KANE بتاريخ: 3 يونيو 2006 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 يونيو 2006 رسائل غاضبة لمن يهمه الأمر بقلم : عبد الله كمال الرسالة الثانية * محمود سعد وغسيل المخ لك تحياتى أشكرك على ما كتبته فى مجلة «روزا» عن الحجاب، ولكن هناك أمورا لابد من التوقف عندها، فهناك أشخاص يدعون للريبة. ومنهم زميلكم المدعو محمود سعد رئيس تحرير الكواكب المجلة الفنية التى تحولت لمجلة للترويج للحجاب والفنانات المحجبات، بل وصل الأمر إلى نشر الفكرة عبر التليفزيون فى برنامج «البيت بيتك» فى الحلقتين اللتين استضاف فيهما حلا شيحة ثم حنان ترك مرحبا ومروجا لحجابهما بشكل غير مباشر بعد أن انفرد بخبر حجاب حلا أولا، وقام بنشر صورتها بعد ذلك فى مجلته على الغلاف، بحجة زواجها.. وطبعا هو من الذكاء الذى يمكنه من سياق العديد من المبررات لما فعل بشكل مقنع.. ولكن الحقيقة أنه يروج للحجاب وهو من المتزعمين فكرة عودة الفنانات للتمثيل بالحجاب.. لأنها أفضل فكرة للترويج للحجاب فى كل بيت دون أن يشعر أحد من المتصدين للفكرة، وفى الحقيقة أنه لا يجد أى شىء يمنعه، بل الكل يرحب به، إما عن عمد أو جهل أو غفلة. أرجوك خذ الأمر بفكر وجدية واهتمام، وستجد أن ما أقوله صحيح خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار أن الأخ محمود سعد يعمل فى قنوات خليجية. وأنه الصورة الأكثر تجملا للأخ محمد بركات فى قناة «اقرأ».. والذى كان يتولى الترحيب بالفنانات المحجبات.. ولكن أسلوبه لم يعد مقبولا ولابد من صورة جديدة أكثر ذكاء لتكون أكثر تأثيرا وهو ما يفعله سعد بحرفية شديدة لا يدركها إلا من يرصد بدقة ما يفعله بدهاء ومكر. ومجلته وما تحتويه خير شاهد حتى إنه كان من أشد المتحمسين لعمرو خالد ووضع صورته من قبل على غلاف المجلة مثل نجوم السينما والفن.. وقد كشفت دوره فى مسألة حنان ترك عندما استضافها فى «البيت بيتك» دون أن تقصد عندما قالت له بعفوية عن الكتب التى أحضرها لها ومساعدتها فى ارتداء الحجاب، وكان واضحا بالطبع علمه بكل خطوة وكأنه معها. يا سيدى إنه يخرب الفن المصرى الذى هو أحد أركان الأمن القومى المصرى باعتبار أن مصر أنارت العالم العربى بفنها الذى يحاولون الآن نزعه منها وتدميره كأقوى سلاح ثقافى تنويرى، وللأسف إن المدعو محمود سعد يساعدهم ويقبض الثمن بالريالات. والحقيقة أننى لا أعرف حقيقة الدور الذى يلعبه وهو مع من بالضبط.. ففى حلقة الجمعة الماضية من برنامجه «اليوم السابع» أعد فقرة دافع فيها عن القضاة وأذاع وقفتهم الاحتجاجية وكلمة عنترية على طريقة خطب عبدالناصر للسيد المستشار الباحث عن دور بطولة زكريا عبدالعزيز رئيس نادى القضاة.. وهو يخطب خطبة عصماء تدعو للإشفاق لما وصل إليه حال القضاة ثم قام المدعو سعد باستنكار تحويل الصحفيين للتحقيق ولى ذراع الحقيقة بخبث.. وهو يقول مضللا المشاهد أنهم يتعرضون للتحقيق لأنهم قالوا إن الانتخابات مزورة وكأنها نوع من كبت الحريات، وهو ما أعاد ترديده وائل الإبراشى.. هل من حق الصحفى أن يتهم مستشارا بالتزوير وعندما يحاكمه يقول إن النظام ضد الحرية.. والسيد سعد يسانده بقوة هو مع من بالضبط أم أنه يلعب على كل الحبال ليقبض من الكل، ولكن الحقيقة أنه بارع جدا وفى غاية الذكاء ويستطيع أن يبدو فى صورة مدافعا عن شىء، بينما هو يرمى لشىء آخر بخبث شديد لا يكشفه إلا من يرصد بدقة متناهية ويتابعه ويدرك حقيقته. وعودة لحجاب الفنانات الذى أصبح سعد مهندس صفقاته الأول وببراعة شديدة.. إننى فى غاية الحزن أنه استطاع التأثير على الفنانتين وعمل لهما غسيل مخ وليت يكون هناك من يقول لهما أن القلب الطاهر والأخلاق الحسنة هما الطريق للجنة وليس العلم على رأسهما وليتهما تقرآن كتبا أخرى غير تلك التى أحضرها لهما وأقنعهما بها محمود سعد! وأرجوك أن تنتبه أنه سيحاول البحث عن الصيد الجديد لتحقيق التأثير المطلوب والحصول على الثمن مادام هناك من يدفع لضرب مصر.. وآهو كله بثمنه.. والشيوخ جاهزون بالملايين سواء دفعوها له أو لمن يدعمه.. ليظل فى الصورة منفذا سياستهم، وأعتقد أن الأهداف المقبلة هى منى زكى وياسمين عبدالعزيز ومنة شلبى، فهل سيحميهن أحد منه أم تتركونه ينفذ سياسة الغزو بضرب الفن المصرى فى مقتل وإلا ليقل لى أحد لماذا لا نسمع عن فنانة غير مصرية اتحجبت واعتزلت؟! أشكرك. سنابل وقنابل *هشاشة أفكار أهم مشاكل فنانات مصر أنهن مواهب غير مثقفة.. مبدعات فطريات لا يقرأن.. عقول ملساء.. تحركها العواطف يمينا ويسارا.. أتحدث عن الأجيال الجديدة. *فكرة بالمناسبة.. لماذا لا تفكر أكاديمية الفنون فى إضافة مناهج للفكر الدينى ضمن مقرراتها الدراسية.. بدلا من أن تبقى الفنانات فريسة للثقافة الشفوية. سؤال إلى رئيس الأكاديمية الدكتور مدكور ثابت. ! محجبات ...انتشروا بقلم : كرم جبر يبدو أن المطلوب الآن هو سيطرة الممثلات المحجبات على السينما والمسرح والمسلسلات والفيديو كليب.. وهذا ما تفعله حنان ترك وحلا شيحا وعبير صبرى وسهير رمزى ومنى عبدالغنى وغيرهن.. وأرشح فى الفترة القادمة نجمات جديدات للتحجب فى صدارتهن منى زكى ومنة شلبى وهند صبرى ثم يسرا وفيفى عبده وروبى وإلهام شاهين. يبدو أن كلمة السر هى: محجبات.. «انتشروا» ولغويا «انتشرن» مطلوب محجبات «ستايل» يلائمن المرحلة الجديدة. كانت الخطة القديمة هى «ستر» المحجبة فور ارتدائها الحجاب وفرض سياج من السرية والكتمان حول تحركاتها، ثم تبدأ فى أعقاب ذلك حملة هجوم مكثفة على الفن وإصدار فتاوى بأنه حرام.. ولأن الفن «حرام» والفنانة «عورة»، كانت التوبة تحتم أن تلزم المعتزلة بيتها، وتقطع علاقتها تماما بماضيها الأسود وتتبرأ منه، ولا تظهر فى المجتمع أبدا. أما الآن، فلم يعد الفن حراما، منذ أن أفتى بذلك عمرو خالد، وابتدع «خلطة سحرية» اسمها «الفن الإسلامى».. تقدم حلولا ترضى جميع الأطراف. *ترضى الفنانات الباحثات عن الشهرة والأضواء والمجد والفلوس والكاميرات.. وتمهد لهن الطريق إلى الجنة بلا تضحية ولا جهاد للنفس ولا حرمان من لذات الدنيا ومتاعها الزائل الذى أصبح دائما. *ترضى الأولاد والبنات الضائعين بين «البادى» الذى يكشف البطن و«الحجاب» الذى يدارى الشعر.. وإيجاد طوق نجاة لأن الخلطة الجديدة تقف فى منطقة وسطى بين التبرج والتحجب. لا اعتراض على أن ترتدى كل نساء العالم الحجاب، فالأمر متروك لكل امرأة ومدى عقيدتها وإيمانها وعلاقتها بالمولى عز وجل.. غير أن توظيف الحجاب لخدمة أغراض بعيدة عن مقاصده ومراميه هو سبب البلاء والداء. منذ سنوات سمعنا كلاما كثيرا عن أمراء خليجيين كانوا يدفعون الملايين للمحجبات.. وكان المقصود من ذلك الوقت هو «وأد الفن» لأنه هو الذى يصنع ريادة الأمم والشعوب، وبالتالى إذا أردت أن تضرب أمة وتضعف نفوذها ودورها فابدأ بفنانيها.. وحدث ما حدث.. وتكررت الغارات الغادرة على الفن المصرى والفنانات المصريات. تبعا لنظرية المؤامرة يمكن القول إن الذين نفذوا خطة تحجب الفنانات فى ذلك الوقت كانوا من مخلفات مرحلة الطفرة فى الخليج.. والطفرة هى التدفقات المالية الضخمة التى طفحت بسبب رفع سعر برميل البترول من دولارين إلى ثلاثين دولارا فى أعقاب حرب 1973. كانت النوعية المطلوب اصطيادها من الفنانات فى ذلك الوقت من «ممثلات الإغراء فى سن اليأس».. أى الممثلة التى أوشكت أن «تقلب العداد» أو كادت عجلات الزمن أن تدهسها.. وكانت الخطوة التالية هى أن تكتب كل معتزلة مذكراتها أو تدلى بأحاديث صحفية دون أن يراها أحد أو يسمع صوتها، أحاديث كانت تتم بالمراسلة، لتحريم الفن ولعن أبيه. أتذكر أن راقصة معتزلة قالت أن سبب اعتزالها هو أنها كانت ترقص شبه عارية قبل الفجر، وشعرت فجأة أن العيون التى تتفحص جسدها تحولت إلى خيوط من نار تخترق الصدر والبطن والأرداف، فأنهت وصلة الرقص بسرعة ودخلت غرفتها، فجاء لها شخص يلبس «أبيض فى أبيض» وذقنه بيضاء زى الفل، وقال لها «قومى يا بنتى اتوضى وصلى» وجاء لها أيضا بثوب «أبيض فى أبيض»، وقد كان.. ولم تقل تلك الراقصة الحقيقة المرة وأنها أصيبت بمرض جلدى يغير لون جسدها وأجبرها على الاعتزال والله بعبيده ستار. وممثلة أخرى كانت ترتدى فساتين لا تدارى من صدرها إلا أقل القليل، فجأة تحجبت بسبب رؤى فى اليقظة والمنام.. وكان السبب وراء ذلك هو إصابتها بسرطان الثدى.. وليس أبو «أبيض فى أبيض». الحكايات كثيرة ومملة والله يغفر الذنوب جميعا ويحول سيئاتهن حسنات.. ولكن يجب أن يكون الإنسان صادقا مع الناس، ومع ربه.. ولا يجب أبدا اللجوء إلى توظيف الحجاب الذى يغطى الرأس، بعد أن كانت المعتزلة توظف جسدها العارى كاملا لتحقيق المجد والثروة والشهرة. قديما كانت المعتزلة تثأر من ماضيها وتشوهه بمية النار وتندم على اشتغالها بالفن والسينما.. مع أن المسألة أبسط من ذلك بكثير والتائب من الذنب - إذا كان الفن ذنبا - كمن لا ذنب له.. لكنها كانت مرحلة الضرب تحت الحزام وفوق الحزام.. بأموال أمراء خليجيين، وفتاوى شيوخ مصريين، وبأيدى فنانات مصريات.. والهدف هو الفن. الآن لم يعد ذلك ممكنا، وأصبح الفن «غولا» يلتهم من يقف فى وجهه.. واتضح للذين حاولوا ضرب الفن المصرى جهلهم وغباؤهم وقصر نظرهم، لأنهم لم يضربوا الفن بل أيقظوا التطرف والانغلاق والجهل، وارتد السهم لراميه، وأصبح «طباخ السم» مجبرا على أن يذوقه. واتجهت نفس الأموال والعقول التى خططت لضرب الفن إلى إطلاق موجة العرى والفيديو كليب، وإطلاق مطربة عارية كل 24 ساعة،وبدأت موجة المطربات اللبنانيات مع احترامى لكثير منهن.. الهدف كان مزدوجا: 1- استكمال عملية ضرب الهيمنة المصرية على الفن العربى بأسلوب جديد ليس هو تحجيب الفنانات المصريات وتعرية المطربات اللبنانيات فقط ولكن أيضا بضخ ملايين الدولارات لصنع نجمات غير مصريات أكثر سخونة من الدولارات والمصريات. 2- مواجهة التطرف الدينى الذى غرس أظافره فى دول الخليج بالتطرف الجسدى عن طريق عشرات من فضائيات «الفيديو كليب» وكلها بأموال خليجية. وكما أخطأوا فى المرة الأولى هم يخطئون الآن، لأن الفن لايباع ولا يشترى، وإنما هو مخزون طبيعى للأمة وثقافتها ووعيها وما تقدمه للبشرية من إبداع.. وثانيا لأن العرى الشديد - وهو الوجه الآخر للتطرف - يغرى بمزيد من التطرف، ويدفع المعتدلين للجوء إلى الدين، لأنه خط الدفاع الأخير الذى يحمى من الانحراف. أريد أن أقول أن السينما الإسلامية أو الفن الإسلامى حكاية قديمة وفيها مؤلفات وأبحاث كثيرة.. والعلماء الأفاضل الذين كتبوا فى هذا الموضوع اختلفوا من النقيض إلى النقيض.. بعضهم حرّم الفن حرمة قتل النفس، وبعضهم أباح الفن وقال إنه يمكن أن يخدم الإسلام أكثر من الجوامع، ولم تستفد السينما ولا الإسلام من مثل هذا الجدل العقيم. أما مسألة اللعب بالحجاب والمحجبات وجعلهن كالعرائس التى يتم تحريكها من فوق، فهو أمر يثير أكثر من علامة استفهام أهمها: لماذا أصبح الظهور العلنى للفنانات المحجبات بهذا الشكل المكثف؟ لماذا تم إنشاء قناة فضائية خاصة لتقديم برامج بواسطة الفنانات المحجبات؟.. ولماذا أصبحت الموضة الآن هى إصدار الفتاوى بأن الإسلام هو دين الفن والفنانين؟ ما الذى تغير؟ وهل يتم توظيف الدين وتفصيله حسب المقاس أم يفصل الإنسان حياته حسب تعاليم دينه؟ الآن لم يعد مناسبا أن نطلق على المحجبات لقب «المعتزلات».. الأصح هو «المنتشرات» **************************************************** الحجاب ... سياسة للبيع كتب : وائل لطفي كان مرشد الإخوان الراحل مصطفى مشهور فى مشهد نادر.. كان يواجه ثورة من مجموعة من أعضاء الجماعة صغار السن. المناسبة كانت جنازة أحمد الملط نائب المرشد، بعد الدفن التفت مجموعة من شبان الجماعة المتحمسين حول المرشد العام وواجهوه بحالة السخط التى يشعرون بها، كانت الجماعة وقتها تمر بحالة من حالات التجميد السياسى لا تخوض الانتخابات.. ولا تعقد اجتماعات تنظيمية موسعة.. وتتلقى ضربات أمنية متتالية.. قال الشبان للمرشد: إن الجماعة تتراجع.. نظر المرشد للشاب الذى كان يحدثه وسأله: هل زاد عدد المحجبات فى الشارع الذى تسكن فيه أم نقص؟! رد الشاب: بل زاد.. فرد المرشد: إذن نحن نسير للأمام. هذا الموقف الذى روته صحيفة آفاق عربية الناطقة بلسان الجماعة وقتها يمكن أن يلخص قصة الحجاب فى مصر.. الحجاب ظاهرة اجتماعية.. اقتصادية.. لها بعد وثيق الصلة بالحرية والاختيار الشخصيين لكنها أيضا طوال الوقت ظاهرة قابلة للاستخدام السياسى، والأدق أن الحجاب طوال الوقت يستخدم سياسيا.. المنطق يقول أنه ليس كل حجاب دليلا على عفة من ترتديه.. تماما كما أن كل زى عادى ليس دليلا على انحلال من ترتديه. لماذا ينتشر الحجاب حاليا؟ الإجابة سهلة هى التى قدمها المرشد السابق للإخوان المسلمين أو هى نفسها الإجابة التى يمكن أن يقدمها أى فرد من أفراد الجماعة.. الإجابة ستقول أننا إزاء نوع من أنواع «الصحوة الإسلامية» أو المودة الاجتماعية للدين وأن الحجاب هو أحد أبرز تجليات هذه الصحوة.. حسن ولكن المصريين كانوا متدينين - عن حق - طوال العقود الماضية وأن العقود من العشرينيات وحتى الثمانينيات - بداية الانتشار الجماعى للحجاب لم تشهد هذا الكم من التهتك القيمى الأخلاقى الذى تشهده حاليا.. والصحيح أن الظاهرة - أية ظاهرة - لها أبعاد ومكونات سياسية واقتصادية واجتماعية مختلفة. وإذا كان الإخوان وأنصار فكرة الإسلام السياسى بشكل عام يحاولون استخدام الحجاب السياسى.. فربما كان للأمر تفسير سياسى ولكن من منظور مختلف. فى رسالتها للماجستير فى الجامعة الأمريكية والتى حملت عنوان (الناشطات الإسلاميات) خلصت الباحثة شيرين حافظ إلى أن المرأة المصرية كانت دائما محورا للصراع بين الدولة من جهة وجماعات الإسلام السياسى من جهة أخرى.. الدولة - أو بعض أجنحتها تتبنى دائما وبالتدريج فكرة الإصلاح التشريعى والرعاية الاجتماعية للمرأة، وجماعات الإسلام السياسى تدرك أن المرأة هى مربية الأجيال وأنها إذا تم استقطابها يمكن أن تبث الأفكار التى تؤمن بها لأطفالها.. هؤلاء الأطفال هم المستقبل.. فكرة بسيطة ومطروحة بقوة فى أدبيات جماعة مثل الإخوان المسلمين. بشكل أو بآخر يمكن أن نعتبر أن ذلك النوع من الانتشار للحجاب فى مصر هو جزء من حرب الهيمنة والمصطلح للمفكر اليسارى الإيطالى أنطونيو جرامشى الذى يعتبر أن الجماعات المختلفة فى صراعها نحو السلطة تمر بمراحل عدة، المرحلة قبل الأخيرة منها هى حرب الهيمنة - التواجد فى مراكز التأثير - مؤسسات المجتمع المدنى.. وسائل الإعلام.. النوادى.. بعد حرب الهيمنة - تأتى المرحلة النهائية (السيطرة)... إذا طبقنا هذه الفكرة على المجتمع المصرى فهل يمكن اعتبار انتشار الحجاب بين شرائح اجتماعية واسعة من الفتيات والسيدات إعلانا (لهيمنة تيار معين؟! فى الحقيقة لا؟). الإجابة بالنفى لها علاقة بانتشار نمط جديد من التدين فى المجتمع المصرى يمكن تسميته بالتدين الفردى أو نزعة الإيمان الفردى. فإلى جانب السيدات المصريات اللاتى يرتدين الحجاب لأسباب اقتصادية سنجد أن الحجاب انتشر بقوة فى أوساط الشرائح التى يمكن أن نسميها الشرائح العليا من الطبقة الوسطى.. فتيات هذه الطبقة حصلن على تعليم عال.. وغالبا يعملن فى وظائف فى قطاعات مهمة وبشكل عام ليس لديهن دوافع قوية تدفعهن للسخط السياسى نظرا لتمتعهن بفرص جيدة فى الثروة والمكانة الاجتماعية.. هن فقط يردن نوعا من الحماية الأخلاقية ويردن زيا لايمنعهن من التمتع بمباهج الحياة والإحساس بالتميز الاجتماعى والمادى.. لذلك من الطبيعى ألا تجد فى مصر حجابا واحدا، ومن الطبيعى أيضا أن تجد أن حجاب السيدات فى أحياء مثل إمبابة وبولاق الدكرور يختلف تماما عن حجاب الفتيات فى أحياء الدقى والمهندسين، الحجاب الأول خمار واسع فضفاض يدارى أشياء كثيرة من بينها الفقر.. الحجاب الثانى كتانى ناعم مكلف جدا وذو ألوان مبهجة.. مع انتشار هذا النوع من الحجاب الذى يرمز إلى رغبة فى التحلى بالصفة المحافظة على مستوى الشكل أكثر مما يرمز إلى تدين حقيقى. كان من الطبيعى أيضا أن ترى فى مصر عروض أزياء للمحجبات ومصممات أزياء تخصصن فى ابتكار أشكال جذابة من الحجاب لسيدات وفتيات المجتمع الراقى.. مع عروض الأزياء ظهرت مجلات موضة متخصصة فى الحجاب وبوتيكات تبيع أزياء المحجبات غالية الثمن.. هذا لا يعنى أن الحجاب سوق كبيرة للأرباح والتجارة فقط شأن ظواهر دينية كثيرة تحولت إلى مصدر واسع للأرباح فى السنوات الماضية.. لكنه يعنى أيضا أن هذا النوع من الحجاب الناعم هو لافتة أخلاقية وهو يختلف تماما عن ذلك النوع من الحجاب ذى الطبيعة التقشفية وربما الجهادية.. الذى كان ارتداؤه تعبيرا عن حالة من حالات التصادم والخصام مع المجتمع تبنتها بعض الجماعات العنيفة طوال سنوات السبعينيات والثمانينيات. إلى جانب حجاب الفتيات من غير الشهيرات لدينا أيضا حجاب الفنانات والنجمات.. منذ أسبوعين بثت المواقع الخبرية خبرا عن نية المطربة والراقصة اللبنانية هيفاء وهبى ارتداء الحجاب.. الخبر كان أكثر الأخبار طباعة على مواقع الإنترنت ظل الكثيرون مشغولين بتخيل جسد هيفاء وهبى تحت الحجاب.. حتى نفت هيفاء وهبى الخبر ووزعت صورا أكثر من مثيرة لها وهى ترتدى المايوه البكينى لتؤكد أنها لم تعتزل. المفارقة أن الكثيرين أسعدهم الخبر.. واعتبروه شيئا إيجابيا.. هكذا كان يمكن لهيفاء وهبى أن تحتفظ بثروة قيمتها 16 مليون دولار جمعتها من الغناء فى علب الليل والحفلات الخاصة وتصبح أيضا من الداعيات وقادة الرأى فى المجتمعات العربية.. لم يكن غريبا لو مددنا خط الخيال على استقامته أن نرى هيفاء بالحجاب تقدم برنامجا على قناة فضائية دينية.. مثلها مثل زميلاتها.. ومعنى هذا الاهتمام الرهيب بقنبلة حجاب هيفاء وهبى أننا مجتمع مازال يفكر بنصفه الأسفل والمعنى الأعمق أننا نفتقد لأية قيم حقيقية فى الحكم على الأشخاص والأفعال.. لا قيمة سوى الشكل لذلك يمكن أن ينقل «الزى» هيفاء وهبى وغيرها من خانة إلى خانة.. ومن النار إلى الجنة.. ينقلها من خانة الراقصات إلى خانة الواعظات وقادة الرأى. الحجاب فى النهاية فكرة يتم ترويجها على أنها مقدسة.. مرتبطة بأمر إلهى لكن هذا لا يمنع بعض الفنانات والمذيعات من استخدامها كمادة للدعاية الرخيصة على طريقة (فلانة خلعت الحجاب، فلانة ارتدت الحجاب) فى الأسبوع الماضى سربت المذيعة بسمة وهبى خبرا عن أنها خلعت الحجاب.. وذهبت لاستوديو تصوير شهير وتم تصويرها دون حجاب (التصوير دائما هو الخطوة الأولى) وبعد أن نشر الخبر عادت ونفته.. أهلا وسهلا.. ما المهم فى أخبار مثل هذه سوى دلالتها التى تقول أننا لا نفكر فى النجمة أو المذيعة سوى كخبر - لا شىء - ولكن ما الذى أوصلنا إلى هذه الحالة؟ هل كانت هذه هى حالة المرأة المصرية دائما.. فى الحقيقة لا.. وفى الحقيقة أن القصة طويلة وتبدأ منذ عام 1919. بين 1919 و2006 سنوات طويلة بالتحديد خمسة وثمانون عاما جرت خلالها فى نهر الحياة المصرية مياه كثيرة.. فى 1919 خلعت المرأة المصرية الحجاب للمرة الأولى.. وخرجت مجموعة من النساء المصريات فى مظاهرة سياسية للمرة الأولى وكن سافرات الوجوه.. لم يكن الحجاب الذى خلعته بنات الأسر الكبيرة اللاتى شاركن فى المظاهرة هو الحجاب الدينى المنتشر الآن بالتأكيد.. ولم يكن خلع الحجاب رمزا للانحلال الخلقى بالطبع.. كان إعلانا عن الرغبة فى المشاركة.. كانت المسألة باختصار هى أن ثورة 1919 كانت ثورة المصريين الذين يريدون أن ينتزعوا دورا فى حكم مصر، كانت ثورة شرائح اجتماعية نضجت اقتصاديا واجتماعيا فى سنوات ما قبل الاحتلال واستوى نضجها خلال سنوات الاحتلال.. بل أن أرباحها الاقتصادية تضاعفت فى سنوات الحرب الأولى.. هذه الشرائح التى تعبر فى مجملها عن الطبقة الوسطى المصرية رأت فى نهاية الحرب العالمية موعدا مناسبا كى تطالب بحقها فى المشاركة.. بعد 1919 لم تعد لعبة السياسة فى مصر مقصورة على الصراع بين سراى عابدين وقصر الدوبارة.. شارك المصريون وكانت مظاهرة النساء إعلانا عن رغبتهن فى المشاركة فيما هو قادم.. ولو بقدر.. لم تكن النساء فقط هن اللواتى استدعين للمشاركة فى مصر ما بعد 1919 كان هناك أيضا الأقباط بعد الثورة شارك الأقباط فى المشهد السياسى بصورة أكثر من ناجحة.. وهو مالم يتحقق مع النساء تماما.. لكن الأكيد أن النساء خرجن من الحرملك.. عرفت الفتيات طريقهن للتعليم الجامعى والمنتديات العامة وللحياة الاجتماعية.. ولكن ذلك كان يتم بالتدريج البطىء. مع قيام ثورة يوليو ورغم تهميشها للعديد من القوى السياسية على الساحة.. إلا أن السياسات الاجتماعية للثورة أدت لحضور قوى للمرأة فى المشهد الاجتماعى العام.. مجانية التعليم أدت لمزيد من فرص التعليم للمرأة.. والالتزام بتوظيف الخريجين من الذكور والإناث أدى لمزيد من الحضور الاجتماعى للمرأة والاستقلال الاقتصادى لها.. ورغم أن تمثيل النساء فى السياسة ظل رمزيا ووزيرة واحدة غالبا للشئون الاجتماعية.. إلا أن أعداد النساء العاملات فى الجهاز الإدارى للدولة وفى شركات القطاع العام كانت فى تزايد مستمر.. لم تكن سنوات الخمسينيات والستينيات هى سنوات حجاب النساء.. على العكس كانت هناك حالة صعود مستمر للنساء.. وكان المزاج العام فى مصر والعالم يسمح للنساء بقدر من التحرر فى الزى لكنه كان تحررا من السهل فرزه.. حين تنظر لصورة أسرة مصرية فى الستينيات تدرك منذ الوهلة الأولى أن السيدة فى الصورة زوجة وأم.. لم يكن الزى ذا دلالة أخلاقية ربما لأن أجساد النساء لم تكن قد دخلت سوق الاستهلاك بالدرجة التى رأيناها فيما بعد.. فى السينما ظهرت ممثلات عبرن عن فكرة الفتاة التى أفرزتها ثورة يوليو.. كانت أهمهن سعاد حسنى.. ونادية لطفى فى أدوار معينة.. على المستوى السياسى لم تكن النساء من ضمن جمهور جماعة مثل الإخوان المسلمين، وجماعة السيدات المسلمات كانت تتمحور حول شخصية زينب الغزالى وهى سيدة تنتمى لفئة النساء اللاتى يدخلن عالم السياسة بصفات أقرب لصفات الرجال.. نفس الفئة التى تنتمى لها نساء مثل مارجريت تاتشر وجولدا مائير.. وباستثنائها مع النساء من زوجات أعضاء الجماعة لم يكن هناك جمهور من السيدات ولا جناح نسائى للجماعة.. فى السبعينيات كانت الهجرة للخليج.. عاد الرجال يرتدون الجلابيب البيضاء وعادت النساء بالعباءات السوداء والحجاب.. كان هذا هو الزى الرسمى المسموح به فى بلاد الهجرة والنفط.. وحين عادت النساء لم يجدن مايدعو لتغييره.. نفس الجيل من النساء الذى أنتجته السياسات الاجتماعية لثورة يوليو كان قد دخل مرحلة الكهولة والأهم أنه مع هزيمة 1967 هزم مشروع النهضة نفسه.. ولم يجد الرجال والنساء شيئا سوى مهارات فنية وتقنية أتاحتها لهم فرص التعليم المجانى.. لم يكن أمام الجميع سوى محاولة استثمار مهاراته بشكل فردى هنا أو هناك فى الداخل أو فى الخارج نجح البعض وأخفق البعض الآخر لكن الفشل كان من نصيب الجميع كمشاركين فى مشروع عام منى بالهزيمة. وإلى جانب الملايين الذين سافروا لدول النفط كان هناك طوفان من الكتب والأشرطة ضمن هذا الطوفان كان هناك طوفان أصغر استهدف المرأة بشكل عام.. ليس فى الأمر أدنى مبالغة أو استسهال فى التحليل.. لم تكن فكرة أن الأم هى التى تتولى تربية الأطفال وإعداد الأجيال الجديدة من المصريين غائبة عن مروجى فكرة الصحوة الإسلامية وهى مظلة اتسعت بقوة فى سنوات السبعينيات لتضم تحتها قوى أخرى بخلاف جماعة الإخوان التى عادت للمشهد السياسى والاجتماعى بعد سنوات من الغياب الإجبارى فى الستينيات كان هناك ناشرون ومفكرون تحولوا من أقصى اليسار لأقصى اليمين وكان هناك من يؤمن بالفكرة.. وهناك أيضا من يؤمن بالأرباح التجارية لترويج الفكرة.. لكن الكتب والشرائط وسنوات الهجرة للدول الخليجية لم تكن هى السبب الوحيد لإقبال النساء المصريات على الدخول تحت خيمة الحجاب الواسعة.. كانت هناك فكرة أعمق.. وهى أن الاستهلاك أصبح هو السمة الأولى لمجتمع ما بعد الانفتاح.. وهكذا فقد سفور المرأة فكرته الأساسية وربما شرعيته.. كانت الفكرة المطروحة فيها قبل ذلك هى أن هناك مشروعا للتنمية وأن الجميع مدعوون للمشاركة فيه وبالتالى فلا مبرر لأن ترتدى المرأة زيا يميزها عن الرجل.. كان شرف المرأة متعلقا بقدرتها على المساهمة فى مشروع النهضة الذى كان المفترض أنه كان مشروعا جادا وحقيقيا وكان من الواضح أن الكثيرين يصدقونه وينتمون له.. بعد الانفتاح الاقتصادى والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الحادة.. أصبح كل شىء مطروحا للاستهلاك.. وهكذا كان على المرأة أن تحمى جسدها حتى لا يصبح مطمعا لمن يرغب فى استهلاكه.. هذا إذا كان وعى المرأة سليما والأكيد أن هذا هو وعى الأغلبية.. والأكيد أيضا أن وعى أو لا وعى الأقلية كان يفكر أن تغطية السلعة أية سلعة من شأنه أن يزيد من ثمنها. هكذا ظهرت محاولات التفسير غير النصية والمنطقية للحجاب فى خطاب بعض الدعاة وكان المنطق أن الإسلام يرى المرأة شيئا غاليا جدا.. جوهرة.. لذلك يريد الحفاظ عليها من أعين المتطفلين بغير وجه حق. هكذا عرفت النساء فى الثمانينات وأواخر السبعينيات طريقهن إلى الحجاب وهذا الجيل من النساء هو الذى يمكننا أن نطلق عليه جيل الأمهات.. وهن أمهات لفتيات يقبلن أيضا على الحجاب لأسباب أخرى.. وقبل أن نتطرق لهذه الأسباب ومنذ السبعينيات وحتى الآن لايمكننا أن نغفل عاملا آخر يقف وراء انتشار الحجاب هو العامل الاقتصادى حيث إن ارتداء الحجاب يجعل تكلفة خروج المرأة من المنزل أقل ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية وتدهور الحالة المادية لكثير من موظفى الجهاز الإدارى للدولة فى مواجهة التضخم وارتفاع الأسعار أصبح الحجاب حلا اقتصاديا لكثير من النساء. لكن سنوات الثمانينيات شهدت متغيرا لايمكن تجاهله فى عالم الحجاب ظهرت لأول مرة فكرة الفنانات المحجبات بدأت المسألة فردية.. فى توقيتات متقاربة 1986-1987 فصاعدا.. اعتزلت الممثلة شمس البارودى التى كانت رمزا للإغراء فى سنوات السبعينيات.. السينما التجارية كانت تقدمها بشكل استهلاكى تماما والحجاب كان حماية من فكرة الاستهلاك كان الاعتزال على يد الشيخ الشعراوى وهو ماتكرر مع فنانة مثل هناء ثروت التى أفتى لها الشيخ بأنه لايجوز أن تمثل وهى ترتدى الحجاب.. هذه الفتوى المهمة جدا تم نقضها فيما بعد على يد علماء مثل د. يوسف القرضاوى ومحمد الخطيب مفتى جماعة الإخوان وعلى يد دعاة مثل خالد الجندى.. الذين أصدروا فتاوى مضادة نتج عنها طوفان المعتزلات اللاتى عدن للتمثيل.. شمس البارودى وهناء ثروت لم تكتسبا أهميتهما فقط من كونهما أول من تحجبن ولكن بسبب الدور الجديد كداعيات متمكنات نسبيا تحولت دروس البيوت التى يلقينها إلى إرهاصة لظاهرة جديدة فى التدين الذى يجتذب نساء من شرائح اجتماعية معينة لأسباب كثيرة فإن الفنانين والمشاهير عادة ما يكونون قدوة للعاديين من الناس. والنساء بالتحديد لديهن ميل فطرى لتقليد النساء الأخريات الأكثر شهرة فى تسريحة الشعر.. وتفصيلة الفستان وربما فى الحجاب أيضا.. ربما لهذا السبب تستعين الشركات الكبرى بالنجوم والمشاهير والإعلان عن بضائعها.. المهم أن عدد الفنانات المحجبات والمعتزلات كان يتزايد.. والمطربة ياسمين الخيام التى كانت تحظى برعاية خاصة فى السبعينيات دخلت أيضا إلى عالم المحجبات.. وهى تحظى بمواهب شخصية وإدارية خاصة جعلت من الجمعية الخيرية التى أسستها مركز جذب لتنظيم حركة الفنانات المعتزلات.. أو بالأحرى سيدات النخبة الراغبات فى الالتزام بنمط حياة جديد.. هكذا ظهر مركز ثقل دينى واجتماعى جديد يتمايز تنظيميا عن الأشكال الدينية الموجودة مثل جماعات الإسلام السياسى والأزهر الشريف.. هذا المركز الدينى الجديد اتصل عضويا بحركة الدعاة الجدد الذين تولوا فكرة الإرشاد الروحى للفنانات المعتزلات وخاصة بعد رحيل الشيخ الشعراوى.. وهكذا كان الداعية السكندرى الشيخ ياسين رشدى على علاقة وثيقة بجماعة الفنانات المعتزلات حتى أن الشائعات زوجته من الممثلة الجميلة والمعتزلة مديحة كامل.. لكنه نفى الشائعات وقال إن علاقته بالفنانات المعتزلات هى علاقة «أخوة». الشيخ عمر عبد الكافى أيضا لعب دورا مهما مع جماعة المعتزلات وخاصة الفنانة سهير البابلى وأخريات وهو نفس مافعله دعاة مثل عمرو خالد وخالد الجندى. سنوات التسعينيات وبالذات النصف الثانى منها شهدت إقبالا من بعض الفنانات الشابات على الاعتزال: منى عبد الغنى.. عبير صبرى.. ميار الببلاوى.. صابرين.. هؤلاء يمكن ربطهن بجيل الفتيات.. أو الجيل الثانى من الفتيات المصريات وهو جيل«ارتبط بالأشكال الجديدة للتدين وحكمته فكرة الإيمان الفردى وعدم القطيعة مع المجتمع.. والتأثير عن طريق التواجد.. وهى نفس الفكرة التى أدت إلى عودة الفنانات المعتزلات «سهير البابلى وسهير رمزى وأخريات.. وهى عودة دعمتها فتاوى مناقضة لفتوى الشيخ الشعراوى حول حرمة التمثيل بالحجاب.. ودعمتها أيضا اشتراطات مفاجئة من الموزع الخليجى بأن تلعب المعتزلات العائدات بطولات المسلسلات التى تشتريها تليفزيونات بعض دول الخليج.. وهذه بالطبع فكرة عادية لا يوجد فيها أى «مؤامرة».. لكنها تبقى فى حاجة للتحليل والدراسة والتنبؤ باحتمالات المستقبل. تحرير واحتلال المرأة المصرية بقلم : د. مني ابو سنة إذا كانت أوجه نشاطات المرأة المتنوعة والمتعددة تؤكد تطورا وتقدما كبيرا فى الدور الذى أصبحت تؤديه المرأة بالفعل فى أغلب المجتمعات الإنسانية، فإن صورتها فى وعى معظم هذه المجتمعات لم تتغير كثيرا، إذ ينظر إليها من حيث علاقتها بالرجل فحسب ولا ينظر إليها كذات، أى أنه لا يزال ينظر إليها على أنها إما الأم أو الزوجة أو العشيقة أو الخادمة. صحيح أن هذا التصور غير معلن بوضوح ولكنه كامن فى أعماق النفوس ويتحكم فى السلوك. ومن أجل هذا لا تزال المرأة تشعر فى أغلب الأحيان بعدم ارتياح فى أعماقها نتيجة لتمزقها بين حياتها الواقعية المتمثلة فيما تنجزه وفيما تتحمله من مسئوليات، وبين تصور المجتمع لها وهو تصور عتيق ظالم. واليوم تتحمل المرأة الكثير من الأعباء وهى مثقلة بكثير من الواجبات ولكنها لم تحصل بعد على الحقوق المقابلة. وعلة ذلك وجود أنساق قيمية أخلاقية ودينية عتيقة تحكم فى المجتمعات بدرجات متفاوتة وهذه الأنساق القيمية التى تعوق تقدم المرأة وترقيها هى التى تعوق طرح مشكلة المرأة طرحا جذريا تمهيدا لحلها. ولا يمكن إنكار أن سيطرة هذه الأنساق فى عالمنا العربى والإسلامى أعظم وأقوى بكثير من سيطرتها هناك فى العالم الغربى. وهذا الاختلاف الواضح هو الذى يجعل معالجتنا لقضية المرأة تختلف تماما عن معاجلة الغرب لها. ففى عام 1789 كان ثمة كم هائل من الكتابات عن الحقوق السياسية للمرأة. وعن مساواتها بالرجل فى العمل حيث إن النساء مثل الرجال كائنات عاقلة. وظهرت مسودة «إعلان حقوق المرأة والمواطنة» مكتوبة على نمط «إعلان حقوق الإنسان والمواطن». بيد أن ذلك لم يدم طويلا حيث واجهت زعيمات الحركة النسائية عوائق جسيمة أثناء فترة حكم الإرهاب التى تلت الثورة الفرنسية، فقد أعدمت أوليمب دى جورج عام 1793 بدعوى أنها ملكية وأودعت تراون دى ميريكور مستشفى الأمراض العقلية وأغلقت أندية المرأة عام 1793. ومع نشوء الليبرالية فى القرن التاسع عشر بزغت من جديد مسألة المرأة ودورها الاجتماعى. وقد أسهمت هذه الأيديولوجيا الجديدة فى الدعوة إلى تحرير المرأة. وجون ستيوارت مل هو الفيلسوف المعبر عن تطبيق المبادئ الليبرالية على المرأة فى كتابه (خضوع المرأة) عام 1869 والمسألة عند مل أن يسمح للمرأة بأن تكون حرة فى اكتشاف حدود قدراتها، ذلك أنه من المسلم به، عند مل، أن الملكات العقلية والإبداعية عند المرأة مماثلة لملكات الرجل. وانشغل فلاسفة التنوير بمسألة تحرير المرأة وإن كانت بطريقة عابرة. فقد تعاطف فولتير وديدرو وندرسيه ومونتسكيو مع مطالب المرأة، فركز فولتير على حقيقة أن المرأة تواجه ظلما عاتيا. ورد ديدرو شعور المرأة بالدونية إلى المجتمع. وأعلن مونتسكيو أن بقاء المرأة فى المنزل هو ضد العقل وضد الطبيعة، أما روسو فقد كان على الضد من هؤلاء، إذ ارتأى أن من واجب المرأة الاستسلام للرجل وتحمل ظلمه. وقد أسهمت الأيديولوجيا الاجتماعية البروتستانتية الليبرالية فى مؤازرة أفكار التنوير فى الدعوة إلى تحرير المرأة. ذلك أن البروتستانتية تستند إلى أن الفرد دون الكنيسة مسئول عن خلاصه. والفرد هنا يرمز إلى كل من المرأة والرجل. وهذا على الضد من العقيدة الكاثوليكية التى كانت ترى أن المرأة عميلة للشيطان. وبذلك تأسست الحركة النسائية فى كل أنحاء أوروبا بدءا من عام 1883. والسؤال الآن : هل حاول مفكرو العالم العربى والإسلامى الانشغال بتأصيل نظرى للكشف عن فاعلية المرأة ؟ إن الجواب عن هذا السؤال يستلزم قراءة متأنية لمؤلفات كل من رفاعة الطهطاوى وقاسم أمين من حيث أنهما من الرواد الأوائل الذين انشغلوا بقضية المرأة. إن رفض رفاعة للمعاصرة واكتفاءه بالأصالة نقطة الانطلاق فى فهم موقفه من قضية المرأة. فمفهوم الأصالة قد أفضى برفاعة إلى مفهوم خاص عن العدالة. فهو على الرغم من إعجابه بمساواة الفرنسيين أمام القانون إلا أنه لم يفهم هذه المساواة على أنها مساواة المرأة بالرجل ولكن مساواة الوضيع بالرفيع ومساواة الملك بأفراد الرعية. وهو، من هذه الزاوية، يفصل بين حرية الوطن وحرية المرأة. ومعنى ذلك أن الحرية عنده تتسم بالطابع الذكورى. والغاية من تعليم المرأة، عند الطهطاوى هى الأخذ بالثقافة الإسلامية من أجل تربية الأطفال. ومما يزيد الأمر إيضاحا أن رفاعة لم يعترض على حجاب المرأة ولم يدع إلى إزالته بل إلى التمسك به - حتى إجازته لعمل المرأة مشروطة بأن تكون محجبة. أما العمل الذى يشترط نزع الحجاب فمحرم على المرأة. وقد انتهى الأمر برفاعة إلى القول بأنه إذا أرادت المرأة أن تستشير الرجال فليس ذلك ممكنا إلا من وراء حجاب. ولم يجز السفور إلا مع محرم. نخلص من هذا إلى أن رفاعة لا ينظر إلى المرأة إلا باعتبارها موضوعا لا ذاتا. فهى موضوع للأنسال أولا، أى وسيلة للحفاظ على النوع، ثم للمحافظة على البناء الاجتماعى من خلال الأسرة. أى أن المرأة تستمد كيانها من خارج ذاتها، بمعنى أن ذاتها تخرجت وتحولت إلى موضوع. والنتيجة اغتراب المرأة عن ذاتها، أى عن قدراتها الإبداعية. ومعنى ذلك أن رفاعة لم يمتثل جوهر تحرير المرأة على نحو ما هو وارد فى فكر التنوير أو الفكر الليبرالى الذى انطلق من حق المساواة على أساس وحدة العقل الإنسانى دون اللجوء إلى الحق المطلق على حد ما هو وارد فى العقيدة الدينية باعتبارها السلطة المطلقة التى لا ينبغى للعقل تجاوزها، أو بالأدق معارضتها فقد كان رفاعة دائم التحذير من الثقة فى العقلانية بدعوى أنها أحيانا تعارض الشريعة. وهذا بدوره يعنى أن رفاعة انبهر بالأفكار السائدة فى ذلك العصر مثل الحرية والمساواة والعدالة، ولكنه لم يستطع أن يفسر العلاقة العضوية بين تحرير العقل فى فرنسا وبين التقدم الاجتماعى. وبذلك أخذ بالشكل دون المضمون فيما يختص بقضية الحرية على الإطلاق وحرية المرأة على التخصيص. أما قاسم أمين فقد انشغل بحالة إصلاح حالة النساء المصريات فترة طويلة من الزمان. وأول ما لفت نظره فى هذه المسألة أن ثمة تلازما بين انحطاط المرأة وانحطاط الأمة وتوحشها، وبين ارتقاء المرأة وبين تقدم الأمة ومدنيتها «تحرير المرأة 1899» وتدور فكرة قاسم أمين المحورية فى هذا الكتاب على أن ثمة تلازما بين طبيعة تحرير المرأة والدين الإسلامى. فالمرأة استنادا إلى الشريعة الإسلامية لا يحق لها العمل إلا فى حالات الضرورة كأن يتوفى زوجها أو يكون محتاجا إلى المساعدة، أو لم تتزوج على الإطلاق ولاتجد من يعولها. وفى دعوته إلى تحرير المرأة، فى كتابه الأول «تحرير المرأة» التزم قاسم أمين، مثل سلفه رفاعة الطهطاوى، ببعد الأصالة الذى يمثل جوهر الدين الإسلامى كما يراه وهو الشريعة الإسلامية. والتزامه بالأصالة فى معالجته لقضية معاصرة، هى قضية تحرير المرأة، يكشف عن مفارقة فى فكره وهى نبذه للعلمانية على أساس أنها مصدر كل الشرور. وجوهر هذه المفارقة يكمن فى أن الدعوة إلى تحرير المرأة هى فى أساسها دعوة علمانية بمعنى أنها تقوم على اعتبارات مدنية طبيعية تستخدم حججا سياسية واجتماعية وتشريعية انطلاقا من الاعتقاد بأن المجتمع وقوانينه من صنع الإنسان وأنه هو وحده القادر على تغييرها، أى أن تحرر الإنسان أو عبوديته ظاهرتان إنسانيتان مرهونتان بعقل الإنسان وإرادته. وفى كتابه الثانى «المرأة الجديدة» «1900» يطرح قاسم أمين رؤية مستقبلية لما ينبغى أن تكون عليه المرأة فى المستقبل مشيرا إلى مفاهيم مثل «الحقوق الطبيعية» و«تطور المجتمع» و«التقدم» وكلها مفاهيم سادت أوروبا ابتداء من عصر التنوير فى القرن الثامن عشر، فالحرية عند قاسم أمين هى قاعدة ترقى النوع الإنسانى. ويقصد قاسم أمين بالحرية هنا استقلال الإنسان فى فكره وإرادته حتى لو كان واقفا عند حدود الشرائع. وعلى الرغم من أن الكتابين قوبلا بهجوم حاد من كافة التيارات الفكرية والسياسية والدينية المحافظة، فإن قاسم أمين لم يدع إلى سفور المرأة كما يشاع عنه، ولكنه تمسك بما أطلق عليه «الحجاب الشرعى». ورده إلى أحكام الشريعة الإسلامية التى أباحت للمرأة الكشف عن وجهها وكفيها. والمفارقة الناتجة عن دعوة قاسم أمين إلى تحديد لباس معين تنطوى على فهم معين لطبيعة المرأة محكوم بتصور أن ثمة قسمة ثنائية بين طبيعة المرأة وطبيعة الرجل، أى أن الرجل ذات والمرأة موضوع. بيد أن الهجوم على قاسم أمين تركز على دعوته إلى تعليم المرأة وكسر أغلال الجهل ونبذ الخرافات من أجل استعادة دورها الحضارى الذى شاركت فيه مع الرجل فى صنع الحضارة. وقد اعتبر نقاد قاسم أمين هذه الدعوة «ضربا من الهذيان، وحكم الفقهاء بأنها خرق للإسلام. وعدها الكثير منهم مبالغة فى تقليد الغربيين، بل انتهى بعضهم إلى القول بأنها جناية على الوطن والدين، وتصوروا أن تحرير المرأة الشرقية أمنية من أمانى الدول المسيحية أريد لها هدم الدين الإسلامى».«المرأة الجديدة - ص216» وقد كان طلعت حرب، مؤسس حزب الأمة ورائد الصناعة ومؤسس صناعة السينما فى مصر، فى طليعة من هاجموا دعوة قاسم أمين فى كتابيه «فصل الكتاب فى المرأة والحجاب» و«تربية المرأة والحجاب» «1905» واعتبرها مؤامرة أجنبية لإفساد المجتمع وتقسيمه.. كما شاركه فى الهجوم على قاسم أمين، من منطلق وطنى ومحاربة الغرب، مصطفى كامل، مؤسس الحزب الوطنى وزميله محمد فريد وجدى، كما تضامن مصطفى كامل مع الخديو عباس حلمى فى معاداته لقاسم أمين. أما الاعتراض الشديد على قاسم أمين فقد جاء من بعض الأزهريين، كتب أحدهم يرد بعنف مستنكرا اشتراك المرأة فى صنع التقدم فقال: ما سمعنا فى تاريخ من التواريخ ولا فى سفر من الأسفار ولا فى خبر من الأخبار أن أمة من الأمم تقدمت بنسائها وارتفع شأنها بإناثها» «أحمد خاكى، «قاسم أمين» ص90». ثم انضم العقاد إلى زمرة هؤلاء النقاد حتى أنه لقب بـ «عدو المرأة» فكتب العقاد عدة كتب ومقالات عن المرأة، نذكر منها كتاب «الإنسان الثانى» «دارالهلال 1962» وتلاه مقالات نشرت بمجلة الهلال عام1924، ويأتى فى مقدمة كتب العقاد عن المرأة كتابه «المرأة فى القرآن الكريم» و«هذه الشجرة» بالإضافة إلى فصل «عن المرأة فى كتاب «المرأة فى الفلسفة القرآنية» ويخلص العقاد من دراسته للمرأة إلى أنها حيوان شبقى مدفوع بالغريزة الجنسية، تتساوى فى ذلك مع الحيوان، حيث إنها فاقدة للعقل والإرادة وهما مايميزان الإنسان عن الحيوان، يقول العقاد: «فالمرأة تستعصم بالاحتجاز الجنسى، لأن الطبيعة قد جعلتها جائزة للسباق المفضل من الذكور، فهى تنتظر حتى يسبقهم إليها من يستحقها فتلبيه تلبية يتساوى فيها الإكراه والاختيار» «هذه الشجرة». والسؤال الآن: ما هى انعكاسات رؤية كل من قاسم أمين ورفاعة الطهطاوى على واقع المرأة المصرية الحالى؟ إن تمسك رفاعة وقاسم أمين بالحجاب ورفضهما لتحرر المرأة كوسيلة جوهرية من أجل مشاركتها فى التغير الاجتماعى يتمثل الآن فى الدعوة الأصولية إلى اكتفاء المرأة بدورها فى البيت كأم وزوجة، وقصر دورها على أعمال البيت، مع الدعوة إلى الحجاب والنقاب. وفى تقديرى أن هذا الوضع الراهن هو محصلة التراث الثقافى والفكرى كما يتمثل فى موقف كل من رفاعة وقاسم أمين ويضاف إليهما العقاد من قضية المرأة باعتبارهم من أبرز الممثلين لما يسمى خطاب «الليبرالية المصرية»، أو بـ«النهضة المصرية». وحيث إن المجتمع المصرى اليوم يعانى من طغيان القوى المتخلفة ممثلة فى الرأسمالية الطفيلية والأصولية الدينية أى التيار الدينى المتعصب، فثمة علاقة عضوية بين الطفيلية والتعصب فكل منهما ضد القيم الحضارية. وإذا كانت قضية المرأة هى قضية المجتمع، وإذا كان المجتمع يموج بصراعات فقضية المرأة كذلك، وحسم هذه الصراعات ينبغى أن يكون لصالح القوى المستنيرة وليس لصالح القوى المتخلفة وأساس هذا الحسم ينبغى أن يدور على قضية جوهرية هى قضية تأسيس الليبرالية فى مصر. بيد أن تأسيس الليبرالية يشترط، أولا تأسيس العلمانية من حيث هى قدرة العقل على التفكير فى المسائل النسبية من حيث هى نسبية والتعامل معها بفكر نسبى وليس بفكر مطلق ويأتى فى مقدمة هذه القضايا النسبية قضية المرأة ودورها الاجتماعى والحضارى، فالليبرالية تشترط حرية الفرد واستقلاله عن الجماعة مما يحث على إطلاق الطاقات الإبداعية الفكرية من أجل تغيير الواقع وتطويره بحيث يكون أكثر إنسانية. إن الدعوات المتزايدة إلى أسلمة المجتمع والمتمثلة الآن فى الدعوة إلى انتشار وجود المرأة المحجبة فى وسائل الإعلام المرئية، وخاصة فى مجال الدراما التليفزيونية التى تؤثر تأثيرا واسع المدى فى تشكيل وعى الجماهير، وكذلك الظاهرة الأكثر حداثة، وهى أسلمة السينما كما تتمثل فى الدعوة إلى محاكاة نموذج السينما الإيرانية، أى «سينما الحجاب» والسينما المحجبة المتمثلة فى عودة الفنانات المعتزلات المرتديات للحجاب إلى التمثيل بالحجاب من جهة، وارتداء الفنانات الشابات للحجاب أثناء احترافهن لمهنة التمثيل ودون اللجوء إلى الاعتزال ثم العودة.. هى كلها ظواهر تشير إلى أن وسائل الإعلام والسينما وسيلة فعالة ومؤثرة فى تغيير الواقع، أو بالأدق وسيلة لأسلمة المجتمع المصرى، من خلال التأثير على وعى الشباب الذى يشكل الغالبية العظمى من مشاهدى فن السينما. وليس من قبيل الصدفة أن طلعت حرب، مؤسس صناعة السينما فى مصر، كان ينتمى إلى التيار الفكرى المتعصب الذى شن الهجوم على دعوة قاسم أمين لتحرير المرأة بينما كان يؤسس فن صناعة السينما ..إن هذا التناقض الحاد بين رفض تحرر المرأة من جهة وتأسيس فن السينما القائم على حرية الفكر والخيال من جهة يشير إلى ظاهرة جوهرية فى تاريخ الثقافة المصرية وهى غياب الليبرالية والتنوير وغلبة التعصب الدينى ورفض المبدأ المؤسس للإبداع وهو الحرية والسؤال الآن ما العمل؟ وجوابى هو ضرورة تأسيس تيار علمانى قوى يسمح بنشأة فكر ليبرالى مستنير قادر على تناول قضية المرأة تناولا يندمج مع المسار الحضارى ويدعم حرية الإبداع، خاصة الإبداع الفنى. عمامة على رأس الممثلة وحجاب على عقل التليفزيون كتب : وحيد حامد بداية.. وحتى نغلق الطريق أمام الجهلاء والأدعياء وأهل الزور والبهتان، وحتى لا تنقض علينا طيور الظلام بمخالبها الحادة فتمزق وجوهنا وتقطع أجسادنا، وقبل أن تنطلق حناجر الضلال بالاتهامات الباطلة، فإننا نعلن بكل وضوح وإيمان وقناعة أن «الحجاب» فريضة إسلامية صحيحة.. ولا أحد يعترض عليه أو يحرض على عدم ارتدائه. المجتمع المصرى يشهد حاليا انتشارا واسعا لهذا الزى الذى لم يكن غريبا فى يوم من الأيام عن الحياة المصرية خاصة فى المجتمع الريفى والأحياء الشعبية، حيث تلتزم المرأة بالفطرة بغطاء الرأس وارتداء الملابس التى تستر الجسد وتحجب مفاتن المرأة.. ومن الثابت أن الوقار والحشمة والالتزام قيم أصيلة فى حياة الناس.. كما أننا شعب يعرف ما هو العيب ولا يسمح بالخروج على الآداب العامة أو الأخلاق.. والمرأة المحجبة فى مصر الآن متواجدة فى كل المجالات، هناك الطبيبة والمهندسة والمدرسة وربة البيت والطالبة، فلا أحد يحظر الحجاب كما يحدث فى دول أخرى بعضها إسلامية، ولكن لا أحد يستطيع أن يعامل المرأة غير المحجبة على أنها خارجة عن الإسلام أو حتى بعيدة عنه، وليس من حق أى إنسان أن يفرض عليها الحجاب دون إرادتها، عليها أن تتحمل مسئولية قناعتها أمام الله سبحانه وتعالى. فإذا كنا فى مجتمع يحترم الأديان والعقائد مهما اختلفت، وهذا ليس مجرد عرف اجتماعى، بل تعاليم إسلامية تؤكد سلامة هذا الدين، وعليه نسأل أنفسنا: ما كل هذا الضجيج؟ ما كل هذا الصخب؟ ما كل هذا الهوس الإعلامى عندما ترتدى إحدى الممثلات المصريات تحديدا الحجاب بعد أن قضت شطرا طويلا من عمرها سافرة ومتحررة.. وكسبت وهى على هذا الحال المال والشهرة والمكانة الاجتماعية وما هو أكثر بكثير من كل هذه الأشياء، بينما هناك الملايين من السيدات والآنسات العاديات الفضليات اللاتى أقبلن على ارتداء الحجاب بقناعة دينية بحتة وعن إيمان حقيقى، ومنهن من وجدت فيه الزى المناسب لها من الناحية النفسية والجسدية، ولا أحد يحدث ضجة لأن الأمر عادى جدا، وفى النهاية المسألة حرية شخصية وعلى الإنسان أن يختار ما يراه لنفسه. لهذا كله أصابتنى الدهشة وملكتنى الحيرة عندما شاهدت الفنانة حنان ترك على شاشة التليفزيون المصرى فى برنامج «البيت بيتك» وهو يقيم لها احتفالية فجة زائفة، فى بداية الحلقة أعلن الأستاذ تامر بسيونى أنه شاهد «حنان» بالحجاب خارج الاستوديو، وأنها جميلة جدا فى الحجاب، فقلنا خيرا إن شاء الله، ولكنى تساءلت: هل حجاب ممثلة - أية ممثلة - يعد انتصارا للإسلام؟ هل حجاب ممثلة يتميز عن حجاب أية مسلمة أخرى؟ هل حجاب ممثلة حدث جلل وكل يوم تتحجب عشرات السيدات والفتيات؟ هل حجاب ممثلة قضية قومية حققت الحكومة المصرية فيها إنجازا عظيما أرادت أن تبشر به الناس فأمرت تليفزيونها الرسمى بأن يهلل ويرحب بهذا الإنجاز؟! هل حجاب هذه الممثلة سوف ينهى المشاكل المزمنة فى الصحة والتعليم ويقضى على الفقر والبطالة ويرفع البورصة من عثرتها؟! وانتظرت ظهور السيدة حنان ترك، وكان لزاما على أن أنتظر لأننى أول من قدمها إلى السينما، وآخر مرة شاهدتها فيها كانت فى منزل السيد وزير السياحة مع حشد كبير من الفنانين، وكانت بصحبة زوجها الذى طلب منى كتابة عمل لها، أى أن أمورها كانت عادية جدا وحياتها تسير بشكل طبيعى، وعليه انتظرت ظهورها حتى أعرف إيه الحكاية.. وأطلت السيدة حنان ترك - غفر الله لها - بالزى الذى اختارته ليكون حجابا على رأسها، شىء يشبه عمامة الدراويش أو حملة المباخر من المشعوذين ورداء أسود يغطى الرقبة وفوقه فستان بلا أكمام، لم أجد عذوبة ورقة وبساطة الزى، وإنما وجدت الافتعال والمبالغة والغرابة، فكان رد الفعل المباشر هو عدم الارتياح، وسأل الأستاذ محمود سعد وهو المحاور الذى يستخرج المعلومة من رأس الضيف كأنه يمسك بسمكة محاصرة فى إناء زجاجى وتكلمت السيدة حنان فإذا بها تتحول إلى داعية وواعظة وتدعونا إلى الهداية، وإذا بفارس الحوار يكتفى بالصمت والتطلع إليها ويردد: الله.. وما شاء الله! يا سبحان الله! اناوكل الناس نقبل ونرحب بأن ترتدى حنان ترك الحجاب أو حتى النقاب، ولكن بعد 72 ساعة من ارتدائها هذه «التوليفة» التى رأت فيها حجابا تتحول إلى الوعظ الدينى، وأين؟!.. على شاشة تليفزيون الدولة ومع ترحيب القائمين على البرنامج، فهذا عبث واستهتار بالدين وبعقول الناس وهدم للمصداقية، وحاولت الممثلة أن تؤدى دورها بكل طاقتها، ولكنها لم تتمكن من السيناريو فكانت مثل الببغاء الذى يردد ما لا يفهم، قالت أن الحجاب فرض، كل الناس تعرف أنه فرض! قالت أن هناك ثلاث آيات فى القرآن - بتخفيف الراء -، وهنا تدخل المحاور النابه وأفادنا أن هذا النطق هو الصحيح للقرآن حتى نأخذ عن السيدة حنان، ولم يسألها أن تقرأ علينا هذه الآيات حتى نطمئن إلى صدق قولها ونواياها، ولكن هذا لم يحدث، وأظن - وبعض الظن إثم - أنها تراجعت عن قراءة الآيات خشية الخطأ فتكشف نفسها.. وعندما تم سؤالها عن موقفها من التمثيل قالت إنها سوف تستمر، ولا مانع لدينا، ولكن الكارثة التى أعلنت عنها السيدة حنان - غفر الله لها - قالت بارك الله فيها أنها الآن تعمل فى مسلسل تليفزيونى وفيلم سينمائى ولا توجد مشكلة فى المسلسل، حيث إن الدور لفتاة ترتدى «منديلا» على رأسها، أما الفيلم فقد قام المؤلف والمخرج بالتعديل وإيجاد الحلول التى توافق هواها وحجابها! وهنا تبدد حسن النوايا؟! المسألة وراءها شىء لا ندرى معالمه حتى الآن، هاهى ممثلة متوسطة القيمة تفرض شروطها وينفذ أوامرها منتجون ومؤلفون ومخرجون، واسألوا أساتذة الدراما عن مدى شرعية هذا الهزل الفنى؟! والعجيب والمدهش أن الإعلام المصرى بأجهزته الإنتاجية هو المنتج المشارك فى كل الأعمال التى يجرى تصويرها بشروط الفنانات المحجبات، حيث اشترطت إحداهن ألا يلمسها أحد من الرجال؟! وهكذا فنحن ننتظر مزيدا من الهطل الفنى، والتخلف الفكرى، وحقيقة الأمر أن المملكة العربية السعودية تخفف بحسم وقوة من سطوة وجبروت الفكر الوهابى المتشدد، فأصبحت مصر هى الوطن البديل الذى يجرى إعداده لاستقبال هذا الفكر بكل ترحاب، وهناك من ينفق بسخاء، ولا أزيد؟! المهم أن السيدة حنان - غفر الله لها - قالت لماذا لا تكون السينما المصرية مثل السينما الإيرانية؟! إنها تحصد الجوائز. وأسألها عن الأفلام الإيرانية وأين ومتى شاهدتها حتى تطالبنا بأن نقلدها، ثم إننا فى مصر ولسنا فى إيران، ولن نغير هويتنا ولن نبدل ثقافتنا ولن نتنكر لعاداتنا المصرية وتقاليدنا، وإذا كانت السينما الإيرانية تعجب السيدة حنان فلماذا لا تذهب إلى هناك وتمثل هناك براحتها بدلا من أن تفرض علينا ما يوافق هواها، وبأى حق تأمرنا فنطيع؟! هل لمجرد ارتدائها الحجاب؟! أم أنها وفجأة أصبحت داعية إسلامية فى زمن الفوضى؟! كنت أفضل لها أن تتصرف بخشوع وتقوى وتهجع ولا تحول أمر حجابها إلى زفة إعلامية كاذبة، الطريق إلى الله لا يحتاج إلى شاشات التليفزيون وصفحات الجرائد، وهى لن تكون الممثلة الصالحة التقية بهذا الحجاب وبهذا الإعلان المجانى، وإنما بالتقوى والعمل الصالح ومن حقها أن تفعل ما تريد دون أن تتجاوز حدودها، فهى الآن امرأة محجبة تعمل ممثلة، من حقها أن تقبل ما يعرض عليها أو ترفضه، ولكن دون أن تملى شروطها، وهى تقول أنهم فى دبى «فرحانين قوى بها»، وأعتقد أن الفرحة القادمة إليها من دبى يجب ألا تسعدها فدبى ليست بلد الكعبة الشريفة، وإنما هى «دبى سعادة» كما يطلق عليها عمرو أديب، دبى يا صاحبة العمامة على رأسك، فيها خمر ونساء وغلمان وحرية مطلقة، والأدب يمنعنى من ذكر التفاصيل. ونصل إلى النقطة الأهم ومنطقة الخطر الحقيقى، من حق أى فنان أن يفعل ما يشاء وما يريد، كل واحد حر، ولكن إعلام الدولة ومؤسسات الإنتاج الفنى والثقافى لا يجب أن تصاب بالغفلة والعته وانعدام الرؤية! هناك دائما سياسات تهدف إلى تقوية الهوية الوطنية والحفاظ عليها ودفع الأذى عنها وحمايتها من الأفكار السياسية أو الاجتماعية أو الدينية المتطرفة، ولا أحد فى مصر يستطيع أن ينفى أن الإعلام المصرى قد تم اختراقه بحيث أصبح يدعو ويروج لأشياء من شأنها الإضرار بالصالح العام والقضاء على الشخصية المصرية ذات الصفات الأصيلة وتحويلها إلى مسخ مهجن لا تعرف إذا كانت سعودية أم خليجية أم شامية، صدقونى هناك من يعمل على تدمير الشخصية المصرية، وتلعب الفضائيات العربية ذات الإمكانيات الواسعة دورا واضحا فى سبيل تحقيق ذلك، ونحن هنا غافلون ومخدرون، بل نائمون، وللأسف إن بين المصريين المئات من «يهوذا» على أتم الاستعداد للبيع بثلاثين فضة؟! الآن أصبحت لدينا فصائل لنشر الفكر الوهابى، ولدينا فصائل تسعى لنشر النموذج الإيرانى، ولدينا البهائية، والذى يدفع الثمن المواطن المصرى المسلم فى اعتدال والعارف بأحكام دينه دون مغالاة، لصالح من يتم تشويه العقل المصرى؟! من الذى يريد أن يسلب مصر نورها الحضارى والثقافى والعلمى، من الذى يسخر من شعبها الطيب ويبث له الخزعبلات والخرافات ويدفعه إلى الإيمان بها، من الذى يريد أن يحول شعبها إلى قطيع من البشر لا يعرف قيمة العمل وأهمية العلم؟! من الذى يريد لمصر أن تكون بركة مكدسة بالرخويات؟ من الذى يسعى إلى وضع الحجاب على عقول الرجال والنساء معا وقبل رؤوس النساء؟! ألا يكفينا ما نحن فيه من هوان حتى نعمل بأنفسنا على نشر الهوان ومن خلال الأجهزة المكلفة برعاية عقولنا والحفاظ عليها، أما إذا كانت هذه السياسة المطلوبة وهذه إرادة الدولة فأقول برافو، عشرة على عشرة، لقد دمرتم الدين والوطن معا! وختاما قد يتفق معى فريق ويختلف معى فريق، ولكن الحق لا يختلف عليه أحد، فابحثوا عن الحق وتمسكوا به، وأنا معكم فى الحق أسعى إليه، والله المستعان. السينما الإيرانية تتحــدى الـدولــة الدينيــة وتـرفــض الحجـــاب كتب : عصام زكريا يبدو أن حنان ترك لا تعرف عن السينما الإيرانية سوى أن نساءها يمثلن بالحجاب، وإلا ما كانت أطلقت تصريحها العجيب حول رغبتها فى التشبه بهذه السينما. حنان مثل معظم الفنانين المصريين، لا تتابع ولا تعرف الكثير عن السينما العالمية ولا عن الدور الذى تلعبه السينما والفن عموما فى مواجهة كل أشكال القهر الاجتماعى والسياسى والدينى، وهو الدور الذى تؤديه السينما الإيرانية فى مواجهة الدولة الدينية وآياتها ببطولة وشجاعة، ولو أن الشيوخ الذين يوجهون عقل حنان ترك شاهدوا هذه السينما وفهموها لحذروا حنان منها أكثر بكثير مما يحذرونها من السينما المصرية! لقد خاضت السينما الإيرانية، أو بعض فنانيها الكبار على وجه التحديد، معارك كبيرة وتحديات صعبة فى سبيل تقديم أفلام حقيقية، تختلف عن أفلام الوعظ والإرشاد الساذجة التى روج لها شيوخ الثورة الإيرانية، وتكشف عن مساوئ العيش فى دولة دينية شمولية. تشبه حنان ترك بعض الشيوعيين الذين كانوا يهللون لأمجاد السينما السوفيتية، وهم لا يدركون أن هذه السينما وليدة القهر وأنها سينما مغضوب عليها من قبل الحزب الشيوعى وزبانيته، بالضبط مثل السينما الإيرانية التى تتعرض لأبشع أنواع الرقابة وتحظى بالكراهية من قبل شيوخ النظام الدينى الحاكم. كان المخرج السوفيتى أندريه تاركوفسكى واحدا من أعظم السينمائيين السوفييت، وهو أكثر من أثر بأفلامه التى تعتمد على الشعر والإيحاء والاهتمام بالتفاصيل والمشاعر الإنسانية الدقيقة، على الكثيرين من صناع السينما الإيرانية. تاركوفسكى هو أيضا أحد المنشقين الكبار وقد اضطر إلى الهروب واللجوء إلى أوروبا هربا من ظلم النظام، فى الوقت الذى كنا نشاهد أفلامه هنا باعتبارها شيوعية، تقريبا كما تفعل حنان ترك الآن مع السينما الإيرانية!! من خلفاء تاركوفسكى النجباء المخرج عباس خياروستامى أشهر سينمائى إيرانى وصاحب أكبر الفضل فى وصول هذه السينما إلى العالمية. هل تعلم حنان ترك أن فيلم خياروستامى «طعم الكرز» الذى حصل على السعفة الذهبية من مهرجان «كان» عام 1997 قوبل بالمنع فى إيران لمجرد أن بطله يفكر فى الانتحار - والانتحار حرام كما نعلم! وهل تعلم أن آخر أفلامه «عشرة» يدور حول قهر النساء فى إيران وأن من بين شخصيات الفيلم عاهرة فى الشارع وفتاة تضطر إلى حلق شعرها على الزيرو حتى لا ترتدى الحجاب! لقد كانت أعمال خياروستامى التى تبدو بريئة وغير مؤذية على السطح تخفى وراءها ثورة فنان حقيقى على كل أشكال القمع وغسيل المخ وكراهية الحياة التى تفرضها الدولة الدينية. وتكمن براعة خياروستامى فى قدرته على تجاهل النظام الدينى تماما واستبعاده من أفلامه (طالما أنه لا يستطيع مواجهته علنا) والتعبير عن آرائه لا بطريقة رمزية ساذجة ومكشوفة، ولكن من خلال اهتمامه بالتفاصيل التى تصنع الحياة فى مجتمع تسود فيه ثقافة الموت وما بعد الموت. وعلى سبيل المثال تدور ثلاثية أفلام خياروستامى الشهيرة داخل مدرسة فى قرية مضروبة بالزلزال ويرصد سعى أبطاله الأطفال إلى الحياة رغم قمع المدرسين وأهلهم ومناخ الموت حولهم. هل تعلم حنان ترك الظروف الرهيبة التى تعمل فيها السينمائيات الإيرانيات؟ هل تعلم ما واجهته المخرجة الكبيرة بخشان بنى اعتماد فى سبيل صنع أفلام تهدم فيها المؤسسة الدينية الحاكمة التى تضطهد النساء؟ وهل شاهدت حنان أعمال المخرجة الشابة سميرة مخملباف لتتأكد أنها لاتروج للدولة الدينية ولكنها تكشف مساوئها كما فى فيلمها الأول «تفاحة» الذى يدور حول رجل يقوم بحبس بناته فى البيت لمدة أحد عشر عاما لم يشاهدن خلالها الشارع. وهل تعلم حنان أن فيلم «الدائرة» للمخرج جعفر باناهى الذى حصل على الجائزة الكبرى من مهرجان برلين يدور حول أشكال القهر التى تتعرض لها النساء فى إيران باعتبارها سجنا كبيرا، وأن الفيلم منع عرضه فى إيران؟ وأن فيلم «يوم أن أصبحت امرأة» للمخرجة مرضية مخملباف يتناول قهر النساء فى إيران الذى يصل إلى حد منعهن من ركوب الدراجة. وهل تعلم أن آخر أفلام المخرج الكبير محسن مخملباف - والد سميرة - اسمه «جنس وفلسفة» وأنه اضطر إلى تصويره خارج إيران لأن النساء فيه غير محجبات ويرقصن، وهو فيلم لا يختلف فى كثير من أفكاره ومقاصده عن فيلم حنان ترك المثير للجدل «دنيا»؟ وإذا كانت حنان سترى - أو يرى لها شيوخها - أن هؤلاء المخرجين غير المؤمنين حقيقيون فعليها أن تقرأ شيئا عن السينما الإيرانية لتعلم أن مخملباف كان واحدا من المقاتلين فى سبيل الثورة الإسلامية وأنه صنع أفلاما ذات توجه دينى كثيرة قبل أن يفقد إيمانه بالدولة الدينية التى لم تجلب لبلاده سوى الشعارات والخراب. لقد واجه السينمائيون الإيرانيون متاعب كثيرة عقب ثورة 1979 حتى المؤمنون منهم بمبادئها،، وذلك لسبب بسيط جدا هو أن الإبداع الفنى بطبيعته يتحدى أى نظام قمعى يفرض على الناس عقائدهم وسلوكهم ونوع ملابسهم ويسعى للتحكم فى أفكارهم وغرائزهم. وكان التحدى الأكبر لبعض الفنانين الإيرانيين هو استغلال قدرة الصور بشكل عام والسينما بشكل خاص على الإيحاء والتعبير المبطن لقول مالا يمكن قوله علنا. وكان من الضرورى على هؤلاء أن يطوروا أسلوبا فنيا يتميز بطاقته الشعرية المتفجرة للتعبير عن رؤاهم. هذا الأسلوب الذى ظهر من قبل فى معظم الأنظمة السياسية القمعية كان مفتاح السينما الإيرانية إلى العالمية وليس نساءها المحجبات أو المواعظ السطحية التى كان الفنانون يضطرون إلى حشوها فى أفلامهم من أجل تمريرها رقابيا. هذه السينما ببساطة هى وليدة القهر والظروف الصعبة التى واجهها الفنانون، وإذا كانت حنان ترك - ومن على دربها - يعلمون ذلك فليس هناك سوى معنى واحد هو أنهم ماسوشيون يتمنون القهر! هبوط.. وصعود الحجاب فى مصر كتبت : د. فاطمة سيد احمد أخذ «حجاب» المرأة المصرية عبر قرن من الزمان، مسار الرسم البيانى المتأرجح بين الهبوط والصعود، وفى كل مرة تجد أن حجابها سيصبح ضدها، عندما يفرض عليها كاحتجاب كلى واعتزال للحياة العامة فإذا بها تقطع خط سيره بشراسة مستندة إلى أسانيد دينية تؤكد شرعية حريتها، الحجاب عندما أمر الله به المسلمات وعلى رأسهن أمهات المؤمنين كان بسبب حمايتهن وغض البصر عنهن عند قيامهن بواجباتهن المجتمعية والظهور والاختلاط هو الذى فرض الاحتشام بصور مختلفة من ضمنها «الحجاب» لتمارس المرأة دورها دون غضاضة فى ظهورها، أو اتهامها من قبل النفوس الضعيفة بالإغراء أو غيره، وليس العكس بمعنى أن الحجاب لا يفرض على المرأة الانعزال، وإلا لماذا ولمن إذن ترتدى الحجاب مادامت فى الحرملك بين أربعة جدران؟ عندما يعانى المجتمع أزمات من أى نوع، تصبح المرأة الشماعة التى تتسع لوضع كل الأشياء على عاتقها، ففى كل فترة تغيير أو تحول، يكون ارتداء الحجاب أو خلعه هو المعضلة الأساسية وتنشأ خصومة مجتمعية بين مؤيد ومعارض، وبالرغم من أن الحجاب ليس من أركان الإسلام الخمسة الأساسية، إلا أن البعض ينظر إلى من لا تلبسه بأنها خارج نطاق الإيمان والعفة، ولذلك أتعجب لكل من تقوم بارتداء الحجاب فيهلل لها، وتصبح كأنها كانت من قبل امرأة سيئة السمعة، ثم منحها الحجاب صك الغفران عند من حولها. وإذا نظرنا إلى الشكل الذى كانت عليه المرأة المصرية من ناحية الملبس مع بداية القرن العشرين، فنرى أنه يشوبه الوضع الطبقى فى ارتداء الزى الذى تخضع له، وهو ليس زيا دينيا بقدر ما هو عرف مجتمعى، ومن المفارقة الغريبة، أن الفقراء دائما ما يصنفون بأنهم الأكثر تشددا فى الدين والتزاماته وأحكامه، إلا أن فى هذه الفترة كانت المرأة الفقيرة هى «السافرة» التى تظهر مكشوفة ليس من أجل الإغراء ولكن لأنها ترتدى ما توجد به عليها المرأة الغنية، يليها نساء الطبقة الشعبية التى تظهر مكشوفة الوجه، ماعدا «برقع أسود شبك بحلية ذهبية عند الأنف ومنديل بأويه وملاءة لف»، وهكذا فمع أن الملاءة اللف لم تذكر فى القرآن، إلا أنها كانت معتمدة مجتمعيا، ولم تنعت من ترتديها بأنها كافرة أو ناقصة الإيمان. ونأتى لطبقة أخرى وهى «المتوسطة» والتى منها يكون دائما التمرد على الأوضاع للحاق بركب الأعلى، والخلاص من النزول للأسفل ونساء هذه الطبقة هن أبناء الموظفين الذين لديهن درجة بسيطة من الوعى والتعليم، وأيضا لديهن شكل اجتماعى فى ارتداء الزى الذى كان يعتبر للقاعدة العريضة فى المجتمع، حيث تحصل الفتاة على قسط من التعليم، حتى ولو كان بسيطا للغاية ونساء هذه الطبقة يرتدين «الإسدال» الأسود والحبرة أو البيشة البيضاء ولايظهر منها سوى العينين وكان زيهن يشبه إلى حد كبير «المتنقبات» الآن، وبالرغم من أن هذه الطبقة لديها تطلعات أن ترى بناتها مثل عائلات الطبقة العليا المتمثلة فى الأتراك أو طبقة الأثرياء أصحاب رؤوس الأموال والأقطاع من الأراضى الزراعية، حيث كان نساء هذه الطبقة يرتدين الملابس الطويلة المحتشمة، وطاقية رأس صغيرة، تضع بشكل جانبى ليظهر من تحتها الشعر بتسريحة محددة المعالم، ويضعن البيشه البيضاء التى تظهر من تحتها الشفاه الحمراء، وإن كانت المرأة كبيرة السن فى هذه الطبقة تضع طاقية الشعر بحجم أكبر لتغطى سائر شعرها، وفى ظل هذه الأجواء من الأزياء المختلفة التى تعبر عن الطبقة أكثر من أى شىء آخر، فإنها كانت تعتبر «عرف مجتمعى» وليس مظهرا دينيا. ولكن مع بزوغ فترة «التنوير» نتيجة البعثات العلمية لأبناء مصر من الأزهر وغيرها من الجامعات ظهر سعى فتاة الطبقة الوسطى للرقى بما نقله لها الرجال من آفاق تنويرية لعالم مختلف فيه كثير من ألوان المعرفة، ولذلك فإنها كانت هى الأخرى تتطلع لتعليم أكثر مما تتلقاه أو حرية أوسع للتعبير عن نفسها، لتعوض ما حرمت منه الجدة والأم من خبرات معرفية، ومن هنا قامت القيامة، وأصبح الأمر «دينيا» وليس عرفا أو أى شىء آخر، وإلا كيف يمكن ردع هؤلاء النسوة إلا بالترهيب والتخويف من عذاب الآخرة،لأن وجودها هو فتنة للرجل كما يدعى، ولكن الحقيقة هو خوفه من سعيها للفهم والإدراك لطبيعة الحياة التى طالما عاشها بمفرده ينهل من مرتعها لا ينافسه فيها أحد.. ولا أدل على ذلك من ما ذكره مفكرو وكتاب حقبة ما بين الثورتين 1919 و1952، حيث كانت من أهم القضايا فى هذه الفترة هى «حجاب» المرأة، حيث استماتت المرأة فى الدفاع عن حقها فى السفور بالشكل الذى جاء به القرآن والسنة، ولكن الرجل عارض مطلبها هذا فقد أيقن بحسه أن البساط بدأ يسحب من تحت قدميه، فتمرد المرأة على الحجاب يعنى تمردا على التقاليد البالية، وكان يعنى ثورة على الاستبداد وضيقا من الجهل، وإدراكا واعيا لبداية الطريق السليم فى مشوارها النضالى نحو الرقى، الديمقراطية، المشاركة الجدية فى المجتمع، ومن ثم تضاربت الآراء، وتصارعت الأفكار وسخرت أقلام قليلة للدفاع عن السفور، لكن الكثير حارب هذه الدعوة سواء الأزهريين أو رجال الدين، وحتى السياسيين البارزين كلهم دافعوا عن الحجاب، وأفردوا فصولا شرحوا فيها مميزاته وآثاره الحميدة على الأخلاق، وعلى سلوك الرجال، وبعضهم اعتبرها قضية حياته مثل محمد فريد وجدى الصحفى الأزهرى البارز الذى كتب مؤلفا خصيصا لهذا الغرض ناهض فيه السفور، وهاجم فيه قاسم أمين، بل إنه اتهمه بالكفر والإلحاد، ومن ثم أحل سفك دمه وآخرون مثله. أما النساء فمنهن من نادت بالسفور فى حذر شديد خوفا من التقاليد بمعنى أنها رأت أن يكون ذلك تدريجيا، كما غلفته بقالب يناسب التقاليد كباحثة البادية «ملك حفنى ناصف» التى قالت «فلندع الجدل جانبا، بمعنى إما السفور وإما الحجاب حتى عن الخاطب» ومنهم من أعلنته صراحة كهدى شعراوى، إيمانا منها بأنه خطوة نحو التقدم خاصة أنه لا يتنافى مع الدين، ومنهن من تطرقن فى تقليد الغرب كدرية شفيق ومنيرة ثابت وبعضهن كن محافظات مناديات بالسفور فى أضيق مظاهره مثل لبيية أحمد وكن جميعا متفقات على ضرورة السفور على أن يكتفى فيه بكشف الوجه والكفين كما ورد فى السنة، هذا ما قالته الدكتورة آمال السبكى فى كتابها «الحركة النسائية فى مصر».. المهم أن البداية الجريئة كانت من قاسم أمين الذى ركز على أن التحرير الحقيقى للمرأة يبنى على دعامتين الأولى التعليم والثانية خلع الحجاب، إلا أنه يذكر فى كتابه تحرير المرأة «يرانى البعض أننى أريد رفع الحجاب بالمرة، ولكن الحقيقة غير ذلك، فإننى لا أزال أدافع عن الحجاب وأعتبره أصلا من أصول الأدب التى يلزم التمسك بها، غير أنى أطلب أن يكون منطبقا على ما جاء فى الشريعة الإسلامية، لأنى أرى أن الغربيين غلوا فى إباحة التكشف للنساء إلى درجة يصعب معها أن تصون المرأة من التعرض لمثارات الشهوة وما لا ترضاه عاطفة الحياء، وقد تغالينا نحن فى طلب التحجب والتحرج من ظهور النساء لأعين الرجال، حتى صيرنا المرأة أداة من الأدوات أو متاعا من المقتنيات وحرمناها كل المزايا العقلية والأدبية التى أعدت لها بمقتضى الفطرة الإنسانية.. وبين هذين الطرفين سبب وسط، وهو الحجاب الشرعى الذى أدعو إليه» إلى هنا انتهى كلام قاسم أمين. لنأتى إلى بداية جريئة أخرى جاءت على يد سعد زغلول وموقفه الحاسم تجاه «الحجاب» الذى تجلى فى عام 1921 حينما عاد من منفاه واستقبلته مصر كلها استقبال الفاتحين وكانت معه صفية زغلول التى قالت له قبل وصول الباخرة إلى ميناء الإسكندرية: ألم يحن الوقت لكى أنزع هذا البرقع الأبيض؟ فالتفت إليها، وكان معهما شابان هما واصف غالى وعلى الشمسى، وسألهما رأيهما، وإذا بهما يعترضان بحجة ألا تكون هى البادئة بنزع الحجاب، وإذا بسعد يقول : هذه ثورة ارفعى حجابك، ورفعته صفية وظهرت للجماهير لأول مرة بوجه سافر ومكشوف، وإذا بنساء مصر يتشجعن ويرفعنه بعدها. وتذكر الكتابات التى تناولت سيرة هدى شعراوى أنها ذكرت بأن مشايخ الإسكندرية يريدون تقسيم الشواطئ إلى منطقتين كما حدث فى سيدى بشر حيث أصبح هناك تجمع سياحى للنساء فقط، وهو ما أطلق عليه «سيدى بشر2» وتذكر أنها تعرف أكثر من وجيه سوف يرغم زوجته على ألا تسبح إلا فى ذلك السجن البحرى، وهو ما جعلها تؤكد أن المعركة من أجل تحرر المرأة المصرية ستكون طويلة جدا، وستحصل توقفات مفاجئة، وتراجعات، ولكننا سوف ننتصر، هكذا قالت هدى شعراوى، فهل صدق استشرافها ؟؟ وهكذا ظلت المطالبة بالسفور بين مؤيد ومعارض إلى أن جاءت الحرب العالمية الأولى، وأنشأ خلالها الأستاذ عبد الحميد حمدى صحيفة أسماها «السفور» أفرد فى ثناياها من الكتاب المعروفين فصولا يدعون فيها إلى التخلص من الحجاب ومن كافة مظاهره من تخلف وجهل، وفى مقدمة هؤلاء الكتاب مصطفى عبد الرازق والشيخ على عبد الرازق، وطه السباعى صاحب المجلة، وغيرهم من أنصار المرأة، وواكب هذا بروز هدى شعراوى فى ميدان العمل الاجتماعى والسياسى، مما جعل من نهضة المرأة شكلا رقيقا قويا، وبعد ذلك قادت مجلة أخرى حملة ضارية ضد الحجاب وهى «الأمل» قامت بتحليل أسبابه ودوافعه، وانتهت إلى حقيقة مهمة مؤداها أن المرأة فى الطبقة المتوسطة منذ خلعت الحجاب لأنها أكثر وعيا، ولكونها تشارك زوجها فى مسئولياته وعمله وتساهم بنصيب أوفر فى الموارد الاقتصادية لأسرتها وبذلك فهى أفضل. وننتقل الآن إلى حقبة منتصف القرن وحتى عشرين عاما بعدها أى منذ قيام ثورة 1952 وحتى السبعينيات، وهى فترة مليئة بكفاح شعب بأكمله استوجب وقوف المرأة جنبا إلى جنب، وكانت قد قطعت شوطا لا بأس به فى خلع الحجاب الذى كان تعبيرا عن احتلال العقل، ومن هذا المنطلق، رفعت المرأة والدولة معا شعار «المرأة والرجل جنبا إلى جنب» وأنها نصف المجتمع الذى يجب أن يشارك ويتعلم ويصنع تاريخ هذا الوطن بعد الاحتلال ولكنها لم تكن فترة بناء وحسب، وأيضا فترة معارك ما بعد الاستعمار وبعد حرب أكتوبر 1973 حدثت تحولات وتداخلت ثقافات وأصبح اللهاث وراء الفلوس والمتطلبات أهم من أى شىء فى هذا الوقت كانت المرأة تعيش فى ركب هذا التحول، ومن الهجرة المؤقتة إلى الخليج تزوج الشباب ونزح بزوجته لتعيش حياة مختلفة لنساء يختلفن عنها، لم تعش سنوات كفاحها من أجل الحرية التى كانت تأملها ولكنها فقط وجدت الراحة والاعتماد على الرجل كلية وأصبحت مقولة الوقوف وراء الرجل لدفعه إلى الأمام، وأصبح «وراء كل رجل عظيم امرأة» ولم يعد بجانبه مكان، ووجدت الأغلبية من النساء المصريات فى هذا المناخ راحتها فأنجبت الأطفال وجلست فى المنزل، ورفضت العودة إلى العمل، لأنها اعتادت الكسل وراحة العقل والبدن، ولم يعد يهمها غير أن تلبس الذهب والدشداشة، وتتزاور مع المغتربات مثلها من سائر الأقطار العربية، ولكن جميعا يضمهن سياق المجتمع الذى يعيشن بين أرجائه، ومن هنا طغت ثقافة احتجاب المرأة مرة أخرى ،حيث كانت هذه الأفكار فى طور الخروج من شرنقة الانعزال بعد أن حدث الثراء النفطى، وفى هذه الأثناء حدث تبادل للأدوار، فأخذت المرأة المصرية المنزل قاعدة لها فى حين انطلقت الأخرى ابنة هذه الأقطار للسعى لنيل ماسبق وكافحت من أجله المصرية. ولأن الثقافة الذكورية تفرض نفسها على الساحة العربية، فإن الرجل المصرى لكى ينعم بسنوات عمل أكثر عليه باتباع سلو هذا البلد فعمل على صياغة حياته وزوجته على هذا الأساس ليستمر لأعوام، ولأن الثقافة اكتساب، فلقد حدث أن أصبحت ثقافتهم ثقافته وأدوارهم أدواره، وجاءت المرأة تجر أذيال جلبابها وتلملم شعرها، حتى أوجدت لنفسها بعد عودة طويلة شكلا «للحجاب» يرضى الأزواج الذين وجدوا فى هذه الثقافة سلواهم، وفي ردة المرأة نجواهم، ومنذ ذلك الحين أصبح هناك وضع آخر فى المجتمع المصرى مؤيد ورافض للحجاب، ومع اشتداد عود بعض الجماعات الإسلامية وإعطاء الصبغة الدينية لكل منحى فى الحياة من بنوك وملابس وطعام، أصبح لدينا فتاوى أخرى بدأها الشيخ «محمد متولى الشعراوى» بخصوص الحجاب وهو ما ذكره فى كتابه «المرأة فى القرآن الكريم» الصادر عن أخبار اليوم عام 1990، وهو يؤلب المرأة على المرأة قائلا: لو أن الله سبحانه وتعالى لم يفرض الحجاب، لكان على المرأة أن تطالب به الآن أكبر تأمين لها ولحياتها، وذلك أن نضارة المرأة موقوتة، وفترة جمالها لو حسبناها فلن تزيد على خمسة عشر عاما، ثم بعد ذلك تبدأ فى الذبول.. وهب أن امرأة بدأت فى الذبول، وزوجها مازال محتفظا بنضارته قادرا على الزواج، وخرج إلى الشارع، ووجد فتاة فى مقتبل العمر وفى أتم نضارتها، قد كشفت عن زينتها.. ماذا سيحدث؟؟ إما أن يفتن بهذه الفتاة ويترك زوجته ويتزوجها، وإما أنه عندما يعود إلى المنزل يلحظ الفرق الكبير بين امرأته وهذه الفتاة فيزهد فى زوجته، ويبدأ فى الانصراف عنها.. لكن لو حجبت النساء مفاتهن عن الرجال.. لصارت كل منهن آمنة من فقدان زوجها، ومن تغير نفسه من ناحية زوجته، ولظلت محتفظة بحبه لها وإقبالها عليها.. الحقيقة هنا لم يكتف الشيخ الشعراوى بالتفسير الدينى، ولكنه وضع الفلفل والشطة للمرأة لتشطاط من التى لا ترتدى الحجاب لأنها فى نظرها «خاطفة للزوج» أو خرابة بيوت.. إلخ. ولأن فتاوى الشيخ الشعراوى أثرت كثيرا على الشعب المصرى لماله من كاريزما فى تفسير القرآن الكريم، فقد أخذ عنه الرجال والنساء كل ما يقوله وكأنه مرجع أساسى لايمكن مناقشته.. وعلى هذا الأساس كان له دور فى حجاب بعض الفنانات ولكن بعد وفاته انتقلت راية «الحجاب» إلى كثيرين منهم متطرفون أومتشددون. وفى هذا المضمار لهبوط وصعود حجاب المرأة فى مصر، لايمكننا أن نغفل آخرين،ممن يطلقون على أنفسهم «داعية معتدلة» ويصفون برامج «طامحون وطامحات» وهن يقدمن فائدة الحجاب فى صورته للترغيب، وهوما بنى عليه كثير من اقتصاديات السوق المصرية فى الأزياء،لأن أرباب هذه الكاريزما الجديدة «عمرو خالد» من طبقات قادرة وما فوقها أى الثرية، ويأملون فى الشكل المبهر حتى لو كان «حجاب». وأخيرا،فما سبق كان مسار حجاب المرأة المصرية على مدار مائة عام، ومازلنا مع أول عقد مع مائة آخرين والقرن الحادى والعشرين، ونترقب ما يمكن أن يحدث، ولنا استشراف بأن يكون نفس المسار فالحجاب الذى يولد الاحتجاب سينتج عنه بالتأكيد الانفجار، إن لم يترك على علاته الشرعية. حقيقة الحجاب فى الإسلام كتب المستشار : محمد سعيد العشماوى مسألة حجاب النساء أصبحت تفرض نفسها على العقل الإسلامى، وعلى العقل غير الإسلامى، بعد أن ركزت عليها بعض الجماعات، واعتبرت أن حجاب النساء فريضة إسلامية، وقال البعض إنها فرض عين، أى فرض دينى لازم على كل امرأة وفتاة «بالغة»، ونتج عن ذلك اتهام من لا تحتجب - بالطريقة التى تفرضها هذه الجماعات - بالخروج عن الدين والمروق من الشريعة، بما يستوجب العقاب الذى قد يعد أحيانا عقابا عن الإلحاد، (أى الإعدام)، هذا فضلا عن التزام بعض النساء والفتيات بارتداء ما يقال إنه حجاب فى بلاد غير إسلامية، وفى ظروف ترى فيها هذه البلاد أن هذا الحجاب شعار سياسى وليس فرضا دينيا، مما يحدث مصادمات بين المسلمين وغير المسلمين، كما أحدث منازعات بين المسلمين أنفسهم. فما هى حقيقة الحجاب؟ وما المقصود به؟ وما الأساس الدينى الذى يستند إليه من يدعى أنه فريضة إسلامية؟ ولماذا يرى البعض أنه ليس فرضا دينيا، وإنما مجرد شعار سياسى؟ بيان ذلك يقتضى تتبع الآيات القرآنية التى يستند إليها أنصار «الحجاب» لاستجلاء حقيقتها، واستقصاء الغرض منها، ثم بيان الحديث النبوى فى ذلك وتتبع مفهومه ونطاقه، ثم عرض أسلوب الإسلام فى تنفيذ أحكامه. أولا: آية الحجاب: الحجاب لغة هو الساتر، وحجب الشىء أى ستره، وامرأة محجوبة أى امرأة قد سترت بستر (لسان العرب، المعجم الوسيط: مادة حجب). والآية القرآنية التى وردت عن حجاب النساء تتعلق بزوجات النبى وحدهن، وتعنى وضع ساتر بينهن وبين المؤمنين. «يا أيهاالذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلك كان يؤذى النبى فيستحى منكم والله لا يستحى من الحق وإذا سألتموهن (أى نساء النبى) متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما» «سورة الأحزاب 33 - 53». وهذه الآية تتضمن ثلاثة أحكام: الأول: عن تصرف المؤمنين عندما يدعون إلى الطعام عند النبى ( صلى الله عليه وسلم). الثانى: عن وضع الحجاب بين زوجات النبى ( صلى الله عليه وسلم) والمؤمنين "نحن شعب ينتحر -بمزاجه- إنتحاراً جماعياً ببطء كين ~~~~~ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "انها ستكون سنون خداعات .. يخون فيها الأمين ويؤتمن فيها الخائن .. ويكذب فيها الصادق .. ويصدق فيها الكاذب .. وينطق فيها الرويبضة .. قالوا وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال : الرجل التافه يتكلم فى أمر العامة ~~~~~ فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا (41) يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا (42){النساء} رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
المدهش بتاريخ: 3 يونيو 2006 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 يونيو 2006 هذه السياسة القذرة والحملة الشعواء التي تشنها روزاليوسف على الحجاب والمحجبات ليست جديدة عليها ..فقد بدأت منذ الأيام الأولى لاتجاه بعض الفنانات للحجاب وكان وقتها محمود التهامي هو رئيس التحرير وعادل حمودة هو رئيس التحرير الفعلي وأفردت المجلة صفحاتها لكل مشوهي الفكر والمخدوعين وفاسدي الرأي من أمثال الخليع وحيد حامد ولينين الرملي والدكتور أحمد يونس وعدو الدين المستشار العشماوي وغيرهم من الموتورين وأدعياء التنوير والحداثة..ومهما فعلوا فلن يستطيعوا أن يطفئوا نور الحقيقة..والقضية ليست في حجاب حنان ترك أو غيرها..القضية هي في عودة الناس مرة أخرى للتمسك بدينهم وتقاليدهم الموروثة والأصيلة بعد أن أحسوا أنهم ضاعوا تماماً في عصور القهر والظلم والفساد ..ولم يعد لديهم دنيا ولا دين. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
nancy بتاريخ: 3 يونيو 2006 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 يونيو 2006 الى متابع وزلاليوسف حيلاحظ ان اى موضوع بيكون مكتوب من حوالى 10 كتاب كل واحد واخد زاوية بس مش بيختلفوا ديما اتجاة واحد .. دة مش جديد رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Th!nk بتاريخ: 3 يونيو 2006 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 يونيو 2006 (معدل) على فكرة المستشار : محمد سعيد العشماوى أفتى من قبل بتحليل الخمر مستعينا بأحد آيات القرآن متجاهلا فيما عداها كل الآيات الأخرى الخاصة بها والآية التى تصفها بأنها رجز!! ولا أعلم ما دخل سيادته بالفتاوى الدينية... وقد وصف أحد الخمورجية سيادة المستشار على أنه مفكر إسلامى!! أنا أتعجب من قوة الباطل فى هذا العصر وتبجحه الشديد فى وسط كثرة مسلمة !! وإن كان الغل الواضح فى الحروف لا يعكس إلا ضعف الباطل الشديد حتى وإن علا صوته بالخواء... وبقوة الحق الشديد حتى وإن بدا ضعيفا... لكن فعلا أظل أتعجب من هذه الناس التى تتحدى الجميع فى صلف وتكبر عجيب!! غير عابئة بأى رد فعل للأغلبية الساحقة التى يحتقرون معتقداتها!! ولا أجد نفسى أمام كل هذا البغض إلا أن أقول لهم جميعا يا جماعة يا ريت تحاولوا تتعايشوا معانا إحنا الأغلبية... يا ريت كل الأقليات العدوانية بهذا الشكل تتعطف على الأغلبية الكاسحة وتحترم شعائر هذه الأغلبية... وبالنسبة لنا نحن الأغلبية فنحن نتعهد بأحترام شعائر الغير والأستماع إلى الرأى الآخر لكن عندما يظهر فيه إحترام لشعائنا وعقيدتنا دون بغض أو كراهية لأن هذا سيولد على نحو طبيعى كراهية وبغض أشد للدفاع عن أنفسنا... والنصر دائما للمظلوم والمعتدى عليه حتى وإن طال الزمن.. والهزيمة دائما للظالم والمعتدى قبل أن تلتقطه مزبلة التاريخ بالأحضان.. رغم أن كثير من الكارهين والمعتدين على الحق أقل كثيرا من أن يهتم بهم التاريخ أو الجغرافية... إنهم يعيشون نكرة ويموتون كذلك!! تم تعديل 3 يونيو 2006 بواسطة Th!nk ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ! _الحق المر..محمد الغزالى..مقالات مختارة بعناية رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان