Handicraft بتاريخ: 6 يناير 2005 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 6 يناير 2005 هاييتي: انقلاب المئوية الثانية في عالم يمتلك فيه العديد من البلدان حكايات حزينة لروايتها، تبدو هاييتي على رأس اللائحة. في القرن الثامن عشر، كانت هاييتي (المعروفة حينها باسم سان دومينيغي) جوهرة تاج الإمبراطورية الفرنسية. كانت أكبر مصدري السكر في العالم في ذلك الحين وقدمت منافع ضخمة لطبقة صغيرة من الملاكين الزراعيين الفرنسيين. كانت الغالبية العظمى من السكان من العبيد السود. كانت هناك مجموعات وسطية صغيرة من أبناء الزيجات المختلطة (الخلاسيون)، ومن البيض الفقراء، وقلة من السود الأحرار. ومن ثم جاءت الثورة الفرنسية وقرر كل المتواجدين على الجزيرة الاستفادة من حالة الاضطراب. انتخب المستوطنون البيض ممثلين إلى مجلس طبقات الأمة، الذي أصبح الجمعية الوطنية، وسعوا إلى سلطة مستقلة على الجزيرة. بدورهم، طالب /الملونون الأحرار/ بحقوقهم ووجدوا دعما بين بعض أعضاء الجمعية الوطنية من /أصدقاء السود/. نجحوا في حمل الجمعية الوطنية على إعطاء حق التصويت /للملاكين السمر/ الذين اعتقل قائدهم فورا وعذب وأعدم بأيدي المستوطنين البيض. عندها، بدأت ثورة العبيد ودخلت هاييتي في حرب أهلية. أخافت ثورة العبيد، ليس فقط المستوطنين البيض والملاكين السمر، وإنما فرنسا وبريطانيا العظمى وأسبانيا، كما الولايات المتحدة حديثة النشأة. شكل الثوار السود، تحت قيادة توسينت لوفرتور، جيشا مدربا ومنضبطا وأقاموا دولة مستقلة تحت سيطرتهم نبذها الجميع حينذاك. مع حلول العام 1802، غزا نابوليون الجزيرة مجددا واعتقل لوفرتور، مستخدما القوة والخداع، وأخذه إلى سجن في فرنسا. تتعقد الرواية بعد ذلك. لكن الجمهورية، التي أعلنت رسميا في العام 1804 (ولذلك هذه هي الذكرى المئوية الثانية لها)، ستكون أساسا خاضعة في المقام الأول لسيطرة السمر. ترك المزارعون البيض الجزيرة. بات الاقتصاد مدمرا. برغم ذلك، أخاف مثال ثورة العبيد السود الكل إلى حد لم يعترف قادة حركات الاستقلال المختلفة في أميركا اللاتينية، وبينهم سيمون بوليفار، بهاييتي قبل سنوات عدة. كانت الولايات المتحدة آخر دولة اعترفت بهاييتي، ولم تفعل ذلك سوى في العام 1854. دفع مثال هاييتي بالثوار الأميركيين اللاتينيين والولايات المتحدة إلى إعاقة حركة استقلالية في كوبا، خوفا من هاييتي أخرى. في النصف الأول من القرن العشرين، وبعد انقلابات متعددة، غزت قوات المارينز الأميركية هاييتي وأمضت الكثير من الوقت فيها، تدير الاستعراض وتجمع الديون. إذا انتقلنا بسرعة إلى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، نجد ملتجأ في قوة أحد أسوأ القادة في نصف الكرة الغربي، فرانسوا دوفالييه؛ طبيب أسود استخدم ديماغوجية السود لإقامة نظام ديكتاتوري قواه عبر مجموعات مسلحة من السفاحين وقطاع الطرق معروفة باسم تونتون ماكوت (tontons macoutes). حكم دوفاليي من العام 1957 وحتى العام 1971، وعند وفاته، خلفه ابنه، جان كلود، المعروف باسم /بايبي دوك/ (الطبيب الطفل). بقي النظام على حاله لكن بايبي دوك كان أقل فعالية كحاكم، فخسر في نهاية الأمر دعم الولايات المتحدة، وأسقط من الحكم في العام 1986، وسمح له بالتوجه إلى منفاه الذهبي، إلى ممتلكاته في فرنسا. عادت السلطة مجددا إلى أيادي مجموعة نخبوية مشكلة في معظمها من السمر، لكن سرعان ما وجدت نفسها في مواجهة كاهن شعبوي، بطل الطبقات المعدمة السوداء، يدعى جان برتران اريستيد. فاز اريستيد بالانتخابات الرئاسية في العام 1990 ومن ثم أقصي عن الحكم في العام 1991 عبر انقلاب قادته مجموعة يمينية سرعان ما بدأت بقتل أنصاره وقمعهم. في هذه الفترة، كانت هاييتي تحظى ببعض الاهتمام من الرأي العام الدولي، وبإحساس بأن هذا الوضع لا يحتمل. في العام 1994، أرسل كلينتون قوات أميركية لإعادة اريستيد إلى السلطة شرط أن /يكمل/ فقط ولايته في السلطة، من دون أن يخوض سباق الانتخابات مجددا في العام 1996، وأن يطبق سياسة اقتصادية نيو- ليبرالية. قبل اريستيد بهذه الشروط. ماذا كان باستطاعته أن يفعل غير ذلك؟ في هذا الوقت، انفجر السناتور الجمهوري جيسي هيلمز، الذي كان يرأس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، ضد اريستيد واصفا إياه بأنه يساري مناهض لأميركا. دخل اريستيد مجددا سباق الرئاسة في العام 2000 وحقق فوزا ساحقا. رفضت المعارضة أن تقر بهزيمتها مدعية بأن الانتخابات كانت مخادعة. لا شك بأنها لم تكن نقية (وكذلك لم تكن الانتخابات الأميركية في العام 2000)، لكن أي مراقب خارجي لم يفكر بأن اريستيد لا يسيطر على غالبية السكان. عندما جاء بوش إلى السلطة، كان المسؤول عن الشؤون الهاييتية في وزارة الخارجية روجر نورييغا، الذي كان في السابق مساعدا لهيلمز والشخص الذي أدار هجماته العنيفة ضد اريستيد. ألغت الولايات المتحدة المساعدات الدولية الموعودة لاريستيد، ما أجبره على إفراغ خزينته لتسديد قروض صندوق النقد الدولي، وأغدقت الأموال (عبر الحزب الجمهوري) على الذين أخرجهم اريستيد من الحكم في العامين 1991 و1994. يوصلنا ذلك إلى العام 2004. غزت مجموعة من المتمردين اليمينيين، المسلحين بصورة غير مباشرة من قبل الولايات المتحدة، هاييتي من جمهورية الدومينيكان. كان الضعف قد أصاب اريستيد بسبب الضغط المالي والفساد وحقيقة أن أنصاره كانوا يستخدمون أيضا تكتيكات قمعية. هنا بدأت اللعبة الدبلوماسية. دعت فرنسا اريستيد إلى الاستقالة. قال كولن باول أنه مع تسوية تقضي بأن يبقى اريستيد شرط أن يسمي رئيس وزراء جديد بعد مفاوضات مع أكثر الأشخاص استساغة في المعارضة. وافق اريستيد لكن المعارضة رفضت. عندها قالت الولايات المتحدة، بشكل مخالف تماما للمنطق: حسنا على اريستيد أن يستقيل. رفض. عندها تدبرت الولايات المتحدة أمر انسحاب حراس الأمن المستأجرين (من شركة أميركية) الذين يتولون مهمة حمايته. حينذاك، قال المبعوثون الأميركيون لاريستيد: نستطيع أن نضمن هروبا آمنا لك من قوات التمرد لكن فقط في حال استقلت. كتب اريستيد رسالة ملتبسة باللغة الكريولية، وأرسل سريعا إلى موقع أميركي في جمهورية إفريقيا الوسطى (لا منفى ذهبيا في فرنسا). قال فورا، للجميع وبصور متعددة، أنه لم يستقل وأنه اختطف من قبل الأميركيين، فذكرته سلطات إفريقيا الوسطى بشرطها بأن يكون متحفظا، أي اخرس. تطالب المجموعات السياسية السوداء في الولايات المتحدة، جميعها، بأن يسمح لاريستيد بالعودة وأن يجري تحقيقا بحادثة الخطف المزعومة. تدعم هذا المطلب رابطة الدول الكاريبية والاتحاد الإفريقي. لكن لا تحبس نفسك. لقد نجح الانقلاب (ال32 في تاريخ هاييتي). لماذا حصل ذلك؟ السؤال الأول هو لماذا أدت فرنسا الدور الذي قامت به؟ يقال، في وسائل الإعلام، إنها كانت إيماءة مصالحة بعد خلاف مع الولايات المتحدة حول العراق. لا أعتقد بأن ذلك معقولا جدا. لم تكن فرنسا على علاقة جيدة باريستيد الذي طالب مؤخرا أن تدفع فرنسا تعويضات على ما فعلته قبل مئتي عام. لكن الأكثر أهمية هو أن فرنسا كانت القوة الاستعمارية السابقة التي جردتها الولايات المتحدة من أي دور لها في هاييتي. باتخاذها المبادرة، أعادت فرنسا أقدامها إلى داخل المشهد الهاييتي، على حساب اريستيد الذي تنظر إليه على أنه شخص نصبته الولايات المتحدة في الحكم (ولو أنه بات الآن منبوذا). أما بالنسبة للولايات المتحدة، لم يكن اريستيد، موضوعيا، مزعجا بشكل خاص. فخلافا (للرئيس الفنزويلي هوغو) تشافيز، لم يكن يجلس على آبار نفط، ولا يشجب الولايات المتحدة. لكن المحافظين الجدد نظروا إليه كنتاج لكلينتون، شخص متردد ويجب إقصاءه لصالح أشخاص تربطهم بهم علاقات وثيقة. لذلك أداروا مسرحية نقل السلطة برمتها. علاوة على ذلك، أريد من كل ما حصل أن يكون تحذيرا لدول أخرى في القارة الأميركية يؤكد استعداد الولايات المتحدة لاستئناف /دبلوماسية البوارج/ في فنائها الخلفي. وهكذا قرئت الرسالة. ايمانويل والرشتاين "حقوق النشر لايمانويل والرشتاين. كل الحقوق محفوظة. يمنح الاذن بالانزال والتحويل الالكتروني والارسال بالبريد الالكتروني وبالنشر على مواقع الانترنت للهيئات غير التجارية، بشرط ان تبقى الدراسة من غير تعديل وان تظهر ملحوظة حقوق الملكية. لترجمة هذا النص ونشره مطبوعا و/او بغير ذلك من الاشكال، بما فيها على مواقع الانترنت التجارية والاقتباسات، يرجى الاتصال بالمؤلف على iwaller@binghamton.edu فاكس:” 1-607-777-4315 ----------------- ونكمل معا الحكايات .... لطالما فقدت الأمل فى هذه البلد الميت... ولكن اليوم تعود الروح للجسد الموهون وتجري فى شريانه دماء الأمل ...فانتظروا بترالأطراف الفاسدة من الجسد. "لا اله الا انت سبحانك ... إنى كنت من الظالمين" "سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان