اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

رد على سؤال الأخ شوشانك


الأفوكاتو

Recommended Posts

الأخوة الأعزاء

هذا المقال هو رد على سؤال من الأخ شوشانك, ورد بشأن المقال الذى تم نشره فى باب " موضوعات خفيفة" و عنوان الموضوع كان: " مصرع النظام العام.. فى الشارع المصرى, و رابطه هو:

http://www.egyptiantalks.org/invb/index.php?showtopic=16006

و كان السؤال:

الفاضل أفوكاتو

أعتقد أن كل النقاط الست التي ذكرتها كخصائص ينبغي وجودها في القانون ، لا تتوافر عندنا في مصر.

و لعل - كما ذكر الأخ فنكوش - عدم تطبيق القانون على الجميع أكثر تلك النقاط خرقا.

و أضيف لها حجم العقوبة ، و أحيانا وجود العقوبة في حد ذاته. فأنا أرى عدم واقعية حجم العقوبة ، أو وجودها أصلا ، و لعل هذا أحد أسباب عدم تطبيق تلك العقوبة. فأنت - يا واضع القانون و يا من عليك تنفيذه - ترى أمامك حال الناس و ترى ظروفهم المعيشية التي تدفعهم إلى خرق القانون ، هذا بالإضافة إلى شيوع تلك المخالفات القانونية بشكل يصعب معه تطبيق القانون. و كما يقولون "انت هتخالف مين و اللا مين". بإلاضافة إلى الثقافة العامة و القانونية لدى الناس (أقصد العادات culture).

و هنا يأتي سؤالي إلى الأخ أفوكاتو ، في حالة كهذه - إن كنت تتفق معي فيما قلته - أمن الأفضل الإصلاح المفاجئ من القمة أم التدريجي من القاع؟ بمعنى: في ظروف كهذه ، هل نضع القانون المثالي بقدر المستطاع و نطبقه تطبيقا لا استثناء و لا تهاون فيه (كما قال زويل إن النهضة لابد أن تكون دفعة واحدة)؟ أم نضع قانونا بتطبيقه يتحسن الوضع نسبيا ، و لكن ليس الأفضل ، و بعد الاطمئنان إلى تمام تطبيقه ، نرتفع به قدرا بسيطا و ننتظر إلى أن يستقر تطبيق القانون الجديد ، و هكذا تدريجيا حتى نجد قانونا مطبقا به الخصائص الست التي تفضلت بذكرها ، أو على الأقل القانون الموجود حاليا لكنه مطبق بلا تهاون؟

و ردى على سؤال الأخ: شوشانك. هو الآتى:

فى النظم الديمقراطية, يكون قانون البلد معبرا عن أمانى, و حضارة مواطنى هذا البلد,و نظرا لتطو و تغيير الظروف التى تمربها الشعوب, يلزم تغيير و تطوير القوانين طبقا للتغيرات التى تطرأ على المجتمع.

لذلك توجد آليتان تقومان بتطوير القانون, و إعادة صياغته, حتى يمكن مواجهة التطورات السياسية, و الإقتصادية, و الإجتماعية الجديدة.

هاتان الآليتان هما:

1- البرلمان, و يطلق عليه فى مصر " مجلس الشعب" و " مجلس الشورى"

2- المحاكم.

و سأشرح دور كل منهما حنى يمكن بعد ذلك إجابة سؤالك.

1- دور البرلمان فى التعرف على مطالب الشعب, و العمل على تحقيقها:

فى الدول الديمقراطية, تتم صناعة القانون بمعرفة مجموعة من الأفراد, يختارها الشعب, طبقا لنظم معينة, لكى يعبروا عن رغبات و أمانى هذا الشعب.

و يتم إختيار ممثلى الشعب عن طريق الإنتخاب العام, و يعتمد النظام الديمقراطى على تعددية الأحزاب, بحيث يقوم كل حزب سياسى بترشيح بعض أعضائه لكى يمثلوا الشعب, طبقا لبرنامج هذا الحزب.

و لا يستبعد النموذج الديمقراطى ترشيح أفراد لا ينتمون إلى أحد من الأحزاب الموجودة, لذا نجد أن كثيرا من أفراد الشعب ينتخبون أفرادا مستقلين عن الأحزاب, لإعتقادهم أن هؤلاء الأشخاص أكثر نقاءا من مرشحى الأحزاب.

و الحزب الذى يحصل مرشحوه على أكثر من نصف عدد أعضاء المجلس, يكون من حقه أن يتولى الحكم, و يصبح زعيم هذا الحزب رئيسا للوزراء, أو رئيسا للجمهورية, طبقا لنظام الحكم المنصوص عليه فى الدستور.

و فى بعض الديمقراطيات الغربية, و كما كان الحال فى مصر قبل ثورة 1952, يتم إختيار الوزراء من أعضاء حزب الأغلبية الذين حازوا على مقاعد فى إحد مجلسى البرلمان( مجلس النواب, و مجلس الشيوخ).

و يعتبر هذا الأسلوب فى إختيار الوزراء من صفوف أعضاء البرلمان, من أفضل ضمانات حسن سير العمل الوزارى, , كما أنه يجعل الوزير مسئولا مباشرة أمام ناخبيه, الذين يمكنهم إستبعاده فى الإنتخابات المقبلة, إذا كان أداؤه على غير ما يرام.

متى تشكلت الوزارة , فإن عليها أن تتعرف, عن طريق ممثلى الشعب الذين تم إختيارهم, على المشاكل التى يواجهها الشعب أثناء حياته اليومية, و العمل على تنقية القوانين من الإجراءات العقيمة البالية, ثم إقتراح قوانين جدبدة تتفق مع تطور الحياة, و تتمشى مع التغيير الثقافى و العلمى و الإجتماعى الذى يطرأ على الدول المجاورة, و بقية دول العالم, بحيث لا يصبح الشعب معزولا عن بقية شعوب العالم.

يقوم كل وزير بعد ذلك, بمعاونة وكلاء الوزارة الدائمين, بدراسة هذه المشاكل, و إقتراح حلول لها.

يتم طرح هذه الحلول على مجلس الوزراء, لضمان أن هذه الحلول تدخل ضمن برنامج الحزب, و لا تتعارض مع فلسفته.

متى تمت موافقة مجلس الوزراء على الحلول المقترحة, فإن الوزير المختص, يكلف جهازه القانونى بإعداد مسودة مشروع قانون يتضمن الإصلاحات المرجوة.

متى تمت صياغة مشروع القانون, يتم عرض هذا المشروع على البرلمان فى جلسات يقال لها:

القراءة الأولى , وعادة تكون مجرد إعلان عن البدأ فى نظر مشروع القانون الجديد.

القراءة الثانية: وهى محاولة من الوزير أن يشرح وجهة نظر وزارته, و ذلك بتركيز الضوء على أهم المواد الواردة فى مشروع القانون, و كيف سيتم إعمالها, و و التكالبف المالية التى سيحتاجها الإصرح.

يلى ذلك مناقشة مواد المشروع, مادة مادة, ويتم فى هذه المرحلة إقتراحات بتعديل الصياغة, أو إسقاط بعض المواد.

بعد ذلك, و متى إنتهت مرحلة المناقشة, تأتى مرحلة التصويت على المواد, و بعدها يتم طرح مشروع القانون بكامله, للتصويت عليه, بعد أن تراجعه لجنة الصياغة.

إذا فاز مشروع القانون بالأغلبية المطلوبة, فإن رئيس الوزراء, أو رئيس الجمهورية, حسب النظام الدستورى للبلد, يصدر قرارا بنشر مشروع القانون فى الجريدة الرسمسة, و لا يصبح المشروع

" قانونا" إلا بعد نشره فى هذه الجريدة, وهذا يعنى أن القانون الجديد يبدأ سريانه من تاريخ النشر, أو فى تاريخ لاحق معلن عنه فى الجريدة الرسمية.

هذا هو دور البرلمان فى صناعة القوانين طبقا لرغبة الشعب, و متطلباته,

و قبل أن أرد بالكامل على سؤال الأخ شوشانك, يلزم أن أشرح دور المحاكم فى تطبيق هذه القوانين, و كيف أن هذا التطبيق قد يضيف فعالية للقانون, أو يجعله قانونا غير فعال.

و أركم غدا مع هذا الشرح بإذن الله.

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

الأخ الفاضل أفوكاتو

أشكرك جدا على هذا المجهود و التوضيح التفصيلي ... و في انتظار البقية ...

كل لحظة إبطاء في نيل المعتدين جزاءهم ... خطوة نحو كفر المجتمع بالعدالة، ودرجة على سلم إيمانه بشريعة الغاب

رابط هذا التعليق
شارك

الجزء الثانى من الرد على سؤال الأخ شوشانك

دور المحاكم فى إحداث التغيير:

إن مهمة المحاكم فى أى نظام قانونى هى توفير ضمان بأن القانون سيطُبق تطبيقا صحيا.

كما أن المحاكم هى المؤسسات المنوط بها تفسير القانون, بمعنى, أنه إذا كان هناك نزاع ما مطروحا أمام المحاكم, سواء أكان هذا النزاع مدنيا أم جنائيا, فإن كل من أطراف النزاع سيحاول أن يطوع القانون لمصلحته, وواجب المحكمة هو أن تقرأ القانون كما أراده المُشرع, و ليس كما يراه طرفى النزاع.

و هناك حالات لا يكون القانون فيها واضحا, أو يكون عائما, أو لا يوجد فى القانون نص صريح يحكم الحالة المعروضة أمام المحكمة. ففى هذه الحالات, يكون من واجب القاضى الحكم فى القضية معتمدا على السوابق القضائية, و قواعد العدالة.

و تعدد مستويات المحاكم, الذى يسمح بالإستئناف و النقض, مقصود به التأكد أن النزاع المعروض أمام المحكمة, سوف يتم النظر فيه بقدر يحقق العدالة.

و لكن تعدد مستويات القضاء له ميزة أخرى, و ذلك لأن المحاكم العليا, و خاصة محاكم النقض, يكون لها الكلمة الأخيرة فى النزاع, و حكمها يعتبر إضافة للقانون, حيث أن تفسير قاضى النقض يعتبر تفسيرا نهائيا لما يريد النص القانونى قوله.

و لكن للأسف الشديد, أشار دستور 1971 إلى مصادر"التشريع" و التى قصد بها مصادر

" القانون", وهناك فرق بين القانون, و التشريع) بقوله أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى "للتشريع ".

و لم يشر الدستور إلى المصادر التقليدية الأخرى للقانون, و التى تتضمن:

1- التشريع

2- الفقه القضائى و السوابق القضائية

3- العرف

4- قواعد العدالة.

و كانت هذه المصادر متضمنة فى دستور 1923 الملغى, و عدم ذكرها فى الدستور الحالى معناه أن المحاكم قد جُردت من حقها فى إرساء قواعد قانونية فى غياب النص, كما جرد المتقاضى من الحق فى تطبيق السوابق القضائية النهائية, و التى تعتير فى مصاف القانون الوضعى, مما ألزم كل متقاضى على اللجوء إلى المحاكم مرة أخرى للحصول على حكم مكرر, بدلا من الإحتكام إلى الأحكام الصادرة فى الحالة نفسها, لصالح متقاض آخر.

كل ما ذكرناه عاليه يوضح دور البرلمات( المجالس التشريعية) و المحاكم فى تطبيق و تطوير القوانين كعملية روتينية مستمرة, ولكن المشكلة ليست فى تقييم دور هذه المؤسسات, و لكن فى طريقة أدائها فى ظل نظم حكومية لا تشجع التطور أو التحديث.

فكما نعرف, أغلب أعضاء مجلس الشعب ينتمون إلى الحزب الوطنى, و لا يعنى هذا أنهم حزب أغلبية, لأنهم هناك لمصالحهم الشخصية, و لن يجرؤ عضو على التصدى لمشاريع القوانين التى تعرضها الحكومة على المجلس, لذا أصبح مجلس الشعب" مجلسا بلا أنياب"

أما دور المحاكم فى تتطوير و تحديث القوانين, فكما ذكرت, فقد كممت الحكومة بدستورها الأخير حق المحاكم فى تفسير القانون إلا على هواها, و يجب أن لا ننسى أن القضاء المصرى حاليا , و طبقا للدستور القائم, ليس مستقلا, لأن رئيسه الأعلى هو رئيس الهيئة التنفيذية للدولة.

و الخلاصة, أنه فى ظل الدستور الحالى, لا أمل فى إصلاح سريع أو متدرج, لأن ميكانيكية صناعة القوانين, و ميكانيكية تطبيقها فى المحاكم, تقع تحت إشراف الحكومة مباشرة,

و بدون تغيير فى الحكومة, و الدستور, لا أمل فى الإصلاح.

و السلام عليكم و رحمة الله.

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...