اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

تعريف الخلف بمناقب السلف


هادي

Recommended Posts

سأبدأ بعون الله سلسلة لتعريف احبابي في المحاورات بتلك الباقة المختارة من سلف هذه الامة .. وعلمائها .. وفاضليها ..

فهم النور الذي يستضاء به فيما يحيط بنا اليوم من حيرة

ونسأل الله السداد

ولو ساعدنا من الجمع الكريم من لديه مادة مناسبة حول الموضوع

فجزاه الله خيرا

ونبدأ بعالم المدينة

الامام مالك يرحمه الله ورضي الله عنه

الإمام مالك

إمام دار الهجرة

يروى في فضله ومناقبه الكثير ولكن أهمها ما روي [عن أبي هريرة يبلغ به النبي (صلى الله عليه وسلم) قال ليضربن الناس أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة]

إنه الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة، وصاحب أحد المذاهب الفقهية الأربعة في الإسلام وهو المذهب المالكي، وصاحب كتب الصحاح في السنة النبوية وهو كتاب الموطأ. يقول الإمام الشافعي: إذا ذكر العلماء فمالك النجم.

نسبه ومولده

هو شيخ الإسلام حجة الأمة إمام دار الهجرة أبو عبد الله مالك ابن أنس بن مالك بن أبى عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث وهو ذو أصبح بن عوف بن مالك بن زيد بن شداد بن زرعة وهو حمير الأصغر الحميري ثم الأصبحي المدني حليف بني تيم من قريش فهم حلفاء عثمان أخي طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرين بالجنة.

وأمه هي عالية بنت شريك الأزدية وأعمامه هم أبو سهل نافع وأويس والربيع والنضر أولاد أبي عامر.

ولد مالك على الأصح في سنة 93هـ عام موت أنس خادم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ونشأ في صون ورفاهية وتجمل

طلبه للعلم

طلب الإمام مالك العلم وهو حدث لم يتجاوز بضع عشرة سنة من عمره وتأهل للفتيا وجلس للإفادة وله إحدى وعشرون سنة وقصده طلبة العلم وحدث عنه جماعة وهو بعد شاب طري.

ثناء العلماء عليه

عن ابن عيينة قال مالك عالم أهل الحجاز وهو حجة زمانه.

وقال الشافعي: إذا ذُكر العلماء فمالك النجم.

وعن ابن عيينة أيضا قال:

كان مالك لا يبلغ من الحديث إلا صحيحا ولا يحدث إلا عن ثقة ما أرى المدينة إلا ستخرب بعد موته يعني من العلم.

ـ روي عن وهيب - وكان من أبصر الناس بالحديث والرجال- أنه قدم المدينة، قال، فلم أرى أحدا إلا تعرف وتنكر إلا مالكا ويحيى بن سعيد الأنصاري.

ايضاح

قوله: إلا تعرف وتنكر، يقصد تأخذ منه وتترك، مخافة ألا يكون أهلاً للأخذ عنه.

تم تعديل بواسطة هادي
1.png
رابط هذا التعليق
شارك

إمام دار الهجرة

روي عن أبي موسى الأشعري قال [قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخرج ناس من المشرق والمغرب في طلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة] ويروى عن ابن عيينة قال كنت أقول هو سعيد بن المسيب حتى قلت كان في زمانه سليمان بن يسار وسالم بن عبد الله وغيرهما ثم أصبحت اليوم أقول إنه مالك لم يبق له نظير بالمدينة.

قال القاضي عياض هذا هو الصحيح عن سفيان رواه عنه ابن مهدي وابن معين وذؤيب بن عمامه وابن المديني والزبير بن بكار وإسحاق بن أبي إسرائيل كلهم سمع سفيان يفسره بمالك أو يقول وأظنه أو أحسبه أو أراه أو كانوا يرونه.

وذكر أبو المغيرة المخزومي أن معناه ما دام المسلمون يطلبون العلم لا يجدون أعلم من عالم بالمدينة فيكون على هذا سعيد بن المسيب ثم بعده من هو من شيوخ مالك ثم مالك ثم من قام بعده بعلمه وكان أعلم أصحابه.

ولم يكن بالمدينة عالم من بعد التابعين يشبه مالكا في العلم والفقه والجلالة والحفظ فقد كان بها بعد الصحابة مثل سعيد بن المسيب والفقهاء السبعة والقاسم وسالم وعكرمة ونافع وطبقتهم ثم زيد بن أسلم وابن شهاب وأبي الزناد ويحيى بن سعيد وصفوان بن سليم وربيعة بن أبي عبد الرحمن وطبقتهم فلما تفانوا اشتهر ذكر مالك بها وابن أبي ذئب وعبد العزيز بن الماجشون وسليمان بن بلال وفليح بن سليمان وأقرانهم فكان مالك هو المقدم فيهم على الإطلاق والذي تضرب إليه آباط الإبل من الآفاق رحمه الله تعالى.

قال أبو عبد الله الحاكم ما ضربت أكباد الإبل من النواحي إلى أحد من علماء المدينة دون مالك واعترفوا له وروت الأئمة عنه ممن كان أقدم منه سنا كالليث عالم أهل مصر والمغرب والأوزاعي عالم أهل الشام ومفتيهم والثوري وهو المقدم بالكوفة وشعبة عالم أهل البصرة إلى أن قال وحمل عنه قبلهم يحيى بن سعيد الأنصاري حين ولاه أبو جعفر قضاء القضاة فسأل مالكا أن يكتب له مائة حديث حين خرج إلى العراق ومن قبل كان ابن جريج حمل عنه.

قصة الموطأ

يروي أبو مصعب فيقول: سمعت مالكا يقول دخلت على أبي جعفر أمير المؤمنين وقد نزل على فرش له وإذا على بساطه دابتان ما تروثان ولا تبولان وجاء صبي يخرج ثم يرجع فقال لي أتدري من هذا قلت لا قال هذا ابني وإنما يفزع من هيبتك ثم ساءلني عن أشياء منها حلال ومنها حرام ثم قال لي أنت والله أعقل الناس وأعلم الناس قلت لا والله يا أمير المؤمنين قال بلى ولكنك تكتم ثم قال والله لئن بقيت لأكتبن قولك كما تكتب المصاحف ولأبعثن به إلى الآفاق فلأحملهنم عليه.فقال مالك: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإن أصحاب رسول تفرقوا في الأمصار وإن تفعل تكن فتنة!!

مواقف من حياته

روي أن مالكا كان يقول ما أجبت في الفتوى حتى سألت من هو أعلم مني هل تراني موضعا لذلك سألت ربيعة وسألت يحيى بن سعيد فأمراني بذلك فقلت فلو نهوك قال كنت أنتهي لا ينبغي للرجل أن يبذل نفسه حتى يسأل من هو أعلم منه

وقال خلف: دخلت عليه فقلت ما ترى فإذا رؤيا بعثها بعض إخوانه يقول: رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) في المنام في مسجد قد اجتمع الناس عليه فقال لهم إني قد خبأت تحت منبري طيبا أو علما وأمرت مالكا أن يفرقه على الناس فانصرف الناس وهم يقولون إذا ينفذ مالك ما أمره به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم بكى فقمت عنه.

وروي أن المهدي قدم المدينة فبعث إلى مالك بألفي دينار أو قال بثلاثة آلاف دينار ثم أتاه الربيع بعد ذلك فقال إن أمير المؤمنين يحب أن تعادله إلى مدينة السلام فقال قال النبي (صلى الله عليه وسلم) المدينة خير لهم ولو كانوا يعلمون والمال عندي على حاله.

وقدم المهدي المدينة مرة أخرى فبعث إلى مالك فأتاه فقال لهارون وموسى اسمعا منه فبعث إليه فلم يجبهما فأعلما المهدي فكلمة فقال:

يا أمير المؤمنين العلم يؤتى أهله

فقال المهدي : صدق مالك .. صيرا إليه، فلما صارا إليه قال له مؤدبهما اقرأ علينا فقال إن أهل المدينة يقرؤون على العالم كما يقرأ الصبيان على المعلم فإذا أخطئوا أفتاهم فرجعوا إلى المهدي فبعث إلى مالك فكلمه فقال سمعت ابن شهاب يقول جمعنا هذا العلم في الروضة من رجال وهم يا أمير المؤمنين :

سعيد بن المسيب وأبو سلمة وعروة والقاسم وسالم وخارجه بن زيد وسليمان بن يسار ونافع وعبد الرحمن بن هرمز ومن بعدهم أبو الزناد وربيعه ويحيى بن سعيد وابن شهاب كل هؤلاء يقرأ عليهم ولا يقرؤون

فقال (المهدي) في هؤلاء قدوة صيروا إليه فاقرؤوا عليه ففعلوا.

يروي يحيى ابن خلف الطرسوسي وكان من ثقات المسلمين قال كنت عند مالك فدخل عليه رجل فقال يا أبا عبد الله ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق فقال مالك زنديق اقتلوه فقال يا أبا عبد الله إنما أحكي كلاما سمعته قال إنما سمعته منك وعظم هذا القول.

وعن قتيبه قال كنا إذا دخلنا على مالك خرج إلينا مزينا مكحلا مطيبا قد لبس من أحسن ثيابه وتصدر الحلقة ودعا بالمراوح فأعطى لكل منا مروحة.

وعن محمد بن عمر قال كان مالك يأتي المسجد فيشهد الصلوات والجمعة والجنائز ويعود المرضى ويجلس في المسجد فيجتمع إليه أصحابه ثم ترك الجلوس فكان يصلي وينصرف وترك شهود الجنائز ثم ترك ذلك كله والجمعة واحتمل الناس ذلك كله وكانوا أرغب ما كانوا فيه وربما كلم في ذلك فيقول ليس كل أحد يقدر أن يتكلم بعذره.

وكان يجلس في منزله على ضجاع له ونمارق مطروحة في منزله يمنة ويسرة لمن يأتيه من قريش والأنصار والناس، وكان مجلسه مجلس وقار وحلم قال وكان رجلا مهيبا نبيلا ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط ولا رفع صوت وكان الغرباء يسألونه عن الحديث فلا يجيب إلا في الحديث بعد الحديث وربما أذن لبعضهم يقرأ عليه وكان له كاتب قد نسخ كتبه يقال له حبيب يقرأ للجماعة ولا ينظر أحد في كتابه ولا يستفهم هيبة لمالك وإجلالا له وكان حبيب إذا قرأ فأخطأ فتح عليه مالك وكان ذلك قليلا قال ابن وهب سمعت مالكا يقول ما أكثر أحد قط فأفلح.

وقيل لمالك لم لا تأخذ عن عمرو بن دينار قال: أتيته فوجدته يأخذون عنه قياما فأجللت حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن آخذه قائما.

ويروى عن ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول لرجل سأله عن القدر نعم قال الله تعالى {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها}(السجدة:12)

وقال جعفر بن عبد الله قال كنا عند مالك فجاءه رجل فقال يا أبا عبد الله [الرحمن على العرش استوى " كيف استوى فما وجد مالك من شيء ما وجد من مسألته فنظر إلى الأرض وجعل ينكت بعود في يده حتى علاه الرضاء ثم رفع رأسه ورمى بالعود وقال الكيف منه غير معقول والاستواء منه غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وأظنك صاحب بدعة وأمر به فأخرج]

وفي رواية أخرى قال: الرحمن على العرش استوى، كما وصف نفسه ولا يقال له كيف وكيف عنه مرفوع وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه.

تم تعديل بواسطة هادي
1.png
رابط هذا التعليق
شارك

من كلماته

العلم ينقص ولا يزيد ولم يزل العلم ينقص بعد الأنبياء والكتب.

والله ما دخلت على ملك من هؤلاء الملوك حتى أصل إليه إلا نزع الله هيبته من صدري.

أعلم أنه فساد عظيم أن يتكلم الإنسان بكل ما يسمع.

ما تعلمت العلم إلا لنفسي وما تعلمت ليحتاج الناس إلي وكذلك كان الناس.

ليس هذا الجدل من الدين بشيء.

لا يؤخذ العلم عن أربعة سفيه يعلن السفه وإن كان أروى الناس وصاحب بدعة يدعو إلى هواه ومن يكذب في حديث الناس وإن كنت لا أتهمه في الحديث وصالح عابد فاضل إذا كان لا يحفظ ما يحدث به.

صفة الإمام مالك

عن عيسى بن عمر قال ما رأيت قط بياضا ولا حمرة أحسن من وجه مالك ولا أشد بياض ثوب من مالك، ونقل غير واحد أنه كان طوالا جسيما عظيم الهامة أشقر أبيض الرأس واللحية عظيم اللحية أصلع وكان لا يحفي شاربه ويراه مثله.

وقيل كان أزرق العين، محمد بن الضحاك الحزامي كان مالك نقي الثوب رقيقه يكثر اختلاف اللبوس، و قال أشهب كان مالك إذا اعتم جعل منها تحت ذقنه ويسدل طرفها بين كتفيه.

إمام في الحديث

كان الإمام مالك من أئمة الحديث في المدينة، يقول يحيى القطان ما في القوم أصح حديثا من مالك كان إماما في الحديث، قال الشافعي قال محمد بن الحسن أقمت عند مالك ثلاث سنين وكسرا وسمعت من لفظه أكثر من سبعمائة حديث فكان محمد إذا حدث عن مالك امتلأ منزله وإذا حدث عن غيره من الكوفيين لم يجئه إلا اليسير.

قال ابن مهدي أئمة الناس في زمانهم أربعة الثوري ومالك والأوزاعي وحماد بن زيد وقال ما رأيت أحدا أعقل من مالك.

محنة الإمام مالك

تعرض الإمام مالك لمحنة وبلاء بسبب حسد ووشاية بينه وبين والي المدينة جعفر بن سليمان ويروى أنه ضرب بالسياط حتى أثر ذلك على يده فيقول إبراهيم بن حماد أنه كان ينظر إلى مالك إذا أقيم من مجلسه حمل يده بالأخرى، ويقول الواقدي لما ولي جعفر بن سليمان المدينة سعوا بمالك إليه وكثروا عليه عنده وقالوا لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشيء وهو يأخذ بحديث رواه عن ثابت بن الأحنف في طلاق المكره أنه لا يجوز عنده قال فغضب جعفر فدعا بمالك فاحتج عليه بما رفع إليه عنه فأمر بتجريده وضربه بالسياط وجبذت يده حتى انخلعت من كتفه وارتكب منه أمر عظيم فواالله ما زال مالك بعد في رفعة وعلو، وهذه ثمرة المحنة المحمودة أنها ترفع العبد عند المؤمنين وبكل حال فهي بما كسبت أيدينا ويعفو الله عن كثير ومن يرد الله به خيرا يصيب منه وقال النبي (صلى الله عليه وسلم) كل قضاء المؤمن خير له وقال الله تعالى {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين} (محمد:31) وأنزل الله تعالى في وقعه أحد قوله {أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أني هذا قل هو من عند أنفسكم}(آل عمران:165) وقال {وما أصابكم من مصيبة فبما كسب أيديكم ويعفو عن كثير} (الشورى:30)

فالمؤمن إذا امتحن صبر واتعظ واستغفر ولم يتشاغل بذم من انتقم منه فالله حكم مقسط ثم يحمد الله على سلامة دينه ويعلم أن عقوبة الدنيا أهون وخير له.

تراث الإمام مالك

عني العلماء بتحقيق وتأليف الكتب حول تراث الإمام مالك، وما زال العلماء قديما وحديثا لهم أتم اعتناء برواية الموطأ ومعرفته وتحصيله

وفاة الإمام مالك

قال القعنبي سمعتهم يقولون عمر مالك تسعا وثمانين سنة مات سنة تسع وسبعين ومئة وقال إسماعيل بن أبي أويس مرض مالك فسألت بعض أهلنا عما قال عند الموت قالوا تشهد ثم قال {لله الأمر من قبل ومن بعد} (الروم:4)، وتوفي صبيحة أربع عشرة من ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة فصلى عليه الأمير عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي.

1.png
رابط هذا التعليق
شارك

الأخ الفاضل / هـــادى

جزاك ربى خيرًا على تعريفنا وتذكيرنا بأئمة هذه الأمة الذين

رفــعوا مشــــاعل العـــلم علمًا وعمـــلاً وقلبًا وقالبًــا وحفظوا

وأحــيوا لنا هذا المعين الذى لا ينضــب من كـتاب الله تعـالى

وسـنة المصـطفى عليه الصـلاة والسـلام وبذلــوا حياتهم فى

طـلب العـلم وتعــليمه بعــــزة نفس وسـعة صدر وصـدق مع

الله ، ففتـح الله تعــالى عليهم وهو القـــائل ( وَاتَّقُــــواْ اللّهَ

وَيُعَلِّـــــــمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُــــلِّ شَــيْءٍ عَلِـــيمٌ ) البقـــرة282

يحاول أعداء الأمة وأدعياء العلم وأذناب المعــرفة بقصد أو بدون قصـد النيل

من هؤلاء الأعلام وتجريحهم ، وإظهار أن كلاً منهم جاء بما يناقض صاحبه ،

أو أن كـلاً منهم يُنادى بمذهــبه الخاص وينتصـــر له ، وما علـــموا معــــزتهم

وحبهم الشـــديد لبعضهم ، وأنهم جمــيعًا متفقون فى الأصول ، وأن الإخـتلاف

فى بعض فروع الفروع ، وأن هذا الإختــلاف يعــكس روعـة المعرفـة ومرونة

هذا الدين وسـعة أفق هؤلاء الأعلام،وأن هذا الإختلاف رحمة وتيسـير من الله

( وَمَا جَعَــلَ عَلَــيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَـرَجٍ ) الحج78 ، وأن كلاً منهم نص على

أنه إذا ترجح بالحـجة والدليل ما هو أقوى من قولى فدع ما أقــول ولا تـــترد

( هذا الكلام للعلماء وليس لمحدودى العلم والمعرفة ).

فكل واحد من هؤلاء الأعلام مُلتزم بما جاء فى كتاب الله سـبحانه وتعالى وبما

جاء به رسوله عليه الصلاة والســلام .. وأن منشـأ الخلاف فى بعض المسائل

ما يترجح عندهم من اســتدلالات لأمــر معين ، فمثلاً البســملة فى الصــلاة هل

يجهر بها أو يقولها سرًا ؟ وكبعض الأمور يصنعها رسول الله صلى الله عليه

وسلم بطريقة ثم يعملها بطريقة أخرى ، هل التعــدد لجواز كلا العملين أم أنه

لظرف خاص ، وهكذا..

تم تعديل بواسطة ENG. BEHAIRY

أليسَ مِنَ الخسـرانِ أن لياليًا :.:.:.تمرُ بِلا عِلمٍ وتحسبُ من عُمرى

رابط هذا التعليق
شارك

الفاضل المهندس بحيري

أشكر لك مداخلتك الجميلة

والتي تعكس حرصك على وحدة الصف وبيان ما استشكل على البعض

فجزاك ربي بالخير

والحقيقة أن موقف الامام مالك في رفضه عرض المنصور في اجبار الناس على (الموطأ) جبراً لهو موقف خطير جداً يحتاج الى مزيد بيان

ومن أراد الاستزاده .. في هذا الرابط حول فقه الامام مالك في الاختلاف

http://www.taghrib.org/arabic/nashat/esdar...am/05/20/04.htm

وحديثنا اليوم عن إمام جليل ..

حفظ موطأ الامام مالك عن ظهر قلب وهو ابن ثلاث عشرة سنة

وهو الامام الشافعي يرحمه الله تعالى

اسمه ونسبه

هو ابوعبد الله محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي المطلبي. وكان ابوه قد هاجر من مكة الى غزة بفلسطين بحثا عن الرزق لكنه مات بعد ولادة محمد بمدة قصيرة فنشأ محمد يتيما فقيرا . وشافع بن السائب هو الذي ينتسب اليه الشافعي لقي النبي صلى الله عليه وسلم ، واسر ابوه السائب يوم بدر في جملة من أسر وفدى نفسه ثم اسلم . ويلتقي نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف.

اما امه فهي يمانية من الازد وقيل من قبيلة الاسد وهي قبيلة عربية لكنها ليست قرشية، قيل ان ولادة الشافعي كانت في عسقلان وقيل بمنى لكن الاصح ان ولادته كانت في غزة عام 150 هجرية وهو نفس العام الذي توفى فيه ابو حنيفة .

ولما بلغ سنتين قررت امه العودة وابنها الى مكة لاسباب عديدة منها حتى لايضيع نسبه ، ولكي ينشأ على ما ينشأ عليه اقرانه ، فأتم حفظ القران وعمره سبع سنين . عرف الشافعي بشجو صوته في القراءة ، قال ابن نصر : كنا اذا اردنا ان نبكي قال بعضنا لبعض : قوموا الى هذا الفتى المطلبي يقرأ القران ، فاذا أتيناه (يصلي في الحرم ) استفتح القران حتى يتساقط الناس ويكثر عجيجهم بالبكاء من حسن صوته فاذا راى ذلك امسك من القراءة . ولحق بقبيلة هذيل العربية لتعلم اللغة والفصاحة . وكانت هذيل افصح العرب ، ولقد كانت لهذه الملازمة اثر في فصاحته وبلاغة ما يكتب، وقدلفتت هذه البراعة انصار معاصريه من العلماء بعد ان شب وكبر ، حتى الاصمعي وهو من ائمة اللغة المعدودين يقول : ( صححت اشعار هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن ادريس ) وبلغ من اجتهاده في طلب العلم ان اجازه شيخه مسلم بن خالد الزنجي بالفتيا وهو لا يزال صغير .

حفظ الشافعي وهو ابن ثلاث عشرة سنة تقريبا كتاب الموطأ للامام مالك ورحلت به امه الىالمدينة ليتلقى العلم عند الامام مالك . ولازم الشافعي الامام مالك ست عشرة سنة حتى توفى الامام مالك (179 هجرية ) وبنفس الوقت تعلم على يد ابراهيم بن سعد الانصاري ، ومحمد بن سعيد بن فديك وغيرهم .

وبعد وفاة الامام مالك (179 هجرية ) سافر الشافعي الى نجران واليا عليها ورغم عدالته فقد وشى البعض به الى الخليفة هارون الرشيدفتم استدعائه الى دار الخلافة سنة (184هجرية ) وهناك دافع عن موقفه بحجة دامغة وظهر للخليفة براءة الشافعي مما نسب اليه واطلق سراحه .

واثناء وجوده في بغداد أتصل بمحمد بن الحسن الشيباني تلميذ ابي حنيفة وقرأ كتبه وتعرف على علم اهل الرأي ثم عاد بعدها الى مكة واقام فيها نحوا من تسع سنوات لينشر مذهبه من خلال حلقات العلم التي يزدحم فيها طلبة العلم في الحرم المكي ومن خلال لقاءه بالعلماء اثناء مواسم الحج . وتتلمذ عليه في هذه الفترة الامام احمد بن حنبل .

ثم عاد مرة اخرى الى بغداد سنة ( 195 هجرية ) ، وكان له بها مجلس علم يحضره العلماء ويقصده الطلاب من كل مكان . مكث الشافعي سنتين في بغداد ألف خلالها كتابه (الرسالة ) ونشر فيها مذهبه القديم ولازمه خلال هذه الفترة اربعة من كبار اصحابه وهم احمد بن حنبل ، وابو ثور ، والزعفراني ، والكرابيسي . ثم عاد الامام الشافعي الى مكة ومكث بها فترة قصيرة غادرها بعد ذلك الى بغدادسنة (198هجرية ) وأقام في بغداد فترة قصيرة ثم غادر بغداد الى مصر .

قدم مصر سنة ( 199 هجرية ) تسبقه شهرته وكان في صحبته تلاميذه الربيع بن سليمان المرادي ، وعبدالله بن الزبير الحميدي ، فنزل بالفسطاط ضيفا على عبد الله بن عبد الحكم وكان من اصحاب مالك . ثم بدأ بالقاء دروسه في جامع عمرو بن العاص فمال اليه الناس وجذبت فصاحته وعلمه كثيرا من اتباع الامامين ابي حنيفة ومالك . وبقي في مصر خمس سنوات قضاها كلها في التأليف والتدريس والمناظرة والرد على الخصوم . وفي مصر وضع الشافعي مذهبه الجديد وهو الاحكام والفتاوى التي استنبطها بمصر وخالف في بعضها فقهه الذي وضعه في العراق ، وصنف في مصر كتبه الخالدة التي رواها عنه تلاميذه .

وتطرق احمد تمام في كتابه (الشافعي ملامح وآثار ) كيفية ظهور شخصية الشافعي ومنهجه في الفقه . هذا المنهج الذي هو مزيج من فقه الحجاز وفقه العراق ، هذا المنهج الذي انضجه عقل متوهج ، عالم بالقران والسنة ، بصير بالعربية وادابها خبير باحوال الناس وقضاياهم ، قوي الرأي والقياس .

فلو عدنا الى القرن الثاني الميلادي لوجدنا انه ظهر في هذا القرن مدرستين اساسيتين في الفقه الاسلامي هما مدرسة الراي ، ومدرسة الحديث ، نشأت المدرسة الاولى في العراق وهي امتداد لفقه عبدالله بن مسعود الذي اقام هناك ، وحمل اصحابه علمه وقاموا بنشره . وكان ابن مسعود متأثرا بمنهج عمر بن الخطاب في الاخذ بالرأي والبحث في علل الاحكام حين لا يوجد نص من كتاب الله او سنة رسوله صلى الله عليه وسلم . ومن أشهر تلامذة ابن مسعود الذين أخذوا عنه : علقمة بن قيس النخعي ، والاسود بن يزيد النخعي ، ومسروق بن الاجدع الهمداني ، وشريح القاضي ، وهؤلاء كانوا من ابرز فقهاء القرن الاول الهجري . ثم تزعم مدرسة الرأي بعدهم ابراهيم بن يزيد النخعي فقيه العراق بلا منازع وعلى يديه تتلمذ حماد بن سليمان ، وخلفه في درسه ، وكان اماما مجتهدا وكانت له بالكوفة حلقة عظيمة يؤمها طلاب العلم وكان بينهم ابو حنيفة النعمان الذي فاق أقرانه وانتهت اليه رئاسة الفقه ، وتقلد زعامة مدرسة الرأي من بعد شيخه ، والتف حوله الراغبون في تعلم الفقه وبرز منهم تلاميذ بررة على رأسهم ابو يوسف القاضي ، ومحمد بن الحسن ، وزفر والحسن بن زياد وغيرهم ،وعلى يد هؤلاء تبلورت طريقة مدرسة الرأي واستقر امرها ووضح منهجها .

وأما مدرسةالحديث فقد نشأت بالحجاز وهي امتداد لمدرسة عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر ، وعائشة وغيرهم من فقهاء الصحابة الذين أقاموا بمكة والمدينة ، وكان يمثلها عددكبير من كبار الائمة منهم سعد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، والقاسم بن محمد ، وابن شهاب الزهري ، والليث بن سعد ، ومالك بن انس . وتمتاز تلك المدرسة بالوقوف عند نصوص الكتاب والسنة ، فان لم تجد التمست اثار الصحابة ، ولم تلجئهم مستجدات الحوادث التي كانت قليلة في الحجاز الى التوسع في الاستنباط بخلاف ما كان عليه الحال في العراق .

وجاء الشافعي والجدل مشتعل بين المدرستين فأخذ موقفا وسطا ، وحسم الجدل الفقهي القائم بينهما بما تيسر له من الجمع بين المدرستين بعد ان تلقى العلم وتتلمذ على كبار اعلامهما مثل مالك بن انس من مدرسة الحديث ومحمد بن الحسن الشيباني من مدرسة الرأي .

1.png
رابط هذا التعليق
شارك

كان الشافعي فصيح اللسان بليغا حجة في لغة العرب عاش فترة من صباه في بني هذيل فكان لذلك اثر واضحا على فصاحته وتضلعه في اللغة والادب والنحو ، اضافة الى دراسته المتواصله واطلاعه الواسع حتى اصبح يرجع اليه في اللغة والنحو .فكما مر بنا سابقا فقد قال الاصمعي صححت اشعار هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن ادريس . وقال احمد بن حنبل : كان الشافعي من افصح الناس ، وكان مالك تعجبه قراءته لانه كان فصيحا .وقال احمد بن حنبل : ما مس أحد محبرة ولا قلما الا وللشافعي في عنقه منة . وقال ايوب بن سويد : خذوا عن الشافع اللغة .

ويعتبر معظم شعر الامام الشافعي في شعر التأمل ، والسمات الغالبة على هذا الشعر هي ( التجريد والتعميم وضغط التعبير ) وهي سمات كلاسيكية ، اذ ان مادتها فكرية في المقام الاول ، وتجلياتها الفنية هي المقابلات والمفارقات التي تجعل من الكلام ما يشبه الامثال السائرة او الحكم التي يتداولها الناس ومن ذلك :

ما حك جلدك مثل ظفرك *** فتول انت جميع امرك

ما طار طير وارتفع *** الا كما طار وقع

نعيب زماننا والعيب فينا *** وما لزماننا عيب سوانا

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها *** فرجت وكنت اظنها لا تفرج

وقال ايضا :

اذا رمت ان تحيا سليما من الردى *** ودينك موفور وعرضك صن

فلا ينطق منك اللسان بسؤة *** فكلك سؤات وللناس ألسن

وعيناك ان ابدت اليك معائبا *** فدعها وقل ياعين للناس اعين

وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى *** ودافع ولكن بالتي هي أحسن

وقال ايضا :

الدهر يومان ذا أمن وذا خطر *** والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر

أما ترى البحر تعلو فوقه جيف *** وتستقر بأقـصى قـاعه الدرر

وفي السماء نجوم لا عداد لها *** وليس يكسف الا الشمس والقمر

اما قوله في الزهد قوله :

عليك بتقوى الله ان كنت غافلا *** يأتيك بالارزاق من جيث لاتدري

فكيف تخاف الفقر والله رازقا *** فقد رزق الطير والحوت في البحر

ومن ظن ان الرزق يأتي بقوة *** مـا أكـل الـعصفـور مـن النسـر

نزول عـن الدنـيا فـأنك لا تدري *** أذا جن ليل هل تعش الى الفجر

فكم من صحيح مات من غير علة *** وكم من سقيم عاش حينا من الدهر

وعن مكارم الاخلاق قوله :

لما عفوت ولم احقد على أحد *** أرحت نفسي من هم العداوات

اني أحيي عدوي عند رؤيتـه *** لادفع الشــر عـني بـالتحيــات

وأظهر البشر للانسان أبغضه *** كما ان قد حشى قلبي محبات

الناس داء وداء الناس قربهم *** وفي اعتـزالـهم قطـع المـودات

ومن مناجاته رحمة الله قوله :

بموقف ذلي دون عزتك العظمى *** بمخفي سـر لا أحيط به علما

باطراق رأسـي باعترافي بذلتي *** بمد يدي استمطر الجود والرحمى

بأسمائك الحسنى التي بعض وصفها *** لعزتها يستغرق النثر والنظما

أذقنا شراب الانس يا من اذا سقى *** محبا شرابا لا يضام ولا يظما

وفي ختام هذه الوقفات من سيرة الامام الشافعي نتطرق الى تواضعه وورعه وعبادته فان الشافعي مشهورا بتواضعه وخضوعه للحق وتشهد له بذلك دروسه ومعاشرته

لاقرانه وتلاميذه وللناس . كما ان العلماء من اهل الفقه والاصول والحديث واللغة اتفقوا على امانة الشافعي وعدالته وزهده وورعه وتقواه وعلو قدره ، وكان مع جلالته في العلم مناظرا حسن المناظرة ، امينا لها طالبا للحق لا يبغي صيتا وشهرة حتى اثرت عنه هذه الكلمة : " ماناظرت احدا الا ولم أبال يبين الله الحق على لسانه او لساني " . وبلغ من اكبار احمد بن حنبل لشيخه الشافعي أنه قال حين سأله ابنه عبد الله : أي رجل كان الشافعي ، فأني رأيتك تكثر الدعاء له ؟ قال : " كان الشافعي كالشمس للنهار وكالعافية للناس ، فانظر هل لهذين من خلف او عنهما من عوض " .

وكان الشافعي رحمه الله فقيه النفس ، موفور العقل ، صحيح النظر والتفكر ، عابدا ذاكرا . وكان رحمه الله محبا للعلم حتى انه قال : " طلب العلم افضل من صلاة التطوع " ومع ذلك روى عنه الربيع بن سليمان تلميذه أنه كان يحي الليل صلاة الى ان مات رحمه الله ، وكان يختم في كل ليلة ختمة .

وروى الذهبي في السير عن الربيع بن سليمان قال : كان الشافعي قد جزأ الليل ، فثلثه الاول يكتب ، والثاني يصلي ، والثالث ينام . وقال الذهبي افعاله الثلاثة بالنية ، والحق ما قاله الذهبي ، فان النيات صنعة العلماء ، والعلم اذا أثمر العمل وضع صاحبه على طريق النجاة ،وما أحوج امتنا اليوم الى العلماء العاملين الصادقين العابدين الذين تفزع اليهم الامة في الازمات وما اكثرها ولا حول ولا قوة الا بالله .

وظل الامام الشافعي في مصر ولم يغادرها يلقي دروسه ويحيط به تلامذته حتى لقي ربه في (30 رجب 204 هجرية )

1.png
رابط هذا التعليق
شارك

لا أملك سوى الدعاء لك بالخير على هذا المجهود الطيب...

عز علي البحث في موسوعة ويكيبديا العربية ثم لا أجد ذكراً للإمام مالك أو الشافعي، ولو نقلت ما كتبته أنت لتم حذفه لأني لست الكاتب الأصلي لهذا النص، ولذا أرى أن أفضل الرأي أن أطلب منك وضع هذه المعلومات الثمينة في الموسوعة لتعم الفائدة.

عنوان الموسوعة:

http://ar.wikipedia.org/

رابط هذا التعليق
شارك

الامام احمد بن حنبل

إمام أهل السنة

لما حُمل الإمام احمد بن حنبل -رحمه الله- في فتنة خلق القرآن إلى المأمون، جاءه أبو جعفر الأنباري -رحمه الله- وقال له: " يا هذا انت اليوم رأس ، والناس يقتدون بك، فوالله لئن أجبت إلى خلق القرآن، ليجيبن بإجابتك خلق من خلق الله، وإن أنت لم تجب ليمتنعن خلق من الناس كثير .. ومع هذا فإن الرجل إن لم يقتلك ، فأنت تموت ولابد من الموت ، فاتق الله ، ولا تجبهم إلى شيء "

فجعل الإمام احمد يبكي، ويقول: ما شاء الله! ماشاء الله! ثم قال: يا أبا جعفر، أعد عليّ ما قلت، فأعدت عليه فجعل يقول : ما شاء الله! ما شاء الله ! ".

وهذا آخر، يخاطب الإمام أحمد - رحمه الله - اسمه محمد بن نوح ، وكان من القلة الذين صبروا في المحنة ، يخبرنا أمر هذا الخطاب الإمام أحمد نفسه ، فيقول: " ما رأيت أحداً على حداثة سنه ، وقلة علمه، أقوم بأمر الله من محمد بن نوح، وإني لأرجو أن يكون الله قد ختم له بخير، قال لي ذات يوم وأنا معه : " يا أبا عبد الله، الله الله، إنك لست مثلي ، أنت رجل يقتدى بك، وقد مد الخلق أعناقهم إليك، لما يكون منك فاتق الله ، واثبت لأمر الله! ".

ولقد أدرك الإمام أحمد -رحمه الله- هذه الحقيقة أنه عالم ينظر الناس إليه ويقتدون به، فاحتمل الأذى ورضي بالسجن ، وصبر على السياط ، تلهب جسده ، حتى لا يكون فتنة لأحد ، وحتى لا يضل بموقفه الناس ، فحين ازداد الضغط عليه ، حتى يأخذ بالتقية ، وجاءه أحدهم قائلاَ: يا أستاذ ، قال الله تعالى : " ولا تقتلوا أنفسكم " .

فقال له الإمام : يا مروذي اخرج انظر أي شئ ترى ؟!

قال: فخرجت إلى رحبة دار الخليفة، فرأيت خلقا من الناس لا يحصي عدده إلا الله، والصحف في أيديهم ، والأقلام والمحابر في أذرعتهم، فقال لهم المروذي: أي شئ تعملون؟!

فقالوا : ننظر ما يقول أحمد فنكتبه.

قال المروذي: مكانكم، فدخل إلى أحمد بن حنبل -رحمه الله- وقال له: رأيت قوما بأيديهم الصحف والأقلام ينتظرون ما تقول، فيكتبونه.

فقال : يا مرذوي أأضل هؤلاء كلهم؟! أقتل نفسي ولا أضل هؤلاء!!

**** **** ****

وهذا درس عملي لعلماء الأمة ، نقتبسه من حياة هذا الإمام ، يقول بصراحة ووضوح ، لكل العلماء ، الذين يحملون هذا الدين بصدق وإخلاص : إن العلماء الذين تقتدي بهم الأمة ، وتأخذ عنهم أمر دينهم ودنياهم ، لا يبحثون عن الرخص لأنفسهم ، ولا يتعللون بالأعذار الواهية ، ولا يهربون من تحمل التبعات ، ولا يرضون عن العزيمة بديلا، وقد علموا مكانتهم ، واستشعروا عظم مسؤولياتهم ، فأقاموا أنفسهم حيث يجب أن تكون ، وصانوها وحفظوها وألزموها الحق كل الحق، حتى لا يؤتى الحق من قبلهم ، ولو بكلمة ، ولا يصاب حمى الدين ببعض فعالهم!

نعم ، أيها العالم ، انت رأس! يوم رضيت أن تكون معلما ومربيا وموجها ورائداً يفزع الناس اليه.. يسألونه ويستفتونه.. ويستنصحونه.. فلا يليق بالرأس الا ان يكون شامخا وما اكثر الاقدام التي تزل حين تزل قدم العالم وما اكثر القلوب التي تفتن حين يفتن العالم، بفتنة الخير أو الشر!! وما اكثر الذين يضلهم ترخص العلماء!! فيقولون ويزيدون اما مدحا او ذما، او تسويغا او تشويها..

فما اعظم ان يكون العالم رأسا! ينحاز لدينه وينتصر لعلمه ويختار رضا ربه ويخالف نفسه فيكون كما كان هذا الامام الكبير الذي قال فيه الامام ابن الجوزي -رحمه الله- : "هذا رجل هانت عليه نفسه في الله تعالى فبذلها، كما هانت على بلال نفسه وقد روينا عن سعيد بن المسيب: انه كانت نفسه عليه في الله تعالى اهون من نفس ذباب، وانما تهون انفسهم عليهم لتلمحهم العواقب فعيون البصائر ناظرة الى المآل لا الى الحال"

نعم انت اليوم رأس!!

وفرق كبير بين الرأس والمرؤوس والتابع والمتبوع،وما يرضاه الناس من المرؤوس عادة ولا يقيمون له وزنا، فانهم لا يرضونه من الرأس مطلقا فالرأس ما عاد ملكا لنفسه، بل هو ملك امته كلها.. وعليه ان ينطلق من هذه المكانة.. ولا يقارن نفسه بمن هم دونه..

فانت اليوم رأس.. انّْي كان موقعك!!

**** **** ****

والإمام احمد بن حنبل رحمه الله، وأمثاله من الأولين الذين دقت أفهامهم، ورقت نفوسهم، وحسنت نياتهم، وخلصت قلوبهم، فكانوا القدوة ومضرب المثل في الصفاء والنقاء، وحفظ الود، ومعرفة الحق لأصحابه، ورد الفضل لأهله، لا يمنعهم من ذلك حسد او طمع، او سمعة ومنصب.

مكانة الشافعي عند الامام احمد

وفي هذا المقام نذكر بإجلال موقفاً - على سبيل المثال لا الحصر- للامام احمد بن حنبل -رضي الله عنه- حين قال: ما صليت صلاة منذ أربعين سنة، إلا وأنا أدعو فيها للشافعي رحمه الله تعالى.

فقال له ابنه: أي رجل كان الشافعي، حتى تدعو له كل هذا الدعاء؟.

فقال الإمام: يا بني، كان -الشافعي رحمه الله تعالى- كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فانظر هل لهذين من خلف؟.

وكان احمد رحمه الله يقول: "ما مس أحد بيده محبرة، الا وللشافعي -رحمه الله- في عنقه منّة".ولعل هذا يكون من الأسباب القوية، التي بها تلقت الأمة هؤلاء الأئمة الأعلام بقبول حسن، وانقادت لهم بكليتهم..

ويعقب الإمام الغزالي -رحمه الله- على موقف الإمام احمد السابق بقوله: "فانظر إلى إنصاف الداعي، والى درجة المدعو له، وقس به الأقران والأمثال من العلماء في هذه الأعصار، وما بينهم من المشاحنة والبغضاء، لتعلم تقصيرهم في دعوى الاقتداء بهؤلاء".

إن غياب الصفاء، يعني المشاحنة والبغضاء.. والمشاحنة تمحق البركة، وتسقط الهيبة، كما أن البغضاء تفسد العمل، وتأكل الحسنات وتطعن بالمروءات، وان حدث مثل هذا، اصبح كلام العلماء، وخطبهم ومؤلفاتهم كالجسد الخاوي، لا روح ولا حياة، وان كان مفعماً بالأدلة والنصوص.

نعم ، لقد أعرض كثير من الناس، عن العلماء ومجالسهم العلمية، ومؤلفاتهم الكثيرة، فلماذا اعرضوا اليوم؟! وكانوا بالأمس يتزاحمون بالآلاف على مجالس العلم والعلماء؟!!.

1.png
رابط هذا التعليق
شارك

أصول الاعتقاد عند إمام أهل السنة

حدثنا الشيخ أبو عبدالله يحيى بن أبي الحسن بن البنا ، قال : أخبرنا والدي أبو علي الحسن بن احمد بن البنا ، قال أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبدالله بن بشران المعدل ، قال : أخبرنا عثمان بن أحمد بن السماك ، قال : حدثنا أبو محمد الحسن بن عبدالوهاب أبو العنبرقراءة عليه من كتابه في شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وتسعين ومائتين ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن سليمان المنقري البصري – بتنيس - قال : حدثني عبدوس بن مالك العطار ، قال : سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل – رضي الله عنه – يقول :

أصول السنة عندنا :

التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والإقتداء بهم ، وترك البدع ، وكل بدعة فهي ضلالة ، وترك الخصومات ، والجلوس مع أصحاب الأهواء ، وترك المراء والجدال والخصومات في الدين .

والسنة عندنا آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والسنة تفسر القرآن ، وهي دلائل القرآن ، وليس في السنة قياس ، ولا تضرب لها الأمثال ، ولا تدرك بالعقول ولا الأهواء ، إنما هو الاتباع وترك الهوى .

ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقبلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها :

الإيمان بالقدر خيره وشره ، والتصديق بالأحاديث فيه ، والإيمان بها ، لا يُقال لِـمَ ولا كيف ، إنما هو التصديق والإيمان بها ، ومن لم يعرف تفسير الحديث ويبلغه عقله فقد كُـفِيَ ذلك وأُحكِمَ له ، فعليه الإيمان به والتسليم له ، مثل حديث " الصادق المصدوق " ومثل ما كان مثله في القدر ، ومثل أحاديث الرؤية كلها ، وإن نأت عن الأسماع واستوحش منها المستمع ، وإنما عليه الإيمان بها ، وأن لا يرد منها حرفاً واحدا ً ، وغيرها من الأحاديث المأثورات عن الثقات .

وأن لا يخاصم أحداً ولا يناظره ، ولا يتعلم الجدال ، فإن الكلام في القدر والرؤية والقرآن وغيرها من السنن مكروه ومنهي عنه ، لا يكون صاحبه و إن أصاب بكلامه السنة من أهل السنة حتى يدع الجدال ويسلم ويؤمن بالآثار .

والقرآن كلام الله وليس بمخلوق ، ولا يضعف أن يقول : ليس بمخلوق ، فإن كلام الله ليس ببائن منه ، وليس منه شيء مخلوق ، وإياك ومناظرة من أحدث فيه ، ومن قال باللفظ وغيره ، ومن وقف فيه ، فقال : لا أدري مخلوق أو ليس بمخلوق ، وإنما هو كلام الله فهذا صاحب بدعة مثل من قال : ( هو مخلوق ) ، وإنما هو كلام الله وليس بمخلوق .

والإيمان بالرؤية يوم القيامة ، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصحاح ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى ربه ، فإنه مأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صحيح ، رواه قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ؛ ورواه الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ؛ ورواه علي بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس ، والحديث عندنا على ظاهره كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والكلام فيه بدعة ، ولكن نؤمن كما جاء على ظاهره ، ولا نناظر فيه أحداً .

والإيمان بالميزان يوم القيامه كما جاء ، يوزن العبد يوم القيامة فلا يزن جناح بعوضة ، وتوزن أعمال العباد كما جاء في الأثر ، والإيمان به ، والتصديق به ، والإعراض عن من ردّ ذلك ، وتركُ مجادلته .

وأن الله يكلم العباد يوم القيامه ، ليس بينهم وبينه ترجمان ، والتصديق به .

والإيمان بالحوض ، وأن لرسول الله صلى الله عليه وسلم حوضا يوم القيامة تَـرِدُ عليه أمته ، عرضه مثل طوله ، مسيرة شهر ، آنيته كعدد نجوم السماء على ما صحت به الأخبار من غير وجه .

والإيمان بعذاب القبر ، وأن هذه الأمة تُـفـتَـن في قبورها ، وتُسأل عن الإيمان والإسلام ، ومن ربه ؟ ومن نبيه ؟

ويأتيه منكر ونكير ، كيف شاء الله عزوجل ، وكيف أراد ، والايمان به والتصديق به .

والإيمان بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ، وبقوم يخرجون من النار بعد ما احترقوا وصاروا فحما ، فيؤمر بهم إلى نهر على باب الجنة كما جاء في الأثر ، كيف شاء الله ، و كما شاء ، إنما هو الإيمان به ، والتصديق به .

والإيمان أن المسيح الدجال خارج ، مكتوب بين عينيه كافر ، والأحاديث التي جاءت فيه ، والإيمان بأن ذلك كائن ، وأن عيسى ابن مريم عليه السلام ينزل فيقتله بباب لُـدٍّ .

والإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص ، كما جاء في الخبر : (( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا )) .

ومن ترك الصلاة فقد كفر ، وليس من الأعمال شيء تركه كفر إلا الصلاة ، من تركها فهو كافر ، وقد أحل الله قتله .

وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان ، نُـقـدّم هؤلاء الثلاثة كما قدمهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يختلفوا في ذلك ، ثم بعد هؤلاء الثلاثة أصحاب الشورى الخمسة : علي بن أبي طالب ، وطلحة ، والزبير ، وعبدالرحمن بن عوف ، وسعد ، كلهم يصلح للخلافة ، وكلهم إمام ، ونذهب في ذلك إلى حديث ابن عمر : ( كنا نعُـدُّ ورسول الله حي وأصحابه متوافرون : أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم نسكت ) ... ثم من بعد أصحاب الشورى أهل بدر من المهاجرين ، ثم أهل بدر من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قدر الهجرة والسابقة ، أولاً فأولا ، ثم أفضل الناس بعد هؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، القرن الذي بعث فيهم .

وكل من صحبه سنة أو شهرا أو يوما أو ساعة ، أو رآه فهو من أصحابه ، له من الصحبة على قدر ما صحبه ، وكانت سابقته معه ، وسمع منه ، ونظر إليه نظرة ، فأدناهم صحبة هو أفضل من القرن الذين لم يروه ، ولو لقوا الله بجميع الأعمال ، كان هؤلاء الذين صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم ورأوه وسمعوا منه ، ومن رآه بعينه وآمن به ولو ساعة ، أفضل لصحبتهم من التابعين ، ولو عملوا كل أعمال الخير .

والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البَـرّ والفاجر ، ومن ولي الخلافة ، واجتمع الناس عليه ، ورضوا به ، ومن عليهم بالسيف حتى صار خليفة ، وسمي أميرالمؤمنين .

والغزو ماض مع الأمير إلى يوم القيامه البَـرّ والفاجر لا يُـترَك .

وقسمة الفيء وإقامة الحدود إلى الأئمة ماضٍ ، ليس لأحد أن يطعن عليهم ، ولا ينازعهم ، ودفع الصدقات إليهم جائزة نافذة ، من دفعها إليهم أجزأت عنه ، بَـرّاً كان أو فاجراً .

وصلاة الجمعة خلفه وخلف من ولاه ، جائزة باقية تامة ركعتين ، من أعادهما فهو مبتدع تارك للآثار ، مخالف للسنة ، ليس له من فضل الجمعة شيء ؛ إذا لم ير الصلاة خلف الأئمة من كانوا برهم وفاجرهم ، فالسنة : أن يصلي معهم ركعتين ، ويدين بأنها تامة ، لا يكن في صدرك من ذلك شك .

ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين – وقد كانوا اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة ، بأي وجه كان ، بالرضا أو بالغلبة - فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين ، وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية .

ولا يحل قتال السلطان ، ولا الخروج عليه لأحد من الناس ، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق .

وقتال اللصوص والخوارج جائز ، إذا عرضوا للرجل في نفسه وماله فله أن يقاتل عن نفسه وماله ، ويدفع عنها بكل ما يقدر ، وليس له إذا فارقوه أو تركوه أن يطلبهم ، ولا يتبع آثارهم ، ليس لأحد إلا الإمام أو ولاة المسلمين ، إنما له أن يدفع عن نفسه في مقامه ذلك ، وينوي بجهده أن لا يقتل أحداً ، فإن مات على يديه في دفعه عن نفسه في المعركة فأبعد الله المقتول ، وإن قُـتِـل هذا في تلك الحال وهو يدفع عن نفسه وماله ، رجوت له الشهادة ، كما جاء في الأحاديث وجميع الآثار في هذا إنما أُمِر بقتاله ، ولم يُـؤمَـر بقتله ولا اتباعه ، ولا يجهز عليه إن صُرِع أو كان جريحا ، وإن أخذه أسيرا فليس له أن يقتله ، ولا يقيم عليه الحد ، ولكن يرفع أمره إلى من ولاه الله ، فيحكم فيه .

ولا نشهد على أحد من أهل القبلة بعمل يعمله بجنة ولا نار ، نرجو للصالح ونخاف عليه ، ونخاف على المسيء المذنب ، ونرجو له رحمة الله .

ومن لقى الله بذنب يجب له به النار تائبا غير مُصـرٍّ عليه ، فإن الله يتوب عليه ، ويقبل التوبة عن عباده ، ويعفو عن السيئات ، ومن لقيه وقد أقيم عليه حد ذلك الذنب في الدنيا ، فهو كفارته ، كما جاء في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن لَـقِيـَه مُصِـرّا غير تائب من الذنوب التي استوجب بها العقوبة فأمره إلى الله ، إن شاء عذّبه ، وإن شاء غفر له ، ومن لَـقِـيَـه وهو كافر عذّبه ولم يغفر له .

والرجم حق على من زنا وقد أُحصن ، إذا اعترف أو قامت عليه بيّنة ، فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم والأئمة الراشدون .

ومن انتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو أبغضه بحدث كان منه ، أو ذكر مساوئه ، كان مبتدعا ، حتى يترحم عليهم جميعا ، ويكون قلبه لهم سليما .

والنفاق هو : الكفر ، أن يكفر بالله ويعبد غيره ، ويُـظهِـر الإسلام في العلانية ، مثل المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (( ثلاث من كن فيه فهو منافق )) هذا على التغليظ ، نرويها كما جاءت ، ولا نفسرها .

وقوله صلى الله عليه وسلم : (( لا ترجعوا بعدي كفارا ضُلالا يضرب بعضكم رقاب بعض )) ، ومثل : (( إذا التقى المسلمان بسيفيهما ، فالقاتل والمقتول في النار )) ، ومثل : (( سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر )) ، ومثل : (( من قال لأخيه يا كافر ، فقد باء بها أحدهما )) ، ومثل : (( كُـفـرٌ بالله تَـبَـرؤٌ من نَـسَـبٍ وإن دَقّ )) ، ونحو هذه الأحاديث مما قد صح وحُـفِـظ ، فإنا نُـسَـلم له ، وإن لم نعلم تفسيرها ، ولا نتكلم فيها ، ولا نجادل فيها ، ولا نفسّر هذه الأحاديث إلا مثل ما جاءت ، لا نردها إلا بأحق منها .

والجنة والنار مخلوقتان ، كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( دخلتُ الجنة فرأيت قصراً ... )) ، و (( رأيت الكوثر )) ، و (( واطلعت في الجنة ، فرأيت أكثر أهلها... )) كذا ، و (( واطلعت في النار ، فرأيت ... )) كذا وكذا ، فمن زعم أنهما لم تُخلقا ، فهو مكذّب بالقرآن وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أحسبه يؤمن بالجنة والنار.

ومن مات من أهل القبلة مُـوَحِـداً يُـصلّى عليه ، ويُستغفر له ، ولا يُحجب عنه الاستغفار ، ولا تترك الصلاة عليه لذنب أذنبه صغيرا كان أو كبيرا ، أَمــرُهُ إلى الله تعالى .

آخر الرسالة

والحمد لله وحده

وصلواته على محمد وآله وسلم تسليما

1.png
رابط هذا التعليق
شارك

وفاة الامام احمد ..

قال إمام أهل السنة أبو عبد الله الإمام أحمد بن حنبل :

قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم يوم الجنائز

وُلد سنة 164هـ وملأ الدّنيا علماً ثمّ مات سنة 241 هـ

ومما جاء عن خبر وفاته يرحمه الله ..

قال الإمام الحافظ أبن كثير رحمه الله :

وقال الدارقطني : سمعت أبا سهل بن زياد سمعت عبد الله بن أحمد يقول : سمعت أبي يقول : قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم الجنائز حين تمرّ . وقد صدّق الله قول أحمد في هذا ، فإنه كان إمام السنة في زمانه ، وعيون مخالفيه أحمد بن أبي داؤد وهو قاضي قضاة الدنيا لم يحتفل أحد بموته ولم يلتفت إليه ، ولما مات ما شيعه إلا قليل من أعوان السلطان ، وكذلك الحارث بن أسد المحاسبي مع زهده وورعه وتنقيره ومحاسبته نفسه في خطراته وحركاته لم يُصلّ عليه إلا ثلاثة أو أربعة من الناس ، وكذلك بشر بن غياث المريسي لم يصل عليه إلا طائفة يسيرة جدا ، فلله الأمر من قبل ومن بعد . اهـ .

وفي تاريخ دمشق أن الأمير محمد بن عبد الله بن طاهر بعث عشرين رجلا فحزروا كم صلى على أحمد بن حنبل ، فحزروا فبلغ ألف ألف وثمانين ألفا ، سوى من كان في السفن في الماء .

وقال ابن كثير أيضا :

ولا شك أن جنازة أحمد بن حنبل كانت هائلة عظيمة بسبب كثرة أهل بلده واجتماعهم لذلك وتعظيمهم له ، وأن الدولة كانت تحبّه ، والشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله توفي ببلدة دمشق وأهلها لا يعشرون أهل بغداد حينئذ كثرة ، (يقصد انهملا يساوون نسبة واحد الى عشرة من تعداد سكان بغداد) ولكنهم اجتمعوا لجنازته اجتماعا لو جمعهم سلطان قاهر وديوان حاصر لما بلغوا هذه الكثرة التي اجتمعوها في جنازته وانتهوا إليها ، هذا مع أن الرجل مات بالقلعة محبوسا من جهة السلطان ، وكثير من الفقهاء والفقراء يذكرون عنه للناس أشياء كثيرة مما ينفر منها طباع أهل الأديان فضلا عن أهل الإسلام وهذه كانت جنازته . اهـ .

ولا شك أن جنائز أهل العِلم لـتُوحي بقدرهم في نفوس الناس .

وتُشعر بقدر ما حملوه وما بذلوه .

يتجمّع الناس وتزدحم الجموع غير رغبة في دنيا ولا رهبة من سلطان .

يودّعون علما غزيراً وتواضعا جـمّـاً بل ويدفنون رجلاً طالما أحبّـته القلوب

فاللهم اجعلنا خير خلف لخير سلف

والحقنا بهم في جنات النعيم

واجمع بيننا وبينهم على حوض نبيك محمد صلى الله عليه وسلم

تم تعديل بواسطة هادي
1.png
رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 3 أسابيع...

تكلمنا عن الامام مالك

ثم الامام الشافعي

ثم الامام احمد بن حنبل

واليوم

نلقي نظرة سريعة على حياة الامام (ابو حنيفة النعمان)

المولد والنشأة

استقبلت الكوفة مولودها النعمان بن ثابت بن النعمان المعروف بأبي حنيفة سنة (80 هـ 699م) وكانت آنذاك حاضرة من حواضر العلم، تموج بحلقات الفقه والحديث والقراءات واللغة والعلوم، وتمتلئ مساجدها بشيوخ العلم وأئمته، وفي هذه المدينة قضى أبو حنيفة معظم حياته متعلما وعالما، وتردد في صباه الباكر بعد أن حفظ القرآن على هذه الحلقات، لكنه كان منصرفا إلى مهنة التجارة مع أبيه، فلما رآه عامر الشعبي الفقيه الكبير ولمح ما فيه مخايل الذكاء ورجاحة العقل أوصاه بمجالسة العلماء والنظر في العلم، فاستجاب لرغبته وانصرف بهمته إلى حلقات الدرس وما أكثرها في الكوفة، فروى الحديث ودرس اللغة والأدب، واتجه إلى دراسة علم الكلام حتى برع فيه براعة عظيمة مكّنته من مجادلة أصحاب الفرق المختلفة ومحاجّاتهم في بعض مسائل العقيدة، ثم انصرف إلى الفقه ولزم حماد بن أبي سليمان، وطالت ملازمته له حتى بلغت ثمانية عشر عاما

شيوخه

وكان أبو حنيفة يكثر من أداء فريضة الحج حتى قيل إنه حج 55 مرة، وقد مكنته هذه الرحلات المتصلة إلى بيت الله الحرام أن يلتقي بكبار الفقهاء والحفّاظ، يدارسهم ويروي عنهم، وممن التقى بهم من كبار التابعين: عامر الشعبي المتوفى سنة (103 هـ= 721م)، وعكرمة مولى ابن عباس المتوفى سنة (105 هـ = 723م)، ونافع مولى ابن عمر المتوفى (117هـ= 735م)، وزيد بن علي زين العابدين المتوفى سنة (122هـ = 740م)، ويصل بعض المؤرخين بشيوخ أبي حنيفة إلى 4 آلاف شيخ، وتذكر بعض الروايات أنه التقى ببعض الصحابة الذين عاشوا إلى نهاية المائة عام الأولى، وروى عنهم بعض الأحاديث النبوية وهو بذلك ترتفع درجته إلى رتبة التابعين، على أن الراجح أنه وإن صح أنه التقى بعض الصحابة الذين امتدت بهم الحياة حتى عصره فإنه لم يكن في سن من يتلقّى العلم، ولا سيما أنه بدأ العلم في سن متأخرة وأنه انصرف في بداية حياته إلى العمل بالتجارة

1.png
رابط هذا التعليق
شارك

نزل الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود مدينة الكوفة عقب إنشائها على عهد عمر بن الخطاب سنة 17 هـ ليعلّم الناس ويفقّههم في دينهم، فالتف الناس حوله، وكان بحرا زاخرا من بحور العلم، وكان متأثرا بطريقة عمر بن الخطاب في الاستنباط والبحث، والأخذ بالرأي عند افتقاد النص، مع الاحتياط والتحري في قبول الحديث النبوي.

وبرز من تلامذة ابن مسعود عدد من الفقهاء الأفذاذ، يأتي في مقدمتهم عبيدة بن قيس السلماني، وعلقمة بن قيس النخعي الذي قال عنه شيخه ابن مسعود: لا أعلم شيئا إلا وعلقمة يعلمه، بالإضافة إلى شُريح الكندي الذي ولي قضاء الكوفة في عهد عمر، واستمر على القضاء اثنتين وستين سنة.

وحمل أمانة العلم من بعدهم طبقة لم يدركوا ابن مسعود، ولكن تفقهوا على يد أصحابه، وكان أبرز هذه الطبقة إبراهيم بن يزيد النخعي، فقيه العراق دون منازع، فضلا عن تمكنه الراسخ في علوم الحديث، وهو ينتمي إلى أسرة كريمة، اشتهر كثير من أفرادها بالنبوغ والاشتغال بالفقه.

وعلى يد إبراهيم النخعي تتلمذ حمّاد بن سليمان، وخلفه في درسه، وكان إماما مجتهدا، كانت له بالكوفة حلقة عظيمة، يؤمها طلاب العلم، وكان من بينهم أبو حنيفة النعمان الذي فاق أقرانه وانتهى إليه الفقه وتقلد زعامة مدرسة الرأي من بعد شيخه، والتفّ حوله الراغبون في الفقه، برز منهم تلامذة بررة، على رأسهم أبو يوسف، ومحمد، وزُفر، وعملوا معه على تكوين المذهب الحنفي.

رئاسة حلقة الفقه

وبعد موت شيخه حماد بن أبي سليمان آلت رياسة حلقة الفقه إلى أبي حنيفة، وهو في الأربعين من عمره، والتفّ حوله تلاميذه ينهلون من علمه وفقهه، وكانت له طريقة مبتكرة في حل المسائل والقضايا التي كانت تُطرح في حلقته؛ فلم يكن يعمد هو إلى حلها مباشرة، وإنما كان يطرحها على تلاميذه، ليدلي كل منهم برأيه، ويعضّد ما يقول بدليل، ثم يعقّب هو على رأيهم، ويصوّب ما يراه صائبا، حتى تُقتل القضية بحثا، ويجتمع أبو حنيفة وتلاميذه على رأي واحد يقررونه جميعا.

وكان أبو حنيفة يتعهد تلاميذه بالرعاية، وينفق على بعضهم من ماله، مثلما فعل مع تلميذه أبي يوسف حين تكفّله بالعيش لما رأى ضرورات الحياة تصرفه عن طلب العلم، وأمده بماله حتى يفرغ تماما للدراسة، يقول أبو يوسف المتوفى سنة (182هـ = 797م): "وكان يعولني وعيالي عشرين سنة، وإذا قلت له: ما رأيت أجود منك، يقول: كيف لو رأيت حمادا –يقصد شيخه- ما رأيت أجمع للخصال المحمودة منه".

وكان مع اشتغاله يعمل بالتجارة، حيث كان له محل في الكوفة لبيع الخزّ (الحرير)، يقوم عليه شريك له، فأعانه ذلك على الاستمرار في خدمة العلم، والتفرغ للفقه.

انتشار المذهب

انتشر مذهب أبي حنيفة في البلاد منذ أن مكّن له أبو يوسف بعد تولّيه منصب قاضي القضاة في الدولة العباسية، وكان المذهب الرسمي لها، كما كان مذهب السلاجقة والدولة الغرنوية ثم الدولة العثمانية، وهو الآن شائع في أكثر البقاع الإسلامية، ويتركز وجوده في مصر والشام والعراق وباكستان والهند والصين.

وفاة أبي حنيفة

مد الله في عمر أبي حنيفة، ورزقه الله القبول، وهيأ له من التلاميذ النابهين من حملوا مذهبه ومكنوا له، وحسبه أن يكون من بين تلاميذه أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وزفر، والحسن بن زياد، وأقر له معاصروه بالسبق والتقدم، قال عنه النضر بن شميل: "كان الناس نياما عن الفقه حتى أيقظهم أبو حنيفة بما فتقه وبيّنه"، وبلغ من سمو منزلته في الفقه أن قال الشافعي: "الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة".

كما كان ورعا شديد الخوف والوجل من الله، وتمتلئ كتب التاريخ والتراجم بما يشهد له بذلك، ولعل من أبلغ ما قيل عنه ما وصفه به العالم الزاهد فضيل بن عياض بقوله: "كان أبو حنيفة رجلا فقيها معروفا بالفقه، مشهورا بالورع، واسع المال، معروفا بالأفضال على كل من يطيف به، صبورا عل تعليم العلم بالليل والنهار، حسن الليل، كثير الصمت، قليل الكلام حتى ترد مسألة في حلال أو حرام، فكان يحسن أن يدل على الحق، هاربا من مال السلطان".

وتوفي أبو حنيفة في بغداد بعد أن ملأ الدنيا علما وشغل الناس في (11 من جمادى الأولى 150 هـ = 14 من يونيو 767م).

1.png
رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 2 شهور...

الامام ابن تيمية

الحقيقة .. أن الحديث حول الامام ابن تيمية حديث ذو شجوون

فهو عند البعض رمزاً للتشدد والتعصب

وعند آخرين مثالاً للمنغلقين وعدواً لاعمال العقل

والبعض لا يدري عنه شيئا

لاعن علمه .. ولا جهاده .. ولا حبسه .. و لا منفاه .. ولا وفاته !!

والبعض يخلط بينه وبين جده .. أو بينه وبين ابيه !!

ولهذا أقول هو حديث ذو شجوون

فأرجو أن نقرأ سيرة حياة الشيخ الجليل

قراءة واعية

لنعرف .. أي من صنف من الرجال كان

نسبه:

هو شيخ الإسلام الإمام أبو العباس:

أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن محمد بن الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبد الله ابن تيمية

الحراني ثم الدمشقي (حيث ولد في "حران" بتركيا ..ثم تربى في دمشق .. سوريا)

مولده ووفاته:

ولد يوم الاثنين العاشر من ربيع الأول بحران سنة 661 هـ، ولما بلغ من العمر سبع سنوات انتقل مع والده إلى دمشق؛ هربًا من وجه الغزاة التتار ، وتوفي ليلة الاثنين العشرين من شهر ذي القعدة سنة (728) هـ وعمره (67) سنة.

نشأته:

نشأ في بيت علم وفقه ودين ، فأبوه وأجداده وإخوته وكثير من أعمامه كانوا من العلماء المشاهير ،

منهم جده الأعلى (الرابع) محمد بن الخضر ،

ومنهم عبد الحليم بن محمد بن تيمية ، وعبد الغني بن محمد ابن تيمية ،

وجده الأدنى عبد السلام بن عبد الله ابن تيمية مجد الدين أبو البركات

صاحب التصانيف التي منها :

المنتقى من أحاديث الأحكام ، و

المحرر في الفقه ، و

المسودة في الأصول وغيرها ،

وكذلك أبوه عبد الحليم بن عبد السلام الحراني ، وأخوه عبد الرحمن وغيرهم.

ففي هذه البيئة العلمية الصالحة كانت نشأته يرحمه الله،

وقد بدأ بطلب العلم أولًا على أبيه وعلماء دمشق ، فحفظ القرآن وهو صغير ، ودرس الحديث والفقه والأصول والتفسير ، وعرف بالذكاء وقوة الحفظ والنجابة منذ صغره.

ثم توسّع في دراسة العلوم وتبحر فيها ، واجتمعت فيه صفات المجتهد وشروط الاجتهاد منذ شبابه، فلم يلبث أن صار إمامًا يعترف له الجهابذة بالعلم والفضل والإمامة ، قبل بلوغ الثلاثين من عمره.

إنتاجه العلمي:

ترك الشيخ للأمة تراثًا ضخمًا ثمينًا ، لا يزال العلماء والباحثون ينهلون منه معينًا صافيًا ، توفرت لدى الأمة منه الآن المجلدات الكثيرة ، من المؤلفات والرسائل والفتاوى والمسائل وغيرها ، هذا من المطبوع ، وما بقي مجهولًا ومكنوزًا في عالم المخطوطات فكثير.

المجالات العلمية التي أسهم فيها:

ولم يترك الشيخ مجالًا من مجالات العلم والمعرفة التي تنفع الأمة ، وتخدم الإسلام إلا كتب فيه وأسهم بجدارة وإتقان ، وتلك خصلة قلما توجد إلا عند العباقرة النوادر في التاريخ. فلقد شهد له أقرانه وأساتذته وتلاميذه وخصومه بسعة الاطلاع ، وغزارة العلم.

فإذا تكلم في علم من العلوم أو فن من الفنون ظن السامع أنه لا يتقن غيره ، وذلك لإحكامه له وتبحره فيه ، وأن المطلع على مؤلفاته وإنتاجه ، والعارف بما كان يعمله في حياته من الجهاد باليد واللسان ، والذب عن الدين ، والعبادة والذكر ، ليعجب كل العجب من بركة وقته ، وقوة تحمله وجلده ، فسبحان من منحه تلك المواهب.

جهاده ودفاعه عن الإسلام:

الكثير من الناس يجهل الجوانب العملية من حياة الشيخ ، فإنهم عرفوه عالمًا ومؤلفًا ومفتيًا ، من خلال مؤلفاته المنتشرة ، مع أن له مواقف مشهودة في مجالات أخرى عديدة ساهم فيها مساهمة قوية في نصرة الإسلام وعزة المسلمين فمن ذلك: -

جهاده بالسيف وتحريضه المسلمين على القتال ، بالقول والعمل ، فقد كان يجول بسيفه في ساحات الوغى ، مع أعظم الفرسان الشجعان ، والذين شاهدوه في القتال أثناء فتح عكا عجبوا من شجاعته وفتكه بالعدو .

أما جهاده بالقلم واللسان فإنه -رحمه الله- وقف أمام أعداء الإسلام من أصحاب الملل والنحل والفرق والمذاهب الباطلة والبدع كالطود الشامخ ، بالمناظرات -حينًا- وبالردود -أحيانًا- حتى فند شبهاتهم ، ورد الكثير من كيدهم بحمد الله ، فقد تصدى للفلاسفة ، والباطنية ، من صوفية ، وإسماعيلية ونصيرية وسواهم ، كما تصدى للروافض والملاحدة ، وفند شبهات أهل البدع التي تقام حول المشاهد والقبور ونحوها ، كما تصدى للجهمية والمعتزلة والأشاعرة في مجال الأسماء والصفات ، وبالجملة فقد اعتنى ببيان أنواع التوحيد الثلاثة : توحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية ، وتوحيد الأسماء والصفات ، ورد الشبهات حول هذه الأنواع.

والمطلع على هذا الجانب من حياة الشيخ يكاد يجزم بأنه لم يبق له من وقته فضلة ، فقد حورب وطورد وأوذي وسجن مرات في سبيل الله ، وقد وافته منيته مسجونًا في سجن القلعة بدمشق. ولا تزال -بحمد الله- ردود الشيخ سلاحًا فعالًا ضد أعداء الحق والمبطلين؛ لأنها إنما تستند على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهدي السلف الصالح ، مع قوة الاستنباط ، وقوة الاستدلال والاحتجاج الشرعي والعقلي ، وسعة العلم ، التي وهبها الله له ، وأكثر المذاهب الهدامة التي راجت اليوم بين المسلمين هي امتداد لتلك الفرق والمذاهب التي تصدى لها الشيخ وأمثاله من سلفنا الصالح؛ لذلك ينبغي للدعاة المصلحين أن لا يغفلوا هذه الناحية؛ ليستفيدوا مما سبقهم به أولئك. ولست مبالغًا حينما أقول: إنه لا تزال كتب الشيخ وردوده هي أقوى سلاح للتصدي لهذه الفرق الضالة والمذاهب الهدامة التي راجت اليوم، والتي هي امتداد للماضي ، لكنها تزيّت بأزياء العصر ، وغيّرت أسماءها فقط ، مثل البعثية ، والاشتراكية ، والقومية ، والقاديانية والبهائية ، وسواها من الفرق والمذاهب.

تم تعديل بواسطة هادي
1.png
رابط هذا التعليق
شارك

خصاله:

بالإضافة إلى العلم والفقه في الدين ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، قد وهبه الله خصالًا حميدة ، اشتهر بها وشهد له بها الناس ، فكان سخيًا كريمًا يؤثر المحتاجين على نفسه في الطعام واللباس وغيرهما ، وكان كثير العبادة والذكر وقراءة القرآن ، وكان ورعًا زاهدًا لا يكاد يملك شيئًا من متاع الدنيا سوى الضروريات ، وهذا مشهور عنه عند أهل زمانه حتى في عامة الناس ، وكان متواضعًا في هيئته ولباسه ومعاملته مع الآخرين ، فما كان يلبس الفاخر ولا الرديء من اللباس ، ولا يتكلف لأحد يلقاه .

واشتهر أيضًا بالمهابة والقوة في الحق ، فكانت له هيبة عظيمة عند السلاطين والعلماء وعامة الناس ، فكل من رآه أحبه وهابه واحترمه ، إلا من سيطر عليهم الحسد من أصحاب الأهواء ونحوهم.

كما عرف بالصبر وقوة الاحتمال في سبيل الله ، وكان ذا فراسة وكان مستجاب الدعوة ، وله كرامات مشهودة ، رحمه الله رحمة واسعة ، وأسكنه فسيح جناته.

عصره: لقد عاش - رحمه الله - في عصر كثرت فيه البدع والضلالات ، وسادت كثير من المذاهب الباطلة ، واستفحلت الشبهات وانتشر الجهل والتعصب والتقليد الأعمى ، وغزيت بلاد المسلمين من قبل التتار والصليبيين.

ونجد صورة عصره جلية واضحة من خلال مؤلفاته التي بين أيدينا؛ لأنه اهتم بأجل أمور المسلمين وأخطرها ، وساهم في علاجها بقلمه ولسانه ويده .

فالمتأمل في مؤلفات الشيخ يجد الصورة التالية لعصره :

كثرة البدع والشركيات خاصة حول القبور والمشاهد والمزارات المزعومة ،

والاعتقادات الباطلة في الأحياء والموتى ،

وأنهم ينفعون ويضرون ويُدعون من دون الله

انتشار الفلسفات والإلحاد والجدل

هيمنة التصوف، والطرق الصوفية الضالة على العامة من الناس ، ومن ثم انتشار المذاهب والآراء الباطنية

توغل الروافض في أمور المسلمين ، ونشرهم للبدع والشركيات وتثبيطهم للناس عن الجهاد، ومساعدتهم للتتار أعداء المسلمين

وأخيرًا نلاحظ تَقَوّي أهل السنة والجماعة بالشيخ وحفزه لعزائمهم مما كان له الأثر الحميد على المسلمين إلى اليوم في التصدي للبدع والمنكرات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصح لأئمة المسلمين وعامتهم.

وقد وقف الشيخ -رحمه الله- في عصره إزاء هذه الانحرافات موقفًا مشهودًا ، آمرًا وناهيًا ، وناصحًا ، ومبينًا ، حتى أصلح الله على يديه الكثير من أوضاع المسلمين ، ونصر به السنة وأهلها ، والحمد لله.

وفاته: إن من علامات الخير للرجل الصالح ، وقبوله لدى المسلمين، إحساسهم بفقده حين يموت؛ لذلك كان السلف يعدون كثرة المصلين على جنازة الرجل من علامات الخير والقبول له؛ لذلك قال الإمام أحمد: "قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم يوم الجنائز" .

أي: أن أئمة السنة أكثر مشيعين يوم تموتون، ولقد شهد الواقع بذلك، فما سمع الناس بمثل جنازتي الإمامين: أحمد بن حنبل، وأحمد ابن تيمية حين ماتا من كثرة من شيعهما وخرج مع جنازة كل منهما، وصلى عليهما، فالمسلمون شهداء الله في أرضه.

هذا وقد توفي الشيخ -رحمه الله- وهو مسجون بسجن القلعة بدمشق ليلة الاثنين 20 من شهر ذي القعدة سنة (728) هـ ، فهب كل أهل دمشق ومن حولها للصلاة عليه وتشييع جنازته وقد أجمعت المصادر التي ذكرت وفاته أنه حضر جنازته جمهور كبير جدًا يفوق الوصف.

رحمه الله وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء

بتصرف من كتاب

الاعلام العلية في مناقب ابن تيمية .. للحافظ عمر بن علي البزار

1.png
رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 3 أسابيع...

الامام القدوة

محمد بن المنكدر

اسمه ونسبه: هو محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير بن عبد العزى، ينتهي نسبه إلى تيم بن مرة بن كعب بن لؤي أبو عبد الله القرشي التيمي المدني.

مولده: ولد سنة بضع وثلاثين.

شيوخه: روى عن عائشة وأبي هريرة وابن عمر وجابر وابن عباس وابن الزبير وأنس بن مالك وأبي أمامة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم ومن التابعين سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبى صالح ذكوان السمان.

تلامذته والرواة عنه: عمرو بن دينار والزهري وهشام بن عروة وأبو حازم الأعرج وموسى بن عقبة ويحيى بن سعيد الأنصاري وابن جريج ومعمر ومالك وشعبة والسفيانان والأوزاعي وابن أبي ذئب وأبو حنيفة وأمم سواهم.

ثناء العلماء عليه:

قال سفيان: كان من معادن الصدق ويجتمع إليه الصالحون ولم يُدْرَكْ أحدٌ أجدر أن يقبل الناس منه إذا قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منه.

قال الحميدي: هو حافظ، وقال ابن معين وأبو حاتم: ثقة.

قال أبو حاتم البستي: كان من سادات القراء لا يتملك البكاء إذا قرأت حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وكان يصفر لحيته ورأسه بالحناء، قال مالك: كان ابن المنكدر سيد القراء.

وقال أبو معشر: كان سيدًا يطعم الطعام ويجتمع عنده القراء. قال يعقوب الفسوي: هو غاية في الإتقان والحفظ والزهد حجة.

قال ابن الماجشون: إن رؤية محمد بن المنكدر لتنفعني في ديني.

قال الذهبي: الإمام الحافظ القدوة شيخ الإسلام.

قال ابن حجر: ثقة فاضل.

من أحواله وأقواله: قال أبو القاسم اللالكائي: كان المنكدر خال عائشة فشكا إليها الحاجة، فقالت: إن لي شيئًا يأتيني أبعث به إليك، فجاءتها عشرة آلاف، فبعثت بها إليه، فاشترى جارية فولدت له محمدًا وأبا بكر وعمر.

قلت: فهو ابن خال عائشة، ولذلك سأل الترمذي البخاري عن سماعه من عائشة، فقال: نعم يقول في حديثه: سمعت عائشة.

قال الذهبي: إن ثبت الإسناد إلى ابن المنكدر بهذا فجيد. وذلك ممكن لأنه قرابتها وخصيص بها ولحقها وهو ابن نيف وعشرين سنة.

قال عكرمة بن إبراهيم عن ابن المنكدر أنه جزع عند الموت، فقيل له: لم تجزع؟ قال: أخشى آية من كتاب الله: وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون، فأنا أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أكن أحتسب.

قال ابن عيينة: كان لمحمد بن المنكدر جار مبتلى فكان يرفع صوته بالبلاء، وكان محمدٌ يرفع صوته بالحمد.

قال مالك كان محمد بن المنكدر لا يكاد أحد يسأله عن حديث إلا كان يبكي.

روى جعفر بن سليمان عن محمد بن المنكدر أنه كان يضع خده على الأرض ثم يقول لأمه قومي ضعي قدمك على خدي.

قال سفيان: كان ابن المنكدر يقول: كم من عين ساهرة في رزقي في ظلمات البر والبحر، وكان إذا بكى مسح وجهه ولحيته من دموعه ويقول: بلغني أن النار لا تأكل موضعًا مسته الدموع.

قال ابن المنكدر: بات أخي عمر يصلي وبت أغمز قدمي أمي وما أحب أن ليلتي بليلته.

قال ابن عيينة: تبع ابن المنكدر جنازة سفيه فعوتب فقال: والله إني لأستحي من الله أن أرى رحمته عجزت عن أحد.

قال ابن المنكدر: كابدت نفسي أربعين سنة حتى استضاقت.

وقال أيضًا: إن الله يحفظ العبد المؤمن في ولده وولد ولده ويحفظه في دويرته ودويرات حوله فما يزالون في حفظ أو في عافية ما كان بين ظهرانيهم.

وقال أيضًا: نعم العون على تقوى الله الغنى.

قيل لابن المنكدر: أي الدنيا أحب إليك؟ قال: الإفضال على الإخوان.

عن عمر بن محمد بن المنكدر قال: كنت أمسك على أبي المصحف، قال: فمرت مولاة له فكلمها فضحك إليها ثم أقبل يقول: إنا لله إنا لله، حتى ظننت أنه قد حدث شيء، فقلت: مالك؟ فقال: أما كان لي في القرآن شغل حتى مرت هذه فكلمتها.

قال عمر بن محمد بن المنكدر: بينا أنا جالس مع أبي في المسجد مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذ مر بنا رجل يحدث الناس ويفتيهم ويقضي، قال: فدعاه أبي، فقال له: يا أبا فلان إن المتكلم يخاف مقت الله عز وجل وإن المستمع يرجو رحمة الله عز وجل.

قال ابن المنكدر: ليأتين على الناس زمان لا يخلص فيه إلا من دعا كدعاء الغريق.

وقال: الفقيه يدخل بين الله وبين عباده فلينظر كيف يدخل.

قال بشر بن المغفل: جلست إلى محمد بن المنكدر فلما أراد أن يقوم قال: أتأذن، قلت: هذا هو أدب المجالسة ينتهي بالاستئذان.

أتى صفوان بن سليم إلى محمد بن المنكدر وهو في الموت فقال: يا أبا عبد الله كأني أراك قد شق عليك الموت، قال: فما زال يهون عليه الأمر حتى إن وجهه لكأنه المصابيح ثم قال له محمد: لو ترى ما أنا فيه لقرت عينك ثم قضى رحمه الله.

وفاته: توفي رحمه الله سنة ثلاثين ومائة أو بعدها.

المراجع:

حلية الأولياء. سير أعلام النبلاء.

تهذيب التهذيب. تقريب التهذيب

منقول بتصرف يسير

1.png
رابط هذا التعليق
شارك

ربنا يبارك لك يا أستاذ / هادي

موضوع ما في اروع منه هذا الشهر والله العظيم .

بس محتاج تنزيل والواحد يقعد يذاكره ويبيضه على ورق .

قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " أيعجز أحدكم أن يكسب في كل يوم 1000 حسنة! فسأل سائل من جلسائه: كيف يكسب1000حسنة؟ فقال: يسبح 100 تسبيحة فيكتب له 1000 حسنة أو يحط عنه 1000 خطيئة " رواه مسلم.

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 2 أسابيع...

الله يكرمك يا د. الفا

هذا ثناء لا استحقه فعلا

فانا مجرد ناقل

وهي محاولة متواضعة لنعرف كيف كان أجدادنا جبالا شامخة

لعلنا نقتدي ونحاول

حديثنا اليوم عن (ياقوتة العلماء)

المعافى ابن عمران

جاء في تعريفه في شرح صحيح البخاري

هو ابن عمران الأزدي الموصلي يكنى أبا مسعود، وكان من الثقات النبلاء، وقد لقي بعض التابعين، وتلمذ لسفيان الثوري، وكان يلقب ياقوتة العلماء، وكان الثوري شديد التعظيم له، مات سنة خمس أو ست وثمانين ومائة.

المصدر

فمن هو ياقوتة العلماء !!

ذلك الذي كان يعظمه سفيان الثوري (أمير المؤمنين في الحديث ) أشد التعظيم !!

أنه المعافي بن عمران بن نفيل بن جابر بن ، جبلة ، الإمام ، شيخ الإسلام ، ياقوتة العلماء أبو مسعود الأزدي الموصلي الحافظ .

ولد سنة نيف وعشرين ومائة .

وسمع هشام بن حسان ، وجعفر بن برقان ، وحنظلة بن أبي سفيان ، وابن جريج ، وثور بن يزيد ، وسيف بن سليمان المكي ، وأفلح بن حميد ، وموسى بن عبيدة ، والأوزاعي ، وابن أبي عروبة ، وعمر بن ذر ، ومحل بن محرز الضبي ، والثوري ، ومسعر بن كدام ، وعبد الحميد بن جعفر ، ويونس بن أبي إسحاق ، ومالك بن مغول ، وخلقا من طبقتهم .

وكان من أئمة العلم والعمل ، قل أن ترى العيون مثله .

حدث عنه : موسى بن أعين ، وابن المبارك ، وبقية بن الوليد ، ووكيع بن الجراح ، -وهم من جيله- وبشر بن الحارث ، والحسن بن بشر ، وإبراهيم بن عبد الله الهروي ، ومحمد بن جعفر الوركاني ، ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي ، وعبد الله بن أبي خداش ، ومحمد بن أبي سمينة ، ومسعود بن جويرية ، وهشام بن بهرام المدائني ، وأبو هاشم محمد بن علي الموصلي ، وولده أحمد بن المعافى ، وعبد الوهاب بن فليح المكي ، وموسى بن مروان الرقي ، وعدة .

وقد ساق الحافظ يزيد بن محمد الأزدي في "تاريخ الموصل" له ترجمة المعافى ، في عشرين ورقة

، فمن ذلك قال : حدثنا موسى بن هارون الزيات ، حدثنا أحمد بن عثمان ، سمعت أحمد بن داود الحداني ، حدثنا عيسى بن يونس قال : خرج علينا الأوزاعي ، ونحن ببيروت ، أنا ، والمعافى بن عمران ، وموسى بن أعين ومعه كتاب "السنن" لأبي خلتقمر ، فقال : لو كان هذا الخطأ في أمة ، لأوسعهم خطأ ، ثم قال يزيد بن محمد : صنف المعافى في الزهد والسنن والفتن والأدب وغير ذلك .

قال أحمد بن يونس : كان سفيان الثوري يقول : المعافى بن عمران ياقوتة العلماء .

وقال بشر بن الحارث : إني لأذكر المعافى اليوم ، فانتفع بذكره ، وأذكر رؤيته فأنتفع .

وقال وكيع : حدثنا المعافى ، وكان من الثقات .

وعن بشر الحافي قال : كان ابن المبارك يقول : حدثني الرجل الصالح -يعني المعافى- .

وروى أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن سفيان الثوري قال : امتحنوا أهل الموصل بالمعافى .

ويروى عن الأوزاعي أنه قال : لا أقدم على المعافى الموصلي أحدا .

وقال محمد بن سعد : كان المعافى ثقة خيرا فاضلا صاحب سنة .

بشر بن الحارث : سمعت المعافى يقول : سمعت الثوري يقول : إذا لم يكن لله في العبد حاجة ، نبذه إلى السلطان .

وقال محمد بن عبد الله بن عمارة : رأيت المعافى بن عمران -ولم أر أفضل منه- يسأل عن تجصيص القبور ، فكرهه .

علي بن مضاء : حدثنا هشام بن بهرام ، سمعت المعافى يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق .

وقال الهيثم بن خارجة : ما رأيت رجلا آدب من المعافى بن عمران ، وبلغنا أن المعافى كان أحد الأسخياء الموصوفين ، أفنى ماله الجود ، كان إذا جاءه مَغَلُّهُ ، أرسل منه إلى أصحابه ما يكفيهم سنة ، وكانوا أربعة وثلاثين رجلا .

قلت : كان من وجوه الأزد .

قال بشر الحافي : كان المعافى في الفرح والحزن واحدا ، قتلت الخوارج له ولدين ، فما تبين عليه شيء ، وجمع أصحابه ، وأطعمهم ، ثم قال لهم : آجركم الله في فلان وفلان . رواها جماعة عن بشر .

وقال محمد بن عبد الله بن عمار : كنت عند عيسى بن يونس ، فقال : أسمعت من المعافى ؟ قلت : نعم . قال : ما أحسب أحدا رأى المعافى وسمع من غيره يريد بعلمه الله -تعالى- .

وقيل لبشر : نراك تعشق المعافى . قال : وما لي لا أعشقه ، وقد كان سفيان الثوري يسميه الياقوتة .

قال علي بن حرب الطائي : رأيت المعافى أبيض الرأس واللحية ، عليه قميص غليظ وكمه يبين منه أطراف أصابعه .

قال يحيى بن معين : المعافى ثقة .

قال بشر الحافي : كان المعافى صاحب دنيا واسعة وضياع كثيرة ، قال مرة رجل : ما أشد البرد اليوم ، فالتفت إليه المعافى ، وقال : أستدفأت الآن ؟ لو سكت ، لكان خيرا لك .

يريد ذم الشكوى والتبرم

قلت : قول مثل هذا جائز ، لكنهم كانوا يكرهون فضول الكلام ، واختلف العلماء في الكلام المباح ، هل يكتبه الملكان ، أم لا يكتبان إلا المستحب الذي فيه أجر ، والمذموم الذي فيه تبعة ؟ والصحيح كتابة الجميع لعموم النص في قوله تعالى : مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ثم ليس إلى الملكين اطلاع على النيات والإخلاص ، بل يكتبان النطق ، وأما السرائر الباعثة للنطق ، فالله يتولاها .

وقد أوصى المعافى -رحمه الله- أولاده بوصية نافعة تكون نحوا من كراس .

وقد وقع لنا من عواليه ، وله مسند صغير سمعناه .

أخبرنا السيد الحافظ تاج الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد المحسن العلوي الغرافي ، بقراءتي عليه بالإسكندرية في شهر رمضان من سنة خمس وتسعين وست مائة قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عمر بن خلف القطيعي قراءة عليه ببغداد في سنة اثنتين وثلاثين وست مائة، وأنا في الخامسة ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن السري المجلد (ح) وأخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد الزاهد ، أخبرنا الإمام شهاب الدين أبو حفص عمر بن محمد السهروردي سنة عشرين وست مائة ، أخبرنا هبة الله بن أحمد القصار ، قالا : أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص ، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي ، حدثنا محمد -يعني ابن أبي سمينة- حدثنا المعافى بن عمران ، عن صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عن أنس ، قال : كنت أسكب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وَضُوءه عن جميع أزواجه في الليلة الواحدة .

هذا حديث حسن الإسناد ، أخرجه ابن ماجه من حديث وكيع عن صالح .

قلتُ .. اسناد الحديث يوضح أنه بين رسول الله و المعافى ثلاث رجال .. فياله من قرب عهد

توفي المعافى فيما قاله سلمة بن أبي نافع ومحمد بن عبد الله بن عمار سنة خمس وثمانين ومائة . وقال الهيثم بن خارجة ، ورباح بن الجراح -شيخ لحاتم بن الليث : توفي سنة ست وثمانين ومائة وأما علي بن حسين الخواص ، فقال : مات سنة أربع وثمانين ومائة .

ومما رواه المعافى بن عمران ، عن سفيان ، عن حجاج بن فرافصة ، عن بديل ، قال : من عرف الله -عز وجل- ، أحبه ،

ومن أبصر الدنيا ، زهد فيها ،

والمؤمن لا يلهو حتى يغفل ،

فإذا تذكر حزن

1.png
رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 1 شهر...

هناك .. من الخًلًف .. رجلُ صالح

احبه في الله

هو الدكتور الشيخ عمر عبد الكافي

ولعل من أفضل ما يمكن الاحتفاظ به من دروس الشيخ

مجموعة الدار الآخرة

وقد قام بتسجيلها ثلاث مرات في فترات زمنية مختلفة

ومجموعة (الوعد الحق)

ويمكن الاستماع او حفظ هذه المجموعة

وذلك بتنزيلها من موقع الشيخ ، أكرمه الباري

وقد رأيت أن فيه الخير الكثير

فأحببت أن أشارك زملائي واخواني الافاضل في ذلك

واليكم الوصلة المطلوبة

وصلة استماع أو تنزيل شرايط مجموعة دروس الوعد الحق للدكتور عمر عبد الكافي

وجزاكم الله خيرا

1.png
رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 10 شهور...

في مساء السبت 9 ديسمبر 2006

توفى الى رحمة الله تعالى الشيخ عطية صقر

والشيخ عطية صقر كان قد شغل منصب الرئيس السابق للجنة الفتوى بالأزهر

كما كان عضواً بمجمع البحوث الإسلامية

تغمده الله بواسع رحمته

وجزاه عنا عن الاسلام والمسلمين خير الجزاء

1.png
رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
  • الموضوعات المشابهه

    • 0
      ما حدث فى العالم صباح يوم الجمعة قبل الماضى يثير قدرا من الأسئلة الخطيرة تتجمع فى سؤال محورى مفزع: هل صار معرض المقال كاملاً
    • 0
      من المعروف أنه من أصعب أشكال الكتابة الدرامية هى كتابة الكوميديا خاصة لجمهور مثل الجمهور المصرى الذى يخلق منعرض المقال كاملاً
    • 0
      رائد أعمال عبر الإنترنت وتحتاج إلى إدارة حسابات متعددة على شبكات التواصل الاجتماعي مثل Facebook أو Twitter أو Instagram؟ هل أنت شخص يحتاج إلى عدم اكتشاف مواقع الويب بينما لا تزال تدير هويات متعددة؟ توقف عن المخاطرة بهذه الهويات من خلال إدارة المتصفح الصعبة وكن منظمًا. لدينا الحل ، Incogniton ، وهي أداة تمكنك من إدارة ملفات تعريف متعددة للمتصفح. يعد كل ملف تعريف للمتصفح فريدًا وسيجعلك يتعذر عليك تعقب موقع الويب. الشيء الوحيد الذي عليك القيام به هو إرفاق وكيل. الميزات الأساسية: إدارة
    • 0
      الإعلامى الرياضى كريم رمزى موهبة شابة ظهرت على الشاشة الصغيرة منذ سنوات قليلة لكنها جذبت الكثير والكثير من ع عرض المقال كاملاً
    • 29
      كلمة "العلمانية" هي ترجمة لكلمة "سيكولاريزم Secularism" الإنجليزية، وهي مشتقة من كلمة لاتينية "سيكولوم Saeculum"، وتعني العالم أو الدنيا و توضع في مقابل الكنيسة، وقد استخدم مصطلح "سيكولارSecular " لأول مرة مع توقيع صلح وستفاليا(عام 1648م)-الذي أنهى أتون الحروب الدينية المندلعة في أوربا- وبداية ظهور الدولة القومية الحديثة (أي الدولة العلمانية) مشيرًا إلى "علمنة" ممتلكات الكنيسة بمعنى نقلها إلى سلطات غير دينية أي لسلطة الدولة المدنية. وقد اتسع المجال الدلالي للكلمة على يد جون هوليوك (1817-1906م) ا
×
×
  • أضف...