مهيب بتاريخ: 12 فبراير 2005 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 12 فبراير 2005 انها الحرب ... انها الحرب أخذوا حبيبها ... أخذوا دنيتها كلها و زجوا بها فى مفرمة الحرب المريعة ... لم تستطع كل الاخبار المتناثرة ... كل حكايات الناس من حولها.. كل الضجة و الموسيقى العسكرية .. لم يستطع كل هذا أن يجعلها تعتاد الوضع الحالى و على الجبهة كل يوم تتخيله ... فى ساحة الميدان تتخيله ... فى الحرب تتخيله ... تأتيها خطاباته كل فترة فتحس بشيء من الغرابة ... حبيبها الذى كان شخصا عاديا ... يعتبر دخوله السينما يوما مغامرة ... حبيبها الذى كانت حياته عمل و دراسة و هى ... الان أصبح حبيبها شخصا آخر ... مرتديا زيا غريبا ... ممسكا بسلاح فى يده ... سلاح لقتل البشر .. سلاح لزهق الأرواح ... حبيبها قد أصبح ضابطا فى المعركة ... يأمر و يؤمر ... يطاع و يطيع ... وكل يوم كانت تستيقظ فزعة من نومها ليلا... العرق البارد يغمرها ... نفسها يتقطع ... كل يوم ترى حبيبها وهو يموت بشكل ما ... أحيانا بقنبلة تمزق جسده ... أحيانا بصاروخ ... أحيانا بعدة طلقات من آلة قتل أخرى ... أحيانا بأدوات و أشياء معقدة لم تفهمها فى الحلم .... ومازال الناس فى كل مكان يمارسون حياتهم بشكل طبيعى ... منذ استيقاظهم الى لحظة نومهم ... كم كرهت الحرب ... كم كرهت قتل الناس بعضهم لبعض ... برصاصة صغيرة حقيرة ... بشظية من قنبلة سيموت حبيبها ... هى تعلم هذا .. تعلمه منذ أن سمعت بأن حبيبها فى سلاح حساس ... لا تتذكر حتى اسم السلاح .. كل ما تتذكره أن له اسم عسكرى جاف و رهيب... تتذكر أيضا أنه يوكل بمهام ما خلف خطوط العدو ... وأن هذه المهام خطيرة جدا قال لها فى رسالته الأخيرة أنه اشتاق اليها .. و أنه سينهى الحرب بسرعة ليعود و يراها ... وكأن انهاء الحرب بيده ... حتى فى أحلك اللحظات لم يفقد قدرته على المزاح ... أخبرها فى آخر اجازاته أنه قد تعلم الكثير ... تعلم أنه ليس كل الموت موتا ... أحيانا يأخذ الموت اسما اخر ... شهادة ... تعلم أنه ليس كل القتل قتلا ... أحيانا يكون القتل جهادا... رأت فى عينيه نظرة غريبة ... نظرة ارتجفت لها ... نظرة جمدت الدماء فى عروقها ... لقد رأت نظرة اشتياق للموت ... ان من يقف أمامها الان لشخص يتمنى أن يموت فى المعركة ... و من ساعاتها وهى تعلم أنه لن يعود ... كيف يعطى لنفسه الحق فى هذا .. وهى ... ألم يفكر فيها ... اللعنة على الحروب ... تبكى وحدهها ليلا ... وغدا يوم آخر ... انها تنام الان على سريرها بينما حبيبها قد يكون الان وسط احدى العمليات ... انها تنهض.. تنظر للقمر وترى حولها البيوت و العمارات الساكنة و الشارع المضيء .. بينما حبيبها الان يتسلل على ضوء القمر مع رفاقه و حوله الصحراء الممتدة ممسكين بأسلحتهم ... انها تسمع صوت المذياع قادم من شقة احد الجيران بينما حبيبها يستمع بإنصات الى أصوات مركبات مريبة قادمة من مكان ما ... يعتصرها الشجن مع نسيم الليل و يلفها شعور رهيب بالاشتياق اليه ... يخترق قلبه شعور بالقلق فجأة ... هناك شيء ما ليس على مايرام ... ليست تلك هى المعلومات التى وصلت ... انه سرب مدرعات معاد ... تنظر من النافذة الى سكون الليل و تتنهد ... ينظر الى وجوه رفاقه القلقة سرب المدرعات هذا يهدد بفشل العملية لو واصل تقدمه ... تنظر الى محتويات غرفتها و الهاتف الحبيب الذى لطالما كانت تحادثه منه ... بسرعة يتخذ قراره و هو يلف نفسه بحزام المتفجرات الذى صممه بنفسه و الذى لطالما اصطحبه معه فى كل عملياته ... تنهمر دمعة من عينيها و هى تتجه لمكتبها لتخط له رسالة جديدة ... يأمر رفقاءه بسير الخطة الجديدة و هم ينظرون له بكل اعجاب الدنيا و الدموع فى أعينهم بعد أن فشلوا فى اثنائه عن عزمه ... تمسك بالقلم و هى تتخيل وجهه يوم حفلة تخرجه من الجامعة و ابتسامته التى بدت لها يومها كأجمل شيء فى الدنيا ... يخرج متسللا ليعترض طريق المدرعات وهو يمسك بفتيل المتفجرات بيده .... تنظر الى صورته على مكتبها بشوق .. ينظر الى السرب القادم ببطء وهو يحاول أن يحسب أفضل لحظة مناسبة لنزع الفتيل ... تبتسم و هى تتذكر تعبيرات وجهه حين كان يداعب أخيها الصغير عندهم فى المنزل و الروح المرحة التى كان يجلبها معه حين يزورهم .... ويبتسم هو و هو يتذكر تعبير وجهها حين كانت تتصنع أنها غاضبة منه ... تكتب فى أول الورقة بسم الله الرحمن الرحيم ... ويتمتم هو بصوت خفيض ... أشهد ألا اله الا الله و أن محمدا رسول الله ... مهيب <span style='font-size:14pt;line-height:100%'>حين يصبح التنفس ترفـاً .. و الحزن رفاهية .. والسعادة قصة خيالية كقصص الأطفال</span> رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
ابو خليل بتاريخ: 12 فبراير 2005 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 12 فبراير 2005 من الطبيعي ان تتسرب (انباء الحروب) المستمرة ..إلى أعماقنا .. فنخرجهاعلي صورة شعر أو قصة أو روايات !! وبعيد عن الصورة التقليدية في قصتك ( الحب الذي يفرقه المعركة.. ثم موت البطل في النهاية شهيد فداء للوطن ) فاني سوف أتبع في اشرافي علي هذا الباب - ان شاء الله - نمط ( التوجيه) وليس نمط الاشراف ( التهنئة ) الذي يقول لكل مشاركة .. رائع .. استمر .. بالتوفيق .. لذلك أهمس لك بما يأتي : 1- علي الكاتب ان يختار عنوان اكثر تشويق للقاري .. ( لاحظ عناوين روايات احسان عبد القدوس !!) 2- علي كاتب القصة القصيرة ان يكون ( اكثر اختزالا للأحداث ) ويمكنك أن تعود لروائع يوسف ادريس وزكريا تامر .. وترى كم التكثيف الرهيب في القصة القصيرة .. 3- علي كاتب القصة القصيرة أن ( يزخرف ) قصته بالمحاسن البديعية والبيانية ... وعموما قصتك هي نتيجة طبيعية لما نواجهه يوميا من تفجيرات حتي اصبحنا تراها شيئا عاديا .. وفي انتظار محاولات جديدة ! رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
mohamed بتاريخ: 12 فبراير 2005 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 12 فبراير 2005 قد تكون تقليدية ولكنها وصلت الى القلب واحسست بها انا لا افهم فى كيفية كتابة القصة القصيرة او الطويلة لكن القصة اعجبتني بالفعل وتفاعلت بها وان كنت اتفق مع الفاضل ابو خليل فى ان العنوان يفضح مضمون القصة استمر... مع الاخذ طبعا بنصائح ابو خليل رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
مهيب بتاريخ: 13 فبراير 2005 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 13 فبراير 2005 أبو خليل... شكرا على نقدك و هو الذى يعتبر أهم كثيرا من تيمة رائع استمر الشهيرة ... الا أنه -ان كان لى الحق فى الرد- فانى أرى : - بالنسبة للعنوان فعندك حق .. ربما أنه غير مشوق ... هذا لأننى أسأت اختيار التعبير فهو سيكون مشوق جدا اذا قيل بالشكل الذى أتخيله ... لكن لأن تقرأه مكتوب .. فهو جملة خبرية عادية جدا - بالنسبة لمدرسة الزخرفة البديعية ... فقد اختلفوا فى تعريفها .. الزخرفة نفسها تختلف ... فهناك زخرفة طه حسين و العقاد ... هناك زخرفة يوسف ادريس وهناك زخرفة يوسف السباعى مثلا ... ولو أنك أخذت مقطعا من شعر نزار قبانى و تشبيهاته المتمردة على قواعد الزخرفة و قرأته لعباس العقاد لاتهمه باهانة اللغة العربية - أما بالنسبة لتقليدية الموضوع ... أنت قد أصبت الحقيقة هنا ... الموضوع فعلا تقليدى نوعا ما .. لكن فكرتى الرئيسية و أنا أكتبها لم تكن فكرة الحرب و الموت الذى يفرق ... كانت الفكرة الرئيسية هى اختلاف الأجواء بين من جمعتهم الحياة ... حياة مدنية جدا هى ما كانوا يحيونها ... حياة كالتى أحياها أنا و أنت ... لكن و تحت ظروف ما اختلف هذا ... هى تنظر لفراشها و مكتبها ... بالخارج أهلها و المذياع و المطبخ .. ربما ضحك بعض الأطفال أيضا... أما هو ففى عالم آخر موجود أيضا لكنه مختلف ... أسلحة و أشياء رهيبة و جثث و انفجارات ... أدوات معقدة و أعداء مختلفين ... هل تفهم ما أعنيه ... أشكرك بحرارة على تعليقك و أخشى أن تضيء محمد .. شكرا على كلماتك الرقيقة ... وبالفعل ملاحظتك فى محلها و ان كنت أوضحت سبب الزلل ... <span style='font-size:14pt;line-height:100%'>حين يصبح التنفس ترفـاً .. و الحزن رفاهية .. والسعادة قصة خيالية كقصص الأطفال</span> رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان