اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

هل يعود الهوى من جديد ..!!


مصرية الهوى

Recommended Posts

إلى كل عراقي شريف .. مع حُبي ..

هل يعود الهوى من جديد .. !!

صباح أحد أيام نوفمبر 1984..

كانت راغدة ابنة الثامنة عشر ربيعاً تسقي الشجرة اليتيمة في حديقة منزلها الكائن في منطقة الكرخ ببغداد .. ونسيم الصباح البارد يداعب خصلات شعرها برقة وهدوء .. عند مدخل الدار كان والدها جالساً على مقعده يرتشف القهوة .. وهو يستمع إلى نشرة أخبار الصباح من مذياع صغير ..

طرقات على الباب الخارجي .. نهض الوالد ليفتح .. كان الطارق "جواد" ابن أخ زوجته :

- السلام عليكم .. صباح الخير يا عمي ..

- وعليكم السلام .. صباح النور يا ابني .. خير ما الذي أتى بك ؟؟

- خير يا عمي خير إن شاء الله .. لقد تّم استدعائي اليوم من قبل الجيش لأذهب إلى الحدود ..

- ماذا ؟؟!! .. هتف الأب .. بينما خفق قلب الصبية بشدة وخوف ..

- لا شيء يدعو للقلق يا عمي .. لا شيء .. لكني لم أشأ أن أذهب وأنا لم أودعكم .. أين عمتي نادية .. أريد أن أسلم عليها ..

نظر الأب إلى وجه الشاب نظرات خائفة تائهة تريد أن تستشرف المستقبل المظلم .. حالاً يا بني حالاً سأناديها .. قالها بذهول ودلف إلى الداخل !!

كانت راغدة واقفة مذهولة ترقب الموقف .. وقد تجمد خرطوم الماء في يدها .. تقدم إليها جواد بخطوات بطيئة .. نظر إليها نظرة مفعمة بالحب والوله .. تلاقت الأعين الوجلة في صمت .. مدّ جواد يده وأمسك بيد راغدة المرتجفة وقال لها :

أرجوكِ يا راغدة لا تخافي .. سأعود إن شاء الله .. ثم اخرج من جيبه كيساً صغيراً ووضعه في يدها ..

في هذه الأثناء خرجت العمة من الدار .. وهي تصيح : ماذا حدث يا جواد ؟؟ .. أين ستذهب يا حبيبي ؟؟ .. تقدم الشاب نحوها : لا أريد إلا دعواتك يا عمة .. حضنته العمة وأخذت تجهش بالبكاء .. حاول تهدئتها وطمأنتها بكل السبل .. ولما لم يفلح اعتذر بأنه تأخر وخرج ..

في المساء ..

لم تستطع راغدة النوم .. كانت تبكي وهي تحمل الكيس بين يديها .. رسالة وخاتم .. رسالة كتبها جواد ..

حبيبتي راغدة ..

أنتِ حبيبتي .. أقولها على الورق بعد أن عجزت أن أقولها لك مباشرة ..

لن أنساكِ يا راغدة .. ستظلين في قلبي إلى الأبد ..

أدعي لي يا راغدة .. صلي من أجل أن أعود سالماً .. حتى أراكِ يا قمري ..

أنا واثق بأني سأعود يوماً .. لنلتقي معاً ..

وهذا الخاتم أعتبريه خاتم خطوبتنا غير المعلنة ..

الذي سيأتي يوم ونعلنها فيه على الملأ ..

ختاماً :

استودعُ الله في بغداد لي قمراً بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه

ودّعــته ، وبودّي لـو يودعني صفو الحـياة وأنـــي لا أودّعه *

المخلص، جواد

********************************

مرت الأيام والأسابيع والشهور ... و لا أخبار عن جواد ..

كانت زوجة خالها تبكي بحرقة على ابنها المفقود .. كانت تندبه وتقول : وهل من يذهب إلى هناك يعود سالماً !! .. و كلما رأت راغدة بكت أكثر .. كانت تحتضنها وتقول.. لقد كان يحبك يا راغدة .. كان دائماً يقول لي بـأنه يحبك .. وأنه لن يتزوج غيرك .. اللهم احفظه .. اللهم رده ليحقق حلمه .. يا رب!!

*********************************

يوم من أيام أكتوبر .. 1988 ..

ما يقرب من أربعة أعوام مرت على رحيل جواد .. ولا أحد يعلم عن أمره شيئا .. تمّت صفقة لتبادل الأسرى بين العراق وإيران لكنه لم يكن معهم ..

كانت راغدة عائدة من صديقتها ... عندما دخلت المنزل ورأت والديها يتناقشان حول سفر ورحيل وبيع بيت وحزم متاع .. أي سفر وأي رحيل !! سألت والدها ..

ردت والدتها : لقد قررنا الرحيل .. ؟؟

- إلى أين ؟!!

- إلى أستراليا ..!!

- أستراليا .. ولما ؟؟

رد والدها بحدة : إنك تعلمين جيداً أحوال البلد .. وتعلمين بضرورة السفر .. ولا داعي للمناقشة ..سألته بيأس واستسلام : ومتى سنسافر ..!!

- بعد شهر من الآن .. !!

نظرت راغدة إلى والدتها التي تهاوت على أحد المقاعد والدموع تسيل على خديها .. أخوتها الصغار الذين لا تعلم ماذا سيكون مستقبلهم .. والدها ذلك الرجل الصبور الذي تحمل الكثير وذاق من العذاب ما لم يذقه أحد ..

في داخلها اعتصر قلبها من الألم سنرحل .. إذن سنرحل .. وسأترك جواد والحب والوعود .. سأترك العراق والدفء والحضن ..!!

بقي يوم على السفر ..

خرجت راغدة هائمة على وجهها في شوارع بغداد .. تتأمل كل شيء في طريقها .. وجوه البشر .. عيونهم الخائفة من المجهول .. واجهات المحلات .. الأشجار على جانبي الطريق .. تودّ لو حضنت كل شيء .. قبلتّه .. لثمته ..

وصلت إلى مكانها الأثير .. الجسر المطل على نهر دجلة .. وقفت .. أخذت تتأمل الماء .. المراكب .. أشجار النخيل على الضفة الأخرى .. توالت الصور في ذاكرتها .. حينما كان والدها كثيراً ما يصحبها إلى هذا المكان .. كانا يجلسان ويبدأ والدها يحكي لها .. يحكي لها عن العراق .. العراق القديم الجميل .. كان يحكي لها عن الآشوريين .. عن بابل القديمة .. عن حضارة العراق العظيمة .. كان يحكي لها عن العباسيين .. عن أبو جعفر المنصور وبناء بغداد .. عن هارون الرشيد والمعتصم .. كان يحكي لها عن التتار .. تدمير بغداد .. إحراق الكتب .. النهر يتحول إلى السواد ..

تذكرت الأجداد .. تذكرت عندما كانت صغيرة تزور جديها في الموصل .. قبل أن يغيبهما الموت .. كانت جدتها تفرح بها كثيراً .. دائماً تقول لها كلما رأتها إني أحبك كثيراً يا ابنتي لأنك تشبهينني .. كان جدها يأخذها ليتمشيا في الحقل .. ويحكي لها كما كان يحكي لها والدها .. تذكرت الأهل .. الأعياد والأفراح .. الأحزان والمآتم أيضاً .. تذكرت جواد .. جواد الصبي الذي كانت تلهو معه .. و جواد الشاب.. ببشرته الحنطية وملامحه العراقية الصميمة و عينيه العسليتان اللتان تحكيان ما لا يستطيع لسانه أن يحكيه .. جواد الذي أعطاها الرسالة والخاتم .. ورحل .. رحل ولم يعد .. تملّكها الحنين والشوق .. تمنت لو عاد .. عاد ليتزوجا ويسكنا هنا في العراق .. في بغداد الهوى كما كان يسميها ..

أخذت تدندن في خفوت :

في ليالي الخريف ..

حين يطغى علي الحنين ..

كالضباب الثقيل ..

في زوايا الطريق ..

في زوايا الطريق الطويل ..

حين أخلو وهذا السكون العميق ..

توقد الذكريات ..

بابتساماتك الشاحبات ..

كل أضواء ذاك الطريق البعيد ..

حين كان اللقاء ..

في سكون المساء ..

هل يعود الهوى من جديد ؟!! **

انحدرت دمعتان ساخنتان على خديها .. هل يعود الهوى من جديد .. هل يعود جواد ؟؟ .. هل يعود ؟؟

الشمس أمامها توشك بخجل أن ترحل .. غداً .. ستغرب الشمس وأنا بعيدة .. غداً .. ستغرب الشمس وأنا خارج العراق .. غداً ستغرب الشمس عن وطني ولن أرى غروبها .. بكت .. وبكت .. كما لم تبك من قبل .. لا تدري كم مضى من الوقت .. وهي في مكانها واقفة تنتحب .. شعرت بأن الظلام قد ساد المكان .. بخطوات متعبة حزينة .. حملت جسدها المنهك و سارت عائدة إلى المنزل ..

في الصباح .. تجولت في أرجاء المنزل .. تريد أن تودع كل شيء قبل الرحيل .. خرجت إلى الفناء .. وقفت عند الشجرة اليتيمة .. احتضنتها .. تذكرت آخر مرة رأت فيها جواد .. هنا عند الشجرة .. هنا كانت واقفة وهنا كان واقفاً .. هوت على الأرض .. قبّلت مكان قدميه .. لثمت التراب الذي مشى عليه ..!!

خرج الأهل .. ألقت على المكان نظرة سريعة .. وخرجت .. وعيناها مغرورقتان بالدموع .. وقلبها يتمزق من الألم ..!!

عند نقطة التفتيش على الحدود العراقية الأردنية.. تفحص الضابط العراقي الأوراق .. وأذن لهم بالمرور .. قال وهو يبتسم ابتسامة شاحبة : في أمان الله .. لا تنسوا العراق ..!! سارت المركبة .. نظرت خلفها .. لقد رحلت .. رحلت عن الوطن .. رحلت عن العراق .. رحلت بجسدها .. لكن قلبها بقي .. حيث الحب والدفء وجواد وبغداد الهوى ..!!

********************************

في الأردن .. مرت أول ليلة في الغربة على راغدة وأهلها ..

كانت سوداء .. مظلمة .. كئيبة .. !!

قضى الليل كله وهي تقلّب الرسالة والخاتم والصور .. صور الأحبة والأهل في العراق .. خرجت لتقف في الشرفة .. تتوجه بجسدها حيث المشرق .. تتنسم الهواء القادم من أرض الوطن .. لعله يطفئ من نار الشوق والحنين والألم في داخلها !!

بعد أسبوع من إقامتهم في الأردن .. تقرر وقت الرحيل الأخير .. الرحيل إلى أستراليا .. حيث المهجر ..!!

هناك .. في تلك البلاد البعيدة عن الوطن .. أحست راغدة بطعم الغربة الحقّة .. كل شيء من حولها بارد .. رمادي .. بلا ألوان .. بلا طعم .. وبلا رائحة .. الناس غير الناس .. والوجوه غير الوجوه .. والأرض غير الأرض .. في داخلها .. أشياء كثيرة تبكي .. أشياء كثيرة تصرخ .. أشياء كثيرة تملّكها الشوق .. إلى العراق .. إلى التراب .. إلى الشمس .. إلى الدفء .. إلى الوطن !!

كان أحد أقاربها المقيمين في أستراليا منذ زمن قد هيأ مسكناً لهم وعملاً لها و لوالدها ..

في أحد الجامعات الأسترالية ، قررت راغدة أن تتقدم لمعادلة شهادتها حيث كانت قد حصلت على بكالوريوس الصيدلة من جامعة بغداد ..

بعد مرور عام على مجيئهم إلى أستراليا .. بدأت راغدة في التأقلم على الحياة .. العمل والدراسة وبعض الأقارب والأصدقاء والجيران .. شيئاً فشيئاُ أخذت تستعيد القليل من سعادتها المسلوبة ..

في أحد الأيام ، وبينما العائلة تتناول العشاء ، رن الهاتف ، رد أحد الأبناء تحدث قليلاً ثم طلب والده للحديث : خالي .. يتحدث من العراق !! .. التقط الأب السماعة بسرعة .. السلام الحار والتحايا .. قليلاً .. قليلاً .. بدأ صوته بالخفوت .. امتقع وجهه .. ملامحه أصبحت باردة جامدة .. العيون كلها تراقب ذلك التغير .. كان قلب راغدة ينبض بعنف .. سرت رجفة في أطرافها .. انتهت المحادثة .. و أُقفلت السماعة .. حاول الأب أن يرسم ابتسامة باهتة على وجهه .. لاشيء .. لاشيء .. الجميع بخير .. يقول بأن أم جواد مريضة قليلا .. الشك يتسرب إلى نفس راغدة .. قلبها يقول لها بأن جواد في خطر .. ذهب والدها إلى غرفته .. تبعته بسرعة .. دخل إلى الغرفة وتهاوى على سريره وأنفاسه تتلاحق بسرعة .. دخلت وراءه .. تفاجئ بها .. ماذا هناك يا راغدة يا حبيبتي ؟؟ .. أجابته بسرعة : ماذا حدث لجواد ؟؟ .. رد عليها : جواد !! .. نعم جواد هل عاد ؟؟ ..

تأملها والدها .. شعرت بأن الدموع تحتبس في مقلتيه .. هزته بعنف : أجبني يا والدي ماذا حدث له .. أخذ يردد بصوت منخفض : إنا لله وإنا إليه راجعون .. إنا لله وإنا إليه راجعون .. صرخت في وجهه : هل مات ؟؟ .. أومأ برأسه أن نعم .. صرخت بصوتٍ عالي وخرجت من الغرفة وهي تنتحب .. جاءت العائلة لترى ما الأمر .. قال الأب: لقد جاء أحد الذين خدموا معه .. وأخبرهم بأن كتيبته قد تعرضت للقصف ومات كل من فيها .. قبل أكثر من عامين ..!!

عادت راغدة إلى حزنها .. أحست بالمرارة والألم في داخلها .. لقد انتهى كل شيء .. لقد رحل جواد ولن يعود أبداً .. لقد كُتب علي الشقاء .. آه يا جواد .. كم أحبك .. كم أشتاق إليك .. لا زلت أشعر بدفء يديّك .. لازلت أشم رائحتهما في يديّ .. نظراتك .. همساتك .. كلماتك " أرجوك يا راغدة لا تخافي .. سأعود إن شاء الله " .. لا تزال ترن في أذني .. لقد أخلفت الوعد يا جواد .. لقد أخلفته .. لم تعد .. آه يا جواد .. لكم أتمنى لو كان لي جناحان لأتي أحط على قبرك .. أبكيك .. أرثيك .. أجعل دموعي تبلل تربتك .. أضع الورد عليها .. أصرخ فيك .. انهض .. انهض .. لعلك تسمعني .. أنا راغدة .. أنا راغدة التي وعدتها بأن تعود .. تعود لنتزوج ونعيش في بغداد الهوى .. آه يا جواد .. رحلت وتركتني لأحزاني .. ذهبت وتركتني أتجرع الحسرة والألم .. وحيدة .. شريدة .. غريبة ..!!

ومرت الأيام بطيئة .. ثقيلة .. لكن الزمن كفيل بمحو الأحزان ..

بعد حصولها على الشهادة ، عملت راغدة في أحد شركات الأدوية ، قررت أن تخلص لعملها ، أن تجعله كل شيء في حياتها ، أن تحاول نسيان ماضيها المؤلم بالانغماس فيه ..

صباح أحد الأيام ،دخل شاب يحمل أوراق وملفات إلى مكتبها .. تقدم منها ..

- صباح الخير..

- صباح النور ..

- عربية ؟

- نعم .. أنا راغدة من العراق .. أي خدمة ؟؟

- الله لقد اشتقت للغة العربية كثيراً !! .. أنا فادي من سوريه ..

- تشرفنا يا أستاذ فادي .. ولكن كيف عرفت أني عربية ؟

- ولو .. ملامحكِ .. عيناكِ السوداويين .. بشرتكِ التي لفحتها شمس البلاد العربية .. ورائحة الوطن التي تفوح منكِ .. ضحك .. و ضحكت راغدة .. أحست بالانتماء إليه .. سألته : هل تعمل هنا .. إني لم أرك إلا اليوم ؟؟

- نعم .. لقد عدت اليوم من إجازتي ..

ناولها أحد الملفات وطلب منها مراجعتها وتسليمها إلى مدير القسم .. وغادر ..

كان فادي يعمل في قسم آخر غير الذي تعمل فيه راغدة .. لكنها كانت تراه من فترة لأخرى .. وخصوصاً في كافتيريا الشركة .. كان فادي لطيفاً معها جداً .. يبتسم كلما رآها .. يأتي ليسألها عن أحوالها من وقتٍ لآخر .. مع الأيام .. شعرت بأن فادي أصبح شيئاً بالنسبة لها .. و شعرت أيضاً بأنها هي أصبحت شيئاً بالنسبة له .. كانت كلما رأته تبادر إلى ذهنها جواد .. تشعر بأنه يحمل في عينيه ذات النظرة التي كان يحملها جواد .. تلك النظرة العميقة الهادئة التي تُشعرك بأنك تبحر في متاهات لا مرئية .. وأنك تتوه في لجج لا تدري ما كنهها ..

صباح أحد الأيام ، وبينما كانت راغدة منهمكة في العمل على مكتبها ، دخل فادي ، سلّم عليها .. وسألها عن أحوالها ثم قال:

- راغدة .. ما رأيك بأن نشرب القهوة سوياً ..

- أنا آسفة .. لا أستطيع .. لدي عمل ..

- ولكن .. ثم قال بهدوء .. أريد أن أتحدث معك ..

خفق قلب راغدة .. تفضل قل ما لديك ..!!

تلفت حوله .. غير ملائم الآن .. لا عليكِ .. في وقت لاحق .. ثم سار ليخرج .. عندما وصل إلى الباب استدار .. وعاد إليها .. راغدة .. هل يمكنني التحدث إلى والدك !!

ارتبكت راغدة .. واحمرّ وجهها .. تلعثمت .. والدي .. آ آ .. نعم .. وأعطته رقم المنزل .. ثم استدار وخرج ..

في هذا اليوم عادت مبكرة إلى المنزل .. عادت خائفة قلقة .. لا تعرف ماذا تفعل .. فادي سيتقدم ليخطبها بالتأكيد .. تذكرت جواد .. الرسالة والخاتم والوعد بالعودة.. بكت كثيراً .. بكت الحب القديم .. وبكت الحبيب الراحل .. وبكت المستقبل الضبابي .. ماذا تفعل يا ترى .. هل توافق .. أم ترفض .. ولكن الحبيب العائد رحل إلى العالم الأبدي .. ولن يعود ثانية .. وفادي إنسان لطيف .. وهي تشعر أنها تحمل له في قلبها شيئاً .. لا تريد أن تقول حباً .. لأن الحب لجواد .. ولجواد فقط .. ظلت طوال الليل حائرة تبكي .. وتدعو الله بأن يلهمها الصواب ..

من الغد .. كانت إجازة نهاية الأسبوع .. في المساء .. رن الهاتف .. لابد أنه فادي .. تحدث مع والدها طلب يدها .. وطلب تحديد موعد للزيارة بين العائلتين .. الحيرة تكاد تقتل راغدة .. حاول أهلها أن يقنعوها بالقبول .. كانت والدتها تقول لها : لن تظلي هكذا يا ابنتي .. ابن خالك رحل .. وهو يحبك ولا يريد إلا سعادتك .. بالتأكيد إنه سيفرح إذا فرحتي .. تحدث إليها خالها وزوجته من العراق .. حاولا إقناعها بالزواج .. وبأن تنسى جواد وتعيش حياتها ..

وكـــان الـــزواج !!

كان فادي زوجاً رائعاً .. شعرت راغدة معه بالسعادة .. أحست بأن الدنيا بدأت تبتسم لها .. رزقت منه بتوأمين جميلين .. أسمتهما جواد وجهاد .. كانا زينة الحياة بالنسبة لها .. في عينيهما البريئتين ترى الدنيا وجمالها وبهجتها .. أصبحت حياتها بيتها وعملها وزوجها وأولادها .. مرت الأيام رغيدة هانئة .. لا يكاد يعكر صفوها شيء ..

********************************

أوائل عام 2003 ...

العراق .. على شفا حرب .. الخوف بدأ يعتري راغدة .. أهلها القاطنون هناك .. مرت سنون لم ترهم فيها .. إنها تحبهم .. تحبهم جميعاً .. تشتاق إليهم .. لا تريد أن يصيبهم مكروه ..

في منزلها .. الهاتف يرن .. تحادثها والدتها بصوت مرعب : راغدة .. لقد عاد جواد يا راغدة .. لقد كان في صفقة أسرى 88 .. لكنه أُدخل السجن .. ولقد خرج الآن .. لقد علم برحلينا وعلم بزواجك .. صدقيني يا حبيبتي .. لقد تمنى لك كل الخير .. تمنى لك السعادة مع زوجك وأبنائك .. صدقيني إنه يريد منك أن تنسيه .. اعتبريه لم يعد .. صدقيني يا حبيبتي ..

جواد .. الأسر .. السجن .. عاد .. الحب .. الوعد .. السعادة .. الأماني .. الخاتم .. الرسالة .. الزواج .. بغداد الهوى .. ماجت الأرض بها .. واختلطت المرئيات أمام ناظرها ..

سقطت السماعة من يدها ..

راغدة .. حبيبتي .. أين أنتي .. !!

راغدة .. يا ابنتي .. هل تسمعينني .. !!

انتهى ..

********************************

* ابن زريق البغدادي ..

** بدر شاكر السيّاب ..

جيجي ...

سعودية الجنسية ... مصرية الهوى ...

رابط هذا التعليق
شارك

"نقل فؤادك حيث شئت من الهوى .. .. ماالحب إلا للحبيب الأول"

هكذا قال أبو تمام

"فى حياة كل منا وهم كبير ، إسمه الحب الأول"

هكذا قال إحسان عبد القدوس فى قصة الوسادة الخالية

هل يصدمك قولى : إننى بعد هذا العمر أجدنى منحازا إلى رأى إحسان ؟؟

نحن فى حالة حرب لم يخض جيشنا مثلها من قبل
فى الحروب السابقة كانت الجبهة الداخلية مصطفة
تساند جيشها
الآن الجيش يحارب الإرهاب وهناك من يطعنه فى ظهره
فى الحروب لا توجد معارضة .. يوجد خونة

تحيا مصر
*********************************
إقرأ فى غير خضـوع
وفكر فى غير غـرور
واقتنع فى غير تعصب
وحين تكون لك كلمة ، واجه الدنيا بكلمتك

رابط هذا التعليق
شارك

بالعكس يا أستاذ أبو محمد لن يصدمني انحيازك إلى رأي الاستاذ إحسان عبد القدوس ..!!

أبو تمام عندما قال هذا البيت .. يبدو لي أن الحبيب الأول .. لازال يسكن قلبه .. رغم تنقّل فؤاده !!

بينما رأى الأستاذ احسان عبدالقدوس .. إن حبه الأول .. كان وهماً كبيراً بالنسبة له !!

باختصار ..

الحب الأول يختلف من شخص لآخر.. حسب كل شخص وتجربته !!

تحياتي ..

جيجي ...

سعودية الجنسية ... مصرية الهوى ...

رابط هذا التعليق
شارك

فى حياة كل منا شيئ اسمه الحب الأول

ليس بالضرورة ان يكون له اثر فى حياتنا ، ولكنه شيئ يشبه أول يوم استطعت ان تقود الدراجة بنفسك دون ان تقع ، أو أول مرة تسبح دون أن تغطس فى الماء ، هو تماما مثل التطعيم بتشريط الجلد وأنت طفل ، قد لايكون له تأثر محسوس عليك عند الكبر ، ولكنه موجود على جلدك.

لاأعتقد ان احدنا يمكن ان ينسى اولى دقات قلبه لرؤية الحب الآول ، والذى لو عاد من جديد بعد سنوات طوال لدق القلب مرة أخرى ولكن ليس بالضرورة بنفس مشاعر الطفولة او المراهقة.

أما عن رأى احسان عبدالقدوس بانه وهم كبير ، فقد يكون صحيحا حال ان حاولنا ان نعمل منه موضوع كبير ففعلا سنجد انه وهم كبير.

أما قول ابوتمام "نقل فؤادك حيث شئت من الهوى .. .. ماالحب إلا للحبيب الأول" فلا اؤيده حيث اننا نمر بتجارب حب كثيرة ومايعيش ويستمر منها هو الحب الذى ينتهى بالزواج حيث انه فى رأيى هو الحب الدائم والذى يمتزج فيه الحب بالعطف بالاخلاص بالرحمة ويكتمل بالذرية الصالحة وعندها نشعر ان هذا النوع من الحب لايمكن وصفه او فصل مكوناته فقد اصبح مركبا ومعقدا.

--

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ}(11){اَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ}(12)وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ}(11)

new-egypt.gif

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله *** وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
***************
مشكلة العالم هي أن الحمقى والمتعصبين هم الأشد ثقة بأنفسهم ، والأكثر حكمة تملؤهم الشكوك (برتراند راسل)
***************
A nation that keeps one eye on the past is wise!A
A nation that keeps two eyes on the past is blind!A

***************

رابط القرآن كاملا بتلاوة الشيخ مصطفى إسماعيل برابط ثابت مع رابط للقراءة
***************
رابط
القرآن كاملا ترتيل وتجويد برابط ثابت مع رابط للقراءة
***************
رابط سلسلة كتب عالم المعرفة

رابط هذا التعليق
شارك

قصه رائعه يا مصريه الهوى

وبالنسبه لموضوع ابو تمام واحسان عبد القدوس فانى ارى بعض الناس ترى ان راى احسان عبد القدوس هو السليم وان الاخرين يرو ان راى ابو تمام هو السليم ولكن هناك حاله ثالثه :

ان يكون هناك من يحب ويكون على علم ان حبه وهم كبير ومع ذلك فهو يردد مقوله ابو تمام عن ظهر اقتناع

واعتقد ان هذا هو تعذيب الذات باراده الذات نفسها فقد يكون الحب الاول لمن لا يستحق

وبالتالى فان راى ابو تمام ليس واقعيا بما يكفى

وايضا راى الاستاذ احسان عبد القدوس ليس واقعيا بما يكفى فليس كل حب اول وهم

اما عن رأى الشخصى فانى اعتقد ان رأى الاستاذ محمد راى مقنع فالحب الابقى ليس مقصورا على الحب الاول ولكن الحب الابقى هو الحب المكلل بالزواج وتكوين اسره مترابطه سليمه نفسيا ودينيا وماديا سواء كان مع الحب الول او الثانى او حتى المليون

انما الامم الاخلاق ما بقيت .............. فان همو ذهبت اخلاقهم ذهبوا

...................................................................!

وعلمتنى الحياه اضحك لأحبابى

واضحك كمان للعدو علشان يشوف نابى

واخده كمان بالحضن لو خبط على بابى

فيحس انى قوى وميشفش يوم ضعفى.......

قناتى ع اليوتيوب ....

صفحتى ع الفيس بوك .....

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...