اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

مصر تتحدث عن نفسها


Mohammad Abouzied

Recommended Posts

. أحمد الصاوي

مصر تتحدث عن نفسها.. والفساد أيضا

أما وقد وضعت معركة انتخابات النادى الأهلى أوزارها، فقد آن الأوان للنظر والتمعن فى دروسها وعبراتها، ولعلى لا اتجاوز الحقيقة كثيرا عندما أراها من الأحداث الجسام الشديدة الإيحاء، تماما مثل انتخابات حيدر باشا فى نادى الضباط عشية الثورة فكلاهما لم يشكل بحد ذاته حدثا رئيسيا فى البلاد بقدر ما كان علامات إرشادية لمستقبل آت. ففى انتخابات نادى الضباط كان فشل فى قائمة حيدر باشا علامة لا يجهلها ذوو الفطن على انهيار ولاء الجيش للعرش أما ما جرى فى انتخابات النادى الأهلى فهو أيضا علامة على تداعى أركان الدولة والنظام، ناهيك عن عجز الحكومة أو موتها السريرى إن شئنا الدقة.
وقبل المضى قدما فى تسويد الصفحات ينبغى أن أشير إلى أن كاتب المقال لا يعنيه من أمر الانتخابات، باعتبارها شأنا داخليا لأعضاء النادى العريق، سوى دلالاتها الإعلامية والقانونية وبغض النظر عن أى تقييم الأطرافها الذين هم جميعا ودون استثناء موضع تقدير واحترام.
وأولى الملاحظات الهامشية الجديرة بالتسجيل هى أن انتخابات الأندية وما هو على شاكلتها من أنواع المؤسسات الاجتماعية هى من الشأن الخاص بالمعنى الحرفى والقانونى للكلمة، أى أنها تعنى فقط أعضاء هذه المؤسسات ولا يطول هذا الشأن بحال من الأحوال المشجعين أو المناصرين من خارج قوائم العضوية، وكل ما يعنى السلطات العمومية فى مثل هذه الانتخابات إنما يقتصر على التزامها بالقوانين السارية فى شأنها، والأمر ذاته بالنسبة للرأى العام.
والملاحظة الثانية أن انتخابات سابقة عليها جرت فى نادى الصيد المصرى وثالثة مازالت فى طور الإعداد بنادى الزمالك، لم تحظ بمثل هذا الاهتمام الإعلامى الذى صادف بالمصادفة انتخابات النادى الأهلى، ذلك على الرغم من أن المتنافسين فيهما طرحا على الرأى العام، وعلى مسمع من النيابة العامة وأجهزة الرقابة الإدارية والمحاسبية، اتهامات شتى متبادلة بالاعتداء على المال العام. ورغم ذلك فإن كل هذه الأجهزة لم تحرك فيما يبدو لنا علانيا ساكنا، كما لم يتنكر أحد من الكتاب فى الصحافة المصرية أن واجبه المعنى يملى عليه أن ينحاز، علما بأن الانحياز إنما هو لإعمال القانون ومراعاة الشفافية الواجبة.
وثالث الملاحظات أن صحفا حزبية معارضة انخرطت هى الأخرى فى شأن معركة انتخابات النادى الأهلى مشاركة الصحف القومية فى حملاتها تأييدا ومعارضة للفريقين المتنافسين فى المعركة، دون إعارة أى انتباه أو التفات للمبادئ التى تنادى بها الأحزاب المصدرة لهذه الجرائد.
هذه الملاحظات الجديرة بالتسجيل شكلت فى مجملها ملامح صورة أراد لها البعض أن تكون تعبيرا عن الحرية والديمقراطية، وحرية الصحافة وانحيازها الواجب، وأن تكتسى انتخابات النادى الرياضى بثياب القضية السياسية العامة، ولعمرى أنه لتضليل لم يسبق إليه أحد فى سابق الأزمان، ليس فقط لأن الانتخابات فى حقيقتها ليست قضية وطنية، وإنما هى فئوية خاصة ولو اتسع جمهورها ولكن أيضا لأن الشأن العام يهمل عمدا فى الجرائد القومية ولا تحظى قضايانا المصيرية بهذا القدر من الاهتمام أو الحرية، فدوما هناك وجهة نظر وحيدة تبرر لقرارات المسئولين التاريخية و المصيرية.
ونأتى إلى الدلالة الرئيسية لمسلك الإعلام المصرى إبان الانتخابات فى مراحلها المختلفة وهى فى سطر واحد أن الفساد قد تمطى بصلبه وأردف إعجازا، وكشف عن تداعى أركان الدستور والقانون ونظام الحكم برمته.
والفساد، حسب أعم التعريفات وأشهرها هو استغلال سلطة ممنوحة لغرض خاص وتقوم فلسفة الدستور والقوانين أيضا على فكرة التزام المسئولين ذوى السلطات المخولين من المجتمع بانفاذها من أجل مصلحة الجمهور وتجريم ومعاقبة كل انحراف بهذه السلطة لأغراض المنفعة الخاصة للمسئول أو لذوى قرابته ومعارفه.
والذى لا جدال فيه أن هذه الفلسفة كانت تحتم على جريدة مثل الأهرام، مملوكة للدولة وتعمل تحت طائلة قوانينها، أن تحترز وهى تلقى بثقلها فى المعركة الانتخابية لصالح موظفين عموميين بها، لما فى ذلك من شبهة أكيدة لاستغلال هؤلاء للسلطة الممنوحة لهما من أجل تحقيق غرض خاص سواء بطريق مباشر أو عبر آخرين من ذوى العلاقة الوظيفية بهم.
ومن أسف أن الأهرام أهدرت احترامها لمثل هذه القاعدة الذهبية وراحت تسود الصفحات التى يدفع القراء من أجل تحريرها وطباعتها بالأسود على الورق الأبيض، سواء من طرائبهم أو من ثمن شراء الجريدة، ووصل الأمر فى بعض الأحيان إلى أن مقالات دبجت دون توقيع لصحفى وكأنها إعلان مدفوع أو وجهة نظر لإدارة الأهرام، فى القدح أو المدح للمرشحين، علما بأنها لم تكن تحوى أخبارا تناقلتها وكالات أنباء أو بثها مراسلون وإنما مجرد رأى شخصى لمحررها الذى شاء أن يحجب اسمه خشية من الملاحقة القضائية على الأرجح وفى ذلك أخذ بحسن النية لا نريد أن نتجاوزه هنا.
لقد كان واضحا لكل ذى عينين أن الأهرام يسخر آلته الإعلامية الهائلة من أجل مرشحين بعينهم وهو ما استدعى اعتراضا من المنافسين رد عليه كتاب من الأهرام نافين حقيقة لا يجهلها الآساذج وبحجج لا تنطلى على أحد ممن تتيسر لهم مطالعة أى قدر من قوانين البلاد.
بل إن البعض حاول فلسفة ما يجرى باعتبارها انحيازا واجبا للصحافة الحرة!.
وزاد الطين بلة قيام الأهرام صبيحة يوم الانتخابات بتوزيع إعلان انتخابى، كان بوسع المستفيدين منه أن يطبعوه فى أى مكان آخر بعيدا عن الوكالة الإعلانية التى يعملون بها درءا للشبهات وهى شبهات ليست مالية وإما هى بالدرجة الأولى إدارية متصلة بالسلطات المخولة لهم والتى اختلطت فيها المنافع العامة بالخاصة فى سابقة نرجو أن تكون الوحيدة.
وإذا كان للحديث عن الحيدة والنزاهة، مكان فى التبرير لمثل هذا العمل، فإنه من الصعوبة بمكان تجاهل حقيقة أن الأهرام حمل للقراء، رغما عنهم واستغلالا لسلطات التوزيع والإعلان المخولة له إعلانا فئويا خاصا لا علاقة بسلعة أو خدمة تروج.
والعجب كل العجب فى أن أحدا لم يتقدم للنيابة العامة أو حتى للمجلس الأعلى للصحافة باحتجاج أو شكوى من هذا الذى نسميه استغلالا لسلطة ممنوحة من أجل منفعة خاصة.
والأنكى من ذلك أن إدارة الأهرام لم تتبع ما جرى بالإفصاح عن الجهات المعلنة التى مولت هذا الإعلان الصريح ومقدار ما دفع بالفواتير ليرى الناس، من أعضاء النادى الأهلى وغيرهم أيضا حقيقة ما يجرى لأن ذلك من الشأن العام الجدير بالإفصاح ولاسيما فى أجواء الشكوك والاتهامات المتبادلة علنا وعلى رءوس الأشهاد.
إن ما نطلبه، ليس توضيحا من الأهرام عن أنه كان منحازا أما لا فهذا أمر قد فات أوانه وإنما كشف شاف عن نفقات الإعلانات وفواتيرها واستدراك يحترم القراء والقانون نزود من خلاله بأسماء الكتاب الذين تقاعسوا عن وضع أسمائهم أسفل مقالات للرأى كان من المفترض أصلا ألا تنشر بالجريدة باعتبارها شأنا خاصا له منابره وجمهوره، إذ ليس من حق أحد أن يستغل موقعه للترويج لأمر شخص لا علاقة له بالشأن العام، قانونا أو أخلاقا وقيما.
وفى انتظار أن يحدث مثل ذلك، وهو ولا شك انتظار طويل الأمد، يتبقى أن نشير إلى موقف المتفرج الذى تنعت به أجهزة الدولة المعنية بنزاهة الصحافة وحماية الدستور والقوانين والمال العام أيضا، فهو ولا شك موقف عميق الدلالة على الغيبوبة السريرية وتحلل وظائف الدولة الرئيسية، وإذا كان البعض يعتقد أنها مسألة رياضية لا تستأهل اهتماما، فلا مراء أنه العذر الذى هو أقبح من الذنب.
فما كان على المسرح من أحداث عميق الصلة بعالم السياسة والاقتصاد والإعلان النفوذ، جميعا ودون انفصال أو تمييز، وقد أصاب كبد النظام الذى تقوم عليه الدولة فى مقتل، حين تلاشت المسافات بين العام والخاص.
ومن المضحكات المبكيات أن الضحية الرئيسية أو بالأحرى الهدف والطريدة كان من بين أكثر المحسوبين على الحكومة والحزب الوطنى شهرة ولمعانا، ورغم ذلك لم يجد له مناصرا أو سندا يحمى حقه القانونى والإنسانى فى تكافؤ الفرص، فما بالنا لو كان الهدف من المعارضة أو حتى من عامة الناس ممن لا ظهر لهم.
هل نتجاوز حقائق الأمور إذا ما قلنا إن عالم رجال الأعمال قد هزم النظام والدولة، وكمم أفواه القانون وأسمل عيون الدستور؟.


الرابط

يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...