وداعا شواطئنا.

[محمود تركى]

وداعا شواطئنا.

فى جميع بلاد العالم المتحضر( بغض النظر عن الفقر أو الغنى) من حق الواطن أن يستمتع برؤية الشواطئ و الأنهار,والبحيرات, و البحر, والمحيط.

وقد كان ذلك موجودا فى فى مصر ,ثم جاء الطوفان.

اختفت الشواطئ المصرية. ليس لأن البحر أو النهر أو المحيط قد إبتلعها, ولكن لأن الحكومة قد باعت الشواطئ للأغنياء,و لشركات السياحة, و أصحاب المشاريع الإستثمارية و ذوى الحظوة

فى الشاطئ الشمالى, هل يمكنك رؤية البحر؟ فى فايد , هل يمكنك رؤية القناة؟ و فى الغردقة, هل يمكنك رؤية الشاطئ؟

الجواب هو , نعم , يمكنك رؤية الشاطئ , ولكن لا بد أن تكون مالكا لسراى على الشاطئ, أومقيما بمنتجع المليونيرات, او من ذوى الحظوة التى تتمتع بعضوية بعض النوادى الخاصة التى ليست مفتوحة للعامة.

كان عملى(حين كنت مازلت مقيما بمصر) يستلزم السفر الى بورسعيد (للترافع فى بعض القضايا) عن طريق قناة السويس, وكانت القيادة فى هذا الطريق الذى كان خاصا بهيئة قناة السويس متعة أتلهف لها , كما أن المواطن العادى كان يمكنه السفر على هذا الطريق أيضا, و الإستمناع بالمناظر الطبيعية, قناة السويس, البحيرات, البحر ألأحمر و البحر الأبيض المتوسط.

وكان هناك طريق آخر يطلق عليه "طريق المعاهدة", وكان مفتوحا للعامة و للأتوبيس, وحتى فى هذا الطريق, كان يمكنك التمتع أحيانا برؤية القناة, والسفن.

ثم زرت فايد أثناء وجودى فى مصر منذ 3 سنوات, ويا للهول:

أختفت القناة, وأختفى الشاطئ, وكما قلت, لم يكن هذا لأن القناة أو الشاطئ قد تم نقلهما الى مكان آخر, وإنما لأن الدولة قد باعت القناة وشاطئها للشيطان.

لقد خالفت الدولة جميع الأعراف و القوانين المطبقة فى بقية دول العالم, وقررت حرمان المواطن العادى متعة رؤية الشاطئ التى أصبحت مقصورة على المليونيرات, وألمستثمرين, وأصحاب الحظوة, وأعضاء مجلس الوزراء, وتجار المخدرات, و البلطجية, و أغنياء الحرب , و محتكرى الحديد و الصلب, ولكن أنا وأنت. فليس لنا الحق فى متعة رؤية الشاطئ, أو القناة, أو المياة.أو السفن التى تمخر فى القناة.

و كما قلت, لم يقتصر ذلك على شواطئ القناة, بل إنتشر كالطاعون ليصيب جميع شواطئنا. على البحر الأبيض, والبحر الأحمر, و البحيرات , و شواطئ النيل.

إن ما حدث فى الغردقة كان أسوأ من مجرد حرمان الناس من التمتع بالطبيعة . بل أن الغردقة فى الوقت الحالى هى مثال لإستهتار الحكومة بمصلحة المواطن المكافح الذى يبحث عن لقمة عيش كريمة,

قد تكونوا قد زرتم الغردقة للسياحة ولكن هل زرتم الغردقة للإقامة و المعيشة الدائمة؟

إذا كنت سائحا مملوءا بالدولارات, فكل شيئ على ما يرام, اما إذا كنت تعمل أو تعيش هناك, فإن بينك وبين النعيم شارع واحد, وهو شارع الكورنيش, تنتقل من الأبّهة الى مدن العالم الرابع, وليس الثالث,منازل عشوائية, طفح, قذارة و مخلفات فى الشوارع, فقر مدقع, على خطوات قليلة من غناء فاحش فاجر, الملايين تُصرف على الغنى, والملاليم لا تُصر ف عى الفقير.

هذه هى العدالة الإجتماعية التى طبقتها, وتطبقها الحكومة, وأنا أدين أى حكومة ترتكب هذه الأخطاء فى حق مواطنيها.

لك الله يا مصر.