أدوات الفرح ... التوريث الديمقراطي ... وموالد أخرى

[وائل نوارة]

أدوات الفرح ... التوريث الديمقراطي ... وموالد أخرى

تقرأ الصحف، فتعجب. كيف نعيش إلى الآن ونحن نعاني منذ سنوات طويلة من حالة مرضية من النفاق الجماعي وخداع النفس، مع الإغراق في إنكار المرض والإصرار على أننا أصحاء 24 قيراط، وأن سبب تخلفنا هو الظروف العالمية، والحرب على الإرهاب، وتآمر الدول الكبرى والصغرى علينا، وزيادة السكان، والقضاء والقدر، اللهم لا اعتراض.

أدوات الفرح

الشيخ ... رئيس حزب الطرابيش وقراءة الكف – وهو حزب معاضد، يؤكد أن أعضاء الحزب سيذهبون جميعاً للاستفتاء ومعهم كل "أدوات الفرح"، ليعلنوا تأييدهم لتعديل الدستور وللرئيس مبارك. وهذا التصريح جاء في سياق محاولة النظام وأتباعه حشد الجماهير للتوجه للجان الاستفتاء، لا للتصويت أو المشاركة، بل للفرجة على رؤساء الأحزاب المعاضدة المبجلين، وهم يدخلون المقار الانتخابية تتقدم كل منهم زفة بالطبل البلدي والزمر والصاجات والغوازي والعوالم، وفتح عينك تاكل ملبن، والأراجواز، ونافخي النار، والمراجيح والنشان، وميمون يؤدي عجين الفلاحة، وغيرها من أدوات الأفراح والليالي الملاح والموالد الشعبية الأصيلة، وهذا بالتأكيد سيرفع من نسبة حضور الجماهير للمقار الانتخابية، أما لزيادة نسبة المشاركة الفعلية في الاستفتاء، فنقترح أن تكون الفرجة بالمشاريب، أي لا يسمح الأمن بالفرجة إلا لمن شارك بالتصويت أولاً، وبعدها يستطيع أن يخرج ليستمتع بالمولد، وهذا يستدعي تنظيم المرور في المقار بطريقة الاتجاه الواحد "وان واي"، مع وضع "أدوات الفرح" بعد مكان التصويت.

دايات بلا سونار

لا يزال مزاد المبايعة مفتوح لمن يود تعلية العطاءات، فبعد 5 مليون مبايع دقهلاوي، ومثلهم من الغربية، و8 مليون من الطرق الصوفية، و2 مليون مهني، و24 مليون عامل، ننتظر أن يعلن كبير مشجعي النادي الأهلي أن 40 مليون أهلاوي يبايعون الرئيس، وأن يعلن رئيس رابطة محبي أم كلثوم أن 45 مليون من عشاق أم كلثوم يبايعون الرئيس، وأن يعلن وزير الهواء أن 70 مليون متنفس يبايعون الرئيس، وطبعاً هناك رابطة "دايات بلا سونار" التي أعلنت بالفعل أن هناك مليون جنين في بطن أمه يبايعون الرئيس!

أشرف مهنة ... و"أعرق" مهنة

رئيس تحرير جريدة كبرى يرفض مسلك "الفئة العابثة من الشتامين المأجورين المبتزين الباحثين عن أي دور والذين ابتليت بهم أشرف مهنة في الوجود"، ونفترض هنا أن أشرف مهنة في الوجود هي القضاء العادل، وأن السيد رئيس التسهيل والتحرير، وأحد كبار كهنة التجميل والتبرير، غير راض عن الموقف الصلب لنادي القضاة الذين رفضوا أن يكونوا أداة في يد النظام يزور بها إرادة الشعب، وطالبوا باستقلال القضاء وضرورة وجود قواعد موضوعية تضمن أن يأتي إشراف القضاء على الانتخابات بصورة جدية تكفل نزاهة الانتخابات. يبدو أن ممارسي "أعرق" مهنة في الوجود لا يستلطفون دم أصحاب أشرف مهنة في الوجود.

جار السو ... والتوريث الديمقراطي

واحد آخر من رؤساء تحرير صحف تجميل النظام يأتي من دولة هي جار خليجي! أجاركم الله من النفاق والمنافقين! وهذا الجار جاء من الخليج خصيصاً ليعلمنا قواعد العمل السياسي والحكم الرشيد، ويتغنى في محاسن الحكم الشمولي، وخاصة الذي ينتهي بالتوريث الديمقراطي الذي يتماشى مع ثقافتنا القومية وإرثنا التاريخي، ثم بدأ الجار يشتم ويسب المعارضة المصرية، فوصم الإخوان بالعمالة، و"كفاية" بالخيانة، و"جماعة" الغد (المحظورة؟) بأنها مأجورة، وقصر الإخلاص والوطنية والشهامة والرجولة على الحزب الحاكم ورجالته الجدعان قوي، الذين لا يقبلون المعونة من أمريكا، ويرفضون التطبيع والكويز، وليسوا أعضاءً في أي مجلس أمريكي رئاسي، ولا يحبون أمريكا ولا يسمعون كلامها في أي شيء. ماشي. وبعد كل هذه المحاضرات العصماء والأسئلة التي تحوي الإجابة ذاتياً بصورة مدمجة تمشياً مع تقنيات الليزر الحديثة، بعد كل هذا، لم نسمع من يحتج على هذا التدخل الخليجي في الشئون الداخلية المصرية؟ هل هذا لأن النبي عليه الصلاة والسلام وصى على سابع جار، أم لأن الجار يتمتع بحق الشفعة؟

وعد من الجماهيرية العظمى

فجأة قررت الجماهيرية الليبية العظمي أن تكون طرابلس – وليس شرم الشيخ- هي مكان انعقاد القمة الأفريقية المصغرة لمناقشة أزمة دارفور، وصرح مسئول سوداني أن دارفور اقرب للعمق الليبي وأن القاهرة غير معنية بالأزمة(!) هذا وقد قرر العقيد القذافي نقل القمة إلى ليبيا، رغم أن القمة كان مقرراً لها أن تعقد في شرم الشيخ بمصر، ونسق القذافي مع زعماء 4 دول وتجاهل مصر، بحيث جاء قرار النقل كمفاجأة لمصر(!) وأكد مصدر دبلوماسي مصري أن ليبيا تتمتع بعلاقات قوية مع الدول الأفريقية، وأوضح المصدر أن مصر لا تتردد في حضور القمة في طرابلس لأنها تطمع في المرحلة الحالية في كسب ثقة الدول الإفريقية(!) ولهذا فإن مصر تقبل بنقل مكان الاجتماع، ولكن في المقابل ستسعى مصر لأخذ وعد من ليبيا(!) لتعزيز موقفها ودعمها في الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن! أي والله، ستسعى مصر لأخذ وعد من ليبيا بأن تدعم طلب مصر في الحصول على مقعد دائم ... في مجلس الأمن. حسبنا الله ونعم الوكيل ولا تعليق.