بشر و مواقف

[عادل أبوزيد]

ما ذا يعنى موقف ؟ سؤال يبدو ساذجا أو قل سؤال عن بديهية ... أليس كذلك ؟

الموقف ببساطة هو أن تختار مع إنكار كامل للذات و مع إنحياز كامل للقيم ...

تختار بصرف النظر عن المغنم و المغرم ...

تختار بعيدا عن حسابات ال " منه و له " ...

تختار و أكرر تختار لا أن تختبئ خلف مفاهيم و تفاسير و ترجيحات تبرر لك تأجيل الإختيار أو حتى ال لا إختيار ...

تختار عمدا و بقرار واعى صارم حتى لو زينت لك نفسك الإنتظار ....

فى محيط الأسرة عندما تتدخل فى سوء فهم عائلى عادة لا تكون الأمور واضحة بالكامل و يكون التدخل بغرض تسيير دفة السفينة فقط .

نأتى للحياة العامة عندما تختار فأنت تتخذ موقفا ذاتيا بعيدا عن الهوى ... أما إذا لم تتجاهل ال "منه و له" فهذا ليس موقفا و لن تسلقا ..

فى الآونة الأخيرة و بالتحديد فى أعقاب 29 يناير 2005 ...

كان علينا أن نقرر بيننا و بين أنفسنا هل هناك خطأ ؟

هل يكفى أن تقرأ فقط كأن الأمر لا يعنينا ؟

أعرف كم التمزق الذى واجهه المثقفون ...

و قد عبر عنه أحد الأفاضل هنا بقولة "ألا يمكن أن يكونوا هم على صواب " ...

و قد تعاطفت مع تمزقه هذا و لكن إلى حين ...

الموقف كانت يتطلب من أى منا -بينه و بين نفسه - أن يرجح أن الخطأ هنا أم هناك ليس بدجة تأكد 100% لأن هذا مستحيل ... يكفينا 80% و بذلك تكون إتخذت موقفا ..

عندما تتخذ موقفا - حتى بينك و بين نفسك - تستطيع أن ترفع رأسك و تفرد صدرك و تشد هامتك و تمارس حياتك بكبرياء

لاحظ هنا أن إتخذك موقفا ليس إلا حالة عقلية تعطيك الأمان و السلام الداخلى ..

و قد تمر الأيام و السنون قبل أن تضار بموقف معين إتخذته.

فى مسألة 29 يناير 2005 كان على أن أختار هل أتقبل الصورة المعلنة كما هى أو كما يقولون at face value و أصرف الموضوع من رأسى ..

أم على أن أنبش فى كل ركن و فى كل قصاصة ورق و أعيد تصور الأحداث و المواقف و أصل إلى تصورى و الذى قد يظهر أن الصورة المعلنة هى الصحيحة !!

و إخترت الجانب الآخر و بعد جهد توصلت أن الصورة المعلنة ما هى إلا نوع من التدليس على الشعب..

شعرت براحة كبيرة .. و لكن تداعيات ذلك فى فكرى أن مشاكل مصر التى كنت دائما أرجعها إلى نقص الكفائة و أن إستدراج النظام لتبنى برنامج قومى يزرع منظومة القيم تحت جلد كل مصرى ...

و كنت أقولها بصدق من أجل سنغافورة ز ماليزيا على ضفاف النيل

لم يصبح الحلم بنفس السهولة ... أيقنت أن المسألة ليست نقص كفائة فقط ...

و لكن هناك أيدى ملوثة ... تخرب و تدفع إلى الخلف عامدة و بإصرار ...

و لكنى لن أيأس ... سيتحقق الحلم و لكن بصعوبة أكثر و جهد أكثر.

لعلكم لا حظتم الإنقطاع المفاجئ لعدد من الأقلام و خاصة الأقلام الشابة الواعدة ..

هؤلاء - فى تصورى - ما زالوا فى دوامة التمزق ... تمزق المثقفين المخلصين من أجل إتخاذ موقف ..

أكرر و أدعوهم لإتخاذ موقف أى موقف ...

الموقف حالة عقلية تعطيك السلام النفسى .. و لن يعنى ذلك بحال أن الأجهزة ستكتشف أنك تحلم أحلاما خائنة !!

[mb14]

أكرر و أدعوهم لإتخاذ موقف أى موقف

يا سيدى الفاضل من يتخذ موقف الآن ربما ذلك يكلفه الكثير من ضرورات الحياة من عمل ومال ...........وربما الحياة نفسها الأغلبية آثرت السلامة الا ترى امامك الكثير من المفكرين ومن هم كانوا فى صف المعارضة تواروا الآن وانضوا تحت عباءة الرجل لكى يهنؤوا بالحياة مجرد الحياة ودع الملك للمالك وهناك أقلية اصبحت ترى امامها مايحدث لمن يحاول ان يقاوم او يسعى ان يعمل مجرد شئ خارج عن النص الموضوع .

يبدوا ان الموضوع ما فيهوش تهاون وكل اسلحة النظام جاهزة للأستخدام بوجود مبررات او بدون مبررات المهم هو اسكات كل معارض .

[عادل أبوزيد]

مرت تقريبا سنتان على هذا الموضوع و الموضوع لم يحظى إلا بتعقيب واحد .... تعقيب واحد قال الكثير !

ترى بعد سنتين هل تغير الوضع ؟