الأفوكاتو بتاريخ: 17 نوفمبر 2005 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 17 نوفمبر 2005 نشأة الدساتير: عند الحديث عن الدستور, فإن هناك من يعتقد أن الدستور هو شيئ يختلف عن القانون, حتى لقد سألنى أخ عزيز فى المنتدى عن الفرق بين القانون و الدستور. ولكن , فى الواقع , فالدستور هو قانون مثل بقية القوانين, و لكن ما يجعله قانونا خاصا و مختلفا عن بقية القوانين , أنه يختلف من حيث الباعث و النشأة, و من حيث الغرض, و من حيث المضمون. و مادمنا قد بدأنا بالقول أن الدستور ليس إلا قانون, إذن, فمن الواجب أن نشرح ما هو القانون, و كيف تطور النظام القانونى, الى أن أصبح ما هوعليه الآن. و نظرا لضيق المساحة المتاحة للشرح, فاليكم شرح هذا الجزء بايجاز شديد. القانون هو مجموعة المبادئ التى تحكم تصرف الشخص الذى يعيش فى مجتمع معين, ليس للسيطرة عليه و على مقدراته, و إنما لكى يعيش فى أمان مع بقية أفراد المجتمع. هذا التعريف ليس أكاديمى, كما أنه ليس مستفيضا, و لكن يكفى للعبور الى السؤال التالى: من يصنع القانون؟ بدأ القانون فى البشرية بقوانين الغاب, التى تطورت لكى تصبح قوانين جوار. و من المؤكد أن الأسرة بمعناها ألواسع كانت هى نواة القانون, فرب الأسرة , الأقوى, و الأكبر سنا, يحدد كيف يتعامل أفراد الأسرة معه, و مع بعضهم بعضا. عندما توسعت المجتمعات, تكونت القبائل, ثم المدن, ثم دويلات, ثم دول. و لكن لم يتغير إسلوب الحياة, فهناك دائما يوجد شخص من سلطته أن يقول للرعية ما هو المسموح, و ما هو المرغوب, و ما هو الممنوغ, كما حدد السلطان, أو كبير القوم, أو كما تشاء تسميته, ما هى العقوبة التى ستقع على المخالف, و الفائدة التى تعود على الموافق. هذه الأوامر و النواهى لم يخترعها السلطان, بل تواجدت على مر الزمان عن طريق العادات, ثم الأعراف, التى تحولت فى العصور الحديثة الى قوانين, بل أن القانون الإنجليزى يستمد أكثر من نصفه من أحكام قضائية قديمة أساسها العادات المحلية, و تطورت أثناء التطبيق, و كانت كلها مبنية على العرف.و إسم هذا الجزء من القانون الإنجليزى هو: Common Law أى القانون المبنى على أمور مُتعارف عليها. و تعريف العرف هو:القاعدة التى " يتعارف " الناس على إتباعها كلما حل ظرف معين, و يتوالى إتباع هذه القاعدة كلما تكرر هذا الظرف, ويقال فى هذه الحالة أن مصدر هذه القاعدة هو ما تعارف الناس عليه, أى" العرف". عندما يحتضن "العرف" حاكم قوى, و يطبقه, و يجعله قانونا للبلاد, فإن هذا القانون سيظل عرفيا ألى أن يتم تقنينه بمعرفة المؤسسات التى ينتخبها الشعب , بطريقة تجعله معروفا و مفهوما من العامة. متى أخذ القانون هذا المظهر الشكلى, تمت تسميته بالقانون الوضعى, أو التشريع, أو التقنين. أو القانون التشريعى( خلافا للقانون العرفى) مرت جميع الدساتير بهذه المرحلة, فالدستور الإنجليزى لا يوجد فى مجلد واحد, و لم يصدر كله من البرلمان, بل كانت له مصادر متعددة, من معاهدات دولية , الى أوامر ملكية, الى أحكام قضائية..... الخ و لذا ظل الدستور الإنجليزى عرفيا. نعود الى الدستور بصفة عامة. و لا يمكن الحديث عن الدستور بدون الإشارة الى أن أكثر الثورات الدستورية كانت الى حد ما مدفوعة بالثورة على حكم فاشى أو إمبراطورى, أو ديكتاتورى., والرغبة فى إتباع نظام, أو أسلوب مختلف, يحقق الرفاهية, و الحرية, و العدل للشعب. فبينما يخاطب القانون المواطن العادى , ليشرح له ما له, و ما عليه, فإن الدستور لا يشرح تفاصيل هذه القوانين, و لكن يشرح أمورا أخرى, أكثرها موجها الى المجتمع العالمى كله. فدستور الدولة هو البورتفوليو الذى تذكر فيه الدولة شكل الحكم , و فلسفتة , و أمانى الشعب و لغته, و أحيانا دينه, بل أن الدستور الفرنسى نص فى مادته الثانية على أن فرنسا دولة ديمقراطية إشتراكية, دنيوية, Secular كذلك يبن الدستور كيف سيحكم الشعب نفسه, وما هى المؤسسات التى ستتولى الحكم.., من سيسن القوانين, كيفية إنتخاب رئيس الدولة, تشكيل الوزارة..... الخ. إذن فالدستور قد نشأ كتطوير لفكرة القانون نفسها, و لكن مخاطبا جمهورا آخرا, شارحاالقيود المفروضة , ليس فقط على الشعب, بل على النظام الحاكم تفسه. و تُعد الثورة الفرنسة من أول الأحداث التاريخية التى أدت الى إصدار أول دستور رسمى, فى شكل وثيقة وقع عليها أفراد المجلس التشريعى الذى تكون بعد الثورة.. فقد كانت الثورة الفرنسية هى ثورة على النظام الملكى الوراثى الذى فشل فى تحقيق العدالة و المساواة, و الأخاء. و من أشهر الحركات التحررية بقصد تكوين أمة, و ليس فقط لتحرير أرض من محتل أجنبى, هى الثورة الأمريكية, علم 1776 , التى أنهت الحكم البريطانى فى 13 مستعمرة فى شمال أمريكا, مؤدية الى حرب التحرير, و إنشاء الولايات المتحدة الأمريكية, و إدخال نظام جمهورى, على عكس نظام الحكم الملكى البريطانى. ( و قد تنكرت الإدارة الأمريكية الحالية لهذه المبادئ, فشجعت الإستعمار, و سمحت به لنفسها و لربيبتها إسرائيل) و قد توالت الثورات المؤدية الى إنشاء دساتير عديدة, و رغم أن أغلبها كُتب لكى يحقق الديمقراطية, إلا أن كثيرا منها كان كساء لإخفاء ممارسات ديكتاتورية قمعية, و خاصة فى المكسيك عام 1811. و قد تم إلحاق بلجيكا بالمملكة الهولاندية بناء على إتفاقيات تمت أثناءالحكم النابليونى, لكن ثورة البلجيك عام 1830 , أدث الى فصلها عن هولاندا, و أصدرت دستورها الخاص بعد ذلك. و فى خارج أوروبا, فقد قامت ثورات ضد الإمبراطورية العثمانية, ففى عام 1786 , أعلن على بك الكبير إستقلال مصر عن الحكم العثمانى, كما قامت ثورة فى اليونان, , بل أن تركيا نفسها نجحت فى إصدار قانو ن باستقلالها فى عام 1876 , و لكن السلطان عبد الحميد الثانى أوقف سريان هذا الدستور, و لم يُستأنف العمل به إلا بعد أن قامت ثورة الشباب التركى عام .1908 . و فى عام 1923, صدر فى مصر أول دستور عصرى فى المنطقة, و استمر العمل بهذا الدستور الى أن قامت ثورة جمال عبد الناصر, و بقية التاريخ معروفة للجميع. الخلاصة, أن دستور الدولة هو وثيقة تشرح هوية الدولة, و أيدولوجيتها, و طموحاتها, و تصف نظام الحكم, و كيفية تشريع القوانين, و تطبيقها فى المحاكم, و إدارة شئون البلاد اليومية, تاركة للقوانين الأخرى التفاصيل. لهذا يوصف الدستور بأنه " أُب القوانين" , كما يوصف أيضا بأنه " القانون الأساسى للدولة, الذى يحكم بقية القوانين". أية أسئلة فى هذا الموضوع سيتم الرد عليها فى هذا الباب. تقبلوا تحياتى. أعز الولد ولد الولد إهداء إلى حفيدى آدم: رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان