هي دي مصر يا عبله

[se_ Elsyed]

منذ يومين وأثناء تجولي بين محطات التليفزيون المصرية ... لف إنتباهي برنامج على القناة الثالثة وكان المذيع يستضيف فيه أحد أطباء جراحة المخ والأعصاب المصريين وإسمه د / محمد لطفي .. وكان معاه جاموسة صغيرة تقريباً لسه مولوده - عجل يعني - وكان الدكتور مسميها عبله - هي كده -

المهم .. حكى الطبيب قصة هذه الجاموسة التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه .. وحقق ذلك الطبيب إنجازاً عالمياً غير مسبوق في تاريخ الطب الحديث و القديم ..

- وتعود القصة منذ البداية .. عندما قرأ هذا الطبيب عن قصة جاموسة صغيرة وُلدت في أحدى مُدن محافظة الشرقية برأسين ملتصقتين على التوازي ...

وبحث هذا الطبيب في المراجع العلمية والتي تأكد من خلالها بإن حيوان الجاموس من أكثر الحيوانات الأليفة والمُنتجة مقاومةً للأمراض وللتشوهات الجنينية .. ولذلك يتمسك به الفلاح المصري تمسكاً شديداً منذ أن عرف المصريون الجاموس في القرن السابع الميلادي ...

- المهم ذهب الطبيب للفلاح صاحب هذه الجاموسة وإشتراها منه وأصطحبها إلى فيلته وبعد جهد جهيد إستطاع أن يجد لها طريقة لإرضاعها حتى بلغت من العمر 40 يوماً وبالتالي فطمها وأصبحت تعتمد على نفسها في الطعام ..

- في أثناء تلك الفترة كان الطبيب يذهب بشكل يومي إلى كلية الطب البيطري ليعرف أكثر عن أمراض الجاموس وعن تلك الحالة وهل هناك اي حالات مشابة مرت عليهم من هذا النوع .. فأكدوا له بالنفي ... وعن طريق مراسلة الجامعات البيطرية العالمية أستطاع الطبيب أن يحصل على تأكيدات منهم بإنها الحالة الأولى تاريخياً التي تولد فيها جاموسة برأسين ملتصقتين .. ولم يحدث أن قام أي طبيب بفصل رأسين لحيوان الجاموس من قبل .

- فبدأ رحلة التحضير لإجراء تلك الجراحة النادرة للجاموسة ... وكان أول شيء فعله هو التأكد من وجود فصيلة دم الجاموسة لدى بنوك دم الحيوان .. وقوبل طلبه بدهشة شديدة حيث أنه لا توجد مثل هذه الأشياء لديهم .. لإن ببساطة فصيلة دم الجاموس تنقسم إلى 14 مجموعة - سبحان الله - وبالتالي حاول الحصول على عينات من مراكز البحوث ومن مزارع الجاموس لمطابقتها مع فصيلة دم عبله .. فأستطاع في النهاية أن يحصل على لتر دم من نفس الفصيلة بالعافية - كمية الدم في الجاموسة الصغيرة حوالي 3 لتر –وبالتالي أصبح هناك دم كافي لتعويض أي فاقد أثناء العملية إلى جانب إستخدامه لمحاليل التغذية .

- .

- ثم أتى دور خطوة هامة في العملية وهي التخدير ... ولنا أن نعرف بإن الجاموس لديه أربعة أجزاء في معدته .. يقوم فيها بتخمير أكبر قدر من الطعام ومن ثم إسترجاعه مرة أخرى للإستفادة منه ... وبالتالي فأقصى مدة يمكن فيها تخديره هي 3 ساعات ... وإلا بعدها ستقوم المعدة بالإنتفاخ والضغط على الحجاب الحاجز الذي سيضغط على الرئتين فيختنق الحيوان ... ومن ثم تم تكوين فريقي عمل ، واحد للجراحة وأخر لفصل الشرايين الموصلة للمخ ... وأصبح الجميع في سباق مع الزمن لإنهاء تلك الجراحة قبل أن يفيق الحيوان ..

- وبالفعل أنجزوا ذلك في الوقت المحدد .. إلا أنهم إضطروا إلى إفاقة الحيوان وتخييط الجرح تحت المخدر الموضعي .

- وتم تصوير العملية الجراحية بالفيديو لعرضها على الجامعات العالمية المُختصة .. وأيضاً القنوات التليفزيونية المهتمة بمثل تلك المواضيع ( ولازم حتة كده مصري على الماشي وهما إنهم قطعوا صوت الراجل وهو بيقول أسماء تلك الجامعات ومحطات التليفزيون .. والظاهر إنه لما حركة شفايفة بينت مثلاً إسم قناة ديسكفري .. فده عيب أو حرام .. أو تخلف مثلاً ؟ ) واستجابت تلك الجهات المعنية وسيرسلوا فرق بحث علمي للإطلاع على تفاصيل تلك العملية الفريدة من نوعها على مستوى العالم .

- أهم نقطة في الموضوع والتي من أجلها تطوع هذا الرجل وتحمل كل تلك المشاق والتكاليف هي أنه تم تكوين فرق بحث علمي مختلفة لعمل مسح شامل للمنطقة التي تعيش فيها تلك الجاموسة والظروف البيئية والغذائية في تلك المنطقة والتي أدت إلى هذا التشوه الجنيني في حيوان قوي ومُقاوم مثل الجاموس ..

وبالتأكيد أن وصولهم إلى حقائق بيئية وغذائية أحاطت بالحدث سوف تنقذ الثروة الحيوانية من الضياع وستكون بمثابة جرس إنذار لتجنب مثل تلك الظواهر الغير صحية ، بالإضافة إلى أنها ستساعد في الإرتقاء بمستوى فرق الجراحة التي تقوم بفصل التوائم الملتصقة الآدميين لإن خطوات إجراء العملية هي نفسها بالضبط نفس الخطوات التي تم إتباعها في هذه الجراحة .

فتحية تقدير وأحترام لمثل هؤلاء الرجال الشرفاء الذين يعملون لوجه الله .. ولا يسعون وراء الشهرة والأضواء والتكريم ...

فهذا الطبيب هو طبيب مخ وأعصاب بشري.. كان ممكن يعدي على الخبر بمنتهه البساطة وكأن شيئاً لم يكن .. ولم يكن هناك أحد سيحسابة على تجاهلة لمثل هذا الخبر .. أو كان من الممكن أن يطلب من الدولة تمويل تلك العملية ويدخل في مزانق البيروقراطية والروتين وفوت علينا بكره يا سيد .

وفعلاً يا جماعة بلادنا بخير لكن مع الأسف هناك فئة ضالة تريد تحويل إنتباهنا عن مثل هذه الإنجازات وتستميت في التركيز على الهيافة والتفاهة السياسية والفنية .

[أسد]

شاهدت لقاء مع الدكتور / محمد لطفي على قناة دريم في برنامج العاشرة مساء من حوالي أسبوعين ، وكان يتحدث عن نفس الموضوع .. وكان هذا قبل إجراء العملية ..

وأوضح الدكتور / لطفي أنه أيضا من فوائد هذا المشروع البحثي . أنه سيستطيع تدريب الأطباء الشبان على متابعة مثل تلك الحالات , والتدرب على إجراء العملية المعقدة على حيوان .. ليكتسبوا مزيداً من الخبرة ..

شعرت من كلام هذا الرجل أنه شديد الإخلاص والصدق ..

علماً بأنه ليس من مشاهي رالأطباء . والذيت تتحدد شهرتهم بظهورهم المتكرر والكثير والعديد على شاشات التليفزيون .. وليس بأبحاثهم العلمية القيمة ..

تحية عظيمة لهذا الرجل ...