كيفية معاملة القضاء الإنجليزي للمواد الخاصة

[الرافعي]

لقد كتبت في مداخلة سابقة عن نيتي السؤال عن أمر يختص بالعقود المستعملة في البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية.

بالطبع هذا الموضوع واقعي وليس من باب التحاور حول البنوك الإسلامية وشرعيتها وجديتها ، وأين الصالح والطالح فيها وتقييم تجربتها بشكل عام، فربما يصلح هذا كله لتكوين موضوع آخر في باب آخر، إلا أنني أريد هنا أن أسأل عن كيفية تعامل المحاكم الإنجليزية مع المنازعات التي تقدم لها والناشة عن عقود تجارية تم النص فيها على اللجوء إلى القضاء الإنجليزي والاحتكام إلى القانون الإنجليزي لفض ما يترتب عليها من منازعات.

ونظراً لكون بعض أو كل أطراف العقد مؤسسة مصرفية إسلامية أي لها طبيعة خاصة في ممارسة عملها كما أن لها طبيعة خاصة في التعامل القضائي مع بنود عقودها، فإنه عادةً ما ينص في بند Governing Law,Jurisdiction and Arbitration أن القانون الإنجليزي هو القانون المختص، والمحاكم الإنجليزية هي المختص بنظر المنازعات الناشئة عن تطبيق هذا العقد (فيما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية).

وسؤالي هنا، ولربما هو موجه بالدرجة الأولى لأستاذنا العزيز الدكتور محمود ..

كيف تتعامل المحكمة مع هذا البند وهذا القيد ، هل تتجاهله ؟ أم يرجع القاضي إلى أحكام الشريعة الإسلامية عند النظر في الموضوعات ذات الطبيعة الخاصة في فقه المعاملات الإسلامي؟؟ أم يحيلها إلى خبير لإبداء الرأي وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية؟

برجاء الإفادة

مع خالص شكري وتقديري

[الأفوكاتو]

أخى العزيز حلاوة,

الرد على سؤالك يتطلب شرح يكاد يكون مطول,

و سوف أقوم بالرد عل سؤالك فى أقرب فرصة.

تقبل تحياتى.

[الرافعي]

أخى العزيز حلاوة,

الرد على سؤالك يتطلب شرح يكاد يكون مطول,

و سوف أقوم بالرد عل سؤالك فى أقرب فرصة.

تقبل تحياتى.

<{POST_SNAPBACK}>

دائماً كما توقعت، ولك كل الشكر والتقدير يا أستاذنا.

[الأفوكاتو]

أخى العزيز حلاوة,

يطبق القضاء الإنجليزى نظام المغارمة المسمى : Adversary System أى نظام المخاصمة, و بمقتضاه, يكون دور القاضى محدودا فى نطاق القانون, و يترك أمر جمع الأدلة إلى طرفى النزاع, بحيث يقدم كل طرف حجته و أدلته التى تؤيد الإدعاء أو الدفاع.

بعد أن يقوم طرفى النزاع بطرح وجهة نظرهم فى ا الموضع المطروح على المحكمة, يقوم القاضى , بالحكم فى القضية و يكون حكمه مبنيا على الأدلة التى عرضت عليه فى هذا النزاع.

و فى القضايا الجنائية, يجب أن يقتنع القاضى " بدون أدنى شك" بجُرم المتهم, و لكن فى الأمور المدنية, و منها العقود, يكون الحكم على أساس " ترجيح حجة على حجة أخرى طبقا للأدلة" أى أن حكم القاضى فى الأمور المدنية يكون: On the balance of probability .

نعود بعد هذه المقدمة إلى سؤال الأخ حلاوة وهو:

بالطبع هذا الموضوع واقعي وليس من باب التحاور حول البنوك الإسلامية وشرعيتها وجديتها ، وأين الصالح والطالح فيها وتقييم تجربتها بشكل عام، فربما يصلح هذا كله لتكوين موضوع آخر في باب آخر، إلا أنني أريد هنا أن أسأل عن كيفية تعامل المحاكم الإنجليزية مع المنازعات التي تقدم لها والناشة عن عقود تجارية تم النص فيها على اللجوء إلى القضاء الإنجليزي والاحتكام إلى القانون الإنجليزي لفض ما يترتب عليها من منازعات.

ونظراً لكون بعض أو كل أطراف العقد مؤسسة مصرفية إسلامية أي لها طبيعة خاصة في ممارسة عملها كما أن لها طبيعة خاصة في التعامل القضائي مع بنود عقودها، فإنه عادةً ما ينص في بند Governing Law,Jurisdiction and Arbitration أن القانون الإنجليزي هو القانون المختص، والمحاكم الإنجليزية هي المختص بنظر المنازعات الناشئة عن تطبيق هذا العقد (فيما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية).

وسؤالي هنا، ولربما هو موجه بالدرجة الأولى لأستاذنا العزيز الدكتور محمود ..

كيف تتعامل المحكمة مع هذا البند وهذا القيد ، هل تتجاهله ؟ أم يرجع القاضي إلى أحكام الشريعة الإسلامية عند النظر في الموضوعات ذات الطبيعة الخاصة في فقه المعاملات الإسلامي؟؟ أم يحيلها إلى خبير لإبداء الرأي وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية؟

برجاء الإفادة

الرد:

عند طرح نزاع على محكمة إنجليزية, فإن المحكمة سوف تستمع إلى الحجج المقدمة من الطرفين, حيث أن هذه هى مسئولية أطراف النزاع الأساسية, و ليست مسئولية القاضى.

فعلى المدعى أن يقدم الأدلة التى تؤيد دعواه, و على المدعى عليه دحض هذه الأدلة.

و القاضى فى الأمور المدنية لا يحتاج إلى " دليل قاطع" على صحة الإدعاء, و لكن يعتمد على توصله إلى ..... " أى من الحجتين تبدوا أكثر تصديقا".

و لكن سلطة القاضى فى تقيمه للموقف النهائى تكون محكومة بقواعد القانون العامة, أى أن لا يكون المطلب المتنازع عليه مخالفا للقانون الإنجليزى.

فإذا كان أحد طرفى النزاع يرى أن نصا فى العقد كان تطبيقا للشريعة الإسلامية, التى هى ركيزة لنظام البنوك الإسلامية, فإن على الطرف الآخر المتنازع أن يقنع المحكمة أن هذا النص مخالف لقانون البلاد.

و سوف أعطى مثال,

لو تضمن العقد نزاع على إتفاقية شراء سلع بتمويل من البنك الإسلامى , ثم تبين أن هذه السلع تتضمن شراء خمور, أو لحم خنزير مثلا, فإن المعترض على قيام البنك بتمويل هذه العملية عليه أن يثبت للقاضى أن هذا يتنافى مع الشريعة الإسلامية, لهذا يجب أن يعتبر هذا العقد مخالف لشروط التعاقد طبقا لنظام البنك الإسلامى.

و تحريم الخمر و لحم الخنزير ليس متعارض مع القانون الإنجليزى. و سيحكم القاضى فى الموضوع بناءا على أحكام الشريعة الإسلامية.

و بالمثل, لو إدعى أحد الطرفين أن موضوع النزاع خاص بتمويل مشروع تتنافى أغراضه مع القانون الإنجليزى, مثل تمويل جهة لها صلة بجمعيات إرهابية مثلا, فإن القاضى هنا سوف يطلب من هذا الطرف إثبات إدعائه.

فإذا كان الدليل مقنع للقاضى, فسيعتبر العقد مخالفا للقوانين الجديدة الخاصة بتمويل جهات إرهابية, أى متعارض مع القانون الإنجليزى.

هنا, تكون سلطة القاضى تقديرية, و يمكن تلخيصها فى الآتى:

سوف يحكم القاضى طبقا لإقتناعه بلأدلة االمعروضة عليه من طرفى النزاع, و لكن لن يؤيد إجراءا يتعارض مع القانون الإنجليزى, أو ضد صالح البلاد.

أرجو أن أكون قد أوفيت الرد على السؤال,

و تقبل تحياتى..

تم تعديل 6 ديسمبر 2005 بواسطة الأفوكاتو

[الرافعي]

وفيت وكفيت ، وربنا ما يحرمنا منك ومن علمك، وأرجو اعتبار أن هذه الاستفسارات للعلم الشخصي ولعموم الفائدة والتعلم عند الزملاء المهتمين.

يا سيدي ... العلماء ورثة الأنبياء