اجراءات اردنية جديدة تفاقم ازمة الجسور - والفلسطينيون يعيشون اوضاعا مأساوية

[أسامة الكباريتي]

جسر العودة يحفر في ذاكرة الفلسطينيين صورة اخري عن الموت والعذاب

لندن ـ القدس العربي :

سمته فيروز الجسر الخشبي ، وسماه الفلسطينيون بعد اوسلو جسر العودة ، ويطلق عليه الاردن جسر الامير محمد ، والانكليز جسر اللنبي ، وهذا الجسر الذي يحتوي علي قطع خشبية متداعية ويحدد مصير ملايين الفلسطينيين يتشكل في كل عام ويوم في ذاكرة الفلسطينيين، ويحفر عميقا في وعيهم، فهو الان جسر الآلام، ومخاض الموت، والصراط المستقيم الذي صار من يعبره بنجاح محظوظا .

وفي كل عام يتكدس عليه آلاف الفلسطينيين العائدين الي الوطن. ولكن هذا العام كان مختلفا، فالوطن كله تحاصره دبابات شارون، والقادمون الي الوطن او المغادرون يجدون صعوبة في عبوره.

وفي خطوة غير مسبوقة واثارت نوعا من الجدل بين السكان الفلسطينيين المقيمين في الداخل، قررت السلطات الاردنية الطلب من سكان الاراضي الفلسطينية الراغبين في دخول الاراضي الاردنية تقديم كفالات مصرفية، وذلك اعتبارا من يوم امس الاحد، وفقا لمصدر اردني مسؤول.

وقال مسؤول اردني يعمل في جسر الملك حسين، المعبر الرئيسي بين الاردن والضفة الغربية، انه تق رر اعتبارا من يوم الاحد ان يقدم كل فلسطيني (من الضفة الغربية) يحمل جواز سفر اردنيا مؤقتا (من عامين الي اربعة اعوام) ويرغب في الدخول الي الاردن، كفالة بنكية .

وتذكر الاجراءات الاردنية الجديدة بفكرة الكفيل التي تطالب بها عدد من دول الخليج للعاملين او الزوار لبلادها. والكفالة التي تطالب بها الحكومة الاردنية اعتبرت من قبل الفلسطينيين تعجيزية فحسب مصادر صحافية اردنية تتراوح ما بين الفين الي خمسة الاف دينار اردني.

وبحسب النظام الجديد، فان الكفيل يجب ان يكون مواطنا اردنيا، كما ان الفلسطيني الراغب بدخول الاردن عليه ان يقدم ايضا مستندات توضح اسباب زيارته.

وتفاقم المطالب الاردنية من متاعب الفلسطينيين الذين يعانون من ساعات انتظار طويلة علي جسر الاهوال الذي يفصل بين الاردن والمناطق الفلسطينية، فالمسافرون يعانون اوضاعا مأساوية ولا تطاق بسبب انتظارهم لمدة ايام وحتي اسابيع تحت شمس منطقة الغور الحارقة والتي تعتبر اخفض بقعة في العالم، من دون ملجأ ولا غذاء مناسب ولا ما يكفي من المياه.

وكان الاردن قد اتخذ اجراءات لتقنين دخول فلسطينيي الضفة الغربية الي اراضيه منذ بدء الاجتياحات الاسرائيلية الموسعة للضفة نهاية شهر اذار (مارس) الماضي تحسبا ل قيام اسرائيل بابعاد اعداد كبيرة من سكان الضفة الي الاراضي الاردنية.

وكان العديد من الفلسطينيين يأملون بقضاء عطلة الصيف في الاردن مع اقاربهم العاملين في دول الخليج الذين يجدون صعوبة بالدخول للضفة الغربية بسبب الحصار الذي تمارسه اسرائيل علي المناطق الفلسطينية.

ويجد الراغبون بعبور الجسر الي الضفة الغربية صعوبة في قطع الجسر بسبب الانتظار الطويل الذي قد يصل لايام او اسابيع.

ويواجه حتي الان الآلاف من هؤلاء المسافرين الفلسطينيين اوضاعا مأساوية تحت شمس اريحا الحارقة.

وينام مئات الاشخاص من بينهم العديد من الاطفال لمدة ايام في ظروف بدائية وسط رمال منطقة الغور القاحلة، علي امل ان يسمح لهم بركوب الحافلات التي تعبر جسر الملك حسين.

وفي الموسم الحالي، صار عبور الجسر الخشبي بمثابة الامنية، والذي يحصل علي اذن بدخول الاردن او الدخول للاراضي الفلسطينية صار محظوظا، ولوحظ في هذه الفترة خلو قاعة الزوار علي الجسر، فيما كانت القاعة تعج بآلاف الزوار القادمين من الخارج.

ومع ان معظم الفلسطينيين الذين تحدثت معهم القدس العربي لا يريدون المخاطرة بانفسهم ومحاولة الدخول للاردن، لان الوصول للجسر قد يحتاج لايام، الا ان معظم الذين يحاولون هم ممن ي حتاجون العلاج، او العائلات التي تطمح بتوفير جو لاطفالها بعيدا عن اصوات اطلاق النار، ونظام منع التجول الذي يطبق بصرامة علي كل المدن الفلسطينية. ووصفت فلسطينية اوضاع الانتظار علي الجسر بالمثيرة للأسي واليأس، انا اعيش وسط هذه القمامة منذ ثمانية ايام. اسافر الي الاردن كل عام لكني لم ار شيئا من هذا القبيل في حياتي. اريد فقط ان ازور شقيقي المريض .

و و .. و . و . من لا بعرف الأغوار فليرجع إلى القرآن الكريم - سورة الروم .. هي أدنى الأرض .. أي أقل مكان في الأرص ارتفاعا .. والحرارة في الصيف لا توصف هناك ..

تحيا الأمة العربية .. من المحيط الخائر .. إلى الخليج الغائر .. تحيا أمة تتلذذ بعذابات شعوبها .. وحكام يعيشون .. يعيثون .. بستحلون .. يحللون .. ويحرمون ..