ذكرى معركة الكرامة

[أسامة الكباريتي]

كان للخروج العربي المذل من حرب حزيران - يونيو 1967 الأثر الكبير في حالة اليأس اللامحدود التي عمت العالم العربي من المحيط إلى الخليج ..

جيل النكبة المخزية (1967) يذكر تلك الأيام حالكة السواد

انهارا من الدمع العزيز انهمرت ..

فقدان الثقة بكل شئ ..

ما أنس لا أنسى منظر الضابط الذي كان يحاول اللحاق بالأتوبيس الذي تعمد سائقه إذلاله بالمحافظة على سرعة تعطيه أمل ولكن لا يقدر على اللحاق به حتى صاح الكمساري "حاسب .. كعب عالي ياريس" غلى الدم في عروقي والسائق يوقف الأتوبيس وانهمرت التعليقات من الركاب "ماتاخدها جري .. دا انت واخد سينا بالعرض" "مش مكسوف من نفسك تركب وسط الرجالة" ... إلخ

لم أضحك يومها ..

ووجدتني أحملق في الناس مستنكرا ..

فالضابط هذا لا يستحق منهم ذلك ..

دارت الأيام

وتحت وابل من السخرية والسلبية الشعبية المطلقة .. عمل الجيش المصري ليل نهار على إعادة البناء من الصفر .. فالثأر كبير .. والجيش المصري لا ينام مع العار يجلله ..

واكبت الاستعدادات بلهفة .. فقد كان ثأري مضاعفا ..

لقد ذهب ما تبقى من فلسطين .. وأضعاف مساحتها من أرض عزيزة علينا جميعا ..

وانصرم العام 1967

وبدأت الأخبار تنقل لنا شيئا عن فدائيين يعلمون من الأردن وجنوب لبنان ..

عمليات فردائية نوعية بدأت تزعج العدو الصهيوني وتقض مضاجعه ولو على الحدود ..

الصحافة المصرية التي لم تكن من قبل تذكر شيئا عن العمل الفدائي الفلسطيني باتت تنشر اخباره من حين إلى آخر

وكان يوم الكرامة

كنت عائدا من الكلية .. وأذكر أنني كنت أمر في شارع جانبي بوسط البلد بالقاهرة حوالى الثانية بعد الظهر .. عندما لفتت نظري جمهرة من الناس على باب كشك سجائر .. صاحب الكشك يحمل بيده جهاز راديو صغير ..

الله أكبر

ربنا ينصركم

يارب خد بإيديهم يارب

هذا ماكنت أسمعه من المتجمهرين ..

فأسأل ما الخبر؟

الفدائيون ياولداه مستفرد بيهم موشي دايان في بلدة الكرامة ب غور الأردن ..

الفدائيون يخوضون المعركة من بيت إلى بيت ..

دبابات الجيش الصهيوني تطبق على البلدة التي هجرها سكانها قبل المعركة بطلب من قيادات المقاومة الفلسطينية ..

وفجأة يعلن الراديو بأن الجيش الأردني قد دخل المعركة وبدأت بطاريات مدفعيته المتمركزة بالجبال تفتح حممها على دبابات وآليات العدو الصهيوني

الجيش العربي الأردني الذي كان خارج حسابات دايان تمرد على الأوامر

حطم قائد الكتيبة جهاز اللاسلكي وأعطى أوامره بفتح النار من كل البطاريات التي كانت تتفرج منذ فجر اليوم على المعركة دون تدخل ..

سطر ذلك التلاحم البطولي في أرض الكرامة أسمى آيات الفخار والمجد في ذلك اليوم

النتائج كانت مذهلة

لأول مرة في تاريخه يفر جند العدو من ساحة القتال مخلفا وراءه جثث قتلاه وأشلاء آلياته المدمرة

أعداد كبيرة من القتلى

وثمانون آلية بين دبابة وجنزة قد دمرت ..

أول انتصار عربي

بعد الهزيمة المخزية والعار الذي لا يمحى ..

يومذاك كانت الولادة الثانية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) ..

---------------------------------

http://img133.echo.cx/img133/884/fairooz7zg.gif

http://www.islamonline.net/arabic/news/200.../images/pic.jpg