أسامة الكباريتي بتاريخ: 14 أبريل 2006 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 14 أبريل 2006 مشكلة "حماس" د. سليم الحص/رئيس وزراء لبنان الأسبق مشكلة حركة حماس أنّها شاهِد صارِخ على فشل الدولة العظمى، الولايات المتحدة الأمريكية، في سياستها الشرق أوسطيّة على وجهين: فهي، من جهة، شاهِد على أنّ الحرب على فلسطين لم تنتهِ بانتصار “إسرائيل” التي تدعمها الدولة العظمى دعماً مُطلقاً، فبقي الشعب الفلسطيني يُقاوِم بعد انقِضاء 58 سنة على الحرب العربية “الإسرائيلية” الأولى في عام 1948. وهي، من جهة ثانية، شاهِد على أنّ الديمقراطية التي تُبشّر بها الدولة العظمى أسفرت في فلسطين، عندما طبّقت، عن فوز ألدّ أعداء الدولة العبرية، ومعها الدولة العظمى. أعتى قوّة في الشرق الأوسط، “إسرائيل”، لم تنتصر على شعب فلسطين الصغير فلم يستسلِم للقوّة الغاشمة. وعدم انتصار “إسرائيل” الحاسِم هو في حُكم الهزيمة النكراء لها وللدولة العظمى التي تساندها بِلا حدود. فلم يُجدِ “إسرائيل” نفعاً اقتِناؤها أحدث ما توصّلت إليه تكنولوجيا الحرب المتطوّرة من أسلحة فتّاكَة ومدمّرة، كما لم يُبدّل من الواقع شيئاً دعم الدولة العظمى المُطلق لها مادِياً وعسكرياً، وإحاطتها بالغطاء السياسي والدبلوماسي والإعلامي إلى أقصى الحدود. فبعد أكثر من نصف القرن من الحروب والهجمات والعربدات، وما تخلّلها من احتلال أراضٍ ومُصادرة ممتلكات وتدمير ثروات، وما رافقها من أعمال القتل والتنكيل والتشريد، ما زال الشعب الفلسطيني صامِداً يُقاوِم، وليس في الأفق ما يؤذِن بنهاية لصموده أو مقاومته. والشاهد على هذا الواقع المرير البائس، في المنظور الصهيوني، هو حركة “حماس”، ومعها حركة الجهاد الإسلامي، وكتائب الأقصى، والجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين وسِواها من فصائل المقاومة. ورفعت الدولة العظمى، بفيضٍ من الرياء والغطرسة، شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، تُبشّر بها في منطقتنا. فصوّرت “إسرائيل” زُوراً بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدَة في الشرق الأوسط. فإذا بهذا الأنموذج “الحضاري” تجسيد قَبيح لقوّة غاشمة تُمارس أبشع ألوان الإرهاب في حقّ شعب فلسطين بِلا وازِع ولا رادِع. فاستعدت كل شعوب المنطقة واستثارت فيها أشدّ مشاعِر الرفض والغضب. وإذا بالشعب الفلسطيني الصامِد المناضِل يتلقّف الدعوة إلى الديمقراطية فيسلّم زمام الحُكم، إثر انتخابات حُرّة، إلى ألدّ أعداء “إسرائيل” ومن ورائها أمريكا. فكانت هزيمة أخرى للدولة العظمى، كانت “حماس” شاهِداً عليها. هذه هي مشكلة “حماس”: كونها الشاهِد الصارِخ على هزيمة أعتى قوّة في الشرق الأوسط، ومن ورائها أعظم قوّة في العالم. فكيف يُغتفر لحركة “حماس” هذا الذنب الكبير لا بل الخطيئة المُميتَة؟ إلى ذلك، ظهر مؤخّراً عجز القوّة الغاشمة مُجدداً أمام إرادة شعبٍ صغير مناضِل على غير وجه: فكان جلاء الجيش “الإسرائيلي” الجبّار عن أرض لبنان من دون قيدٍ أو شرط، مَهزوماً أمام المقاومة الوطنية اللبنانية، وكان أن عمدت السلطة “الإسرائيلية” المُتجَبِّرة إلى تشييد جِدار فاصل تحتَمي به من هجمات المقاومة الفلسطينية، وكان أن اضطرت سلطة الاحتلال إلى الجلاء من طرف واحد عن قطاع غزّة وإلى تفكيك بعض المستوطنات اليهودية المُقامَة على الأرض العربية. وصوّرت “إسرائيل”، ومعها أمريكا، هذه التراجُعات بأنها إنجازات مبينة حقّقتها الدولة العبرية بحسن تدبيرها، وهي في واقع الحال كانت من قَبيل الهزائم المُقنَّعة. فلو استطاعت دولة العدوان لما أقدمت على أيٍّ من تلك الخطوات. وكانت “إسرائيل”، ومن ورائها الدولة العظمى، قد مُنِيَت بهزيمة نكراء من حيث سجّلت انتصاراً في شَقّ الصفّ العربي بتوقيع جمهورية مصر العربية على صُلحٍ مُنفرد معها في كامب دايفيد، ثم بعد بضع سنوات بتوقيع المملكة الأردنية الهاشمية اتّفاقاً مُماثِلاً في وادي عربَة. هكذا خرج القطران العربيان من حلبة الحرب مع الدولة العبرية نهائياً. ولكن النصر “الإسرائيلي” لم يكتمل إذ رفض الشعبان المصري والأردني تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، فليس من سيّاح مصريين أو أردنيين في تَل أبيب أو سيّاح “إسرائيليين” يتجوّلون بحرية في شوارع القاهرة وعمّان، ولا سِلع إسرائيلية قَيد التداوُل الحُر في أسواق مصر والأردن ولا بضائع مصريّة أو أردنيّة قَيد التداوُل الحُر في السُوق “الإسرائيلية”. وما زالت لَفظة “العدو الإسرائيلي” على لِسان الناس والمُعلِّقين في القطرين العربيين. هُنا أيضاً كان عدم اكتِمال النصر لـ “إسرائيل” بمثابة الهزيمَة. لا مُكابرة في التمييز بين التسوية والسلام. فالتسوية تُنهي حال الحرب المسلّحة، أمّا السلام فلا يكون ناجِزاً حَقاً إلاّ بتَسوِية تَقترِن برِضا الشعب واطمئنانه: الشعب الفلسطيني خصوصاً والشعب العربي عموماً. واتّفاق كامب ديفيد كما اتّفاق وادي عربَة إنما كانا في مُستوى التسوِيَة ولم يرتَقِيا إلى مُستوى السلام. وعلى الرغم من كل الضغوط الشديدَة المُتنوِّعة التي مُورِست على سوريا ولبنان، بَقيت هاتان الدولتان من دول الطَوق المحيط بفلسطين على غير استعداد للسير في طريق التسوِيَة مع الكيان الصهيوني. كانت ثمّة محاولة في هذا الاتّجاه عبر اتّفاق 17 أيار في لبنان، ولكن هذه المحاولة ما لبثت أن سقطت تحت وطأة رفض شعبي عارِم، فمُنِيت الدولة العبرية بهزيمة شنعاء من حيث شاءت أن تسجّل انتصاراً إبّان احتلالها عاصمة لبنان، بيروت. بعد هذه الحقبة الطويلة من الجبروت والعربدة والعدوان على أشكاله من جانب الكيان الصهيوني، حفلت بأفظع جرائم القتل والتشريد والتدمير، لم يتحقّق السلام. فكان هذا بمثابة الهزيمة لأعتى قوّة في الشرق الأوسط تُساندها أعظم قوّة في العالم. و”حماس” هي اليوم الرَمز الحَي لهذه الهزيمة: بصمودها، بمُثابرتها على النِضال والمقاومة، وأخيراً بفوزها في انتخابات نيابية حُرّة ونزيهَة. هذه جريمة لا تُغتَفر. “إسرائيل” ومعها أمريكا، مُصمّمتان على مُعاقبة “حماس” على ما اقترفت يداها. لا بل إنّهما تُحاوِلان أن تنتزِعا عبر انتصار “حماس” في العملية الديمقراطية ما لم تُحقّقا على امتداد أكثر من نصف القرن من الاعتداءات والعربدات لا بل والانتِصارات الرَكيكَة لا بل الزائفة. فرضوا الحِصار على السلطة الفلسطينية بقيادة “حماس”، فحَجبوا عنها الدعم والمساعدات بهدف خنقها، وأعلنوا إحجامهم عن التعامُل معها في أيِّ شكلٍ من الأشكال بقصد عزلها دولياً، ويُمارِسون الضغوط على الدول العربية كي لا تُقدم على أيّة خطوات يمكن أن تخترِق هذا الطوق المَضروب حول “حماس”. ويَشترِطون للإفراج عن السلطة الفلسطينية والانفِتاح عليها أن تعترِف “حماس” بوجود “إسرائيل” وتكفّ نهائياً عن أعمال العُنف، أي أن توقِف مقاومتها، وتُقِرّ باتّفاقات مَعقودَة سابقاً مع “إسرائيل” قسراً. بعِبارة أخرى، إنّهم يتوخّون أن ينتزِعوا من “حماس” ما عجِزوا عن بُلوغِه على امتِداد سنوات طويلة من الصِراع المَرير المتواصِل. عجباً، كيف يكون الاعتراف بدولة غير ذات حُدود مَرسومَة؟ هذه هي مشكلة “حماس”. إنّها شاهِد ناطِق حَيّ على هزائمهم. وهُم يُريدون الآن أن يُحقّقوا الانتصار الذي جانبَهم حتى اليوم عبر مَن كان يَقِف في وجههم. رُبما كانت “حماس” آخر مَعقل للصمود الفلسطيني. إن سلّمت بِما هو مَطلوب منها، فإنّ ذلك قد يَعني نهاية قضية فلسطين، ولا يبقى من مراسم دفنها، لا قدّر اللَّه، سِوى بعض الشكليّات. لن تلبث سوريا بعد ذلك أن تُوقِّع على تسوِيَة مُرغمَة، ولن يلبث لبنان أن يَلحَق بها. في حال ضاقت كل السُبل من حولها واشتدّ الخِناق حول عنقها، فالأحرى بحركة “حماس”، في نظرنا، أن تعتزِل السلطة، ببيانٍ مُعلل إلى الشعب الفلسطيني والعربي يضع النُقاط على الحروف أمام العالم والتاريخ، وتَعود إلى موقعها الطبيعي، إلى المقاومة الشريفَة. هكذا، تنتَهي مشكلة “حماس” بهزيمة جديدة للمشروع الصهيوني.. وينتهِي مشروع الفِتنَة الذي يُدبَّر داخل فلسطين. سِلاحُ الموقف هو السِلاح الأمضى الذي بَقيَ في يَد “حماس” عند هذا المُفترَق. ولتكن “حماس” هذه المرّة شاهِداً على زيف ديمقراطية الغرب، وكذلك على تقاعُس العرب عن نجدة فلسطين في تحدّي الحِصار. يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا حسبنا الله ونعم الوكيل رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان