سلطات الدولة .. وعربية سعيد صالح

[أبو محمد]

فى مسرحية "العيال كبرت" حسن مصطفى سأل سعيد صالح بعد ما عمل حادثة بعربيته : "والعربية حصل فيها إيه ؟"

رد سعيد صالح : "لا اطمئن .. كل حاجة فيها موجودة سليمة ...... بس لوحدها"

تذكرت هذا المشهد وأنا أتابع ما يحدث بين سلطات الدولة التشريعية ، القضائية ، التنفيذية .. والشو الإعلامى الذى تقوم به هذه السلطات (فى الحقيقة البرلمان هو نجم الشو) .. مابين ملف التمويل الأجنبى ، ملف تشكيل حكومة من الحرية والعدالة (عاوزين يمسكوا الدولة من كل مفاصلها) ، إلى ملف الأزمة المفتعلة بين الحكومة والبرلمان .............

وأرى جلسات مجلس الشعب فأشعر أننا فى مظاهرة أو فى مهرجان خطابى .. لم يتود الأعضاء بعد على سلوك صانعى القوانين ومراقبى أداء الحكومة .. كأننا فى "مدرسة المشاغبين"

الآن .. ونحن بصدد كتابة دستور جديد .. أرى أنه لابد من وضع مادة تحدد شكل العلاقة بين السلطات وحدود كل سلطة حتى لا نجد أنفسنا فى "مسرح" بدلا من "دولة" .. وتكون النتيجة فوضى لم تحلم بها كوندليزا رايس

كان السادات - الله يرحمه - يحاول تكريس مبدأ أن رئيس الدولة هو الحكم بين السلطات الثلاث .. لم يمهله العمر تلك الفرصة .. بصرف النظر عن كون هذا المبدأ صحيح أم لا .. أعتقد أنه لابد من نص دستورى يحسم الخلافات الوهمية بين السلطات والتى يستغلها المزايدون لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية أو حتى أجنبية

الأمر خطير ويحتاج إلى آراء تستوعب الخطورة وتتخلى عن الانتماءات الحزبية أو المذهبية

[أبو محمد]

لما تكون كل حاجة فى العربية موجودة وسليمة بس لوحدها .. يبقى ماعندناش عربية .. صحيح عندنا موتور وعندنا جيربوكس وعندنا بطارية ودينامو ومارش .. بس ما عندناش عربية

هو ده اللى انا حاسس بيه دلوقت وكنت حاسس بيه طوال التلاتين سنة اللى فاتوا .. فى خلال التلاتين سنة دول كان فيه واحد من مصلحته إن العربية تكون بالشكل ده .. مفككة ..

دلوقت جت الفرصة .. فرصة كتابة الدستور الجديد .. حيكون فيه جزء عن سلطات رئيس الجمهورية .. المطلوب هو الحد من تلك السلطات المطلقة التى بدأ إعطاءها للرئيس عام 71 لأن مصر كانت محتلة وكان كل الشعب مؤمن بحتمية الحرب فأعطى للرئيس صلاحيات مطلقة لقيادة تلك الفترة

سنة 81 جه واحد استهبل فيها وزود كمان بعض البلاوى على هذا الجزء من الدستور

فماذا نحن فاعلون .. ااأنا مع تقليص سلطات رئيس الجمهورية عما هى عليه فى دستور 71 .. ولكنى فى نفس الوقت أريد أن يكون رئيسا قويا يستطيع فى وقت اللزوم أن يكون - كما أراد السادات - حكما بين السلطات بنصوص دستورية محددة

هل يصلح دستور 71 كقاعدة لبدء المناقشة فى الحوار علشان تكون لنا عربية بجد .. بتمشى وتوصلنا للمكان اللى احنا عاوزينه .. مش عربية زى عربية سعيد صالح (بعد الحادثة)

[raouf]

يا استاذنا الكبير

الدستور هو اللى بيحدد حدود وقواعد التعاون بين السلطات سواء التشريعية او التنفيذية او القضائية

وطلو عمرها موجودة فى الدساتير السابقة لكن الكلب مبارك للاسف عطل كل مواد الدستور التى تعطى حرية وقصر الدستور عليه فقط فاصبخ

هو المشرع والقاضى وكلاب الوطنى السابقين هم المنفذون

[أبو محمد]

يا أستاذ رؤوف .. دستور 71 كان بيجعل الرئيس هو رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحو ، والمجلس الأعلى للقضاء ، والمجلس الأعلى للشرطة وجميع المجالس العليا ..

علاوة على كده .. الرئيس هو رئيس الحزب الوطنى ، ومجلس الشعب بأغلبية من الحزب الوطنى ، وتلتين مجلس الشورى بأغلبية من الحزب الوطنى .. والتلت الباقى بيعينه الرئيس اللى هو رئيس الحزب الوطنى .. مفيش كده فى الدنيا ..

كان ممكن نفهم الكلام ده ونوافق عليه سنة 71 أيام السادات علشان الحرب اللى كنا داخلين عليها لا محالة ، وكمان علشان مفاوضات الحل السلمى اللى كان بدأها جمال عبد الناصر بقبول قرار مجلس الأمن 242 اللى اعترف بإسرائيل وحقها فى حدود آمنة ومناطق منزوعة السلاح ، وبعد كده المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بواسطة مبعوث الأمم المتحدة جونار يارنج وبعدين قبول مبادرة روجرز اللى أوقفت حرب الاستنزاف

كل دى ظروف ممكن تبرر الصلاحيات المهولة فى دستور 71 والممنوحة لرئيس الجمهورية

دلوقت مفيش مبرر للكلام ده .. بس فى نفس الوقت مش عايزين رئيس جمهورية سنانه متطرمة .. أنا باقول الكلام ده واحنا لسه ما نعرفش مين رئيس الجمهورية .. يعنى بنقوله بتجرد لمصلحة الوطن

النظام البرلمانى فيه عيب خطير جدا .. وهو إن البرلمان هو اللى بيشكل الحكومة .. بمعنى آخر نص مهمة البرلمان ( الرقابة على الحكومة) سقطت .. ازاى البرلمان يراقب نفسه .. وهو ده اللى كان حاصل قبل الثورة مع إننا كنا فى ظل نظام رئاسى .. كان حاصل بصورة أبشع لأن رئيس الجمهورية هو رئيس الحزب اللى بيشكل البرلمان .. يعنى بجد اللى كان كاتبه يوسف ادريس فى "الحرام" وجاء على لسان حسن البارودى "شيخ وإمام القرية" فى جملته المشهورة "البلد بلدنا والدفاتر دفاترنا" كان بيعبر عن حالنا بصحيح .. وحتى النص التانى من مهمة البرلمان كان ساقط .. لأن أى مشروع مقدماه الحكومة كان لازم يتمرر .. فعلا مفيش كده فى الدنيا

يعنى أنا باتصور برلمان مستقل ورئيس مستقل (غير حزبى) وقضاء مستقل .. أكيد ده حيكون فى صالح مصر

تبقى مشكلة مين حيكون الحكم بين السلطات .. أعتقد المحكمة الدستورية العليا هى المرشح المناسب لهذا الدور على أن تكون هناك آلية للفصل السريع بين (مسألة أيام) فى أى أزمة بين السلطات لا يمكن حلها وديا