وعى زائد قليلا

[سيناترا]

وعى زائد قليلا

في عتمة الحجرة التي دخلتها للتو لا أستطيع إبصار أي شيء .. أي شيء .

بذاكرة مهترئة تتحسس خطواتي المكان محاولاً تفادي الاصطدام بالأشياء، تلك التي لا أبصرها وأعرف بوجودها متربصة دوماً تحاول اصطيادي في العتمة وحيدا أعزل، لا أملك سوى التألم وكتم أناتي الخفيضة ، وما من مانع أن تسيل من عيني دمعة أو دمعتان لا يراهما أحد حتى أنا . فقط، أشعر بهما ساخنتين مثل شظيتين نزعتهما منذ زمن ولم أستطع اقتلاعهما من ذاكرتي مطلقاً .

في كل مرة ... أقرر الضغط على مفتاح الكهرباء ليفضح الضوء هذه الأشياء اللعينة، كي أواجهها وجها لوجه كاشفا لعبتها الحقيرة في إرهابي وتخويفي أنا الذي حاربت الجميع مسلما ظهري للخلاء، وهاجمت الكل بصدر مفتوح وقدم راكضة وكف قابضة على الزناد ولم يقتلني أحد .

سوف أفتح لها صدري وأشرع قبضتي في وجهها و أنشب فيها أنيابي وأظافري وأدميها، لن أجعلها تنال مني فأنا مازلت مثل الأمس لم يتغير فيَّ شيء .. وهذه الأشياء التافهة سأقهرها جميعا إذا أضأت الحجرة وعريتها من عتمتها .

لكنني في كل مرة أخشى إيقاظ زوجتي النائمة في ركن ما يأتيني منه صوت أنفاسها هادئا مطمئنا ... كما أن مفتاح الكهرباء يهرب من ذاكرتي دائما ...

مخمور !! من قال أنني مخمور!! أعرف أنني أشرب كثيرا ولكنني أظل واعيا تماماً ومدركاً لكل شيء، ولأنني مدرك أن زوجتي نائمة، وأنه لا ينبغي إيقاظها بإضاءة الحجرة أو اصطناع جلبة عند الاصطدام بالأشياء المختبئة في جيوب العتمة، فإنني أجلس في مكاني قليلا ثم أنبطح أرضا وأنادي بأسماء زملائي بصوت خفيض ... أذكرهم بما اتفقنا على فعله إذا عدنا إلى ديارنا، أذكرهم بالأمهات اللواتي ينتظرننا خلف الأبواب الصامتة وبالفتيات الطيبات وعينوهن الرائقة كصباح خريفي مغسول بالندى ... أذكرهم بنوبات الحراسة ومواعيد الدوريات، بالعناوين التي نرسل إليها خطاباتنا ... في الميدان ننسى كل شيء، كل شيء حتى أسمائنا ... أنادي عليهم كي أذكرهم بأسمائهم .

مخمور!! من قال أني مخمور؟! فقط أناديهم بصوت هامس حتى لا أزعج زوجتي النائمة .

هكذا تسير الأمور في كل مرة، حتى إذا اندلعت الحرائق وتساقطت القذائف لم أستطع النهوض والعدو، فالأشياء حولي مترقبة للحظة كهذه – حتى تنجح في اصطيادي – ولا أستطيع الصراخ فزوجتي نائمة .. أظل هكذا أتلوى و أتكور في مكاني متفاديا الشظايا التي تصفر بجوار أذني وأكتم أنفاسي تماما ... يفور الدم في عروقي كلها وأشعر بجسمي يتطوح كطائرة فقدت جناحها، تخترقني السخونة وتلتهب عيناى وأشعر بنار مستعرة في مثانتي، أتقيأ أمعائي كلها وينتفض بدني بقوة .. وأبول .

تنسحب الطائرات من سقف الحجرة ومعها روحي ولا أشعر بنفسي إلا في الصباح وقد غادرت زوجتي فراشها غاضبة – بالتأكيد – مما فعلته بنفسي حتى أنها لا تعد لي فطورا ولا تزيح الستار عن نافذتنا الوحيدة .

أنا الواقف في عتمة الحجرة التي دخلتها للتو، سئمت من تكرار هذه الأمور في كل ليلة . لذلك سأضيء الحجرة وأصيح بأعلى صوتى على جميع الجنود، سأجمعهم صفا واحداً وأقودهم لمواجهة هذه الأشياء التي تمرح في العتمة وتتخذني أضحوكة، سأطلق رصاصاتي عليها حتى إذا نفذت الطلقات هاجمتها بذراعي العاريتين، لن أدعها تفلت، سوف أركلها في الهواء وأفقأ عيونها، سأصرخ كالمجنون لاعنا كل اللحظات التي مرت على وأنا عاجز عن استعادة الرفاق من الخنادق سأصرخ مناديا ذراعي المبتورة أن تستعيد ملامح جسدي وتتوحد بي، لأحلق في سماء الحجرة بجناحين قويين، سأصرخ كما لو كانوا ينتزعون من ساقي – الآن – شظيتين ساخنتين مثل دمع زوجتي في ليالي وجدها وغيابي .

هي الآن نائمة أتسمع أنفاسها الهادئة ... إذا استيقظت ستتهمني بأنني مخمور وستبكي على حالها وحالي .

أنا أكرة نفسي كثيرا عندما أكون سببا في بكاء زوجتي المسكينة .

لأنني واع تماما ولست مخموراً، ولأنني عاقل أدرك جيدا ما سيحدث، سأجلس في مكاني صامتا لا أضيء مفتاح الكهرباء . الهارب من ذاكرتي – وأتجنب الاصطدام بالأشياء ... فقط سأنادى أنا والرفاق بعضنا حتى لا ننسى الأسماء، ولكن بصوت هامس خفيض حتى لا تستيقظ زوجتي، فربما تعد لي فطورا في الصباح وتجلس معي، بدلا من صعودها إلى إطارها الخشبي العتيق على الجدار، ومراقبتها لي وأنا أبكي فراقها .

تمت بحمد الله

[Doofy]

===========================================================================

القدير سيناترا

:

:

لا أعلم لماذا احب حالتك النفسيه عندما تسرد لنا احداث ابطالك كل مره

على الرغم انك دائما تخدعنا وتضعنا في ذروة الحدث والصراع مع النفس دون سابق أنذار

واستطعت بكل حرفه ان توطد علاقتنا مع الفراغ والظلام في قصتك

ولكن النهاية تأخرت كثيرا واسباب الضياع والعدوانية بسبب الشراب تكشفت هذه المره بوحده اشد أيلاما وحزن على الفراق

أبدعت صديقي ...كالعادة

وننتظر جديدك دائما

:

:

[صفاء]

<div align="center"></div>سيناترا الرائع

أسلوبك المتميز جعلنا نحن المخمورين

أدام الله قلمك

تحياتى لك وقلمك

تم تعديل 31 ديسمبر 2005 بواسطة صفاء

[khedr]

عميقه

هي الكلمه الوحيده التي استطيع ان اكتبها

الله يكرمك

[سيناترا]

اصدقائي الأعزاء ،،

أعتذر بشدة عن التأخر في الرد عليكم ,, ولكنني كنت مشغولا للغتاية ولم تسنح لي أي فرصة للدخول على الأنترنت من الأساس ,,

تقبلوا خالص اعتذاري ,,

العزيز دوفي ،،

دائما ما احس الحميمية الشديدة فيما تكتب ,,, ان لك طابع خاص واسلوب ساحر يجعل من يقرأ لك مرة يعرف أنه أنت دون الحاجة لمشاهدة توقيعك في النهاية ،،

هنيئا لي بمعرفتك ..

العزيزة صفاء ،،

دائما احب ان أري تعليقلتك وتشريفك لصفحتي الغلبانة ,, تحياتي وعميق شكري

العزيز medeokhedr

كلمة واحدة منك جعلتني اعرف أي قارئ أنت ،، ولكنني أحتاج الي المزيد من تواصلك يا عزيزي ،، نعمل اية في الطمع ..

تحياتي لك ,, بانتظارك على صفحاتى دائما ,,

تحياتي لكم اصدقائي ...

وربنا ما يجيب غياب مرة تانية ،،،

سيناترا ,,

[tarek_almeghallawy]

بدون مقدمة..

المبدع ..سيناترا

التداخل رائع بين المعركة في الميدان والمعركة في الحجرة المعتمة

التكثيف شديد مع بعض الاستثناءات فيها مباشرة زاعقة

مثل: مخمور من يظن أنني مخمور ..أعرف أنني أشرب كثيراً

و..أنا أكره نفسي كثيراًعندما أكون سبباً في بكاء زوجتي.

الذراع المبتورة والعجز عن استعادة الرفاق من الخنادق وآثار الشظيتين ...في المعركة

الشريفة...وسام وفخر

تبقى المعركة كمعركة أزمة نفسية وجروح غائرة

في أبجدياتنا الأزمة تقود إلى المسجد

الخمارة نشاز والتعبير عن النشاز بإظهار بشاعته وفقت فيه ياصديقي

الأستاذ : دوفي

مبدع يأخي في تعليقك...أتعلم منك.

[مى محمد]

عميقة....مركزة....مؤلمة قليلا....

الخلاصة....رائعة....

تحياتى لك ...

[سيناترا]

عزيزي طارق ...

كل دة .. وبدون مقدمات ،،

ياراجل امال لو كتبت مقدمات هتعمل اية ,,,

عزيزي طارق ,, لقد وضعت يدك على كل جروح القصة كما لم يفعل أحد .. فعلا أنا سعيد بمعرفتك واتمنى ان أشوف توقيعك على صفحاتى دايما .

العزيزة مي محمد

كلماتك قليلة وجميلة .. لكني كنت أتمنى ان تطول أكثر ,, وبكن يبدو أن الأقدار تقف في وجهنا بالمرصاد ,,

شكرا لكلماتك عزيزتي ,, ولكنى أجتهد ،،

تحياتي للجميع ،،

سيناترا ,,

[shahd]

سيناترا لا ادري بما القبك !!.. مبدع.. متمكن.. متميز.. ام كل هذه الألفاظ مجتمعه... اسلوبك اقوى واروع من ان تصفه مجرد كلمات

مبهر بحق اخي الفاضل

سلمت اناملك الذهبيه :angry2:

تم تعديل 7 سبتمبر 2006 بواسطة شهد

[محمود الشاعر]

سيناترا انت حكاية

بجد انت حكاية

[nancy]

سيناترا

لما قريت القصة وتخيلت الشخصية الى بتتكلم فيها احسست انها تترنح فعلا وتتخيل بشكل كامل الواقعية

احسنت جدا

فى انتظار المزيد من الخروج عن حدود الوعى

[Doofy]

=============================================================

اردت ان اغيب عن الوعي ولو لحظات

فلم اجد .....

غير صفحتك سـيـنـتـرا

تحياتي مجددا لقلمك الرائع

[lonly in cold night]

ياااااااه يااااااااه

مش لاقى كلام اوصف بيه