اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

المقال الممنوع


ماركيز

Recommended Posts

المقالالممنوع

الحياد الإعلامي وحرية الصحافة!

صلاح الدين حافظ يكتب:

يكثر الحديث في الفترة الراهنة عن الحياد الإعلامي والصحافة المحايدة، وهو حديث لا يدور إلا إذا كان المتحدث يجد فائدة معينة من ورائه، في حين يكون الحديث عن الانحياز الإعلامي مطلوبا ومرغوبا في مواقف أخري، تستدعيها المصلحة والفائدة أيضا!

ونظن أنه في مناخ العولمة وانطلاق ثورة المعلومات والإعلام وتكنولوجيا الاتصال بهذا الزخم وقوة التأثير وحرية العمل والقول والبث، سقطت مفاهيم كثيرة عن مهمة الإعلام ودور الصحافة، فضلا عن مفاهيم الحياد والانحياز.. فها هي الفضائيات وشبكة المعلومات الدولية 'الانترنت' وملايين المواقع المتاحة عليها وأجهزة الاتصال الحديثة، تضخ معلومات وأخبارا وآراء وتحليلات فوق قدرة الإنسان الحالي علي المتابعة والاستيعاب، أما القادم فهو أكثر وأضخم وأخطر.

اليوم يكثر الحديث عن الحياد الإعلامي في مناسبات عديدة، وحول قضايا خطيرة تنتاب حياتنا اليومية، دون أن يتعمق أحد في شرح وتحديد مفهوم هذا الحياد وحدوده وقيوده، ولماذا هو حياد الآن، وانحياز غدا؟

وقد أثارت مناسبة الانتخابات الرئاسية المصرية التي تدور رحاها الآن، بمفاهيم وأساليب جديدة علي الحياة المصرية، قضية الحياد الإعلامي بين فرص المرشحينش العشرة للرئاسة، ذلك أن في مقدمتهم رئيس الدولة الحالي وصاحب السلطة والقرار والتأثير، الأمر الذي وجد فيه المنافسون انحيازا مسبقا يتطلب أول ما يتطلب حياد الحكومة والدولة، وفي المقدمة حياد الإعلام الواقع عمليا تحت سلطة الحكومة والدولة!

ونستنتج من هذا أن المطالبين بحياد الإعلام بداءة لديهم شكوك ومخاوف مشروعة نتيجة للعلاقة المعقدة بين الإعلام والصحافة والسلطة التنفيذية، مخاوف من انحياز الإعلام بوضعه الحالي إلي المرشح رئيس السلطة التنفيذية ورئيس الدولة القائم، وشكوك في حيادية الإعلام بالتالي أولا، وفي حريته ثانيا، والحقيقة أن هذا صحيح نظرا لهيمنة الدولة وسيطرة الحكومة علي معظم الصحف ووسائل الإعلام.

ونبدأ بطرح النقاط الرئيسية التالية:

أولا: لا يمكننا الحديث عن الحياد والموضوعية والتوازن في العمل الصحفي والإعلامي في غياب الحرية الحقيقية، وليس الحرية الشكلية، ذلك إما حرية الصحافة وتدفق المعلومات وحرية اصدار الصحف وملكياتها وإدارتها، هي جوهر القضية، وبدون فك الاشتباك القائم بين الصحافة والإعلام وبين الدولة والحكومة، في مصر بل في معظم الدول العربية لن يتحقق حياد ولا موضوعية ولا حرية ولا مصداقية.

ثانيا: نظرا لتشابك الأوضاع وسرعة انسياب المعلومات عبر مصادر محلية أحيانا، ودولية غالبا، تداخلت الحدود وتقاطعت بين الحياد والانحياز في العمل الصحفي والإعلامي.

والأسهل أن نعود إلي القاعدة الأصلية القديمة، وهي أن الحياد ضروري في نشر الأخبار والمعلومات المدققة، لكن المقالات والتحليلات التي تحمل أسماء كاتبيها لها مقياس آخر، يميل غالبا نحو الانحياز بحكم أفكار وانتماءات كل كاتب واجتهادات كل مفكر، وهذا هو مصدر التنوع والتعدد الذي يفتح نوافذ الاجتهاد ويثري الحوار ويحقق الحرية.

ثالثا: إذا جاز تطبيق ذلك علي الصحافة المستقلة حقا، المتوجهة إلي القراء عموما والباحثة عن المصداقية، فإنه يصعب تطبيقه علي الصحافة الحزبية مثلا، فهي بحكم انتمائها منحازة للحزب الذي تتبعه، وذلك يصدق علي صحف مثل 'الوفد' المعبرة عن حزب الوفد، و'الأهالي' المعبرة عن حزب التجمع، و'العربي' المعبرة عن الحزب الناصري، و'مايو' المعبرة عن الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، وغيرها من الصحف والأحزاب المتكاثرة.

والطبيعي أو المنتظر إذن، أن تخرج من هذا التصنيف الصحف القومية، مثل الأهرام والأخبار والجمهورية والمصور وروز اليوسف.. الخ، فهذه بحكم التعريف ليست ويجب ألا تكون صحفا حزبية ولا حكومية أساسا، بل هي صحف قومية وفق اسمها علي الأقل يجب أن تعبر عن كافة التيارات والأحزاب والقوي والاتجاهات في المجتمع بدقة وأمانة وتوازن، وربما حيادية أيضا.

رابعا: أمامنا نماذج عديدة في العالم من حولنا، فإن بدأنا بالصحف اللبنانية ووسائل الإعلام الأخري، لوجدناها في غالبيتها الغالبة صحفا خاصة، لكنها في الوقت نفسه منحازة إلي تيارات سياسية وحزبية واضحة، وقد تجلي ذلك مثلا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.. دون حرج!

أما النموذج الأمريكي، حيث إن أمريكا هي قبلة العرب والعجم، فالوضع يختلف باختلاف مساحة الحرية والديمقراطية التي يتمتع بها المجتمع الأمريكي وصحافته وإعلامه، ولقد تابعنا كيف أن الصحيفتين الأهم أمريكيا وعالميا (نيويورك تايمز، وواشنطن بوست) المستقلتين المحايدتين، كما هو مفترض، لم تحافظا بدقة علي ميكانيكية الحياد خلال انتخابات الرئاسة الأخيرة، وخرجت كل منهما قبل يوم التصويت بساعات، بافتتاحية نارية تهاجم فيها سياسة الرئيس المرشح بوش.. دون خوف أو وجل، ودون كسر لمبدأ الحياد!

خامسا: أما أوضاع الصحافة والإعلام في مصر، المطلوب حيادهما في معركة انتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها في السابع من سبتمبر القادم فهي أوضاع ملتبسة ومتشابكة، تعكس تناقضا في الفكر والتطبيق معا، وانظر يا عزيزي في الإشكالية التالية، التي تضم عدة أنواع من الصحافة والإعلام:

1 هناك أولا صحافة قومية (عشر مؤسسات كبري) تسيطر عمليا علي نحو 80 % من سوق الصحافة والطباعة والإعلان والتوزيع، لا تستطيع أن تصفها بأنها صحافة حكومية ، ولا مستقلة ولا خاصة ولا حزبية، وإنما هي دائما بين بين، ووفقا للدستور وقوانين الصحافة، فهي 'صحف تمتلكها الدولة ويمارس حق الملكية عليها مجلس الشوري'.

وكما تري فهي صياغة حمالة أوجه وقابلة لكل تأويل، الأمر الذي حوٌل الصحافة القومية في ظلها إلي ممتلكات حكومية يديرها ولاة، أو ممتلكات خاصة تخضع لهيمنة الحكومة، وفي الحالتين تردت أوضاعها وفسدت وتخلفت المهنة والمهنيون، ولابد إذن من فض هذا الاشتباك والالتباس الغامض!

2 صحافة أو إعلام حكومي صريح وسافر، مثل الإذاعة والتليفزيون، وهما الأكثر تأثيرا ونفوذا، خصوصا في شعب نصفه لا يزال أميا لا يقرأ الصحف مثلا، والوضع في ظل الإصلاحات والتحولات الجديدة والآمال الديمقراطية أيضا تحرير هذا الإعلام من بيروقراطية الملكية الحكومية وإدارتها العاجزة.

3 الصحافة الحزبية، وهي متعددة بتعدد الأحزاب (نحو عشرين حزبا) كما أنها مصابة بنفس عاهات الأحزاب وقصورها، وباستثناء صحيفتين أو ثلاث، لا تكاد تجد لها تأثيرا حقيقيا في الرأي العام إلا الصخب!!

4 الصحف المستقلة والخاصة التي باتت تمثل ظاهرة جديدة في المجتمع المصري، أراها ايجابية، بصرف النظر عن شطط البدايات وحماس الولادة، وأبرزها 'الأسبوع' و'صوت الأمة' و'الفجر' و'المصري اليوم' و'الدستور'، وغيرها كثير يوحي بانطلاقة جديدة للصحافة المستقلة والإعلام التليفزيوني الخاص ممثلا ببعض القنوات الجديدة مثل دريم والمحور وغيرهما.

ووسط هذا الخليط بكل تعدديته وتنوعه الصحفي والإعلامي، ما بين قومي وحكومي وحزبي وخاص، يصبح موضوع الحياد الإعلامي الدقيق مسألة غاية في الصعوبة، إن لم يكن مستحيلا، فالصحف الحزبية منحازة طبعا لأحزابها، والصحف الخاصة منحازة غالبا بحكم اختياراتها ومصالحها ومصادر تمويلها، والصحف الحكومية منحازة كذلك لحكومتها، وتبقي الصحف القومية في مأزق هائل لأن هويتها غير محددة بدقة، بل هي الآن كما الأمس تبدو منحازة في مسألة الانتخابات الرئاسية، رغم أن قانون الصحافة رقم 96 لسنة 1996، ينص في مادته الخامسة والخمسين علي أن 'الصحف القومية مستقلة عن السلطة التنفيذية وعن جميع الأحزاب' وبانحيازها تخالف القانون نصا وروحا...

لكن الواقع المعاش يقول غير ما يقوله القانون، وبالتالي كان من حق المتنافسين علي منصب الرئيس، أن يرفعوا منذ البداية شعار ضرورة الحياد الإعلامي، وكان من واجب اللجنة العليا المشرفة علي الانتخابات، أن تتحدث هي أيضا عن ضرورة الحياد الإعلامي والفرص المتكافئة للمرشحين العشرة، من المرشح أحمد الصباحي حتي المرشح حسني مبارك.

فهل ما نقرؤه في الصحف القومية، وما نشاهده علي شاشات التليفزيون المصري بقنواته المتعددة، هذه الأيام المشتعلة بالحملات الانتخابية، يوفر الفرص المتكافئة للمرشحين العشرة، ويحقق التوازن الدقيق بين الحزب الوطني الحاكم وبين الأحزاب المنافسة والمعارضة؟!

أشك كثيرا، ومبعث شكي، بل مصدر يقيني هو صفحات الصحف وشاشات التلفاز، التي تتحدث عن الحياد بين المرشحين والتوازن بين الأحزاب، لكنها تمارس الانحياز، وهو انحياز قد يكون مفهوما في ظل دولة شمولية وحكم سلطوي، ولكن في ظل دولة ونظام يبشران بإصلاح ديمقراطي، يصبح أمرا غير مفهوم أو مقبول، حتما سيكون في مقدمة اعتراضات المرشحين المهزومين، كما في تقارير اللجان العديدة لمراقبة الانتخابات، ليصبح مغمدا في ظهر صانعيه والمتحمسين له بلا روية أو فهم.

خير الكلام:

قال حكيم:

الإنسان موقف والموقف اختيار، والاختيار إرادة!!

كثيرون هم الذين اتخذوا من الاوهام

والمعجزات الزائفة وخداع البشر تجارة لهم

الجهل يعمي أبصارنا ويضللنا

أيها البشر الفانون ! افتحوا أعينكم !

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
  • الموضوعات المشابهه

    • 0
      أتصور أن مسلسل صلة رحم لن يمر بهدوء سوف يفجر قضايا فكرية نحن جميعا فى أشد الحاجة إليها من الذي يملك القراعرض المقال كاملاً
    • 0
      فى المقال السابق الذى قدمت فيه مراجعة مينى ألبوم أنا كويسة لـآمال ماهر انزعج البعض من وصفى للألبوم بأنه غعرض المقال كاملاً
    • 107
      تغرد الأطيار تحط على الأزهار تستنشق الرحيق تغدو في انتشاء تروح في انتصار بيد أنها ترى بوح الحبيبة عار؟! و إن لم تبح شكوها وملّوها و نادوها بزقزقةٍ تلتاع لها القلوب قلوبهم ترق تذوب و رغم ذلك يريدون البوح لهم فقط و تغريدهم لكل الفراشات و الأزهار!! طيور أنيقة تعيش في حرية تشدو بكل أريحية تمجد الجمال تذوب في الرحيق تصبغ على الحبيبة كل اللمعان و البريق بيد أن صوتها عورة كلها عورة حتما و لابد أن تختبيء في خمار لأنهم مهما تحرروا لا يزال في أعماقهم أن كل أنثى عار!
    • 0
      لا توجد كلمة فى اللغة العربية خصوصا فى هذه الأيام أثارت الجدل بين الناس أكثر من كلمة ممنوع ورغم أن الكلعرض المقال كاملاً
    • 0
      ولأن وباء الكورونا فرض علينا قانونه الخاص.. فقد قررت التعامل معه بأسلوب علمى مفتخر.. بالسفر إلى أوروبا شخصيا. عرض المقال كاملاً
×
×
  • أضف...