اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

بعد مائتي عام: المصريون لا يعرفون من هو حاكمهم القادم (ضياء رشوان) منقول عن المصري اليوم


عشمان خير

Recommended Posts

http://www.almasry-alyoum.com/article.aspx?ArticleID=17330

بعد مائتي عام: المصريون لا يعرفون من هو حاكمهم القادم

بقلم ضيـاء رشـوان

عرفت مصر في عصرها الحديث الممتد منذ بداية القرن التاسع عشر وحتي اليوم، أياماً عصيبة كثيرة، سطرت تفاصيلها كتب التاريخ بمختلف مدارسه. وفي كل الأيام العصيبة التي عاشها بلدنا الصابر، كانت ملامح الأيام الأخري التي ستتلوها تبدو واضحة في قلبها، وسرعان ما تتبلور بعد انقضاء الأيام العصيبة في صورة مرحلة جديدة - قصيرة عادة - من تاريخ هذا البلد يحل فيها الأمل محل اليأس، ويبدو الأفق أكثر اتساعاً والمستقبل أكثر إشراقاً. هكذا كان الحال بعد قدوم الحملة الفرنسية، لتغزو بلدنا في نهاية القرن التاسع عشر، فقد أتي بعدها نظام محمد علي الذي أسس مصر الحديثة، وهكذا أيضاً كان الحال قبيل ثورة الشعب عام ١٩١٩، والتي أفضت إلي تشكيل أحزاب وقوي الحركة الوطنية المصرية بمختلف مدارسها وصياغة المشروع الليبرالي المصري، وهكذا كان الحال منذ بداية الأربعينيات، والذي انتهي بثورة جيش الشعب في ٢٣ يوليو ١٩٥٢، والتي نقلت مصر إلي العهد الجمهوري وفتحت أمامها آفاقاً واسعة لا تزال تعيش في بعض كنفها حتي اليوم.

في كل مرة من تلك المرات كان ممكناً للسياسيين والمحللين أن يتوقعوا ما سوف تفضي إليه الأيام العصيبة من تغيرات، فقد كانت ملامح تلك التغيرات تشب برأسها في قلب الفوضي والصراعات التي تضرب أركان البلاد. أما ما تعيشه مصر هذه الأيام فهو من زاوية التاريخ والسياسة شيء جديد غير مسبوق كمعظم الأشياء التي نجح النظام السياسي، الذي يحكم البلاد منذ ربع القرن في استحداثها فيها للمرة الأولي.

فالجميع، سياسيون من كل الأطياف ومحللون من جميع المدارس والجنسيات، يكادوا يجمعون علي أن مصر تشهد حالياً، ومنذ سنوات خلت أياماً عصيبة تملؤها تفاعلات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، تؤكد جميعها أن ثمة تغييراً ما قادم. إلا أنه خلافاً لكل الأيام العصيبة السابقة في تاريخنا الحديث، لا يكاد أحد من هؤلاء السياسيين والمحللين، بمن فيهم المنتمون للحزب الوطني الحاكم والقريبون منه، يعرف شيئاً عن طبيعة ما هو قادم من تغييرات وأيام ستعقب تلك الأيام العصيبة الحالية، ولا موعد تقريبي لانتهائها وبدء المرحلة الجديدة.

فالغموض - غير البناء - هو سيد الموقف، وهو المهيمن علي كل ما يجري في أرض الكنانة اليوم، وما ينتظرها من مصير. فعلي غير العادة منذ تولي محمد علي عرش مصر عام ١٨٠٥، وحتي تولي الرئيس مبارك منصبه كرئيس للجمهورية عام ١٩٨١،

كان المصريون دوماً يعرفون، أو يتوقعون بدرجة عالية من الثقة من سيكون حاكمهم التالي. ففي العهد الملكي كان هناك دوماً ولي للعهد يؤول إليه الحكم بعلم كل المصريين، وإن لم يكن دوماً برغبتهم. وفي العهد الجمهوري، وبعد وفاة الرئيس عبدالناصر لم يخرج التوقع عن أحد نوابه، فأتي السادات رئيساً للبلاد بعده، وهو ما تكرر بعد اغتيال الأخير حيث أتي نائبه الوحيد ليصبح الرئيس مبارك. أما اليوم، فعلي خلاف تقليد استمر مائتي عام هي كل تاريخنا الحديث لا يعرف المصريون شيئاً،

عمن يمكن أن يكون رئيسهم القادم، وكأنهم أمام أحد الأسرار المقدسة التي يحتفظ بها سدنة المعبد لأنفسهم، ولا يجوز اطلاع العامة عليها. والقول إنه من حق المصريين أن يعرفوا من هو الأكثر احتمالاً، لأن يكون حاكمهم القادم، لا يعني علي الإطلاق إعادة إنتاج ما عرفته مصر الملكية من توريث للأبناء والأخوة، ولا ما عرفته مصر الجمهورية من اختيار مسبق للرئيس القادم عن طرق الرئيس الحالي، فليس سراً أن المصريين صاروا يملكون الحق النظري في انتخاب من يرونه صالحاً لرئاستهم من بين أكثر من مرشح، حسب التعديل الدستوري المشوه، الذي أجراه الحزب الوطني الحاكم.

القول بحق المصريين في معرفة من سيحكمهم غداً، يعني هنا وبصورة محددة أن يطرح عليهم الحزب الوطني الحاكم صاحب كل الأغلبيات في البلاد بصورة واضحة ومباشرة، من يجهزه كمرشح له في الانتخابات الرئاسية القادمة، سواء تمت في موعدها الدستوري أو قبله لأسباب خارجة عن إرادة البشر.

إن طرح اسم ما من قيادات الحزب الحاكم ليكون مرشحه في الانتخابات الرئاسية القادمة، هو حق أصيل للمصريين الذين يعلمون جيداً أنه سواء بحكم صياغات المادة ٧٦ من الدستور، التي تحرم المنافسين الحقيقيين من الترشيح أو بحكم الهيمنة شبه الكاملة لهذا الحزب علي الدولة والمجتمع، سوف يصبح هو رئيسهم القادم. ألا يستحق المصريون يا قادة الحزب والحكومة أن تضيئوا لهم ذلك الجانب من مستقبلهم، الذي كان دوماً معروفاً بالنسبة لهم طيلة قرنين من الزمان وفي ظل كل العهود، أم أنكم مصرون علي أن تطفئوا أمامهم كل طرقات وتفاصيل المستقبل ليخيم الظلام الدامس - بفضلكم - علي الحاضر كله والمستقبل جميعه؟

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...