اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

مئة عام من المقاومة - شعب لم ينصفه أحد .. حتى أمته


Recommended Posts

تزامنت المقاومة الفلسطينية مع بدايات الهجرة اليهودية إلى فلسطين في نهايات القرن التاسع عشر، وتصاعدت المقاومة مع تزايد الهجرة، ثم تحولت إلى عمل سياسي وعسكري وثورات ومظاهرات مع فرض الانتداب البريطاني، وتواصلت المقاومة الشاملة بعد قيام دولة إسرائيل، ولم تتوقف بعد.  

بداية المقاومة

تعود بداية المقاومة الفلسطينية للوجود الصهيوني إلى أكثر من مائة عام، ففي عام 1891 قدم عدد كبير من وجهاء القدس مذكرة احتجاج إلى الصدر الأعظم في الأستانة يطالبونه بالتدخل لمنع الهجرة اليهودية وتحريم امتلاك اليهود للأراضي الفلسطينية. وفي العام التالي لاحظ أهالي قرية الخضيرة وملبس "بتاح تكفا" تنامي عدد المستوطنات اليهودية في أراضيهم، فقاموا بهجوم مسلح عليها أسفر عن سقوط قتلى من الطرفين. وفي الفترة نفسها ظهرت كتابات يهودية في الصحف الأوروبية تحذر من ثورة عربية وشيكة بسبب عمليات الهجرة اليهودية التي بدأ العرب يلتفتون إليها.

مؤتمر بال

وكان انعقاد مؤتمر بال عام 1897 مقدمة لتأجيج المشاعر العربية، إذ وضع هذا المؤتمر الصهيوني القضية الفلسطينية في بؤرة القلق العربي.

أول عمل عسكري

لم تقتصر الأطماع الصهوينية على فلسطين وحدها بل امتدت إلى شرق الأردن كذلك، ويعتبر الهجوم الذي شنه الأهالي هناك عام 1898 على مستوطنة أقيمت في منطقة جرش أول عمل عسكري ضد الوجود الصهيوني. وشهد عام 1900 حملة ضخمة لجمع التوقيعات على عرائض تمنع بيع الأراضي للمهاجرين اليهود. ونشطت وسائل الإعلام العربية في هذه التوعية، فكانت لكتابات الشيخ رشيد رضا ( 1865-1935) على صفحات جريدة المنار، ونجيب نصار في الكرمل عام 1908 أثر كبير في زيادة وعي الجماهير العربية بما يدور في فلسطين.

مظاهر المقاومة

وتنوعت مظاهر المقاومة في تلك الفترة فأنشئت الجمعيات والأحزاب التي وضعت مقاومة الهجرة اليهودية على رأس برامجها، واختص بعض هذه الجمعيات في المقاومة الاقتصادية عن طريق تشجيع الاقتصاد الفلسطيني وشراء الأراضي المهددة بالانتقال إلى اليهود، في حين اهتم بعضها الآخر بالجوانب السياسية وعقد المؤتمرات الجماهيرية وتنظيم المظاهرات والقيام بهجمات على المستوطنات الصهيونية. من هذه الجمعيات: الجمعية الخيرية الإسلامية، وجمعية الإخاء والعفاف، وشركة الاقتصاد الفلسطيني العربي، وشركة التجارة الوطنية الاقتصادية.. إلخ.

ومن بين الأحزاب التي تأسست متأثرة بالمناخ العام المعادي للتحركات الصهيونية في فلسطين، الحزب الوطني العثماني (1911) الذي أنشأ لجاناً تشرف على منع بيع الأراضي لليهود.

مؤتمرات ومظاهرات

وبعد صدور وعد بلفور عام 1917 والذي تعهدت فيه الحكومة البريطانية بالعمل على إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، اتخذت المقاومة أشكالاً أكثر شمولاً وأكثر عنفاً، وكثرت المؤتمرات الشعبية خاصة بعد عقد المؤتمر الإسلامي الأول عام 1919، إذ انعقد في الفترة 1919 - 1929 أكثر من سبعة مؤتمرات تؤكد جميعها على ضرورة الوحدة العربية لدرء المخاطر الصهيونية والسعي لنيل الاستقلال الوطني.

واكتسبت المظاهرات التي اندلعت طابع العنف وتخللتها صدامات مع الجنود البريطانيين الذين اعتبرهم الشعب الفلسطيني مسؤولين عن الوجود الصهيوني والهجرة اليهودية التي لا تتوقف، وكانت أهم تلك المظاهرات في موسم النبي موسى من أعوام: 1920 و1921 و1923 و1924.

ثورة 1920

وقد اندلعت احتجاجاً على وعد بلفور، وبدأت أحداثها في القدس ثم امتدت إلى مختلف المدن الفلسطينية. وعلى الرغم من منع السلطات البريطانية للمظاهرات فإن الفلسطينيين اعتادوا أن يستغلوا المناسبات الدينية وخاصة موسم النبي موسى، ففي شهر أبريل/ نيسان 1920 احتفل الفلسطينيون كعادتهم بهذه المناسبة وألقى عدد من وجهاء الحركة الوطنية خطابات حماسية كان من أهمها خطابات الحاج أمين الحسيني وموسى كاظم الحسيني وعارف العارف، وبعدها سارت جموع حاشدة في مظاهرات صاخبة طافت شوارع القدس وهي رافعة صورة فيصل بن الحسين بصفته ملكاً لسوريا وفلسطين. وحينما وصلت المظاهرة باب يافا في القدس وقع انفجار قوي تبعه قذف الحوانيت اليهودية بالحجارة، واشتبك المتظاهرون مع اليهود ثم مع الإنجليز الذين هرعوا لحمايتهم. وكانت تلك الأحداث بداية الهبة الشعبية التي استمرت أسبوعاً لم تستطع السلطات البريطانية إخمادها رغم إعلان الأحكام العرفية، وبلغت حصيلة القتلى والجرحى من الجانب الفلسطيني تسعة قتلى و251 جريحاً. وترجع أهمية ثورة 1920 إلى كونها بداية الانتفاضات الشعبية الكبرى على الوجود البريطاني والتغلغل الصهيوني منذ العشرينات من القرن العشرين وحتى الآن.

ثورة 1929

وشهد عام 1929 مظاهرة عنيفة اشتبك فيها المسلمون مع الصهاينة الذين أرادوا اقتحام المسجد الأقصى وإقامة احتفالات دينية عند حائط البراق، وأسفرت تلك المظاهرات عن إنشاء جمعية حراسة المسجد الأقصى التي انتشرت فروعها في معظم المدن الفلسطينية، واشترك المسيحيون مع قادة الحركة الوطنية للدفاع عن الأراضي الفلسطينية، فانتخبت في تلك الفترة اللجنة التنفيذية للمؤتمر الإسلامي المسيحي التي قامت بعدة زيارات خارجية للدول العربية وبعض العواصم الأوروبية.

المقاومة (1929 - 1939)

المؤتمر الإسلامي الأول 1931

من أهم أحداث تلك الفترة انعقاد المؤتمر الإسلامي الأول عام 1931 وثورة 1936، حيث دعا الحاج أمين الحسيني إلى مؤتمر إسلامي حضره كبار علماء المسلمين في تلك الفترة من أمثال الشيخ رشيد رضا وعبد العزيز الثعالبي وضياء الدين الطباطبائي والشاعر الفيلسوف محمد إقبال. وأصدر المؤتمر عدة قرارات منها: تأليف دائرة معارف إسلامية، وإنشاء جامعة أطلق عليها جامعة المسجد الأقصى، وتكوين شركة لإنقاذ الأراضي الفلسطينية. وكانت قرارت هذا المؤتمر دون طموحات الجماهير التي خرجت في مظاهرات عفوية كبيرة عامي 1931 و1933 عمت معظم المدن الفلسطينية وواجهتها السلطات البريطانية بالقمع الشديد، وتطورت تلك المظاهرات عام 1935 إلى إضراب شامل دام أكثر من ستة أشهر، حيث أشرفت عليه لجان قومية لتضمن تطبيقه في كل المدن الفلسطينية.

عز الدين القسَّام

في هذه الأثناء تكونت خلايا مسلحة كانت تطلق على نفسها خلايا "الكف الأخضر"، ولم تظهر عملياتها ضد الاحتلال البريطاني والمهاجرين اليهود إلا في عام 1935، حينما انتقل قائد تلك الخلايا الشيخ عز الدين القسام إلى الريف وبالتحديد إلى منطقة جنين ليبدأ عملياته المسلحة من هناك، ولم يمهله القدر ليواصل جهاده، فقد اكتشفت القوات البريطانية مكان اختبائه فحاصرته وطالبته بالاستسلام، لكنه رفض واشتبك مع تلك القوات حتى سقط هو وأتباعه المحاصرون شهداء وزاد من لهيب المشاعر الفلسطينية رفض المندوب السامي البريطاني مطالب قادة الحركة الوطنية بوقف الهجرة اليهودية وتشكيل حكومة وطنية ومنع انتقال الأراضي لليهود، فاشتعل بذلك فتيل ثورة 1936.

الثورة الفلسطينية الكبرى (1936 - 1939)

عم الإضراب الشامل الأراضي الفلسطينية، ونشطت خلايا عز الدين القسام ومعها الجماهير الغاضبة في إثارة الرعب في المعسكرات البريطانية والتجمعات اليهودية. ومما زاد من توتر الأجواء اعتراض الصهيونيين على إقامة مؤسسات للحكم الذاتي الفلسطيني. وفي فبراير/ شباط 1936 تعاقدت الحكومة البريطانية مع أحد المقاولين اليهود لبناء ثلاث مدارس في يافا، فقام بعض العمال العرب بتطويق موقع إحدى هذه المدارس ومنع اليهود من الوصول إليه، فكان ذلك البداية التي فجرت الوضع. ثم توالت سلسلة من الحوادث والاصطدامات في مختلف المدن الفلسطينية، أعلنت الحكومة على إثرها منع التجول في يافا وتل أبيب، ثم عممته بعد ذلك في البلاد كلها.

وفي العشرين من أبريل/ نيسان شكلت في نابلس اللجنة القومية العربية التي قررت إعلان الإضراب العام في البلاد كلها، وفي اليوم التالي شكلت لجنة مماثلة في كل من يافا وحيفا وغزة، وأعلنت جميعها الاستمرار في الإضراب حتى تستجيب الحكومة البريطانية لمطالبها المتمثلة في منع الهجرة اليهودية وإقامة حكومة وطنية ووقف عمليات بيع الأراضي لليهود، وسارعت الأحزاب الفلسطينية على اختلاف توجهاتها السياسية إلى الإعلان عن تأييدها للإضراب. وفي 25 أبريل/ نيسان عقد اجتماع ضم جميع الأحزاب العربية وشكلت لجنة عرفت فيما بعد باللجنة العربية العليا. وشددت السلطات العسكرية من قمعها للثوار فهدمت منازل المشتبه فيهم، وفرضت غرامات جماعية على القرى التي عرفت بأنها تقدم مساعدات للثوار. وشارك في هذه الثورة ضباط وثوار عرب كان من أشهرهم الضابط السوري فوزي القاوقجي الذي دخل فلسطين بصحبة مجموعة مسلحة.

وبينما كان الثوار منشغلين بتأجيج ثورتهم والشعب الفلسطيني يؤيدهم، كان القادة السياسيون متلهفين للتوصل إلى تسوية سلمية مع الحكومة البريطانية.

وقف الانتفاضة

في أواخر سبتمبر/ أيلول توجه وفد من اللجنة العربية العليا للاجتماع بالملك عبد العزيز آل سعود والملك غازي والأمير عبد الله، ونتيجة لهذه الاجتماعات والاتصالات بالحكومة البريطانية وجه هؤلاء الثلاثة نداء مشتركاً دعوا فيه إلى حل الإضراب ووقف الثورة و"الاعتماد على النيات الطيبة لصديقتنا بريطانيا العظمى التي أعلنت أنها ستحقق العدالة"!!

وفي اليوم التالي نشرت اللجنة العليا نداءات الملوك والحكام العرب، معلنة أنها حصلت على موافقة اللجان القومية، ودعت الأمة العربية والشعب الفلسطيني للعودة إلى الهدوء ووضع حد للإضراب.

وسرعان ما توقف الإضراب والثورة، وسمح للعصابات بأن تحل نفسها بنفسها، كما سمح للثوار القادمين من الدول العربية باجتياز الحدود تدريجياً والعودة إلى أقطارهم. وهكذا توقفت ثورة 1936 وانتظرت الشعوب العربية ومعهم الفلسطينيون أن تفي بريطانيا بوعودها، وما تزال تلك الشعوب تنتظر حتى الآن.

ثورة الريف (1937-1939)

كانت ثورة 1937 بداية لسلسلة من الثورات العارمة عمت ريف فلسطين، حيث بدأت أحداث تلك الثورات بعد أن أصدرت لجنة بيل الملكية تقريراً متحيزاً حول أسباب العنف الذي حدث إبان ثورة 1936، فجاءت معظم توصيات اللجنة لصالح الحركة الصهيونية، وكان من بين توصياتها تقسيم فلسطين. وما إن عرف الفلسطينيون بذلك حتى قاموا بثورتهم مستفيدين من خبراتهم في ثورة 1936، فقسموا المناطق بين القادة والتشكيلات وأقاموا جهازاً إدارياً وقضائياً لجباية الضرائب وتنظيم التطوع والتموين وفصل الخلافات التي تحدث بين المواطنين. ويمكن القول إن ثورة 1936 ثورة مدن دعمها الريف، في حين أن ثورة 1937 ثورة ريفية آزرها أهل المدن، والسبب في ذلك غياب معظم القيادات الوطينة خلف قضبان سجون الاحتلال البريطاني، واضطرار الحاج أمين الحسيني إلى مغادرة البلاد.

واتبعت السلطات البريطانية لإخماد هذه الثورة مختلف أساليب القمع التي مارستها من قبل إبان ثورة 1936، فقصفت مناطق الثوار بالطائرات وهدمت بالجرارات منازل المشتبه في تأييدهم للثوار، مما أسفر عن سقوط أربعة آلاف قتيل وقرابة 12 ألف جريح. ولم تكتف السلطات البريطانية بذلك بل عملت على فرض ضرائب باهظة كنوع من أنواع العقاب الجماعي. وحينما فشلت في إخماد الثورة استدعت قرابة 50 ألف جندي من الاحتياطي العام للجيش البريطاني، ولم تغفل سلاح الفرقة والوقيعة بين الأهالي ونشط في ذلك بعض العملاء التابعين لها، واستطاع الجيش البريطاني في مطلع عام 1938 إلحاق خسائر كبيرة في صفوف الثوار وإخراجهم من المدن الرئيسية ومحاصرتهم في الريف، لكنه لم يستطع إخماد الثورة تماماً.

ومع اقتراب الحرب العالمية الثانية بدأت بريطانيا تشعر أن عليها أن تخفف من قمعها الوحشي لتلك الثورة، فأصدرت بياناً يرضي العرب قليلاً ولكنه لا يحقق مطالب الثوار، فأوعزت إلى الحكام العرب بفكرة الطاولة المستديرة في لندن، تمهيداً لإصدار الكتاب الأبيض عام 1939، وانتهت بعد ذلك العمليات المسلحة ودخلت حلقة جديدة من دوامة المفاوضات والبحث بعد ذلك في أروقة الأمم المتحدة التي تشكلت في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ولا تزال القضية تراوح مكانها داخل دهاليز المنظمة الدولية حتى يومنا هذا.

المقاومة الفلسطينية (1940-1947)

لم تشهد الأراضي الفلسطينية في الفترة المذكورة أحداثاً كبيرة بنفس سخونة الأحداث في الفترة السابقة، والسبب في ذلك يرجع إلى القبضة الحديدية التي تعاملت بها سلطات الاحتلال البريطاني مع الحركة الوطنية وغياب أغلب قادتها إما بسبب السجن أو اضطرارهم للخروج إلى سوريا ولبنان بعد أن ضاقت بهم سبل المقاومة من الداخل. وبعد الحرب العالمية الثانية (1945) عاش العرب والشعب الفلسطيني آمالاً جديدة، رسم فيها خيالهم قصوراً للحرية والاستقلال نظير وقوفهم مع بريطانيا، لكن أحداث الأيام التي تلت الحرب أحالت تلك الأماني إلى أوهام، فبدأت بوادر العمل المسلح تظهر في الأراضي الفلسطينية من جديد.

وفي 29/1/1945 أعلنت بريطانيا أنها ستبقي باب الهجرة اليهودية مفتوحاً، مخالفة بذلك وعودها التي قطعتها على نفسها من قبل بتنظيم تلك الهجرة، ولكي تخفف من وقع الصدمة على العرب أعلنت عن تشكيل لجنة بريطانية أميركية، ووافقت اللجنة العربية العليا على التعاون مع اللجنة الأنجلو أمريكية في 20/4/1945، وجاء بيان تلك اللجنة لينص على السماح لمائة ألف مهاجر يهودي جديد بالدخول إلى فلسطين، وحرية انتقال الأراضي لليهود، وبقاء الانتداب البريطاني على فلسطين.

وأدت هذه التوصيات إلى اندلاع المظاهرات في فلسطين وبعض الدول العربية، واستدعى الأمر عقد اجتماع قمة عربي في أنشاص بمصر يومي 28 و29/5/1946 خلص الملوك والرؤساء العرب فيه إلى بيان إنشائي لا تدعمه آليات تنفيذية، وأكدوا على بدهيات لم تكن بحاجة إلى مثل هذا الاجتماع للتأكيد عليها. من ذلك على سبيل المثال "اعتبار القضية الفلسطينية قضية العرب جميعاً" و"فلسطين عربية ينبغي مساعدتها للحفاظ على عروبتها"، ومناشدة بريطانيا والولايات المتحدة بأن يكونا أكثر نزاهة في التعامل مع القضية الفلسطينية.

تأسيس الهيئة العربية العليا

تشكلت الهيئة العربية العليا برئاسة الحاج أمين الحسيني عام 1946 وأنشأت مكتباً لها في القاهرة ومكاتب أخرى في فلسطين، ووضعت نظما ولوائح داخلية تضبط عملها. وقبل انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين بـ 33 يوماً، قررت الدول العربية إدخال الجيوش النظامية إلى فلسطين، لكن على المستوى الفلسطيني الداخلي لم تكن هناك بنية تحتية عسكرية مؤهلة لهذه الحرب، فأخذت اللجان القومية تتشكل على عجل وتهتم بتجميع السلاح الذي كانت فلسطين تعاني ندرة شديدة منه.

حرب 1948

نشبت الحرب في 15/5/1948 بسبب قرار تقسيم فلسطين الصادر عن الأمم المتحدة في 29/12/1947، حيث دعت جامعة الدول العربية إلى اجتماع في القاهرة تم الإعلان فيه أن الحكومات العربية ترفض هذا القرار وأنها ستتخذ تدابير كفيلة بإحباطه.

كانت الحركة الصهيونية قد تمكنت من بناء قوة عسكرية كبيرة ضمن عدة منظمات عسكرية أهمها الهاغاناه، كما تمكنت بدعم من سلطات الانتداب البريطاني من  إنشاء صناعة عسكرية. أما على الجانب الآخر فكان الطرف العربي مكونا من الثوار الفلسطينيين، وجيش الجهاد المقدس، وجيش الإنقاذ، وقوات المتطوعين المصريين. كما تقرر إنشاء جيوش عربية على حدود فلسطين دون دخولها إلى الأراضي الفلسطينية والاكتفاء فقط بدعم الفلسطينيين والمتطوعين.

في تلك الأثناء أعلنت بريطانيا عن رغبتها في الانسحاب من فلسطين بتاريخ أقصاه 15/5/1948، وحدث خلال تلك الفترة مجموعة من المذابح قامت بها جماعات صهيونية مسلحة، فاتخذت الدول العربية قراراً بدخول جيوشها إلى فلسطين، وبدأت حشد القوات على الجبهات الرئيسية في مصر والأردن والعراق وسوريا ولبنان. وكانت السمة البارزة لتلك الحشود هي عدم التنسيق فيما بينها، فقد كان لكل جيش هدف مستقل، كما كانت بداية العمليات أيضا تفتقد إلى التنسيق، مما حرم الجيوش العربية من عامل المفاجأة في تحقيق انتصارات عسكرية. ويضاف إلى هذه الثغرات العسكرية عامل ضعف أساسي يتمثل في تحكم بريطانيا في تسليح الجيوش العربية.

ورغم كل تلك الثغرات فإن الجيوش العربية حينما دخلت فلسطين في 15/5/1948 حققت انتصارات معتبرة، فالقوات المصرية حققت نجاحات ملموسة في القطاع الجنوبي، وتقدم الجيشان الأردني والعراقي قليلاً لكنهما عادا وتوقفا بعد فترة قصيرة من بدء العمليات ولم يتجاوزا المناطق التي حددت لهما، كما تمكن الجيش السوري وجيش الإنقاذ من السيطرة على معظم الجليل، ولم يكن الجيش اللبناني بعيدا عن عكا.

الهدنة الأولى

أحدثت تلك العمليات حرجاً للقوات الصهيونية سرعان ما أزيلت آثاره بقرار مجلس الأمن في 22/5/1948 بوقف إطلاق النار مدة 36 ساعة، ورفضت الدول العربية ذلك القرار في حينه، فمارست الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا ضغوطاً مشددة مصحوبة بتهديدات للحكومات العربية. وتقدم الوفد البريطاني في مجلس الأمن بطلب جديد لوقف القتال مدة أربعة أسابيع، وضبط تدفق المتطوعين والسلاح إلى فلسطين إبان تلك الفترة. وفي 2/6/1948 أبلغت الدول العربية مجلس الأمن موافقتها على ذلك القرار، وتوقف القتال بالفعل في 11/6 وعرفت تلك الفترة بالهدنة الأولى.

أفادت القوات الصهيونية من تلك الهدنة إفادة كبيرة فعززت من قدراتها وزادت من تسلحها في شتى المجالات، ساعدتها في ذلك الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، وحاولت تمديد الهدنة شهراً آخر لمزيد من الاستعداد، لكن محاولتها باءت بالفشل إثر حادثة اغتيال الكونت برنادوت الذي لم ترض الدول العربية ولا إسرائيل عن مقترحاته للتقسيم، فاندلعت الحرب من جديد في 7/7/1948 على الجبهة المصرية أولاً ثم امتدت إلى بقية الجبهات، واستولت القوات الصهيونية على اللد والرملة في 11 و12/7/1948 بعد هزيمة القوات الأردنية بقيادة القائد "البريطاني" غلوب باشا المتهم بالتقصير في تحصينهما، وأدى سقوطهما إلى كشف الجناح الأيمن للجيش المصري. وحصلت القوات الصهيونية بذلك على محور هام للاتصال بالقدس، وعلى قاعدة جوية هامة في اللد، كما ارتفعت الروح المعنوية لجنودها.

الهدنة الثانية 18/7/1948

تقدمت الولايات المتحدة بمشروع هدنة ثانية قبلته الدول العربية في 18/7/1948، غير أن القيادة الصهيونية خرقت شروط الهدنة في 27 - 28/7 وشنت هجوماً منظماً على كل من الفالوجا وعراق المنشية إلا أنهما باءا بالفشل، فوضعت القيادة الصهيونية خطة جديدة بهدف تحقيق اتصال آمن لها بالجنوب، ولتحقيق ذلك نظمت في أكتوبر/ تشرين الأول 1948 سلسلة من العمليات العسكرية ضد الجيش المصري أبرزها عمليات "الضربات العشر" و"عين" و"حيرام" في الجليل، ونجحت بالفعل في فرض حصار جديد على الفالوجا والتقدم ناحية خليج العقبة، وفرضت سيطرتها على الجليل الأعلى، وأجبرت جيش الإنقاذ على

الخروج من فلسطين.

وإزاء هذا الموقف العسكري المتدهور أصدر القادة العسكريون العرب أوامرهم للجيوش بوقف إطلاق النار في 22/10/1948، ولم تلتزم القوات الصهيونية بهذا القرار فتابعت تنفيذ عملية حيرام، كما تابعت تنفيذ عملية أخرى حتى عام 1949 في قرية أم الرشراش المصرية على خليج العقبة والتي أصبحت فيما بعد تعرف باسم ميناء إيلات.

انتهت الحرب وبدأ صراع سياسي أسفر عن هدنة مؤقتة في رودس عام 1949.

وكانت النتيجة المروعة لنكبة 1948:

  - ضياع مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية تفوق ما نص عليه قرار التقسيم.

  - إقامة الدولة الإسرائيلية فوق أنقاض الدولة الفلسطينية.

  - تهجير آلاف الفلسطينيين إلى الدول المجاورة وظهور مأساة اللاجئين واستمرار معاناتهم حتى الآن.

  - تغيير خريطة الحكم في المنطقة العربية وقيام عدة ثورات عقب تلك الهزيمة المرة.

المقاومة بعد 1948

دخلت المقاومة الفلسطينية طوراً جديداً بعد حرب 1948، فقد أصبح لزاماً عليها مقاومة دولة ذات مؤسسات أمنية وعسكرية، بعد أن كانت تقاوم عصابات صهيونية مدعومة من قبل الاحتلال البريطاني.

ولم تكد تمر ثماني سنوات حتى شهدت المنطقة عدواناً ثلاثياً اشتركت فيه كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر رداً على تأميمها قناة السويس، وطال القصف الإسرائيلي منطقة غزة التي كانت خاضعة للإدارة المصرية آنذاك، بعدها طالبت مختلف القوى السياسية الفلسطينية بضرورة إعادة المقاومة المسلحة، فأعلن عن قيام منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 وحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" التي أعلنت عن أولى عملياتها عام 1965، لكن سرعان ما دخلت المنطقة في حرب أخرى جديدة لم تقل خسائر العرب فيها عن حرب 1948، فقد أخضعت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية لسيادتها، واحتلت أجزاء من كل من سوريا والأردن ومصر، وزادت إسرائيل من مساحتها نتيجة تلك الحرب الخاطفة بنسبة 200%.

عادت الجماهير العربية تطالب بمحو آثار الهزيمة، ووجدت المقاومة الفلسطينية المناخ العربي العام مهيأ لمساعدتها، فتحسنت علاقة الأردن بمنظمة التحرير وانطلقت من الأراضي الأردنية بعض العمليات العسكرية ضد إسرائيل، وقد خشيت المملكة الأردنية الهاشمية من ردود الأفعال الإسرائيلية إزاء هذا الوضع، فتهيأ المناخ لعمل ما يكون ذريعة لخروج المقاومة الفلسطينية من الأردن، فكانت أحداث سبتمبر/ أيلول الأسود عام 1970 التي استدرج فيها بعض المتحمسين الفلسطينيين فاشتبكوا مع بعض الضباط الأردنيين، واشتعل الموقف بدلاً من تدخل العقلاء للتهدئة، واستعمل الجيش الأردني آليته العسكرية الثقيلة، فراح ضحية تلك الأحداث الدامية آلاف القتلى والجرحى من كلا الجانبين، وبالطبع كانت الخسارة الأكبر في الجانب الفلسطيني.

وأسفرت أحداث أيلول الأسود عن خروج فصائل المقاومة الفلسطينية عام 1971 من الأردن على مرحلتين لتكون محطتها التالية في بيروت. وبعد عدة عمليات ناجحة شنتها المقاومة على إسرائيل من الأراضي اللبنانية كان الرد الإسرائيلي عنيفاً، فقد اجتاح جيش الدفاع الإسرائيلي بيروت واشتبك مع المقاومة ودارت بينهما حرب شوارع، وفرض الجيش حصارا خانقا على تلك الفصائل اضطرت في نهايته إلى القبول بالشروط الإسرائيلية بعد وساطات عربية ودولية. وكانت تلك الشروط قاسية ومؤثرة على نهج المقاومة لأنها أبعدت المقاومة من الخطوط الأمامية، فحلت الفصائل وانتقلت المنظمة إلى تونس لتمارس من هناك عملاً آخر ساحته موائد المفاوضات بدلا من خنادق الحروب.

انتفاضة 1987

زادت قناعة رجل الشارع الفلسطيني باستحالة التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية دون تحرك شعبي داخلي، خاصة في ظل أجواء من انحسار الاهتمام العربي بالقضية الفلسطينية واكتفاء معظم الدول العربية بتسجيل مواقف خطابية إعلامية دون أن يتعدى ذلك إلى تحرك عملي تشعر معه إسرائيل بالضغط عليها، هذا إضافة إلى شعور منظمة التحرير الفلسطينية بالعزلة الدولية منذ أن غادرت بيروت عام 1982 متوجهة إلى تونس.. كل ذلك مع ازدياد الأعمال الإجرامية للقوات الإسرائيلية من قصف للقرى والمخيمات في الجنوب اللبناني وهدم المنازل والاعتقالات العشوائية والعقاب الجماعي لأهالي الضفة الغربية وقطاع غزة، أدى إلى أن يجد الغضب الجماهيري متنفساً له في صورة انتفاضة شعبية عمت كل المدن الفلسطينية.

استمرت الانتفاضة حوالي ثلاث سنوات، ظهرت خلالها بطولات فردية، لكن في المقابل كانت القوات الإسرائيلية ترد بعنف، وابتكرت سياسة تهشيم العظام لتسبب إعاقة دائمة للشباب الفلسطينيين المشاركين في الانتفاضة. وتحمست الشعوب العربية لما يحدث في الأراضي المحتلة، وتحسن الموقف السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية.

ولكن.. كانت المفاجأة التي لم يتوقعها أحد والتي تعدى تأثيرها السلبي القضية الفلسطينية ليمتد إلى النظام العربي بأكمله، وهي غزو العراق للكويت وما أعقبه من حشد الولايات المتحدة الأميركية الرأي العام الدولي ضد العراق، وقيام قوات التحالف الدولي بشن غارات قاسية على الجيش العراقي والمدن العراقية أجبرت في نهايتها العراق على الانسحاب من الكويت.

أما تأثير ذلك على الانتفاضة فيظهر في سحب حرب الخليج الثانية البساط من تحت أقدامها، وتغييرها لأولويات الاهتمام العربي والدولي، فلم تعد القضية الفلسطينية تأخذ من الاهتمام ما كانت تحصل عليه قبل الغزو العراقي.

أما التأثير الثاني فكان نابعاً من الموقف السياسي الذي اتخذته بعض الدول الخليجية بالاستغناء عن معظم العاملين الفلسطينيين، رداً على الموقف السياسي الذي اتخذته منظمة التحرير والذي فسرته الدول الخليجية بأنه مؤيد للعراق، وقد حرم ذلك الإبعاد الفلسطينيين في الداخل من رافد اقتصادي هام.

توقف الانتفاضة

بعد انتهاء حرب الخليج دخلت المنطقة العربية في طور جديد رسمته الولايات المتحدة الأميركية فيما أطلق عليه بالنظام العالمي الجديد، فعقد مؤتمر مدريد للسلام، شاركت بعده منظمة التحرير الفلسطينية في مفاوضات سرية مع إسرائيل تمخضت عن التوصل إلى اتفاق أوسلو 1994 وبروز السلطة الوطنية الفلسطينية على مسرح الأحداث.

انتفاضة الأقصى 2000

في سبتمبر/ أيلول 2000 وبعد فشل مفاوضات كامب ديفد الثانية اندلعت انتفاضة الأقصى التي أشعل شرارتها الأولى زيارة زعيم حزب الليكود المتشدد أرييل شارون للمسجد الأقصى، في ظل تزايد دعوات بهدمه وإقامة ما يسمى بهيكل سليمان مكانه.

واستعملت القوات الإسرائيلية مختلف أنواع الأسلحة في إخمادها، فقصفت غزة ورام الله بالطائرات ودمرت بعض مقرات حركة فتح، وطال القصف مكاتب تابعة للرئيس ياسر عرفات نفسه، وسقط من الفلسطينيين مئات الشهداء وآلاف الجرحى.

ولا تزال الانتفاضة مشتعلة، وإن كانت هناك تحركات سياسية تسعى للتوصل إلى حل يوقف حمامات الدم، وربما يحقق بنوداً سرية تم الاتفاق عليها من قبل.

وبتأمل هذا العرض الطويل نستطيع القول إن المقاومة الفلسطينية التي تشهدها أرض فلسطين حالياً جزء من هذه السلسلة الطويلة في هذا التاريخ الممتد، وجزء من سلسلة مقاومة فلسطينية خاصة بهذا الشعب الذي ابتلي بالاحتلال الإسرائيلي لأراضيه قبل أكثر من 50 عاماً. كما نستطيع استخلاص بعض العوامل التي أدت إلى اندلاع الانتفاضات والثورات الشعبية الفلسطينية، والأسباب التي أدت إلى فشلها في تحقيق الأهداف الوطنية التي قامت من أجلها.

ملاحظات على مسيرة المقاومة

تعددت أشكال المقاومة الفلسطينية بتغير الظروف السياسية والعسكرية، فبعضها اكتسب صفة مسلحة سواء على المستوى الشعبي متمثلاً في صورة انتفاضات تندلع شرارتها في مدينة ثم سرعان ما يمتد لهيب الغضب إلى معظم الأراضي الفلسطينية، أو على مستوى العمل العسكري "المنظم" كالذي قامت به الجيوش العربية عام 1948 وأسفر في نهايته عما اصطلح على تسميته بالنكبة الكبرى، وما نجم عنها من ضياع للأرض وتشرد للشعب.

واتخذ بعضها شكل المقاومة السياسية إما عن طريق عقد المؤتمرات الجماهيرية أو تكوين الأحزاب السياسية وإنشاء الجمعيات أو البعثات الدبلوماسية والظهور في المحافل الدولية للمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني، وبالأخص حقه في تقرير مصيره وعودة لاجئيه إلى ديارهم.

كما اتخذ بعضها الآخر أشكالاً اقتصاديةً، كإنشاء بنوك وطنية كالبنك العربي

(1934) وشركة التجارة الوطنية، والدعوة إلى مقاطعة البضائع الإسرائيلية والأميركية سواء في داخل الأراضي المحتلة أو في العالم الإسلامي.

ويمكننا القول إن أسباب فشل المقاومة الشعبية الفلسطينية بعد هذا العرض التاريخي الطويل تعود إلى العوامل التالية:

أولاً: غياب الاستراتيجية

الملاحظ على مسيرة المقاومة الفلسطينية عبر هذه السنين الطويلة أنها تندلع كردود أفعال وليست كاستراتيجية منظمة طويلة الأمد، فتختلف قوة المقاومة -سواء أكانت سياسية أو هبات شعبية- بحسب قوة المثير. يلاحظ ذلك على أول تحرك شعبي فلسطيني عام 1898 حينما قام أهالي منطقة جرش بالهجوم على مستوطنة صهيونية أقيمت في منطقتهم، مروراً بالانتفاضات الشعبية التي شهدتها المدن الفلسطينية في العشرينات والثلاثينات احتجاجاً على أفواج الهجرة اليهودية التي تواصلت دون انقطاع تحت سمع وبصر بل وبمساعدة حكومة الانتداب البريطانية، ووصولاً إلى انتفاضة الأقصى عام 2000 التي أشعل فتيلها زيارة الزعيم الصهيوني المتطرف أرييل شارون للمسجد الأقصى، في ظل دعوات متزايدة بهدمه وإقامة ما يسمى بهيكل سليمان على أنقاضه.

وقد نجم عن هذه الحالة عدم استثمار للغضب الجماهيري فيما يعود بالنفع على القضية الفلسطينية، فبعد أيام أو أسابيع تطول أو تقصر من الهبة الشعبية يسقط خلالها عدد من الشهداء، تتوسط قيادات محلية أو عربية لإعادة الهدوء إلى الساحة الفلسطينية، ويستجيب الشعب الذي يريد عودة الأمور إلى طبيعتها بعد توقف مرافق الحياة الأساسية الخدمية والإنتاجية، وهذا ما ظهر بجلاء في الانتفاضات الشعبية التي قام بها الفلسطينيون في أعوام 1920، 1921، 1923، 1924، 1929 كما سيتضح من العرض بعد قليل.

ثانياً: ضعف القيادة

باستثناء بعض القيادات القليلة التي تعد على أصابع اليد الواحدة، افتقدت المقاومة الفلسطينية في صراعها مع الكيان الصهيوني القيادات التاريخية المؤهلة للأخذ بزمام مقاومة طويلة النفس سواء في الداخل أو في الخارج. وتميز فكر قادة الحركة الوطنية بالضبابية والافتقاد إلى الرؤية الواضحة، فبينما هم يسعون للحصول على حلول سياسية، لا يعملون بالقدر نفسه على تحقيق عناصر قوة تساعدهم في بلوغ أهدافهم السياسية مما جعل تلك الأهداف تتحول إلى أحلام وأمانٍ.

ثالثاً: فقدان الإرادة السياسية العربية

رغم الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري الذي تلقته القضية الفلسطينية فإن ثماره لم تظهر، وكانت لهزيمة الجيوش العربية عام 1948 على سبيل المثال أكبر الأثر في ضياع كل الأراضي الفلسطينية آنذاك باستثناء الضفة والقطاع. ويقاس على المثال العسكري هذا أمثلة أخرى اقتصادية (الدعم المالي لمنظمة التحرير الفلسطينية) وسياسية (مطالبة المجتمع الدولي بتطبيق قراري الأمم المتحدة 242 و338 بشأن القضية الفلسطينية). إلا أن هذا الدعم غير كاف من جهة، ويفتقد إلى الإرادة السياسية الصادقة لجني ثماره من جهة أخرى، ويُستدل على ذلك من عدم استجابة الأنظمة العربية لمطالب شعوبها بقطع علاقاتها العلنية والسرية مع إسرائيل، أو التلويح باستخدام سلاح النفط أو مقاطعة السلع الأميركية -بما فيها صفقات الأسلحة- للحصول على مكاسب سياسية للقضية الفلسطينية، وساعد على ذلك أيضاً ضعف بنية النظام العربي ذاته نتيجة عوامل داخلية متراكمة منذ الخمسينات، والشرخ الذي لم يندمل بعد إثر غزو العراق الكويت (1990-1991).

تغير الظروف الدولية

أثر انهيار الاتحاد السوفييتي وسيادة ما سمي بالنظام الدولي الأحادي القطبية على القضية الفلسطينية، وظهر ذلك جلياً من التحيز الأميركي لصالح إسرائيل، واستعمالها الدائم لحق النقض (الفيتو) في أي قرار يصدر من مجلس الأمن فيه إدانة لإسرائيل، هذا إضافة إلى الدعم المالي والسياسي والعسكري الذي يهدف إلى تفوق إسرائيل على نظيراتها من الدول العربية، وهو ما يعتبر من ثوابت السياسة الخارجية الأميركية.

المسيرة السلمية

ظهرت بوادر المسيرة السلمية في عقد السبعينات واكتسبت صبغة رسمية من خلال مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، ثم توجتها اتفاقية أوسلو وما نجم عنها من تشكيل سلطة وطنية وحكم ذاتي محدود في الضفة والقطاع، بناء على شروط للتعاون الأمني جعلت من السلطة حائط عزل بين الشعب الفلسطيني واليهود، مما أثر على المقاومة بشكل كبير.

خيار المقاومة

ورغم هذه الثقوب السوداء في ثوب المقاومة الفلسطينية الأبيض، فإن خيار المقاومة سيظل هو السنة الكونية التي تحقق منها الإنسان عبر مئات القرون لنيل حريته واستقلاله

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 1 شهر...

القدس .. بين حقائق التاريخ وواقع الاحتلال وتزوير الحقوق

صحيفة البيان الإماراتية - 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2002 :

أقدم الرئيس الأميركي جورج بوش الثاني في الثلاثين من أيلول (سبتمبر) الماضي (2002) على توقيع قانون يلزم إدارته بتعريف القدس على أنها عاصمة لـ (إسرائيل) . ويذهب مشروع القانون الجديد بشأن القدس إلى مدى أبعد من مشروعات القوانين السابقة التي وافق عليها الكونغرس الذي حث لسنوات رؤساء الولايات المتحدة المتعاقبين على نقل السفارة الأميركية في "إسرائيل" من تل أبيب إلى القدس .

ويتضمن قرار الكونغرس الجديد الذي وقّعه بوش ثلاثة بنود إجبارية من شأنها تغيير الموقف الأميركي من القدس، أولها أن الإدارة لا يمكنها الإنفاق على قنصليتها في القدس ما لم تخضع لإشراف السفير الأميركي لدى "إسرائيل"، وثانيها أن أي مستند تصدره الحكومة الأميركية يتضمن أسماء الدول وعواصمها يجب أن ينص على أن القدس هي عاصمة "إسرائيل" .

وبموجب البند الثالث فإنه يصبح من حق الرعايا الأميركيين المولودين في القدس أن يصرّوا على أن يذكر في الوثائق الرسمية الأميركية مثل جوازات السفر وشهادات الميلاد والجنسية أن محل الميلاد هو "إسرائيل" .

وسبق أن وعدت الإدارات المختلفة بنقل السفارة لكنها كانت دائماً تؤجله (تحسباً لما سيثيره ذلك من مشاعر غضب) في العالم العربي والإسلامي . ومع أن بوش قال في بيان مكتوب إن سياسة الولايات المتحدة فيما يتعلق بالقدس لم تتغير، إلا أن وزير الخارجية الأميركي (كولن باول) كان قد وصف القدس بأنها عاصمة "إسرائيل"، وأكد في آذار (مارس) من العام الماضي أن الرئيس بوش سيفي بالوعود التي قطعها على نفسه أثناء حملته الانتخابية بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس .

وقال باول أمام لجنة العلاقات الدولية التابعة لمجلس النواب في 8/3/2001 إن الرئيس جورج بوش (ما زال ملتزما بنقل السفارة إلى عاصمة "إسرائيل" وهي القدس) . وتزامنت تصريحات باول هذه مع تسلّم رئيس الوزراء الصهيوني (أرييل شارون) السلطة من سلفه (إيهود باراك) .

القدس عبر التاريخ :

يرجع تاريخ مدينة القدس إلى أكثر من خمسة آلاف سنة، وهي بذلك تعدّ واحدة من أقدم مدن العالم . وتدل الأسماء الكثيرة التي أطلقت عليها على عمق هذا التاريخ . وقد أطلقت عليها الشعوب والأمم التي استوطنتها أسماء مختلفة، فالكنعانيون الذين هاجروا إليها في الألف الثالثة قبل الميلاد أسموها (أورساليم) وتعني مدينة السلام أو مدينة الإله ساليم . واشتقت من هذه التسمية كلمة (أورشليم) التي تنطق بالعبرية (يروشاليم) ومعناها البيت المقدس، وقد ورد ذكرها في التوراة 680 مرة . ثم عرفت في العصر اليوناني باسم إيلياء ومعناه بيت الله . ومن أهم الأعمال التي قام بها الكنعانيون في القدس شق نفق لتأمين وصول المياه إلى داخل المدينة من نبع جيحون الذي يقع في وادي قدرون والذي يعرف اليوم بعين سلوان .

- سكان القدس الأصليون : سكنت قبيلة اليبوسيين - أحد البطون الكنعانية العربية - المدينة حوالي عام 2500 ق.م فأطلقوا عليها اسم يبوس . وفي العصر الفرعوني خضعت مدينة القدس للنفوذ المصري الفرعوني بدءا من القرن 16 ق.م. وفي عهد الملك إخناتون تعرضت لغزو (الخابيرو) وهم قبائل من البدو، ولم يستطع الحاكم المصري عبدي خيبا أن ينتصر عليهم، فظلّت المدينة بأيديهم إلى أن عادت مرة أخرى للنفوذ المصري في عهد الملك سيتي الأول 1317 - 1301 ق.م.

- العصر اليهودي : دام حكم اليهود للقدس 73 عاماً طوال تاريخها الذي امتد لأكثر من خمسة آلاف سنة . فقد استطاع النبي داوود عليه السلام السيطرة على المدينة في عام 977 أو 1000 ق.م وسماها مدينة داود وشيّد بها قصراً وعدة حصون ودام حكمه 40 عاماً ثم خلفه من بعده ولده سليمان عليه السلام الذي حكمها 33 عاماً . وبعد وفاة سليمان انقسمت الدولة في عهد ابنه رحبعام وأصبحت المدينة تسمى (أورشليم) وهو اسم مشتق من الاسم العربي الكنعاني شاليم أو ساليم الذي أشارت التوراة إلى أنه حاكم عربي يبوسي كان صديقاً لإبراهيم . (سفر التكوين - 14: 18-20، والرسالة إلى العبرانيين في الإنجيل 6:7،20:1-5) .

- العصر البابلي : احتل الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني مدينة القدس بعد أن هزم آخر ملوك اليهود صدقيا بن يوشيا عام 586 ق.م، ونقل من بقي فيها من اليهود أسرى إلى بابل بمن فيهم الملك صدقيا نفسه .

- العصر الفارسي : في عام 538 ق.م سمح الملك الفارسي قورش لمن أراد من أسرى اليهود في بابل بالعودة إلى القدس .

- العصر اليوناني : استولى الإسكندر الأكبر على فلسطين بما فيها القدس عام 333 ق.م، وبعد وفاته استمر خلفاؤه المقدونيون والبطالمة في حكم المدينة، واستولى عليها في العام نفسه بطليموس وضمّها مع فلسطين إلى مملكته في مصر عام 323 ق.م. ثم في عام 198 ق.م أصبحت تابعة للسلوقيين في سوريا بعد أن ضمّها سيلوكس نيكاتور، وتأثر السكان في تلك الفترة بالحضارة الإغريقية .

- الحكم الروماني : استولى قائد الجيش الروماني بومبيجي ييمِذ على القدس عام 63 ق.م وضمّها إلى الإمبراطورية الرومانية . وشهد الحكم الروماني للقدس والذي استمر حتى عام 636م حوادث كثيرة، ففي الفترة من 66 إلى 70م قام اليهود في القدس بأعمال شغب وعصيان مدني قمعها الحاكم الروماني تيطس بالقوة فأحرق المدينة وأسر كثيراً من اليهود، وعادت الأمور إلى طبيعتها في ظلّ الاحتلال الروماني للمدينة المقدسة . ثم عاود اليهود التمرد وإعلان العصيان مرتين في عامي 115 و132م وتمكنوا بالفعل من السيطرة على المدينة، إلا أن الإمبراطور الروماني هدريان تعامل معهم بعنف وأسفر ذلك عن تدمير القدس للمرة الثانية، وأخرج اليهود المقيمين فيها ولم يُبقِ إلا المسيحيين، ثم أمر بتغيير اسم المدينة إلى (إيلياء) واشترط ألا يسكنها يهودي . ونقل الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول عاصمة الإمبراطورية الرومانية من روما إلى بيزنطة، وأعلن المسيحية ديانة رسمية للدولة فكانت نقطة تحوّل بالنسبة للمسيحيين في القدس حيث بنيت كنيسة القيامة عام 326م.

- عودة الفرس : انقسمت الإمبراطورية الرومانية عام 395 إلى قسمين متناحرين مما شجع الفرس على الإغارة على القدس ونجحوا في احتلالها في الفترة من 614 إلى 628م، ثم استعادها الرومان مرة أخرى وظلّت بأيديهم حتى الفتح الإسلامي عام 636م .

- الإسراء والمعراج : في عام 621 تقريباً شهدت القدس زيارة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد أسرِيَ به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم صعد إلى السماوات العلا .

- العصر الإسلامي الأول : دخل الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مدينة القدس سنة 636 /15 هـ (أو 638م على اختلاف في المصادر) بعد أن انتصر الجيش الإسلامي بقيادة أبي عبيدة عامر بن الجراح، واشترط البطريرك صفرونيوس أن يتسلم عمر المدينة بنفسه، فكتب معهم (العهدة العمرية) وهي وثيقة منحتهم الحرية الدينية مقابل الجزية. وغيّر اسم المدينة من إيلياء إلى القدس، ونصت الوثيقة ألا يساكنهم أحد من يهود. واتخذت المدينة منذ ذلك الحين طابعها الإسلامي واهتم بها الأمويون (661 - 750م) والعباسيون (750 - 878م) وشهدت نهضة علمية في مختلف الميادين. ومن أهم الآثار الإسلامية في تلك الفترة مسجد قبة الصخرة الذي بناه عبد الملك بن مروان في الفترة من 682 - 691م، وأعيد بناء المسجد الأقصى عام 709م، وشهدت المدينة بعد ذلك عدم استقرار بسبب الصراعات العسكرية التي نشبت بين العباسيين والفاطميين والقرامطة، وخضعت القدس لحكم السلاجقة عام 1071م .

- الحملات الصليبية : سقطت القدس في أيدي الصليبيين عام 1099م بعد خمسة قرون من الحكم الإسلامي نتيجة صراعات على السلطة بين السلاجقة والفاطميين وبين السلاجقة أنفسهم. وقتل الصليبيون فور دخولهم القدس قرابة 70 ألفاً من المسلمين وانتهكوا المقدسات الإسلامية. وقامت في القدس في ذلك التاريخ مملكة لاتينية تحكم من قبل ملك كاثوليكي فرض الشعائر الكاثوليكية على المسيحيين الأرثوذكس مما أثار غضبهم.

- العصر الإسلامي الثاني : استطاع صلاح الدين الأيوبي استرداد القدس من الصليبيين عام 1187م بعد معركة حطين، وعامل أهلها معاملة طيبة، وأزال الصليب عن قبة الصخرة، واهتم بعمارة المدينة وتحصينها . ولكن الصليبيين نجحوا في السيطرة على المدينة بعد وفاة صلاح الدين في عهد الملك فريدريك ملك صقلية، وظلّت بأيديهم 11 عاماً إلى أن استردّها نهائياً الملك الصالح نجم الدين أيوب عام 1244م .

- عهد المماليك : تعرّضت المدينة للغزو المغولي عام 1243/1244م، لكن المماليك هزموهم بقيادة سيف الدين قطز والظاهر بيبرس في معركة عين جالوت عام 1259م، وضمّت فلسطين بما فيها القدس إلى المماليك الذين حكموا مصر والشام بعد الدولة الأيوبية حتى عام 1517م .

- الحكم العثماني : دخلت جيوش العثمانيين فلسطين بقيادة السلطان سليم الأول بعد معركة مرج دابق (1615 - 1616م) وأصبحت القدس مدينة تابعة للإمبراطورية العثمانية . وقد أعاد السلطان سليمان القانوني بناء أسوار المدينة وقبة الصخرة . وفي الفترة من عام 1831 - 1840م أصبحت فلسطين جزءًا من الدولة المصرية التي أقامها محمد علي، ثم عادت إلى الحكم العثماني مرة أخرى . وأنشأت الدولة العثمانية عام 1880 متصرفية القدس، وأزيل الحائط القديم للمدينة عام 1898 لتسهيل دخول القيصر الألماني وليام الثاني وحاشيته أثناء زيارته للقدس . وظلّت المدينة تحت الحكم العثماني حتى الحرب العالمية الأولى التي هزم فيها الأتراك العثمانيون وأخرجوا من فلسطين .

- الاحتلال البريطاني : سقطت القدس بيد الجيش البريطاني في 8 - 9/12/1917 بعد البيان الذي أذاعه الجنرال البريطاني اللنبي، ومنحت عصبة الأمم بريطانيا حق الانتداب على فلسطين، وأصبحت القدس عاصمة فلسطين تحت الانتداب البريطاني (1920 - 1948). ومنذ ذلك الحين دخلت المدينة في عهد جديد كان من أبرز سماته زيادة أعداد المهاجرين اليهود إليها خاصة بعد وعد بلفور عام 1917 .

- مشروع تدويل القدس : أحيلت قضية القدس إلى الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، فأصدرت الهيئة الدولية قرارها في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947 بتدويل القدس .

- إنهاء الانتداب البريطاني : في عام 1948 أعلنت بريطانيا إنهاء الانتداب في فلسطين وسحب قواتها، فاستغلت العصابات الصهيونية حالة الفراغ السياسي والعسكري وأعلنت قيام الدولة (الإسرائيلية) . وفي 3 كانون الأول (ديسمبر) 1948 أعلن ديفيد بن غوريون رئيس وزراء "إسرائيل" أن القدس الغربية عاصمة للدولة (الإسرائيلية) الوليدة، في حين خضعت القدس الشرقية للسيادة الأردنية حتى هزيمة حزيران (يونيو) 1967 التي أسفرت عن ضم القدس بأكملها لسلطة الاحتلال الصهيوني .

جغرافية القدس :

تقع مدينة القدس على خط طول 35 درجة و13 دقيقة شرق خط غرينتش، وخط عرض 31 درجة و52 دقيقة شمالاً، وتقع على سلسلة من التلال تميل من الغرب إلى الشرق ويتراوح ارتفاعها عن سطح البحر بين 720 و830 متراً، ونحو 1150 متراً عن سطح البحر الميت . وتبعد المدينة عن البحر المتوسط 54 كم، وعن البحر الأحمر 250 كم تقريباً .

طرق المواصلات :

تربط القدس عدة طرق ممهدة بكبريات المدن الفلسطينية وبعض العواصم العربية، فهي تبعد عن عكا 150 كم، وعن نابلس 65 كم، وعن الخليل 36 كم، وعن يافا 62 كم، وعن غزة 94 كم، وعن العاصمة الأردنية عمان 88 كم، وعن دمشق 290 كم، وعن القاهرة 528 كم، وعن بغداد 865 كم .

النواة الأولى : كانت النواة الأولى لمدينة القدس - كما تشير الحفريات - على تلال الضهور أو تل أوفل المطل على قرية سلوان من الجنوب الشرقي للحرم المقدسي الشريف، وكانت تقدر مساحتها آنذاك بـ 55 دونماً تسقيها عين أم الدرج . وبمرور الزمن أخذت المدينة تتوسع شيئاً فشيئاً ناحية مرتفع بيت الزيتون (بزيتا) في الشمال الشرقي، ومرتفع ساحة الحرم (مدريا) في الشرق، ومرتفع صهيون في الجنوب الغربي، وهذه المرتفعات كلها أصبحت اليوم تقع في داخل السور أو ما يعرف بالبلدة القديمة، ومساحتها حوالي كيلومتر مربع واحد، وهي التي توجد فيها المقدسات الخاصة بالأديان السماوية الثلاثة .

القدس الشرقية :

القدس القديمة أو كما يطلق عليها القدس العتيقة هي تلك الموجودة داخل سور سليمان القانوني، ومساحتها 8.71 دونمات (الدونم = 1000م2)، وطول السور 4.20 كم، وتقوم على أربعة جبال هي : الموريا، وصهيون، وأكرا، وبزيتا . أما الحرم القدسي الشريف فيقع في الجنوب الشرقي للقدس القديمة فوق جبل الموريا .

و(القدس الشرقية) هي نفسها القدس القديمة مضافًا إليها الأحياء التي أقامها المسلمون خارج السور مثل : حي الشيخ جراح، وحي باب الساهرة، وحي وادي الجوز، وظهر هذا الاسم نتيجة التركيز السكاني قبل قيام الدولة الصهيونية عام 1948 حيث تركز المسلمون بأغلبية كبيرة في القسم الشرقي في حين تركز اليهود في القسم الغربي .

- القدس الغربية : أما القدس الغربية فهي القدس الجديدة التي نشأت في ظل الانتداب البريطاني على فلسطين لتستوعب الهجرات اليهودية المتتالية، وقد اتسعت اتساعًا كبيرًا، وضمّها البريطانيون إلى الحدود البلدية للقدس عام 1946، فصارت مساحة القدس كلها 19 كيلومترا مربعا، أي أكثر من عشرين ضعفًا من القدس العتيقة.

- القدس الموحدة : يستعمل اليهود مصطلح (القدس الموحدة) للدلالة على القدسين معاً الشرقية والغربية، لأن المدينة انقسمت عقب حرب سنة 1948 فسيطر الصهاينة على الجانب الغربي منها واحتفظ الجيش الأردني آنذاك بالجانب الشرقي. وحين سيطر اليهود على القدس كلها يوم 7 حزيران (يونيو) سنة 1967 وحّدوا المدينة وأصروا على فكرة (القدس الموحدة عاصمة أبدية لـ "إسرائيل") .

- القدس الكبرى : هي القدس الموسعة التي يحاول الصهاينة بها صنع هوية للمدينة تنمحي معها هويتها الإسلامية، فتبدو الأغلبية السكانية اليهودية كاسحة، وتصبح مساحة الأرض التي يسيطر عليها العرب صغيرة جداً بالنسبة لما يسيطر عليه اليهود . ويستهدف مشروع القدس الكبرى تطويق الأحياء العربية في المدينة القديمة وفصلها عن الأحياء العربية القائمة خارج السور، مما يسبب صعوبة كبيرة للسكان تدفعهم إلى الهجرة خارج مدينتهم .

و لم يعد موضع المدينة القديمة يستوعب السكان والمباني السكنية، فامتد العمران خارج السور الذي بناه السلطان سليمان القانوني عام 1542 في جميع الجهات، وأنشئت الأحياء الحديثة فيما عرف بالقدس الجديدة، بالإضافة إلى الضواحي المرتبطة بالمدينة والتي كانت في الماضي قرى تابعة لها ثم اتصلت بها مثل قرية شعفاط وبيت حنينا وسلوان وعين كارم.

سكان القدس :

تشير الإحصاءات الصهيونية الرسمية الصادرة نهاية عام 2000 إلى أن تعداد السكان في المدينة ارتفع بنسبة 2 % من إجمالي السكان البالغ 646.3 ألف نسمة، بينهم 436.7 ألف يهودي بنسبة 67.6 %، في حين يبلغ عدد السكان العرب 209.5 آلاف عربي بنسبة 32.4 % .

وتبلغ الزيادة الصافية للسكان بعد حساب الولادات والوفيات والمهاجرين من وإلى المدينة 12600 نسمة، نصيب اليهود منها 2900 نسمة، في حين بلغت الزيادة العربية 9700 . وبهذا فإن نسبة نمو السكان اليهود في القدس هي 0.7 % بينما هي عند السكان العرب 4.7 % .

وتعمل الحكومة الصهيونية - كما تقول الدكتورة سارة هيرشكوبيتس رئيسة قسم التخطيط الاستراتيجي في بلدية القدس الصهيونية - على ألا تتعدى نسبة العرب بالمدينة 28 % . وتحاول الحكومة الصهيونية زيادة عدد اليهود في المدينة بطرق عدة، منها على سبيل المثال العمل على إحلال اليهود محل العرب الذين هدّمت منازلهم بحجة البناء دون تصريح.

وتشير إحصائيات بيت الشرق لعام 1999 في هذا الصدد إلى هدم أكثر من ألفي منزل منذ عام 1967، مما خلق ظروفاً صعبة للفلسطينيين حيث يسكن معظمهم في منازل مكتظة. ومن الوسائل الأخرى التي تتخذها سلطات الاحتلال لإجبار المقدسيين على الهجرة من مدينتهم، عدم منحهم تصاريح بناء إلا فيما ندر. وتشير المصادر الفلسطينية في هذا الشأن إلى أن بلدية القدس تمنح تصريح بناء واحداً لكل ستة أشخاص في القدس الغربية، في حين تمنح هذا التصريح لكل 42 شخصاً في القدس الشرقية، مما أدى إلى بناء أكثر من ستة آلاف منزل فلسطيني جديد دون تصاريح، الأمر الذي يجعلها معرّضة للهدم في أي لحظة .

فعلى سبيل المثال لم يكن لليهود عام 1967 أي وحدة سكنية، في حين كان للعرب 12010 وحدات، وارتفع هذا العدد إلى 21490 وحدة عام 1995 في مقابل 38534 وحدة في العام نفسه .

- القدس الشرقية : زاد الفلسطينيون في القدس الشرقية بنسبة 5 % عام 1999، وأظهر إحصاء أجرته الدائرة الفلسطينية للإحصاء في العام نفسه أن عدد الفلسطينيين الذين يعيشون حالياً في القدس الشرقية التي احتلتها دولة الكيان الصهيوني عام 1967 يبلغ أكثر من 348 ألفاً، في مقابل نحو 331 ألفاً في عام 1998.

وتزعم دولة الكيان التي أعلنت ضمّ القدس باعتبارها عاصمتها (الأبدية) أن عدد الفلسطينيين في المدينة لا يتجاوز 180 ألفاً، وذلك في محاولة منها لتغيير الطابع الديمغرافي للمدينة. وتتوقع دائرة الإحصاء الفلسطينية أن يصل عدد الفلسطينيين في القدس الشرقية إلى نحو نصف مليون نسمة بحلول عام 2010 .

وأظهر الإحصاء أن المناطق السكنية الفلسطينية في المدينة تشكل 10.7 % من مساحتها الكلية، في حين تشكل المستوطنات اليهودية التي أقيمت على أراض احتلت في عام 1967 نحو 2.7 % . وصادرت قوات الاحتلال نحو 85 % من أراضي القدس التي تبلغ مساحتها نحو 338 ألف دونم، وحظرت على الفلسطينيين الإقامة فيها .

القدس في مفاوضات التسوية :

رفض العرب قرار التقسيم الذي أصدرته الأمم المتحدة عام 1947 بما يحويه من تدويل لقضية القدس، أما اليهود فقد رحبوا به لكنهم أصروا في الوقت نفسه على الحيلولة دون تنفيذ قرار التدويل .

وفي الحربين 1948 و1967 تمكّنت دولة الكيان الصهيوني من السيطرة على القدس بأكملها (الشرقية والغربية) وضاعفت مساحة القدس لتصبح مائة كيلو متر مربع بدلاً من أربعة كيلومترات مربعة كما كان الحال قبل 1948 . ولضمان وجود غالبية يهودية كبيرة ضمن حدود بلدية القدس أقدمت سلطات الاحتلال على ضمّ القرى العربية المجاورة ضمن حدود القدس . ويجري التفاوض الآن حول حدود القدس القديمة التي تضمّ الأماكن المقدسة، ومساحتها لا تتعدى كيلومتراً واحداً فقط من مساحة القدس، وإذا علمنا أن مساحة القدس الشرقية 73 كيلومتراً مربعاً تقريباً يتبين لنا ما آلت إليه قضية القدس عبر مسيرة المفاوضات .

والتفاوض لا يتم على هذا الكيلومتر المربع بأكمله ولكن على إدارة الحي العربي فيه، وتجدر الإشارة هنا إلى أن البلدة القديمة تنقسم إلى خمسة أحياء : الحي الإسلامي والحي المسيحي (يطلق عليهما الحي العربي) والحي اليهودي (أقيم بعد حرب 1967 على أرضٍ ملك أوقاف إسلامية) والحي الأرمني، وباحة الحرم القدسي الشريف، وهذه الأحياء الخمسة موزعة على كيلومتر مربع واحد فقط .

كامب ديفيد الثانية :

طرحت قضية القدس ضمن قضايا الحل النهائي التي جرى التفاوض بشأنها في مباحثات كامب ديفيد الثانية التي جمعت رئيس الوزراء الصهيوني (إيهود باراك) ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات ورئيس الولايات المتحدة الأميركية (بيل كلينتون) . واقترحت دولة الكيان الصهيوني والولايات المتحدة أن تمنح السلطة الفلسطينية السيادة على الحي العربي (المسيحي والإسلامي) ومساحته لا تتعدى ثلث كيلومتر مربع فقط، ولم توافق دولة الكيان على طرح مسألة القدس القديمة بأكملها ولا بلدية القدس ولا القدس الشرقية .

أما السيادة على الحرم القدسي الشريف فقد طرحت في صيغ عدة عبر مسيرة التفاوض كان آخرها في كامب ديفيد الثانية، حيث اقترح الجانب الصهيوني على المفاوضين الفلسطينيين سيادة فوق أرض الحرم في حين ترجع السيادة على ما تحت القشرة الأرضية للكيان الصهيوني !، ورفض المفاوضون الفلسطينيون هذا الاقتراح خوفاً من إكساب صبغة شرعية لعمليات الحفر التي تقوم بها جماعة أمناء الهيكل أسفل الحرم، وقد عجّل هذا الرفض بفشل المفاوضات التي استمرت أسبوعين، مما أدى - مع أسباب أخرى - إلى انفجار انتفاضة الأقصى .

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

أطفال فلسطين يعلون ظهر دبابات الاحتلال لاعبين

والجنود يختبئون داخلها ويربطون معداتهم وأسلحتهم خوفا من وقوعها بأيدي الأطفال

القدس المحتلة - خاص

زوبعة وردود فعل غاضبة من صور نشرتها التلفزة الصهيونية أمس ظهر فيها أطفال يضربون الدبابات الصهيونية ويتسلقون عليها ويحطمون ما وجدوا على سطحها .

وقال ضابط صهيوني كبير في أعقاب نشر الصور التي بثت في التلفزيون والتي يظهر فيها أطفال فلسطينيون يتسلقون على الدبابات و أنصاف المجنزرات في مدينة نابلس هذه الحالات "إن كل طفل فلسطيني يتسلق دبابة يجب أن نضربه، لأن هذا الطفل يستطيع أن يلقي زجاجة حارقة داخل الدبابة وهو يشكل خطرا. فقط قبل عدة ساعات أطلقنا النار على فلسطيني ألقى زجاجة حارقة على دبابة".

وقالت مصادر عسكرية إن الجنود لا يغادرون الدبابات والمجنزرات خلال تجولهم في المدن والمخيمات الفلسطينية خوفاً من القناصة الفلسطينيين مما يتيح المجال للأطفال بتسلق الدبابات وأنصاف المجنزرات وسرقة الذخيرة والمعدات العسكرية المكشوفة على ظهر تلك الآليات العسكرية ..

وبهذا الصدد تلقى الجنود تعليمات بإدخال كل المعدات الى داخل المجنزرات من أجل الحيلولة دون وقوع حالات مشابهة. وإضافة الى ذلك بدأ بعض الجنود بربط المعدات بالمجنزرات بواسطة الحبال من أجل الحيلولة دون وقوعها غنائم في أيدي أطفال الحجارة .

وتلقى الجنود الذين يعملون في المدن الفلسطينية على متن مجنزرات تعليمات حول كيفية التحرك ومساعدة الواحد الآخر في الرقابة من أجل ضمان عدم اقتراب فلسطينيين الى الآليات، المجنزرات التي يتنقلون بها.

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 3 شهور...

هكذا يربي الإسرائيليون أبناءهم

رام الله ـ أشرف سلفيتي

صحيفة البيان الإماراتية 5/2/2003

أقامت "إسرائيل" ومعها الصهيونية العالمية الدنيا ولم تقعدها قبل شهور من أجل مسلسل تلفزيوني قالت: إنه يتسبب في كراهية الأطفال المصريين لـ"إسرائيل".كيف إذن يربي الإسرائيليون أبناءهم؟ هل يلقنونهم دروس حب العرب؟!

سوانا صفر

"لقد علموك منذ أن كنت صغيراً فن الحرب وزرعوا فيك مشاعر التعصب والحقد على العرب، وأرادوا لك أن تحقد بكل ما أوتيت من قوة على العرب الذين أعدوك لمحاربتهم، لكي لا ترتجف يداك عندما تضغط على الزناد، وعندما دخلت المدرسة الابتدائية كان هناك من قرر بعد اثنتي عشرة سنة أنك ستكون جندياً، لذلك ستتركز تربيتك منذ الآن على تعلم الحرب، وبدأ ذلك بتنمية مشاعر التفوق القومي فيك مع ما لك من رصيد في ماضيك من إهانة لقيم الشعب الآخر. «نحن فقط.. وسوانا صفر» هذا ما استنتجته بحق من مادة التدريس» وهذا الشيء في مجال السياسة معناه «لنا كل البلاد ومن سوانا لا وجود لهم ما اتفه العرب: - هكذا بدو في عينيك بالقياس الى كل هذا المجد.

وعندما بلغت سن الرشد علموك عن الطبيعة السيئة للعربي الذي لا يفهم إلا لغة القوة والقسوة، والمستعد دائماً أن يقضي عليك بلا رحمة فرددت وراءهم عبارة حكمائنا «الذي ينوي قتلك سارع إلى قتله» لأنه لا يوجد لك خيار طبعاً. لهذا فإن السلام سيأتي فقط بعد أن ننتصر على العرب في الحرب لأنهم لا يفهمون إلا لغة القوة».

كلمات المحامية الإسرائيلية (فيليتسيا لانغر) مخاطبة الشباب اليهودي الذي يهدم بيوت العرب في الأراضي المحتلة معبرة بذلك وبصدق عن واقع التربية الصهيونية في "إسرائيل".

سموم

في العام 1946 زارت فلسطين لجنة تحقيق إنجليزية أميركية لتتحقق حول أساليب التربية الصهيونية وخلصت من التحريات التي أجرتها بأن المدارس اليهودية، و هي تحت اشراف الطائفة اليهودية وتدار بأموالها، قد أصبحت مشبعة بروح قومية ملتهبة، وغدت وسائل فعالة بالغة الأثر لبث روح القومية العبرية العدوانية. وفي العام 1959 وجه المجلس الأميركي لليهودية في مؤتمره السنوي الخامس عشر المؤسسات التعليمية اليهودية لتجرد مناهجها من الطابع الصهيوني والقومية اليهودية المتطرفة التي تنادي بها الصهيونية.

وخلال مناقشات الكنيست في العام 1975 وصف النائب (مائير فلنر) التربية الصهيونية في "إسرائيل" بقوله: «إن التربية الصهيونية في "إسرائيل" تسعى إلى ترسيخ مشاعر التعالي القومي والعنصرية -ومعاداة العرب- والروح العسكرية وانكار حقوق الآخرين.. إن كل سياسة الحكومة الإسرائيلية غير إنسانية، بما في ذلك سياستها تجاه تربية أولادنا.

وتحت عنوان «سموم من الغلاف إلى الغلاف» كتب الإسرائيلي (رامي ليبنه) مراجعة لكتاب «استقلال إسرائيل» الذي عد أساسياً لتدريس التاريخ كنموذج واحد من جملة الكتب المدرسية في "إسرائيل". ولكثرة التحريف والتزييف الذي وجده فيه كتب قائلاً: «هناك طريق واحد لتفهم السبب الذي يجعل من أبناء البلاد الطيبين لاذعين إلى هذا الحد. هناك إمكانية مجربة للوقوف على دوافع التشوه النفساني الكبير الذي يعاني منه الكثيرون من شباب المستقبل. ببساطة يجب أن نفتح دفاتر الرسم لنرى الموضوع الذي رسموا فيه الدرس الأخير. ولا شك أن هذه المتفجرات «الكتب» التي يحملها الأولاد في حقائبهم والتي خصصت لنسف كل امكانية تفاهم يهودي عربي تشير إلى وجه تطور الجيل الناشئ، ويجب أن نطلع على هذه الأمور حتى لا نفاجأ في المستقبل من الظواهر الوحشية التي تنشأ نتيجة لهذه الكميات الضخمة من السموم.

أما (تسفي ادار) عميد كلية الآداب السابق في الجامعة العبرية، فيقول: بينما تقوم التربية القومية على أساس التربية الإنسانية الواسعة الشاملة فإن خطة التوعية اليهودية تسعى إلى خصوصية الشعب اليهودي ونتيجة لذلك تشوه التربية اليهودية وتتحول إلى تربية من أجل خلق التعصب القومي بتربية شوفونية عدوانية موجهة وهذا يتناقض مع جوهر التربية.

واعتبر الأديب الإسرائيلي (يزها سيملانسكي) أسلوب التربية الصهيونية خليطاً من الضغط والإغراء بهدف الحصول على تغيير مقصود في الإنسان لأن هذا التعليم الموجه ليس إلا عمليات غسيل دماغ كريهة وإرغاماً وإغراء على إغلاق العقول.

مقاطع التلمود

يقول الدكتور إبراهيم أبو جابر رئيس مركز الدراسات المعاصرة في مدينة أم الفحم إن الديانة اليهودية تعتبر مصدراً مهماً من مصادر الفلسفة التربوية عند اليهود، إذ اعتمدت التربية اعتماداً كبيراً على الدين في سبيل تشكيل أجيال متشبعة بتعاليم التوراة والتلمود، ومن أجل ترسيخ مفاهيم معينة في نفوس الناشئة اليهود. و يضيف: تهدف التربية الدينية إلى تربية الطفل جسدياً واجتماعياً وانفعالياً وعقلياً عن طريق قصص من التوراة وأسفارها. وفي هذا يقول حاييم وايزمن أول رئيس لدولة "إسرائيل": «عندما بلغت ما لا غنى عنه لأي طفل يهودي، وخلال السنوات التي قضيتها في مدارس الدين تلك، كان عليّ أن أدرس أشياء من أصول الديانة اليهودية، والذي ملك عليّ قلبي هو سفر الأنبياء».

وما يمكن ملاحظته وفقاً لأبي جابر هو الاهتمام الكبير بتدريس المواد الدينية في جميع مراحل التعليم لأبناء اليهود أينما وجدوا، حيث تأتي مادتا التوراة والتلمود في مقدمة الدراسات، وتعتبر المادتان أساساً وإطاراً للغايات التربوية، حيث يقول (مائير بار إيلان) أحد مفكري التربية اليهودية: «إن روح التلمود ومعرفة عامة شرائعه وآدابه يجب أن تكون جزءاً من دراسة كل يهودي متعلم، حتى وإن لم يكن سيجعل من حقل الدراسة هذا مجالاً للعمل، والأمر شبيه بتعليم الفيزياء والرياضيات. فمع أنه ليس كل تلميذ يتخصص فيهما، ولا يستخدم جميع ما يتعلمه فيهما في حياته العملية، إلا أنهما ضروريتان له، كذلك بالنسبة للتلمود يجب أن يحفظ كل تلميذ مقاطع معينة منه وأن يتشرب روحها».

وقد أصدر الباحث الإسرائيلي الدكتور (ايلي فودا) مؤخراً دراسة تتقصى الخلفية والبعد العنصريين في الكتب المدرسية الإسرائيلية المعتمدة في المراحل الابتدائية والاعدادية والثانوية.

هذه الدراسة التي صدرت عن الجامعة العبرية في مدينة القدس، غطت 60 كتاباً مدرسياً على مدار الأربعين سنة الماضية، وتستغرق في التحريض العنصري ضد العرب وتقذفهم بالتهم نفسها التي كان اليهود يقذفون بها في القرون الوسطى في أوروبا والتي شهدت مرحلة ما يسمى بمحاكم التفتيش التي طاولت اليهود حصراً.

الباحث الدكتور (ايلي فودا)، ضمّن دراسته تحليلاً عميقاً وموثقاً للكتب التعليمية الإسرائيلية، والتي يصفها بأنها قادت إلى تكوين أفكار مسبقة عن العربي الموصوف في الكتب بأنه «غشاش» و«متخلف» و«لص»، يستحيل التعايش معه. وتقول الدراسة: إن مناهج التعليم الإسرائيلية تمحورت فقط حول تاريخ «أرض إسرائيل» والصراع مع العرب من منظور محدد لا يستعمل سوى مصطلحات القاموس السياسي الإسرائيلي، وقد وضعت هذه الكتب وفقاً لمناهج شرعها مؤلفون يجهلون كل شيء عن العرب تقريباً، ولذلك تتضمن الكتب التعليمية تلك حقائق مشوهة ومزورة في أحيان كثيرة، ليس بسبب الخضوع مسبقاً للأيديولوجيا السياسية بل نتيجة انعدام المعرفة بالحياة العربية والإسلامية وبالمكونات التاريخية للمنطقة.

ويورد الباحث الإسرائيلي الدكتور (ايلي فودا) 12 قصة يعتبرها محطات بارزة في التكوين التربوي الذي اعتمدته "إسرائيل" في كتب التاريخ، ويدعم الباحث دراسته بنصوص وصور ورسوم للكاريكاتير تظهر كيفية اخضاع التاريخ لـ «السياسة الإسرائيلية» وبحيث تظهر هذه النماذج عمق النظرة العنصرية إلى العرب، وبصورة يشير فيها المؤلف ألى أن الفتاة الإسرائيلية «تاتيانا سوسكين» التي أساءت في العام 1997 عبر رسومات بذيئة إلى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ليست حالة استثنائية أو هامشية في المجتمع الإسرائيلي، بل هي إفراز طبيعي للحقن العنصري الذي قامت عليه "إسرائيل".

وتظهر الدراسة كيف أن العربي يتميز بالظلم والعدوان، وأن اليهود ضحية، ومعظم هذه الكتب تركز كثيراً على انتصار الأقلية الإسرائيلية على الأكثرية العربية في جوار فلسطين، وأما تشريد الفلسطينيين من أراضيهم في العام 1948، فلا يوجد له أثر في الكتب التعليمية الإسرائيلية.

وتقول الدراسة، إن "إسرائيل" عملت على صناعة تربوية كاملة هدفها الفصل بين تاريخ ممنوع وتاريخ مسموح، وذلك في سياق بناء الشخصية الإسرائيلية، وبشكل غدت معه الكتب المدرسية عارية من الحقائق العلمية ومستغرقة بالميتولوجيا، وقد استصلحت كتب التاريخ أساطير ورموزاً أخذت من الذاكرة اليهودية الجمعية، وساعدت في إيجاد صورة للماضي وتدوينها والتعامل معها كحقيقة تلبي احتياجات الحاضر.

ويقتبس المؤلف ما ورد في منشورات وزارة التعليم الإسرائيلية في العام 1985 حول الغاية من تعليم التاريخ وجاء «أن الهدف الأعلى من تعلم التاريخ تنمية مشاعر التضامن الوطني»، ومن خلال ذلك جردت كتب التاريخ الإسرائيلية العرب والمسلمين من كل نزعة إنسانية وإيجابية.

شطب آية من القرآن الكريم!

يستغرب أحمد اكتيلات مدرس التربية الإسلامية في مدرسة دبورية الثانوية من المفارقة الحاصلة بالنسبة لتدريس الدين في الثانويات العربية إذ أن تعليم الدين اليهودي مطلب اجباري للطلاب العرب في حين أن الدين الإسلامي لا يعرض في المدارس اليهودية ولو اختيارياً. ويضيف أن مضمون مناهج الدين الإسلامي التي وضعتها وزارة المعارف والثقافة الإسرائيلية للعرب المسلمين في "إسرائيل" منفر للطلاب لأنها فقط تركز على التكاليف والعبادات وهي الأمور الثقيلة على النفس ولا ترغب وتحبب الطلاب بالدين مثل الحديث عن الجنة والثواب.

كما أن كتب الدين الإسلامي لا تتضمن الآيات التي تتحدث عن اليهود ففي العام 1989 وردت آية «مثل الذين حمّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً...» من سورة الجمعة في كتاب الدين الإسلامي فأمرت الوزارة بشطب الآية من الكتاب وهكذا كان. وحتى علامة الدين الإسلامي في التوجيهي لها شروط خاصة.

ويخلص المحامي أسامة حلبي إلى أن الواقع يثبت أن برامج التعليم في المدارس العربية لم تخرج عن نطاق أهداف التعليم الرسمي كما حددتها المادة الثانية من قانون التعليم الرسمي في "إسرائيل"، والادعاء القديم بوجود تمييز مقصود ضد المواطنين العرب في مناهج التعليم ومحتوياتها ما زال صحيحاً. فمراجعة هذه النماذج تقود إلى نتيجة أنها تتجاهل المطالب والحاجات الحقيقية للمواطنين العرب كأبناء أقلية لها تراثها وانتماؤها القومي. فهي تشتمل على تدريس تاريخ الشعب اليهودي القديم والحديث بصورة موسعة، بما في ذلك تاريخ الحركة الصهيونية والهجرة اليهودية إلى فلسطين في حين أفرغت موضوعات التاريخ والأدب العربي من كل العناصر والرموز التي تعطي الطالب العربي شعور الاعتزاز بتراثه وتاريخه وانتمائه القومي. ولا تنكر وزارة المعارف والثقافة أن السبب هو خشيتها أن تثير هذه الموضوعات والعناصر والرموز الشعور القومي لدى المواطنين العرب.

إنتاج الإرهاب

«إن جميع الجنود ممن يؤدون الخدمة العسكرية في المناطق المحتلة أولئك الشباب الذين يسكنون "أور يهودا" حيث عمليات إحراق العمال العرب إن ذلك كله نتاج مدرستنا نتاج البرامج التعليمية نتاج التربية الرسمية وغير الرسمية ولكن للتربية الرسمية نصيب الأسد في ذلك. إذ لم ترد كلمة واحدة في البرنامج التعليمي لليهود حول التطلع للسلام بين "إسرائيل" وجاراتها فمثلاً من منا يذكر كتاباً واحداً في الجغرافيا فيه اسم جبل باللغة العربية لا وجود لها على الإطلاق الطلاب يتعلمون ذلك، وكأنه خلق هكذا الأسماء العربية لا وجود لها على الإطلاق أنا لا أتكلم عن قرى عربية تم محوها... لا يذكرونها قطعاً، هل هذه تربية؟ وماذا يعني كل هذا؟ لا توجد في الصفوف إطلاقاً، خرائط تشمل الخط الأخضر أرض "إسرائيل" الكاملة في جميع الخرائط بما فيها القدس والجولان والضفة الغربية وقطاع غزة كجزء من دولة "إسرائيل"».

هذا ما قالته الدكتورة الإسرائيلية (تسيبورا شاروني) مخاطبة جمهور الحضور ضمن يوم دراسي عن التوجه القومي في برامج التدريس في المدرسة العبرية.

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 5 سنة...

للرفع

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...