اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

إنهم يغتصبون الينايريين!


Recommended Posts

إنهم يغتصبون الينايريين!

لن أتوقف عن بث أوجاع وأحزان شهداء ثورة يناير ومُصابيها ومعتقليها، وأضع أصابعي في عيني كل من ينكرها أو يتهمها بأنها ثورة عبرية أو يُحَمِّل الشباب الغاضب الطاهر في الأيام الأولى التي سبقت رفع الأحذية في وجه المجرم الطاغية مبارك خطيئة انحراف نتائج الثورة أو سرقتها.
من كان منكم يظن أن أباه أو أمه أو شقيقه أو صديقه أو حبيبته كانوا صهاينة ولصوصا ونشالين ومتحرشين وقاتلين تسللوا وسط عشرات الملايين في كل شبر من أرض مصر الثائرة، فهذا شأنه.
البلطجية واللصوص كانوا إسلاميين وجنود جيش وشرطة وحزبيين وخارجين من رحم السلام العبري، أما أبناؤنا وبناتنا الذين ناموا تحت الدبابات، وقنص الأوساخ عيونهم، وألقى أوغاد السلطة جثث بعضهم في القمامة فلم يكونوا أكثر من ملائكة، بل كانوا أنبياء من الله لم تتنزل عليهم رسالة.
كل الموضوعات والقضايا والثورات تستطيع أن تنظر إليها من الأمام ومن الخلف، من عيون الشيطان ومن أرواح الملائكة، إلا ثورة شباب يناير، ثم شعب بمسنيه ونسائه وأطفاله ومعاقيه كانوا يغطون بأجسادهم تراب مصر من أسوانها إلى ثغرها.
أعمى البصر فقط هو الذي لم ير أهله في الثورة ولو كانوا في بيوتهم، وأعمى البصيرة هو الذي يشتاق لكرباج مبارك، وثلاثين عاما من الذل والقهر.
ربع مليون مصري مروا على سجون المجرم لربع قرن، وشهدت السجون والتخشيبات جرائم اغتصاب وصل بعضها إلى اغتصاب المصري أمام زوجته وأبنائه.
ثم نسي المصريون، وتناسىَ الكوهينيون أن الثورة العظيمة لم تكن مؤامرة، ولم يتلق الشعب الأوامر من قوى الاستعمار، ولم يعرف أبناؤنا الطريق إلى تل أبيب للحصول على مرتباتهم.
في نفسي غضب يعادل غضب آباء وأمهات الشباب وهم يشاهدون كشوف العذرية حيث جثث أولادهم في صناديق القمامة.
في نفسي غضب على كل من لم تحركه نزعة حب لله وللحق وللوطن، واتهم الشهداء بأنهم عبريون ولصوص.
كل الأشياء قابلة للنقاش إلا ثورة يناير، فمن يجادل فيها ليثبت أنها مدسوسة على المصريين هو جاهل وحاقد ووضيع وكاره لمصر وحريتها وعاشق للصوصها ومغرم بسادييها.
أنا على أتم الاستعداد لأناقش أقدس القضايا الدينية والوطنية والاجتماعية إلا تلك الأيام الخالدات التي تنفست فيها مصر بروح خمسة آلاف عام، وانبهرت شعوب الدنيا بهؤلاء الفراعنة الصغار.
كلنا ينايريون ولو لثمانية عشر يوما فقط، فهي أيام الشرف المصري.
كلنا تلك الثمانية عشر يوما التي كان المسلمون يتوضأون في الكنائس القريبة، وكان أشقاؤهم الأقباط يتصدرون بصدورهم لرصاص الشرطة والجيش وبلطجية النظام والجماعات الدينية حتى ينتهي الشباب المسلم من صلاة الهلال في حماية الصليب.
كل مشهد في أيام الثورة كان تجسيدا لجَنة الخُلد رغم اختصارها لأيام معدودات.
أتقبل أي رأي مخالف في وطني وديني وأفكاري وحياتي إلا صبّ اللعنات على شباب ثورة 25 يناير.
ورب الكون العظيم لو لم ينهض شباب مصر في ثورة الخلود لكان مبارك والعادلي وطنطاوي والاخوان والسلفيون واللصوص والبلطجية قد اغتصبوا المصريين كلهم، فردًا .. فردًا.
أنتم مدينون لشباب الثورة ببكارتكم وحياتكم وطهارة أبنائكم وعذرية بناتكم، فتوقفوا، من فضلكم، عن الندم الوضيع، والرغبة المازوخية أن يعود مبارك ورجاله ليعيدوا مشهد ثلاثين عاما أنهاها أبناؤكم، فغضبتم عليهم.
في صدري حزن وغضب وجمرات نار على من يتهم شعبـــًــا استجاب لأبنائه فخرج ضد طاغية ملعون.
من أراد أن يُغتــَـصَب للمرة المئة فليبحث عن رجال مبارك وطنطاوي والعادلي فهم في حماية القضاء، وتبرئتهم جاءت في صراع إبليس مصري مع الله.
من فضلكم، توبوا، واغتسلوا بالدموع، وصلــّـوا في مساجدكم وكنائسكم ليشفع لكم أبناؤكم الشهداء في خطيئتكم الكبرى.
اذهبوا للأوغاد واسألوهم عن سبب قنص عيون أولادهم!
كتبت إبان ثورة الأنبياء الينايريين وقلت:
بعضُ الأماكن تقوم بزيارتِها قبل أنْ تشاهدها بوقتٍ طويل، فإذا وطأتها قدماك فكأنك عُدتَ إلىَ حبيبتِك بعد غيابٍ خارج الزمن المتعارَف عليه!
وبعضُ الأماكن تُهرول هاربةً من ذاكرتِك فور مغادرتِك إياها، فالزيارةُ مرة واحدة أو نصف مَرّة كافيةٌ لتُحْدِث ارتباكا في داخلـِك، فإذا مَرَّت بذهنِك بعد رحيلِك عنها فكأنها فيروساتٌ تهاجمك محاوِلة افتراسك أو تعكير صفو سكينتك وسلامك.
وبعضُ الأماكن تستنشق فيها عبق الثورة، ويتحول عرقُ الثوار إلى مِسْكٍ يخترق أنفـَك، ثم ينعش روحَ التمرد فيك كأنه سِحْرٌ يتجلى مُهيّمِناً علىَ حالة عدم الرضا عن الصامتين، والخانعين، ولاعقي أحذية الطغاة.

ميدان التحرير أرقى أشكال المقاومة، وأنظف صور الدفاع عن الكرامة، وإذا كان للمؤمنين بكل دين قـِبْلتهم، فإن الينايريين لهم قـِبْلة إذا زمجر مَنْ فيها تبللت سراويلُ كل الحالمين بعودة مريض شرم الشيخ لينهب مالم تمكنه ثلاثة عقود من الاستيلاء عليه، ويُعيد عصر الإذعان للطاغية، ومانشيتات حيتان النفاق التي تُصَنِّم، وتُوَثِّن، وتُعَمْلِق، زعيماً كان من ذوي الاحتياجات الخاصة فألَّهناه، ونبَيّناه، دونما حاجة لرسالة سماوية!

المعتصمون في ميدان التحرير ليسوا أكثر من عشاق لمصر، يتغزلون فيها تحت شمس حارقة، ويُضرب بعضُهم عن الطعام فيقترب من الموت لتلمس الحياةُ الحرة الكريمة أبناءَ بلده، ويلعبون مع الكبار فيهزمونهم في كل مرة، فإذا بالحَكَمِ يُعيد المباراة، شوطاً بعد شوطٍ، ويمتدح في صلابتِهم، لكنه ينحاز لخصومهم!
عندما يحل الظلام، ويخيّم السوادُ علىَ سماء أرض الكنانة، تصعد روح الطاغية المخلوع، وتـُحَلِّق علىَ ارتفاعات منخفضة لتشدّ أزرَ القوىَ المضادة للثورة، وتُقْسِم لهم أنَّ فخامَته بخير، وأنْ لا أحد يستطيع أنْ يحاكمه، وأنه لا توجد قوة بامكانها أن تتسلل لالتقاط صورة له، أو حتى تستأذن ذوي الشأن للسماح لها بالتقاط صور لنجليه في معتقل أو قصر طرة ( وهل هناك فارق؟)، وهما يأكلان، أو يتمازحان، أو يتوجهان إلى دورة المياه!
القضاء المصري الذي أعاد للسفاح اعتبارَه فاعتبر الغاءَ اسمه من علىَ مؤسسات الدولة أمراً غير مقبول، سيقوم بتأجيل المحاكمة أملاً في أن يُسرع مَلـَكُ الموت الخُطىَ فيقبض روحَه قبل أنْ ينادي الحاجبُ: محكمة!

المعتصمون في ميدان التحرير ليسوا مرفَهين، أو باحثين عن المتاعب، لكنهم أوفياء للخامس والعشرين من يناير، ومخلصون للحادي عشر من فبراير، ومن كان في بصره إيمان بعدالة السماء ثم نظر إلى الأعلىَ فسيشاهد أكثر من ثمانمئة من الملائكة الشباب يبتسمون، ويحلّقون بالقرب من خيام أقامها الأطهرون من شباب الثورة الذين يرفضون النوم في بيوتهم قبل الاقتصاص لزملائهم.

المعتصمون في ميدان التحرير هم روح مصر الطاهرة، ومطالبهم يعرفها القاصي والداني، ويعلمها القضاة ورجال الأمن والجيش ورئيس وزراء شرعية الثورة، لكن مبارك سيظل يقاوم المصريين، ويبث كراهيته، ويوزع المهام على كلابه، وينتقم لمشهد لم يتعرض له طاغية في أي عصر من العصور عندما رفع المصريون أحذيتهم في وجهه.
طوال عشرين عاما وأنا أحلم بحضور الجلسة الافتتاحية لمحكمة الشعب، وأختلس النظر إلى مبارك في قفصه وهو مطأطيء الرأس، وعلى وجهه غبرة الذل والمسكنة حتى أنني كتبت مقالا تحت عنوان ( وقائع محاكمة الرئيس حسني مبارك) منذ سبع سنوات أو أكثر، ولكن يبدو أن الجميع في انتظار زيارة عزرائيل الميمونة لمريض شرم الشيخ، وحينئذ سيسدل الستار على أسرار لو تفوّه بها مبارك فكأننا نرى تسونامي نسمة هواء رقيقة!

المعتصمون في ميدان التحرير ليسوا بمفردهم، لكن شهداء الثورة من شباب غادروا غدْراً أحبابَهم، وجامعاتهم، وأعمالهم، وآباءهم، وأمهاتهم، واخوانهم، وأخواتهم يمدونهم بما يحتاجونه حتى تتحقق مطالبهم .. أعني مطالب الشعب المصري بعد حُكم ثلاثة عقود في قبضة أعتى غلاة القسوة والغلظة والفساد والكذب واللصوصية.
من أراد أن يزور الأماكن المقدسة، الاسلامية أو المسيحية، فستكتمل شعائره بالتطهر ثورياً في ميدان التحرير.

إذا أردت أن تتأكد من حبك لمصر فاحجز لنفسك مكاناً في ميدان التحرير!
لو اخترقت شوارعَ القاهرة جنازةٌ عسكرية لعدو المصريين وكارههم الأول فسنصُمّ آذانـَنا من هول نحيب مئات الشهداء الذين قتلهم مبارك فأكرمه لاحقوه!
ياشباب الثورة الأمجاد: قلبي وعقلي وكياني وقلمي معكم، فأنا استمد تفاؤلي في مستقبل مصر المشرق من شجاعتكم، ووعيكم، وثوريتكم، وغضبكم، وعشقكم الخالص لأم الدنيا.
وسلام الله على مصر.


محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو النرويج


م
رابط هذا التعليق
شارك

9 ساعات مضت, طائر الشمال said:
إذا أردت أن تتأكد من حبك لمصر فاحجز لنفسك مكاناً في ميدان التحرير!

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو النرويج

هو دا المقياس من وجهة نظرك أستاذ : محمد 

هل يمكن أن أكتب كلاما مثاليا 

أو أن اصل لمثالية كلامي 

ولا يوجد كلام مثالي 

ولا مثالية لمتكلم

 

رابط هذا التعليق
شارك

العزيز طارق،
طاب يومُك، يوم الأم و.. أول أيام الربيع!
أنا لا أجلس في مختبر علمي، ومعمل كيماوي لأضع المقياس الدقيق لحُب المواطن لمصر؛ إنما أدخل على مشاعر وأحاسيس وآراء وخبرات ووطنيات مخلوطة في أهم حدث مصري في التاريخ الحديث عندما غضب الحليم بعد عشرات السنوات من الهدوء.
الجملة التي اقتطعتها وسألت عنها كمقياس لحُب وطن ليست منفصلة عما قبلها ولا عما بعدها فهي ملتصقة في سياق مشهد تاريخي.
أخشى دائما تراشق الجُمَل فيخرج الموضوع عن الهدف منه.
شكرًا جزيلا لتفاعلك الكريم مع كتاباتي، رعاك الله

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...