اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

السنونو .. و حكمة الطيران


مهيب

Recommended Posts

مازال الاهداء الى مدام سلوى .. و حكاياتها الدافئة ..

السنونو و حكمة الطيران

قال السنونو الكبير للسنونو الصغير يوما :

"- لن تستطيع الطيران الا لو تعلمت حكمة تستطيع أن تطير بها.."

رد السنونو الصغير بدهشة :

"- ومن يخبرنى بتلك الحكمة يا أبى ..؟؟؟ "

رد عليه السنونو الكبير:

"- اذهب و اسأل .. ربما تعلمت شيئا "

سار السنونو الصغير فى الغابة .. ينظر الى الأشجار العالية من حوله .. و ينصت الى الأصوات المتباينة .. سار السنونو و سار .. الى أن وصل الى النهر الصغير .. نظر السنونو الى النهر و سأله :

"يا أيها النهر .. انك هنا منذ قديم الزمان ... مرت عليك السنون فلم تتغير .. رأيت الكثير و سمعت الكثير .. هلا أخبرتنى بحكمة أستطيع - حين أعلمها - أن أطير ؟؟"

رد عليه النهر بصوت عميق ...

"أنت يا صغير تريد أن تتعلم الحكمة ؟؟ حسن .. دعنى أقول لك .. أنى لا أعلم .. و لم أحاول يوما أن أفهم .. مرت على سنون كثيرة و أنا لم أتغير أو أتبدل .. لكنى لم أتعلم شيئا ... لم أتعلم الا أن تسيل مياهى حتى تروى الظمآى .. لكن ما الحكمة من هذا ؟؟ لا أعرف "

بدت خيبة الأمل على وجه السنونو الصغير .. فلما لمحها النهر قال له .. بصوته العميق :

"لكن ربما لو ذهبت للجبل هناك و سألته لأخبرك .. فانه وجد هنا من قبلى .. و الماء يأتينى منحدرا من سفحه .. اذهب و اسأله .. لعله يملك حكمة يقولها لك .."

سار السنونو الصغير الى الجبل ... و نظر اليه فوجده مهيبا شامخا ... يلقى فى القلب الرهبة .. اقترب منه السنونو الصغير و هو يسأله :

"أيها الجبل المهيب .. أنت هنا قبل النهر .. مرت عليك السنون فلم تتغير .. رأيت الكثير و سمعت الكثير .. هلا أخبرتنى بحكمة أستطيع - حين أعلمها - أن أطير ؟"

رد عليه الجبل بصوت عميق .. :

"أنت يا صغير تريد أن تتعلم حكمة ؟ حسن .. أنا لا أعلم .. ولم أحاول يوما أن أفهم ... مرت على السنون و الأعوام و أنا كما أنا .. لا أتغير .. لكنى لم أتعلم شيئا .. لم أتعلم الا أنه حين تصطدم السحب التى تحمل الماء .. يهبط المطر على .. فيتجمع .. قطرة مع قطرة شكلت هذا النهر الذى تراه .. لكن ما الحكمة من هذا ؟ لا أعرف "

بدت خيبة الأمل على وجه السنونو الصغير .. فلما لمحها الجبل قال له .. بصوته العميق :

"لكن لو تسلقت فوقى .. لربما استطعت أن تسأل السحب .. فهى تأتى من مكان بعيد .. و تتحرك و تسافر .. أما أنا فلا أتحرك و لا أتنقل .. اذهب و اسألها لعلها تملك حكمة تقولها لك"

صعد السنونو الصغير الى قمة الجبل .. نظر الى السماء فوجد سحابة بيضاء .. جميلة الشكل ناعمة الملمس .. سألها السنونو الصغير :

"أيتها السحابة الجميلة .. أنت تسافرين و ترحلين .. تتنقلين من مكان لمكان .. رأيتى الكثير و سمعتى الكثير.. هلا أخبرتنى بحكمة أستطيع - حين أعلمها - أن أطير ؟"

ردت عليه السحابة بصوت عذب :

"أنت يا صغير تريد أن تتعلم حكمة ؟ حسن .. أنا لا أعلم .. و لم أحاول يوما أن أفهم .. أسافر كثيرا و أتنقل كثيرا .. أحمل المياه التى تتبخر من البحر الكبير هناك .. أحملها الى أماكن كثيرة .. منها هذه الغابة .. و حين أصطدم بجبل .. أفرغ عليه ما أحمل من ماء .. قطرة قطرة .. لكن ما الحكمة من هذا ؟؟ لا أعرف "

بدت خيبة الأمل على وجه السنونو الصغير .. فلما لمحتها السحابة .. قالت له بصوتها العذب :

"لكن ربما لو ذهبت الى البحر الكبير و سألته لأخبرك ... فالماء يأتينى منه عندما يتبخر و أنا أحمله الى هنا .. هيا .. سأحملك و أطير بك اليه ... "

صعد السنونو الصغير فوق السحابة .. و طارت به .. الى البحر الكبير .. فلما اقترب منه السنونو الصغير سأله :

"أيها البحر الكبير .. انك هنا منذ قديم الزمان .. مرت عليك السنون .. رأيت الكثير و سمعت الكثير ... هلا أخبرتنى بحكمة أستطيع - حين أعلمها - أن أطير؟"

رد عليه البحر الكبير و صوت أمواجه يعلو ويعلو :

"أنت يا صغير تريد أن تتعلم حكمة ؟؟ حسن .. أنا لا أعلم ... و لم أحاول يوما أن أفهم .. مرت على السنون و الأعوام و أنا كما أنا .. لا أتغير .. لكنى لم أتعلم شيئا .. لم أتعلم الا أنه حين تسقط على أشعة الشمس الساخنة ... تتبخر مياهى .. و تصعد كى تحملها السحب . لكن ما الحكمة من هذا ؟ لا أعرف"

بدت خيبة الأمل على وجه السنونو الصغير .. فلما لمحها البحر قال له :

"ربما لو سألت الشمس لأخبرتك ... فانها تطل على الأرض كلها من فوق و أشعتها تملأ كل الأرجاء ... "

نظر السنونو الصغير الى الشمس و هو يخفى عينيه بجناحيه الصغيرين .. و سألها ..

"أيتها الشمس المشرقة ... أنت تطلين على الأرض كلها من فوق .. و أشعتك الدافئة تملأ الأرجاء .. رأيت الكثير و سمعت الكثير .. هلا أخبرتنى بحكمة أستطيع - حين أعلمها - أن أطير؟"

ردت الشمس .. بصوت دافىء رقيق :

"أنت أيها الصغير تريد أن تتعلم حكمة ؟؟ حسن .. أنا لا أعلم .. و لم أحاول يوما أن أفهم .. مرت على السنون و الأعوام .. و أنا أشرق كل يوم .. أنشر أشعتى فى كل مكان .. و حين تصل أشعتى الى البحر .. تتبخر مياهه .. فتصعد للسحب .. لكن ما الحكمة من هذا ؟ لا أعرف "

لم يجد السنونو الصغير أية اجابة .. سأله البحر :

"هل أخبرتك الشمس بالحكمة التى تريدها .. ؟؟"

أجاب السنونو بحزن : "لا "

سألته السحابة و هى تعود به الى قمة الجبل :

"هل أخبرك البحر بالحكمة التى تريدها ..؟؟"

أجاب السنونو بحزن : "لا .."

هبط السنونو من على قمة الجبل فسأله الجبل :

"هل أخبرتك السحابة بالحكمة التى تريدها ..؟؟"

أجاب السنونو : "لا .."

سار السنونو بجانب النهر .. فلما رآه النهر سأله :

"هل أخبرك البحر بالحكمة التى تريدها ؟؟"

أجاب السنونو بحزن : "لا.. "

وحين عاد السنونو الصغير الى أبيه ... سأله أبيه :

"هل تعلمت حكمة تستطيع أن تطير لو عرفتها .. "

رد عليه السنونو الصغير بحزن :

"لا ... ولكن أخبرنى يا أبى .. من خلق الشمس؟"

رد السنونو الكبير بابتسامة طيبة : "الله خلق الشمس .. و خلق الأشياء كلها .. "

رد السنونو الصغير :

"أنا لم أتعلم حكمة أستطيع - اذا عرفتها -أن أطير .. لكنى عرفت أن الله خلق كل شيء لحكمة ... خلق الشمس الساخنة .. و أشعتها التى تسقط على البحر الكبير .. فتتبخر مياهه ... فتحملها السحب الى سفح الجبل .. تصطدم به .. فتنزل منها المياه قطرة قطرة ... على سفح الجبل .. حتى يتكون النهر الذى يسقى النبات و الحيوان و الطير ... سبحان الله .."

نظر السنونو الصغير الى السنونو الكبير .. فوجده يبتسم فى طيبة .. فسأله : "لماذا تبتسم يا أبى ؟؟"

أجاب الأب : "لأنك تطير يا بنى ..."

نظر السنونو الصغير الى جناحيه و الى نفسه ... فوجد نفسه بالفعل يطير ..

قال السنونو الكبير : "أنت تعلمت الحكمة التى تستطيع اذا عرفتها أن تطير .. انها حكمة التسبيح ... سبحان الله.. "

فرح السنونو الصغير .. و ارتفع بجناحيه و هو يطير ... و يردد ...

"سبحان الله ... و الحمدلله"

مهيب

<span style='font-size:14pt;line-height:100%'>حين يصبح التنفس ترفـاً .. و الحزن رفاهية .. والسعادة قصة خيالية كقصص الأطفال</span>

رابط هذا التعليق
شارك

أكثر من رائعه

"نحن شعب ينتحر -بمزاجه- إنتحاراً جماعياً ببطء كين

~~~~~

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "انها ستكون سنون خداعات .. يخون فيها الأمين ويؤتمن فيها الخائن .. ويكذب فيها الصادق .. ويصدق فيها الكاذب .. وينطق فيها الرويبضة .. قالوا وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال : الرجل التافه يتكلم فى أمر العامة

~~~~~

فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا (41) يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا (42){النساء}

رابط هذا التعليق
شارك

مهيب كم هي قصة جميلة وفيها من الحكمة الكثير اسلوب متميز دائما وسرد لا يمل منه سلمت اخي الفاضل وسلمت اناملك

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 3 أسابيع...

قصه اكثر من رائعه حقا

تمكنك من توصيل الفكره جميل جدا ومتقن جدا جدا جدا

احسست وانا اقرءها انى هذا السنونو طبعا مع اختلاف الحجم :wub: وانى ابحث معه عن الحكمه التى تجعنى اطير ...........

رائع جدا جدا جدا :wub:

وشكراااااااااااااااااااا :wub:

انما الامم الاخلاق ما بقيت .............. فان همو ذهبت اخلاقهم ذهبوا

...................................................................!

وعلمتنى الحياه اضحك لأحبابى

واضحك كمان للعدو علشان يشوف نابى

واخده كمان بالحضن لو خبط على بابى

فيحس انى قوى وميشفش يوم ضعفى.......

قناتى ع اليوتيوب ....

صفحتى ع الفيس بوك .....

رابط هذا التعليق
شارك

ما شـــاء الله ..ســـبحان الله ...والحمـــد لله

في القصة وفيـك

عــــذوبة المــاء

وهــــدوء النــهر

وجمـــال البـــحـر

ووضوح الشمس

وشـــموخ الجبال

إنها قصة رائعة للكبار وللصغار، وللعوام وللخواص،

وللطــــيور وللطــــيارين ، ولعامة الخــــلق أجمـــعين

ُنخطـئ كـــثيرًا حـين نأــخذ الأشـــياء وحــين نُعـــطيها

فينتـهى الأمـــر عنـــد معــلومـــة محــــدودة مجــــردة

وفى هذه القصة الجميلة كان أسهل ما يكون على الأب أن يُوجه الصغير لأساليب للطيران فقط ، لكنه أراد أن يعلمه درسًا فى الحياة كلها أسمى من مجرد كيفية الطيران ..

أراد أن يُعرفه العالم من حوله الذى سيُحلق فيه ، وأن يُعلمه السعى والبحث ، والصبر والتحمل ، والجد والعزم ، كيف يسأل ؟ وبماذا يرد ، وماذا يطلب ؟ وممن يطلب ؟ ويتعلم مع ذلك كله أدب الحوار وجمال المناقشة ، فيصل بنفسه إلى الحكمة وتصبح رائدًا له فى حياته ، فهناك حكمة وراء كل شئ ، وهناك ُمدبر لكل شئ ، إنه الواحد الأحد الذى ( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً ) الإسراء44

قصــة غــاية فى الحكـــمة والروعـة ، وفى انتظار جميل إبداعاتك واختياراتك يا مهيب

أليسَ مِنَ الخسـرانِ أن لياليًا :.:.:.تمرُ بِلا عِلمٍ وتحسبُ من عُمرى

رابط هذا التعليق
شارك

صديقى ..

قصه رقيقه .. عذبه .. ممتلئه بالايمان و الحكمه ... مغموره بنور الحقيقه ..

لكن ... للأسف ... نحن لسنا ( سنونو ) ... نحن ( بشر ) ..

و سنظل ابد الدهر بشرا ...

لن نصل مهما فعلنا لرقه و ورع كائن لطيف كالسنونو ..

نحن بشر ... نفكر ... نشك ... نتعذب من التفكير و الشك ..

أذكر هنا قول لبيكون .. الفيلسوف الشهير ..

" ان القليل من الفلسفه .. يقودك الى الالحاد .. اما التعمق فيها يؤدى بك الى قمه الايمان "

هل سنصل الى العمق .. كما فعل السنونو ..

لقد تحدث مع الجبل .. و البحر .. و السحاب .. و الشمس ..

لكننا لا نستطيع ..

و من هنا يبدأ الشك ...

آه لو كانت الأمور بهذه البساطه ...

لم يكن هناك حروب و لا مطاحنات و لا نزعات طائفيه و عرقيه .. و دم .. و قتلى .. و سحره .. و أشقياء .. و أتقياء .. و أغنياء ينامون على الحرير و فقراء يسفون التراب ..

لكان العالم يوتوبى حقا ..

لكنها مشكله الانسان الأزليه ..

الحق ان من يصل لورع و هدأه السنونوات ... يرتاح كثيرا .. و يغمره كما قلت فى البدايه ... نور الحقيقه الساطع

الليل ثوبُنا, خباؤُنا

رتبتُنا, شارتُنا, التي بها يعرفُنا أصحابُنا

"لا يعرفُ الليلَ سوى مَن فقدَ النهار"

هذا شِعارنا

لا تبكِنا, يا أيها المستمعُ السعيد

فنحنُ مزهوُّون بانهزامنا

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...