اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

قصة المشروع النووي المصري يرويها مستشار الرئيس عبد الناصر


Tam

Recommended Posts

فى أثناء مطالعتى لاخر الأخبار شاهدت هذا الموضوع الشيق على موقع الاخوان المسلمين ، وراودتنى نفسى أن اقتبسه من الموقع و غلبتنى لقوة الموضوع المشار اليه ، أرجو أن ينال اعجابكم .

T A M

قصة المشروع النووي المصري يرويها مستشار الرئيس عبد الناصر

- عبد الناصر يئس.. والسادات استسلم.. ومبارك باع

- التنظيم الطليعي وراء فشل مصر في صناعة القنبلة النووية

- مصر فشلت في ثلاث محاولات لامتلاك السلاح النووي

حوار- حسونة حماد

مع تصاعد الصراع النووي على مستوي العالم خاصةً بعد أزمةِ الملف النووي الإيراني، وفي ظلِّ امتلاك الصهاينة لأكثرَ من مائتي رأس نووية بالفعل تتردَّد تساؤلاتٌ كثيرةٌ حول مخاطر انتشار السلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط وتأثيره عليها، خاصةً بعد تداول معلومات تؤكد اقتراب إيران من تصنيع القنبلة النووية.

(إخوان أون لاين) يناقش هذه التساؤلات من خلال حديث مع الدكتور عصمت زين الدين (المستشار النووي للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، ومؤسس قسم الهندسة النووية بجامعة الإسكندرية) طرح خلاله تصوراته حول ضرورة البرنامج النووي وأبعاد المشكلة النووية في مصر والعالم العربي والتجارب السابقة في هذا المجال، وما مقومات النجاح وأسباب الفشل؟ وهل مصر قادرةٌ الآن على دخول النادي النووي؟ وهل يمكن الوصول لقنبلة عربية مشتركة؟ وما الدول العربية المرشحة لدخول النادي النووي؟ وفي أي اتجاه تصير المقارنة بين القنبلة النووية الإيرانية ونظيرتها الصهيونية؟.. إلى غير ذلك من الأسئلة في الحوار التالي:

* بدايةً ما مدى أهمية البرنامج النووي المصري في الفترة الراهنة؟

** البرنامج المصري ضروري لأمرين:

الأول: أنه مسألة أمن قومي ووطني وإستراتيجي، بالرغم من أنَّ العالمَ اليوم لديه أسلحةٌ تقليديةٌ وأخرى تكنولوجية وإلكترونية متطورة جدًّا إلا أنَّ الفيصل الرئيس في حسم أي معركة أو أي مواجهة عسكرية وقت الضرورة هو السلاح النووي (القنبلة الذرية)، وأي دولة مهما تعهَّدت بأنها لن تستعملَ السلاح النووي فإنها عندما تكون مضطرةً ومصيرها مهددٌ فلا بد أنها سوف تستخدمه بالفعل، وهذا الكلام ليس جديدًا ففي عام 1973م عندما عبر الجيش المصري القناة وأصبح الوضع يُنذر باحتمالِ وصول الجيش المصري والسوري إلى الحدود االصهيونية لم يكن أمام الصهاينة إلا استخدام السلاح النووي وقنابلها الذرية، وكان لديها في ذلك الوقت 220 قنبلةً ذريةً حسب تقارير المخابرات الدولية.

وفعلاً أخرج ديان القنابل النووية ووضعها على رءوس الصواريخ ليستعملها وقت الضرورة وعند التهديد الحاسم بالقضاء على الكيانِ الصهيوني في هذا الوقت بالذات وأمام التهديد النووي لمصر قدَّم لنا الاتحاد السوفيتي مساندةً تاريخيةً؛ حيث قام بوضع القنابل النووية للصواريخ ووضعها على المراكبِ التي عبرت بالفعل مضيق الفسفور وعندما علمت بذلك المخابرات الأمريكية نبَّهت تل أبيب، وكان ذلك هو العامل الرادع الذي منعها من استخدام السلاح النووي، وهذا يؤكد أنَّ السلاحَ النووي حتى الآن هو الفيصل في حسم أي معركة عند الضرورة ولا غنى عنه.

أما الأمر الثاني فهو إنتاج طاقة نووية سلمية لتحويلها إلى طاقة كهربائية لتكون بديلاً للوسائل التقليدية لمصادر الطاقة الكهربائية سواء المائية أو الحرارية التي تشير الحسابات إلى نفادها على أقصى تقدير في عام 2020م وإضافةً إلى ذلك هناك بعد اقتصادي خطير (وهو ما تستند عليه إيران الآن)، وهو الاستمرار في زيادة ارتفاع أسعار البترول، حيث وصل سعر البرميل خلال 30 سنة منذ عام 1973م وحتى الآن من 3 دولار للبرميل عندما كان الدولار تقريبًا بستين أو سبعين قرشًا، أما الآن فالدولار يوازي حوال سبعة جنيهات، وتشير بعض الحسابات إلى الاستمرار في ذلك ليصل سعر البترول تقريبًا في عام 2025م إلى 150 دولارًا للبرميل، ومثله الغاز الطبيعي (ورغم كل ذلك فإن مصر عقدت معاهدةً لبيع الغاز الطبيعي المصري للصهاينة لمدة 20 سنة بسعر اليوم تحت ضغطٍ أمريكي، وهذا لا يدل على جهل الحسابات وإنما هو جريمة وخضوع واستسلام وإذلال، ولا يوجد أي مبرر لمثل هذه المعاهدة، وهذا تدمير لأكبر رصيد للطاقة في البلد).

ومن هنا تأتي ضرورة البرنامج النووي لاستكمال إنتاج الطاقة بالوسائل التقليدية والوصول للوضع الأمثل.

* ما الذي يمنع مصر من الطموح النووي؟

** المشروع النووي يحتاج ثلاثة أشياء:

أولاً: كوادر وخبرات.. ولا يوجد عندنا مثل هذه الكوادر.

ثانيًا: قدرات تصنيع.. وهي لم تكن ولا تزال غير متوفرة لدينا.

ثالثًا: التحرر من الضغوطِ الدولية التي تعمل على حِرمانك من الاستمرارِ في الوصولِ لقدرات تصنيع الوقود، وتجعلك خاضعًا لها دائمًا خاصةً بعد 30 أو 40 سنةً بعد استنفاد مصادر إنتاج الطاقة التقليدية، وتتحكم فيك بإعطائك أو حرمانك من الوقود النووي حتى ولو تطورت الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح فهم أيضًا سيكونون قد سبقونا بعشرين عامًا (يعني أنهم يرسمون لسيطرة اقتصادية رهيبة على لقمة العيش بالتحكم في مصادر الطاقة بعد استنفاد مصادرنا الحالية).

والحقيقة أنَّ عبد الناصر كان في ذهنه تصنيع السلاح النووي، وفعلاً طلب تجهيز الإمكانات اللازمة لذلك، والواقع أننا بدأنا في هذه المرحلة عام 1955م بقصد تصنيع السلاح النووي ولأجلها أُنشئت هيئة الطاقة الذرية بأنشاص، لكن تمَّ تخريبها، وفي عام 1964م قمتُ بإنشاء قسم الهندسة النووية بجامعة الإسكندرية خصيصًا لتوفير خبرات وإعداد كوادر رفيعة على المستوى العالمي في تصنيع السلاح النووي، وتمَّ تخريبه وتطفيشه أيضًا، وهاتان كانت محاولتين بداءيتين لكيفية وضع البرنامج النووي (كمرحلةِ تجهيز)، ولكي أبدأ في مشروع نووي لا بد أن أصمم، وأحل مشكلات، وأبني، ولا بد من كوادر وبحث علمي.

والبحث العلمي يتوفر جزئيًّا بإمكانات هيئة الطاقة الذرية كبداية متواضعة للغاية، وأنشأ مفاعلاً نوويًّا 2 ميجا وات للتدريب، ولا يرقى إلى مستوى أي مفاعل نووي له قيمة في أي مشروع نووي حقيقي، لا يزيد عن ماكينة ديزل كبيرة في واقعه، وهو أصبح الآن ومنذ خمس سنوات فقط 30 ميجا وات، وأيضًا هو لا قيمةَ له، وكذلك الخبرات بدأت جزئيًّا في هيئة الطاقة الذرية، وكانت الخبرات غير قادرةٍ على استيعاب التكنولوجيا النووية الكاملة والرفيعة؛ لأنَّ أصلها من تخصصات غير نووية (كيمياء- ميكانيكا- كهرباء- إلكترونيات)، وليس لهم دراسة عميقة ومتكاملة في الهندسة النووية وأبعادها وبكل فروعها وتخصصاتها والقدرات الصعبة الموجودة بها، وقسم الهندسة النووية بدأ عام 1964م في تكوين هذه الخبرات، وبدأنا منذ ذلك الحين في وضع دراسات لبرنامج نووي، ولكي أبدأ في تنفيذ المشروع النووي وبناء محطات ومفاعلات نووية مستوردة من الخارج يجب البدء في تكوين خبرات تدريب فنية ميدانية، والثاني لاستكمال احتياجات الطاقة على مستوى مصر كلها بحيث لا يكون الاعتماد بالاستمرار آجلاً أو عاجلاً على البترول والغاز، ففرنسا الآن 80% من طاقتها تنتجه من محطات نووية، وبالفعل تمَّ تخريج أول دفعة أصيلة قادرة على عمل أي نشاطات نووية بكامل أبعادها.

* لماذا فشلت هيئة الطاقة الذرية؟

** هيئة الطاقة الذرية تكونت من شبابٍ صغير لهم قيادات وأساتذة كبار من كليةِ الهندسة والعلوم، ولم يكن لهم تأهيلٌ كافٍ في هذه المجالاتِ، والمشكلة أنَّ هذه المجموعة سيطر عليها عناصر انتهازية، وهذه هي الخطورة في المجتمع ككل خاصة في ظل حكم ديكتاتوري استبدادي يهيمن عليه فرد واحد، لا يثق إلا بمَن حوله فقط، ومَن يريد المنصب لا بد أن يكون منافقًا، ومع الأسف سيطر على هيئةِ الطاقة الذرية في مستواها الأعلى عددٌ من هؤلاء الأفراد، والأكثر من ذلك عندما كوَّن عبدالناصر التنظيمَ الطليعي أو السري، وكان أحد أبرز عناصر قيادة التنظيم السري لعبد الناصر هو شعراوي جمعة (واحد من هيئة الطاقة الذرية) وهذا الشخص يتحمل المسئولية الأولى في تعويق كل جهد خالص وعمل جاد لتفعيل أي برنامج نووي لمصر.

وكان هؤلاء الأفراد حريصين على الإيحاءِ لعبد الناصر أنهم وحدهم علماء البلد، وهم كل شيء، وما سواهم لا يساوون شيئًا حتى الكوادر الشابة رغم أنها كانت أفضل منهم بكثيرٍ، قاموا بمحاربتهم وتطفيشهم، وعندما جاء اللواء صلاح هدايت الذي كان محبوبًا ومقربًا جدًّا من القيادة السياسية برئاسة هيئة الطاقة الذرية وجد أنها في يد هؤلاء الأفراد الذين استطاعوا بالفعل تطفيشه.

* من أين جاءت فكرة إنشاء قسم الهندسة النووية؟

** في عام 1964م أُنشئ قسم الهندسة النووية، وإنشاء هذا القسم لم يأتِ من سياسة الدولة ولا بمجهود منها؛ لأن الدولةَ آنذاك كانت معتمدةً على هيئةِ الطاقة الذرية، ولكن بالحسِّ الوطني والوعي الموجودين لدى بعض أساتذة الجامعة، ومنهم عصمت زين الدين، أدركتُ وأنا أعمل في الخارج في هيئة الطاقة النووية بإنجلترا وفي المركزِ النووي بشركاتِ الطاقة بإنجلترا، خاصةً عندما اطلعت على أبحاثِ التقدم النووي للصهاينة، فعلمتُ أنه من المؤكدِ أنهم سيصلون في عام 1972م إلى تصنيع السلاح النووي، وكان ذلك عام 1962م، 1963م، وبعد عودتي لمصر قرَّرت إنشاء قسم الهندسة النووية بمجهود فردي، ولم تكن هذه الفكرة وحيًا من السماء، ولكن كانت مستلهمةً من فكرة إنشاء أول قسم نووي بأنجلترا في الخمسينيات، عندما أنشأه اثنان من زملائي، وكان ذلك بتكليف رسمي من جامعة لندن، ومَن هنا استقرت الفكرة.

* وكيف تمَّ تدميره؟

** في ذلك الوقت كان يسيطر على الجامعةِ التنظيمات الطليعية، وهي السرية بمعنى أن مجلس الكلية كان مكونًا من 25 عضوًا منهم 14 تنظيمًا سريًّا و3 عملاء مباحث ومخابرات، و4 وصوليين يريدون المناصب والوصول لرئاسة الجامعة و4 جادين، ونفس ما حدث في هيئة الطاقة الذرية حدث في قسم الهندسة النووية، فلم يتوفر أي ميزانية إنشائية لهذا القسم، ورغم ذلك كانت هنالك طرقٌ استطعت أن أموِّلَ منها القسم، فكنت أبحث دائمًا في آخرِ العام عن فائضِ الميزانيةِ لدى أمين الجامعة الذي كان يخشى أن يردها لوزارة المالية حتى لا يُقال عليه إنه فاشل، فكنت انتهز هذه الفرصة، وأحصل على هذا الفائض لصالح القسم، وأعطوني حجرتين فقط للقسم، وعندما أردت أن أُنشئ مكتبةً للقسم أنشأتها على السلم، وكانت أول مكتبة تنشأ بأقسام كلية الهندسة.

فكان أعضاء التنظيم السري بمجلس الكلية يريدون أن يكونوا في المقدمة أو الصورة، ولا يعطون الفرصة لأي شخصٍ آخر، واستمرَّ هذا الصراع منذ ذلك الوقت ولا زال حتى الآن.

فرغم أن رئيس الجامعة وعميد الكلية ووكلاءها وبعض أعضاء مجلسها كانوا من التنظيم السري ويعيقون إنشاء القسم بكافة السبل إلا أننا نجحنا بفضل الله في إنشائه، وفي هذا الوقت أيقنت أنَّ مصرَ إذا تُركت على هذا المنوال ستُدمر؛ لأن ما يحدث في كلية الهندسة يحدث في باقي الكليات وباقي الجامعات.

* ما أول مبادرة جادة لإقامة مشروع نووي بمصر؟

** كانت أول مبادرةٍ للواء صلاح هدايت الذي كان يرأس هيئة الطاقة الذرية في هذا الوقتِ من عام 1964م، 1965م؛ وذلك عندما أرسل لي وكنت رئيس قسم الهندسة النووية، أنا أمام عقدين من أكبر الشركات العالمية (وكان في ذلك الوقت لا يوجد قيود فكانت فقط منافسة اقتصادية بين الشركات الغربية في إقامة المحطات النووية)، العرض الأول محطة 150 ميجا وات، وقرَّرنا أن ننشئها في الضبعةِ باليورانيوم المخصب، لتدريب الفنيين فقط، ولا تخدم في أغراضِ السلاح النووي بطريقة سريعة، وكان ثمنها 150 مليون دولار، عندما كان الدولار بحوالي 70 قرشًا تقريبًا، والعرض الثاني محطة 30 ميجا وات باليورانيوم الطبيعي، تستخدم لأغراضٍ كثيرةٍ مثل تحلية مياه البحر وإنتاج الكهرباء، وهذه كانت المحطة رقم 1؛ لأنها هي التي تخدمني في الحصول على وقودٍ محترقٍ من اليورانيوم الطبيعي في المفاعل لاستخراج البولوتنيوم الذي كان في ذلك الوقت أكفأ مادة للسلاح النووي، وكان سعرها 30 مليون دولار فقط، وكان هذا العرض إنجازًا كبيرًا جدًّا وبسعر ضئيل جدًّا مقارنة باليوم.

وكانت هذه الشركة تتمنى ذلك بأقصى سرعة حتى لا تنافسها شركة أخرى، وجاء هنا دور أعضاء التنظيم السري والطليعي والانتهازيين الموجودين بهيئة الطاقة الذرية، ودخلوا صراعًا مع اللواء صلاح هدايت، وقالوا: إن هذه المشروعات (لن تنفع) ولم يستطع عبد الناصر في ذلك الوقت اتخاذ القرار، وكان معذورًا لأنه لم يستطع أن يُصدِّق هدايت أم أعضاء التنظيم السري، وقام بتكليف كمال رفعت من (الضباط الأحرار) لبحث ذلك الموضوع لمعرفةِ مَن الصحيح ومَن الخطأ، إلا أن أعضاء التنظيم السري كانوا أغلبية على صلاح هدايت فأخذ كمال رفعت برأي الأغلبية، وتمَّ صرف النظر عن أول مبادرة جادة لإقامة المشروع النووي المصري، واستطاع هؤلاء الأفراد إبعاد صلاح هدايت عن رئاسةِ هيئة الطاقة الذرية، ومنذ ذلك الوقت انتهى دور هيئة الطاقة الذرية.

وفي مؤتمر عدم الانحياز في الخمسينيات قابل عبد الناصر (نهرو) (وفي ذلك الوقت كانت هناك الهند قد بدأت معنا المشروع النووي ووصلت بالفعل إلى نتيجة)، فقال نهرو لعبد الناصر أرسل لي علماءك النويين لأخذ أي خبرة أو معلومات من عندنا، فأرسل عبدالناصر لهيئة الطاقة الذرية خطابًا بذلك فأرسلت الهيئة أربع من "البهوات" أعضاء التنظيم السري (عناصر القمع)، وذهبوا دون مشروع مدروس مستمعين فقط (صم بكم لا يتكلمون)، وليس لديهم أي أسئلة مجهزة، ثم عادوا بخفي حنين، فعبد الناصر قال آنذاك إذا كان علماؤنا كذلك فماذا نفعل؟!

* هل لو تمَّ إرسال علماء مخلصين لنهرو كانت مصر بالفعل وصلت إلى المشروع النووي الحقيقي؟

** نعم كنا وصلنا له بالفعل خاصةً عبد القادر أيوب وصلاح هدايت وغيرهم من هؤلاء العلماء المخلصين الوطنيين، إلا أن عبد الناصر لم يكن يثق فينا، ومن هنا بدأ نادي أعضاء هيئة التدريس أول صراع ضد ديكتاتورية النظام، وأسمانا عبد الناصر في خطاباته بالقوة المضادة.

* عندما أنشأت قسم الهندسة النووية هل كان هناك خبرات بين الأساتذة لتدريس الطاقة النووية؟

** عندما أنشأت القسم ذهبت إلى لبيب شقير- وكان في ذلك الوقت وزير التعليم العالي- فقال لي: أنا سمعت عنك كثيرًا يا عصمت، وأنت (عامل لي صداع في دماغي، وكان نفسي أشوفك من زمان) فقلت له: أنا أنشأت القسم، ويوجد عندي تلامذة بالفرقة الثانية، ولا يوجد أستاذ مؤهل ليدرس لسنة ثالثة ورابعة، فماذا أفعل، فقال لي وماذا تريد، فقلت له: لي طلبان:

الأول بصفتك وزير التعليم العالي وقيادة سياسية بارزة وأنت المسئول الأول عن الطاقة الذرية كوزير، فأعطِ أوامرَ بأن تكون معامل ومكتبة الطاقة الذرية تحت تصرف قسم الهندسة النووية كاملة، فقال لي من الغد اعتبر معامل وإمكانات الهيئة تحت أمر القسم.

أما الطلب الثاني: بما أنه لا يوجد أساتذة للتدريس فسوف أجمع أساتذة من الشباب المتميزين وأوزع عليهم الكتب والمقررات لدراستها ثم تدريسها في العام القادم للطلبة.

ولكي أشتري هذه الكتب أحتاج إلى عشرة آلاف دولار، فنادى شقير لمحمد صديق وكيل الوزارة وقال له حوِّل للدكتور عصمت شيكًا بعشرة آلاف دولار، وكان يتقدَّم لي 700 طالب للهندسة النووية أختار منهم 30 أو 35 فقط، جميعهم امتياز وجيد جدًّا مع مرتبة الشرف، وهم الآن رؤساء لأعلى مناصب التكنولوجيا النووية في الولايات المتحدة، وهم تخرجوا عام 1967م، ومن هذه الدفعة الدكتور عبد العزيز عبده المشرف على أكبر مشروع للاندماج النووي على مستوى العالم الذي ينتج من ماء البحر طاقة نووية اندماجية، وهذا المشروع يشترك فيه أمريكا وإنجلترا وإيطاليا وفرنسا واليابان، ولا تستطيع كل دولة القيام به على حدة، ومثَّله 32 عالمًا على هذا المستوى، منهم العالم محمد الصوان الذي حصل على أفضل جائزة في الأبحاث النووية على مستوى الجامعات الأمريكية، والدكتور أحمد أبو زهرة الذي قام بعمل دراسة لقسم الهندسة النووية لاستخراج اليورانيوم من الرمال السوداء من ساحل رشيد، وكانت أول دراسة تمهيدية بدائية لتحضير الوقود النووي في مصر، وأصبح محمد أبو زهرة من أكبر خبراء الوقود النووي في العالم.

* لماذا لم يتم الاستفادة من خريجي هذه الدفعة؟

** بعد تخريج هذه الدفعة جاءت حرب 1967م وبعدها يئس عبد الناصر وعرف أنه لن يُسمح أن تقوم بمصر دولة مستقلة لها إرادة.

وكانت ضربة قاضية لمصر تعاني منها حتى الآن؛ فعبد الناصر يئس والسادات استسلم ومبارك باع، وكل مَن تخرَّج من قسم الهندسة النووية هم الآن من أكبر العلماء النووين على مستوى العالم.

* بعد كل ذلك هل هناك أمل في قنبلة عربية مشتركة؟

** السادات أنشأ الوزارة الاتحادية باتحاد الجمهوريات العربية مصر وسوريا وليبيا، وكان في ذلك الوقت صلاح هدايت هو وزيرَ البحث العلمي في هذه الوزارة، وعملتُ مع صلاح هدايت على استثمار إمكانات هذه الوزارة في عمل مشروع السلاح النووي، والقذافي كان يريد عمل مشروع نووي، ولديه الإمكانات المادية، لكن ليس لديه أي كوادر أو خبرة، وطلب منا كثيرًا عمل مشروع نووي في مصر بإمداد مادي من ليبيا وإمداد علمي من مصر من خلال الوزارة الاتحادية.

وفكَّرنا في عمل محطة نووية لزيادة ملوحة الماء واستخراج طاقة منها واستخدامها في مجالات مختلفة، وفعلاً الليبيون أعطونا كل الدعم المطلوب إلا أن عناصر القمع القديمة أجهضت المشروع، ليس لتعطيله؛ ولكن لأنهم لن يكونوا في الصورة، فذهب الليبيون لتمويل المشروع الباكستاني، ونجح المشروع، وأرى أن إفشال هذا المشروع خيانة عظمى لمصر.

* هل تستطيع مصر إحياء مشروعها النووي الآن؟

** مرفوض تمامًا لدى كل دول العالم أن يوجد في مصر مبادئ التكنولوجيا النووية إلا في الاستخدامات الطبية والزراعية وفقط، وأي نشاط نووي في مصر ما هو إلا تطبيقات بدائية لا ترتقي إلى مشروعات الهندسة النووية الحقيقية، وأكثر من ذلك ليس هناك أي دولة عربية مسموح لها بذلك أيضًا.

* ما تقييمك للتجربة النووية الإيرانية؟

** إيران قامت بعملية مهمة جدًّا، وهي تخطط لمشروعها النووي الممتد الذي لا يقتصر على محطة أو اثنتين فقط، ليكون بديلاً لمصادرِ الطاقة التقليدية، والمعلومات تؤكد أن إيران نجحت في الحصول على اليورانيوم الطبيعي الخام 338 الذي يوجد به شوائب رفيعة جدًّا يورانيوم 235، وهذا هو الأساس في صناعة السلاح النووي، ولكن هذا يحتاج إلى آلاف من الخلايا ومدة طويلة جدًّا، والوكالة الدولية للطاقة الذرية ليست متأكدةً من هذه المعلومات، والإيرانيون غامضون في هذه النقطة، ومن المعلومات التي نحصل عليها في تصوري أن إيران أمامها فترة لتصنيع السلاح النووي، وهناك تقريرٌ أكد أن إيران تبني سردابًا طويلاً تحت الأرض، والسرداب يكون بتجريب القنبلة النووية, إذا كان ذلك مؤكدًا بالفعل فإما أن تكون إيران أوشكت على الوصول للقنبلة النووية، وإما أن يكون ذلك مجرد تهويش.

* بالنسبة للعالم العربي.. أيهما يمثِّل خطورةً عليه: القنبلة النووية الإيرانية أم القنبلة الصهيونية؟

** أمامك شيئان.. إما أن يكون الكيان الصهيوني أقوى دولة أو إيران أقوى دولة، لو استطاعت إيران صدَّ الصهاينة وأمريكا فلا خوف من إيران، وإذا خوفتني من إيران فلمَن تُسلمني.

* أليست إيران لها طموحات دولية وإقليمية؟

** جائز أن إيران لها طموح، لكن لماذا لا يكون هناك تفاهمٌ وتعاونٌ بين العرب وإيران، فنحن نحتاج إلى إيران، وإيران تحتاج إلينا، فنحن لدينا الأسواق والخبرات، وإيران عندها الأسلحة المتطورة.

* ألا ترى أن القنبلة النووية الإيرانية ستهدِّد المنطقة العربية؟

** التخوف من إيران يعتبر بمثابة تطرف في التشاؤم، وإيران عندي أسلم من الصهاينة، ولا أظن أن إيران ستهددني بالقنبلة الذرية لأن هذا عبث، وأتوقع أن إيران ستستخدم القنبلة النووية لأغراض توسعية فقط، واستخدامها كسيطرة سياسية ليس واردًا وإنما هو بمثابة سلاح ردع لحمايتها.

* وما رأيك في قنبلة عربية مشتركة؟ وما الدول العربية المرشحة لدخول النادي النووي؟

** هناك حاجة ملحة لوجود قنبلة عربية، وهناك محاولات منذ ثلاثين سنة لعمل ذلك، ولكنها لن توجد، ولا توجد على الإطلاق أي دولة عربية مرشحة للوصول للسلاح النووي.

* وما رأيك في الخبرات المصرية حاليًا؟

** التكنولوجيا والمشروعات النووية أساسها الهندسة النووية، لكنها تحتاج للإلكترونيات وميكانيكا وكيمياء ومختلف التخصصات، وإن كانت الجامعات قد خربت الآن وتراجعت، إلا أن مصر تستطيع أن تستردَّ نفسها خلال خمس سنوات، وهذه ليست مشكلة، أما الخبرات النووية الأصلية (منهاج الطاقة الذرية) فهي محدودة جدًّا، وكل الكوادر والخبرات هاجرت إلى الخارج.

* هل يمكن تجميع هذه الكوادر للاستفادة منها في الوصول للقنبلة النووية؟

** أنا أستطيع في ظرف سنة أن أجمع 250 عالمًا من الكوادر والخبرات المقيمة في الخارج؛ لأن هؤلاء تلامذتي من خريجي قسم الهندسة النووية دفعة 1967م، وأعرفهم جيدًا، وأعرف أن لديهم حسًّا وطنيًّا متميزًا، وهؤلاء على أعلى مستوى من الخبرة العالمية، ولكن بشرط التحرر السياسي وتوفير غطاء أمني من القيادة السياسية لحمايتهم، لأنه لو توفرت الإرادة السياسية وتم تجميع العلماء سيبقى الصراع مع المخابرات الأمريكية التي إن علمت بذلك ستقتلهم، وهي تعرفهم بالاسم.

* هل يعني ذلك أن مصر لا يمكن أن تصل لإنتاج السلاح النووي؟

** بهذه المقاييس لا يمكن.

ما رأيكم هل هناك ضرورة لوجود قنبله نوويه مصريه أو عربيه ؟؟ ، نشكر مشاركتكم

رابط هذا التعليق
شارك

اتصل بي أحد الأصدقاء بالأمس يخبرني أن موقع أخوان أون لاين نشر حواراً طويلاً مع والدي العزيز الدكتور عصمت زين الدين، ولم أكن أعرف بهذا الحوار حتى ذلك الوقت. فذهبت أقرأ الحوار ووجدتني أسترجع مراحل وتجارب اجتزناها كأسرة في مشوار الكفاح الطويل لوالدي الحبيب. فقد عشنا وتأثرنا بكل تجربة من تجارب تضحياته وكفاحه في تعليم رجال الأمة، وفي بناء الوطن، ومن أجل استقلال الجامعات، وفي محاربة الاستبداد والفساد. فسافر وسافرنا، وعاد وعدنا، وكان بيتنا دائما مزاراً للطلاب والشباب والمخلصين إما في نشاط علمي أو بذل مجتمعي أو تواصل اجتماعي.

على أي حال، ليس هذا مجال الحديث الشخصي، لكني وجدت الحوار يعبر بشمولية ولو في إيجاز عن تطور الأمور في وطننا من موقع مشاهدتنا كأسرة من خلال تجارب رب هذه الأسرة. وللحق فالذي أجرى الحوار يبدو أنه نقله بأمانة ولا أعتب عليه إلا في العنوان حيث أن حياة والدي كان محورها دوره الجامعي كأستاذ وعالم وخبير ومربي ورائد بكل معان الكلمة، وكانت مهمته الاستشارية في رئاسة الجمهورية مهمة إضافية ومرحلية لما كان شأن الطاقة والتقنية النووية محل اهتمام جمال عبد الناصر.

ترددت عند قراءة المقال في نقله رغم الأسباب الوجيهة لذلك، وهي تتعدى النقاش حول البرامج النووية، وذلك بالطبع حتى لا أخلط الخاص بالعام. لكن والحمد لله تم النقل عن طريق الفاضل "تام" -أو الفاضلة فمعذرة إن أخطأت-.

ما أحب أن أبينه أن الحوار يدعونا للتأمل في أكثر من بعد وليس في البعد النووي فقط. فتجربة عصمت زين الدين في محاولة البناء رغم العوائق، ومجابهة عناصر الفساد، وعلاقة هذه العناصر بطبيعة نظام الحكم، وكيف أدى ذلك إلى: 1) إفساد قطاع من قطاعات الوطن، وهو في هذه الحالة الجامعات ولكن يمكن إسقاط ما جرى هناك على غيره من القطاعات، 2) إضعاف التعليم وتنفير الخبراء، 3) إهدار فرص ذهبية لبناء دعامات لدولة قوية .

ولو حصرنا الرؤية على البرنامج النووي لما استفدنا من الحوار كما يجب، حيث أن الحوار يبين منهج التعامل مع البناء والإصلاح وطريقة عمل عناصر الإحباط أصحاب المنافع. وربما من المفيد أن نعرف أن صراعات الدكتور عصمت زين الدين في مجابهة الفساد جعلت نظام الحكم يتخذه خصماً في فترات مختلفة فذاق مرارة الحبس والاعتقال والنفي أكثر من مرة إلى درجة مكافئته في أخر مشواره بتدبير مجلس تأديب لإقصائه من الجامعة.

أخيراً أذكر أنني اتصلت بالوالد في مصر بعد قراءة الحوار وعلمت أنه لم يقرأ الحوار بعد نشره بعد، لكنه أكد بالفعل أن إخوان أون لاين أجرت معه حواراً زادت مدته عن أربع ساعات. وهو بطبيعة سنه الذي تجاوز الثمانين (أمده الله بالصحة والعافية) ليس من مرتادي الإنترنت إلا فيما ندر. كما أنه لا يوجد بيني وبينه أي تنسيق يتعلق بما أكتبه هنا، ونحن نتفق في أشياء ونختلف على أشياء لكني لا أطمع في الوصول إلى مرتبته في الإنجاز والعطاء والتضحية، ومن دون شك لا أرقى إلى شدة ذكائه وحيويته. فسامحوني على هذه الشهادة الشخصية ولو أني أقولها بموضوعية كشاهد عيان أن الدكتور عصمت زين الدين من عباقرة هذا الوطن ومن أشد المخلصين له.

أرجو أن تضيف هذه النبذة بعداً مفيداً للموضوع، وتدفعنا إلى نظرة أشمل لمضمون الحوار.

تم تعديل بواسطة علاء زين الدين

أيام الصَّـبر:

http://ayamalsabr.blogspot.com/

رابط هذا التعليق
شارك

السلام عليكم

نشكر مشاركتكم سيد ( زين الدين ) ، و اتفق معك فى الرأى أنه يجب اطلاق الحريات فى الجامعات و عدم التحجج بأنها مكان للعلم فقط ( زى ما سيادة رئيسنا بيقول ) ، و لنتخذ فرنسا مثالا فى الحريه داخل الجامعات ، حين استطاع زعيم الطلبه الفرنسيين - عن طريق الضغط على الحكومه بالمظاهرات و تشجيع و تحفيز الطلبه على التظاهر ولم تتهمه نيابة أمن الدوله الفرنسيه بتكدير الرأى العام - الغاء قانون العمل الجديد و احراج دوفيلبان رئيس الوزراء ، بينما سلو بلدنا أن الطالب لا يستطيع الاحتجاج على لائحه تصدر باسم أصغر موظف فى أصغر اداره فى الجامعه ،

سلبي.. خائف.. قلق.. منكسر.. غاضب.. مطحون.. مهموم.. غير مطمئن، فاقد الثقة.. لا يبالي.. عازف عن المشاركة.. مشغول بالبحث عن لقمة العيش.. غير آمن على حياته ولا مستقبله..."

هذه هى صفات الشاب المصرى كما أوردتها مجلة (سويس انفو)

رابط هذا التعليق
شارك

السلام عليكم

نشكر مشاركتكم سيد ( زين الدين ) ، و اتفق معك فى الرأى أنه يجب اطلاق الحريات فى الجامعات و عدم التحجج بأنها مكان للعلم فقط ( زى ما سيادة رئيسنا بيقول ) ، و لنتخذ فرنسا مثالا فى الحريه داخل الجامعات ، حين استطاع زعيم الطلبه الفرنسيين - عن طريق الضغط على الحكومه بالمظاهرات و تشجيع و تحفيز الطلبه على التظاهر ولم تتهمه نيابة أمن الدوله الفرنسيه بتكدير الرأى العام - الغاء قانون العمل الجديد و احراج دوفيلبان رئيس الوزراء ، بينما سلو بلدنا أن الطالب لا يستطيع الاحتجاج على لائحه تصدر باسم أصغر موظف فى أصغر اداره فى الجامعه ،

سلبي.. خائف.. قلق.. منكسر.. غاضب.. مطحون.. مهموم.. غير مطمئن، فاقد الثقة.. لا يبالي.. عازف عن المشاركة.. مشغول بالبحث عن لقمة العيش.. غير آمن على حياته ولا مستقبله..."

هذه هى صفات الشاب المصرى كما أوردتها مجلة (سويس انفو)

لا حول ولا قوة إلا بالله. ذكرتني يا أخي بأول سفرنا إلى الخارج حين كنت أقيم مع أسرتي في بريطانيا وكان من السهل معرفة الشاب المصري في الطريق. لم يكن ذلك نتيجة لملامح مميزة .. ففينا البشرة السمراء والبيضاء وما بينهما، ومن يتميز بالشعر الأسود الأكرت إلى السائب الأشقر. لكن كنا نعرف الشاب المصري من نظرة عينيه التي تدل على إنسان متوجس خيفة من شيء ما .. نظرة تقول: "مش أنا !" .. كنا نسميها "ختم النسر" .. غفر الله لنا.

عودة إلى الموضوع .. فاستقلال الجامعة ليس فقط من أجل حرية الاحتجاج والضغط السياسي كما ذكرت. ولكن لضرورة إطلاق حرية الإبداع الفكري والنشاط الأكاديمي للحصول على النتاج الثري الذي يقدمه الأكاديميون في أنحاء العالم لنهضة مجتمعاتهم من جهة، وهذا يخص أعضاء هيئات التدريس والباحثين. ومن جهة أخرى ليعود لأستاذ الجامعة دور الرائد الذي يربي الأجيال لتحمل المسئولية بعد التخرج وليكونوا زعماء المستقبل. وهذا الدور ليس تعليمياً فقط، لكنه يتطلب أن يكون للأستاذ والطالب حرية التفاعل والتواصل في كافة أنواع الأنشطة.

هذا يذكرني بصراعات كنا نخوضها للحصول على أدنى حقوق ممارسة حرية التعبير في الجامعة. أتذكر حين كنت طالبا في هندسة الإسكندرية في السبعينيات أردنا أن نختبر اللائحة الجديدة التي تعطي صلاحيات أكبر قليلا لأمين اللجنة الثقافية باتحاد الطلاب في التصديق على نشر مجلات الحائط دون الرجوع إلى ضابط حرس الجامعة بالكلية. فوضعت مع زميلين لي مجلة وكان فيها عمودا استخدمت فيه رمزية شديدة للإشارة إلى أهمية نظام حكم يكفل للناس حرياتهم ويكفل لهم العدل إلخ. ثم عرضنا المجلة على أمين اللجنة الثقافية -الذي كان دعمي له محورياً في نجاحه الانتخابي وحصوله على أمانة اللجنة- عرضنا عليه المجلة، ولو وافق لكان الأمر انتهى عنده. لكن رفض وطلب منا أن نأت بموافقة رئيس اتحاد الطلاب وكان صديقا لي. لكنه رفض التوقيع بدون توقيع عميد الكلية رحمه الله. ذهبنا إلى العميد وطلب مننا بأدب تغيير بعض العبارات في مقالي وحاولنا إقناعه أن مضمون المقال يضيع بهذا التغيير، فرفض. قررت أن أذهب وأدهن العمود بأكمله بالحبر الشيني الأسود مع ترك بقية المجلة كما هي. وأرسلناها إلى العميد فأرسل في طلبنا وطلب منا الجلوس وأخبرنا بالطبع أن المجلة هكذا أسوأ منها لو كان المقال منشورا. وتناقشنا نقاشا طويلا حاول فيه الدفاع عن "إيجابيات النظام" ولكن بشيء من الصدر الرحب وهو يستمع لآرائنا، وكان واضحا أن سبب هذه المعاملة الاستثنائية هو علمه بأن والدي هو زميله في الكلية وصديق طفولته الذي كان بينهما علاقة شد وجذب مؤدبة بسبب دور والدي كمعارض سياسي. وللإنصاف فهذا الرجل كان له دورا في التفاوض على الإفراج عن والدي بعد فترة اعتقال قبل ذلك.

على أي حال وصلنا إلى طريق مسدود .. فأخرج العميد من درج مكتبه كتيبا يأتيه من جهة ما وقال لنا بالحرف "أنا عبد المأمور".

هذا كان في أوائل السبعينيات. إذا كان عميد كلية من أعرق المنشآت التعليمية في البلاد -بل في العالم- يتعامل مع النشاط الفكري لطلاب هذا الصرح من منطلق "أنا عبد المأمور"، كيف يخرج من هذه الجامعات روادا يقودون الأمة للحاق بالحضارة مع إدراكهم لثوابت الأمة والحفاظ عليها. تحقيق هذا الهدف لا يتم إلا عن طريق أحرار يربون أحرارا. هذه هي أهمية استقلال الجامعات.

ومرة أخرى لا نغفل ما يكشف عنه الحوار من كيفية تعامل أعضاء شبكات المصالح (كان التنظيم الطليعي في وقت ما .. لكن المهم هو المسمى ليس الاسم) مع جهود النهضة بهذه الأمة. وهذا العرض يبين أن أي محاولات جادة للنهضة لن تتم مع سيطرة هذه الشبكات على قطاعات البلد الرئيسية.

تم تعديل بواسطة علاء زين الدين

أيام الصَّـبر:

http://ayamalsabr.blogspot.com/

رابط هذا التعليق
شارك

اتفق معك سيد ( زين الدين ) فيما ذهبت اليه ، و أحييك على نشاطك فى فترة الجامعه ، و يبدو لى أن لديك الكثير من المواقف و الصفات التى تجعلك فخورا و ستدوم مصادر فخرك كثيرا ان شاء الله .

رابط هذا التعليق
شارك

ومن أجبر عبد الناصر على اعادة محاكمه قادة الطيران فى نوفمبر عام 1967

كانوا طلبه جامعه القاهرة وعين شمس وعمال مصنع الحديد والصلب وحلوان للحرير الصناعى ثم تبعتهم جامعه الاسكندريه واسيوط

فكان ان اعاد عبد الناصر اوراق المحاكمه الى المحكمه ولم يعتمدها بالرغم من علمه اليقين من براءة هؤلاء القادة العسكريين

مع خالص تحياتى للمهندس علاء ووالدة

إلا انى اود من الاخوة الاعضاء فهم ما قاله الحديث على الوجه الصحيح

فالدنتور عصمت حفظه الله يتكلم بلسان العالم الطموح والذى اراد تغيير شكل مصر كلها نوويا ............... وهذا واجبه وخير دليل على وطنيته ............. ولكن الوطنيه ليست كل شىء .. فهى احيانا ما تكون مثل الثور الاهوج الذى يحطم كل شىء فى غياب العقل

والعقل فى هذا الموضوع هو :

من اين كنا سنتسورد المفعل وكل أجهزته ونحن كنا نعانى من حصار أقتصادى وعلمى

من كان سيسمح لنا بأنشاء مفعل نووى ننتج منه القنبله الذريه او النوويه ومخابرات العالم كله كانت تطارد علمائنا ومن يحاول مساعدتنا من العلماء الأجانب بل وكان من اسباب حرب 67 هو العمل على توقف تنميتنا العلميه والاقتصاديه التى اعتمدنا فيها على انفسنا بعد الله تعالى

نعم العالم طموح ولكن السياسى لا يشاركه هذا الطموح لانه يعلم ما لايعلمه العالم

فالسياسى كان يعلم ان القنبله النوويه ستكون عبئا أقتصاديا يلتهم كل مقدرتنا الاقتصاديه ومع ذلك فلن نستطيع استخدمها لسببين :

عدم وجود الوسيله التى نستطيع بها نقل القنبله الى ارض العدو (طائرة اة صاروخ)

تلويث كل مصادر المياة من انهار ومياة جوفيه وامطار فى المنطقه بالتلوث النووى ......... ( اسرائيل تبعد عن ميدان التحرير ب 350 كم )

لذلك كان خيار مصر السياسى هو البحث عن وسيله ردع استراتيجيه تعادل قنابل مفعل ديمونه ........... فأختارت سلاح الحرب الكيميائيه والبيلوجيه والذى تفوقنا فيهما على اسرائيل وعلى بعض الدول المتقدمه وبسببه كسب صدام حربه ضد ايران

وقد هدد الرئيس السادات بضرب اسرائيل بالاسلحه الكيميائيه والبيلوجيه فيما لو صعدوا من غارتهم وضربوا المناطق المدنيه مع بدايات حرب 73

ومع ذلك

ليى عبد الناصر طموح العلماء واستطاع بناء مفعل انشاص ليكون معهدا علميا يدرس فيه العلماء المصريين استخدمات الذرة السلميه

تم تعديل بواسطة ahm_ali_baba
رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...