هل سيقدم الرئيس مبارك إستقالته؟

[ebrahim]

ماذا لو ... أعلن الرئيس مبارك عدم الترشح لفترة خامسة والتنحى عن رئاسة مصر بنهاية فترة رئاستة الرابعة؟ مستبعد أم مستحيل؟ على الرغم من شواهد عديدة وأحداث كثر تدلل على أن الرئيس مبارك الذى أدمى كلانا وأكبادنا ، بعد أن أزكم فساده أنوفنا ، فى طريقه للترشح لفترة خامسة إلا أن هناك شواهد أخرى ، معتبرة على ما أعتقد، تفيد غير ذلك.

أكثر هذه الدلائل غرابة هو إصرار الإدارة الأمريكية على إقامة إنتخابات رئاسية نزيهة ووجود رقابة دولية لمراقبة عملية سير الإنتخابات. تجسد هذا الإصرار فى تصريحات عدة منها على سبيل المثال تصريح الرئيس الأمريكى خلال زيارة رئيس الوزراء المصرى لواشنطن وأيضا خلال زيارة وزيرة الخارجية رايس للقاهرة وأخيرا على لسان مساعدها روبرت زوليك منذ يومين. إصرار الولايات المتحدة الصريح يصعب ، بالنسبة لى ، قرائته على أنه إصرار على إجراء إنتخابات محسومة بين الرئيس مبارك وحفنة من المغموريين ، أبرزهم زعيم حزب الغد الليبرالى أيمن نور. لكن إذا إفترضنا أن هذه الإنتخابات ستكون بين إبن الرئيس جمال ومجموعة من المغمورين أبرزهم أيمن نور ، ربما نجد لإصرار الولايات المتحدة بعض التبرير يمكن أن يبدد دهشتنا. بالأمس القريب صرح مساعد وزيرة الخارجية روبرت زولك أن الإدارة الأمريكية هددت الحكومة المصرية بحجب مائتيى مليون دولار إن لم تفرج عن أيمن نور وقبل ذلك مشروع فى الكونجرس الأمريكى لإدانة مصر لإعتقال نور و هشام قاسم. والسؤال الآن: هل يستحق إطلاق سراح أيمن نور مشروع قانون ومائتين مليون دولار لينافس مبارك فى إنتخابات أقل وصف لها أنها روتينية ومحسومة؟

الدلالة الثانية: هى إيفاد الدكتور نظيف لواشنطن ، على الرغم من حداثة عمر الدكتور التكنوقراط أحمد نظيف فى الحكومة والتى تقارب خمسة عشر شهرا إلا أنه كان مبعوث مصر للإدارة الأمريكية منذ عدة شهور. هل كان إختيار نظيف الأحدث هو بالفعل إختارا للرئيس مبارك؟ إذن لماذا لم يذهب مستشاره السياسى أسامة الباز العجوز والذى يحفظ ساسة أمريكا عن ظهر قلب ويحظى بثقة الرئيس مبارك بدلا عن نظيف؟ وهل هل كان نظيف يحمل فى حقيبته ملف إعادة ترشيح مبارك أم ملف تزكية جمال؟ لكن الأمر الذى أثار فزعى بالفعل هو مكان لقاء رئيس الوزراء ووزيرة الخارجية ونائب الرئيس دك تشينى.. لقد تم اللقاء فى بيت السفير المصرى أى بعيدا عن حجرات وزارة الخارجية أو بالأحرى مضابطها وأجهزة تسجيلاتها. يبدو لى أن الموضوع أو الموضوعات التى تم نقاشها لايرغب الجميع فى تسريبها لصغار موظفى الخارجية وبالتالى للصحافة. أعتقد أن على رأسها ملف جمال وليس مبارك كما أعتقد الكثير.

الدلالة الثالثة: حالة الرئيس الصحية ، الرئيس مبارك يعانى من أمراض عدة ، إحداها خطير ، جدا وقدرته على الحركة أصبحت محدودة وأكثر مايفعله هو إستقبال الوفود على كرسى تنقصه عجلات. وربما أريد أن أذكر القارئ أن الرئيس مبارك أصيب بحالة إجهاد شديدة بسبب إصرار الشركة المسوقة له على قيامه بجولات تفقدية لفرض أسمة على عناويين الصحف والمجلات والقنوات التليفزيونية. الرئيس مبارك نفسه أحاط نفسه بعدة علامات إستفهام... منها إزالة مجسماته الكئيبة من باحات وميادين القاهرة وأصر على تأجيل الإعلان على ترشحه مرات عديدة بصورة تثير علامات إستفهام. الرئيس مبارك رسم الأحداث السابقة ببراعة شديدة ، ساعده فى ذلك بيوت خبرة أجنبية ، أبرز ألوانها الضبابية وعدم اليقين .

جمال مبارك يدرك تماما أن فرصتة الكبرى للإنقضاض على هرم السلطة فى مصر يعظم فى وجود الرئيس مبارك ويكاد يكون معدوما بوفاه أو قتل والده ويشاركه ذلك الرأى الهانم المصون سيدة مصر الأولى سوزان ثابت لأسباب عدة منها سيناريو الفوضى والأنفلات الأمنى الذى قد تجر إليه مصر لو تجرأ جمال لأقتناص الرئاسة بعد موت والده وخاصة بعدما جسدت المعارضة المصرية ، على إختلاف أطيافها ، جرأة فى رفص توريثه السلطة فى حياة أبية وأيضا لوجود أحقاد وكراهية لعائلة مبارك داخل الحزب الوطنى تنتظر الوقت الملائم للجهر بها.

بقى لى أن أذكر أن الدكتور أيمن نور خرج من سجنه يتوعد الرئيس مبارك بأنه سيترشح أمامه ووعد أتباعه بمعركة حامية الوطيس ولكن الأمر الغريب أنه وبعد مقابلة رايس قال فى المحكمة ، التى كانت تنظر قضية تزوير التوكيلات ، أنه سيتقدم بطلب إستجواب لمجلس الشعب يطالب فيه جمال مبارك ، وليس منافسه المتوقع الرئيس مبارك ، بتقديم تقرير الذمة المالية. ألم يكن أحرى بالدكتور أيمن أن يصب جهده على منافسه الرئيسى بدلا من معارك جانبية؟ اللهم إلا إذا أسرت وزيرة الخارجية إليه ببعض المعلومات فى لقائها المنفرد منذ عدة أسابيع.

أنا لا أؤمن بنظرية المؤامرة ولكن أؤمن أن الأمور لايمكن ، فى أغلب الأحوال ، أخذها على عوانها. ما سردته كان مجرد إعادة لقراءة أحداث سابقة والغوص بين سطورها ، ربما تمكننا من معرفة ماذا يحدث فى مصر المحبوسة.

إبراهيم حسين

مصريون بلا حدود - الولايات المتحدة