اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

مقال الدكتور يحى الجمل عن أصول الحوار


Recommended Posts

قرأت لزميلى فى الدراسة سابقا الدكتور يحيى الجمل هذا المقال, الذى يناقش فيه فن " الخلاف فى الرأى" و أصول الحوار,

و قد نشرته فى هذا الباب لأنه أشار إلى القضية الفلسطينية كمثال لفشلنا فى إستيعاب فن الحوار, و كيف تنتهى خلافاتنا دائما بتقطيع الهدوم.

و هناك كثير مما ذكره الدكتور يحيى يكاد ينطبق على ما يحدث فى المنتديات بصفة عامة, و لم لا؟ أليست هى تصغير لمجتمع كبير؟

إليكم نص المقال:

لماذا لا نعرف كيف نختلف؟!

بقلم د.يحى الجمل

منذ سنوات طويلة وعبر وسائل إعلام مقروءة ومسموعة ومرئية، وجهت دعوة إلي كل من يعنيه الأمر في هذه الأمة إلي أن نتعلم كيف يحاور بعضنا بعضاً وكيف يختلف بعضنا مع بعض، دون أن ينتهي الحوار بالضرورة إلي تمزيق الثياب وتبادل الاتهام الذي يصل أحياناً كثيرة إلي حد تخوين الفرقاء بعضهم لبعض وأزعم أنني كنت صادقاً في دعوتي وأعرف من رود فعل كثيرة وعديدة وعلي مستويات مختلفة أن الكلمة الصادقة تجد صدي واستجابة، ولكنني هذه المرة ورغم تكرار المناشدة لم أجد ـ خاصة بين أهل الحكم والسياسة ـ إلا عزوفاً وازوراراً وإصراراً علي العناد والمكابرة والتمسك بوجهة النظر وعدم الاهتمام بما قد يكون هناك من وجهات نظر أخري.

يدفعني إلي كتابة هذه السطور ـ وأنا أفيض مرارة وألماً ـ ما يحدث علي الساحة الفلسطينية من ناحية وما نقرأه من مقالات في بعض الصحافة المصرية من ناحية أخري، رغم الاختلاف بين الأمرين من حيث التأثير علي المصير.

وما يحدث علي الساحة الفلسطينية من انقسام وتمزق بين فرقاء القضية الواحدة، أمر يدعو إلي العجب ثم يدعو بعد العجب إلي الألم والأسي إن لم نقل إلي الإحباط والعياذ بالله.

ولا أحد يجهل من الفلسطينيين أو من غيرهم من العرب أن القضية الفلسطينية تدخل في منعطف بالغ الخطورة وأن الدولة العبرية ـ ووراءها كل الثقل الإمبراطوري الأمريكي ـ ماضية في تنفيذ مخططاتها الانفرادية التي لا تقيم وزناً لفلسطيني أو عربي ولا ترعي لشيء وقاراً ولا تلتفت إلي وساطة أو رجاء أو حتي توسل من هذا الحاكم الصديق أو ذاك، ذلك أن الدولة العبرية تعرف ما تريد وتمضي إليه في ثبات وإصرار وتعلم أن هذا الحاكم أو ذاك عندما يتوسط أو يرجو أو حتي يتوسل تعلم إسرائيل مدي ما يتمتع به هؤلاء من وزن سواء لدي شعوبهم أو عند العالم من حولهم.

ومع هذا كله يأتي الأخوة الفلسطينيون الذين كنا نأمل فيهم آمالاً كباراً وننظر إليهم بإعجاب شديد ـ يأتي الإخوة الفلسطينيون وهم أمام هذا المنزلق الخطير ليتمزقوا شر ممزق وليختلفوا اختلافاً لا تطيقه اللحظة الحاضرة، وأنا لا أنحاز إلي رأي دون رأي آخر ولا أنتصر لموقف حماس ـ وإن كنت أحترمه ـ ولا أنحاز لموقف رئيس السلطة الفلسطينية وإن كنت أفهم دواعيه، وأرفض رفضاً مطلقاً أن أصف أياً من الفرقاء بأنه تخلي عن القضية أو فرط فيها وإنما كل فريق يري المسألة من وجهة نظر مغايرة للفريق الآخر، وقد يكون الاختلاف أمراً طبيعياً ووارداً، ولكن غير الطبيعي وغير الوارد وغير المقبول أن ينتهي الاختلاف إلي تمترس كل فريق برأيه في وقت يتعرض فيه الشعب الفلسطيني لمحنة لم يسبق له أو لغيره أن مر بها. إن المحنة الاقتصادية الرهيبة التي يعيش فيها المواطن الفلسطيني العادي والتي وصلت إلي حد الجوع لابد وأن تجعل الجميع يتوقف ليعيد حساباته، ولا أريد أن أدلي برأي يفهم منه أنني أنتصر لفريق علي فريق، ولكنني وبأمانة المسؤولية أطرح السؤال الآتي: لمن نرجع عندما يستحكم الخلاف بين فريق وفريق؟ هل الرجوع إلي الشعب في استفتاء حر ونزيه وشفاف ـ وقد عودنا الشعب الفلسطيني علي مقدرته علي مثل ذلك ـ هل الرجوع إلي الشعب علي هذا النحو فيه افتئات علي أحد أم أنه رجوع إلي صاحب الشأن وصاحب الأمر وصاحب السيادة.

يقول البعض: إنه لا يوجد نص في القانون الأساسي يجيز الاستفتاء ـ كما هو الحال في الدستور المصري الذي ينظم جواز الاستفتاء في نص خاص ـ وعلي ذلك فإن الرجوع إلي آلية الاستفتاء أمر غير جائز وغير قانوني.

ولكن هذه الوجهة من النظر مع وجاهتها تصطدم مع قاعدة أساسية أخري، هي أن ما لم يمنعه القانون فهو جائز وأن الأصل في الأمور الإباحة، وأنه مادام لا يوجد نص يمنع الاستفتاء أو بعبارة أخري يمنع العودة إلي الشعب صاحب السلطة الأخيرة، فإنه لا مانع يمنع إذن من اللجوء إلي الاستفتاء.

كل ما نستطيع أن نطالب به أن يكون الاستفتاء نزيهاً وشفافاً ومعبراً عن الإرادة الحقيقية لصاحب الأمر وهو الشعب، ولكن لا أحد يستطيع أن يقول لا تسألوا صاحب الأمر ولا تستفتوه مستنداً إلي هذه الحجة أو تلك، الأخوة في حماس قد يعلمون وقد لا يعلمون أنني أحييهم وأقدر موقفهم وأحترم صلابتهم وأنني كتبت في ذلك ولم أكتمه ولكن عندما يصل الأمر إلي ما وصل إليه من تجويع وإذلال وامتهان وعجز عندئذ يجب علينا جميعاً أن نراجع حساباتنا.

عسير علي وصعب أن أنتصر لفريق دون فريق بين الأخوة الأحبة الأعزاء من شعب فلسطين الأبي، وأنا واثق أن حكمة هذا الشعب ستنتصر في النهاية وأن الأرض الفلسطينية لن يرويها الدم الفلسطيني، حرام علينا جميعاً أن نترك الأمور تصل إلي ما وصلت إليه.

وليس الفلسطينيون وحدهم في هذا المأزق ـ مأزق عدم المقدرة علي الحوار عند الاختلاف في محاولة للوصول إلي كلمة سواء ـ يبدو للأسف المر أنها جزء من العقلية البدوية أو البدائية التي تصور لأصحابها أن كل أحد يملك وحده صواب الرأي وأن غيره دائماً علي خطأ. إن البؤس الذي يعيش فيه عالم اليوم مرجعه ـ في جزء كبير منه ـ أن الدولة الكبري في العالم يجلس علي قمتها رجل يتصور أنه مبعوث العناية الإلهية للعالم، وأنه يعرف ما لا يعرفه غيره، بل إنه وحده هو ومجموعته الذين يعرفون الصواب، وأن ما يرونه حقاً هو الحق، وبهذا التفكير أوقعوا أنفسهم وبلادهم بل والعالم كله في مشاكل لا يعرف مداها إلا الله.

ويحزنني أن أقول: إن هذه العقلية البدائية بل والبدوية تسيطر علي بعض صحافتنا وتهبط بها إلي قدر من التدني بغير حدود بعض الصحف لا تجيد غير لغة الشتائم وتقذف الناس بغير تمييز وهذه الصحف تسيء إلي أصحابها ومن يقفون وراءها أكثر من إساءتها إلي من توجه إليهم شتائمها وسخائمها.

إن الكلمة العفة النظيفة أوقع في أثرها وأقرب إلي العقول والقلوب من الكلمات النابية الجارحة الهابطة.

تعالوا نتواصي أن نرعي الله في أمر هذا الوطن وأن نتعلم كيف نختلف وألا نفكر إلا فيه، في هذا الوطن مصر التي أعطتنا جميعاً أكثر مما أعطيناها بكثير، ومع ذلك فإن كثيرين منا لا يعرفون إلا العقوق والكلمات الهابطة، ليتنا نرتقي بلغة الحوار فقد كنا في يوم من الأيام أمة من أمم الحضارة وليس من المستبعد أن نعود.

أما الأخوة الفلسطينيون، فأقول: لهم إن التاريخ لن يتوقف عند الاستفتاء وإن الاستفتاء قد يكون باباً للخروج من الأزمة الراهنة ـ وهي أزمة غير مسبوقة ـ وأقول لهم: إنه من غير المعقول ولا المقبول أن نضيف إلي ما ترتكبه إسرائيل من مذابح، مذابح أخري بأيدينا. إننا إذن لعابثون وأعيذ الشعب الفلسطيني بكل فصائله أن يكون كذلك.

تم تعديل بواسطة الأفوكاتو

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

سؤال يحتاج لكثير من الدراسة للجواب عليه لماذا تتحول كل خلافتنا الفكرية إلى تطاول على شخوصنا وتقيطع الثياب كما يسميها الفاضل (يحي الجمل )

فسرها الدكتور بأنها المنشأ البدوي المعتز برأيه وقد يكون ذلك فعلا سبب لكنه سبب غير مباشر وقد لا ينطبق في بعض الحالات

دائما ما كنت أري علو الصوت و الصراخ دليل على ضعف الموقف فأحد المختلفين أو كلاهما لا يملك الرؤية الصحيحة لما يقول أو يملك رؤية مبتسرة غير كامله ويحاول إكمال الصورة بصوته العالي هكذا نحن العرب دائما ما نستعيض عن العمل بالكلام فبدلاً من أن يقوم صاحب الرأي ببلورة رأيه وصياغتة وتعضيده بالأدلة و القراءه يجمع بعض الفتات ويستند إلى عضلاته الصوتيه -إن صح التعبير - بعد ذلك ،، يذاع برنامج على فضائية الجزيره يدعي - الاتجاه المعاكس - وهو مشهد مبسط لأخلاق الخلاف لدينا صراخ وصياح وتطاول وإسفاف وسب وشتم وإتهامات بالعمالة شىء مقزز يجعل صاحب أي نفس سليمه يترك هذا الحوار ويعفاه تماما

ما نحتاج إليه لنصل لمرحلة الخلاف المحترم هو مخزون ثقفي كبير يجب على كل منا أن يثقف نفسه وإن كان مختلفاً مع أحد فليختلف في موضوع يفهمه ويعيه جيداً ويدرك كل جوانبه و عندها سيكون صاحب صوت هادئ لأنه لديه فكر كامل .

الوضع في فلسطين

تحس بمزيج من الحسره مع الغيظ مع الاشفاق مع الحزن مشاعر مختلطة كثيرة عندما تسمع بسقوط قتيل فلطسيني بنيران شقيقه وليست صديقه ولكن ذلك مفهومنا للخلاف

اختيار رائع كالعادة أستاذنا الافوكاتو سملت لنا

أنا لا أكتب الأشـــعار فالأشعـــــــــار تكتبني

أريد الصمت كي أحيا ولكن الذي ألقاه ُينطقني

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 2 سنة...

رحم الله من قال كلمة حق

فدعونا ندعوا الله لآخونا الأفوكاتوبالرحمه

ربنا يتولاه برجمته ويسكنه فسيح جناته

كل من عليها فان

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائررواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...