Handicraft بتاريخ: 19 فبراير 2005 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 19 فبراير 2005 أســاطـير عربيــة ! " نظرة تحليلية نقدية" بقلم : صلاح الحداد الشريف 29 ديسمبر ، 2003 من السيرة الهلالية إلى السيرة الصدامية . ومن الأمويين إلى القوميين . ومن السلفيين إلى الإسلاميين . ومن معركة البسوس إلى معركة أم الحواسم ، ومن سقوط غرناطة إلى سقوط بغداد . قرون من الزمن ، وأجيال من البشر ؛ عاش فيها العقل العربي على أساطير البطولة وخرافات التحرير وضلالات العظمة . وما زال – على ما يبدو – جواد الأساطير العربية يصهل ويصهل في واقع ينضح بالجهل ، ويطفو بالتخلف ، وينطق بالهزيمة والانحطاط . إنها دراما عربية أصيلة ، تستحق التصفيق حقا ، في شعوب لا تجيد إلا فن التصفيق ! . نعم ، والتصفيق فينا أصيل ، انظر إلى قوله تعالى : ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ) ، أي صفيرا وتصفيقاً . ولقد تحول هذا الفن العربي الأصيل مع مرور الزمن ، إلى أعجب وأضحك ظاهرة في التاريخ . إنها ظاهرة التصفيق للقهر والفقر والتخلف والعذاب والاستبداد . نشأت هذه الظاهرة على يد الفقهاء والشيوخ ، وترعرعت في أحضان الكتاب والشعراء ، وازدهرت عند الدعاة والدهماء ! . ومن كثرة وقاحة هذه الظاهرة ، حتى أعْدَتْ – مؤخرا - وزيرَ خارجية بريطانيا (جاك سترو) ، الذي دعا – حسب الوقاحة العربية - العالمَ أجمع إلى التصفيق لزعيم الدمار الشامل ، غداة إعلانه التخلي عن أسلحته المحظورة . وهي لا شك دعوة مبطنة بشديد السخرية والاستهزاء والتهكم ، على ما وصل إليه العقل العربي اليوم . ولله درّ الشاعر ، الذي قال يوما حينما كان للعرب شوارب تفتل : أغاية الدين أن تحفوا شواربكم يا أمة ضحكت من جهلها الأمم ؟! وإن تعجب فعجب سرعة الاستجابة من هذا العقل المتردي ، الذي راح يصفق بكلتا يديه ، ويصفّر بكلا شدقيه . لكن إذا عرف السبب بطل العجب – كما يقولون - ، فالعقل العربي حسب سيرته التاريخية المبجلة عقل يحفل بالظاهرة وينبهر بالظواهر ويقف عندها وحسب ، على وزن ( اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ) . عقل لا يغوص في الأعماق ، ولا يتعمق في قراءة المقدمات والأسباب ، ولا يحلل النتائج ويستخلص العبر ؛ وصولا إلى دائرة الفعل . عقل لا عمل له سوى اجترار ذكريات الماضي وأمجاده ؛ للاحتماء بالتاريخ والانغماس فيه والانكفاء عليه ، حتى يأتي المهدي المنتظر ، أو تظهر علامات الساعة الكبرى ، وينزل المسيح ؛ ليملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا وكفرا !! . لا أدري إذا ما كنتُ محظوظا أو غير محظوظ ، عندما ساقتني قدماي إلى سماع خطبة الجمعة في مدينة دبلن ، بالمركز الإسلامي ، أثناء بَدء الحرب على العراق . ويبدو أنه من حسن حظ الخطيب آنذاك ، أن هبت عواصف رملية في الكويت ؛ مركزِ تجمع قوات الغزو . وليجدها الخطيب فرصته الذهبية في أن يقتنص مثل هذا الموضوع ؛ كي يشنّف به أسماعنا ويخطف به أبصارنا ، ويسحر به عقولنا ، ويحقق فيه نبؤاته النافذة ورؤاه الساحرة الخلابة . فماذا كانت توقعات الخطيب ودروسه يا ترى ؟ . إنها رياح الله العاتية ، التي سيسخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما !! . وهذا هو الدرس ، وهذه هي الخطبة . وكم سيسعد الخطيب ويطرب لو تم ذلك فعلا ، حينها وفي الجمعة القادمة سيصبح نبياً ! . لكنَّ قوانين الكون وسننه أبت إلا أن تكون عكس ذلك تماما . هذا نموذج واحد مصغر من نماذج تفكيرنا وتحليلنا للحوادث والأمور ، وكأننا لم نقرأ يوما تاريخا ، ولا علوما ولا حتى حساباً . أرأيتم كم نحن أميون جهلة ، أرأيتم كم نحن عاطفيون سطحيون حمقى ، أرأيتم كيف نصبح أبطالا بلا تاريخ ؟ ومع هذا فنحن نصدِّقُ كل ما يُروى لنا ، بل ونصفق ! . أليست هذه عين الدونكيشوتية ، التي صنعت من أخيلة عقولنا العقيمة فرسانا وأبطالا ، لكن بسيوف خشبية . أليست هذه عين السخافة ، التي جعلت من الطاغية صدام حسين - في يوم من الأيام وحتى يومنا هذا - بطلا قوميا إسلاميا ، أليست هي بعينها التي نصبت الدكتاتور القذافي قائدا أمميا ؟! . ألم تصبح شعوبنا مسرحية تراجيدية ، فاقت في تراجيديتها مسرحية هملت ؟! . والآن – سيداتي سادتي - انظروا إذا كنتم غير مصدقين إلى بعض الأساطير العربية ، ولنبدأ بأكبر أسطورة عرفها العقل العربي في التاريخ ، ألا وهي أسطورة السلطة في الأنظمة العربية . أسطورة الأنظمة العربية : فمعظم هذه الأنظمة أنظمة غير شرعية ، بما في ذلك الأنظمة الملكية والجمهورية والجماهيرية . إذ جاءت إلى سدة الحكم دون أن يكون للشعوب رأي فيها ، فليس هنالك حاكم عربي واحد منتخبا انتخابا دستوريا صحيحا . والفضيحة الكبرى أن بعض هذه النظم لا تعتمد دستورا ؛ لا بل إن بعض الدول في الخليج ة وفي المغرب العربي كليبيا ، لم تعرف نظام الانتخابات إلى يومنا هذا ، ولو كانت هذه الانتخابات انتخابات مزورة ، يحصد فيها الحاكم نسبة 99.99% !!. هذا ناهيك عن موضوع التعددية الحزبية وتداول السلطة ، إذ لم يشهد أي بلد عربي على طول التاريخ وعرضه ، أن حصلت هذه الظاهرة بطريقة دستورية سلسة . فالتداول المعروف لدينا هو إما تداول الانقلابات العسكرية ، أو السكتة القلبية ! . وبالنظر حتى في الأنظمة الملكية شبه الدستورية كالأردن مثلا ، والتي تسمح بنظام التعدد الحزبي والانتخابات الدورية ، على ما فيهما من عور ، لم يتمكن أي حزب من الحصول على أغلبية تمكنه من تشكيل حكومة . ونتيجة لذلك يكفل الملك وحدَه الحق في تكليف رئيس للوزراء ، والذي يحظى غالبا بثقة ساحقة في البرلمان . مع ملاحظة أن مثل هذه الأنظمة شبه الدستورية ، يتمتع فيها الملك بسلطات وصلاحيات واسعة ، تخوله بحل البرلمان متى شاء ، وبتعيين الوزراء وقيادة الجيش تلكم القيادة العليا ، وبتشكيل الحكومات وفق الإرادة السامية ؛ لتبقى خيوط اللعبة كاملة في يد جلالة الملك . أما في الأنظمة الملكية الشمولية ، فالملك أو الأمير أوالسلطان ، هو الذي يملك كل شيء في البلاد ، ويبقى تسيير أمر البلاد والعباد منوطا برغبته السامية . ولا نريد الخوض في أمر الأنظمة الشمولية الأخرى ، التي يتحكم في مصيرها سلطة الفرد المطلق والزعيم الأوحد ، سواء منها شبه الدستورية كمصر ، التي لا يوجد فيها منافس حقيقي للرئيس على السلطة ولا حتى نائب يخلفه إذا ما أصابته وعكة صحية . أو سوريا الجمهورية التي أضحت ملكية وراثية هزلية ! . وأكثر شراً منها تلكم الأنظمة اللادستورية ، والتي يُفرض فيها النظام وفق رأي الزعيم وهواه ، أما رأي الشعب واختياره وحقه فالتمثيل تدجيل ، ومن تحزب خان ، والخيانة عقوبتها الإعدام شنقا حتى الموت !! . هذا في نظام جماهيري ، فُرِضَ غصبا وقهرا على الشعب ، وقيل له هذا هو طريقك للحرية والديمقراطية . فهل هناك أكبر من هذه الأسطورة العربية ؟! . وهل تريدون المزيد من حكايا الأساطير عند العرب أم نكتفي ؟ . حسنا ، إليكم أسطورة أخرى منبثقة عن الأسطورة الأولى ، ألا وهي : أسطورة الجامعة العربية : الجامعة العربية ؛ ذلكم الصرح الشامخ في سماء قاهرة المعز ، وهو يناطح إهرامات الجيزة ؛ رمز الفرعونية بكل أنفة وكبرياء ! . لقد سبق ظهورُ هذه الجامعة العربية العتيدة إلى الوجود ، ظهورَ المجموعة الأوروبية . لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم وبإلحاح ، أين نحن من أوروبا ؟ . الإجابة عن هذا السؤال تحدد بإنصاف دور هذه الجامعة العربية في خيبة العرب وهزيمتهم . جامعة أقل القول فيها إنها نادٍ للدكتاتوريات ، فلا وجود لقانون واحد فعلي ، يُلزم الدول الأعضاء فيها بنظام ديمقراطي شرعي ، أو يشترطه عليها في الانضمام . هذا فضلا عن صمتها وخرصها اللامحدود عن أشد الأنظمة عتوا في التاريخ ، وما العراق عنا ببعيد ! . وإن تعجب فعجب مؤسسة الفكر العربي فيها ، ولا أدري إن كان ثمة علاقة بين هذه الجامعة وشيء اسمه الفكر العربي ، ويالسخرية الأقدار ! . أسطورة الإعلام العربي : نعم أسطورة الإعلام العربي الرسمي بمختلف أبواقه المثيرة للتقزز والاشمئزاز معا . كلا .. كلا ، لا أريد الخوض في حديث حوله ؛ حتى لا نصاب بالتقيؤ أو بالإسهال . ولنذهب مباشرة إلى الإعلام العربي غير الرسمي . إنهم هكذا يسمونه ، ولنسلط الضوء قليلا على نجمه الصاعد هذه الأيام ؛ نجم الفضائيات العربية . ولسوف نصاب بالدهشة حينما نعلم أن مؤسسي هذه الفضائيات هم من أصحاب الأسطورة الأولى أعلاه ! . وتزداد الدهشة أكثر حينما نعلم أن تأسيسها لم يكن لأجل نشر الديمقراطية والمجتمع المدني في العالم العربي ، بل إن ملابسات تأسيسها كانت تلكم الحرب الخفية ، أي حرب تصفية الحسابات بين الأنظمة العربية ذاتها ، وما خفي كان أعظم ! . وتتصاعد الدهشة أكثر حينما نعلم أن كل هذه البهرجة والهرطقة في الفضائيات العربية وُلدت معكوسة ، أي عكس التطور والنمو الطبيعي للأشياء في هذه الحياة . فمما هو معلوم أن الإعلام الديمقراطي الحر ، يأتي نتيجة عالم ديمقراطي حر ، كما هو حاصل في أوروبا وأمريكا مثلا . لكن لكوننا أمة أمية ، نقرأ كل شيء معكوسا ، فكانت هذه الفضائيات كالحسناء في المنبت السوء ! . ولا عجب ، فالناس تبع لقريش !! . هل نستمر في الحديث عن الصحف العربية المهاجرة ، التي يمولها أصحاب الأسطورة الأولى ؟ أرأيتم كيف بات كل شيء معقدا في عالمنا العربي ؟! أرأيتم كيف عُقّد العقل العربي ، وكيف أننا حقا أمة أمية ؟ . كلا .. كلا ، لا أريد أن أفسد عليكم سهرتكم ! . بقيت أساطير أخرى عربية . أجل ، أساطير النخب العربية مثلا ، التي ارتبط مصيرها بمصير أصحاب الأسطورة الأولى ؛ فصارت الوسيط بينها وبين الجماهير الأمية ، في تجسيد ثقافة الغوغاء وشرعية الغاب من ناحية ، وفي تبرير شرعية الهيمنة والاستبداد من ناحية أخرى . ولا أدري هاهنا ثانية ، إن كنتُ محظوظا أو غير محظوظ ، عندما أبلغني صديق هو سكرتير في المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ، قائلا : هل تعلم أن المجلس قد قدم بحثا على يد أحد أعضائه ، هو من أحدث البحوث على الإطلاق ، إذ لم يسبق لأحد طرقه من قبل ، وهو بحث في الفرق بين الحاجة والضرورة ؟ . وعقبها قلت في نفسي : وهل هناك حاجة أكثر من حاجة الشعوب إلى الحرية ، وهل هناك ضرورة أشد من ضرورة التخلص من الأنظمة الدكتاتورية ؟ . لكن هذه الحقيقة تبقى مطموسة وغائبة عن أذهاننا . لماذا ، لأن هذه المجالس وغيرها ممولة من قبل أصحاب الأسطورة الأولى ، والتي قامت شرعيتها على يد أصحاب هذه الأسطورة . إذن فليتم البحث في المصالح وتبادل المنافع بين الأسطورتين ، وليكن مثلا في فقه البورصة والأسهم والمستندات وكفى ! . أرأيتم كيف أضحى الوضع العربي معقدا ؟ أرأيتم إلى أي حد وصلنا ؟ ولا أدري حقيقة كم سنبقى على هذه الحال ؟ . كلا ، لماذا يجب علي أن أكون منافقا في طرح مثل هذا السؤال الوقح . الجواب الصحيح ، هو أننا نريد أن نبقى هكذا . ولا يمكن طبعا أن تفوتنا أسطورة المعارضة العربية والإسلامية ، أو لنقل بصراحة أكثر معارضة الشعارات والمزيدات الزائفة . من شعارات لا تجد لها أساسا في الواقع المعاش ، كالديمقراطية والمجتمع المدني ، إلى شعارات طوباوية ، تستهدف في الأساس دغدغة العواطف والضحك على ذقون الجماهير المغفلة ، كالإسلام هو الحل . وليس السودان عنا ببعيد ! . وأخيرا ، أعرف أن هناك أساطير أخرى ، لا تقل فظاعة عن الأساطير التي سبقت ، وكذا لا تقل إثارة عن أساطير ألف ليلة وليلة . لكن أخشى أن أكون قد أطلت عليكم ، ولنتركها لوقت آخر . وأقول ماذا لو علم أولئك العاكفون على تمثيل أسطورة بني هلال ، وتحويلها إلى دراما عربية مسلسلة شهيرة . ماذا لو علموا عن أساطيرنا العربية هذه ؛ لا بل ماذا لو قام شاعر الإلياذة الإغريقية (هوميروس) من قبره اليوم ، هل يا ترى سيجد أفضل من هذه الإلياذة ذات الآلهة العربية الأصيلة وليست الإغريقية المزورة ؟! . لطالما فقدت الأمل فى هذه البلد الميت... ولكن اليوم تعود الروح للجسد الموهون وتجري فى شريانه دماء الأمل ...فانتظروا بترالأطراف الفاسدة من الجسد. "لا اله الا انت سبحانك ... إنى كنت من الظالمين" "سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان