اسامة يس بتاريخ: 15 مارس 2005 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 15 مارس 2005 إن الإنسان كائن ضعيف متقلب الأجواء متغير الطباع ، تجده يسلك سلوكا حسنا وآخر سيئا ، تجده خيّراً ثم ما تلبث أن تجده شريرا ، الإنسان لا يمكث على وتيرة واحدة ، يغضب يهدا ، يفرح يحزن ، يقسو يحنو ، فهو بذلك مجموعة من المتناقضات المتشابكة المتداخلة التي يصعب الفصل بينها ، والأداة أو الوسيلة التي كلفت الفصل بين تلك المعتقدات والسلوكيات والتصرفات المتباينة والمتداخلة هو ( العقل ) . إذ أن العقل هو الأداة المسيطرة على النوازع والرغبات والأفكار والسلوكيات وكل المتناقضات التي أشرت إليها ، والعقل هو المهيمن عليها ، اقصد ( من الواجب أن يكون هو المهين عليها ) ، ولما كان العقل هو مناط التكليف ، والإنسان ما حمّل الرسالة وكلف بالفرائض إلا لأنه يملك هذا العقل ، كان لزاما أن من يملك العقل يملك حمل الرسالة ومن لا يملكه لا يملك حملها ، فهذا العقل الذي ملكه الإنسان هو الميزان الذي يفاضل بين الأمور ويرجح بينها ، وهذه هي وظيفته التي خلق من أجلها ، فالمجنون لا يملك العقل ( آلة التفكير ) وهو بالتالي لا يميز بين الأمور ولا يفاضل بينها ولا يتدبر فيها فيصل بناء على مقدمات ونتائج إلى الأصلح والأفضل من بين تلك الأمور ، ولكن إذا افترضت أن مجنونا ( صدق في قوله ) ] وكذب عاقل في قوله [ هنا نقول في هذا الافتراض أن المجنون عندما صدق في قوله لم يكن يستطيع إلا أن يصدق ، وحتى لو كان كذب في قوله فهو لا يستطيع إلا أن يكذب فهو لم يفكر لماذا نطق فصدق ! ولماذا إذا قال هذا الكلام سمي كلامه كذبا ، بينما العاقل على خلاف ذلك تماما ، فهو يصدق بتفكيره ويكذب بتفكيره وهنا قد يقول قائل إذن العقل لا يستطيع أن يصل إلى الحقيقة فهو قاصر مادام قد يصل إنسان بعقله إلى الكذب أو إلى غيره من الأخطاء .. أقول له وأجزم بأن ( كل فكرة أو تصرف أو قول بعيد عن الهوى هو نتاج التعقل ) .. أي نتاج عملية التفكير المبني على مقدمات ونتائج ، فالعاقل إذن إذا كذب لم يكن يحسن عملية التعقل أي التفكير بينما ( عقله ) غير قاصر عن هذا التفكير وبالتالي فهناك فرق بين ( العقل ) كآلة أو وسيلة لا تخطئ لأنها مناط التكليف ، تحملت عبء الرسالة ، ولا بد لها أن تكون كاملة غير قاصرة لأنها ستحمل رسالة من رب العزة وهي رسالة كاملة .. والناقص لا يحمل كامل ... أما التعقل وهو ( العملية الفكرية المبنية على المقدمات والنتائج البعيدة كل البعد عن الهوى ) مصداقا لقوله تعالى .. ( ونهى النفس عن الهوى ) ... والإنسان قد يصل بتعقله أي بتفكيره وبعده عن الهوى إلى قيم الحق وقد لا يصل ، لأن الإنسان لا يستطيع أن يجمع كل الأدلة وكل وجوه الحقيقة في آن واحد ( أي لا يستطيع أن يجمع كل المقدمات الصحيحة ويدخلها إلى عقله فينتج نتائج صحيحة بل قد يدخل مقدمات يظن أنها صحيحة وهي ليست كذلك رغم بعده عن الهوى فينتج نتائج غير صحيحة ) ولذلك كان لابد من شريعة من رب العزة تكمل عملية التعقل وتصل بها إلى ( الكمال التعقلي )أي الكمال الفكري( فالشريعة منحت العقل كل المقدمات الصحيحة والعقل بناء على ذلك لن ينتج إلا نتائج صحيحة ).. وبالتالي إذا ترك الإنسان دون شريعة قد يدخل عقله مقدمات غير صحيحة وبالتالي ينتج نتائج غير صحية ... والعقل والشريعة متحدان لا تضاد بينهم على وجه الإطلاق وإذا حدث وقال أحد أن هناك تضاد بينهم نكون بين أمرين : - إما أن يكون تعقله غير صحيح أي مبني على مقدمات غير صحيحة وبالتالي ينتج العقل نتائج غير صحيحة ( بافتراض البعد عن الهوى ) .. - أو أن يكون ما نسب إلى الشريعة ليس منها في شيء أي ما بنى تعقله عليه وافترض انه من الشريعة ليس من الشريعة بل دخيل عليها ... وقد يسأل سائل هذا السؤال إذا كنت تقول أن العقل كامل وغير قاصر فلماذا لا يصحح ما يدخل إليه من مقدمات غير صحيحة ؟؟؟! أقول إذا كان على العقل أن يصحح المقدمات لينتج نتائج صحيحة لكان ذلك خطأ في العقل ذاته وذلك للآتي : لو وضعت في آلة حاسبة أن 1+1= 3 ثم وجدتها من ذاتها أثناء ما كنت تجري العملية الحسابية تصحح لك هذا الخطأ ويصبح الناتج 1+1= 2 لكانت هذه الآلة فاسدة حيث أنك قد تضع فيها أن 1+1= 2 فتجدها تعطيك ناتجا آخر ومن هنا نخلص إلى أن العقل يخرج النتائج بناءا على المقدمات الموضوعة فيه فإذا وضعت في عقلك مقدمات تحفزك على القتل وغذيته بها إلى حد الإشباع وقتلت هنا لم يخطئ العقل ، ولهذا فالشريعة تأتي بالمقدمات الكاملة ليخرج لنا العقل نتائج لا تشوبها شائبة و إلا إذا افترض أن العقل قاصر ووضعت به المقدمات التي جاءت بها الشريعة وأنتج نتائج قاصرة فهو غير ملام ما دام هو قاصر والتشريع كامل .. الشريعة إذن هي المقدمات الصحيحة والعقل هو المنتج الوحيد لنتائج صحيحة . في النهاية نؤكد أنه إذا حدث تعارض بين الشريعة والعقل نكون بين أمرين : 1- المفترض أنه من الشريعة ليس منها في شيء . 2- أن التعقل فاسد ومبني على مقدمات غير صحيحة . فالشريعة عاقلة والعقل يهتدي بها لينتج نتائج لا تشوبها شائبة . خاتمة .. ( الشريعة هي المقدمات الصحيحة ، لعقل ينتج نتائج صحيحة ) ( يصح تعقل الإنسان ويخطئ بناء على ما يقدم إليه من مقدمات ) ( العقل يهتدي بالشريعة يستقي منها المقدمات الصحيحة ، والشريعة تعتمد على العقل كي تصل للناس ) ........ اسامة يس 2002 رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
مخلص بتاريخ: 15 مارس 2005 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 15 مارس 2005 الفاضل كاتب تلك السطور لدى تساؤلات: - هل كون الموضوع فى باب هدى الإسلام يعنى أنك تقصد الشريعة الإسلامية؟ - وإن كان كذلك فلم تجنبت التصريح المباشر - وإن كان الكلام بشكل مطلق على العقل فما الحال بالنسبة للغير مسلمين؟ - وفى النهاية ما أعلمه أن العقل عبارة عن خبرات ومعرفة ولا يلزمه أى شريعة (ليعقل) الأشياء إحتراماتى لما تشترى شريط وانت مسلم ودانك .. فلا عجب أن تردد ما سمعت مثل الببغاء ولما تقرا رأى وانت مسلم دماغك .. فلا عجب أن تردد ما قرأت مثل الببغاء ولما تردد كلام زى الببغاء باستمرار .. تفقد القدرة على التفكير ولما تفقد القدرة على التفكير ....... شوف انت بقى رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
الزوار Guest Mohd Gramoun بتاريخ: 15 مارس 2005 الزوار تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 15 مارس 2005 ميز الله الإنسان عن بقية الكائنات بنعمة العقل. عندما تقبل الإنسان حمل الأمانة كان ظلوما لنفسه جاهلا لتبعات المسئولية. أن الله منح الإنسان فرصة الحياة كاملة لتحقيق العهد المأخوذ سلفا. أن الله رفع الحجة عن الصغير حتي بلوغه و عن النائم حتي يصحوا و عن المجنون حتي يعقل.. و هذا معناه أن الله سبحانه و تعالي رسخ في العقل الخير و الشر و الصالح و الطالح من الأعمال -وهذه هي روح الشريعة الصحيحة- وأن الإنسان هو الذي يختار عمله من هذا او من ذلك ليكون بعد ذلك محاسبا من قبل ملائكته بعد الفرصة التي اخذها الإنسان خلال حياته. لذا الشريعه هي المفاهيم الذي يتعامل معها العقل من منطلق حق تقرير المصير الأخروي المرتبط بالإيمان بما حدده الله سلفا.. إذا هي حلقة مرتبطه لا يمكن فصلها أو فسخها أو حتي تمييزها وأن الفساد او الصحة مرتبطان بالشريعة قبل إرتباطها بالعقل ... و إن فساد الشريعه يؤدي لفساد العقل و العكس بالعكس. وكما أن العقل هو المحدد لإختيار صاحبه للشريعه الحقيقة الإلهية وليس الوضعية كما أنه المحدد لإختيار العمل الصالح الصحيح ..كذلك فإن الشريعه الحقيقة هي التي تنجوا بصاحبها من المهالك إلي بر الآمان و إلي وعد الله الحق. إذا فساد أيا من العقل أو الشريعه يؤدي لفساد الاخر طالما لم يعمل الإنسان تلك الهبة الإلهية في التفكير في صناعة تلك الشريعه.. وضعية تفسد العقول الخاملة أم إلهية تنقذ العقول العاملة.. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
اسامة يس بتاريخ: 15 مارس 2005 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 15 مارس 2005 (معدل) الفاضل كاتب تلك السطور لدى تساؤلات:- هل كون الموضوع فى باب هدى الإسلام يعنى أنك تقصد الشريعة الإسلامية؟ - وإن كان كذلك فلم تجنبت التصريح المباشر - وإن كان الكلام بشكل مطلق على العقل فما الحال بالنسبة للغير مسلمين؟ - وفى النهاية ما أعلمه أن العقل عبارة عن خبرات ومعرفة ولا يلزمه أى شريعة (ليعقل) الأشياء إحتراماتى الأخ الكريم مخلص .... في البداية اقول ... بالطبع انا أقصد الشريعة الاسلامية بصفة خاصة هنا ... لكن ... اذا ما صرفنا الأمر كمطلق ... اي ان الاسلام هو الرسالة التي بعث بها الأنبياء جميعا ... لاتسع النطاق ... اي لاصبحنا نتحدث عن جميع الشرائع .. ولما كان الامر محسوما لدينا أن الشريعة الاسلامية هي الشريعة الحقة باعتبارها المهيمنه على ما سبق من شرائع والخاتمة لها، فان حديثنا كان منصب عليها ... ولم يكن هناك تعمد قط ان احجب كلمة الاسلامية لكن المفهوم ان المصطلح يستخدم ليعبر عنها ما لم يصرفه دليل آخر ... النقطة الثانية .. عن العقل ... اخي الكريم .. قلت في حديثي ان هناك فرق بين العقل والتعقل .. ومن هذه النقطه انطلق لسؤالك الخاص بالنسبة لغير المسلمين ، الامر لا يختلف مطلقا اذا تحدثنا عن العقل .. فجميع البشر باختلاف الوانهم واجناسهم وميولهم وو الخ ، متساوون في العقل كآلة ... لانهم باختصار مطالبون ان يؤمنوا وكيف يتم ذلك دون عقل ...؟؟؟!! اما بالنسبة للتعقل .. فهو الذي يختلف من انسان الى آخر .. حسب خبراته كما ذكرتم .. وحسب بيئته وتربيته .. وحسب تكوينه .. وما ورثه .. وو الخ لكني أعلم ان كل انسان حاول ان يصل بتعقله الى الحقيقة .. _والتعقل كما ذكرته في صلب موضوعي .. يشترط فيه البعد عن الهوى_ .. فلن يضلله الله الرحيم .. باختصار كل باحث يبتعد عن الهوى سيصل .. والله هو أعلم بالقلوب وبالنوايا ... قال تعالى ( لهم قلوب لا يفقهون بها ) ... المحصلة ان الجميع امام العقل سواء .. وامام التعقل مختلفين .. سعدت جدا بالتحاور معكم .. وارجو من الله ان اكون وضحت ولو قليل من اسئلتكم .. خالص تحياتي لكم .. تم تعديل 15 مارس 2005 بواسطة اسامة يس رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
ابن القمر بتاريخ: 18 مارس 2005 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 18 مارس 2005 اخوانى بارك الله فيكم أستاذى الفاضل أسامه يس هذا من أروع ما قرأت عن العقل و الشريعه فى حياتى موجز, مبسط و حتما أصاب الهدف أعتقد جزما أن الشريعه هى الطريق و العقل (التعقل من مفهومك) هو السراج المنير لهذا الطريق, بدون أى منهما ضل الانسان عن هدفه و مسعاه. "فمن لا عقل له لا دين له" أتفق تماما معك, ولكن أود منك طرح الموضوعات التى تدور فى ذهنك المتعلقه بالشريعه من منظور العقل ولكم جزيل الشكر ;) لَمَّا خَلَقَ الله الْعَقْلَ اسْتَنْطَقَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ وَعِزَّتِي وَجَلالِي مَا خَلَقْتُ خَلْقاً هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ وَلا أَكْمَلْتُكَ إِلا فِيمَنْ أُحِبُّ أَمَا إِنِّي إِيَّاكَ آمُرُ وَإِيَّاكَ أَنْهَى وَإِيَّاكَ أُعَاقِبُ وَإِيَّاكَ أُثِيبُ. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
اسامة يس بتاريخ: 19 مارس 2005 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 19 مارس 2005 ميز الله الإنسان عن بقية الكائنات بنعمة العقل.عندما تقبل الإنسان حمل الأمانة كان ظلوما لنفسه جاهلا لتبعات المسئولية. أن الله منح الإنسان فرصة الحياة كاملة لتحقيق العهد المأخوذ سلفا. أن الله رفع الحجة عن الصغير حتي بلوغه و عن النائم حتي يصحوا و عن المجنون حتي يعقل.. و هذا معناه أن الله سبحانه و تعالي رسخ في العقل الخير و الشر و الصالح و الطالح من الأعمال -وهذه هي روح الشريعة الصحيحة- وأن الإنسان هو الذي يختار عمله من هذا او من ذلك ليكون بعد ذلك محاسبا من قبل ملائكته بعد الفرصة التي اخذها الإنسان خلال حياته. لذا الشريعه هي المفاهيم الذي يتعامل معها العقل من منطلق حق تقرير المصير الأخروي المرتبط بالإيمان بما حدده الله سلفا.. إذا هي حلقة مرتبطه لا يمكن فصلها أو فسخها أو حتي تمييزها وأن الفساد او الصحة مرتبطان بالشريعة قبل إرتباطها بالعقل ... و إن فساد الشريعه يؤدي لفساد العقل و العكس بالعكس. وكما أن العقل هو المحدد لإختيار صاحبه للشريعه الحقيقة الإلهية وليس الوضعية كما أنه المحدد لإختيار العمل الصالح الصحيح ..كذلك فإن الشريعه الحقيقة هي التي تنجوا بصاحبها من المهالك إلي بر الآمان و إلي وعد الله الحق. إذا فساد أيا من العقل أو الشريعه يؤدي لفساد الاخر طالما لم يعمل الإنسان تلك الهبة الإلهية في التفكير في صناعة تلك الشريعه.. وضعية تفسد العقول الخاملة أم إلهية تنقذ العقول العاملة.. اخي الكريم ... Mohd Gramoun شكرا على مداخلتك المتميزة .. خالص تحياتي .. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان