العقلية الجمعية .. أو .. عقلية القطيع

[أبو محمد]

إهتم الباحثون فى "علم النفس الاجتماعى" ببحث ظواهر التفكير والسلوك فى المجتمعات ..

وفسروا بعض أنماط السلوك بأن الدافع إليها والمحرك لها هو العقلية المهيمنة على تلك الأنماط السلوكية والتى أطلقوا عليها العقلية الجمعية Mob Mentality أوعقلية القطيع Herd Mentality .. وشاع استخدام الاسم الثانى عن الاسم الأول لما للاسم الأول – فى اللغة الانجليزية - من إيحاءات إجرامية أو غوغائية

وقد رصد الباحثون سلوكا معروفا باسم "سلوك القطيع" فى مختلف المجالات والأنشطة الإنسانية

وهناك تعريف مختصر فى ويكيبيديا لهذه العقلية كما يلى :

Herd mentality, or mob mentality, describes how people are influenced by their peers to adopt certain behaviors, follow trends, and/or purchase items. Examples of the herd mentality include stock market trends, fashions in apparel, cars, taste in music, superstition, religion, home décor, etc.

وفى ويكيبيديا "العربية" وجدت تعريفا مختصرا إلى حد الابتسار يقول :

عقلية القطيع هي الميل السلوكي عند الأفراد لاتباع رأي الجماعة التي ينتمون إليها. ومن مظاهرها ضعف الفردانية

وسلوك القطيع أصبح سائدا فى أيامنا هذه التى اتسمت بالاستقطاب الذى بدأ منذ سقوط نظام الحزب الوطنى ومبارك .. وتصاعد فى حدته إلى أن شمل كل من نظام الحكم الحالى والمعارضة على حد سواء

وتتجلى مظاهر عقلية وسلوك "القطيع" فيما يطلقه كل فريق على الآخر من أوصاف وصلت إلى حد إطلاق اسم "الخرفان" على أحد القطيعين .. وإلى حد اتهامات وصلت إلى "خيانة الوطن والعمل على تخريبه" للقطيع الآخر بل وصلت إلى حد "تكفيره"

إنها هاوية نقترب منها بعجلة متزايدة .. ولا منقذ منها إلا التفكير المستقل والعمل المنزه عن الغرض سوى غرض انقاذ الوطن

قبل الثورة كنت أضع فى توقيعى عبارة لنجيب محفوظ لا أذكر إن كنت قد قرأتها فى مقال أو فى كتاب له .. استبدلت بها – قبيل الثورة - بيتين من شعر أحمد شوقى .. كانت عبارة نجيب محفوظ تقول :

الوطن فى غفلة ، لا عذر لها ، ولا اعتذار عنها إلا بالتفكير والعمل

وبعد الثورة بعامين أقول إن الوطن أنجز "عملا" .. ولكن - وا أسفاه - بدون "تفكير" سوى التفكير بعقلية "القطيع" .. وإن الوطن يسلك سلوكا لا وصف له سوى "سلوك القطيع"

أرجو ألا أغضب أحدا بتعبير "القطيع" الذى استخدمته وسوف استخدمه فيما يلى من مداخلات .. فهو تعبير علمى لا علاقة له بثقافة الفيس بوك

[نورالعين]

إحقاقا للحق يا أستاذ أبو محمد

سياسة القطيع لم تظهر فقط بعد الثورة

لو راجعنا التواكل بالعمل لان جميع العاملين كذلك

رمي المهملات كسر إشارات المرور الرشوة وهناك دائماً سبب وجيه

الكل ليعمل كده

بعد الثورة ظهرت بصورة أفظع

لأننا في الماضي كنا ندرك أن ما نفعله خاطء

لكن اليوم هناك حجج مختلفة تماماً كالجهاد وردع الكافرين الخونة

ولن اثني الطرف المقابل

فقد ضايقني يوما ما نزول الناشطين مع حملة لازم حازم عند وزارة الدفاع

كما ضايقني أيضاً محاولة بعض الناشطين الدفاع عن الشاب المقبوض عليه بسلاح

وان كنت اعتبره نوعا من الندية والتضاد فرض على ولم اكن اتمنى ان اعيشه يوما لولا اضراري لذلك مع استفزاز الطرف الاخر بتصريحاته

الحقيقة ان هؤلاء الناشطين هم فعلا من يمتلكون الحس المتفرد

لانهم لم يتأثروا وقد كانوا اكثر منا تعرضا لاهانات الطرف المضاد

لذلك سيظل املى كبير بهم

تم تعديل 23 فبراير 2013 بواسطة نورالعين

[أبو محمد]

الأخت الفاضلة "نور العين"

شكرا على مداخلتك وتعليقك على الموضوع

عقلية القطيع المنتجة لسلوك القطيع هى ظاهرة اجتماعية تكاد تكون غريزية

أو هى بالفعل غريزية ، فهى بدأت - أعتقد فى تزامن - بين الحيوانات وبنى البشر

فمالت الحيوانات إلى العيش فى مجموعات شكلت قطعانا

ومال بنو آدم إلى العيش فى مجموعات بدأت بالأسر وتطورت إلى القبائل

وهناك مصطلح فى علم النفس الاجتماعى اسمه Herd Instinct أى "غريزة" القطيع

وهى مُعرفة - مثلا - فى موسوعة المورد (لمنير بعلبكى صاحب قاموس المورد الشهير) كالآتى

غريزة القطيع - herd instinct

نزعة في الحيوانات الاجتماعية gregarious، ومنها الإنسان، تجعلها تنزع إلى العيش قطعاناً قطعاناً وجماعات جماعات وتستجيب بطريقة واحدة لمؤثر معين، أو تجعلها تحذو، على نحو أعمى ومن غير إعمال للفكر، حذو فرد بعينه، في موقف من المواقف، ويصاحب غريزة القطيع عادة شعور بالوحدة والعزلة وحنين إلى الأوطان، وهي تدفع الفرد إلى التعاون مع غيره من أبناء مجتمعه،

أما سياسة القطيع فهى موجودة أيضا .. وتبدأ بتربية عقلية القطيع

ومن المؤكد أننا سنتطرق إلى منهجية تربية "عقلية القطيع" فى مداخلاتنا بإذن الله

إن سلوك الإنسان فى الكثير من نواحى حياته كما جاء فى التعريف الانجليزى لويكيبيديا

هو فى الحقيقة "سلوك قطيع"

مثلا إذا أراد الواحد منا أن يذهب إلى مطعم للغداء فوجد مطعمين (أ) و (ب)

ولاحظ أن المطعم (أ) مزدحم بالزبائن فى حين أن المطعم (ب) به عدد قليل منهم

فمن شبه المؤكد أن الواحد منا سيتجه إلى المطعم المزدحم

وسيقنع نفسه - دون تفكير يُذكر - بأنه من المستبعد أن يكون كل هؤلاء الزبائن على خطأ

لا بد أن يكون المطعم (أ) أفضل من المطعم (ب) فى الجودة أو السعر أو كليهما

وإلا .. لما ارتاده "كل هؤلاء"

يتجلى سلوك القطيع أيضا فى المظاهرات .. وفى العادة فإن من فى الخلف يتبع من فى الأمام

دون "تفكير" يُذكر .. حتى لو بدأ من فى الأمام فى إلقاء الحجارة

فى البورصة .. يشترى المستثمر - فى العادة - السهم الذى عليه إقبال كبير

وربما يطرح جانبا السهم الذى يقتنع به هو نتيجة تحليل علمى موثوق

إنقيادا منه "للقطيع" !!!