اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

صفقة جديدة مع امريكا لاطالة عمر النظام


mb14

Recommended Posts

محمد عبدالحكم دياب

يبدو أن صفحة نظام الرئيس حسني مبارك لا تريد أن تطوي بهدوء وسلام، رغم عشرات الفرص الذي أتاحها معارضوه ورافضوه، ويبدو ـ أيضا ـ أن الولع بالتحكم وجمع المال جعل هذا النظام رهينة حالة من سوء السمعة والفساد ندر وجودها أو منافسته فيها، والسبب كامن في أنه لا يتصور نفسه بعيدا عن حكم أتاح له كل هذه الفرص، وهذا وضع الصفقة، التي توصل إليها مع الإدارة الأمريكية، والتي تعمل علي مد عمر هذا النظام لسنتين أخريين، تحت المجهر، بسبب ما أحاط بها من تكهنات، فمن قائل انها تمكن الرئيس حسني مبارك من ترتيب أوضاعه، وقائل آخر ينسب إلي السيدة سوزان مبارك أن هذه فترة كافية ومناسبة لتهدئة الأوضاع وتمرير مخطط التوريث !!.

ويتردد أن علاء، الإبن الأكبر، للرئيس حسني مبارك، يري رأيا آخر، سعيا وراء إخراج عائلته من عنق الزجاجة التي دخلتها، ففي الوقت الذي تري حرم الرئيس، أن فترة السماح أكثر من كافية، فهي تحتاج أقل من سنتين، تستكمل فيها الترتيبات القانونية، البهلوانية ، بمساعدة ترزية القوانين، لكي يضعوا المواطن بين خيارين لا ثالث لهما.. خيار الأب بالتجديد والإبن بالتوريث، أو خيار الجحيم الذي أطل برأسه يوم الاستفتاء علي تعديل المادة 76، وإذا ما تمت هذه الترتيبات فإن هذا يعني خلود الرئيس حسني إلي الراحة، بعد أن يكون قد أنجز، من وجهة نظرها، إنجاز عمره.. حقق للإبن طموحه، وحقق لها ما نذرت نفسها من أجله، وتسمح له بترك البلاد والاستقرار في البلد الذي يريد.

وعلاء مبارك يري أن التطورات أسرع من ترتيبات تتولاها حرم الرئيس، تسير في اتجاه ليس في صالح العائلة منفردة أو مجتمعة.. وعلي الوالد أن يقر بانتهاء حكمه، فما يحدث ليس أكثر من لعب في وقت ضايع ، من وجهة نظره، إذا لم يستغل الاستغلال الصحيح، تضيع الفرصة علي الجميع. وهو علي قناعة بأن فترة السماح الأمريكية ليست مضمونة، وقد لا تجنب النظام تفادي مصيره المحتوم، في ظل رفض شعبي كاسح، وتأتي التطورات، التي جرت علي الصعيد العربي، لتجعل أغلب الحكام العرب يرون أن الرئيس حسني مبارك تحول إلي مشكلة.. يحملهم أعباء لا طائل منها، فهم ليسوا مسؤولين عن تردي الأوضاع الاقتصادية في مصر، وهم إن قبلوا بإلحاحه الدائم محرجين، فيقدمون له المساعدة والعون والمشاركة في مشروعات، حتي لو كانت وهمية، لامتصاص الغضب الداخلي، وتهدئة الأوضاع، وتنشيط السوق المصري إلي ما بعد انتخابات الرئاسة في أيلول (سبتمبر)، وانتخابات مجلس الشعب في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، وتمرير عملية التوريث بسلام، لم تعد شكاواه الدائمة وتوسلاته مبررا للوقوف معه. بعد أن ازدادت قناعتهم بأنهم لن يجدوه إلي جانبهم، ساعة الشدة أو التعرض للخطر. فهو يميل إذا مالت كفة الغرب والدولة الصهيونية ضدهم.. ويري علاء أن زعماء عربا يتمنون رحيل والده، اليوم وليس غدا ،.. فاستمرار طلب المال بدعوي الأزمة الاقتصادية، وهو الأغني من كثير منهم.. لديه من الأموال، هو وأسرته، إن لم تساعد في حل الأزمة، فهي علي الأقل تقلل من تفاقمها، إذا ما عادت إلي خزانة الدولة!!، وقد أصيبوا بالملل، في مثل هذا المناخ ليس هناك من سبيل إلا ترتيب أوضاع المنفي!!.

ترتيبات لا تنفع فيها المكابرة ولا العناد، أو تحدي جموع الناس، أو عدم كبح جموح الأسرة، والحد من تطلعات لا تنتهي، وتكتفي بما حققت، وتنظر إلي ما يحيطها بشكل صحيح، وإذا تصرفت بغير ذلك، فمن المتوقع أن تكون النتائج بالغة السوء، فتخسر كل شيء. والبديل، لدي علاء مبارك، مشاغلة الرأي العام في الداخل، بكل السبل والطرق، حتي يتمكنوا من تصفية ممتلكاتهم، وتقدر، حسب مصدر مطلع، بمليارات الدولارات، وتنشيط حركة بيع أصول ومنشآت وشركات وأراضي العائلة ، سواء المسجلة باسمها، أو بأسماء أخري، وقد قدرت المدة المطلوبة لهذه العملية في حدود السنة، بعدها يمكن لهم أن يضيفوا مليارات الداخل إلي مليارات الخارج. ويكونون بذلك قد حافظوا علي ثروتهم من الضياع. وترتب علي ذلك توقف البناء في القصر الذي كان يشيده الرئيس حسني مبارك لنفسه، وينفذه له محمد إبراهيم سليمان، وزير الإسكان والتعمير، علي طريق مصر الاسماعيلية، وتوقف، كذلك، بناء قصر علاء، الذي كان يعده لإقامته الشخصية.

أما من ناحية ما نشرناه في مقال السبت الماضي، وأثار قلقا في أوساط المصريين، فمعلوماته تأكدت بطريق آخر، ففي يوم صدور عدد القدس العربي ، إنتشرت في الأوساط اللندنية أخبار تقول بأن جهة أمنية أوروبية استدعت شخصية مصرية منفية ـ إختياريا ـ في بلد أوروبي آخر، بعد القبض علي مجموعة إرهابية مصرية، أشارت إليها هذه الأوساط بأنها تتبع جهة من الجهات المصرية، وتستهدف هذه الشخصية، وأحضرت هذه المجموعة أمامه، خلف حاجز زجاجي، يراهم ولا يرونه، للتعرف عليهم، وتحديد شخصياتهم، وإذا ما كان يعرف منهم أحدا، وطلبت منه هذه الجهة الأمنية أن يأخذ حذره.. وبقدر ما يسعد الكاتب أو الصحافي بظهور شواهد بهذه السرعة تؤكد صدق معلوماته ودقة مصادره، إلا أنه يصاب بالغم الشديد لهذا السقوط المريع، والانحدار إلي هذا المستوي من التردي في التصرفات ومعالجة الأمور، وهو شيء غير مقبول أيا كان فاعله.

والسؤال هو عن كيفية وقوع هذه العناصر في يد جهاز أمن أوروبي؟ هل صدرت منهم تصرفات تدل عليهم وعلي مهمتهم؟ أم أنهم قاموا بتسليم أنفسهم؟ ويزداد لدي الإحساس بترجيح هذا الاحتمال. وعلينا أن نتوقف لحظة أمام مسلمات تستبعد حدوث مثل هذه التصرفات المتدنية، وذلك السلوك المشين من مسؤول مصري مهما كان، وقد يمتلك أصحاب هذا الرأي المبرر إذا ما كان سير الأمور في الاتجاه الوطني، وفي خدمة المصلحة العامة.. ولأنني من جيل كان، وما زال، ينظر إلي التفريط في القضية الفلسطينية خط أحمر لا يمكن تجاوزه، وليس الخط الأحمر هو مقام الرئاسة كما تعود المنافقون، فعندما رأينا السادات وهو يهبط في مطار بن غوريون بتل أبيب، وكان في استقباله تلك الثلة من قادة الاستيطان والجماعات الصهيونية الإرهابية المسلحة، التي كانت تغير علي الفلسطينيين، حتي استولت علي كثير من أراضيهم وممتلكاتهم، وهي نفس الجماعات التي تشكل منها جيش الدولة الصهيونية، بعد قيامها، وهو جيش لم يتورع عن قتل الأسري، بتحد سافر لكل القوانين والأعراف والقيم.. يومها ونحن نفقد صوابنا، فقدنا شيئا آخر، كان مصدر راحة لنا في السابق، كان هذا الشيء هو المسلمات التي وضعت خطوطا حمراء حماية لقضايانا المقدسة من الانتهاك، ومعها طَلّقنا الدهشة، وزدنا استعدادا لأسوأ الاحتمالات، ففي زمن يصبح فيه المغتصب والمحتل أهم من الشعب، وتنقلب المعايير، التي تنقل الصديق لخانة الخصم، وتوفر الحماية للعدو وتسحبها من الشقيق. سيستمر هذا الوضع حتي يأتي زمن، قد لا يلحقنا، يعاد فيه الاعتبار إلي تلك المسلمات المنتهكة والخطوط الحمر المهشمة.

قناعة جعلتنا لا نتوقع غير الأسوأ، من نظام الرئيس حسني مبارك، وبصراحة لم يخيب ظننا مرة، وأثبت صحة وجهة نظرنا دائما، ومصداقية ما نكتب ونخط، ليس إبراء لذمة، إنما أداء لرسالة بقدر الطاقة والاستطاعة. ولهذا لم يكن ما رددته الأوساط اللندنية مفاجئا. علي الرغم من وجود مصريين ما زالوا لا يتصورون انحدار نظام الحكم إلي هذا الدرك، وتقديراتهم غير صحيحة، وهم، دون دراية منهم، يمنحونه صك براءة لا يستحقها، ويبدون وكأنهم شركاء له في سوء التدبير والنية، وفي الحد الأدني مشجعين لتصرفاته، ومن غير الجائز منح صك براءة لنظام لا يمت للبراءة بصلة، أو إحسان الظن بسياسة نذرت نفسها لخدمة الشيطان.. أي شيطان. كيف يأمنون لمن أذلهم وأفقرهم. وقد يتصور الرئيس حسني مبارك أن هذا خط دفاع أخير، بعد أن تصاعدت حوله حالة هيستيرية يعض أصحابها أصابع الندم لأنهم لم يجهزوا علي عبد الحليم قنديل عند اختطافه، فلو أنهم أسكتوه إلي الأبد لكان عبرة لغيره، وجنبهم وجع الدماغ .. ومنهم من قال كان يجب أن يلحق برضا هلال ، الذي اختفي ولم يعثر له علي أثر حتي الآن.

أسلوب التصفية الجسدية للخصوم السياسيين، انتهي في مصر منذ تصفية الحرس الحديدي ومحاكمة رموزه، منذ أكثر من خمسين عاما، وعودته يضع أنصاره خارج عداد البشر الأسوياء، فالرد علي الرأي والمطلب بالرصاصة أو السكين أو السم، يعكس مستوي المأساة التي يعيشها نظام الحكم المصري.. لا تنقصه الفضائح.. وليس في حاجة إلي مزيد يضاف إلي فضائحه المدوية، والفضيحة الحالية ستعكر علي الرئيس حسني مبارك وعائلته صفو فترة السماح التي حصلوا عليها، وتزيد من رفض الرأي العام المصري لسياساته، وتجعل الرأي العربي أكثر تأييدا للتحركات الشعبية ضده. ولن يختلف الرأي العام الأوروبي والعالمي كثيرا.

إن أي شهيد مصري، يقع برصاص أو سكين أو سم غادر أو بحادث مدبر، في الداخل أو الخارج، قد يفجر انتفاضة لا يصلح معها قمع أو تنكيل، فالرصاص الذي وجه إلي صدور ورؤوس الإيرانيين، في نهاية السبعينات، لم يمنع الشاه من السقوط، وهو الذي كان يمتلك القوة العسكرية الخامسة في العالم، وكان وأسرته، مثل الرئيس حسني مبارك وعائلته، لا يتأخرون في تنفيذ أي أمر من البيت الأبيض، ولا يخالفون رغبة تأتي من تل أبيب، لم يحمه الجيش القوي، ولا السافاك الرهيب، والرئيس حسني مبارك لا يتعظ، والذي استمر كل هذه السنوات لا يجد العظة في حادث المنصة، الذي أودي بحياة السادات، وقد كان علي بعد سنتيمترات منه. لا تبق له غير رصاصة رحمة معنوية، تطلقها عليه هبة شعبية تنهي سياسة لم يبق منها شيء مؤثر، ولم يعد لوجودها أي مبرر، فتريح وتستريح بعد أن ضاق الكل بها ذرعا.

القدس العربى

ومن لا يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر
رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...