عادل أبوزيد بتاريخ: 18 نوفمبر 2020 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 18 نوفمبر 2020 (معدل) «أوليفيا نوتزى» صحفية فى «النيويورك ماجازين».. كتبت فى عدد المجلة الصادر فى ٩ نوفمبر الجارى، تحقيقاً بعنوان «الشهقة الأخيرة لرئاسة دونالد ترمب».. والذى ضمنته شهادات من مستشارى ترمب ودائرته اللصيقة.. «الرئيس يخشى أن يتعرى من حصانته.. الرئيس خائف من الملاحقة والمساءلة والمقاضاة.. خائف من السجن أو الاغتيال».. هكذا جاءت شهادة بعض أقرب خلصائه وفقاً للسيدة «نوتزى».. وتلك بعض من حقيقة ما يجرى..! لم تحظَ انتخابات أمريكية بهذا القدر من الاهتمام - فى مصر والعالم العربى على وجه الخصوص - كانتخابات الرئاسة ٢٠٢٠. ومَرَدُّ ذلك فى تقديرى أمران.. أولهما.. أنه ولأول مرة فى تاريخ أمريكا - كما نعرفه - تظهر بوادر ديكتاتورية لا تخطئها عين، فى رئيس يراوح بين الوقاحة والجنون.. لأول مرة ترى شعوبنا أفات العروش - كما عَرِفَتْها - تعترى رأس أكثر ديمقراطيات العالم حيوية ورصانة.. من عصف بالمنطق ومحاولات عبث بالقانون وتسيس للعدالة وتسميم المجتمعات بالخوف المرضى وبارانويا المؤامرات، وإصرار على مصادرة الوعى لصالح رواية سلطة. وثانيهما.. أن الكل يرقب كيف تنتصر الشعوب لمستقبلها بحرية الاختيار، صوابه وخطئه.. وبحرية الوعى قبل حرية الاختيار. وأظن أن المشهد الأخير الذى يجرى الآن على مسرح تلك الانتخابات والمقدر له أن يستمر حتى ٢٠ يناير القادم - يوم الانتقال الرسمى للسلطة - كاشفُ ودالُ، ليس فى شأن الانتخابات الأمريكية فقط ولكن فى شأن قضية الديمقراطية والحكم الرشيد فى العالم بأسرِه. فى أركان ذلك المشهد شعوب وعروش.. حقائق وافتراءات.. صفقات وجرائم.. آمال ومخاوف.. بدايات ونهايات..! و حتى لا تُختَزل اللحظة أو تُسَطَّح فى دراما الخلع من البيت الأبيض.. علينا أن نقرأ - بعمق وتؤدة - فى حال ترمب وحزبه. .. أن نقرأ فى حال الناخب على ضفتى الاختيار، أن نقرأ فى حال المجتمع الحى بمؤسساته، والأهم أن نقرأ فى ذلك كله حقائق القوة والشرعية والبقاء بين الشعوب والعروش. أما فى شأن ترمب ذاته.. فإن سلوك الرئيس المنتهية ولايته نتاج طبيعى لنشأته ومسار حياته.. فالرجل قد ولد ونشأ لعائلة ثرية ذات العنصرية المعلنة، وهو ابن لمجتمع الأعمال بنَسَبِ الاحتفال والمراسم أكثر منه بِنَسَبِ الريادة والإنتاج..! بالوراثة هو رجل عقارات.. وبالأساس هو مستثمر فى ملاهٍ ونوادٍ للقمار فى الساحل الشرقى فى أتلاتنيك سيتى، لا يردعه عُرفُ ولا قانون، أقرب فى مساره المهنى إلى بارونات الجريمة المنظمة منه إلى رجل أعمال..! أما فى شأن «الحزب الكبير العريق»- وهو الاسم الرسمى للحزب الجمهورى - وكيف يدفع بمثل هذا السفيه بالأساس، فتلك ألاعيب السياسة وحسابات التنافسية.. ولنا أن نعرف أن البحث عن مرشح يمكن تسويقه للناخب المتوسط ودون المتوسط هو أمر حاسم حيال تلك الكتلة الانتخابية الضاربة. أى أن النجومية كثيراً ما تنتصر على القيمة لحساب مرشح دون آخر، ولكن فى حيثيات تلك النجومية أتت سقطة الحزب التاريخية.. والتى تدفع الولايات المتحدة - والعالم معها - ثمنهاً غالياً من فُرقة وكراهية وشحناء سياسية، وخللٍ فى قيم استقرت، وانتكاسٍ فى مسارات إنسانية لا تحتمل المقامرة ولا المساومة كالمناخ والانتشار النووى والإرهاب. وأما فى شأن الناخب العادى.. وكيف له أن يختار رجلاً يعرف فى ضميره أنه رجل يحيا على تخوم الجريمة أكثر منه فى دوائر الأعمال..؟!.. فلنعرف أن ما يختار هو وجدان الناخب وليس عقله فقط.. وذلك جوهر الاختيار الحر. وعلى ذلك أسست الديمقراطيات الليبرالية قاعدتها الحاكمة.. وهى «شخص واحد صوت واحد»، دونما النظر إلى درجة تعلم أو ثقافة أو رقى عقل الناخب.. فالأساس أن يهتدى الناخب بوجدانه بكل ما يعنيه من تفاعل بين عقله ومشاعره وعواطفه.. شريطة ضمان حرية الوعى. وليس فى ذلك أى افتئات على الفطرة الإنسانية، بل تلك هى الفطرة الواجبة إذا أردنا الإنصاف.. فقد كفل الخالق - حين يأتى الأمر للإيمان به سبحانه - للبشر الاختيار الحر، وأوجب على المؤمن أن يَستَفتِ قلبه.. والقلب هو الوجدان بكل تفاعله. و الحكمة البينة.. أنه لو أخطأ الإنسان بوعيه الحر فى الاختيار مرة.. ففى حرية المجتمع من حوله فكراً وتعبيرا وممارسة ضمانة تصويب اختياره مرات ومرات. وأما فى شأن الشعوب الحية وكيف نراها تحمى مستقبلها.. وإن يستميت بعض سدنة الديكتاتوريات البائسة أن يحتفوا بتلك السقطة التاريخية للديمقراطية الأمريكية - والمتمثلة فى عبث ترمب وجوقته - ويروجوا لها على كونها شاهداً على هشاشة فكرة الديمقراطية ذاتها.. فنرى حُجَجُهم تتهاوى أمام سلوك مجتمع حى بمؤسساته وبنبض وعيه.. وبمظلة قانون تحمى ذلك الوعى بعدل وعنفوان. فما قد ينكره هؤلاء أو يجهلونه.. أن المحكمة العليا - غير المسيسة - لم تسمح لرئيس الدولة أن يمنع التصويت عبر البريد والذى كان يعرف مسبقاً أن فيه مقتل بقائه..! وما قد ينكره هؤلاء أو يجهلونه.. أنه وإن وجد بعض من الجمهوريين الموتورين أمثال «ليندساى جراهام» و«ميتش ما كونل» أو الموظفين المنبطحين كأمثال وزير الخارجية «مايك بومبيو» والذين يصبون الزيت على النار لأهوائهم.. ففى ذات الوقت يعلن «براد رافينسبرجر» سكرتير ولاية جورجيا - وهو الجمهورى الذى تجرى عملية الانتخابات تحت إدارته المباشرة - بأنه لا توجد أى شكوك فى حرية ونزاهة الانتخابات، متحدياً نزق رئيسه.. ويخرج «ميت رومنى» المرشح الرئاسى الجمهورى الأسبق و«جورج دبليو بوش» الرئيس الأسبق ليهنئا «جو بايدن» و«كامالا هاريس».. ويحمدون مناقب الفائزين ويحثون الرئيس المنتهية ولايته على الرضوخ لإرادة الشعب. ما قد ينكره هؤلاء أو يجهلونه، أنه رغم مقت البارون «ترمب» لشبكة «سى إن إن» وما مثلها، لم يملك أن يمنع مراسليهم من العمل من داخل البيت الأبيض.. ورغم عنصريته لم يستطع أن يمنع تظاهرات للملونين تجرى أمام مقر رئاسته..! «ترمب» يفعل ما يتقنه.. وهو المتاجرة بكل ما حوله وابتزاز كل من من حوله من أجل أن يفوز - وحده - بما تبقى من «صفقة العرش»..! ولكن وإن ابتليت الديمقراطية بهذا المسخ.. فإنها وبذات مؤسساتها وقيمها ستتعافى وتطرد الخبث.. بشعب حر واعٍ حتى وإن أخطأ فى الاختيار حيناً.. وبمنظومة عدالة وقانون تعلو ولا يُعلى عليها.. وبحرية فكر وتعبير وممارسة لا يُساوَمُ عليها، ولا يملك عليها وصاية أكثر بارونات الجريمة خبلاً. وأما فى شأن التاريخ.. فلا بقاء للعروش إلا فى كنف الشعوب..! فَكِّرُوا تَصِّحُوا.. د. مصطفى حجازى تم تعديل 18 نوفمبر 2020 بواسطة عادل أبوزيد تغيير الفونت مواطنين لا متفرجين رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان