اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

عكازين


الآسر

Recommended Posts

حبيبات مطر متسارعة تدق عنق زجاج سياراتي .. يتسابقون من أجل نيل شرف تحطيم زجاجي

ولكنه صامد .. الرؤيا تبهت رويدا رويدا وتتصارع عيناي في كل اتجاه محاولة ابصار أي شيء أو أي شخص دعت عليه أمه ليعبر أمامي في هذه الليلة الممطرة

السيارات تسير علي مهل .. الكل حذر وخائف حريص علي أمن سيارته والبشر السائرون .. رياح لذيذة

تدغدغ الوشوش .. تاركة عليها بصمة واضحة لتتذكر هذه الليلة الممطرة

أنا في طريقي لمقابلة صديق لي يقطن في مدينة نصر للذهاب معه لجلب بعض الأشياء التي يحتاجها

لعمل تحديث لجهاز الحاسوب الخاص به وأنا متطوعا و مهدرا لبعض الوقت الليلي الذي يحلو له في الشتاء أن يكون فارغا ضائعا أن أساعده في هذا

وأنا في طريقي اليه مررت بذاك الشارع الملاصق لمساكن شيراتون الذي يتخلله المترو العادي الذي يسمونه - الترماي-أبصرت شيئا لفت انتباهي جدا .. في بقعة ما أعرفها يوجد كشك غريب لفت نظري أكثر من مرة ولكن لم أتبين صاحبه أبدا .. عبارة عن ثلاثة أعواد خشبية محمول عليها شيء مثل قماش خيمة

ولكنه أخف منها .. بالكاد يشبه المظلة لهذه الأعواد .. بين هذه الأعواد توجد بعض الكراتين الورقية وعليها قماشة بالية حمراء وعلي هذه القماشة يوجد مصحف قديم كبير .. ولا يوجد أحد في هذا ..

هذا البيت!!!

واليوم وجدت صاحبه ووجدت معه صديقا

انظرو الي حال الرجلين .. الأول رجل عاجز قصير جدا وذو رأس كبير يستند علي عكازين قديمين .. يقف في ثبات ولكن في نفس الوقت في ضعف شديد .. ربما لأن صحته متدهورة من جراء النوم علي الرصيف واستنشاق تراب الأسفلت والغطاء بالرياح الباردة أو لجوعه وفقره

والثاني .. رجل وسيم فارع الطول يقف بجوار سيارته - الزيرو-متبسما في وجه صديقه يحدثه عن شيء ما .. وبصراحة هما ليسا بالاصدقاء

فهذا الرجل الغني الوسيم يعطف علي الثاني القصير الوحيد ويمد يده في جيبه ويعطيها لهذا المسكين في

عطف وحب وايمان

والعاجز يشكره ويدعو له

تركتهما يتحادثان ومضيت في طريقي مفكرا ومعجبا جدا بهذا الشخص الوسيم الذي تناسي هذا المطر والريح ونزل من سيارته الفارهة من أجل العطف علي هذا المسكين العاجز .. وهذا الأخير .. هل يقطن هنا؟ وأين أسرته ومنزله .. هل يقطن الشارع؟

هل لم يتزوج بسبب عجزه؟

هل يستمر في صراعه مع الحياة طويلا؟

أم ينال منه الشارع القاسي؟

يا الهي .. رحمتك.. لا مسؤلين ولا بشر .. ولا حكومة قد تبصر مثل هذا

انما رحمتك يا ربي وسعت كل شيء

بعدها قابلت صديقي وذهبنا الي مقصدنا وأمضينا الليلة معا .. وفي طريق عودتي .. شاءت الأقدار

وشاء الرحمن أن أقصد نفس المكان.. أقترب في لهفة من مكان الرجل وعقلي يخبرني .. لا بل يجبرني أن أعطف علي هذا الرجل العاجز

بقلبي أدعو الله أن يكون العاجز قابع في مسكنه يقرأ في مصحفه .. أو حتي يشرب كوب من الشاي الساخن.. لم أجد هذا ولا ذاك .. وجدت الرجل متكورا علي نفسه .. نائما علي سريره -أقصد كراتينه-

يرتعش جسده من البرد .. مررت بجواره بسيارتي وأنا أفكر .. ماذا أفعل؟

هل أترك له النقود بجواره؟لربما لن يتفطن لها ويأخذها غيره.

هل أذهب لحال سبيلي وأعود في وقت لاحق؟

لا

هداني ربي .. نزلت من السيارة واقتربت منه وقلت " السلام عليكم " في صوت خفيض

والحمد لله .. لم يكن نائما ولا أظنه ينام أبدا في هذا البرد القارس تحت مظلة ليالي الشتاء..

رفع رأسه من تحت قماشته وقال " وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته" .. المصحف الشريف بجواره

يحتضنه في حب.. عكازيه ممدين بجواره وكأنهما صديقين له.. مددت يدي له بالنقود

وقلت " كل سنة وانت طيب "

وقال " وانت طيب ...!" وأخذ النقود فرحا وعاد يتقوقع من جديد تحت قماشته وفوق كراتينه

وأنا أبتعد عنه فرحا بعطفي عليه وبالصدقة التي أخرجتها لوجه الله

تري لماذا اخترت هذا الطريق في عودتي .. طريق الرجل العاجز !؟؟

... لا أعلم.

تم تعديل بواسطة الآسر

girlball.gif

**************************************************

IF YOU CAN UNDERSTAND THE ME

THEN I CAN UNDERSTAND THE YOU

رابط هذا التعليق
شارك

من يقطن بجوار هذه المنطقة

فليتعطف علي هذا الرجل ويأخذ ثواب

ومن يقطن بعيدا

فليتعطف عليه أيضا ويأخذ ثوابا أكبر

بارك الله فيكم جميعا " ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا .. فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة"

صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم

girlball.gif

**************************************************

IF YOU CAN UNDERSTAND THE ME

THEN I CAN UNDERSTAND THE YOU

رابط هذا التعليق
شارك

العزيز آسر لا يترك فرصة الا و يخبرنا بطريقة أدبية عن أياديه البيضاء ... مع اعجابى بتطور الأسلوب لكن الفكرة بالنسبة لك مكررة بعض الشيء .. ألا ترى معى هذا .. أعرف أن الدفاع الرئيسي سيكون أن ما حدث حقيقى و من أرض الواقع ... لكننا هنا نناقش عملا فنيا و فكرة فنية ..

ليس شرطالكى تناقش فكرة عن التعاطف أو المعاناة البشرية أن تخبرنا عما فعلته ساعتها .. اليس كذلك ..

تكتب و تكتب . و تنسى أننى هنا ... بابتسامتى الخبيثة و تعليقاتى الأخبث ...

مهيب

<span style='font-size:14pt;line-height:100%'>حين يصبح التنفس ترفـاً .. و الحزن رفاهية .. والسعادة قصة خيالية كقصص الأطفال</span>

رابط هذا التعليق
شارك

لست أكرر شيئا يا عزيزي مهيب

ومتي ذكرت شيئا مثل هذا من قبل؟

هذا شيئا مررت به وشعرت به جدا .. ليتك تري هذا الرجل

وفعلا ودون أن أدري وجدت نفسي تسير في درب هذا الرجل وكأن الله سيرزقه

هذا الرزق رغما عني

"اللهم أرزقنا جميعا "

ولم أقصد أيضا ابراز أيادي البيضاء !!!

فأنا لن أتباهي بعطفي علي رجل عاجز ولكني أقصد القيمة الفنية مع المعني العاطفي

وشكرا لك

""""" بالمناسبة : أين كنت مختبئا؟ :P

تم تعديل بواسطة الآسر

girlball.gif

**************************************************

IF YOU CAN UNDERSTAND THE ME

THEN I CAN UNDERSTAND THE YOU

رابط هذا التعليق
شارك

فى اناء معدنى ضخم .. جدرانه ساخنة كجهنم

<span style='font-size:14pt;line-height:100%'>حين يصبح التنفس ترفـاً .. و الحزن رفاهية .. والسعادة قصة خيالية كقصص الأطفال</span>

رابط هذا التعليق
شارك

ما شاء الله استاذ الاسر

اعجبت جدا بإسلوبك في السرد

وكذلك بالعبرة التي تحتوي عليها قصتك

وبالفعل اتذكر رجل يشبة بطل قصتك اراة دائما جانب كليتي

فهو يجلس في هدوء تحت شمسية صغيرة يستظل بها ويبيع المناديل

واكاد اؤكد لك ان وجهه يشبة وجه طفل صغير ويشع بالبراءة

ومتي توجهت له لتعطيه صدقة ....ارتفع اليك بوجهه قائلا " مش هتاخد مناديل؟" وكأنة لا يسأل الاحسان من احد

الرجل دة يهز قلبي جدا

ونحمد الله الذي عافانا من كثير مما ابتلي بة غيرنا

ونسأل الله ان يعيننا علي االتصدق

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...