اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

حوارية " السيد والعبد" والحاضر القتيل


Handicraft

Recommended Posts

حوارية " السيد والعبد" والحاضر القتيل

السيد: اسمعني أيها العبد

العبد: اجل يا سيدي، هاأنذا مصغٍ إليكَ

السيد: هيىء لي عربتي واحضرها، أريد أن أذهب إلى القصر

العبد: اذهب يا سيدي اذهب! فانك ستحقق كل رغباتك وستنال الحظوة والرعاية عند الملك

السيد: لا أيها العبد لن أذهب الى القصر

العبد: لا، لا تذهب يا سيدي، فأن الملك سيبعث بك في مهمة وستؤسر في أرض غريبة لا تعرفها وستلازمك المتاعب ليل نهار "

الحاضر: ابتهج يا سيد البلاد، ابتهج! جئناكَ بآذانهم مقطوعة، محشورة في جيوبنا، وسيصغون

جئناكَ بتلال عظامهم، جماجمهم، وما تبقى، وسيركعون

جئناك بالبلاد، فاخلع أذنيكَ، لا تنصتْ لمراثيهم، في جوقة مشتركة:

( اللهم غفرانكَ

لسنا في هذا الصوت ولا ذاكَ

ولا في ذاك الصوت سواكَ

لسنا إلا حقكَ في هذا الصوت وفي ذاكَ

نجتمع في الرغبة ونموت في الرجاء

فإن سمعنا فالسامع أنتَ

وإن رأينا فإنكَ أنت الرائي ) *

آذانهم المقطوعة أجراس قيامة مؤجلة!

" السيد: اسمعني أيها العبد

العبد: هاأنذا مصغٍ إليكَ يا سيدي

السيد: احضر لي في الحال ماء لأغسل يدي فانني أريد أن آكل

العبد: كُلْ يا سيدي كل. فالأكل بانتظام يشرح القلب، وإلى الطعام الذي يؤكل وبيدين نظيفتين يحضر الأله " شمش"

السيد: لا، أيها العبد، لن آكل

العبد: لا تأكل ياسيدي لا تأكل! فان الجوع من بعد الأكل والظمأ من بعد الشرب يأتي لكل انسان"

الحاضر: يا سيد البلاد، أعددنا لك من دم عبّادكَ، عبيدكَ، طاسات قانية

من قلوب أطفالهم لكَ فاكهة وشرائح نيئة

من جلودهم اليتيمة صفائح ورقائق لرواياتكَ المقبلة، فاكتب سيرة الدم والصولجان

لا عليك يا سيدي، لا عليك، ولا تغسل يديك، فالموت منكَ وفيكَ وشريكك

آذانهم المقطوعة أجراس قيامة مؤجلة

ألسنتهم المشنوقة ألف رواية ورواية

" السيد: اطعني أيها العبد اطعني

العبد: نعم يا سيدي، ها انذا في طوعك

السيد: عزمتُ على أن أقوم بعصيان( ثورة )

العبد: افعل ذلك يا سيدي، فماذا سيحل بجوهركَ ومن ذا الذي سيعطيك لتملأ معدتك؟

السيد: لا يا عبد لن اقوم بالثورة

العبد: لا تفعل يا سيدي لا تفعل! فأن من يقوم بالثورة والعصيان يعذب ويشوه جسمه ويودع في السجن "

الحاضر: يا سيد البلاد يا موتنا، سمعا وطاعة، واذهب في الرواية حتى مقتل آخر نفس حيّ

اسرد أعاجيبك يا أيها " اللوياثان" ، واذهب في الغواية

جرّد سيفك الموروث عن قتلة، واغمده في غبار الساحة، أو في العيون

سترى من يصفق بيد ليست له، من يسمع بآذان ليست له، ومن يكتب بقلم ليس له

لم يبق لهم إلا سجنكَ الأكبر يا سيد البلاد

آذانهم المقطوعة أجراس قيامة مؤجلة

ألسنتهم المشنوقة ألف رواية ورواية

إرادتهم الكسيرة، أسطورة!

" السيد: اطعني أيها العبد اطعني

العبد: هاأنذا في طوعك َ يا سيدي

السيد: أريد أن أحب امرأة

العبد: احبْ يا سيدي احب، فان من احب امرأة نسى الألم والتعب

السيد: لا يا عبد لن أحب

العبد: لا تحب يا سيدي، لا تحب! فالمرأة بئر، المرأة خنجر من حديد يقطع عنق المرء "

الحاضر: هلاّ أصغيتَ لها مرة يا سيدي، ودع عنكَ حبها، أراها قادمة يا سيدي:

و(على أهداب عينيها الكحيلتين، أشهدُ انتحار السواحل

على قمة نهديها تتربع شمس مترعة بشجن الغياب

في طيات وجهها تجمدت دماء المجازر

وفي صوتها انكسار الموج

صدرها جنائز موقوتة، والقلم بين أصابعها نصل يرسم العراء

أهذه صورتها، أم تاريخ شعوب ملغومة؟ ) – ورقة توت - **

آذانهم المقطوعة أجراس قيامة مؤجلة

ألسنتهم المشنوقة ألف رواية ورواية

إرادتهم الكسيرة، أسطورة

نساءهم في رحلة إلى العالم السفلي

" السيد: أريد أن أساعد بلادي

العبد: افعل ذلك يا سيدي، فأن من يساعد بلاده توضع حسناته في كف الاله " مردوخ "

السيد: لا يا عبد لن افعل ما يساعد بلادي

العبد: لا تفعل يا سيدي لا تفعل! أعلُ فوق الأطلال القديمة وتمشَ فوقها وانظر إلى جماجم الماضيين والمتأخرين، فأيهم الأشرار وأيهم الصالحون! "

الحاضر: انظر يا سيدي انظر! إن كنت تجرؤ

وانظر مقابرهم، حصيلة جبروتك يا سيد القصور والالهة والعباد

لا تنظر يا سيد البلاد لا تنظر، من كانت روحه تغطس في العماء، فلا خير في ثقب تحت حاجبه!

آذانهم المقطوعة أجراس قيامة مؤجلة

ألسنتهم المشنوقة ألف رواية ورواية

إرادتهم الكسيرة أسطورة

نساءهم في رحلة إلى العالم السفلي

عيونهم منارة والغد دامسٌ

" السيد: اطعني يا عبد اطعني

العبد: أجل يا سيدي، أجل

السيد: والآن أيّ شيء حسنٌ في الدنيا! سأدقّ عنقكَ وعنقي أو نرمي بنفسينا في الماء. وهذا هو الشيء الحسن. وهنا بدّل السيد رأيه وقال لعبده: " لا ايها العبد أقتلك وحدكَ وادعكَ تسبقني!

فيجيبه العبد: " هل يرغب سيدي أن يعيش من بعدي حتى لو كان ذلك مدة ثلاثة أيام ! "

الحاضر: أيها السيد ومن جعلك بيننا سيدا!

وأيها العبد، ألستَ تكفّ تصعير روحكَ وعن ( نعم يا سيدي نعم)!

فلنستمع بأجسادنا وما تبقى من النظر:

إلى، قيامتهم وأجراس آذانهم المقطوعة

إلى، ألف رواية ورواية تحفظها وتتلوها ألسنتهم المشنوقة

إلى، أسطورة بقائهم معلقين منذ ألف مقبرة وحديقة

إلى، أنشودة الحياة المعلقة في ثياب نسائهم وهنّ في الطريق لأيقاظ العالم السفلي من موته

إلى، غد يخفق هناك حول منارات القلوب

إلى، الحاضر الممتد من جذر التاريخ، الآيل إلى الهاوية!

مفاصل النص والهوامش: الحوارية بين السيد والعبد المكتوبة بين " .... " قوسين، تعتبر من النصوص الأدبية الهامة المحفوظة من تاريخ العراق القديم في خانة ( أدب الحكمة) وتنطوي على التشكيك والسخرية من قيم الحياة الإنسانية ومن أقدار الآلهة، كما يشير الباحث ( طه باقر ) في مؤلفه المتضمن أساطير بلاد ما بين والنهرين، الصادر عام 1976 بعنوان " مقدمة في تاريخ العراق القديم " النص باللغة البابلية، ويرجح أنه يعود إلى الألف الأول قبل الميلاد، لأن معدن الحديد يرد في النص. ص 154 الى ص 156 .

وأما الحاضر، كسرات من أسطورتنا اليومية الممتدة على مرأى ومسمع العالم، سادته وعبيده.

* مقطوعة للشاعر العراقي بلند الحيدري من " حوار عبر الأبعاد الثلاثة "

** ورقة توت: نص مقتطف من مجموعة " خريف يذرف أوراق التوت"

لطالما فقدت الأمل فى هذه البلد الميت... ولكن اليوم تعود الروح للجسد الموهون وتجري فى شريانه دماء الأمل ...فانتظروا بترالأطراف الفاسدة من الجسد.

"لا اله الا انت سبحانك ... إنى كنت من الظالمين"

"سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم"

رابط هذا التعليق
شارك

من النصوص الأدبية الهامة المحفوظة من تاريخ العراق القديم في خانة ( أدب الحكمة)........ ويرجح أنه يعود إلى الألف الأول قبل الميلاد،

العجيب أنها من أدب "الحكمة"!!

كأنها حكمة باقية : أن هذه الارض تحمل داخلها بذور هذه العلاقة الشاذة بين الأسياد و العبيد ,, مهما تعاقبت عليها الأزمنة ,,

حتى أن نصوص أثرية من الألف الأول قبل الميلاد قابلة للتطبيق في الألفية الثالثة بعد الميلاد!..

نص جميل ,عجبني أوي..تحياتي h):

situations r a matter of mind, if u don't mind, they don't matter
رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...