مصر المنكوبة جواً وبراً وبحراً !!

[ابو خليل]

بعد حوالي أربع شهور سأكون (مضطرا) للعودة إلى مصر -إن شاء الله- على متن أحد سفن السلام –وما أكثر الأسماء التي تكون على غير مسمى !– شأني شأن آلاف العمالة المصرية في الخليج والتي تفضل العودة براً لأسباب متنوعة أهمها ملائمة السفر البري لظروفها المالية .

وبداية لابد أن انقل لكم مشاعري التي تموج فيها أحاسيس عميقة من الأسى والحزن –وكل ما في قاموس اللغة من ألفاظ الألم- على عشرات المئات الذين غرقوا مع العبارة السلام 98ولا أستطيع إلا أن أدعو الله بأن يتقبلهم مع الشهداء .

عشرات المئات من العمال المصريين المكافحين ماتوا ! وقد شاء الله أن يموتوا بموتتين من أقسى الميتات :

ميتة الغريق وميتة الغريب !! ، بل وشاء الله أن يموت البعض كذلك ميتة المفقود الذي لم يعثر له على جثة!

رحلوا وتركوا وراءهم مئات البيوت التي كانت تنتظرهم بعد طول غربة بشوق وحنين ،جهز لهم أهليهم الأفراح ابتهاج بعودتهم ، فانقلبت الأفراح مأتم ! ابتلعهم البحر الأحمر وابتلع معهم أغلب ما جمعوه في سنوات غربتهم وخلف وراءهم مئات الأرامل واليتامى وآلاف المفجوعين في أقاربهم وزملائهم وجيرانهم وأنا واحد منهم .فاللهم صبر ذويهم وألهمهم الصبر والسلوان .

****************

من المسئول عن هذه الكارثة : الحريق الذي شب في قسم البضائع وكان بإمكان الشركة المالكة أن تخصص عبارة للبشر وعبارة للبضائع – القبطان الذي لم يعود لميناء ضبا بعد حدوث الحريق وفضل الاستمرار .. توفيرا للنفقات – ارتفاع موج البحر الأحمر -– حالة السفينة التي ركبتها مراراً ولم ألمح في أي مرة أي وسيلة من وسائل الأمان ولو بزات الغرق ! – الهيئة الملاحية المصرية التي تأخرت في إنقاذ الركاب 5 ساعات – قبطان سفينة سانت كاترين التي رفض مساعدة الغرقى ولو بإلقاء مراكب الإنقاذ –….

من المسئول ؟

ولأن حقيقة الأمر لم تتضح بعد بجلاء ، فلا داعي لأن نتهم أي جهة بالمسئولية عن هذه المأساة الكارثة –بحثت في القاموس عن كلمة أقوى من مأساة وكارثة فلم أجد كلمة تصف هول ما رأينا –وإن كنت أرجح أن جل المسئولية ستلقى في الأخير على ( ارتفاع موج البحر الأحمر ) نعم فالبحر الأحمر المسكين هو الوحيد الذي لن يجد من يدافع عنه !!

لا أزال حتى الآن أتذكر نفسي وأنا جالس كالعادة على حافة عبارة من عبارات السلام ، انظر للبحر ، فأجد العديد من سمك القرش المفترس وهو يحوم حول العبارة .. جذبته رائحة دمائنا فجاء سريعا .. ربما نال بعض الطعام ! تُري هل شبع الآن ؟

لا حول ولا قوة إلا بالله

*******************

عموما كل زملائي يرتعدون خوفاً من العودة لمصر براً ! وأنا – وأعوذ بالله من كلمة أنا – الوحيد المتفائل بينهم .. حاولت أن أشرح لهم وفشلت … ربما أنجح معكم :

ثمة قول مأثور يدعي أن "لكل ثورة ضحايا" وثمة الحكمة المصرية تقول : " نتعلم عن طريق الخطأ "!!

نعم نتعلم عن طريق الخطأ ، عد للتاريخ وأقرأ عن نكسة 67 وكارثة قطار الصعيد والخ من الأمثلة ..

عموما .. ستقود مأساة العبارة- في رأيي المتواضع - إلى أحد من الاختيارات التالية :

1- إحياء مشروع (الكوبري ) الذي يصل بين السعودية ومصر براً ،وأعتقد أنه – لن يخرج من حيث تهدئة الشعب الغاضب فبرغم أن ثمة نقاط قصيرة تربط بين السعودية والأردن من جهة ومصر من جهة أخرى في خليج العقبة مثل (العقبة – نوبيع أو طابا) وبرغم أن المشروع يجعل من السفر من الجزيرة العربية لمصر سهل ومأمون وفي ساعات بسيطة ، لأن ثمة جهات كثيرة -معروفة للجميع- تحارب هذا المشروع منذ سنوات طويلة ، ولن تسمح –في نظري – بقيامه، وإن كنت أتمني أن يحدث العكس !

2- إحياء مشروع الأمن البحري ، وهو مشروع تم التصديق عليه بعد كارثة العبارة (سالم اكسبرس )-ألم أقل أن ثمة أسماء كثيرة على غير مسمى !؟- ويقتضي بأن ترافق لك عبارة قطعة بحرية مجهزة بوحدات للإنقاذ .. ويقال اللواء شرين حسين في صحف يوم الأربعاء 8/2/2006:أن المشروع بدأ عام 1991 بعد كارثة سالم اكسبرس وينتظر أن تكتمل وحدات الإنقاذ في العام المقبل (2007) !!!

3- تشكيل لجنة دولية أو على الأقل مصرية محايدة غير حكومية للتحقيق في هذه الكارثة الإنسانية التي راح ضحيتها أكثر من آلف شخص .

4- زيادة التأكد من سلامة وسائل الأمن في عبارات السلام .

نعم ستتحسن الخدمة صدقوني .. وإليكم الدليل ..

هل ركب واحد منكم قطار الصعيد المصري قبل عام 2000؟؟؟ كان الصعايدة الظرفاء يشبهوه بالسوق الشعبي

ثم وقعت الواقعة وحدثت كارثة قطار الصعيد المصري عام 1999 التي لم تعلن الحكومة المصرية –وبرغم مضي 7 سنوات على الكارثة – عن عدد الضحايا الحقيقيين للقطار ! وتصمم الحكومة على أن الضحايا 700 راكب مع أن كل عاقل يعرف أن هذا القطار المسكين الذي يجوب كل محافظات الصعيد متوسط ركابه لا يقل عن 3 آلاف راكب !

الآن يمكنك أن تركب قطار الصعيد وأن تفتخر به ، فبعد الكارثة المؤلمة تم تجديد عرباته ، وتصليح كراسيه ، وزيادة عدد مقطوراته ، وتجهيزه بوسائل الأمان … وصار لكل راكب كرسي … باختصار صار الركاب يعاملون معاملة آدمية !

صدقوني أتوق شوقاً لركوب العبارة السلام مرة أخرى … لكي أحظى –أخيرا- بالمعاملة الآدمية .. تخيلوا كم المهانة التي كنا نتلقاها إبداء من دخولنا ميناء سفاجا ..

- خمسون جنية زيادة على ثمن التذكرة .. ( رسم مغادرة )وفقا للقانون 99 للعام 2004 م ، أن أنه يتم جمع مبلغ حوالي 20000 جنية مصري يوميا .. بدون وجه حق .. وأين تذهب هذه النقود ! حتى عندما نغادرك يا مصر ندفع رسوم !

- 4 جنيهات لصندوق الشيالين وحاملي الحقائب ! حسناً سأدفع ولكن أين الشيالين !؟ الشيال عندما تناديه يشترط عليك 50 جنيه على الأقل ليحمل عنك حقائبك ، أي أنه راتبه يفوق راتبي في الغربة ، فلماذا أدعم صندوق الشيالين ؟؟

- دورات مياه سيئة للغاية .

- معاملة البحارة سيئة ، وقد تصل لضرب الركاب .

-معاملة رجال الجمارك لا تقل سوء عن معاملة البحارة ، وقد رأيت بعضهم وهو يصفع أحد المسافرين أمام زوجته وأولاده ! علاوة على التقديرات الجزافية للجمارك ، وقبول الرشاوى لتمرير الأجهزة الباهضة .. الخ .

سيحدث التطوير .. لان الكارثة حدثت ..

مسكينة يا مصر … مكلومة برا ( كارثة قطار الصعيد 1999م ) منكوبة جوا ( انفجار الطائرة المصرية في نيويورك 2001) وكان يضم أبرز الضباط المصريين العائدين توا من تدريب في الولايات المتحدة .. وأخيرا يكتمل الثالوث و تحدث كارثة البحر !

إنا لله وإنا إليه راجعون !!

أبو خليل المصري

[se_ Elsyed]

إرجع يابو خليل وبلاش تهور ..

إرجع يابني أهلك عايزينك ..

دلوقتي اللي بيحجز على عبارة السلام بيخيروه : تحب تموت مشوي ولا بأسفكسيا الغرق ولا تكون طعام للقروش ؟

------

أنا مش عايز أقضي على تفاؤلك لوكن الأمور لن تنصلح إلا إذا صلحت الرأس .. والرأس هنا هو قدوة البلد وحاحكها السيد الرئيس راعي الرياضة والرياضيين ( حسني مبارك ) وده برضوا مش هايحصل .. لإن عمرنا ما شوفنا حد بلغ من العمر أرذلة وفجأة إنصلح حاله ..

----

إنت حر بقى بس إبقى خد معاك فردة كاوتش جواني لزوم الأمان يعني ... ولو إنها بقت صعب اليومين دول لإن كل الكاوتشات ( تيبولس )

[ابو خليل]

سي السي علشان بينزل طيران عمال يتريق علي الغلابة امثالي !

ماشي يا عم !! :)

جتنا نيلة في ...........

[ابو حلاوه]

تعددت الاسباب و الموت و احد .. مصر منكوبة ايضا اكلا و شربا و هواءا و سكنا

ان لم تمت من الاكل و الشراب المسمم و المسرطن ستجده في السحابة السوداء و ان لم يكن في هذا او ذاك ستجده في الاسمنت او الحديد المغشوش

و لنا الله

[Abofady]

انا مش معاك يابوخليل .. بقى قطر الصعيد بقى كويس علشان مات 700مواطن مصرى , والسفر بالبحر هيبقى كويس علشان مات 1700مواطن (700بتوع سالم ,1000بتوع السلام ) والطيران هيبقى كويس علشان الكام طيارة اللى وقعوا ومات فيهم كام مصرى , والطرق هتبقى كويسة علشان الحوادث الحاصلة ومات فيها كام الف مصرى , ووزارة الصحة هتبقى كويسة والعلاج متوفر علشان امراض السرطان والفشل الكلوى والكبد الوبائى اللى موت كام مليون , ,,,,,,,, هم الجماعة المصلحتية دول مبيعملوش حاجة ببلاش لازم موت علشان يشتغلوا . وباذن الله كده لما يبدأوا الشغل هيكون فاضل كام مصرى .... دا البلد كلها بايظة .. هنصلح ايه ولا ايه .. الحكومة الفاشلة هذه لم يعد امامها الا ان تخطف الناس ليلا وتاخذهم الى الاهرام وتجيب مخرج كبير زىالعقاد ( اللى مات فى حادثه برضه) يعملهم ديكور واخراج ,واحد شايل فاس , وآخر ينفخ فى النار ,وآخر جايب شوية مية فول فى كيس ومدخل الخرطوم من الصديرى وابونواس بتاع الاثار يقول دى بقى اول عملية زرع كلب عملها المصريين,وواحد قاعد جايب لوح اسود وقاعد يشخبط عليه قال ايه بيخترع كميوتر . الحكومة تنيمهم جنب الهرم وتدعوا السياح من جميع انحاء العالم وتقول قررررررررررررررب قررررب قررب اتفرج ياسلام على ولاد خوفوا وخفرع ومنقرع اللى بنوا الاهرام , تعالى شوف التكدم والاخترا, وعزمى يلم دهب ,وجمال يلم دهب,وصاحب مراكب الشمس يلم دهب(جتنا نيلة)

[ابو خليل]

عزيزي ابو فادي

صحيح وزير النقل لم يستقيل ؟

صحيح مسئولي الملاحة البحرية في البحر الأحمر لم يستقيلوا

صحيح ان مصير القبطان الخاص بالعبارة السلام المكنوبة هرب والحكومة تخشي من إعلان ذلك ، لانه كان أول الهاربين من العبارة ..

صحيح وصحيح أن كثير من الخطا يحدث

ولكننا لا بد من نتمسك بالأمل عارف ليه :

لاني ساعود لمصر برا بعد أربع شهور ... وأنا لا أعرف العوم لان عندي عيب في الأذن الوسطي !

لذلك لا أملك إلا الأمل !

فقط الامل

في معاملة آدمية ...

[Abofady]

عزيزى/ ابو خليل

اشكرك على ردك . لكن اللى مجننى وهيطير ابراج مخى ان ابنى اللى فى كلية الهندسة جاء لزيارتى لتجديد الاقامة , وركب احد هذه المراكب فى وصوله وكان المفروض ان يعود فى هذه العبارة , لكنه طلب منى موبايل اشتريته له فمعجبهوش . طالب ياسيدى مش عارف ايه من الغالى , فقلت له خلاص خليك بقى قاعد لاخر الشهر , والولد قعد. وفوجئنا باخبار العبارة , وتخيل سيادتك منظرنا انا وامه واخته وهو ونحن جالسين امام التليفزيون نرى كل هذه المناظر والجميع يبكى , الولد يبكى ثم يقوم ويقبلنى وامه تبكى وتحتضنه واخته تبكى وتنظر اليه وانا ابكى ليس على ابنى الذى انقظه الله , لكن ابكى على اولاد الناس الاخرين ,ابكى للطفل محمد, ابكى على البلد .

ابنى خائف من السفر الان باى وسيلة , وامه تقول بلا تعليم بلا نيلة , ونحاول ان نخرجه باى طريقة , لكن ستمضى الامور الى الاحسن باذن الله , شد حيلك انت بس , وانا هخلى عندى امل زى حضرتك ما تفضلت .......... وانشاله تاخد الواد يسافر معاك تشيلوبعض ...............ان كنت مسافر .

[ابو خليل]

أخي أبو فادي ..

لا تقلق علي فادي .. ( اعتقد أن هذا هو اسمه ) فهو في عيوني الإثنين ..

وأنا بدأت في شراء عدة السفر :

العوامة ، واسطوانة الإكسوجين ، وساعة ضد الماء ( حتة أحسب لهم موعد الحضور لإنقاذي )

:P

ولننظر للأمور بمنظارأكثر تفاؤلا ..

تخيل معي :

سيصلحون كل قوارب النجاة المثقوبة

سيبدلون كل سترات النجاة التالفة

سترافق سفينة نجاة كل عبارة في البحر الأحمر ..

سيعاملوننا معاملة إنسانية ..

طالما يفصلنا عن مصر البحر الأحمر ..

لا نملك إذن إلا أن نتفائل ! :D

[Abofady]

اخى العزيز/ ابوخليل

تقول سيادتكم ( لا نملك اذن الا أن نتفائل ) .. وكلامك صحيح مئة بالمئة - لكن الا تعتقد معى اننا نحتاج الى اشياء اخرى كثيرة من اهتمامات الحكومة , ان جميع المصريين فى الخليج لم يعد لديهم الا سؤال واحد ... هتسافر ايه ؟ بر..بحر..جو.. والثلاثة متنيلين على عينهم , يعنى نسافر على الناقة ونشرخ , ولا على الحمير , يعنى الواحد بدل ما ياخد معاه (هاند باج) يجيب (حمار باج ).. كل هذه الافكار تمت مناقشتها يعنى معندناش اى عداء للحكومة , لا احنا داخلين انتخابات ولا عاوزين نبقى وزرا, ولا دياولو ......... طيب بتموتونا ليييييييييييييييييييييييييييييه. مزاج . عموما الولد بدا ينتظم فى كورسات السباحة المنزلية فى البانيو , وبيقول لازم تشترى الحاجات اللى عمو ابوخليل اشتراها, وبرضه بيقول متنساس الموبايل . قلت له لو كان لنا عمر .

[ابو خليل]

عموما الكلام السابق يجرني لسؤال (يزن علي راسي )

كم سعر الإنسان المصري في نظر الحكومة المصرية ؟؟

صحيح كم تساوي أرواحنا عندها ..

انا بدأت اؤمن ان الحكومة تتابع معنا برنامج شعاره ( البقاء للأقوي ) زي الغابة تمام ..

مثلا الناجون من العبارة اثبتوا انهم أقوى جسمانيا من الغرقي .. إذن فقد استحقوا الحياة ... وبينما الضعفاء الذين لا يقدرون علي المقاومة والسباحة والعدو غرقوا .. وهم _ في نظر الحكومة 0 يستحقوا الغرق . لانهم لو عاشوا سيكونوا معوق لنهضة مصر !!!

معلهش انا بدأت اخرف ولا أيه :)

[Abofady]

صحيح هى مبادىء اقتصادية فى الاساس ( البقاء للاقوى) , ( والعملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من التعامل ) والرديئة هنا بمعنى الرخيصة , انظر الى السوق حاليا فالبضاعة الصينية الرخيصة طردت البضاعة الجيدة من التعامل فى السوق , قارن الخلاط الصينى بالالمانى , فانك لا تجد الالمانى اساسا , هذه الافكار الاقتصادية نبعت اساسا من الفكر الاشتراكى والغربى الذى لا يشعر اساسا بقيمة العامل بل يعتبره احد عناصر الانتاج ,مثل راس المال,والالات, والارض, اما فى مجتمعنا الشرقى المليىء بالروحانيات فيصعب تطبيق هذه المبادى لانك تجد اسر مصرية كثيرة حزينه لما حدث للعبارة , رغم انه لا يوجد ما يربط هذه الاسر بعضها ببعض, انا لا انسى مثلا الطفل محمد رغم انى لا اعرفه , ولا اعرف احدا من اهله ( لكن لدى قلب, وعندى احساس وعاطفة )

وطالما دخلنا فى الاقتصاد .. نعود الى السؤال ( كم سعر الانسان المصرى فى نظر الحكومة المصرية)

الجواب : صفر . وذلك لانها حكومة رديئة.

[Shams100]

بقلم:مصطفي بكري

منذ أكثر من سبع سنوات التقاه، كان هناك وسيط قد قدمه إليه، جلس معه منفردا، قرر أن يمنحه الحماية، وأن يفتح أمامه الأبواب، وأن يعرفه علي آخرين داخل السلطة، توثقت العلاقات، وتعددت اللقاءات، قال له بلغة واضحة: شبيك لبيك الحزب والحصانة بين يديك.

لم يكن ممدوح يمتلك أية مؤهلات ترشحه لعضوية مجلس الشوري بالتعيين، لكنه وجد من يسانده، ويقدم اسمه، باعتباره فلتة زمانه، لم يصدق الأمر في بدايته، لكن فجأة وجد الحلم وقد تحول إلي حقيقة.

يوم الإعلان عن قرار التعيين كان هناك احتفال محدد قد أقامه في فندق السلام بمصر الجديدة الذي يملكه هو وآخرون، وفي المرة التالية كانت الفنانة نانسي عجرم هي ضيف الشرف، غنت لنخبة محدودة كان علي رأسها القيادة الحزبية التي تولت الترشيح.

مضت الأيام سريعة، أصبح ممدوح إسماعيل صاحب ملايين، تطورت في غمضة عين لتصبح مليارات، احتكر خط ضبا ­ سفاجا، وسيطر علي خط السويس ­ جدة، طارد الكثيرين، هددهم قال: إن أحدا لن يستطيع الوقوف أمامه، وكان يزعم دوما أنه شريك الكبار، وأنه ليس أكثر من واجهة!!

في أكتوبر عام 2005 غرقت الباخرة 'السلام 95' كانت تحمل علي متنها 1541 راكبا، تم إنقاذهم، وأصيب وغرق عدد محدود، بذل كل الجهود من أجل أن يحمل الخطأ للسفينة القبرصية، إلا أن هيئة السلامة رفضت التسليم بمطلبه وقررت إجراء تحقيق عادل، استمر لسبعة أيام، بعدها كانت النتيجة واضحة وجري تحميل ربان السفينة 'السلام 95' مسئولية الخطأ.

جن جنون ممدوح إسماعيل، فمعني القرار أن شركته لن تحصل علي التأمين المقدر والذي يصل إلي عشرات الملايين من الدولارات، مارس كل الضغوط، أجبر الشركة المسئولة عن تفريغ الصندوق الأسود للباخرة 'السلام 95' علي رفض التفريغ حتي الآن، بعثت هيئة السلامة بعشرات الخطابات للشركة التي يقع مقرها علي بعد خطوات، إلا أن الأمر لا يزال علي ما هو عليه.

حاول ممدوح إغراء رئيس هيئة السلامة اللواء حسين الهرميل، وقال: إنه مستعد لمشاركته في إحدي الشركات إلا أن الهرميل واجهه بكل قوة ورفض عرضه وصمم علي موقفه، بل وقدم تقريره إلي وزير النقل في هذا الوقت د. عصام شرف، وأبلغ النيابة بكل التفاصيل.

سعي ممدوح إسماعيل من إجل إقناع د. عصام شرف برفض التقرير وتحميل السفينة الأجنبية مسئولية الحادث، وكانت إجابة وزير النقل في هذا الوقت: مطلبك مرفوض.

لم يصدق ممدوح إسماعيل أن هناك وزيرا في مصر يجرؤ علي رفض أي مطلب له، قال: يبدو أن الوزير لا يعرف من أنا، ومن يقف إلي جانبي ويساندني.. قال بلغة هادئة: إذا لم يتراجع الوزير فلن يبقي في موقعه.

مضت الأيام سريعة، كانت وقائع هذا الحديث قد جرت في شهر ديسمبر الماضي، ولكن ما هي إلا أيام قليلة حتي فوجئ الرأي العام بخلو التشكيل الوزاري من اسم د. عصام شرف، فكانت الصدمة كبيرة لكل من عرفوا هذه الواقعة، بينما راح الرأي العام يضرب أخماسا في أسداس غير مصدق أن وزيرا بهذه الكفاءة وطهارة اليد تم إبعاده رغم أنه لم يمض علي اختياره أكثر من 18 شهرا!

بعد إبعاد د. عصام شرف من موقعه، بدأ ممدوح إسماعيل يمارس ضغوطا مجددا، طلب موعدا عاجلا مع اللواء حسين الهرميل رئيس هيئة السلامة قبيل غرق الباخرة 'السلام 98' بيومين، وفي اللقاء راح يهدد ويتوعد، وقال له صراحة ­ ألا تعرف أن ممدوح إسماعيل عزل وزيرا، ساعتها رد عليه اللواء الهرميل وقال: ولا يهمني، فرد عليه ممدوح إسماعيل: أنا خايفك عليك.. أنت ممكن تروح بيتكم قريبا جدا!!

كانت تهديدات ممدوح إسماعيل جادة، كان يردد أنه سيقضي حتما علي كل من يعترض طريقه، وكانت الشواهد تؤكد قدراته علي ذلك، وكان قد أعد العدة لإبعاد عدد من القيادات الهامة في مقدمتهم لواء محفوظ طه رئيس هيئة موانئ البحر الأحمر ولواء حسين الهرميل رئيس هيئة السلامة وآخرون.

وربما كان القدر هو وحده الذي أوقف صدور قرارات بعزل هؤلاء، فالسفينة غرقت بعد يومين تحديدا من تهديداته الجديدة.

كانت تلك هي اللغة السائدة حتي هذا الوقت، ولذلك فإن كل من يتابع سير الأحداث التي عاشتها السفينة 'السلام 98' حتي غرقها، وكذلك مرحلة ما بعد الغرق يدرك أن هناك علامة استفهام كبيرة لا تزال تطرح نفسها؟!

لقد كشفت المعلومات أن قبطان السفينة كان قد أبلغ ممدوح إسماعيل منذ بداية اشتعال الحريق وحتي غرق السفينة بتفاصيل ما يجري، طلب منه أن يعود إلي ضبا باعتبار أن المسافة بين ضبا والسفينة لا تزيد علي 30 ميلا، بينما المسافة بين السفينة وسفاجا حوالي 60 ميلا، إلا أن ممدوح إسماعيل رفض.

استمر الحريق متقطعا لأكثر من 4 ساعات، وتم إبلاغه أكثر من مرة من خلال التليفون المرتبط بالأقمار الصناعية، وطلب منه أن يبلغ الجهات المعنية لإنقاذه وأن تتحرك الشركة علي وجه السرعة لأن الوضع خطير، إلا أنه رفض أن يبلغ أحدا وطلب من القبطان تكتم الأمر.

انقطعت الاتصالات بين السفينة وبين الشركة منذ الساعة الثانية صباحا عندما غرقت السفينة ولم يكلف نفسه عناء البحث أو الاتصال، بل نام قرير العين وكأن شيئا لم يحدث.

في السابعة إلا ثلاث دقائق صباحا علم قبطان سانت كاترين بغرق السفينة من خلال اتصال جري مع ضابط ثاني السفينة والذي كان يصارع الأمواج ويبحث عن وسيلة لانتشاله وآخرين وعندما اتصل القبطان بصاحب الشركة رفض وقال له: امض في طريقك رغم أن المسافة بين سانت كاترين والسفينة الغارقة لم تكن تزيد علي 7 أميال فقط، وهذه جريمة كبري لا يجب أن تمر دون حساب مهما كانت المبررات.

وفي الساعة 05،7 صباحا كان عمرو ممدوح إسماعيل نجل صاحب السفينة يبلغ رئيس هيئة موانئ البحر الأحمر بأن السفينة مختفية، رغم أنه كان يعرف أنها غارقة كما أبلغه قبطان سانت كاترين، وعندما طلب منه رئيس هيئة الموانئ أن يخرج اللنشين قوة كل منهما 30 عقدة تمتلكهما الشركة للبحث وعد ولم ينفذ.

في السابعة و35 دقيقة كان عمرو ممدوح إسماعيل يبلغ رئيس الهيئة بأن السفينة غرقت، فسأله رئيس الهيئة عما إذا كان قد أرسل اللنشين، فقال لم يحدث وعندما جري الإلحاح عليه أكثر من مرة أرسلهما في الثالثة عصرا، ووصلا إلي موقع الحادث في ساعتين وتمكنا من إنقاذ حوالي 148 راكبا، فما بالك لو أرسلهما منذ الصباح.

إن كل المؤشرات تؤكد أن هناك تعمدا من قبل صاحب السفينة ونجله بالتلكؤ في إبلاغ الجهات الرسمية وإصدار أوامر لقبطان السفينة ساعدت في إغراقها، وترك الركاب يغرقون ويصارعون الأمواج لأكثر من 50 ساعة، وبعد كل ذلك يبقي حرا طليقا.

إنني أسأل كافة الجهات المسئولة: ماذا يعني ذلك؟ إنه الآن يمرح ويتحدث أمام الكافة بأنه جلس مع مسئولين كبار وأنه لن يمسه سوء، وأنه ينتظر التأمين الذي وصل إلي أكثر من 50 مليون دولار سيحصل هو وحده عليها نظير غرق السفينة التي اشتراها بمبلغ لا يزيد علي 2 مليون.

إن الشارع المصري يئن، وهو شارع غاضب ويشعر بالغبن والظلم وينتظر تحقيق وعد الرئيس بمحاسبة المخطئين أشد الحساب.. لا تتركوا الناس تموت كمدا، لا تدفعونا جميعا إلي اليأس والإحباط، قدموا المجرمين للعدالة، وارفعوا الحصانة عن ممدوح إسماعيل ليلقي جزاءه بعد أن تسبب في قتل أكثر من ألف راكب

[الباشمهندس ياسر]

بفكر ارفعلكم الضعط

قصدي ارفعلكم المواضيع بتاعت ما قبل الثورة عشان تعرفوا شكل البلد كان ايه

افة حارتنا النسيان