أنـفـــال بتاريخ: 7 ديسمبر 2004 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 7 ديسمبر 2004 ان الصبر نصف الايمان و الايمان نصفان: نصف صبر و نصف شكر، قال واحد من خير السلف : (( الصبر نصف الايمان)) و قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.. (( الايمان نصفان نصف صبر و نصف شكر ، و لهذا جمع الله سبحانه بين الصبر و الشكر في قوله : (( ان في ذلك لآيات لكل صبار شكور )) (ابراهيم: 5) و في سورة ابراهيم و في سورة سبأ و في سورة حم عسق، و في سورة لقمان، و قد ذكر لهذا التصنيف اعتبارات.. أحدها: ان الايمان اسم لمجموع القول و العمل و النية، و هي ترجع الى شطرين : فعل و ترك ، فالفعل هو العمل بطاعة الله ، و هو حقيقة الشكر ، و الترك هو الصبر عن المعصية ، و الدين كله في هذين الشيئين ، فعل المأمور و ترك المحظور. الاعتبار الثاني: ان الايمان مبني على ركنين : يقين و صبر ، و هما الركنان المذكوران في قوله تعالى : (( و جعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا و كانوا بآياتنا يوقنون )) (السجدة : 24 ) فباليقين يعلم حقيقة الامر و النهي و الثواب و العقاب ، و بالصبر ينفذ ما أمر به و يكف بما نهي عنه ، و لا يحصل له التصديق بالأمر و النهي أنه من عند الله و بالثواب و العقاب الا باليقين ، و لا يمكنه الدوام على فعل المأمور و كف النفس عن المحظور الا بالصبر ، فصار الصبر نصف الايمان و النصف الثاني الشكر بفعل ما أمر الله به و بترك ما نهى عنه. الاعتبار الثالث : ان الايمان قول و عمل ، و القول قول القلب، و اللسان و العمل عمل القلب و الجوارح ، و بيان ذلك أن من عرف الله بقلبه و لم يقر بلسانه لم يكن مؤمناً ، كما قال عن قوم فرعون : (( و جحدوا بها و استيقنتها أنفسهم )) (النمل : 4 1) و كما قال عن قوم عاد و قوم صالح : (( و عاداً و ثمود و قد تبين لكم من مساكنهم و زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل و كانوا مستبصرين )) (العنكبوت : 38 ) و قال موسى لفرعون: (( لقد علمت ما أنزل هؤلاء الا رب السموات و الارض بصائر )) ( الاسراء :102 ) فهؤلاء حصل قول القلب و هو المعرفة و العلم و لم يكونوا بذلك مؤمنين، و كذلك من قال بلسانه ماليس في قلبه لم يكن بذلك مؤمناً ، بل كان من المنافقين، و كذلك من عرف بقلبه و أقر بلسانه لم يكن بمجرد ذلك مؤمناً حتى يأتي بعمل القلب من الحب و البغض و الموالاة و المعاداة ، فيحب الله و رسوله، و يوالي أوولياء الله و يعادي أعداءه ، و يستسلم بقلبه لله وحده، و ينقاد لمتابعة رسوله و طاعته و التزام شريعته ظاهرا ًو باطناً ، و اذا فعل ذلك لم يكف في كمال ايمانه حتى يفعل ما أمر به. فهذه الاركان هي أركان الايمان التي قام عليها بناؤه ، و هي ترجع الى علم و عمل ، و يدخل في العمل كف النفس الذي هو متعلق النهي ، و كلاهما لا يحصل الا بالصبر ، فصار الايمان نصفين : أحدهما : الصبر ، و الثاني متولد عنه من العلم و العمل. الاعتبار الرابع : أن النفس لها قوتان: قوة الاقدام و قوة الاحجام و هي دئماً تتردد بين أحكام هاتين القوتين فتقدم على ما تحبه و تحجم عما تكرهه ، و الدين كله اقدام و احجام ، اقدام على طاعة الله و احجام عن معاصي الله ، و كلم منهما لا يمكن حصوله الا بالصبر. الاعتبار الخامس : ان الدين كله رغبة و رهبة ، فالمؤمن هو الراغب الراهب ، قال تعالى (( انهم كانوا يسارعون في الخيرات و يدعوننا رغبا ًو رهباً )) ( الأنبياء : 90 ) و في الدعاء عند النوم الذي رواه البخاري في صحيح : (( اللهم اني أسلمت نفسي اليك ووجهت وجهي اليك وفوضت أمري اليك و ألجأت ظهري اليك رغبة و رهبة اليك )) فلا تجد المؤمن أبدأً الا راغباً و راهباً ، و الرغبة و الرهبة لا تقوم الا على ساق الصبر ، فرهبته تحمله على الصبر و رغبته تقوده الى الشكر . الاعتبار السادس: أن جميع مايباشره العبد في هذه الدار لا يخرج عما ينفعه في الدنيا و الآخرة ، أو يضره في الدنيا و الآخرة ، أو ينفعه في احدى الدارين و يضره في الأخرى ، و أشرف الأقسام أن يفعل ماينفعه في الآخرة و يترك ما يضره فيها، و هو حقيقة الايمان ، ففعل ماينفعه هو الشكر و ترك مايضره هو الصبر . الاعتبار السابع: أن العبد لا ينفك عن أمر يفعله ، و نهي يتركه ، و قدر يجري عليه ، و فرضه في الثلاثة الصبر و الشكر ،فالمأمور هو الشكر و ترك المحظور ، و الصبر على المقدور هو الصبر. الاعتبار الثامن: أن العبد فيه داعيان : داع يدعو الى الدنيا و شهواتها و لذاتها ، و داع يدعوه الى الله و الدار الآخرة و ما أعد فيها لأوليائه من النعيم المقيم ، فعصيان الشهوة و الهوى هو الصبر ، و اجابة داعي الله و الدار الآخرة هو الشكر . الاعتبار التاسع : أن الدين مداه على أصلين : العزم و الثبات ، و هما الأصلان المذكوران في الحديث الذي رواه أحمد و النسائي عن النبي صلى الله عليه و سلم : (( اللهم اني أسألك الثبات في الأمر ، و العزيمة على الرشد )) ( صحيح بتخريج البخاري و مسلم و ابوداود و الترمذي و ابن ماجة و الدارمي و احمد ) و أصل الشكر صحة العزيمة و أصل الصبر قوة الثبات ، فمتى أيد العبد بعزيمة و ثبات فقد أيد بالمعونة و التوفيق. الاعتبار العاشر : أن الدين مبني على أصلين : الحق و الصبر ، و هما المذكوران في قوله تعالى : (( و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر )) (العصر : 3 ) و لما كان المطلوب من العبد هو العمل بالحق في نفسه و تنفيذه في الناس ، و كان هذا حقيقة الشكر لم يمكنه ذلك الا بالصبر عليه ، فكان الصبر نصف الايمان ، و الله سبحانه و تعالى أعلم. منقول من كتاب عدة الصابرين لابن القيم. الباب التاسع عشر. جزاكم الله خيراً للقراءة. أنفال رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان