الأفوكاتو بتاريخ: 15 يوليو 2005 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 15 يوليو 2005 مصرع النظام العام , فى الشارع المصرى أصدقائى الأعزاء, سأعود بكم قليلا إلى االماضى القريب , عندما كتبت فى سلسلة مقالاتى عن" محو الأمية القانونية", عن الخصائص التى يحب أن تتوفر فى القانون لكى يكون صالحا, و مؤثرا, و منتجا للآثار المرجوة من وجوده. و ألخص هذه الخصائص فى النقاط الآتية: 1- أن يكون القانون واضحا و مفهوما 2- أن يقدم القانون حلولا لمشاكل إجتماعية أو إقتصادية, أو سياسية أو أمنية. 3- أن تكون هذه الحلول قابلة للتنفيذ 4- أن تتوافر الآليات اللازمة لتطبيق هذه الحلول بكفاءة 5- أن تكون عقوبة المخالف للقانون عادلة, و رادعة فى نفس الوقت 6- أن يسرى القانون على الجميع بدون إستثناء فإذا نظرنا إلى ما يحدث فى الشارع المصرى, و لا أقصد بكلمة الشارع, " شارع عماد الدين" مثلا, بل أقصد ما يحدث فى حياتنا اليومية, و ما يتعرض له المواطن المصرى أثناء بحثه عن لقمة العيش, أو الذهاب إلى عمله, أو قضاء إحتياجاته, أو محاولة الترفيه عن نفسه وعن أسرته. لو نظرنا إلى ما يحدث الآن للقانون و النظام العام, لرأينا أن القانون يُركل بالحذاء كل يوم, و كأن النظام العام قد إنتقل إلى رحمة الله. ..... أى أصبح " مافيش" . نحن دولة تملك كم هائل من القوانين, و لدينا حكومة, و لدينا وزراء, و لدينا محاكم, و مع ذلك, ليس لدينا نظام عام, و ليس لدينا معايير محددة واضحة, لماهو مسموح , أو ما هو ممنوع . و اليكم بعض اللقطات من الشارع المصرى, التى تؤيد هذا الزعم: * المرور: من يستطيع أن يدعى أن لدينا قواعد لتنظيم المرور؟ و إذا أتى لى شخص ببعض الكلمات المطبوعة, و التى تقول أنها قوانين لتنظيم المرور, فسأقول له أن هذه اللوائح و القوانين لا تساوى ثمن الحبر المطبوعة به, فالمرور فوضى, و الإشارة الحمراء معناها" إندفع" , و الخضراء معناها" أنت و حظك", و الحوارى المحددة باللون الأبيض على الطريق( إذا وجدت) ليست سوى ديكور, أما عبور المشاة, فهو أكبر نكتة يضحك عليها زوارنا من السياح, حتى لو كانوا من مجاهل أفريقيا, و الخطوط البيضاء الدولية ( زبرا) التى تحدد مكان عبور المشاة, هى" صك وفاة" لمن يؤمن بها, فلا أحد مسئول يراقب تنفيذها, و لا أضواء حمرأ و خضراء توجد لضمان أدائها واجبها. و أولوية المرور فى الميادين لا يراعيها أحد, و تتم بالفهلوة, و الذى يضع أنف سيارته أولا مهما كان مخالفا, هو الكسبان. و المسافة القانونية بين السيارات أثناء السير لا يعرفها السائق المصرى, و لا أحد يهتم لا يقوم أفراد شرطة المرور بواجبهم, و نراهم يتسكعون, و يتجمعون على نواصى الشوارع, يدردشون, و يدخنون, و لا مانع من سندوتش و زجاجة " سبريت". و ركن السيارات فى الشوارع أصبح على المزاج, و الكل مسموح, مادام الشرطى فى خدمة المواطن..... الذى يستطيع الدفع.أو الذى يعلق شعار جيش, أو بوليس على سيارته, أو من يقول للشرطى بهنجعية و إزدراء: أنت مش عارف أنا مين؟ * الشارع نفسه: لا يوجد شارع واحد فى مصر يمكن أن نقول أن له رصيف بالمعتى المألوف( ليس هنا طبعا), سوى الشوارع التى يسكنها " صفوة المجتمع" أى المقربون, و النهابون, و الوزراء, و خدمهم, و حواريهم, و أقاربهم من الدرجة الرابعة. عدا ذلك, فالرصيف ليس موحد الإرتفاع, و يرتبع و ينخفض مستواه كل عشرة أمتار, هذا إذا لم يختفى الرصيف بأكمله خلق إشغالات الطريق, و عربات الخضار و الفاكهة, , و معروضات المحلات التى تحتل أالمساحة التى تقع أمام محلهم و كأنها ملكهم و ليست ملك الشعب, بل لقد رأيت محلا فى شارع جامعة الدول يستعمل الرصيف بالكامل كامتداد لمحله المتخصص فى تصليح كاوتش السيارات, يما يستلزم ذلك من وضع حوض ماء كبير وسط الطريق, لزوم الكشف عن الخروم فى الكاوتش, و أيضا موتور لضغط الهواء, لنفخ الإطارات, كل ذلك على الرصيف, مجبرا المشاة على النزول إلى وسط الشارع لكى تلهفهم سيارة. * التلوث البيئى عندنا مقدار كبير من القوانين و اللوائح التى تهدف إلى منع, أو الإقلال, من التلوث البيئى, الذى يأخذ عدة صور., من قاذورات ملقاة فى الشارع, إلى عادم السيارات, إلى حرق قش الرز و الزبالة, إلى إلقاء جثث الحيوانات النافقة فى النيل و الترع, إلى تسريب الصرف الصحى إلى الأنهار و المصارف.ألى التخلص من الكيماويات السامة من نفايات المصانع, إلى نهر النيل العظيم. · التلوث السمعى: تعتبر مدن مصر من أكثر مدن العالم ضوضاء, فأصوات الكلاكسونات, و باعة أنابيب البوتاجاز, و صوت المذياع المفتوح على آخره بدون مستمع, فى الشوارع و الحارات, و المقاهى, و السيارات, و الأتوبيسات, بل الأدهى من ذلك فى سيارات التاكسى, سواء رضى الراكب أم أبى, و أخيرا السوبر جيت, الذى رغم وجود سماعات منفصلة لكل مقعد, فإن مديريها يصممون على رفع الصوت فى جميع السماعات. و لا تقتصر الضوضاء على هذه الأمور البديهية, فإن كثير من العمارات, و للزوم الوجاهة, تركب آلآت تكييف هواء, يستمر ضوضاؤها طوال الليل, و خاصة ما كان منها مُركيا فى الفنادق أو المطاعم, و من ليس لديهم تكييف, عليهم تحمل الضوضاء طوال الليل, فضلا عن الحرارة. · مخالفات البناء: نسمع, و نرى, من حين لآخر ,عن سقوط أو إنهيار عمارة, وا لسبب فى ذلك هو مخالفة لوائح البناء, و الفوضى فى إصدر تصاريحها, و المغلاة فى الإرتفاع بالأدور, مخالفين القانون. و أنا متأكد, بعد رؤية الكم الهائل من المنازل المبنية عشوائيا, ألتى تبنى كل يوم على هوامش القاهرة, فى ظلام الليل, أن ضحايا سقوط المبانى الفاسدة سوف يفوق ضحايا زلزال تركيا. · و من أسباب سقوط المنازل: 1- زيادة إرتفاع المبانى عن القدر المرخص به. 2- إستعمال أسمنت و خامات مغشوشة, فى بناء الأساسات. 3- رشح المياة نتيجة سوء السباكة, مما يؤدى إلى صدأ الحديد المسلح, و إضعاف و تشقق الخرسانة. 4- عمليات التجميل و الإضافة, التى انتشرت كالسرطان, ليس فقط فى مناطق المنازل العشوائية, بل فى وسط العاصمة, و المدن الجديدة, لقد رأيت عمارات و فيلات حديثة, تم تشويهها عمدا, و رغم أنف القانون, لكى يزيد مستأجرها, او مالكها المساحة التى تحتلها البلكونة, إلى حجرة الصالون او حجرة النوم, و يؤدى هذا إلى تشويه واجهة البناء, و المنظر العام, فضلا عن إضافة ثقل لم يكن محسوبا, على أساس العقار, مما يزيد إحتمال إنهيار هذا العقار بدون إنذار. و لكن الخطر الأكبر هو عندما يقوم بعض المستأجرين, و بعض الملاك, بإزالة لعض الأعمدة الأساسية من منتصف البناء, مما يعتبر روشتة هلاك لمئات من السكان بدون سابق إنذار. · المخالفات: المقصود من عقوبة" المخالفة" هو عقاب المخطئ الذى يتعامى عن إحترام القانون, و يرتكب عملا موجبا للمساءلة. و لكن, يبدوا أن السياسة العقابية فيما يخص " المخالفات" أصبحت أمرا يجوز فيه الفصال. فمن القصص التى سمعتها من ضحايا مخالفات السيارات, يبدوا أنه من الطبيعى حاليا حدوث الآتى: 1- أن يجد مغترب يحتفظ بسيارته فى جراج الفيلا المغلق لمدة عام, أن سيارته " الشقية" قد إستغلت غيابه, و خرجت ترفه عن نفسها, ضاربة بقواعد المرور عرض الحائط, مستوجبة بذلك توقيع غرامات تصل إلى آلاف من الجنيهات. 2- و سواء أكانت المخالفات حقيقية, أم عشوائية, فإن أدهى ما سمعته هو نظام " الفصال" الذى إبتكره بعض ضباط بوليس المرور, و أعطاه رجال نيابة المرور شرعية غير شرعية. ما معنى أن يتظلم شخص من مقدار الغرامة, لأنه لم يرتكب كل أو معظم المخالفات,؟ ثم يسمع من ضابط المرور أنه يمكنه دفع نصف الغرامة, أو ثلثها, و يشترى نفسه؟ و ينتهى الموضوع؟ و ماذا يعنى , بعد أن يرفض صاحب السيارة أن يدفع " الإتاوة" و يتظلم إلى نيابة المرور, أن يقول له وكيل النيابة: " خلاص... ننزلك كمان 300 جنيه, ماتزعلش" كيف نتصور أن تحل مثل هذه القضايا بالفصال؟ و هل أصبحت النيابات و المحاكم عربات بيع بطيخ؟ فى الماضى, كانت مصر تفخر بأنها دولة القانون و المؤسسات, و كان المصرى يفخر بحضارة ريفه و مدنه, و بيته و ملبسه,و جاره و عسكرى البوليس, و خفير الدرك. أين ذهب هذا الإحترام للقانون و النظام؟ وهل جاء هذا التدهور نتيجة لتدهور أسلوب الحكم و تراخيه؟ أم نتيجة فساد إنتشر و أستشرى فى مجنمعنا, شارك فيه كل من النظام القائم, و إتساع الفروق بين الطبقات, و إختفاء العدالة الإجتماعية؟ أين ذهب القانون؟ أين ذهب النظام؟ إبحثوا عنه معى, و إلا ضعنا جميعا. . اقتباس أعز الولد ولد الولد إهداء إلى حفيدى آدم: رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
فنكوش بتاريخ: 15 يوليو 2005 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 15 يوليو 2005 مصرع النظام العام , فى الشارع المصرى - أن يسرى القانون على الجميع بدون إستثناء هذا هو مربط الفرس لان القانون كان يطبق على من لا يملكون الواسطه اما الان فالقانون لا يطبق الا في حالات استثناء مثل كمين مرور او بعد انهيار عماره او شكوى من سفير اجنبى غير ذللك لا تجد القانون :D :wub: :wub: :wub: اقتباس ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت اظنها لا تفرج قالوا لى انت متشائم بتشوف بس النص الفاضي بص على النص المليان لما شوفته قلت مفيش فايدة رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Alshiekh بتاريخ: 15 يوليو 2005 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 15 يوليو 2005 أين ذهب القانون؟أين ذهب النظام؟ إبحثوا عنه معى, و إلا ضعنا جميعا. فى البيات الشتوى واتمنى الا يطول اقتباس -- {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ}(11){اَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ}(12)وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ}(11) ذو العقل يشقى في النعيم بعقله *** وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم***************مشكلة العالم هي أن الحمقى والمتعصبين هم الأشد ثقة بأنفسهم ، والأكثر حكمة تملؤهم الشكوك (برتراند راسل)***************A nation that keeps one eye on the past is wise!AA nation that keeps two eyes on the past is blind!A***************رابط القرآن كاملا بتلاوة الشيخ مصطفى إسماعيل برابط ثابت مع رابط للقراءة***************رابط القرآن كاملا ترتيل وتجويد برابط ثابت مع رابط للقراءة***************رابط سلسلة كتب عالم المعرفة رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
shawshank بتاريخ: 16 يوليو 2005 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 16 يوليو 2005 (معدل) الفاضل أفوكاتو أعتقد أن كل النقاط الست التي ذكرتها كخصائص ينبغي وجودها في القانون ، لا تتوافر عندنا في مصر. و لعل - كما ذكر الأخ فنكوش - عدم تطبيق القانون على الجميع أكثر تلك النقاط خرقا. و أضيف لها حجم العقوبة ، و أحيانا وجود العقوبة في حد ذاته. فأنا أرى عدم واقعية حجم العقوبة ، أو وجودها أصلا ، و لعل هذا أحد أسباب عدم تطبيق تلك العقوبة. فأنت - يا واضع القانون و يا من عليك تنفيذه - ترى أمامك حال الناس و ترى ظروفهم المعيشية التي تدفعهم إلى خرق القانون ، هذا بالإضافة إلى شيوع تلك المخالفات القانونية بشكل يصعب معه تطبيق القانون. و كما يقولون "انت هتخالف مين و اللا مين". بإلاضافة إلى الثقافة العامة و القانونية لدى الناس (أقصد العادات culture). و هنا يأتي سؤالي إلى الأخ أفوكاتو ، في حالة كهذه - إن كنت تتفق معي فيما قلته - أمن الأفضل الإصلاح المفاجئ من القمة أم التدريجي من القاع؟ بمعنى: في ظروف كهذه ، هل نضع القانون المثالي بقدر المستطاع و نطبقه تطبيقا لا استثناء و لا تهاون فيه (كما قال زويل إن النهضة لابد أن تكون دفعة واحدة)؟ أم نضع قانونا بتطبيقه يتحسن الوضع نسبيا ، و لكن ليس الأفضل ، و بعد الاطمئنان إلى تمام تطبيقه ، نرتفع به قدرا بسيطا و ننتظر إلى أن يستقر تطبيق القانون الجديد ، و هكذا تدريجيا حتى نجد قانونا مطبقا به الخصائص الست التي تفضلت بذكرها ، أو على الأقل القانون الموجود حاليا لكنه مطبق بلا تهاون؟ تم تعديل 16 يوليو 2005 بواسطة shawshank اقتباس كل لحظة إبطاء في نيل المعتدين جزاءهم ... خطوة نحو كفر المجتمع بالعدالة، ودرجة على سلم إيمانه بشريعة الغاب رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
الأفوكاتو بتاريخ: 16 يوليو 2005 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 16 يوليو 2005 (معدل) الأخ العزيز شوشانك, أشكرك على تعليقك الإيجابى, و سوف أرد على أسئلتك بتفصيل فى باب القانون, حتى تعم الفائدة على الجميع. أتمنى لك وقتا طيبا, و تحياتى لك. تم تعديل 16 يوليو 2005 بواسطة الأفوكاتو اقتباس أعز الولد ولد الولد إهداء إلى حفيدى آدم: رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
الأفوكاتو بتاريخ: 16 يوليو 2005 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 16 يوليو 2005 (معدل) عزيزى الأخ شوشانك, إستجابة لطلبك, فقد قمت بالرد على سؤالك فى بالب " القوانين و القضايا", ستجد الجزء الأول من الرد فى هذه الوصلة, و سوف أرد على بقية سؤالك غدا إنشاء الله. الوصلة: http://www.egyptiantalks.org/invb/index.php?showtopic=16025 و تقبل تحياتى: تم تعديل 29 يوليو 2006 بواسطة الأفوكاتو اقتباس أعز الولد ولد الولد إهداء إلى حفيدى آدم: رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
الأفوكاتو بتاريخ: 29 يوليو 2006 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 29 يوليو 2006 (معدل) رفع, لإستكمال الموضوع. ردى على الجزء الأول من سؤال الأخ الغائب دكتور شوشانك: الأخوة الأعزاء هذا المقال هو رد على سؤال من الأخ شوشانك, ورد بشأن المقال الذى تم نشره فى باب " موضوعات خفيفة" و عنوان الموضوع كان: " مصرع النظام العام.. فى الشارع المصرى, و رابطه هو: http://www.egyptiantalks.org/invb/index.php?showtopic=16006 و كان السؤال: الفاضل أفوكاتو أعتقد أن كل النقاط الست التي ذكرتها كخصائص ينبغي وجودها في القانون ، لا تتوافر عندنا في مصر. و لعل - كما ذكر الأخ فنكوش - عدم تطبيق القانون على الجميع أكثر تلك النقاط خرقا. و أضيف لها حجم العقوبة ، و أحيانا وجود العقوبة في حد ذاته. فأنا أرى عدم واقعية حجم العقوبة ، أو وجودها أصلا ، و لعل هذا أحد أسباب عدم تطبيق تلك العقوبة. فأنت - يا واضع القانون و يا من عليك تنفيذه - ترى أمامك حال الناس و ترى ظروفهم المعيشية التي تدفعهم إلى خرق القانون ، هذا بالإضافة إلى شيوع تلك المخالفات القانونية بشكل يصعب معه تطبيق القانون. و كما يقولون "انت هتخالف مين و اللا مين". بإلاضافة إلى الثقافة العامة و القانونية لدى الناس (أقصد العادات culture). و هنا يأتي سؤالي إلى الأخ أفوكاتو ، في حالة كهذه - إن كنت تتفق معي فيما قلته - أمن الأفضل الإصلاح المفاجئ من القمة أم التدريجي من القاع؟ بمعنى: في ظروف كهذه ، هل نضع القانون المثالي بقدر المستطاع و نطبقه تطبيقا لا استثناء و لا تهاون فيه (كما قال زويل إن النهضة لابد أن تكون دفعة واحدة)؟ أم نضع قانونا بتطبيقه يتحسن الوضع نسبيا ، و لكن ليس الأفضل ، و بعد الاطمئنان إلى تمام تطبيقه ، نرتفع به قدرا بسيطا و ننتظر إلى أن يستقر تطبيق القانون الجديد ، و هكذا تدريجيا حتى نجد قانونا مطبقا به الخصائص الست التي تفضلت بذكرها ، أو على الأقل القانون الموجود حاليا لكنه مطبق بلا تهاون؟ و ردى على سؤال الأخ: شوشانك. هو الآتى: فى النظم الديمقراطية, يكون قانون البلد معبرا عن أمانى, و حضارة مواطنى هذا البلد,و نظرا لتطو و تغيير الظروف التى تمربها الشعوب, يلزم تغيير و تطوير القوانين طبقا للتغيرات التى تطرأ على المجتمع. لذلك توجد آليتان تقومان بتطوير القانون, و إعادة صياغته, حتى يمكن مواجهة التطورات السياسية, و الإقتصادية, و الإجتماعية الجديدة. هاتان الآليتان هما: 1- البرلمان, و يطلق عليه فى مصر " مجلس الشعب" و " مجلس الشورى" 2- المحاكم. و سأشرح دور كل منهما حنى يمكن بعد ذلك إجابة سؤالك. 1- دور البرلمان فى التعرف على مطالب الشعب, و العمل على تحقيقها: فى الدول الديمقراطية, تتم صناعة القانون بمعرفة مجموعة من الأفراد, يختارها الشعب, طبقا لنظم معينة, لكى يعبروا عن رغبات و أمانى هذا الشعب. و يتم إختيار ممثلى الشعب عن طريق الإنتخاب العام, و يعتمد النظام الديمقراطى على تعددية الأحزاب, بحيث يقوم كل حزب سياسى بترشيح بعض أعضائه لكى يمثلوا الشعب, طبقا لبرنامج هذا الحزب. و لا يستبعد النموذج الديمقراطى ترشيح أفراد لا ينتمون إلى أحد من الأحزاب الموجودة, لذا نجد أن كثيرا من أفراد الشعب ينتخبون أفرادا مستقلين عن الأحزاب, لإعتقادهم أن هؤلاء الأشخاص أكثر نقاءا من مرشحى الأحزاب. و الحزب الذى يحصل مرشحوه على أكثر من نصف عدد أعضاء المجلس, يكون من حقه أن يتولى الحكم, و يصبح زعيم هذا الحزب رئيسا للوزراء, أو رئيسا للجمهورية, طبقا لنظام الحكم المنصوص عليه فى الدستور. و فى بعض الديمقراطيات الغربية, و كما كان الحال فى مصر قبل ثورة 1952, يتم إختيار الوزراء من أعضاء حزب الأغلبية الذين حازوا على مقاعد فى إحد مجلسى البرلمان( مجلس النواب, و مجلس الشيوخ). و يعتبر هذا الأسلوب فى إختيار الوزراء من صفوف أعضاء البرلمان, من أفضل ضمانات حسن سير العمل الوزارى, , كما أنه يجعل الوزير مسئولا مباشرة أمام ناخبيه, الذين يمكنهم إستبعاده فى الإنتخابات المقبلة, إذا كان أداؤه على غير ما يرام. متى تشكلت الوزارة , فإن عليها أن تتعرف, عن طريق ممثلى الشعب الذين تم إختيارهم, على المشاكل التى يواجهها الشعب أثناء حياته اليومية, و العمل على تنقية القوانين من الإجراءات العقيمة البالية, ثم إقتراح قوانين جدبدة تتفق مع تطور الحياة, و تتمشى مع التغيير الثقافى و العلمى و الإجتماعى الذى يطرأ على الدول المجاورة, و بقية دول العالم, بحيث لا يصبح الشعب معزولا عن بقية شعوب العالم. يقوم كل وزير بعد ذلك, بمعاونة وكلاء الوزارة الدائمين, بدراسة هذه المشاكل, و إقتراح حلول لها. يتم طرح هذه الحلول على مجلس الوزراء, لضمان أن هذه الحلول تدخل ضمن برنامج الحزب, و لا تتعارض مع فلسفته. متى تمت موافقة مجلس الوزراء على الحلول المقترحة, فإن الوزير المختص, يكلف جهازه القانونى بإعداد مسودة مشروع قانون يتضمن الإصلاحات المرجوة. متى تمت صياغة مشروع القانون, يتم عرض هذا المشروع على البرلمان فى جلسات يقال لها: القراءة الأولى , وعادة تكون مجرد إعلان عن البدأ فى نظر مشروع القانون الجديد. القراءة الثانية: وهى محاولة من الوزير أن يشرح وجهة نظر وزارته, و ذلك بتركيز الضوء على أهم المواد الواردة فى مشروع القانون, و كيف سيتم إعمالها, و و التكالبف المالية التى سيحتاجها الإصرح. يلى ذلك مناقشة مواد المشروع, مادة مادة, ويتم فى هذه المرحلة إقتراحات بتعديل الصياغة, أو إسقاط بعض المواد. بعد ذلك, و متى إنتهت مرحلة المناقشة, تأتى مرحلة التصويت على المواد, و بعدها يتم طرح مشروع القانون بكامله, للتصويت عليه, بعد أن تراجعه لجنة الصياغة. إذا فاز مشروع القانون بالأغلبية المطلوبة, فإن رئيس الوزراء, أو رئيس الجمهورية, حسب النظام الدستورى للبلد, يصدر قرارا بنشر مشروع القانون فى الجريدة الرسمسة, و لا يصبح المشروع " قانونا" إلا بعد نشره فى هذه الجريدة, وهذا يعنى أن القانون الجديد يبدأ سريانه من تاريخ النشر, أو فى تاريخ لاحق معلن عنه فى الجريدة الرسمية. هذا هو دور البرلمان فى صناعة القوانين طبقا لرغبة الشعب, و متطلباته, و قبل أن أرد بالكامل على سؤال الأخ شوشانك, يلزم أن أشرح دور المحاكم فى تطبيق هذه القوانين, و كيف أن هذا التطبيق قد يضيف فعالية للقانون, أو يجعله قانونا غير فعال. و أراكم غدا مع هذا الشرح بإذن الله. بقية الرد على سؤال الدكتور شوشانك: الجزء الثانى من الرد على سؤال الأخ شوشانك دور المحاكم فى إحداث التغيير: إن مهمة المحاكم فى أى نظام قانونى هى توفير ضمان بأن القانون سيطُبق تطبيقا صحيا. كما أن المحاكم هى المؤسسات المنوط بها تفسير القانون, بمعنى, أنه إذا كان هناك نزاع ما مطروحا أمام المحاكم, سواء أكان هذا النزاع مدنيا أم جنائيا, فإن كل من أطراف النزاع سيحاول أن يطوع القانون لمصلحته, وواجب المحكمة هو أن تقرأ القانون كما أراده المُشرع, و ليس كما يراه طرفى النزاع. و هناك حالات لا يكون القانون فيها واضحا, أو يكون عائما, أو لا يوجد فى القانون نص صريح يحكم الحالة المعروضة أمام المحكمة. ففى هذه الحالات, يكون من واجب القاضى الحكم فى القضية معتمدا على السوابق القضائية, و قواعد العدالة. و تعدد مستويات المحاكم, الذى يسمح بالإستئناف و النقض, مقصود به التأكد أن النزاع المعروض أمام المحكمة, سوف يتم النظر فيه بقدر يحقق العدالة. و لكن تعدد مستويات القضاء له ميزة أخرى, و ذلك لأن المحاكم العليا, و خاصة محاكم النقض, يكون لها الكلمة الأخيرة فى النزاع, و حكمها يعتبر إضافة للقانون, حيث أن تفسير قاضى النقض يعتبر تفسيرا نهائيا لما يريد النص القانونى قوله. و لكن للأسف الشديد, أشار دستور 1971 إلى مصادر"التشريع" و التى قصد بها مصادر " القانون", وهناك فرق بين القانون, و التشريع) بقوله أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى "للتشريع ". و لم يشر الدستور إلى المصادر التقليدية الأخرى للقانون, و التى تتضمن: 1- التشريع 2- الفقه القضائى و السوابق القضائية 3- العرف 4- قواعد العدالة. و كانت هذه المصادر متضمنة فى دستور 1923 الملغى, و عدم ذكرها فى الدستور الحالى معناه أن المحاكم قد جُردت من حقها فى إرساء قواعد قانونية فى غياب النص, كما جرد المتقاضى من الحق فى تطبيق السوابق القضائية النهائية, و التى تعتير فى مصاف القانون الوضعى, مما ألزم كل متقاضى على اللجوء إلى المحاكم مرة أخرى للحصول على حكم مكرر, بدلا من الإحتكام إلى الأحكام الصادرة فى الحالة نفسها, لصالح متقاض آخر. كل ما ذكرناه عاليه يوضح دور البرلمانات( المجالس التشريعية) و المحاكم فى تطبيق و تطوير القوانين كعملية روتينية مستمرة, ولكن المشكلة ليست فى تقييم دور هذه المؤسسات, و لكن فى طريقة أدائها فى ظل نظم حكومية لا تشجع التطور أو التحديث. فكما نعرف, أغلب أعضاء مجلس الشعب ينتمون إلى الحزب الوطنى, و لا يعنى هذا أنهم حزب أغلبية, لأنهم هناك لمصالحهم الشخصية, و لن يجرؤ عضو على التصدى لمشاريع القوانين التى تعرضها الحكومة على المجلس, لذا أصبح مجلس الشعب" مجلسا بلا أنياب" أما دور المحاكم فى تتطوير و تحديث القوانين, فكما ذكرت, فقد كممت الحكومة بدستورها الأخير حق المحاكم فى تفسير القانون إلا على هواها, و يجب أن لا ننسى أن القضاء المصرى حاليا , و طبقا للدستور القائم, ليس مستقلا, لأن رئيسه الأعلى هو رئيس الهيئة التنفيذية للدولة. و الخلاصة, أنه فى ظل الدستور الحالى, لا أمل فى إصلاح سريع أو متدرج, لأن ميكانيكية صناعة القوانين, و ميكانيكية تطبيقها فى المحاكم, تقع تحت إشراف الحكومة مباشرة, و بدون تغيير فى الحكومة, و الدستور, لا أمل فى الإصلاح. و السلام عليكم و رحمة الله. تم تعديل 29 يوليو 2006 بواسطة الأفوكاتو اقتباس أعز الولد ولد الولد إهداء إلى حفيدى آدم: رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انضم إلى المناقشة
You are posting as a guest. إذا كان لديك حساب, سجل دخولك الآن لتقوم بالمشاركة من خلال حسابك.
Note: Your post will require moderator approval before it will be visible.