Handicraft بتاريخ: 13 يناير 2005 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 13 يناير 2005 الصين والولايات المتحدة: تنافس الاستراتيجيات الجيوبوليتيكية منذ أن ذهب ريتشارد نيكسون إلى الصين في 21 شباط 1972 لزيارة ماو تسي تونغ، لم يكن الاصطفاف الجيوبوليتيكي في العام هو نفسه أبدا. شكل اللقاء نقلة مذهلة في العداوات الجيوبوليتيكية لمرحلة ما بعد العام 1945. كانت النتيجة الرئيسية أن الصين والولايات المتحدة توقفتا عن التصرف كما لو أن كلا منهما العدو الأساسي للأخرى، وتصرفتا كما لو أن كلا منهما متعاون محتمل مع الآخر على الساحة الدولية، علما أن متعاون تعني أقل من حليف. حرصت كل منهما على ألا تفعل شيئا يمكن أن يسمح بالعودة إلى مرحلة ما قبل العام 1972 والتي شهدت حربا مفتوحة في كوريا وخطبا بلاغية رنانة وغير محدودة عبر العالم. استمرت هذه العلاقة اليقظة، وحتى الحذرة، في قوتها كاملة حتى اليوم من دون أن يمسها أي شيء حتى خلال عصر السياسة الخارجية الأميركية العدوانية للمحافظين الجدد تحت حكم جورج بوش. ما جمع البلدان أصلا كانت رغبة كل منهما في تقييد أو حتى إضعاف قوة الاتحاد السوفياتي. لكنهما سرعان ما اكتشفتا أنه يمكن أن تحظى كل منهما بمنافع اقتصادية مهمة من جراء علاقة أقل عداوة. وكانت لكل منهما رؤى بعيدة المدى اعتقدتا أن هذه التسوية الغريبة يمكن أن تخدمها. سعت الولايات المتحدة إلى تدجين الصين وإلى إخراجها من شرنقتها الماوية وإدخالها في الدورة الرأسمالية للاقتصاد العالمي. أما الصين، فقد سعت من جانبها إلى شراء التكنولوجيا وأصحاب الحرف، وخاصة الوقت اللازم لتقوية اقتصادها وجيشها وتمكينها من أن تصبح قوة عظمى. انتفعت كل منهما جيدا، إلى حد ما، لكن ليس بمقياس ما أرادتا تحقيقه. لكن يبدو واضحا، بينما نتحرك قدما داخل القرن الحادي والعشرين، أن كلا منهما يسعى وراء استراتيجية جيوبوليتيكة مختلفة جدا عن الأخرى في هذه المنافسة نصف الودية، لكن الحادة، بين بعضهما البعض. لكل قوة أساسية في نظام الدول أربعة أوراق يمكن أن تلعبها في سعيها إلى السلطان والتفوق: الأوراق الاقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية- الإيديولوجية. لكن بالطبع لا تمتلك كل من هذه الأوراق القوة نفسها، والخيار في السياسة الخارجية هو دائما تحديد تلك التي يجب التشديد عليها. الولايات المتحدة هي قوة مهمينة في حالة انحدار. ورقتها الاقتصادية في انحدار منذ ما يقارب الأربعين عاما. جعل تضخيم بوش غير القابل للتصديق للدين الوطني الوضع الاقتصادي الأميركي أكثر سوءا بكثير مما كان عليه حتى قبل خمسة أعوام. تعتبر الصناعة الأميركية في غالبيتها سلعة مشؤومة للتصدير ونعلم الآن أن البرازيل قادرة على أن تحل مكان أميركا كمصدر زراعي- وهي إحدى آخر المميزات في الإنتاج الأميركي على الساحة الاقتصادية العالمية. أضعفت القوة الاقتصادية المنحدرة للولايات المتحدة قوتها السياسية، خاصة، لكن ليس فقط، في أوروبا، وزاد إخفاق بوش التام في العراق من حدة الإحساس السلبي حيال ذلك. أما بالنسبة للقوة الثقافية- الإيديولوجية للولايات المتحدة، فإن انهيار الاتحاد السوفياتي ألغى الحجة الأساسية التي كانت تستخدمها لحشد الدعم عبر العالم. كما أن محاولات الولايات المتحدة استخدام /الحرب على الإرهاب/ كبديل إيديولوجي قد فشلت بشكل تام. إذا، كان على الولايات المتحدة أن تعتمد على الورقة القوية الوحيدة المتبقية لديها، الورقة العسكرية. لكن حتى هنا، لا تبلي الولايات المتحدة جيدا بقدر ما قد يتوقعه المرء. لقد أظهرت في العراق، مرة أخرى، أنها غير قادرة أساسا على التعامل مع المقاومة الوطنية. ومع ذلك، تحتفظ الولايات المتحدة بقوة لا تصدق من المعدات العسكرية، وهي تغدق نسبة ضخمة من ثروتها الوطنية في سبيل الحفاظ على هذه القوة وتوسيعها. وتبقى الأسلحة النووية مفتاح التفوق العسكري الأميركي، وهو ما يفسر القلق الأميركي المستمر، والهستيري تقريبا، من الانتشار النووي. غير أنه بات واضحا، حتى بالنسبة لإدارة بوش، أن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على منع سلسلة من البلدان من الحصول على أسلحة نووية. قد تتصدر كوريا الشمالية وإيران اللائحة، لكنها لائحة كبيرا جدا بدأت تقفز بهدوء (أو ليس بهدوء كامل) إلى داخل العربة. عندما تعجز الولايات المتحدة عن دفع، حتى بريطانيا، إلى الانضمام إلى صراعها لإبقاء إيران في الصف، تكون في حالة سياسية سيئة. هذا لا يعني أن الولايات المتحدة تتخلى عن محاولة الحفاظ على قيادة عسكرية لا ينازعها عليها أحد. إنها تتحرك بسرعة قصوى في تطوير ما يسمى أسلحة نووية صغيرة الحجم. إن قوة أسلحة كهذه معقولة في الواقع. لها تقريبا القوة نفسها للقنابل التي استخدمت فوق هيروشيما وناكازاكي. لكن لديها ميزتين مختلفتين: يمكن أن تحفر عميقا تحت الأرض (وبالتالي تصل إلى مخابئ العدو)، وتتسبب بأضرار غير مباشرة أقل، ما يفترض أن يجعلها أقل رفضا، سياسيا. تواصل الولايات المتحدة انتاجها في لوس ألاموس، وربما ستختبرها قريبا. ليس الهدف من هذه الأسلحة أن تكون رادعة، وإنما أن تصلح لاستخدام وقائي فعلي. إذا نجحت الولايات المتحدة في صناعة أسلحة كهذه قابلة للاستخدام، فيمكننا أن نتوقع سباق تسلح عالمي جديد في محاولة لمواجهة هذه الأفضلية الأميركية. في هذا الوقت، تسلك الصين مسارا آخر. إنها بلا شك منكبة على تقوية جهازها العسكري. لكن ستمضي فترة قبل أن تتمكن الصين، بأي شكل، من أن تكون ندا للولايات المتحدة على هذه الجبهة. تحتفظ الصين أيضا بمظهر سياسي واهن على الساحة العالمية، يقضي أساسا بتنمية علاقات أفضل مع الجميع من دون استثناء. لكنها اليوم غير مستعدة بالتأكيد لتكون لاعبا سياسيا أساسيا. علاوة على ذلك، أقل ما يمكن أن يقال عن موقف الصين الإيديولوجي، هو أنه مربك. إنها /دولة سوق اشتراكية/-عبارة أحد لا يعرف معناها الأكيد تماما. تتذكر في بعض الأحيان موقفها خلال الأيام الخوالي لمؤتمر باندونغ كقائد للعالم الثالث، لكنها في معظم الأوقات هادئة نسبيا حول قضايا شمال- جنوب. ورقة الصين الأساسية اليوم هي الورقة الاقتصادية. إنها قوة اقتصادية صاعدة. ما مدى القوة التي يمكن أن تصبح عليها، أمر لا يزال غير مؤكد. اشترت شركة صينية للتو قسم أجهزة الكومبيوتر الشخصية في شركة /أي. بي. ام./ وقد باتت الآن ثالث أكبر شركة في العالم. تعتبر الصين دعامة أساسية للدولار عبر الاستثمار بسندات الخزينة الأميركية. يعطي ذلك الصين سيطرة اقتصادية أكبر على الولايات المتحدة من تلك التي تملكها واشنطن على بكين، وذلك لأن سحب هذه الاستثمارات، أو حتى التقليص السريع لحجمها، يمكن أن يتسبب بفوضى اقتصادي شديدة في الولايات المتحدة. نمّت الصين علاقات ممتازة مع إيران، وهي علاقات تعزز قدرتها، التي تحتاج إليها، على الوصول إلى النفط. والأكثر أهمية من كل ذلك، لقد وقعت الصين في 29 تشرين الثاني 2004 اتفاقا مع رابطة دول جنوبي شرقي آسيا (آسيان)، وصف بأنه /تاريخي/، يتحرك باتجاه إقامة كتلة تجارية تنافس تلك الخاصة بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. يخلق هذا الاتفاق سوقا من ملياري إنسان، وسيترافق مع طريق جديد وسكك حديدية تربط بين الصين وجنوبي شرقي آسيا. ما تحتاج الصين إلى القيام به لإكمال هذه القاعدة الصلبة هو التوصل إلى اتفاق اقتصادي مع اليابان. هدف تعقده اهتمامات الطرفين السياسية والاقتصادي الموغلة في القدم. لكن اتفاق كهذا يبدو مفيد جدا اقتصاديا لكل من الصين واليابان على المدى الطويل إلى حد أنه من الصعب تصور أن ذلك لن يحصل. تفوح نكهة اليأس من تشديد الولايات المتحدة على الورقة العسكرية. على العكس، يبدو تشديد الصين على بناء قاعدتها الاقتصادية على مهل تصرف حليم. لعلها قصة الأرنب والسلحفاة. ايمانويل والرشتاين "حقوق النشر لايمانويل والرشتاين. كل الحقوق محفوظة. يمنح الاذن بالانزال والتحويل الالكتروني والارسال بالبريد الالكتروني وبالنشر على مواقع الانترنت للهيئات غير التجارية، بشرط ان تبقى الدراسة من غير تعديل وان تظهر ملحوظة حقوق الملكية. لترجمة هذا النص ونشره مطبوعا و/او بغير ذلك من الاشكال، بما فيها على مواقع الانترنت التجارية والاقتباسات، يرجى الاتصال بالمؤلف على immanuel.wallerstein@yale.edu فاكس:” 1-607-777-4315 هذه التعليقات التي تنشر مرتين شهريا، ترمي الى ان تكون انعكاسا لمشهد العالم المعاصر، كما يُرى من منظور بعيد المدى وليس العناوين الصحافية الآنية. لطالما فقدت الأمل فى هذه البلد الميت... ولكن اليوم تعود الروح للجسد الموهون وتجري فى شريانه دماء الأمل ...فانتظروا بترالأطراف الفاسدة من الجسد. "لا اله الا انت سبحانك ... إنى كنت من الظالمين" "سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان