمد عمارة يقول: الدولة الاسلامية دولة مدنية تقوم على المؤسسات والشورى هي الية اتخاذ القرارات في جميع مؤسساتها. إن المتأمل فيما يقوله هؤلاء العلماء أنهم تعاملوا مع مفهوم الدولة المدنية بنفس التعامل الذي تعامل به غيرهم مع مفاهيم الاشتراكية والرأسمالية والديمقراطية ، تقوم على تفكيك المصطلح واستخراج المفردات المفاهيمية وقبولها بناء على وجود ما رأوا هم أن له مطابق للاسلام ، وهم بذلك يحاولون المواءمة بين الدولة المدنية في مفهومها الغربي وبين الاسلام إنها مجرد أصطلاح والاصطلاح لا مشاحة فيه كما يقول أهل العلم . إن المشكلة لا تكمن في التسمية أو الاصطلاح لو لم تكن تلك المصطلحات ذات استعمال مناقض للشريعة ومن ثم يصير استعمال هذا المصطلح لوصف الدولة في الاسلام سببا في اللبس وخلط الامور لأن هذا الاصطلاح لم يعد مجردا وإنما صار اصطلاحا محملا بالدلالات التي حملها من البيئة التي قدم منها . فإذا كان المتكلمين بهذا المصطلح والداعين له يقولون بمرجعية اسلامية فما الذي يحملهم على الإصرار على استعمال مصطلح أقل ما يقال فيه انه مصطلح مشبوه يدعو الى تفرقة الامة لا إلى جمعها ، كما يمثل التبعية الثقافية للغرب. إن الكلمة ذات المعنى الصحيح اذا كانت تحتمل معنى فاسدا يجب العدول عنها بكلمة لا تحتمل ذلك المعنى الفاسد .قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } قال القرطبي :في هذا دليلان : أحدهما :تجنب الالفاظ المحتملة التي فيها التعريض والتنقيص والغض . الدليل الثاني :التمسك بسد الذرائع وحمايتها .والذريعة هي عبارة عن أمر غير ممنوع لنفسه يخاف من ارتكابه الوقوع في الممنوع . إن الداعين الى دولة مدنية بمرجعية اسلامية ما هو إلا غطاء لعلمانية الدولة حتى يبلع المسلمين فكرة الدولة المدنية ، فيبقون على بعض الاحكام الشرعية كقوانين حتى يقبل الشعب القوانين الوضعية الاخرى . الدولة المدنية في ميزان الشرع : مصطلح الدولة المدنية هو اصطلاح مطاطي ينكمش في أحسن حالاته ليحاكي الغرب في كثير من مفاهيمه السياسيةفي الحكم مع الحفاظ على بعض الخصوصيات ، ويتمدد حتى يصل الى أصل استعماله دولة مدنية صرفة . ومن وصف الدولة الاسلامية بأنها دولة مدنية وقع في خطأ ، ذلك أن الدولة المدنية الحديثة تنكر حق الله في التشريع وتجعله حقاً مختصاً بالناس وهذا بخلاف الدولة الاسلامية بل إن هذا يخرجها عن كونها إسلامية ويسمى هذا النوع من الحكم بحكم الطاغوت وكل حكم سوى حكم الله هو حكم طاغوت وما نراه ونسمعه في وسائل الاعلام حول تعريف الدولة المدنيةوأصل هذا الاصطلاح فهو دليل علة غموض هذا المصطلح وعدم وضوحه واشتماله على كثير من الأمور التي تناقض بعضها بعضاُ. وقد انبرى حزب التحرير في التعريف الحقيقي لمصطلح الدولة المدنية وحكم الشرع فيها ،إلا أن ما يقوم به حزب التحريروهو من الحركات الاسلامية السياسية النشطة على الساحة في هذا الشأن وغيره يعتم عليه الاعلام . فهذه المقابلة مع الاستاذ أحمد القصص الذي تحدث عن الدولة المدنية واقعها وحكم الشرع فيها ، يجد فيها المتلقي ضالته وتساعده في الارتقاء بفكره وتوعيه . http://www.youtube.com/watch?v=xs-FlNGPwcI&feature=player_embedded لماذا الان ؟: إن مصطلح الدولة الدينية والدولة المدنية ليس بجديد إلا أن تناول الاعلام لهذا المصطلح وتلميعه زاد بعد قيام الثورات . وما كان للناس ان ينشغلوا بموضوع الدولة المدنية والدينية لولا كثافة الضخ الاعلامي الذي تناول الموضوع ونقل البلبلة والحيرة الى قطاعات عريضة من المجتمع . والسبب في هذا التلميع والترويج من قبل وسائل الاعلام للدولة المدنية ان القوى الكبرى صاحبة النفوذ الاستعماري الواسع في البلدان العربية والاسلامية تسعى لتخطي مرحلة الثورات في البلدان العربية بأقل الخسائر، المتابع للثورات وما ينادي به الثوار يدرك مدى خوف تلك القوى الاستعمارية من أن يصل الثوار الى تحقيق ما ينادون ويهتفون به ، فهم يهتفون بعودة تحكيم الشرع وقيام دولة الاسلام من جديد . مما جعل الغرب الكافر يرتجف خوفاً .وظهر ذلك بكل وضوح في تصريحات العديد من قادتهم من كلينتون الى أوباما وكاميرون وبيرس وبرلسكوني وغيرهم حيث أبدوا تخوفهم من قيام دولة دينية ، ولأن تلك القوى الاستعمارية لا تريد أن تخسر نفوذها وسيطرتها على البلاد والعباد في بلاد المسلمين ، استغلت الحركات والاحزاب الاسلامية لمنع قيام دولة اسلامية والسعي الى قيام دولة مدنية ، والسبب أن هذه الحركات والاحزاب الاسلامية مرضي عنها من الغرب لانها تنبذ العنف وتؤمن بقواعد اللعبة الديمقراطية ، وبذلك وبدل ان تكون تلك الحركات عاملاً مساعداً للتخلص من هيمنة الغرب على البلاد العربية والاسلامية جعلت الأمة كلها وقضاياها تحت سيطرة الاستعمار . الخاتمة: مما تقدم يظهر بوضوح أنه ما كان للإعلام أن ينجح في الترويج والتلميع للدولة المدنية لولا مشاركة الحركات والاحزاب الاسلامية في هذا الترويج من شيوخهم وقاداتهم . فلا ندري هل الإعلام استغل الحركات الاسلامية أم الحركات الاسلامية استغلت الإعلام ؟ وسواء كان هذا او ذاك فمن المؤكد ان دول الاستعمار الصليبي استغلت الاثنان معاً من أجل إبقاء البلاد والعباد تحت سيطرتها ومنعها من السعي وراء إقامة الدولة الاسلامية التي يريد الله من عباده أن يقيموها على الارض . وما كان للغرب أن يستمر في إحكام قبضته على مقدرات الأمة والتصدي لها ومنعها من النهوض والارتقاء لتعيد عزها ومجدها المسلوب لولا تخاذل وخيانة الإعلام وتلك المسماة زوراً وبهتاناً بالحركات الاسلامية . فمتى يفيق الاعلام العربي ، ومتى تعود هذه الحركات والاحزاب لتكون طوق نجاة للأمة بدل من أن يكونوا معاول هدم لها ؟؟!! مجموعات الناقد الاعلامي .. اعداد وتقديم .. أم عاصم رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان