><..ذاكــــرة العطر وفضـــاء تسبح فيه " غيمة "..><

[همسة الغامدي]

~~~

~~""عــــــــــــبق ""~~ ~~~~

بعضنا يمتلك ذاكرة (شمية) قوية بحيث يربط بين الرائحة والحدث فيصبحان وجهان لذكرى واحدة

وحين تحضر تلك الرائحة يستحضر بكيانه كله ذلك الحدث وكأنه يعيشه بكل تفاصيله...أنا من هولاء

اغلب ذكرياتي مرتبطة بروائحها ولا استطيع ان افصلهما

وخاصة تلك الروائح التي لها علاقة بالعطور

قيمة الروائح ليست في تركيزها او ماركتها او حتى سعرها ..

بل تكمن قيمتها في قدرتها على التحليق بنا

عاشقة انا للعطور وانفق الى حد الاسراف على عطوري

وهي الشئ الوحيد الذي مهما اشتريت منها لا اكتفي

هنا ...اجتمعت ذاكرتي الشمية وعشقي للعطور وانجبا (غيمة) ملونة...

مثقلة بالشذى..واختارت هذه الاوراق لتكون فضائها ...

وستمطر وردا وريحانا فافتحوا قلوبكم لاستقبال (زخات) باريسية لكن صوتها (عربي)

اغلقوا المظلات رجاء وانصتوا لايقاع القطرات وصدى الانفاس ...

:clappingrose:

[همسة الغامدي]

*

*

*

~~~~~جـــــوري ~~~~~~

للجوري رائحة (عادية) جدا ..واحيانا يكون بلا رائحة وخاصة المخملي منه

ولكنه في ذاكرتي يحمل عبق شديد الدفء لدرجة انني اراه كائن حي ورائحته (انفاس)

...ساعود بالذاكرة الى الوراء جدا (حيث الطفولة) كنت في العاشرة من عمري

لا ادري مالذي قلته يومها لمعلمة العلوم فجعلها تحتضنني بقوة ..شعرت بها تهصرني

غاب راسي الصغير في حضنها الدافئ واندفن (انفي) في وردة (جوري) كانت تضعها في بلوزتها

ثواني كانت ولكنها في عقل (طفلة) تحب معلمتها كانت عمرا مازلت احفظه في ~ذاكرة العطر~

[همسة الغامدي]

*

*

*

~~ ريحــــــــــــــــــــــــــان ~~~

هذه الرائحة لها عبق الامومة ..فهي تشبه امي ..وهي ورثت هذا العبق من امها (جدتي)

مقتنعة امي ان نبتة الريحان من الجنة وقد استطاعت ان تغرس هذه القناعة في ذاكرتي

وكلما مررت على اية في القرآن فيها كلمة الريحان تزداد تلك القناعة رسوخا لدي

الزهرة الوحيدة التي حين اشمها ..اسحب شذاها بكل طاقة الشهيق التي املكها

ولازلت لا اعرف لماذا اقلد امي في حركتها... بعد استنشاقي اردد بصوت مسموع (اشهد ان لا اله الا الله)

طبعا لا اعرف متى بدأ هذا العشق فالريحان يحيط بي منذ ان وعيت على الدنيا

واغلب الظن ان البدايات اعمق من طفولتي فربما كنت اتنفسه عبر الحبل السري من خلال انفاس امي

[همسة الغامدي]

*

*

*

*~~* فـــــــــــــــــــــــــل *~~*

لهذه الزهرة نكهة الغربة المعتقة بتوابل الفقد والحنين

كنت غريبة انتقلت(بسبب الزواج) من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال الشرقي

في اول خروج لي وحدي من مسقط راسي ومرتع صباي ومهد شبابي

تعينت في مدرسة كل طالباتها واغلب طاقمها الاداري من الشيعة

ليست غربة مكان وبعد عن الاهل و(الوطن) بل غربة فكر تقريبا

رغم اجتماعيتي الشديدة لكنني كنت اختنق بكآبة صارخة واعيش وحدة قاتلة

دخلت وهي تحمل بيدها اطواق من ورود الفل (تشتهر تلك المنطقة بهذه الزهرة)

كنت اجلس حزينة على مكتبي اعلل نفسي بقراءة درس قد هضمته حفظا لكنني اخادع الوقت ليمضي

قالت بلهجتها (الغارقة في المحلية) ..اووووه معلمة جديدة ..هلا بيك من فين جاية؟؟

جلست بجانبي وفي حضنها اطواق الفل ورائحته تخترق القفص الصدري لتمتزج بشعور قاتم وانا اجيب عن اسئلتها

كنت اغالب غصة في حلقي وابتلع ملوحة دمع خانته احداقي ..وقبل ان تنهض وضعت حول رقبتي احد تلك الاطواق

قالت وهي تضحك ..هذا عشان ماتنسيني انا نجلاء معلمة الفيزياء ..ومضت ولكن تلك الرائحة لم تغادرني ابدا

تم تعديل 31 أكتوبر 2012 بواسطة همس

[همسة الغامدي]

*

*

*

~ّ~ّ~.. ورد طــائــفــي ..~ّ~ّ~

في قريتنا لايوجد انواع كثيرة من الزهور ( بالرغم انها منطقة زراعية)..لكنها تشتهر بشكل خاص بورد الطائف

وهي شجرة متوسطة الحجم ولها ازهار ورديه برائحة ندية جدا تشعر وانت تستنشقها انك تتنفس الفجر واطلالة نهار ربيعي دافئ

في مزرعة اهل امي اشجار كثيرة وعندما كنا صغار كانت امي تأخذني انا واختي لتلك المزرعة في بداية اليوم وقبل شروق الشمس

نصل الى هناك ومازالت الاوراق تبللها قطرات الندى وتطلب منا قطف تلك الورود وتجميعها في احضاننا بعد ان نمسك طرفي الفستان باسناننا

وكان تحدي (طفولي)يسعدنا ايتناتجمع اكبر قدر من الازهار وكانت الوردة تحيط باغصانها الرقيقة بعض الاشواك الصغيرة

التي لم نكن نعبأ بألم وخزها في خضم التسابق على قطف اكبر كمية من الورود..وحين ننتهي نضعه بين يدي أمي التي تبادر بأخذ بعضه

ووضعه في شعورنا في لمسة حنان حفرت في ذاكرتي العطرية تلك الرائحة كعبق يتحدى عوامل الطبيعة فلم يعد هناك مزارع وتلك الشجرة

انقرضت او كادت ومازلت استحضر تلك اللحظات كلما شممت او شاهدت تلك الوردة الطائفية الرائعة

[همسة الغامدي]

*

*

*

~+~...ســـــــــــفــارى...~+~

لبعض الذكريات رائحة نفاذة يصعب على حاستي الشمية ان تحجبها او تحد من قدرتها على الانتشار في النفس كلما حضرت

كنت اعتبرها صديقتي ولكنها آبت الا ان تكون (حبيبتي) بالمعنى الذي ترفضه قيمي وتستنكره فطرتي ..

لم اكتشف ذلك الا بعد ان اهدتني قاروة عطر (سفارى )لمعرفتها بعشقي للعطور ..اعجبتني القارورة واعجبني العطر اكثر

وحينما كنت اضع منه تحضنني بعنف الى درجة تضايقني فلم اعد اضع منه فاذا بها تصارحني بمشاعرها الحمراء

فكرهت العطر ولكني لم اكرهها لانني كنت اراها مجردة من ذلك الانحراف الذي شاب احساسها تجاهي

حين اشم رائحة هذا العطر تختلط في ذاكرتي مشاعري فهي مزيج من كراهية لعاطفة غير مقبولة وشوق لانسانة جميلة احببتها كصديقة

ولهذا مازلت الى الان لا ادري هل اكره هذا العطر ام احبه !!

تم تعديل 19 نوفمبر 2012 بواسطة همس