اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

اقتحام سجن أريحا: الجميع ينتظر قراراً جريئاً من الرئيس الفلسطيني


Recommended Posts

اقتحام سجن أريحا: الجميع ينتظر قراراً جريئاً من الرئيس الفلسطيني

بلال الحسن

صحيفة الشرق الأوسط 19/3/2006

يمكن قول أشياء كثيرة حول مغزى إقدام "إسرائيل" على اقتحام سجن أريحا واعتقال القادة المسجونين فيه. يمكن القول إنها جريمة لا تغتفر، وإنها إهانة للشعب الفلسطيني، كما قال الرئيس محمود عباس. ويمكن اتهام الحكومة البريطانية ورئيسها طوني بلير بالذات، بالتلاعب والخداع والتواطؤ مع "إسرائيل". كل ذلك يمكن قوله والزيادة عليه، ولكن هناك أموراً جوهرية لا بد من التأكيد عليها.

الأمر الأول: أن "إسرائيل" جمدت العملية السياسية مع الفلسطينيين بالكامل. جمدت المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، وجمدت المفاوضات مع الرئيس محمود عباس المشهود له بالاعتدال، ورفض عسكرة الانتفاضة، والتمسك باتفاق أوسلو، والإصرار على الاعتراف بـ"إسرائيل". جمدت "إسرائيل" المفاوضات حول تفاهمات شرم الشيخ، وحول خطة خارطة الطريق، وأعلنت بالمقابل أنها تريد فرض حل منفرد من جانبها، وتريد منفردة رسم حدود نهائية لإسرائيل في إطار الجدار العازل. وقد رمت "إسرائيل" بكل هذه المواقف في وجه الرئيس عباس، وقبل أن تكون حماس قد وصلت إلى المجلس التشريعي الفلسطيني، وقبل أن تكون قد كلفت بتشكيل الحكومة الفلسطينية.

الأمر الثاني: أن القوى الدولية التي كانت تعتبر نفسها راعية لعملية التسوية السياسية، وفي المقدمة منها الولايات المتحدة وبريطانيا، قد أعلنت رسمياً، وبالممارسة من خلال تواطئها مع الحكومة الإسرائيلية في عملية اقتحام سجن أريحا، أنها لم تعد طرفاً راغباً في إدارة عملية التسوية السياسية والإشراف عليها، وأنها توافق بالمقابل على إطلاق يد "إسرائيل" لتفعل ما تريد سياسياً وأمنياً.

وبالاستناد إلى هذين الأمرين، لا يمكن الحديث عن عملية سياسية جارية، ولا يعود أمام السلطة الفلسطينية من مهمة تتصدى لها، سوى الشؤون الداخلية التي تتعلق بتسيير شؤون الناس وتسهيل أمور معيشتهم، وأن تتوقف عملية إشغال الناس بقضايا وهمية، من نوع المفاوضات والتسوية السياسية وشروطها.

ويتطلب الإقرار بهذين الأمرين، وقفة مصارحة تقوم بها السلطة الفلسطينية أمام نفسها أولاً، ثم أمام شعبها ثانياً، ومن الممكن لعملية المصارحة هذه أن تتم في مؤتمر صحافي، يعقده الرئيس محمود عباس، يعلن فيه أمام الجميع الحقائق المرة التي عايشها، والجهود الكبيرة التي بذلها لتحريك العملية السياسية دون جدوى. ثم يعلن الرئيس عباس في مؤتمره الصحافي أمام الجميع، أنه وبعد انسداد أفق التسوية السياسية، وبعد تواطؤ الدول العظمى مع "إسرائيل" لإطلاق يدها في معالجة شؤون الشعب الفلسطيني، فلم يعد أمام السلطة الفلسطينية من مهمة تتصدى لها سوى العناية بالشؤون المعيشية للشعب الفلسطيني. ثم يقوم الرئيس عباس بعد ذلك بدعوة حركة حماس لتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة على هذا الأساس.

لو أن الرئيس محمود عباس يقدم على هذه المصارحة، ويقرر التعامل مع الواقع كما هو، فإن الإقرار بهذا الواقع يستلزم منه دعوة جميع الأطراف الفلسطينية للمشاركة في حكومة وحدة وطنية، تلتقي بداخلها جميع الجهود من أجل مواجهة المرحلة الصعبة القادمة، والتي ستكون فيها مهمة تأمين حياة الناس وقضايا معيشتهم، مهمة صعبة للغاية، وعنوان الصعوبة فيها أن "إسرائيل" ستعمل على عرقلة هذه الخطة بكل الوسائل الأمنية المتاحة لها، وأن الدول العظمى ستواصل عملية التهديد بقطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني. ويترتب على موقف كهذا أن تكون حركة فتح هي أول حركة تقدم على إعلان استعدادها للاندماج في الوحدة الوطنية المنشودة، وأنها ستتعاون في هذا الخصوص مع حركة حماس، وستضع كل خبراتها وعلاقاتها السابقة في مسار إنجاح التجربة الجديدة. ويترتب على هذا أيضا أن المداولات الجديدة التي ستتم لإنشاء حكومة الوحدة الوطنية ستكون خالية من وضع الشروط التي شهدناها في الأسابيع الماضية، شروط الاعتراف بأوسلو، وإعلان الاستعداد للتفاوض، وإعلان الاعتراف بـ"إسرائيل"، لأن الحكومة الجديدة ستقوم على أسس مختلفة فرضتها عملية اقتحام سجن أريحا.

وهنا لا بد أن نسجل أن "إسرائيل"، ومنذ العام 2000، أي منذ فشل مفاوضات كامب ديفيد مع ايهود باراك، ومنذ انطلاق الانتفاضة الفلسطينية، قد ضربت عرض الحائط باتفاق أوسلو، وبخطوات خارطة الطريق، وعملت أيضاً على ضرب مؤسسات السلطة الفلسطينية، وهي تريد الآن من خلال عملية سجن أريحا أن تفهم السلطة الفلسطينية بأنها يجب أن تعمل وتتعايش مع سيطرة "إسرائيل" الأمنية عليها، وإذا كان هذا هو حال "إسرائيل" فمن العبث الاستمرار في فرض مطالب على حركة حماس ترفضها "إسرائيل" نفسها.

وحين تتشكل حكومة الوحدة الوطنية لتعبر عن الواقع الفلسطيني الجديد، يجري الإعلان في برنامج هذه الحكومة، أنها لن تعود إلى المفاوضات مع "إسرائيل" إلا إذا أقدمت على الإعلان رسمياً عن ثلاثة مواقف:

أولاً: الإفراج عن أحمد سعدات ورفاقه، وإعادة تسليمهم إلى السلطة الفلسطينية.

ثانياً: أنها مستعدة للعودة إلى المفاوضات مع القيادة الفلسطينية، وأنها لن تفرض أي أمر جديد يتعلق بالمستوطنات أو بالحدود، إلا بعد إنجاز التفاوض مع الفلسطينيين.

ثالثاً: أنها تلتزم بالاتفاقات التي وقعتها، وأنها ستنسحب من أراضي الحكم الذاتي التي أعادت احتلالها، وأنها ستتوقف عن ضرب مؤسسات السلطة، وعن كل العمليات الأمنية المتمثلة بالإغلاق، وبالحصار، وبالحواجز، وبالهدم، وبالاغتيال.

إن الهدف من هذه النقاط هو وضع الأمور في نصابها الصحيح، وإظهار أن "إسرائيل" هي التي ترفض العملية السلمية وليس السلطة الفلسطينية، سواء تمثلت بحركة فتح أو بحركة حماس. والهدف من هذه النقاط هو وضع القوى العظمى، وبخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا، أمام مسؤولياتهم الفعلية التي تستدعي الضغط على "إسرائيل" وليس الضغط على الفلسطينيين، سواء تمثل الفلسطينيون بحركة فتح أو بحركة حماس. وقد يؤدي هذا الموقف الجديد والصريح، إذا ما أقدم عليه الرئيس محمود عباس، إلى قلب الطاولة السياسية، وسيتأثر الجميع بهذا الموقف، العرب والغربيون والأميركيون، وحينها تستطيع حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية أن تتصل بالعرب جميعاً لتضعهم أمام الحقائق السياسية الجديدة، وسيتقرر حينها مَن مِن الدول العربية سيساند هذا الموقف، ومن منهم سيتخلى عن القضية الفلسطينية، بينما تشهد التجارب أن العرب وقفوا مع الفلسطينيين، مساندين وداعمين، في كل مراحل قراراتهم الصعبة، شريطة أن تكون المبادرة فلسطينية، وأن يكون الإجماع الفلسطيني متوفراً حولها.

ولا نستطيع أن نتجاهل، أن موقفاً فلسطينياً كهذا، سيصبح جزءاً من سلسلة متكاملة في المنطقة تمتد من إيران إلى العراق إلى سوريا إلى لبنان إلى السودان.... إلى فلسطين، حيث تعاني السياسة الفلسطينية في كل هذه البلدان من متاعب جمة، ستدفعها دفعاً إلى إعادة التفكير.

لقد أصبح الوضع الفلسطيني بحاجة إلى قرار سياسي جريء. قرار من نوع جديد. ومحمود عباس هو الرئيس المؤهل لإعلان هذا الموقف، فهو صاحب قضية لها تأثيرها على "إسرائيل" وعلى العرب وعلى العالم.

فهل يفعل؟

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...