وفجأة ... ابيض العالم ..

[مهيب]

السادس من أغسطس 1945 .. لم يبد فى صباح ذلك اليوم أنه سيكون يوما غير عادى ... لم يبد أنه سيخلد فى التاريخ .. كان اليابانيون قد اعتادوا رؤية طائرات الB59 فى السماء من فترة لأخرى لدرجة أنهم كانوا يطلقون عليها اسم مستر بى ... وكانت قاذفات القنابل الأمريكية قد أرهقت من كثرة ما ألقت من قذائف .. ان هؤلاء اليابانيين - ومع اختلاف الثقافة الرهيب- قد أصبحوا محيرين للغاية .. لا توجد فى قاموسهم كلمة استسلام ... كما كان السلوك غير المفهوم لفرق الكاميكاز مازالت تحير القادة الأمريكان ...

السادس من أغسطس 1945 ... و المدينة التى أصبح مجرد ذكر اسمها يثير الرجفة فى القلوب ... هيروشيما ... ففى صباح ذلك اليوم مات أكثر من 70 ألفا من البشر فى لحظات ... و لحق بعدهم الآلاف المؤلفة من جراء التلوث الاشعاعى .. لحظات كانت كفيلة بازالة مدينة كاملة من على خارطة العالم و كأنها لم تكن ...

كنت منذ أيام أطالع كتابا قديما -أعده مرجعا فى التاريخ - اسمه (مع الانسان فى الحرب و السلام) للدكتور فتحى رضوان ... و هو كتاب ضخم يسرد فيه الدكتور فتحى قصة الانسان مع الحروب و المعاهدات ... منذ أيام المسيحية و بعدها الاسلام الى ما بعد الحرب العالمية الثانية ...

المثير فى الموضوع ان الدكتور فتحى قد أفرد فصلين كاملين للقنبلة .. الأول (ما قبل القنبلة) و الثانى (القنبلة الذرية و ما بعدها) و قد أفرد فيه روايات عشرة ممن شهدوا يوم السادس من أغسطس و شاء الله أن يحيوا و يحكوا ....

مشاهد رهيبة يرويها هؤلاء ... مشاهد لا يستطيع العقل أن يتخيلها .. مشاهد عن الموتى الأحياء ... عن (شربة البشر) ... مشاهد عن المدينة المحترقة ... عن أناس يسيرون فى الشوارع دون عضلات ... أو دون رؤوس فى بعض الأحيان ... لن أسرد ما قرأت فى هذا الصدد ... لكن من المهم أن أذكر أن القنبلة أوجدت ظواهرا غريبة لم نعرفها من قبل ... كظاهرة موت الاحساس بالألم .. لأن الحرارة المرتفعة الفجائية قد أحرقت عن الكثيرين النهايات العصبية الطرفية بم جعلهم لا يشعرون بالألم ...

فى يوم من الأيام أرسل العالم الفائق الشهرة ألبرت أينشتاين رسالة الى الرئيس الأمريكى روزفلت يخبره فيها أنه من الممكن من ذرة اليورانيوم استخراج طاقة هائلة تكفى لانارة مدينة كاملة مدى الحياة ... لكن العجوز الأمريكى كان فى لحظات مرضه .. و بعدما تولى هارى ترومان المنصب ... قرأ الرسالة و استرعت انتباهه دون شك ... و فى اجتماع سرى مع كبار القادة قال كلمته التى عبرت ببلاغة عن اتجاهه .. "ان الطاقة التى تستطيع انارة مدينة كاملة مدى الحياة .. تكفى قطعا لتدمير تلك المدينة فى لحظات" ... بدأ بعدها مشروع مانهاتن الرهيب .. مشروع مانهاتن الذى لم يكن يعرف العلماء ساعتها نتائجه ...

وفى صباح السادس من أغسطس ... أفلتت (الولد الصغير) من عقالها لتعلن عن ميلاد عصر جديد ... و قوة جديدة ... و امبراطورية تاريخية جديدة ... لم يفهم العالم ما حدث .. حتى العلماء و القادة لم يكونوا يتوقعون ربع هذا الدمار ... خلد هذا الشعور ما قاله ضابط الاتصالات على متن قاذفة القنابل وهو يتأمل تأثير القنبلة من خلف نظاراته الجلدية ... what have we done ... تلك الجملة التى تثير القشعريرة فى جسد كل من يسمعها ... (ما هذا الذى فعلناه ؟؟)

قيل الكثير من الهراء بعد ذلك ... ربما كان أكثر الهراء -فى نظرى- ما قاله هارى ترومان عن ان القاء القنبلة كان حقنا لدماء الأمريكيين و ردا على ما اقترفته اليابان فى حق الجنود الامريكيين فى بيرل هاربور ..

فى نظركم ... هل كان القاء القنبلة ضرورى لانهاء الحرب .. كان استسلام ألمانيا على وشك أن يكون واقعا .. كبار القادة الألمان يفاوضون الأمريكان على أن يدخلوا برلين قبل الروس .. لأن الروس سيحولون هتلر الى نوع فاخر من المخلل (كما قال دكتور أحمد خالد فى أحد رواياته) .. هل كان القاء القنبلة بهدف تجريبها و أن الفضول العلمى ليس له حدود ؟؟ هل كان القاءها ضروريا للاعلان عن الكيان الجديد و الامبراطورية الجديدة ؟؟؟

لقد أصبح الآن السلاح النووى من أكثر الأشياء التى ترهب الجميع .. فما أن يقع فى يد أى من تلك العصابات الارهابية فلن يتورعوا عن استخدامه لابادة الآلاف دون أن تطرف لهم عين ... كما أننى أعتقد حقا فى خوف الامريكان من أن تقع القنبلة فى أيدى دول من تلك التى ليس فيها حكم أغلبية و انما حكم الفرد الأوحد ... فى دولنا تلك لو قرر الملك أو الرئيس أو القائد أو أى كان المسمى ... لو قرر القاء قنبلة على جارة له أو على أى دولة فلن يسمع سوى هتافات التهليل و أن قراره صائب مائة بالمائة ... سيسمع الكثير من بالروح بالدم نفديك يا زعيم ... و ستحدث الكارثة ... انهم يعلمون فى واشنطون أننا شعوب لا نملك من أمرها شيئا .. لذلك ... فالعراق ليست الشعب العراقى .. العراق هى صدام ... و مصر هى مبارك ... سوريا هى الأسد .. ليس للشعب يد ولا لسان ... هم يعلمون هذا جيدا ... و نحن نؤكده على لوحات الدعاية و النفاق العلنى ..

تم تعديل 13 أغسطس 2005 بواسطة مهيب

[drhusseinali]

التلفزيون الياباني استضاف احد العلماء الامريكان المسؤلين عن تصنيع قنبلة هيروشيما و الذي قام بتصوير فيلم الفيديو عن تفجير هيروشيما من الطائرة Enola Gay

و استضافوه في هيروشيما واخذوه في جولة في المتحف المقام لاثار القنبلة الذرية، و هيروشيما دووم (المبنى الوحيد الذي تبقى من القصف النووي، و يعتبر النصب التذكاري)

ثم دعوه للقاء بعضا ممن بقى حيا ممن قام بإلقاء القنبلة عليهم.

و طبعا قامت المذيعة في الكثير من الاحيان بذكر المآسي التي تعرض لها سكان هيروشيما، حيث قضى سبعون ألف شخص نحبه فورا، ثم تلاهم سبعون ألف أخرين نتيجة الإشعاع.

إلا أن الضيف كان يحسد على برود أعصابه، بل بدا مزهوا كالطاووس، و هو يقول عبر التلفزيون الياباني لملايين المشاهدين المفجوعين، ان إسمه كان مكتوبا على القنبلة التي فتكت بهم

و عندما طلب منه الإعتذار لمن بقى حيا من الماساة قال انه بالطبع لن يعتذر

و انهم يجب ان يتذكروا جيدا بيرل هاربور

و عن ان المستهدف في بيرل هاربور كان الاسطول الامريكي و ليس مدنيين　قال：

انه لا يوجد في الحرب مدنيين، :P :blink: :lol: :P :D

[drhusseinali]

انفجرت القنبلة 2000 قدم فوق هذا المبنى

تم الانفجار الساعة 8.15 صباحا و ذلك لضمان خروج الاهالي من البيوت للعمل لحدوث اكبر كم ممكن من الاصابات

بعد الانفجار

صور ضحايا الاشعاع برجاء فتح الرابط

http://www.mctv.ne.jp/~bigapple/Victim00.jpg

http://www.mctv.ne.jp/~bigapple/Victim01.gif

http://www.mctv.ne.jp/~bigapple/Victim02.gif

http://www.mctv.ne.jp/~bigapple/Victim03.gif

http://www.mctv.ne.jp/~bigapple/Victim04.gif

http://www.mctv.ne.jp/~bigapple/Victim05.gif

http://www.mctv.ne.jp/~bigapple/Victim07.gif

http://www.mctv.ne.jp/~bigapple/Victim10.gif

http://www.mctv.ne.jp/~bigapple/Victim11.gif

http://www.mctv.ne.jp/~bigapple/Victim15.gif

http://www.mctv.ne.jp/~bigapple/Victim14.gif

اليابان تتذكر ضحايا هيروشيما كل عام و تعتذر لهم

تم تعديل 13 أغسطس 2005 بواسطة drhusseinali

[مهيب]

وعلى الرغم من أن قنبلة ناجازاكى كانت أشد فتكا و تدميرا من هيروشيما ... الا أن هيروشيما هى الأشهر بم أنها كانت أول ضحية لذلك الوحش الشرس الرهيب الذى أخرجه الأمريكان من عقاله ..

و ستظل صورة حارس المتحف المطبوعة على الأسفلت شاهدا على ما اقترفته أيدى الانسان فى حق أخيه ... فعندما انفجرت القنبلة و قضى الحارس نحبه قام التأثير الكيميائى للاشعاع بتحميض صورته على الأسفلت و هى مازالت موجودة حتى الآن على ما أعتقد

لقد كان الأمريكان -بلا شك- يريدون معرفة التأثير الناجم عن هذا المسخ الجديد .. و الذى سيكفل لهم التربع بشكل مدو على الامبراطوريات السالفة ...

الأبرياء يعانون دائما ... يدفعون الثمن دائما .. يموتون دائما دون شكوى ... كان من الممكن أن تلقى أمريكا القنبلة فوق جبل (فوجى ياما) الذى يقدسه اليابانيون كنوع من التحذير دون أن تزهق كل هذا العدد من الأرواح ساعتها كانت اليابان ستستسلم ... هكذا اقترح أحد العلماء ... لكن من يستطيع أن يحكم بدقة عن عدد الذين تستطيع القنبلة قتلهم ؟؟؟ من يستطيع أن يحدد دون أن يجربوا ...

"أرجوكى .. لا تخبرى أمى أنى احترقت ..."

جملة رهيبة قالتها طفلة يابانية للمعلمة قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة .. لن أنسى تلك الجملة قط ... كما لن أنسى ما قرأته عن يوم سقوط القنبلة و أقوال من عاشوا ليحكوا ...

فى النهاية و فى ذكرى القاء قنبلة هيروشيما ... أود أن أوجه التحية للدكتور أحمد خالد توفيق على رائعته (حب فى أغسطس) .. تلك الرواية التى قرأتها مرات و مرات ... و أنا أتلذذ بمداعبته للقراء .. حين بدأت الرواية فى أجواء غاية فى الرومانسية و الرقة ... فقط لنكتشف فجأة أن المدينة التى تقع فيها الأحداث اسمها هيروشيما و أن تاريخ تلك الأحداث فى شهر أغسطس ...

لن أنسى أبدا مشهد المعلمة فى مدرسة الأطفال و هى تسأل تلاميذها عن أجمل شيء فى العالم ... تنظر ناحية الشباك و هى تتأمل أغسطس شهر الحب ... ثم فجأة يبيض العالم ...

تم تعديل 13 أغسطس 2005 بواسطة مهيب

[ENG. BEHAIRY]

الأخ الفاضل / مهيب

يســـعدنى حســنُ انتقائك وجميـل اختيــارك للمواضيــع

التى تمس حياتنا ، وإن بدت للغير أنه لا علاقة لنا بها

- التاريخ أســــتاذ الشعوب

- والتـــاريخ يُعيــد نفســـه

عبارتان صحيحتان وبليغتان وصارختان ، أصر أحد أساتذتى - رحمه الله حيًا وميتًا - فى الإبتدائية ( القديمة كوصف أختنا الفاضلة البنت المصرية) أن يُعرفنا بهما وأن نفهم معناهما وأن نحفظهما ، فأضحت مادة التاريخ مادة شيقة رائعة جميلة بعد أن كانت جافة وسقيمة .

أما قوله : التاريخ أستاذ الشعوب : فتعنى أنه من أراد أن يفهم الحياة بسرعة ويتدارك الكثير من العقبات ويحسن التصرف فى مواجهة المحن والشدائد أو أراد السبق والتميز فعليه استقراء التاريخ ..

وأما قوله : التاريخ يُعيد نفسه ، فهو أنه فى جميع امم الأرض وفى كل حلقات التاريخ نجد أن أسباب النصر والتفوق والنجاح واحدة ، ومنها العلم والجد والإجتهاد والأمانة والإخلاص والتفانى والعدل و ..... ،كذلك فأسباب إنحطاط الأمم والشعوب والحضارات وانحدارها واحد ، فمنها الدعة والكسل والجهل والخيانة والغش والرشوة والترف والمجون و ..

من هنا كان لزامًا علينا ان نعى دروس وعبر التاريخ وأن نُحسن التأمل ونُحسن التفكير ونأخذ استعدادنا وفق مقتضيات الأحداث ، فهيروشيما ونجازاكى ، وفيتنام والبوسنة وأفغانستان والعراق أمثلة حية وصارخة للعربدة الإجرامية ، وقد أستخدمت فى البوسنة وأفغانستان والعراق القنابل المماثلة لما استخدم فى هيروشيما ونجازاكى ولكن بأعداد مهولة وبقدرة إبادة أقل ، ويظهر تأثير التفجير على شكل الفطر ( المشروم) ، ففى اليابان كتانت تبيد مدنًا بكاملها وفى العراق تبيد أحياءً بكاملها ، مستخدمين اليورانيوم المخصب وله نفس النتائج التدميرية ويحدث تلوثًا يستمر لعدة أجيال ، ويعانى ما يزيد عن ثلث أطفال العراق تأثيرًا متفاوتًا لهذا التلوث الإشعاعى علاوة على تأثير ذلك على مختلف الأعمار وبدأت تظهر حالات عديدة على الجنود ، علاوة على استغلال ظروف الحرب لدفن النفايات النووية .

وصورة أخرى كالتى ذكرها الأخ الفاضل الدكتور / حسين على عشتها وأنا أتابع حلقة حول ذكرى إبادة هيروشيما حيث رد ممثل عن الولايات المتحدة بكل الصلف والكبر والغرور أن هذا العمل كان الحل المثالى لتقليل الضحايا واختصار أمد الحرب ، وشبيه من هذا سمعته من بطرس غالى وهو يرد عن السبب فى حظر السلاح على البوسنة فقال بالحرف الواحد : لاختصار زمن الحرب ، فقال له المذيع : وماذا عن المظلومين ؟ فقال : هى الحرب لا تعرف الأصدقاء !! ورفض السماح برفع الحظر !! وقال : لو ُرفع الحظر لردوا بحرقة ، وكأن لسان الحال : فليموتوا أفضل !!!

هذا هو التاريخ الذى يجب أن نستوعبه ونستلهم عبره ودروسه .. ونتأمل ما يدور بجوارنا وعلى بعد خطوات منا ، وتمر علينا أحداث شرم الشيخ ويحلو للبعض أن يلصقوا كل جهل أو تفجير أو تدمير بديننا لتشويهه من جهة وللتغطية عن أسبابه الحقيقية خاصة وأن القنابل المستخدمة مماثلة لما يستخدمه اليهود مع الفلسطينيين ، وتعترض إسرائيل على تفتيش سيناء ، وهنا تتكشف الحقائق ويسود الصمت .. وتدفع الشعوب الثمن باهظًا..

[Salwa]

اكثر شئ استرعى انتباهى فى العديد من ( الريبورتاجات ) ...التى افحمنا بها التلفزيون هنا ..

لم يكن مثلا ...السيدة البالغة من العمر 75عام والتى كانت فى ذلك الوقت فى الخامسة عشر من عمرها ورأت الفاجعة المهزلة ..وكيف ذهبت لأيام تبحث عن اسرتها فى بلد الاشباح ووجدت والدتها بعد اسابيع فى منزل نائىفاقدة للذاكرة وجسدها نصفه محروق ثم لقت المرأة ( الأم )حتفها بعد ايام عذاب ......ثم هذه السيدة

وهى ترأس اكبر مظاهرة يوم غزو العراق فى مارس 2003 و تحتج على ما يحدث وتصرخ كفى هيروشيما واحدة ..

لم يكن ايضا المنظر المأساة وقتل 85 الف نسمة بلا اى جريرة سوى هوس مجنون ..

لكن ما اصابنى بالاحباط اكثر كان ...

منظر فى ذلك الوقت ....

لأصحاب القرار المأساوى ....

تناول الانخاب بكئوس الشمبانيا .....احتفالا بالحدث ..( الانتصار ) .

اى وحشية هذه ؟؟؟

اى ضمير ؟؟؟

وفعلا ....التاريخ خير معلم .

[مهيب]

السلاح دائما مغر بالاستخدام ... تلك حقيقة أثبتها التاريخ ..و تؤكدها النفس البشرية ... ان السلاح حقا مغر بالاستخدام ..

أنا متأكد تماما أن ما حدث صبيحة يوم السادس من أغسطس 1945 لم يكن أحد يتوقعه ... حتى أولئك الذين ألقوا القنبلة ... لم يكن أوبنهايمر (أبو القنبلة كما كان يلقب) أو طاقم عمله يعلمون أى شىء عن التأثير الفجائى المدمر للقنبلة ... و لا أى شيء عن مقدار الطاقة الحقيقية الذى سيخرج من معادلة أسية بسيطة تقول أن كل نيوترون سيقذف نواة سيشطرها فيخرج منها نيوترونين و مقدار ضئيل من الطاقة ...

فى الاجتماع الذى تم بعد أول تفجير لأول قنبلة ذرية و كان فى نيفادا .. سأل هارى ترومان العلماء و العسكريين أمامه عن كم الدمار المتوقع و كم الخسائر البشرية ... أجاب أوبنهايمر بلهجة بطيئة أنه من الممكن أن تقتل من خمسة عشر الى عشرين ألفا .. ساد القاعة الوجوم ... كان الرقم مفزعا و أضخم من التوقعات ...

الا ان تقديره لقوة القنبلة لم يكن حقيقيا ... و مات سبعون ألفا لحظة الانفجار فقط ... لقد كان الرقم الحقيقى فاجعة ... لكن السياسيين و العسكريين استطاعوا بسرعة امتصاص الصدمة ... و وجدوا ما يقولون ساعتها ...

لم تكن اليابان تحتاج لقنبلتين حتى يوقع الامبراطور هيروهيتو وثيقة الاستسلام .. لكن التجربة تحتاج لتأكيد ... و اعلان التربع على عرش العالم يحتاج لضربة قاضية أخرى

بدون شك .. لقد اقترفت الولايات المتحدة الامريكية جريمة فى حق الانسانية جمعاء ... جريمة لن يمحها التاريخ ولا مرور الأيام ... جريمة من النوع الذى يذهل الشيطان ذاته ... فازهاق كل هذا العدد من الأرواح لهو عمل ألمعى لا يستطيع الشيطان ذاته أن يوسوس به ... لكن الغرور يستطيع ... و الفضول العلمى يستطيع ... و حلم القوة المطلقة يستطيع ...

انها الحرب ... الحرب الغاشمة التى لا تبقى و لا تذر ... لكن وان شئنا الحقيقة ... و مع نظم الحكم الحالية .. من الأكثر خطورة لو امتلك سلاحا كهذا ...

أمريكا فى خلال الحرب الباردة قد قطعت شوطا فى تطوير ذلك السلاح ... هناك قنبلة الكوبالت ..و هناك القنبلة الهيدروجينية (الاندماجية) والتى تستخدم فيها القنبلة النووية كفتيل اشعال فقط ... هناك من الأسلحة ما يجعل قنبلتا هيروشيما و ناجازاكى طفلين شقيين بجانب تلك الأسلحة

دائما الأبرياء يدفعون الثمن ... دائما الأبرياء يقدمون أرواحهم مقابل جنون القادة ... دائما الأبرياء يموتون بأعداد ضخمة دون شكوى ...

انهزمت اليابان .. و ذاقت أبشع ما تذوقه أمة من هزيمة ... هزيمة تقف كغصة فى الحلق ... لكنهم لم يستسلموا لليأس ... و فى فترة وجيزة استطاعوا أن يفهموا قواعد اللعبة الجديدة ... استطاعوا أن ينهضوا بسلاسة و بهدوء و أيضا دون ضوضاء ...

لكننا هنا ... داخل الكهف ... نصر فى عناد أحمق أن نتغافل ... أن نركن عقولنا و نكتفى بأن نلقى اللائمة على الآخرين فى أنهم لم يسمحوا لنا بالتقدم ... نرتدى ثيابا بالية و نتفاخر بأننا عرايا و أن نساءنا عرايا تمام كهؤلاء السادة و السيدات فى نيويورك و لندن و لوس أنجلوس و باريس ... دائما لا يرانا الآخرون لكننا نرى أنفسنا أعظم أهل الأرض قاطبة ... ولم لا .. اننا من نطبع المصحف الشريف و اننا من نتحدث بكلام الله و اننا من نرعى سنة رسوله ... نسينا من كلام الله أن نعد لهم ما استطعنا من قوة ... و أغفلنا من حديث الرسول ما يحض على العلم ...

أين نحن ... نحن فى السرداب ... بتابوهاتنا و طواطمنا و تماثيلنا و أصنامنا ... نفخر بتاريخ قديم رسمه سادة استطاعوا أن يسودوا و يقودوا و يقدموا لنا دروسا لكن ليس لنا عقول كى تفقه ...

[drhusseinali]

اولا شكرا الاخ الفاضل مهيب على هذا الموضوع الدسم

فقد قلت كل ما كنت اريد قوله في المداخلة الاخيرة

الفرق يا اخي في الانسان نفسه

ليس في النظام الحاكم او الفساد الاداري او المؤامرات من هذا او ذاك

فما النظام الحاكم الا امتداد للشعب و ان كان به مساوئ فهي من صفات مكتسبة من الشعب فهم لم ياتوا من المريخ

و ان كان فاسد فهو ايضا خطا الشعب الذي لم يقومه و لم يسعى الى مناهضته

و اكتفى بموقف المتفرج في لامبالاته المعهودة

الخطا يا عزيزي فينا نحن اولا قبل ان يكون في شئ اخر

الشعب الياباني ذاق ذل الهزيمة

و لا تعلم اخي مذاق الهزيمة عند هذا الشعب

فلك ان تعلم ان الاف الجنود قد انتحروا عند هزيمتهم حتى لا يتجرعوا هذا الذل

ففي Saipan يوجد تل اسمه تل الانتحار Suicide Cliff كان يقوم الجنود اليابانيين بالقاء انفسهم منه بعد هزيمتهم و لم يبقى من 30000 جندي في Saipan الا 2000 جندي فقط لم يستطيعوا انهاء حياتم بانفسهم نتيجة لاصابتهم.

و طيار الكاميكازي الذي كان يهاجم بطائرته الملغومة السفن الامريكية صورة اخرى للتصميم و المحاولة المستميتة لتفادي ذل الهزيمة

و المئات من المدنيين الذين انتحروا في اوكيناوا عند سقوطها في ايد الامريكان

و القصص كثيرة عن معاناتهم بعد الحرب و نفوق العديد من الاطفال و الامهات بسبب سؤ التغذية و الفقر.

و لكن بعد كل هذا بنى هذا الشعب نفسه بنفسه ووصل ببلاده الى مصاف الدول العظمى

و اصبح ثاني قوة اقتصادية في العالم مع ان بلاده تفتقر للعديد من الموارد الضرورية.

في ظني الشخصي ان السبب الاساسي هو طباع هذا الشعب.

فالياباني متفان في عمله الى اقصى حد مثلا في الجامعة ياتي الاستاذ في الثامنة صباحا و يعود منزله في العاشرة مساء حتى ايام العطلات تجده في المعمل

هل تعلم استاذ في مصر يقضي في عمله 14 ساعة يوميا? بلاش خليهم 7 ?

ثم ياتي مراعاة الضمير و الاعتناء باصغر التفاصيل و الدقة المتناهية في العمل.

و التي كانت من اهم اسباب شهرة المنتج الياباني عالميا

هذا بالمقارنة بالفهلوة و عدم الاهتمام بالتفاصيل او مراعاة الضمير في العمل في مصر و اهو كله ماشي. مما يفقد المنتج المصري سمعته

حتى انه من المشهور بعد شراء سيارة تجميع مصري ظهور العديد من العيوب في التقفيل و تم مراجعة الضمان اكثر من مرة.

ثم ياتي النظام و الالتزام الحرفي بالنظام العام في كل جانب من جوانب الحياة

في العمل و في الطريق في المدرسة و حتى في المنزل.

بالمقارنة بالسبهللة اللي احنا عايشين فيها

و ياتي الادب الشديد واحترام الاخرين في حين تعتبر هذه الصفات عندنا هبل.

الخلاصة مفيش امل في الجيل بتاعنا

الامل الوحيد هو تنشئة الجيل الجديد على مبادئ و اسس تساعده على بناء نفسه و بلده.

و حتى ده و الله اشك فيه لان احنا اهاليهم و فاقد الشئ لا يعطيه. :ninja:

[مهيب]

دكتور حسين .. أشكر لك اطراءك و كلماتك الرقيقة فى حقى .. و أنا أتفق معك فيم تقول لكننى لا أتفق معك فى نبرة التشاؤم تلك .. وان كنت أعتبرها نبرة فضفضة أكثر منها نبرة تشاؤم ...

وبالرغم من أن ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية مع اليابان لهو أشنع و أبشع مما فعلته اسرائيل معنا .. و أنا أعنى من وجهة نظر العالم و ليس من وجهة نظرنا نحن ... و لا أقول طبعا أن الاسرائيليين ملائكة .. أو أنهم أقل فى درجة العداء .. لكننى أقصد من وجهة النظر العالمية ... بالرغم من كل هذا ... الا أننا لم نسمع يوما عن أن اليابان فى فترة اعادة بناء نفسها كانت تتهم أمريكا بأنها تضع لها دهن الخنزير فى علب البيبسى أو تبيعها ساعات و مقاعد سيارات مسرطنة أو أنها تغوى الشباب اليابانيين بأن ينحرفوا و يقعوا فى براثن المخدرات و الجنس ...

لم نسمع عن نظرية مؤامرة عند اليابانيين لأنهم كانوا - يا سيدى الفاضل- مشغولين بالهندسة العكسية ... كانوا مشغولين بعلوم الالكترونيات و صناعة السيارات .. كانوا مشغولين بمحاولات جادة و طموحة لغزو السوق العالمى بمنتجات ذات جودة عالية و سعر منخفض ... كانوا مشغولين بعلوم الروبوت و التحكم الآلى و محاولة تطوير الاستخدام الحركى للطاقة الشمسية ...

لم يكونوا يملكون الوقت - سيدى - لأن يغرقوا أنفسهم فى نظريات مؤامراتية و أوهام و وحوش و فساد ادارى و علمى و محاولات دؤوبة للقضاء على بعضهم البعض .. كان عندهم كما ترى أولويات أخرى ...

أما نحن كنا مشغولين طيلة الوقت باعلامنا التافه ... بتصويرهم دائما على أنهم أولئك الصغار الحجم مسحوبى العينين الذيى لا يكفون عن الانحناء بمناسبة و دون مناسبة كما كنا نصورهم فى أفلامنا ... لم نأخذ منهم الا ما يجعلنا نضحك ملء أفواهنا و كروشنا تهتز

لم نتعلم شيئا من تجربتهم .. اننا نختلف عن الآخرين ... قطعا نختلف .. فاننا بلاشك محور هذا الكوكب .. و ملتقى المتآمرين .. من الماسونيين الى الصهاينة الى الأمريكان الذين يساندوهم الى حكامنا الذين يقبضون من الأمريكان ...

أصبحنا أساتذة فى تفسير كل شيء فى صالح نظريتنا بأننا محور الكون ... الكل يملك من الوقت و المجهود لتدمير العرب و المسلمين ... وماذا نفعل نحن ؟؟؟ لا شيء ... نقتل بعضنا البعض و نحيل حياة بعضنا البعض الى جحيم مستعر ... فى الشارع .. فى العمل ... فى الجامعة ... فى المصالح الحكومية ... فى دور السينما حتى ...

ان لم نتغير فسنظل كما نحن .. اننا لسنا محور الكون .. و لن نعجز الله أن يذهب بنا و يأت باقوام غيرنا ليعملوا و يرفعوا كلمته حقا ...

مهيب

تم تعديل 15 أغسطس 2005 بواسطة مهيب