اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

اسكندرية كمان وكمان


casper5020

Recommended Posts

اسكندرية كمان وكمان(*)

إهداء : إلى طريق الكورنيش السريع الذي لا ترحم سياراته فتدهس العابرين حتى إن لم تمس أجسادهم !! .

ذهبت للأسكندرية مرة أخرى ولا أعرف كيف !! ..

ربما لأن ما جمعني بها يوما أكبر وأقوى من وجع ذهابها .

هذا البحر الذي شهدنا أمامه أول رؤية وأول ذوبان في الأعين وأول كلمة ترحيب تلتها كلمات عشق !! .

أمر على الصخور .. ربما هذه التي جلسنا عليها مرة وربما تلك .. صدقوني لا أعرف فكل الصخور متشابهة في الشكل واللون .. والكورنيش يتخذ نفس الشكل .. فأمامه البحر وفوقه الصخور وخلفه طريق المرور وبعده الأبنية البيضاء .. وكأنه شكل موحد يأخذ شكل طريق مقوس لا ينتهي ! .

هذا الكوبري (استانلي) حاولت الامساك بيدها عليه وهي ترفض .. رغم أنه في داخلها نية الانقضاض علي لو أتيح لها ذلك !! . وهذا الراجل الذي لم أنس يوما بسمته وهو يشاهدنا نتجاذب حتى أستطيع تملك يدها داخل يدي.. واستطعت !! . رأيت في عينيه نظرة لا تنسى .. نظرة عميقة متحسرة لذكرياته التي لم تكتمل فشاهد أحلامه فينا ! .

على هذا الكوبري ذاته كان طفل جميل الهيئة طاهر الملامح قد ترك يد أمه وأخذ يمشي خلفنا فتبسمنا معا بعد النظر له ! .

حقا إن شتاء الاسكندرية لا ينافسه شتاء !! . ها هو بير مسعود الذي أردت أن أجلس معها فيه ولكن لم يسعفنا الوقت.. للأبد ! .

" الانتحار " ؟؟! .. أن أرمي نفسي في البحر كما يفعل عشاق هذا الزمن المرهق .. أن تنتحر لتثبت حبك المنفي من الجميع بما فيهم هي .. ثم بعد ذلك يحاول غبي إنقاذك دون جدوى ؟!! .

أعتقد أن هذا الجو الشتوي وشكل البحر اجتمعا بجمالهما وحزنهما لإثارتي وتحفيزي لهذا ..

واقف أنا على حافة الصخور .. وطبيعي أن يكون أمامي البحر !.. فهذا هو هلاكي ولكنه نجاتي الأبدية في نفس الوقت ! .

في كل الأفلام يوجد بجوار المنتحر دائما أحدهم ليحاول إنقاذه . وكأن هذا الشخص موجود في كل زمان ومكان .. صار أيقونة مثبتة وثابتة بجوار البحر .. جرب الانتحار وستجده .. بنفس ملابسه وهيئته وشعره المجعد وبشرته الحنطية ..

ينظر من بجواري متحفزا حتى يهب بالقفز خلفي عندما أقفز .. لهذا الحد تظهر على ملامحي البائسة الحزينة علامات طلب الخلاص؟ !! .

الحقير لا يملك الجرأة أن يمنعني قبل القفز .. فينتظر بتوقع حدوث هذا أولا ثم يليه بالقفز !. ربما اعتاد وهو من أهل هذه المدينة رؤية هذا المشهد .. فكان في البدء يمنع من يحاول بالقوة ثم يئس وتبلد بعد مشاهد موت في وسط أمواج قاسية ..صار يستيقظ فقط بعد سماعه ارتطام جسد بالماء أو بعد صراخ المارة الفزعيين ! .

نظرت له نظرة حقيرة برغم احترامي لتضحياته من أجل المعذبين اليائسين .. لكن هذه النظرة المحقرة ليست له فقط ..فهي للدنيا الرخيصة في كل شيء !! .

" لا تخف لن أنتحر " .. أقولها له من هنا ويطمئن قلبه لأنني أعفيته من واجب مل تكراره .. يطمئن هو ويكثر عذابي ! .

من الآلام ما قد تجعلك غير قادر حتى على الإقدام للخلاص.. فكما قال أحد البؤساء : ( أنا لا أسقط ليس لأنني قوي .. ولكني فقدت القدرة حتى على السقوط ! ) .

قلبي الرقيق لم يعد قادرا على مقاومة تيارات البحر له وهذا يفسر لي دائما رفضي -مؤخرا- النزول لمياه البحر ولو لطلب الرفاهية . أظل على الرمال أرقب هذا الطفل وهذه الطفلة وهما يتراشقان " بسلاح " الماء في تطريب . أظل أرقب هذا العاشق الذي احتضن حبيبته والماء يلتف حولهما ويحاصرهما وهما يظنان -لجهلهما- أن الماء يهدهدهما.. ولا يعرفان أنه غادر كما كل شيء ! .

" لا تخف لن أنتحر " .. لكن كل ما أريده منك بعدما أدير ظهري لأكمل مع هذه الحياة القاسية أن تبكي علي بحرقة وكأنني انتحرت أمامك حالا !! .. صدقني لم أنج من الانتحار كما تظن أيها المغفل .. أنا لم أنتحر لأن الميت لا يموت مرتين !! .

أتركك الآن بنظرتك البلهاء الطيبة الطاهرة التي لم ولن تفهم أبدا .. سأمر عليك العام القادم ويتكرر موقفي معك لأنك ستنساني كما يُنسى كل شيء -إلاها-.. ستظل جالسا هكذا أبد الدهر تحاول الإنقاذ وراضيا بهذا ولن تفكر لمرة واحدة أن تكون منتحرا !! .

حامد إبراهيم حامد

فجر 9/12/2005

===

(*) إلى الآن لم أذهب للأسكندرية بعد .. وأخاف اللقاء .. هذه فقط محاولة كتابية شجاعة أو تشجيعية أوهم نفسي بها المقدرة .. لأنني أعلم أن اللقاء قادم شئت أم أبيت ! .

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...