اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

تــحــلــيــق


سيناترا

Recommended Posts

تــحــلــيــق

كلما تصافحت الأكف الباردة، قال أصحابها إن الجو سيء جدا وربما إنه ليس بأيديهم فعل شيء، فأيديهم متجمدة. الضحكات الخافتة التي تسمع بين الحين والآخر قد تكون بسبب تعليقات كهذه يقولها الواقفون ثم يسارعون بدفن أيديهم مرة أخرى في جيوبهم، وهم يتحركون ببطء شديد بين المقاعد وأمام اللوحات المعلقة على جدران القاعة، كأنما تعوقهم معاطفهم الداكنة الثقيلة عن الحركة، لتبدو القاعة بأرضيتها الرخامية وجدرانها البيضاء أشبه بثلاجة كبيرة.

عندما خبط بإصبعه ثلاث خبطات دوى صوتها كالرعد، تأكد أن الميكروفون يعمل بصورة جيدة، كانت المصابيح المتناثرة في سقف القاعة ترسل أضوائها الناعسة حين طلب الرجل الوقور ــ الواقف بجوار المنصة أن يتفضل الجميع بالجلوس... لم يكن من الغريب أن ينتظم الكل على المقاعد متجاورين متلاصقين، فربما كانت هذه إحدى حيلهم في مواجهة البرودة .

كلماته الأولى عميقة تبعث على الدفء, حتى أن بعضهم اكتفى بفركهما ـ فقط ـ كلما صافحهما البرد، لم يكن صوته خفيضا كما ظنوا، تأكدوا من ذلك حينما بدأ حماسه يتزايد، كما لاحظ البعض أن ذارعيه لم تعودا بالثبات الذي كانتا عليه، فهو يلوح بهما كأنما يحث طائرا ما فوق المنصة للتحليق في فضاء القاعة البيضاء.

وكلما رفَّ الطائر أرسل دفء جناحيه ليلفح وجوه الحاضرين مما دفعهم لخلع رابطات العنق أو فتح أزرار ستراتهم، أو حتى إلى خلعها تماما.

وحينما أصبح إيقاع كلماته صاخبا وحادا, زال الشك وتأكد الحضور أن حرارة القاعة ارتفعت فعلا، وبدا ذلك وضحا عندما أخرجوا مناديلهم وبدأوا في مسح جباههم ووجوههم .

وكلما خبط الرجل بقبضته على المنصة أرعدت القاعة واهتزت اللوحات. ربما لم ينتبه الجالسون إلى أن أضواء المصابيح صارت قوية إلى الآن.

وكان لقيامه من على الكرسي وإلقائه لكلماته واقفا دور كبير في دفع الحماس إلى صدورهم، وفي رفع حرارة القاعة أيضا، حتى أنهم بدأوا في التخفف من ملابسهم واستعمال أوراقهم لدفع الهواء إلى وجوههم لكنها لم تكن تدفع إليهم إلا أنفاسهم الساخنة.

وعندما ضجت القاعة بالسخونة، كانت الأوان قد سالت من لوحاتها على الجدران البيضاء مخلفة خطوطا طويلة واصلة لرخام الأرضية ولتصبح جدران القاعة لوحة كبيرة تنضح بالحركة وبصخب لا مثيل له تعكسه كلمات الرجل الهادرة وخبطات أقدامه على المنصة التي وقف فوقها توا. مما أشعل الجميع وجعلهم من شدة السخونة يتعرون تماما ليصبحوا حقيقيين وليدفعهم حماسهم إلى حمل الرجل من فوق المنصة والطواف به داخل القاعة غير عابئين بالألوان التي صبغت الرخام ولا بالمصابيح التي تتهاوى فوق رؤوسهم كلما هتفوا مرددين ما يقوله بصوت عظيم .

لكنهم ... عندما فتحوا باب القاعة اجتاحهم هواء بارد جمدهم في مكانهم... كانت الظلمة جاثمة على كل شيء، والشتاء يفعل ما يشاء ... بالخارج .

سيناترا code name

2005

اليوم ضاعَ

نصفُه انتظار ْ

ونصفُه غضبْ

وهكذا قرَّرتُ الانتحارْ

لكنَّني

لم أقْوَ أن أموتَ

يا صديقتي

من شدَّة التعبْ

رابط هذا التعليق
شارك

سيناترا ...

اهلا بك ...

ولعلها اول مرة ارحب بعضو جديد من اول مداخلة ....ولعلى اعلق لأنى اشعر ان كلماتك ليست غريبة على ..وتذكرنى بزميل ( او زميلة ) كان يكتب هنا سابقا ..

لقد قلت كل شئ من اول جملة فى قصتك القصيرة ..

ليس بايديهم فعل شئ فايديهم متجمدة ...

وعندما اشتعلوا من شدة السخونة تعروا تماما ...واصبحوا حقيقيين ..

لكنهم عندما فتحوا باب القاعة اجتاحهم هواء بارد جمدهم فى اماكنهم ...

كانت الظلمة جاثمة على كل شئ ...والشتاء يفعل ما يشاء ....بالخارج .

تحياتى لك على القصة القصيرة العميقة التى اعجبتنى جدا ....جدا ..

تصوير جميل .....حقيقى ....حقيقى وجميل ..............ومؤسف.

اهلا بك فى المحاورات ..

قطعة جديدة من قطع البازل ....تكمل بعض الشئ باقى اللوحة ...

تكمل ...

رسم خريطة مصر ..

مصر الحقيقية ..

(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)

[النساء : 93]

رابط هذا التعليق
شارك

لوحة تشكيلية واعدة وحس عميق بالكلمة والحدث وماوراء الحدث

مرحبا بالقلم الجديد بيننا المفرط فى الحساسية والابداع

وكما اقول

احنا

ا

ت

قا

ب

ل

ن

ا

فين قبل كده :wub: :blush: :)

ننتظر جديدك :wub:

عندما تشرق عيناك بإبتسامة سعادة

يسكننى الفرح

فمنك صباحاتى

يا ارق اطلالة لفجرى الجديد

MADAMAMA

يكفينى من حبك انه......يملأ دنياى ....ويكفينى

يا لحظا من عمرى الآنى.....والآت بعمرك يطوينى

يكفينى .....انك........................تكفينى

رابط هذا التعليق
شارك

طبعا لم أتوقع هذا الإستقبال الحافل لأول مشاركة لي بينكم وخصوصا أن من تفضلوا بالمداخلة كانوا من المشرفين بالمنتدي مما يضعني امام تحدي كبير ادعو الله تعالى أن اكون عند حسن ظن الجميع وأن أمنحهم متعة القراءة التي ينشدونها

تحياتي للجميع ،،

سيناترا ..

اليوم ضاعَ

نصفُه انتظار ْ

ونصفُه غضبْ

وهكذا قرَّرتُ الانتحارْ

لكنَّني

لم أقْوَ أن أموتَ

يا صديقتي

من شدَّة التعبْ

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...