linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 أيها الولد المحب .. ! رسالة من الفيلسوف المتصوف حجة الإسلام أبي حامد محمد الغزالي 451 - 505هـ (1058 - 1111م) -المقدمة- صاحب هذه الرسالة هو الإمام محمد بن محمد بن أحمد الطوسي (الغزالي) ولد بطوس من أعمال خراسان بفارس (450 - 550هـ، 1056 - 1111م)، تنقل في أرجاء الوطن الإسلامي قبل أن يعود في أواخر حياته إلى طوس مرة أخرى ليواصل الكتابة وتصنيف الكتب التي قاربت الأربعمائة كتاب. جاء الإمام الغزالي في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري ليشهد (سياسيًا) نوعًا من التفتت السياسي نتج عن ضعف الخلافة وانتهى بعد أكثر من قرن بمأساة التتار (واقتصاديًا) شهد تكالب الناس على الدنيا وتحول المجتمع الإسلامي من مجتمع منتج إلى مجتمع الاستهلاك، ولم تكن الجوانب الفكرية بأفضل حالاً فالمعين الصافي يختلط بشطحات الفلاسفة وأفكار الإغريق، وهكذا وجد الإمام الغزالي مأساة عصره في البعد عن المثل الإسلامي الأعلى الذي تجلى في عصر النبوة والخلافة الراشدة فكانت دعوته للعودة إلى ذلك المثل الأعلى هي محور أعماله ونضاله. والرسالة التي بين أيدينا واحدة من أعماله الإسلامية الخالدة أجاب بها على سؤال لأحد تلامذته، وقد كتب الإمام رسالته بالفارسية ثم عربت وفي العصر الحديث ترجمت إلى الألمانية والتركية والفرنسية والإنجليزية. إنها حقًا جديرة بالقراءة والتأمل والمعيشة. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 بسم الله الرحمن الرحيم -1- اعلم أيها الولد المحب العزيز أطال الله بقاءك بطاعته، وسلك بك سبيل أحبائه أن منشور النصيحة يكتب من معدن الرسالة عليه السلام، إن كان قد بلغك منه نصيحة فأي حاجة لك في نصيحتي؟ وإن لم يبلغك فقل لي: ماذا حصلت في هذه السنين الماضية؟!! رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 -2- من جملة ما نصح به رسول الله أمته قوله: (علامة إعراض الله عن العبد اشتغاله بما لا يعنيه، وإن امرأ ذهبت ساعة من عمره في غير ما خلق له لجدير أن تطول عليه حسرته، ومن جاوز الأربعين ولم يغلب خيره شره فليتجهز إلى النار) وفي هذه النصيحة كفاية لأهل العلم. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 -3- النصيحة سهل، والمشكل قبولها، لأنها في مذاق متبع الهوى مر، إذ المناهي محبوبة في قلوبهم، على الخصوص لمن كان طالب علم مشتغلاً في فضل النفس ومناقب الدنيا، فإنه يحسب أن العلم المجرد له سيكون نجاته وخلاصه فيه، وأنه مستغنٍ عن العمل، وهذا اعتقاد الفلاسفة، سبحان الله العظيم!! لا يعلم هذا القدر أنه حين حصَّل العلم إذا لم يعمل به تكون الحجة عليه آكد، كما قال رسول الله: (أشد الناس عذابًا يوم القيامة عالم لا ينفعه الله بعلمه). وروي: أن الجنيد قدس الله سره رئي في المنام بعد موته، فقيل له: ما الخبر يا أبا القاسم؟ قال طاحت تلك العبارات، وفنيت تلك الإشارات، وما نفعنا إلا ركيعات ركعناها في جوف الليل. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 -4- أيها الولد..!! لا تكن من الأعمال مفلسًا، ولا من الأحوال خاليًا، وتيقن أن العلم المجرد لا يأخذ اليد، مثاله لو كان على رجل في برية عشرة أسياف هندية مع أسلحة أخرى، وكان الرجل شجاعًا وأهل حرب، فحمل عليه أسد عظيم مهيب، فما ظنك؟ هل تدفع الأسلحة شره عنه بلا استعمالها وضربها؟ ومن المعلوم أنها لا تدفع إلا بالتحريك والضرب فكذا لو قرأ الرجل مائة ألف مسألة علمية وتعلمها. ولم يعمل بها، لا تفيده إلا بالعمل. ومثله أيضًا: لو كان لرجل حرارة ومرض صفراوي يكون علاجه بالسكنجين والكشكاب([1]) فلا يحصل البرء إلا باستعمالها. ولو قرأت العلم مائة سنة، وجمعت ألف كتاب، لا تكون مستعدًا لرحمة الله تعالى إلا بالعمل وأن ليس للإنسان إلا ما سعى([2]) فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحًا([3]) جزاء بما كانوا يكسبون([4]) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا، خالدين فيها لا يبغون عنها حولا([5]) إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحًا([6]). وما تقول في هذه الأحاديث؟ (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً). والإيمان. قول باللسان، وتصديق بالجنان، وعمل بالأركان، ودليل الأعمال أكثر من أن يحصى وإن كان العبد يبلغ الجنة بفضل الله تعالى وكرمه، لكن بعد أن يستعد بطاعته وعبادته، لأن رحمة الله قريب من المحسنين. ولو قيل أيضًا: يبلغ بمجرد الإيمان قلنا: نعم.. لكن متى يبلغ؟ وكم من عقبة كئود ينتقلها إلى أن يصل؟ أول تلك العقبات: عقبة الإيمان، وأنه هل يسلم من سلب الإيمان أم لا؟ وإذا وصل يكون خائبًا مفلسًا، وقال الحسن البصري: يقول الله تعالى لعباده يوم القيامة: ادخلوا يا عبادي الجنة برحمتي واقتسموها بأعمالكم. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 -5- ما لم تعمل لم تجد الأجر، حكي أن رجلاً من بني إسرائيل عبد الله تعالى سبعين سنة، فأراد الله تعالى أن يجلوه على الملائكة فأرسل الله إليه ملكًا يخبره أنه مع تلك العبادة لا يليق به دخول الجنة، فلما بلغه قال العابد: نحن خلقنا للعبادة، فينبغي لنا أن نعبده، فلما رجع الملك قال: إلهي.. أنت أعلم بما قال، فقال الله تعالى: إذا هو لم يعرض عن عبادتنا. فنحن (مع الكرم) لا نعرض عنه، اشهدوا يا ملائكتي أني قد غفرت له. قال رسول الله: (حَاسِبُوا قبل أن تُحَاسَبُوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا) وقال علي رضي الله عنه (من ظن أنه بدون الجهد يَصِلُ فهو متمن، ومن ظن أن ببذل الجهد يصل فهو مستغن). وقال الحسن رحمه الله تعالى: (طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب) وقال: (علامة الحقيقة ترك ملاحظة العمل لا ترك العمل). وقال رسول الله: (الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والأحمق من اتبع هواه، وتمنى على الله تعالى الأماني). رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 -6- أيها الولد..!! كم من ليلة أحييتها بتكرار العلم ومطالعة الكتب، وحرمت على نفسك النوم، لا أعلم ما كان الباعث فيه؟ إن كان نيل عرض الدنيا، وجذب حطامها وتحصيل مناصبها، والمباهاة على الأقران والأمثال، فويل لك ثم ويل لك، وإن كان قصدك فيه إحياء شريعة النبي، وتهذيب أخلاقك، وكسر النفس الأمارة بالسوء، فطوبى لك ثم طوبى لك، ولقد صدق من قال شعرًا: سهر العيون لغير وجهك ضائع وبكاؤهن لغير فقدك باطل رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 -7- أيها الولد..!! عش ما شئت فأنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 -8- أيها الولد..!! أي شيء حاصل لك من تحصي علم الكلام والخلاف والطب والدواوين والأشعار والنجوم والعروض والنحو والتصريف غير تضييع العمر بخلاف ذي الجلال، إني رأيت في إنجيل عيسى عليه الصلاة والسلام قال: من ساعة أن يوضع الميت على الجنازة إلى أن يوضع على شفير القبر يسأل الله بعظمته منه أربعين سؤالاً، أوله: بقول: عبدي.. طهرت منظر الخلق سنين وما طهرت منظري ساعة، وكل يوم ينظر في قلبك يقول: ما تصنع لغيري وأنت محفوف بخيري!!! أما أنت أصم لا تسمع؟!! رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 -9- أيها الولد..!! العلم بلا عمل جنون، والعمل بغير علم لا يكون، واعلم أن العلم لا يبعدك اليوم عن المعاصي، ولا يحملك على الطاعة، ولن يبعدك غدًا عن نار جهنم، وإذا لم تعمل اليوم، ولم تدارك الأيام الماضية تقول غدًا يوم القيامة: فأرجعنا نعمل صالحًا([7]) فيقال: يا أحمق أنت من هناك تجيء. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 -10- أيها الولد..!! اجعل الهمة في الروح، والهزيمة في النفس، والموت في البدن، لأن منزلك القبر، وأهل المقابر ينتظرونك في كل لحظة متى تصل إليهم، إياك إياك أن تصل إليهم بلا زاد، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: هذه الأجساد قفص الطيور، واصطبل الدواب، فتفكر في نفسك من أيهما أنت؟ إن كنت من الطيور العلوية، فحين تسمع طنين طبل (ارجعي إلى ربك) تطير صاعدًا إلى أن تقعد في أعالي بروج الجنان، كما قال رسول الله (اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ). والعياذ بالله إن كنت من الدواب كما قال الله تعالى: أولئك كالأنعام بل هم أضل([8]) فلا تأمن انتقالك من زاوية الدار إلى هاوية النار. وروي أن الحسن البصري رحمه الله تعالى أعطي شربة ماء بارد، فأخذ القدح.. غشي عليه وسقط من يده، فلما آفاق قيل له: ما لك يا أبا سعيد؟ قال: ذكرت أمنية أهل النار حين يقولون لأهل الجنة: أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله([9]). رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 -11- أيها الولد..!! لو كان العلم المجرد كافيًا لك، ولا تحتاج إلى عمل سواه، لكان نداء: (هل من سائل؟ هل من مستغفر؟ هل من تائب([10])) ضائعًا بلا فائدة. وروي أن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ذكروا عبد الله بن عمر عند رسول الله، فقال: (نعم الرجل هو لو كان يصلي بالليل). وقال عليه الصلاة والسلام لرجل من أصحابه: يا فلان.. لا تكثر النوم بالليل فإن كثرة النوم بالليل يدع صاحبه فقيرًا يوم القيامة. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 -12- أيها الولد..!! ]ومن الليل فتهجد به([11])[ أمرٌ ]وبالأسحار هم يستغفرون([12])[ شكرٌ، ]والمستغفرين بالأسحار([13])[ ذكر. قال عليه السلام: (ثلاثة أصوات يحبها الله تعالى: صوت الديك، وصوت الذي يقرأ القرآن، وصوت المستغفرين بالأسحار). قال سفيان الثوري رحمة الله تعالى عليه: إن الله تبارك وتعالى خلق ريحًا تهب بالأسحار تحمل الأذكار والاستغفار إلى الملك الجبار. وقال أيضًا: إذا كان أول الليل ينادي مناد من تحت العرش: ألا يقيم العابدون، فيقومون ويصلون ما شاء الله، ثم ينادي منادٍ في شطر الليل: ألا ليقيم القانتون، فيقومون ويصلون إلى السحر، فإذا كان السحر نادى منادٍ: ألا ليقم المستغفرون، فيقومون ويستغفرون، فإذا طلع الفجر نادى منادٍ: ألا ليقم الغافلون، فيقومون من فروشهم كالموتى نشروا من قبورهم. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 -13- أيها الولد..!! روي في وصايا لقمان الحكيم لابنه أنه قال: يا بني.. لا يكونن الديك أكيس منك ينادي بالأسحار وأنت نائم. ولقد أحسن من قال شعرًا: لقد هتفت في جنح ليل حمامة على فنن وهنًا وإني لنائم كذبت وبيت الله لو كنت عاشقًا لما سبقتني بالبكاء الحمائم وأزعم أني هائم ذو صبابة لربي فلا أبكي وتبكي البهائم؟! رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 -14- أيها الولد..!! خلاصة العلم: أن تعلم أن الطاعة والعبادة ما هي؟ واعلم أن الطاعة والعبادة متابعة الشارع في الأوامر والنواهي بالقول والفعل، يعني: كل ما تقول وتفعل وتترك يكون باقتداء الشرع كما لو صمت يوم العيد وأيام التشريق تكون عاصيًا، أو صليت في ثوب مغضوب (وإن كانت صورة عبادة) تأثم. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 -15- أيها الولد..!! ينبغي لك أن يكون قولك وفعلك موافقًا للشرع؛ إذ العلم والعمل بلا اقتداء الشرع ضلالة، وينبغي لك ألا تغتر بالشطح وطامات الصوفية؛ لأن سلوك هذا الطريق يكون بالمجاهدة وقطع شهوة النفس وقتل هواها بسيف الرياضة، لا بالطامات والترهات. واعلم أن اللسان المطلق والقلب المطبق المملوء بالغفلة والشهوة علامة الشقاوة، حتى لا تقتل النفس بصدق المجاهدة لن يحيى قلبك بأنوار المعرفة. واعلم أن بعض مسائلك التي سألتني عنها، يستقيم جوابها بالكتابة والقول، إن تبلغ تلك الحالة تعرف ما هي، وإلا فعلمها من المستحيلات لأنها ذوقية، وكل ما يكون ذوقيًا، لا يستقيم وصفه بالقول، كحلاوة الحلو ومرارة المر، لا يعرف إلا بالذوق، كما حكي أن عنينًا كتب إلى صاحب له: أن عرفني لذة المجامعة كيف تكون؟ فكتب له في جوابه: يا فلان.. إني كنت حسبتم عنينًا فقط (الآن عرفت أنك عنين وأحمق) لأن هذه اللذة ذوقية، إن تصل إليها تعرف، وإلا لا يستقيم وصفها بالقول والكتابة. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 -16- أيها الولد..!! بعض مسائلك من هذا القبيل، وأما البعض الذي يستقيم له الجواب فقد ذكرناه في (إحياء العلوم) وغيره، ونذكر ههنا نبذًا منه ونشير إليه فنقول: قد وجب على السالك أربعة أمور: أول الأمر: اعتقاد صحيح لا يكون فيه بدعة. والثاني: توبة نصوح، لا يرجع بعده إلى الذلة. والثالث: استرضاء الخصوم حتى لا يبقى لأحد عليك حق. و الرابع: تحصيل علم الشريعة قدر ما تؤدى به أوامر الله تعالى، ثم من العلوم الأخرى ماتكون به النجاة. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 -17- أيها الولد..!! إذا علمت هذا الحديث لا حاجة إلى العلم الكثير وتأمل في حكاية أخرى.. وذلك أن حاتم الأصم كان من أصحاب الشقيق البلخي رحمة الله تعالى عليهما، فسأله يومًا قال: صاحبتني منذ ثلاثين سنة ما حصلت فيها؟ قال: حصلت ثماني فوائد من العلم، وهي تكفيني منه لأني أرجو خلاصي ونجاتي فيها، فقال شقيق: ما هي؟ قال حاتم الأصم: الفائدة الأولى: أني نظرت إلى الخلق فرأيت لكل منهم محبوبًا ومعشوقًا يحبه ويعشقه، وبعض ذلك المحبوب يصاحبه إلى مرض الموت وبعضه إلى شفير القبر، ثم يرجع كله، ويتركه فريدًا وحيدًا، ولا يدخل معه في قبره منهم أحد، فتفكرت وقلت: أفضل محبوب المرء ما يدخل في قبره، ويؤنسه فيه، فما وجدته غير الأعمال الصالحة، فأخذتها محبوبًا لي؛ لتكون سراجًا لي في قبري، وتؤنسني فيه، ولا تتركني فريدًا. الفائدة الثانية: أني رأيت الخلق يقتدون أهواءهم، ويبادرون إلى مرادات أنفسهم، فتأملت قوله تعالى: ]وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى([14])[ وتيقنت أن القرآن حق صادق فبادرت إلى خلاف نفسي وتشمرت بمجاهدتها، وما متعتها بهواها، حتى رضيت بطاعة الله سبحانه وتعالى وانقادت. الفائدة الثالثة: أني رأيت كل واحد من الناس يسعى في جمع حطام الدنيا، ثم يمسكها، قابضًا يده عليه، فتأملت في قوله تعالى: ]ما عندكم ينفذ وما عند الله باق(1)[ فبذلت محصولي من الدنيا لوجه الله تعالى ففرقته بين المساكين ليكون ذخرًا لي عند الله تعالى. الفائدة الرابعة: أني رأيت بعض الخلق ظن شرفه وعزه في كثرة الأقوام والعشائر فاغتر بهم، وزعم آخرون أنه في ثروة الأموال وكثرة الأولاد، فافتخروا بها، وحسب بعضهم الشرف والعز في غصب أموال الناس وظلمهم وسفك دمائهم، واعتقدت طائفة أنه في إتلاف المال وإسرافه وتبذره، وتأملت في قوله تعالى: ]إن أكرمكم عند الله أتقاكم([15])[ فاخترت التقوى، واعتقدت أن القرآن حق صادق، وظنهم وحسبانهم كلها باطل زائل. الفائدة الخامسة: أني رأيت الناس يذم بعضهم بعضًا، ويغتاب بعضهم بعضًا، فوجدت ذلك من الحسد في المال والجاه والعلم، فتأملت قوله تعالى: ]نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا([16])[ فعلمت أن القسمة كانت من الله تعالى في الأزل، فما حسدت أحدًا، ورضيت بقسمة الله تعالى. الفائدة السادسة: أني رأيت الناس يعادي بعضهم بعضًا لغرض وسبب، فتأملت قوله تعالى: ]إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوًا([17])[ علمت أنه لا يحوز عداوة أحد غير الشيطان. الفائدة السابعة: أني رأيت كل أحد يسعى بجد، ويجتهد بمبالغة لطلب القوت والمعاش، بحيث يقع به في شبهة وحرام، ويذل نفسه وينقص قدره، فتأملت في قوله تعالى: ]وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها([18])[ فعلمت أن رزقي على الله تعالى وقد ضمنه، فاشتغلت بعبادته، وقطعت طمعي عمن سواه. الفائدة الثامنة: أني رأيت كل واحد معتمدًا إلى شيء مخلوق، بعضهم إلى الدينار والدرهم، وبعضهم إلى المال والملك، وبعضهم إلى الحرفة والصناعة، وبعضهم إلى مخلوق مثله، فتأملت في قوله تعالى: ]ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرًا([19])[ فتوكلت على الله تعالى فهو حسبي ونعم الوكيل. فقال شقيق: وفقك الله تعالى إني قد نظرت التوراة والإنجيل والزابور والفرقان، فوجدت الكتب الأربعة تدور على هذه الفوائد الثماني، فمن عمل بها كان عاملاً بهذه الكتب الأربعة. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 -18- أيها الولد..!! قد علمت من هاتين الحكايتين أنك لا تحتاج إلى تكثير العلم، والآن أبين لك ما يجب على سؤالك سبيل الحق: فاعلم أنه ينبغي للسالك شيخ مرشد مرب، ليخرج الأخلاق السيئة منه بتربيته، ويجعل مكانها خلقًا حسنًا، ومعنى التربية يشبه فعل الفلاح الذي يقلع الشوك، ويخرج النباتات الأجنبية من بين الزرع ليحسن نباته، ويكمل ريعه، ولابد للسالك من شيخ يؤدبه ويرشده إلى سبيل الله تعالى. لأن الله أرسل للعباد رسولاً للإرشاد إلى سبيله فإذا ارتحل قد خلف الخلفاء في مكانه، حتى يرشدوا إلى الله تعالى. وشرط الشيخ الذي يصلح أن يكون نائبًا لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه أن يكون عالمًا، ولكن.. لا كل عالم يصلح للخلافة، وإني أبين لك بعض علامته على سبيل الإجمال؛ حتى لا يدعي كل أحد أنه مرشد فنقول: من يعرض عن حب الدنيا وحب الجاه، وكان قد تابع لشخص بصير تتسلسل متابعته إلى سيد المرشدينe، وكان محسنًا رياضة نفسه من قلة الأكل والقول والنوم وكثرة الصلوات والصدقة والصوم، وكان بمتابعة الشيخ البصير جاعلاً محاسن الأخلاق له سيرة، كالصبر والصلاة والشكر والتوكل واليقين والقناعة وطمأنينة النفس والحلم والتواضع والعلم والصدق والحياء والوفاء والوقار والسكون والتأني وأمثالها، فهو إذًا نور من أنوار النبي، يصلح للاقتداء به، ولكن وجود مثله نادر أعز من الكبريت الأحمر، ومن ساعدته السعادة فوجد شيخًا كما ذكرنا، وقبله الشيخ، ينبغي أن يحترمه ظاهرًا وباطنًا، أما احترام الظاهر فهو أن لا يجادله، ولا يشتغل بالاحتجاج معه في كل مسألة وإن علم خطأه، ولا يلقي بين يديه سجادته إلا وقت أداء الصلاة، فإذا فرغ يرفعها، ولا يكثر نوافل الصلاة بحضرته، ويعمل ما يأمره الشيخ من العمل بقدر وسعه وطاقته. وأما احترام الباطن: فهو أن كل ما يسمع ويقبل منه في الظاهر لا ينكره في الباطن لا فعلاً ولا وقولاً؛ لئلا يتسم بالنفاق، وإن لم يستطع يترك صحبته إلى أن يوافق باطنه ظاهره. ويحترز عن مجالسة صاحب السوء؛ ليقصر ولايته شياطين الجن والإنس من صحن قلبه، فيصفي عن لوث الشيطنة، وعلى كل حال يختار الفقر على الغنى. ثم اعلم أن التصوف له خصلتان: الاستقامة، والسكون عن الخلق، فمن استقام واحسن خلقه بالناس وعاملهم بالحلم فهو صوفي. والاستقامة: أن يفدي حظ نفسه لنفسه. وحسن الخلق مع الناس: ألا تحمل الناس على مراد نفسك، بل تحمل نفسك على مرادهم ما لم يخالفوا الشرع. ثم إنك سألتني عن العبودية وهي ثلاثة أشياء: أحدها: محافظة أمر الشرع. وثانيهما: الرضاء بالقضاء والقدر وقسمة الله تعالى. وثالثهما: ترك رضاء نفسك في طلب رضاء الله تعالى. وسألتني عن التوكل وهو أن تستحكم اعتقادك بالله تعالى فيما وعد، يعني تعتقد أن ما قدر لك سيصل إليك لا محالة، وإن اجتهد كل من في العالم على صرفه عنك، وما لم يكتب لن يصل إليك، وإن ساعدك جميع العالم. وسألتني عن الإخلاص، وهو أن تكون أعمالك كلها لله تعالى، ولا يرتاح قلبك بمحامد الناس، ولا تبالي بمذمتهم. واعلم أن الرياء يتولد من تعظيم الخلق، وعلاجه أن تراهم مسخرين تحت القدرة، وتحسبهم كالجمادات في عدم قدرة إيصال الراحة والمشقة لتخلص من مراياتهم. ومتى تحسبهم ذوي قدرة وإرادة لن يبعد عنك الرياء. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
linux بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 ديسمبر 2004 -19- أيها الولد..!! والباقي من مسألك بعضها مسطور في مصنفاتي، فاطلبه ثمة وكتابة بعضها حرام، (اعمل أنت بما تعلم؛ لينكشف لك ما لم تعلم). رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان