الرافعي بتاريخ: 6 ديسمبر 2005 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 6 ديسمبر 2005 أعزائي الكرام .. إليكم آخر ما كتبه الأستاذ فهمي هويدي اليوم وهو منشور في جريدة الخليج الإماراتية ، بعنوان قبل أن يكون الحل هو الحل .. قبل أن يصبح "الحل" هو الحل......................فهمي هويدي (1) سنواجه مشكلة كبيرة، إذا أصر البعض على استبقاء أجواء المعركة، بانفعالاتها ومراراتها، وغبارها الذي حجب عن الأعين الأهداف الكبيرة، وضيع منا “البوصلة” التي نهتدي بها لكي نصل بالمسيرة إلى بر الأمان والسلامة. وستكون مشكلتنا اكبر لو أن ميليشيات البلطجية اختفت من الشوارع، في حين استمر نظراؤهم في ممارسة الدور عبر وسائل الإعلام، حيث لا يخفى عليك أن الأخيرين أخطر بكثير من الأولين، لأن بلطجية الانتخابات تولوا ترويع وتخويف بعض الناخبين في دوائر بذاتها، أما ميليشيات وسائل الإعلام فإنها تشيع الترويع والتخويف في الوطن بأسره. في مواجهة هذا الموقف، فإننا لا نملك سوى أن ندعو الجميع إلى الارتفاع فوق المرارات والحسابات الصغيرة، والتعامل بمسؤولية مع المشهد الراهن، ووقف حملات الترويع والكيد، واضعين في الاعتبار أموراً أربعة هي: ان استمرار التراشق والاحتراب الأهلي يضيّع على الجميع فرصتهم التاريخية في الاحتشاد والضغط لمصلحة المضي في خطوات الإصلاح الديمقراطي. انه ليس مفهوماً ولا معقولاً أن ترتفع الأصوات مطالبة بضمان حرية الانتخابات ونزاهتها، ثم حين يسفر بعض الحرية المتاح عن فوز فئة من الناس لا يعجب البعض، نضيق بالنتيجة ونشهّر بها، وندعو إلى الانقلاب عليها. ان ما جرى حتى الآن ليس أكثر من تغيير نسبي في موازين القوى السياسية داخل مجلس الشعب، لم يمكن قوى المعارضة حتى من الفوز بثلث المقاعد، وهي النسبة المقدرة لطلب تعديل الدستور، ناهيك عن انه لم يخل بالأغلبية المقررة للحزب الوطني الحاكم، الذي سيظل صاحب الكلمة الأخيرة في كل الأحوال، في حين أن الحملات المضادة تصوره بحسبانه تغييراً في نظام الحكم وتمهيداً لإرساء حكم جديد. ان مجلس الشعب في أحسن فروضه محدود التأثير في الحياة السياسية المصرية، حيث لا يملك طبقاً للدستور صلاحية سحب الثقة من أي وزير، كما انه لا يستطيع إحداث أي تغيير في بنود الميزانية، فضلاً عن أن السلطة التنفيذية تظل صاحبة اليد العليا في الهيكل السياسي القائم. (2) لقد سلطت أضواء قوية على مثالب التجربة الانتخابية وخطاياها، وبالتالي حظي النصف الفارغ من الكوب بالقدر الأكبر من الاهتمام، ربما لأنه الأكثر إثارة، وهو ما حجب نصفه الملآن وظلمه، في حين أننا بحاجة لاستدعائه للإفادة منه والاسترشاد به في الإجابة عن السؤال، ماذا نحن فاعلون؟ في ذلك النصف الملآن نلحظ مجموعة من الإشارات المهمة التي في مقدمتها ما يلي: انه لأول مرة منذ خمسين عاماً أو أكثر يدخل مجلس الشعب ذلك العدد من المعارضين، الذي ناهز المائة عضو، يمثلون ربع أعضاء المجلس، الأمر الذي يعني أننا سنشهد في الفترة القادمة معارضة قوية، وبالتالي مجلسا قوياً بصورة نسبية، على الأقل فإنه سيكون أقوى من كل ما عرفته مصر من مجالس نيابية منذ قامت الثورة في عام 1952. ان تصويت ما بين 35 إلى 40% من الناخبين لمصلحة المعارضة بمختلف فصائلها، وفقدان الحزب الوطني لأكثر من مائة مقعد في المجلس الجديد، محمل برسالة صريحة في الاحتجاج والمطالبة بالتغيير، وهي رسالة تتعين قراءتها جيداً، سواء من جانب الحزب الوطني الذي يجب أن يستوعب الاحتجاج ويعالج أسبابه، أو من جانب أحزاب المعارضة التي صارت مطالبة بأن تلبي بعضاً من أشواق الجماهير التي صوتت لها. ان عدداً غير قليل من القضاة الذين أنيطت بهم عملية الإشراف على الانتخابات كان لهم موقفهم النزيه والجسور، ساندهم في ذلك بقوة نادي القضاة، الذي حفر لنفسه مكانة صنفته بامتياز ضمن حصون الدفاع عن الحرية في مصر، وكانت الشهادة التي أعلنتها المستشارة نهى الزيني، نائبة رئيس النيابة الإدارية، تجسيداً لمدى النزاهة والجسارة التي تحلى بها القضاة في مباشرتهم لمسؤوليتهم. ان نتائج الانتخابات كشفت للرأي العام عن وجه للحياة السياسية لم يكن معلوماً، إذ رسمت لنا خريطة جديدة نسبياً للأحزاب والقوى السياسية المصرية، ورغم كل ما قيل عن ملابسات التصويت التي تابعها الجميع، فالقدر الثابت أننا بعد الانتخابات أصبحنا نرى مشهد التعددية السياسية في البلاد بعين أخرى مغايرة، الأمر الذي ينير لنا طريق التعاطي مع مختلف القوى في تقدير احتمالات المستقبل. (3) إذا استمر التراشق والاشتباك والكيد الإعلامي، بين الفرقاء السياسيين، فلا مجال للحديث عن أي تقدم في مسيرة الإصلاح السياسي، إذ في هذه الحالة ستنقلب الطاولة، ولن يكون الانتصار للديمقراطية هو الهدف، وإنما سينتكس الأمل، وسيكون محور العراك وهدفه هو تصفية المنافسين والخصوم، وسيصبح الوطن هو الخاسر الأكبر في تلك الحرب الأهلية البائسة، الأمر الذي لا استبعد في ظله أن يصبح “الحل هو الحل”، بمعنى أن ينتهي الأمر بحل أو وأد المجلس النيابي الوليد، بدعوى تجنيب البلاد حالة الفوضى التي قد تنجم عن استمرار العراك، خصوصاً إذا تزامن ذلك مع كثافة الطعون المقدمة في نزاهة النتائج المعلنة. أما إذا استعادت القوى السياسية رشدها، وتذكرت أن هناك وطناً ينبغي الدفاع عن حلمه، وان شوق أبنائه كبير لإقامة الديمقراطية وتثبيت أركانها، باعتبار ذلك طوق النجاة والمخرج من أزمة الاحتقان الراهنة، إذا توفر ذلك الإدراك، فستكون تلك بداية مشجعة للتقدم إلى الأمام والتفاؤل بالمستقبل. عملاً بالقول المأثور “تفاءلوا بالخير تجدوه”، فسوف نفترض أن ذلك حدث، وأن الله نوّر بصيرة قادة القوى السياسية المصرية، فإن المسؤولية الوطنية والسياسية تفرض عليهم في هذه الحالة ثلاثة أمور هي: أولاً: نقد الذات ومراجعة ما جرى، للاستفادة من دروس مرحلة الانتخابات، بوجه أخص فإن فقر الأحزاب السياسية مع تدهور وضع حزب عريق مثل “الوفد”، وتراجع شعبية الحزب الوطني، ذلك كله يتطلب وقفة طويلة، لبحث مواضع العطب في علاقة تلك الأحزاب بالمجتمع، كما أن حجم التصويت الذي حازه الإخوان يحتاج بدوره إلى دراسة لتبين المدى الذي أثرت فيه عوامل الانتماء أو التعاطف أو الاحتجاج في كتلة المصوتين لهم. مما يحتاج إلى مناقشة أيضاً ظاهرة غياب 76% من الناخبين عن عملية التصويت، وغياب الأقباط والمرأة، وتفشي ظاهرتي العنف والرشوة في اغلب الدوائر الانتخابية. هذه العناوين كلها ينبغي أن تبحث بشكل جاد، سواء داخل الأحزاب ذاتها أو على المستوى الوطني، بحيث يظل الهدف هو كيفية تجديد الحياة السياسية وتطهيرها مما يعلق بها من شوائب ومعوقات، وليس خافياً، أن بعضاً من تلك المعوقات يتعلق بالأحزاب ذاتها، والبعض الآخر يتعلق بسياسة الحزب الوطني التي تداخلت مع سياسة الدولة، وصارت تجسيداً لموقفها من مجمل الحياة السياسية. ثانياً: التزام قوى المعارضة إطار الجبهة الوطنية من اجل التغيير، باعتبارها لافتة جامعة، تعبر عن حالة الاحتشاد الوطني الداعي إلى الإصلاح السياسي، ورغم التفوق العددي المشهود لممثلي الإخوان، فإن انخراطهم في الجبهة سيكون أدعى إلى تعزيز الثقة بينهم وبين الأحزاب الأخرى، ورسالة مهمة لطمأنة القلقين والخائفين، كما أن تعاونهم مع الأحزاب الأخرى داخل المجلس سيقوي من حضور المعارضة ومن قدرتها على تحمل مسؤوليتها في ممارسة دورها. ثالثاً: التوافق حول ترتيب أولويات العمل الوطني، بعد تنحية كل ما هو ذاتي في الحساسيات والمرارات أو في البرامج، ولأن الإخوان هم اكبر كتلة برلمانية بعد الحزب الوطني، فإن التحدي الذي سيواجههم هو ما إذا كانوا سيقدمون مصلحة الجماعة على مصلحة الوطن أو العكس، وكيف سيترجم شعار “الإسلام هو الحل” عند تنزيله على ارض الواقع، في هذا الصدد فإنني ازعم أن قضية إطلاق الحريات العامة ينبغي أن تحتل رأس الأولويات، فيما هو سياسي على الأقل، لسبب جوهري؛ هو أن أي كلام عن الإصلاح أو الديمقراطية سيفرغ من مضمونه ويفقد جدواه، في غياب ضمانات الحرية بمختلف تجلياتها، وما لم تتوفر تلك الحريات - حرية التعبير والاجتماع وحرية تشكيل الأحزاب والتجمعات الأهلية - فستظل الحياة السياسية تعاني من الهشاشة والضعف، وسينعكس ذلك على ضعف المجتمع وهزاله، واستقالته من الشأن العام. (4) لا مستقبل للديمقراطية في مجتمع ضعيف، وعافية المجتمع تقاس بمقدار ما يتوفر له في مؤسسات ومنظمات أهلية فاعلة، وهذه المؤسسات لا تتشكل وفعاليتها لا تتوفر إلا في ظلال الحرية التي علمتنا خبرات التاريخ أنها تنتزع ولا توهب، والنضال على تلك الجبهة ليس سهلاً ولا هو قصير الأجل، فتأسيس الديمقراطية في المجتمعات الغربية استغرق ما بين مائة ومائة وخمسين عاماً، تبلورت خلالها أفكار المواطنة والشفافية والحريات المدنية وتداول السلطة والفصل بين السلطات؛ وغير ذلك من ركائز البنيان الديمقراطي، ونحن لسنا مضطرين لانتظار تلك المدة وقطع الشوط من أوله، بعدما تبلورت منظومة القيم الديمقراطية، وصار بين أيدينا “خريطة طريق” مؤدية إليها. ما أريد أن ألفت الانتباه إليه أن قوة المجتمع هي الضمان الأول لثبات الديمقراطية واستقرارها، وأننا نخطئ إذا اكتفينا في تقييم المستقبل بالنظر إلى الطرف الذي يتولى السلطة، وتجاهلنا ما يتمتع به المجتمع من قوة أو ضعف، فالمجتمع، إذا قويت شوكته من خلال ثبات وفاعلية مؤسساته، كفيل بتقويم مسيرة السلطة والحد من تغولها، والحيلولة دون جنوحها إلى الاستبداد. وقعت على محاضرة لمست الموضوع، ألقاها الدكتور عزمي بشارة المثقف الفلسطيني البارز، في العاصمة الأردنية عمان (في 10/9/2005)، كان عنوانها “تحديات الانتقال إلى الديمقراطية”، أشار فيها إلى أن الإصلاحات الليبرالية الحاصلة في العالم العربي تمثل تغييراً في وسائل الحكم، ولا تعتبر نقلة حقيقية نحو الديمقراطية، تكرس مفهوم سيادة الشعب بما يستصحبه من حقوق في المشاركة والمساءلة وتداول السلطة. أضاف في هذه النقطة انه في التحولات الديمقراطية التي شهدتها أوروبا الشرقية، غالباً ما تحول الحزب الحاكم إلى أحد الأحزاب المتنافسة، وهو ما لم يحدث في الحالة العربية، حيث ظلت السلطة الحاكمة هي القابضة على زمام عملية التحول الديمقراطي، ولم تسمح بإشراك قوى اجتماعية حقيقية من خارج النظام في تلك العملية، في حين أن الإصلاح المؤدي إلى الديمقراطية يجب أن يكون ثمرة لصفقة اجتماعية تعقد بين القوى الممثلة للنظام وبين قوى سياسية أخرى من خارجه، الأمر الذي يعني أن وجود تلك القوى التي تمثل المجتمع شرط لحدوث التحول الديمقراطي. إن سؤال الوقت هو: هل تتيح التركيبة الجديدة للمجلس التشريعي القادم فرصة عقد هذه الصفقة المرتجاة، أم انه في ظل استمرار الأغلبية لمصلحة الحزب الوطني ستعود “ريما إلى عادتها القديمة”، وبالتالي سيظل الحديث عن الديمقراطية نوعاً من التجمل لا علاقة له بالفعل السياسي؟ أم أن السيناريو الأسوأ هو الذي سيتحقق بحيث يصبح الحل هو الحل؟ انتهى كلام الأستاذ فهمي هويدي مع تحياتي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، ولا نزع من شيء إلا شانه) ( صحيح الجامع 5654). رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Alshiekh بتاريخ: 7 ديسمبر 2005 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 7 ديسمبر 2005 لقد اصاب فهمى هويدى كبد الحقيقة الكرة الآن فى ملعب المعارضة والشعب معا لقد اصبح واضحا للعيان ان الحق فى هذه الدولة لا يسترد بغير القوة ، ومافعله الاخوان خير شاهد على ذلك. جلوس زعماء المعارضة فى المكاتب المكيفة والاكتفاء بمظاهر الابهة وانتظار ان يلتف الشعب حولهم ورفعهم على الاكتاف لهو محض هراء. المطلوب من المعارضة ان تعى الدرس وان تسعى من الآن ان توحد صفوفها وان تدمج الاحزاب ذات التوجه الواحد ولينزلوا من مكاتبهم وليلتحموا بالجماهير رغما عن اى مصاعب ستفرضها الحكومة ، وليستعدوا للدورات القادمة وينسوا البكاء والعويل حيث لن يعيد ماضاع. الفرصة متاحة لان يشكلوا معارضة مؤثرة باتحادهم ولينسوا وينحوا خلافاتهم جانبا ، وليحاولوا استقطاب المستقلين لجانبهم بدلا من تركهم بسهولة لاستقطاب الحزب الوطنى. أما ان استمروا فى تشرذمهم واستعذبوا حزيباتهم المتقزمة ، فلا أمل الا الطوفان. -- {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ}(11){اَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ}(12)وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ}(11) ذو العقل يشقى في النعيم بعقله *** وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم***************مشكلة العالم هي أن الحمقى والمتعصبين هم الأشد ثقة بأنفسهم ، والأكثر حكمة تملؤهم الشكوك (برتراند راسل)***************A nation that keeps one eye on the past is wise!AA nation that keeps two eyes on the past is blind!A***************رابط القرآن كاملا بتلاوة الشيخ مصطفى إسماعيل برابط ثابت مع رابط للقراءة***************رابط القرآن كاملا ترتيل وتجويد برابط ثابت مع رابط للقراءة***************رابط سلسلة كتب عالم المعرفة رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان