حجّاج فلسطين قلقون من عدم قدرتهم على السفر للحج

[أسامة الكباريتي]

حجّاج فلسطين قلقون متوتّرون من عدم قدرتهم على السفر إلى مكة المكرمة

أمام سلطةٍ لا قرار لها و صمت عربيّ و دوليّ !!

غزة – خاص :

يعيش حجاج فلسطين حالة من القلق و الترقب على سفرهم المرتقب إلى مكة المكرمة نتيجة استمرار إغلاق جيش الاحتلال الصهيوني معبر رفح الحدودي منذ 13/12/2004 و هو المنفذ الوحيد لسكان قطاع غزة على العالم .

يقول الحاج عماد : "بعد دعواتٍ و صلوات و تقرّب من الله ظهر اسمي في قرعة الحج لهذا العام و الحمد لله لكني لا أعرف هل سأسافر لأداء الفريضة حقاً أم لا ؟!!" ، و أضاف : "اليهود لا عهد لهم و لا ميثاق و لا نستبعد قيامهم بأيّ إجراءٍ لعرقلة سفرنا ، فهم حتى اللحظة يغلقون المعبر و لا ندري ماذا نفعل" .

و أعرب الحاج عماد عن استغرابه بالقول : "نحن نتنافس على انتخابات و الواحد منّا لا يستطيع تجاوز خطوات صغيرة للمرور عبر المعبر و تلبية نداء الله بالحج" .

و قال غاضباً : "ليريني أيّ من مرشّحي الرئاسة على قدرته على إنفاذ الحجيج ، نحن لا نطلب العون و الفرج إلا من الله ، السلطة لا تستطيع فعل شيء فالقرار صهيوني و نحن لا زلنا نخضع للاحتلال" .

و أصدرت المحكمة العليا الصهيونية الخميس 30/12/2004 ، قراراً يطالب فيه سلطات الاحتلال بتوفير البدائل المعقولة و المقبولة لتمكين سكان قطاع غزة من حرية التنقل عبر المعابر الدولية ، و قضى القرار بإمهال قوات الاحتلال مدة أسبوع لتوفير الحلول المعقولة ، و سوف تتجدّد جلسات المحاكمة الأسبوع القادم . و جاء ذلك في دعوى تقدّم بها مركز الميزان لحقوق الإنسان و طالب فيها بتمكين المواطنين الفلسطينيين من حرية الحركة و التنقل ، احتراماً لحقّ الإنسان في الحركة كحقٍّ أساسيّ كفله القانون الدولي .

و لا زال القلق و الترقّب يخيّمان على مشاعر آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة الراغبين في أداء مناسك الحج هذا العام ؛ حيث يخشون منعهم من السفر بسبب القيود الصهيونيّة المفروضة على القطاع ، و استمرار إغلاق معبر رفح الحدودي الذي يُعَدّ الشريان الوحيد لتنقّلهم .

عبد الله جنيد من غزة سجّل اسمه في قوائم المسافرين لأداء مناسك الحج ، قال : "معبر رفح مغلق الآن ، و لا توجد بوادر أمل حول سفر حجاج قطاع غزة ... مشاعر القلق تساورنا جميعًا ، و لا ندري هل تنجح الاتصالات مع الجانب الصهيوني أم لا ؟ و لكن نأمل من الله عز و جلّ أن تنجح و نحجّ" .

و تابع جنيد (40 عامًا) أنه "إذا استمرت قوات الاحتلال في إغلاق المعبر ، و تم إلغاء سفر الحجاج ؛ فإنّ وقْع الأمر سيكون صعبًا على نفوس حجاج القطاع ، لا سيّما أنهم عانوا لتجهيز أموالهم و ترتيب أنفسهم لزيارة بيت الله الحرام" . و يخشى حجاج قطاع غزة أنْ يتمّ إلغاء سفرهم هذا العام مقابل مضاعفة عدد حجّاج القطاع في العام التالي إذا فشلت المحاولات مع الكيان الصهيونيّ .

أما محمد شعبان فقد بدا متعلّقًا بالأمل ، معتبرًا أنّ السلطات الصهيونية : "لن تجرؤ على منع الحجاج من السفر ؛ لأنّ هذا سيمثّل فضيحة لها على مستوى العالم ... في كلّ عام توجَد عقبات صهيونية ، و يتمّ التغلّب عليها و السماح للحجّاج بالسفر . هذا ما نتوقّعه بإذن الله" . إلا أنّ شعبان أيضًا لم يخفِ "مشاعر الحزن و الترقّب التي تسود حجاج قطاع غزة من إمكانية منعهم من السفر" .

من جهته أشار عاطف عوض من شركة "الوفاء لشئون الحج و العمرة" إلى أنّ هناك مئات الاتصالات من قبل الحجاج تنهال على مكتبه يوميًّا للاطمئنان على موعد السفر . و أضاف : "نأمل أنْ يتمّ إيجاد حلٍّ لسفر حجاج قطاع غزة ؛ بحيث يتمكّنون من السفر عبر معبر رفح ، و ليس عبر أيّ طريقٍ آخر ؛ لأنّ ذلك سيعني المزيد من المشقة و التكلفة" .

و من المقرّر بدء سفر الحجاج الفلسطينيين من الضفة الغربية و قطاع غزة يوم الإثنين 3/1/2005 ، و ينتهي الجمعة 7/1/2005 ، وفق بيانٍ أصدرته وزارة الأوقاف و الشؤون الدينية الفلسطينية .

من جانبه كشف سالم دردونة مدير معبر رفح الحدودي عن أنّ قوات الاحتلال تدرس السماح لحجاج قطاع غزة بالسفر عن طريق معبر "بيت حانون" الواصل بين قطاع غزة و الأراضي المحتلة عام 1948 ، ثم نقلهم بعد ذلك عبر معبر "الكرامة" الواصل بين الضفة الغربية و الأردن ، ثمّ إلى الأراضي السعودية .

و أشار إلى أنّ هذا يعني المزيد من المشقّة و المعاناة لحجّاج قطاع غزة ، فضلاً عن زيادة التكلفة المادية المترتبة على هذا القرار ؛ حيث يبعد معبر "بيت حانون" المقترح لنقل الحجيج مسافة 60 كيلومترًا من معبر رفح .

و أكّد دردونة أنّ : "استمرار إغلاق المعبر يعني عرقلة سفر حجاج القطاع .. هناك كارثة ؛ فمعبر رفح هو الرئة الوحيدة و المتنفّس الوحيد لقطاع غزة ، فلا يوجد غيره" ..

و تابع : "نحن كجانبٍ فلسطينيّ سنُصِرّ على اعتبار معبر رفح هو المعبر الشرعي الرئيسي لقطاع غزة ، و سوف نرفض أيّ طريقةٍ أخرى يطرحها الجانب (الإسرائيلي)" ..

و أكّد مدير معبر رفح أنهم يبذلون كلّ جهودهم لتمكين الحجاج من السفر ، قائلاً : "نحاول الاتصال بكلّ الجهات الدولية ذات العلاقة مع الاحتلال ، كالأوروبيين و الأمريكيين و مصر ، و نتمنّى أن يستجيب المحتلّون لهذه الضغوطات" ..

من جانبها أكّدت وزارة الأوقاف و الشؤون الدينية الفلسطينية انتهاء كافة الاستعدادات لسفر الحجاج ، مشيرة إلى أنّها اتفقت مع الخطوط الجوية الفلسطينية على نقل جميع حجّاج قطاع غزة بطريق الجوّ عن طريق مطار العريش إلى مطار الأمير محمد بالمدينة المنورة للعام الثاني على التوالي .

و قال مسؤولٌ بالوزارة : "إن حجاج الضفة الغربية سيتمّ نقلهم بطريق البر عن طريق معبر "الكرامة" ، مرورًا بالمملكة الأردنية الهاشمية و منها إلى المدينة المنورة" .

و وجّهت الوزارة الفلسطينية الشكر للمملكة العربية السعودية التي وافقت على زيادة عدد حجّاج فلسطين هذا العام إلى 10 آلاف حاجّ ، من بينهم 4 آلاف و 250 حاجًّا من قطاع غزة ، و 5 آلاف و 750 حاجًّا من الضفة الغربية . هذا بالإضافة إلى 4 آلاف و 500 حاج من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48 .

آلاف الفلسطينيين العالقين في المعبر أيضاً تتفاقم معاناتهم و من بينهم أعدادٌ كبيرة من المرضى و النساء و الشيوخ و الأطفال . و تشكّل الحواجز الصهيونية القائمة بشكلٍ دائمٍ سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة – و التي يتجاوز عددها الـ 50 - كابوسًا يطارد المواطنين الفلسطينيين منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر 2000 . هذا إلى جانب الحواجز الفجائية التي اصطلح الفلسطينيون على تسميتِها بالحواجز "الطيارة" و التي تقيمها قوات الاحتلال بشكلٍ مفاجئ على مختلف الطرق بين المدن و القرى و المخيّمات الفلسطينية و تشكّل عبئًا آخر يزيد من معاناة الفلسطينيين .

و غالبًا ما يتعرّض الفلسطينيون و ممتلكاتهم لاعتداءات من جانب قوات الاحتلال عند الحواجز ، كما ينتظرون لفترات طويلة على هذه الحواجز تصل ليومٍ كامل دون السماح لهم بالمرور و دون إبداء أسباب .

و منعت سلطات الاحتلال العام الماضي من هم دون 35 عامًا من الحجّ لأسبابٍ أمنية ، إضافة إلى عشرات الفلسطينيين بدعوى أنهم من آباء و أمهات الشهداء . كما تسبّبت الإجراءات التعسّفية لقوات الاحتلال في عرقلة سفر الحجّاج ؛ حيث تم إرجاع بعضهم عند وصولهم إلى المعابر و اعتقال آخرين و التحقيق معهم .